الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) أي قد عرفوه ولكنهم أنكروا عليه ما جاء به حسدا.

٧٠ ـ (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) :

(بِهِ جِنَّةٌ) أي جنون.

(بَلْ) كلا (كارِهُونَ) لأنه يخالف رغباتهم وأهواءهم.

٧١ ـ (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) :

(بِذِكْرِهِمْ) أي بما فيه شرفهم وعزهم ، يعنى القرآن الكريم.

٧٢ ـ (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) :

(خَرْجاً) أي أجرا ورزقا على ما جئتم به.

(فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) فرزق ربك خير.

وفى الآية إشارة الى ما عرضوا عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مال وسلطان على أن يترك الدعوة فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولته المأثورة : والله لو جعلوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك ما جئت به ما تخليت عنه الى أن أموت دونه.

٧٣ ـ (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

وما تفعل يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير أنك تدعوهم الى الدين القويم.

٧٤ ـ (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) :

(عَنِ الصِّراطِ) المستقيم.

(لَناكِبُونَ) لعادون.

٧٥ ـ (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) :

(وَلَوْ رَحِمْناهُمْ) فرددناهم الى الدنيا.

(وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ) ولم ندخلهم النار وامتحناهم.

٣٨١

(لَلَجُّوا) لتمادوا.

(فِي طُغْيانِهِمْ) فى ضلالهم.

(يَعْمَهُونَ) يتذبذبون ويتخبطون.

٧٦ ـ (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) :

(بِالْعَذابِ) بالشدائد.

(فَمَا اسْتَكانُوا) فما خضعوا.

(وَما يَتَضَرَّعُونَ) أي ما يخشعون لله عزوجل.

٧٧ ـ (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) :

(مُبْلِسُونَ) بائسون متحيرون لا يدرون ما يصنعون.

٧٨ ـ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) :

(قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) أي ما تشكرون إلا شكرا قليلا. وقيل : لا تشكرون البتة.

٧٩ ـ (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) :

(ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أي أنشأكم وبثكم وخلقكم.

(وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي تجمعون للجزاء.

٨٠ ـ (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) :

(وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) فى النور والظلمة.

(أَفَلا تَعْقِلُونَ) كنه قدرته وربوبيته ووحدانيته.

٨١ ـ (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) :

أي كذبوا كما كذب الأولون.

٣٨٢

٨٢ ـ (قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) :

(أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) مردودون الى الحياة.

٨٣ ـ (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) :

(إِنْ هذا) ما هذا.

(إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أباطيلهم وترهاتهم.

٨٤ ـ (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :

(قُلْ) يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جوابا لهم عما قالوا.

(لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) يخبر بربوبيته ووحدانيته وملكه الذي لا يزول ولا يتحول.

٨٥ ـ (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) :

(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي أفلا تتعظون وتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو قادر على إحياء الموتى بعد موتهم.

٨٦ ـ (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) :

أي من خالق هذه السموات وعرشه المحيط بهن.

٨٧ ـ (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) :

(أَفَلا تَتَّقُونَ) أي أفلا تخافون وترتدعون.

٨٨ ـ (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :

(وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) أي يمنع ولا يمنع منه.

٨٩ ـ (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) :

(فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده ، أي كيف يخيل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع.

٣٨٣

٩٠ ـ (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) :

(بِالْحَقِ) أي بالقول الصدق.

(وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فى اتخاذ الله ولدا وأن له شركاء.

٩١ ـ (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) :

(مِنْ وَلَدٍ) من ، صلة.

(مِنْ إِلهٍ) من ، زائدة.

والتقدير : ما اتخذ الله ولدا كما زعمتم ، ولا كان معه إله فيما خلق.

(لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) لا نفرد كل إله بخلقه. وفى الكلام حذف ، والتقدير : لو كانت معه آلهة لذهب.

(وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي لغالب.

(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) تنزيها له عن الولد والشريك.

٩٢ ـ (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) :

(عالِمِ الْغَيْبِ) أي هو عالم الغيب ، أي ما يغيب عنا.

(وَالشَّهادَةِ) وما يظهر لنا.

(فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) تنزيه وتقديس.

٩٣ ـ (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) :

أي : إن كان لا بد من أن ترينى ما تعدهم من العذاب فى الدنيا أو الآخرة.

٩٤ ـ (رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) :

فلا تجعلنى قرينا لهم ولا تعذبنى عذابهم.

٩٥ ـ (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ) :

أي إن الله قادر على انجاز ما وعد إن تأملتم.

