الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

٧١ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) :

(فَانْطَلَقا) على ساحل البحر يطلبان السفينة.

(لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) أي عظيما.

٧٢ ـ (قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) :

أي انك لن تقوى على الصبر معى.

٧٣ ـ (قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) :

(بِما نَسِيتُ) بالذي نسيته. أو بنسياني. أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة.

(وَلا تُرْهِقْنِي) أي ولا تحمل على.

(مِنْ أَمْرِي عُسْراً) أي عسرا من أمرى ومشقة. أي لا تعسر على متابعتك ويسرها على بالإغضاء عما أسأل.

٧٤ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) :

(زَكِيَّةً) طاهرة.

(بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي لم تقتل نفسا لتقتص منها.

(نُكْراً) منكرا.

٧٥ ـ (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) :

أي انك لن تستطيع الصبر معى.

٧٦ ـ (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) :

(بَعْدَها) أي بعد هذه الكرة أو المسألة.

(فَلا تُصاحِبْنِي) فلا تقاربنى ، وان طلبت صحبتك فلا تتابعنى على ذلك.

٢٦١

وقرئ : فلا تصحبنى ، أي فلا تصحبنى ولا تجعلنى صاحبك.

(مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) قد أعذرت.

٧٧ ـ (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) :

(اسْتَطْعَما أَهْلَها) طلبا منهم أن يطعموهما.

(فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) أي امتنعوا أن يقبلوهما ضيفين.

(يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) أي دانى وشارف أن يقع.

(فَأَقامَهُ) أي أقامه بعمود عمده اليه. وقيل : نقضه وبناه.

(لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) لطلبت على عملك أجرا.

٧٨ ـ (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) :

(هذا) إشارة الى السؤال الثالث ، أي هذا الاعتراض سبب الفراق.

٧٩ ـ (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) :

(وَراءَهُمْ) أمامهم.

٨٠ ـ (وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) :

أي خفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما ، وكفرا لنعمتهما ، بعقوقه وسوء صنيعه ، ويلحق بهما شرا وبلاء.

أو يقرن بايمانهما طغيانه وكفره ، فيجتمع فى بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر ، أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الايمان.

٢٦٢

٨١ ـ (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً) :

(أَنْ يُبْدِلَهُما) أي أن يرزقهما الله ولدا.

(خَيْراً مِنْهُ زَكاةً) أي دينا وصلاحا.

(وَأَقْرَبَ رُحْماً) رحمة.

٨٢ ـ (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) :

(رَحْمَةً) مفعول له.

(عَنْ أَمْرِي) عن اجتهادي ورأيى ، وانما فعلته بأمر الله.

٨٣ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) :

(عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) هو الإسكندر. ويقال ملك الدنيا مؤمنان ذو القرنين وسليمان.

٨٤ ـ (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) :

(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أي من أسباب كل شىء أراده من أغراضه ومقاصده.

(سَبَباً) طريقا موصلا.

٨٥ ـ (فَأَتْبَعَ سَبَباً) :

يوصله.

٨٦ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) :

(فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) صارت فيها الحمأة ، وهى الطينة السوداء.

وفى قراءة : حامية.

٨٧ ـ (قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) :

٢٦٣

(عَذاباً نُكْراً) أي شديدا.

٨٨ ـ (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) :

(وَعَمِلَ صالِحاً) ما يقتضيه الايمان.

(فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) أي فله أن يجازى المثوبة الحسنى ، أو فله جزاء الفعلة الحسنى التي هى كلمة الشهادة.

(مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) أي لا نأمره بالصعب الشاق ولكن بالسهل المتيسر من الزكاة والخراج.

٨٩ ـ (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) :

يوصله.

٩٠ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) :

(سِتْراً) أي لباسا.

٩١ ـ (كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) :

(كَذلِكَ) أي أمر ذى القرنين كذلك ، أي كما وصفناه.

(وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ) من الجنود والآلات وأسباب الملك.

(خُبْراً) علما.

٩٢ ـ (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) :

يوصله.

٩٣ ـ (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) :

(بَيْنَ السَّدَّيْنِ) بين الجبلين ، وهما جبلان سد ذو القرنين ما بينهما.

٩٤ ـ (قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) :

٢٦٤

(يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) هما جيلان من الناس.

(خَرْجاً) جعلا.

٩٥ ـ (قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) :

(ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) ما جعلنى فيه مكينا من كثرة المال واليسار خير مما تبذلون لى من الخراج فلا حاجة بي اليه.

(رَدْماً) حاجزا حصينا موثقا.

٩٦ ـ (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) :

(زُبَرَ الْحَدِيدِ) قطع الحديد.

(حَتَّى إِذا ساوى) يعنى البناء ، فحذف لقوة الكلام عليه.

(بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) الصدفان : جانبا الجبل.

(قِطْراً) القطر : الرصاص المذاب.

٩٧ ـ (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً) :

(أَنْ يَظْهَرُوهُ) أن يعلوه. أي لا حيلة لهم من صعوده لارتفاعه وانملاسه ، ولا نقب لصلابته وثخانته.

٩٨ ـ (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) :

(هذا) إشارة الى السد ، أي هذا السد نعمة من الله.

(رَحْمَةٌ) على عباده.

(فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) أي إذا دنا مجىء يوم القيامة وشارف أن يأتى.

(جَعَلَهُ دَكَّاءَ) أي جعل السد مدكوكا مبسوطا مسوى بالأرض.

(وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) آخر حكاية ذى القرنين.

٢٦٥

٩٩ ـ (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) :

(وَتَرَكْنا) وجعلنا.

(بَعْضَهُمْ) بعض الخلق.

(يَمُوجُ فِي بَعْضٍ) أي يضطربون ويختلطون.

١٠٠ ـ (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) :

(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ) وبرزناها لهم فرأوها وشاهدوها.

١٠١ ـ (الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) :

(عَنْ ذِكْرِي) عن آياتي.

(وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) وكانوا صما عنه.

١٠٢ ـ (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) :

(عِبادِي) أي الملائكة.

(مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ) يتولونهم من دونى ولا أعاقبهم ، ففي الكلام حذف.

(نُزُلاً) مقرا ومكان نزول.

١٠٣ ـ (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) :

(بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) أشد الناس خسرانا لأعمالهم.

١٠٤ ـ (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) :

(ضَلَّ سَعْيُهُمْ) ضاع وبطل.

١٠٥ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) :

٢٦٦

(فَلا نُقِيمُ لَهُمْ) فنزدرى بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار.

١٠٦ ـ (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) :

(ذلِكَ) إشارة الى ذلك الوزن.

١٠٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) :

(نُزُلاً) مقاما.

١٠٨ ـ (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) :

(حِوَلاً) تحولا.

١٠٩ ـ (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) :

(الْبَحْرُ) المراد الجنس.

(مِداداً) المداد : اسم ما تمد به الدواة من البحر.

(مَدَداً) تمييز ، والمدد : المداد.

١١٠ ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) :

(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) فمن كان يؤمل حسن لقاء ربه ، وأن يلقاه لقاء رضاء وقبول.

٢٦٧

(١٩)

سورة مريم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (كهيعص) :

(كهيعص) قرئ بفتح الهاء وكسر الياء ، وبكسرهما ، وبضمهما.

وهى حروف صوتية لبيان أن القرآن المعجز من هذه الحروف.

٢ ـ (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) :

(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) أي هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك.

(عَبْدَهُ) منصوب ، والناصب له قوله (ذِكْرُ).

(زَكَرِيَّا) بدل من قوله (عَبْدَهُ).

٣ ـ (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) :

(خَفِيًّا) لا جهر فيه ، لأنه أبعد من الرياء وأدخل فى الإخلاص.

٤ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) :

(وَهَنَ) ضعف.

(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) شاع الشيب فيه وعم.

(بِدُعائِكَ) أي بدعائى إياك.

(شَقِيًّا) غير مستجاب الدعوة.

٥ ـ (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) :

(الْمَوالِيَ) عصبته واخوته وبنو عمه.

(مِنْ وَرائِي) بعد موتى.

٢٦٨

(مِنْ لَدُنْكَ) من عندك ، تأكيد لكونه وليا مرضيا.

٦ ـ (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) :

(رَضِيًّا) مرضيا فى أخلاقه وأفعاله.

٧ ـ (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) :

(سَمِيًّا) أي لم يسم أحد بيحيى قبله.

٨ ـ (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) :

(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) على التعجب لا على الإنكار.

(عِتِيًّا) يعنى النهاية فى الكبر.

٩ ـ (قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) :

(كَذلِكَ) أي الأمر كذلك ، تصديق له.

(هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ) أي خلقه على هين.

(مِنْ قَبْلُ) أي من قبل يحيى.

(وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) أي كما خلقك الله تعالى بعد العدم ولم تك شيئا موجودا ، فهو القادر على خلق يحيى وإيجاده.

١٠ ـ (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) :

(آيَةً) أي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به.

(قالَ آيَتُكَ) أي علامتك أن تمنع من الكلام فلا تنطقه.

(ثَلاثَ لَيالٍ) أي ثلاثة أيام ولياليهن.