٣٨٤

٩٦ ـ (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ) :

(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ادفع بالحسنى السيئة. والمعنى : الصفح عن إساءتهم ومقابلتها بما أمكن ، حتى إذا اجتمع الصفح والإحسان وبذل الاستطاعة فيه كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة.

(بِما يَصِفُونَ) بما يذكرونه من أحوالك بخلاف صفتها ، أو بوصفهم لك وسوء ذكرهم.

٩٧ ـ (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) :

(أَعُوذُ بِكَ) أستنصرك وألجأ إليك.

(مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) من تغريرهم وتزيينهم المعاصي.

٩٨ ـ (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) :

(أَنْ يَحْضُرُونِ) أن يكونوا معى فى أمورى.

٩٩ ـ (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) :

(حَتَّى) متعلق بقوله (يَصِفُونَ) أي لا يزالون على سوء الذكر الى هذا الوقت.

١٠٠ ـ (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) :

(فِيما تَرَكْتُ) فيما ضيعت وتركت العمل به من الطاعات.

(كَلَّا) كلمة ردع ، أي ليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب الى الرجوع الى الدنيا.

(إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) عند الموت ولكن لا تنفع.

(وَمِنْ وَرائِهِمْ) أي ومن أمامهم وبين أيديهم. وقيل : من خلفهم.

(بَرْزَخٌ) أي حاجز بين الموت والبعث. أو بين الموت والرجوع إلى الدنيا.

٣٨٥

(إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الى يوم البعث. وأضيف (يَوْمِ) الى (يُبْعَثُونَ) لأنه ظرف زمان ، والمراد بالإضافة المصدر.

١٠١ ـ (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) :

(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) النفخة الثانية.

(فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) أي إن التقاطع يقع بينهم.

(وَلا يَتَساءَلُونَ) أي ولا يسأل بعضهم بعضا فكل مشغول بنفسه.

١٠٢ ـ (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :

(فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) رجحت حسناته سيئاته.

(الْمُفْلِحُونَ) الفائزون.

١٠٣ ـ (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) :

(خَفَّتْ مَوازِينُهُ) شالت كفة حسناته ورجحت سيئاته.

(خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) باعوها للشيطان حين استمعوا لإغوائه.

١٠٤ ـ (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) :

(تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) تسفعها وتحرقها.

(كالِحُونَ) عابسون.

١٠٥ ـ (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) :

(آياتِي) المنزلة.

(تُتْلى عَلَيْكُمْ) تقرأ.

١٠٦ ـ (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) :

(شِقْوَتُنا) أي لذاتنا وأهواؤنا.

(ضالِّينَ) عن الهدى.

١٠٧ ـ (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) :

٣٨٦

(مِنْها) من جهنم.

(فَإِنْ عُدْنا) الى الكفر.

(فَإِنَّا ظالِمُونَ) لأنفسنا بالعودة اليه.

١٠٨ ـ (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) :

(اخْسَؤُا) ذلوا وانزجروا.

(فِيها) أي فى جهنم.

١٠٩ ـ (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) :

(فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) من ضعفاء المسلمين لم يكن لهم حول ولا قوة ، منهم : بلال ، وصهيب ، وخباب.

١١٠ ـ (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) :

(سِخْرِيًّا) تسخرون منهم.

(حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) أي حتى اشتغلتم بالاستهزاء بهم عن ذكرى.

(وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) استهزاء بهم.

١١١ ـ (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) :

(بِما صَبَرُوا) على أذاكم وصبروا على طاعتى.

(أَنَّهُمْ) أي لأنهم. وقرئ بكسر الهمزة على الابتداء.

(الْفائِزُونَ) الذين فازوا بنعيم الآخرة.

١١٢ ـ (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) :

(فِي الْأَرْضِ) يعنى فى القبور.

١١٣ ـ (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) :

(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) أي سل الحسّاب الذين يعرفون ذلك.

٣٨٧

١١٤ ـ (قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :

(إِلَّا قَلِيلاً) أي ما لبثتم فى الأرض إلا قليلا.

(لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذلك.

١١٥ ـ (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) :

(عَبَثاً) أي مهملين.

(لا تُرْجَعُونَ) فنجازيكم بأعمالكم.

١١٦ ـ (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) :

(فَتَعالَى اللهُ) أي تنزه وتقدس عن الأولاد والشركاء.

(الْمَلِكُ الْحَقُ) الذي لا معبود بحق سواه.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا شركاء له.

١١٧ ـ (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) :

(لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) لا حجة له عليه.

(فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي هو يعاقبه ويحاسبه.

(إِنَّهُ) الهاء ، ضمير الأمر والشأن.