(سَوِيًّا) وأنت سليم الجوارح سوى الخلق ما بك خرس ولا بكم.

٢٦٩

١١ ـ (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) :

(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ) فأشرف عليهم.

(مِنَ الْمِحْرابِ) من المصلى. والمحراب أرفع المواضع ، وكانوا يتخذون المحاريب فيما ارتفع من الأرض.

(فَأَوْحى إِلَيْهِمْ) فأشار.

(سَبِّحُوا) صلوا.

(بُكْرَةً وَعَشِيًّا) صباحا ومساء.

١٢ ـ (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) :

(الْكِتابَ) التوراة.

(بِقُوَّةٍ) بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد.

(الْحُكْمَ) الحكمة ، وهى الفهم للتوراة والفقه فى الدين.

وقيل : العقل ، لأن الله أحكم عقله فى صباه.

وقيل : النبوة ، لأن الله أوحى اليه وهو صبى.

١٣ ـ (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا) :

(وَحَناناً) ورحمة لأبويه وغيرهما ، وتعطفا وشفقة.

(مِنْ لَدُنَّا) من منن الله عليه.

(وَزَكاةً) أي طهارة. وقيل : الزكاة : الصدقة ، أي يتصدق على الناس.

(وَكانَ تَقِيًّا) يخشى الله فى كل ما يفعل.

١٤ ـ (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) :

(وَبَرًّا) أي بارا ، كثير البر.

(جَبَّاراً) متكبرا.

(عَصِيًّا) غير لين الجانب.

٢٧٠

١٥ ـ (وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) :

سلم الله عليه فى هذه الأحوال الثلاث لأنها أوحش المواطن.

١٦ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا) :

(إِذِ) بدل من (مَرْيَمَ) بدل اشتمال ، لأن الأحيان مشتملة على ما فيها.

(انْتَبَذَتْ) تنحت وتباعدت.

(مِنْ أَهْلِها) أي ممن كان معها.

(مَكاناً شَرْقِيًّا) أي مكانا من جانب الشرق.

١٧ ـ (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) :

(من رُوحَنا) أي جبريل عليه‌السلام.

(فَتَمَثَّلَ لَها) أي تمثل الملك لها.

(بَشَراً) تفسير ، أو حال.

(سَوِيًّا) أي مستوى الخلقة.

١٨ ـ (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) :

(إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) ممن يتقى الله ويخشاه وتحفل بالاستعاذة به.

١٩ ـ (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) :

(إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ) من استعذت به.

(لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً) لأكون سببا فى هبة الغلام.

(زَكِيًّا) طاهرا خيرا.

٢٠ ـ (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) :

(وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) المس : النكاح الحلال.

(وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) أي زانية.

٢٧١

٢١ ـ (قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا) :

(وَلِنَجْعَلَهُ) أي ونخلقه لنجعله.

(آيَةً) دلالة على قدرتنا.

(وَرَحْمَةً) أي لمن آمن به.

(مَقْضِيًّا) مقدرا.

٢٢ ـ (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) :

(فَحَمَلَتْهُ) أي فاطمأنت الى قوله فنفخ فى جيب درعها فحملت.

(فَانْتَبَذَتْ بِهِ) أي اعتزلت وهو فى بطنها.

(قَصِيًّا) بعيدا من أهلها.

٢٣ ـ (فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) :

(فَأَجاءَهَا) أي اضطرها.

(إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) كأنها طلبت شيئا تستند اليه وتتعلق به.

(يا لَيْتَنِي مِتُ) تمنت الموت مخافة أن يظن بها شر.

(نَسْياً) النسى ، الشيء الحقير الذي شأنه أن ينسى ولا يتألم لفقده.

٢٤ ـ (فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) :

(فَناداها) جبريل عليه‌السلام.

(مِنْ تَحْتِها) أسفل مكانها.

(سَرِيًّا) جدولا.

٢٥ ـ (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) :

(وَهُزِّي إِلَيْكِ) أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى فى أحياء موات الجذع.

٢٧٢

(بِجِذْعِ) الباء ، زائدة مؤكدة.

(جَنِيًّا) لم يذو.

٢٦ ـ (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) :

(وَقَرِّي عَيْناً) أي وطيبى نفسا ولا تغتمى.

(صَوْماً) صمتا.

(إِنْسِيًّا) من الإنس.

٢٧ ـ (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) :

(فَرِيًّا) أي بأمر عظيم.

٢٨ ـ (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) :

(يا أُخْتَ هارُونَ) كان أخاها من أبيها.

(امْرَأَ سَوْءٍ) فاسد الأخلاق.