١١٨ ـ (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) :

(وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) فرحمتك وسعت كل شىء.

٣٨٨

(٢٤)

سورة النور

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) :

(أَنْزَلْناها) أوحينا بها.

(وَفَرَضْناها) أي فرضنا عليكم وعلى من بعدكم ما فيها من الأحكام.

(آياتٍ بَيِّناتٍ) حججا واضحة.

٢ ـ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) :

(وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقة على المحدود ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع.

(فِي دِينِ اللهِ) فى حكم الله.

٣ ـ (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) :

أي الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى لا يرغب فى نكاح الصوالح من النساء وانما يرغب فى فاسقة خبيثة من شكله ، أو فى مشركة ، والفاسقة الخبيثة المسافحة كذلك لا يرغب فى نكاحها الصلحاء من الرجال وانما يرغب فيها من هو على شكلها من الفسقة أو المشركين.

٤ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) :

أي الذين يتهمون العفيفات بالزنى ، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء

٣٨٩

يشهدون بصدق اتهامهم فاجلدوهم ثمانين جلدة ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأولئك هم الخارجون عن حدود الدين.

٥ ـ (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) عادوا الى الطريق السوي بعد الفسوق.

(وَأَصْلَحُوا) ثم أقبلوا على العمل الصالح.

٦ ـ (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) :

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ) بالزنى.

(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) ولا يعضدهم فى ذلك شاهد.

(فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) فيبدأ الزوج فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به من الزنى.

٧ ـ (وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ) :

ثم يقول الزوج فى الخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنى.

٨ ـ (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) :

ويدفع عنها الجلد أن تشهد أربع مرات أنه لمن الكاذبين فيما رماها به.

٩ ـ (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) :

وتقول فى الخامسة : أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنى.

١٠ ـ (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) :

(وَلَوْ لا) جوابها متروك وتركه دال على أمر عظيم لا يكتنه.

٣٩٠

(فَضْلُ اللهِ) تفضله.

١١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) :

(بِالْإِفْكِ) الإفك : أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء. والمراد ما أفك به على عائشة رضى الله عنها.

(عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) جماعة ، وكان منهم : عبد الله بن أبى ، وزيد بن رفاعة ، وحسان بن ثابت ، ومسطح بن أثانة ، وحمنة بنت جحش.

(بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) لأنه كان بلاء ومحنة.

(كِبْرَهُ) عظمه ، والذي تولاه عبد الله بن أبى.

١٢ ـ (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) :

(بِأَنْفُسِهِمْ) بالذين منهم من المؤمنين والمؤمنات.

١٣ ـ (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ) :

(لَوْ لا) للتحضيض.

(عِنْدَ اللهِ) أي فى حكمته وشريعته.

١٤ ـ (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) :

(وَلَوْ لا) لامتناع الشيء لوجود غيره. والمعنى : ولو لا أنى قضيت أن أتفضل عليكم فى الدنيا بضروب من النعم ، وأن أترحم عليكم فى الآخرة بالعفو والمغفرة ، لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك.

١٥ ـ (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) :

٣٩١

(إِذْ) ظرف ، والعامل فيه (لَمَسَّكُمْ) أو (أَفَضْتُمْ).

(تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) يأخذه بعضكم من بعض.

١٦ ـ (وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) :

(ما يَكُونُ لَنا) ما ينبغى لنا.

(سُبْحانَكَ) للتعجب من عظم الأمر.

١٧ ـ (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) :

(أَنْ تَعُودُوا) أي كراهة أن تعودوا ، أو فى أن تعودوا.

١٨ ـ (وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) :

أي : ويبين الله لكم الدلالات على علمه وحكمته ، والله عالم بكل شىء ،

فاعل لما يفعله بدواعى الحكمة.

١٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) :

(يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) يشيعون الفاحشة عن قصد الى الإشاعة وإرادة ، ومحبة لها.

(فِي الدُّنْيا) وحو الحدّ.

(وَاللهُ يَعْلَمُ) ما فى القلوب من الأسرار والضمائر.

٢٠ ـ (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) :

(وَلَوْ لا) جوابها متروك.

وكرر المنة بترك المعاجلة بالعقاب. وهذا التكرار مع حذف الجواب مبالغة عظيمة.

٢١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ

٣٩٢

خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) :

(بِالْفَحْشاءِ) بما أفرط قبحه.

(وَالْمُنْكَرِ) ما تنكره النفوس فتنفر عنه ولا ترتضيه.

(ما زَكى) ما طهر من دنس إثم الإفك.

(يُزَكِّي) يطهر التائبين بقبول توبتهم إذا محضوها.