(بَغِيًّا) فاجرة.

٢٩ ـ (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) :

(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ) أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه.

(كَيْفَ نُكَلِّمُ) أي كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبيا فى المهد فيما سلف من الزمان حتى نكلم هذا.

٣٠ ـ (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) :

(وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) جعل الآتي لا محالة كأنه قد جاء.

(الْكِتابَ) الإنجيل.

٣١ ـ (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) :

(مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) نفاعا حيث كنت ، أو معلما للخير.

٢٧٣

٣٢ ـ (وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) :

(وَبَرًّا) جعل ذاته برا لفرط بره.

(جَبَّاراً) متعظما متكبرا.

(شَقِيًّا) خائبا من الخير.

٣٣ ـ (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) :

(وَالسَّلامُ عَلَيَ) أي السلامة على من الله تعالى.

(يَوْمَ وُلِدْتُ) فى الدنيا.

(وَيَوْمَ أَمُوتُ) فى القبر.

(وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) فى الآخرة.

٣٤ ـ (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) :

(قَوْلَ الْحَقِ) بالنصب ، مصدر مؤكد لمضمون الجملة.

(الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) يشكون. أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون القول الحق.

٣٥ ـ (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) :

(ما كانَ لِلَّهِ) ما ينبغى لله ولا يجوز.

(مِنْ وَلَدٍ) من ، صلة للكلام ، أي أن يتخذ ولدا.

(سُبْحانَهُ) أن يكون له ولد ، أي تنزه عن أن يكون له ولد.

٣٦ ـ (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) :

(هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) أي دين قويم لا اعوجاج فيه.

٣٧ ـ (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) :

(الْأَحْزابُ) النصارى لتحزبهم ثلاث فرق : نسطورية ، ويعقوبية ، وملكانية.

٢٧٤

(مِنْ بَيْنِهِمْ) من ، زائدة ، أي بينهم.

(مِنْ مَشْهَدِ) من مشهود.

(يَوْمٍ عَظِيمٍ) يوم القيامة ، أي من شهودهم هول الحساب والجزاء فى يوم القيامة.

٣٨ ـ (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) :

(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) يقال هذا فى موضع التعجب.

(الْيَوْمَ) فى الدنيا.

(فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) لقولهم عيسى ابن الله. والضلال المبين : إغفالهم النظر والاستماع.

٣٩ ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) :

(يَوْمَ الْحَسْرَةِ) يوم يتحسرون على ما فاتهم.

(إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) إذ فرغ من الحساب.

(وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وقد كانوا فى الدنيا غافلين عن ذلك اليوم.

(وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدقون بالبعث والجزاء.

٤٠ ـ (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) :

أي فليعلم الناس أن الله هو الوارث لهذا الكون وما فيه ، ومرجعهم اليه فيحاسبهم على ما فعلوا.

٤١ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) :

(وَاذْكُرْ) أيها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للناس.

(فِي الْكِتابِ) ما فى القرآن من قصة إبراهيم.

(إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) عظيم الصدق قولا وعملا.

٢٧٥

(نَبِيًّا) مخبرا عن الله تعالى.

٤٢ ـ (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) :

(إِذْ) أي واذكر إذ.

(قالَ لِأَبِيهِ) قال إبراهيم لأبيه.

(لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ) كيف تعبد أصناما لا تسمع ولا تبصر.

(وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) لا تجلب لك خيرا ، ولا تدفع عنك شرا.

٤٣ ـ (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) :

(قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ) من طريق الوحى الإلهى.

(ما لَمْ يَأْتِكَ) من العلم بالله والمعرفة بما يلزم الإنسان نحو ربه.

(فَاتَّبِعْنِي) فيما أدعوك إليه من الإيمان.

(أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) أدلك على الصراط المستقيم.

٤٤ ـ (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) :

(لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) لا تطع الشيطان فيما يزين لك من عبادة الأصنام.

(عَصِيًّا) دائبا على معصية الرحمن.

٤٥ ـ (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) :

أي إنى أخاف إن أصررت على الكفر أن يصيبك عذاب شديد من الرحمن ، فتكون قرينا للشيطان فى النار ومن أوليائه.

٤٦ ـ (قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) :

٢٧٦

(أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي) أمنصرف عن عبادتها بسبك إياها.

(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) لئن لم تكف عن سبها.

(لَأَرْجُمَنَّكَ) لأرمينك بلساني ، يريد الشتم والذم ، أو لأقتلنك رجما بالحجارة.

(مَلِيًّا) زمانا طويلا ، أو مليا بالذهاب عنى ، قبل أن أثخنك بالضرب فلا تقدر أن تبرح ، يقال : فلان ملى بكذا ، إذا كان مطيقا له مضطلعا به.

٤٧ ـ (قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) :

(سَلامٌ عَلَيْكَ) سلام توديع ومتاركة ، ويجوز أن يكون دعاء له بالسلامة استمالة له.

(سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) سأدعوه لك بالهداية لتكون ممن يغفر لهم.

(إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) الحفي : الواسع البر.

٤٨ ـ (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) :

(وَأَعْتَزِلُكُمْ) وأترككم وما أنتم عليه من عبادة الأصنام.

(وَأَدْعُوا رَبِّي) وأعبد ربى.

(عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) رجاء أن يقبل الله عبادتى.

٤٩ ـ (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا) :

(جَعَلْنا نَبِيًّا) اصطفيناه نبيا.

٥٠ ـ (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) :

(وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) من كل خير دنيوى.

(وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) من ثناء حسن سام.

٥١ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) :

٢٧٧

(مُخْلَصاً) أخلصه الله. وقرئ : مخلصا ، بكسر اللام ، أي أخلص نفسه لله.

(رَسُولاً نَبِيًّا) أي نبيا مرسلا يحمل من الله رسالة.

٥٢ ـ (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) :

(الْأَيْمَنِ) أي من ناحيته اليمنى.

(وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) كلمناه دون ملك.

٥٣ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) :

(مِنْ رَحْمَتِنا) من أجل رحمتنا وترؤفنا عليه ، أو بعض رحمتنا.

(هارُونَ) عطف بيان.

٥٤ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) :

(صادِقَ الْوَعْدِ) حين وعد أباه بالصبر على الذبح فوفىّ.

٥٥ ـ (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) :

(أَهْلَهُ) أمته.

(مَرْضِيًّا) أي رضيا زاكيا صالحا.

٥٦ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) :

(صِدِّيقاً) يصدق قولا وفعلا.

٥٧ ـ (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) :

(مَكاناً عَلِيًّا) مكانا ساميا.

٥٨ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) :

(أُولئِكَ) إشارة الى المذكورين فى السورة من لدن زكريا الى إدريس.

٢٧٨

(مِنَ النَّبِيِّينَ) من ، للبيان.

(سُجَّداً وَبُكِيًّا) ساجدين باكين من خشية الله.

٥٩ ـ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) :

(غَيًّا) ضلالا عن طريق الرشاد.

٦٠ ـ (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) :

(وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم.

٦١ ـ (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا) :

(بِالْغَيْبِ) وعدهم إياها وهى غائبة عنهم غير حاضرة ، أو وهم غائبون عنها لا يشاهدونها ، أو بتصديق الغيب والإيمان به.

(مَأْتِيًّا) آتيا ، مفعول بمعنى فاعل.

٦٢ ـ (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) :

(لَغْواً) اللغو : فضول الكلام وما لا طائل تحته.

(إِلَّا سَلاماً) تسليم بعضهم على بعض ، أو تسليم الملائكة عليهم.

٦٣ ـ (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) :

(الَّتِي نُورِثُ) أي نبقى عليه الجنة كما نبقى على الوارث مال الموروث.

(مَنْ كانَ تَقِيًّا) من خشى الله وأطاعه.

٦٤ ـ (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) :

٢٧٩

(وَما نَتَنَزَّلُ) حكاية قول جبريل عليه‌السلام حين استبطأه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(وَما خَلْفَنا) من الجهات والأماكن.

(وَما بَيْنَ ذلِكَ) وما نحن فيه فلا نتمالك أن ننتقل من جهة الى جهة الا بأمر المليك ومشيئته.

(وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) وما كان تاركا لك.

٦٥ ـ (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) :

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بدل من قوله (رَبِّكَ).

(هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) أي لم يسم شىء بالله قط.

٦٦ ـ (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) :

(لَسَوْفَ أُخْرَجُ) من الأرض ، أو من حال الفناء.

٦٧ ـ (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) :

(أَوَلا يَذْكُرُ) الواو ، عطف (لا يَذْكُرُ) على (يَقُولُ) ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف. والمعنى : أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى.

(مِنْ قَبْلُ) من قبل الحالة التي هو فيها ، وهى حالة بقائه.

٦٨ ـ (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) :

(فَوَ رَبِّكَ) فى إقسام الله تعالى باسمه مضافا الى رسوله ، تفخيم لشأن الرسول ورفع منه.

(وَالشَّياطِينَ) الواو ، للعطف ، أو بمعنى : مع ، وهو الوجه ، والمعنى : أنهم يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم.

٢٨٠