(وَاللهُ سَمِيعٌ) لقولهم.

(عَلِيمٌ) بضمائرهم وإخلاصهم.

٢٢ ـ (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(وَلا يَأْتَلِ) ولا يحلف. والمعنى : لا يحلفوا على أن لا يحسنوا الى المستحقين للإحسان.

وقيل : لا يقصروا ، والمعنى : لا يقصروا فى أن يحسنوا إليهم.

(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) أي وليعودوا عليهم بالصفح والعفو ، وإن كانت بينهم شحناء لجناية اقترفوها.

٢٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) :

(الْمُحْصَناتِ) العفيفات.

(الْغافِلاتِ) السليمات الصدور ، والنقيات القلوب ، اللاتي ليس فيهن دهاء ولا مكر.

٢٤ ـ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) :

٣٩٣

أي وتتكلم الجوارح يوم القيامة بما عملوا فى الدنيا.

٢٥ ـ (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) :

(دِينَهُمُ) أي حسابهم وجزاءهم.

(الْحَقَ) العادل.

(هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) أي ذو الحق المبين. يعنى : العادل الظاهر العدل الذي لا ظلم فى حكمه.

٢٦ ـ (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) :

(أُولئِكَ) إشارة الى (الطيبين).

(مُبَرَّؤُنَ) مما يقول الخبيثون من خبيثات الكلم.

٢٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) :

(حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) الاستئناس ، ضد الاستيحاش ، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدرى أيؤذن له أم لا ، فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه ، فإذا أذن له استأنس ، ويكون المعنى : حتى يؤذن لكم.

وقيل : الاستئناس : الاستعلام والاستكشاف. ويكون المعنى : حتى تستعلموا وتستكشفوا الحال.

(ذلِكُمْ) الاستئذان والتسليم.

(خَيْرٌ لَكُمْ) من الدخول بغير إذن.

(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي إرادة أن تذكروا وتعملوا بما أمرتم به.

٢٨ ـ (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) :

٣٩٤

(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً) من الآذنين.

(فَلا تَدْخُلُوها) واصبروا حتى تجدوا من يأذن لكم.

(فَارْجِعُوا) أي لا تلحوا فى إطلاق الإذن.

(أَزْكى لَكُمْ) أكرم بكم وأطهر لنفوسكم.

٢٩ ـ (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) :

(جُناحٌ) حرج.

(فِيها مَتاعٌ لَكُمْ) منفعة.

٣٠ ـ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) :

(يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) يكفوا ويخفضوا.

(وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) يصونوها سترا وبعدا عن غير ما هو مشروع.

(ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أكرم وأطهر.

٣١ ـ (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) :

(وَلا يُبْدِينَ) ولا يظهرن.

(وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَ) جمع خمار ، وهو ما تغطى به المرأة رأسها.

(عَلى جُيُوبِهِنَ) على صدورهن.

أي وليسدلن الخمر الى الصدور حتى تغطيها.

٣٩٥

(لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) أي لا يعرفون ما العورة ولا يميزون بينها وبين غيرها.

٣٢ ـ (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) :

(الْأَيامى) الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء والحرائر والأحرار.

(وَإِمائِكُمْ) أي والصالحين من عبيدكم.

(وَاللهُ واسِعٌ) أي غنى ذو سعة لا يرزؤه إغناء الخلائق.

(عَلِيمٌ) يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

٣٣ ـ (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(وَلْيَسْتَعْفِفِ) وليجتهد فى العفة ومنع النفس.

(لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي استطاعة تزوج.

(حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ) الى سعة.

(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ) مرفوع على الابتداء ، أو منصوب بفعل مضمر يفسره (فَكاتِبُوهُمْ) أي والذين يريدون.

(الْكِتابَ) أن يكتبوا على أنفسهم عوضا مقابل عتقهم.

(مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من أرقائكم.

(فَكاتِبُوهُمْ) فأجيبوهم الى ما طلبوا. والمكاتبة : أن يقول الرجل لمملوكه : كاتبتك على ألف درهم ، فإن أداها عتق.

٣٩٦

(وَآتُوهُمْ) أمر للمسلمين على وجه الوجوب بإعانة المكاتبين وإعطائهم سهمهم الذي جعل الله لهم من بيت المال.

وقيل : أسلفوهم.

وقيل : أنفقوا عليهم بعد أن يؤدوا ويعتقوا.

(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) إماءكم. وكان لعبد الله بن أبى ست جوار ، وكان يكرههن على البغاء وضرب عليهن ضرائب. فشكت ثنتان منهن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت الآية.

(عَلَى الْبِغاءِ) على البغي ، وهو الفحشاء.

(إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) تعففا لأن الإكراه لا يأتى إلا مع إرادة التحصن.

(غَفُورٌ رَحِيمٌ) لهم ولهن إن تابوا وأصلحوا.

٣٤ ـ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) :

(مُبَيِّناتٍ) هى التي بينت فى هذه السورة وأوضحت معانى الأحكام والحدود.

(وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) مضوا من قبلكم ، أمثلة من أحوالهم.

(وَمَوْعِظَةً) وما به عظة واعتبار.

(لِلْمُتَّقِينَ) لمن يخشى الله ويخاف عقابه.

٣٥ ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) :

(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أضاف النور الى السموات والأرض ،

٣٩٧

للدلالة على سعة إشراقه. وإما أن يراد أهل السموات والأرض ، وأنهم يستضيئون به.

(مَثَلُ نُورِهِ) أي صفة نوره العجيبة الشأن فى الإضاءة.

(كَمِشْكاةٍ) كصفة مشكاة ، وهى الكوة فى الجدار غير النافذة.

(فِيها مِصْباحٌ) سراج مضىء.

(فِي زُجاجَةٍ) أي قنديل من زجاج أزهر.

(يُوقَدُ) هذا المصباح.

(مِنْ شَجَرَةٍ) أي رويت ذبالته بزيتها.

(مُبارَكَةٍ) كثيرة المنافع.

(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أي منبتها الشام ، وأجود الزيتون زيتون الشام.

وقيل : لا فى مضحى ولا فى مكان لا تطلع عليه الشمس ، ولكن الشمس والظل يتعاقبان عليها.

(يُضِيءُ) من غير نار.

(نُورٌ عَلى نُورٍ) أي هذا الذي شبهت به الحق نور متضاعف.

(يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ) لهذا النور الثاقب ، أي يوفق.

(مَنْ يَشاءُ) من عباده.

٣٦ ـ (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) :

(فِي بُيُوتٍ) يتعلق بما قبله ، أي كمشكاة فى بعض بيوت الله ، وهى المساجد أو متعلق بما بعده ، وهو : يسبح له رجال فى بيوت.

(أَذِنَ اللهُ) أمر وقضى.

(أَنْ تُرْفَعَ) أن تبنى وتعلى.

(بِالْغُدُوِّ) أي بأوقات الغدو ، أي بالغدوات.

٣٩٨

(وَالْآصالِ) أي وبالعشي.

٣٧ ـ (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) :

(لا تُلْهِيهِمْ) لا تشغلهم.

(تِجارَةٌ) أي شراء ، من قبيل إطلاق اسم الجنس على النوع.

(تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) أي تضطرب القلوب وترتفع الأبصار من الهول.

٣٨ ـ (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) :

(أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) أي أحسن جزاء أعمالهم.

(وَاللهُ يَرْزُقُ) ما يتفضل به.

(بِغَيْرِ حِسابٍ) فأما الثواب فله حساب لكونه على حسب الاستحقاق.

٣٩ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) :

(كَسَرابٍ) السراب ما يرى فى الفلاة من ضوء الشمس وقت الظهيرة ، يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجرى.

(بِقِيعَةٍ) بقاع ، وهو المنبسط المستوي من الأرض.

(الظَّمْآنُ) العطشان.

(ماءً) يحسب السراب ماء.

(لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) مما قدره ووجده أرضا لا ماء فيها.

(وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ) بالمرصاد.

(فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) أي جزاء أعماله.

٣٩٩

٤٠ ـ (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) :

(أَوْ كَظُلُماتٍ) أي أعمالهم كسراب أو كظلمات.

(فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) لا يدرك قعره.

(يَغْشاهُ مَوْجٌ) أي يعلو ذلك البحر موج.

(مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) أي من فوق هذا الموج الثاني سحاب.

(ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) أي هى ظلمات بعضها فوق بعض.

(إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) يعنى الناظر.

(لَمْ يَكَدْ يَراها) من شدة الظلمات.

(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً) يهتدى به.

(فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) أظلمت عليه الأمور.

٤١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) :

(أَلَمْ تَرَ) ألم تعلم ، والخطاب للنبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(مَنْ فِي السَّماواتِ) من الملائكة.

(وَالْأَرْضِ) الإنس والجن.

(وَالطَّيْرُ) بالرفع ، عطف على (مَنْ).

(صَافَّاتٍ) مصطفات الأجنحة فى الهواء.

(صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) الصلاة للإنسان ، والتسبيح لما سواه من الخلق.

٤٢ ـ (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) :

٤٠٠