الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(مَثَلُ السَّوْءِ) صفة السوء والجهل ، لوصفهم الله تعالى بالصاحبة والولد.

(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي الصفة العليا وأنه تنزه عما يصفونه به.

٦١ ـ (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) :

(بِظُلْمِهِمْ) أي بافترائهم.

(ما تَرَكَ عَلَيْها) على الأرض.

٦٢ ـ (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) :

(ما يَكْرَهُونَ) من البنات.

(وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ) أي وتقول ألسنتهم الكذب.

(أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) الحسنى : الجزاء وهو قولهم أن لهم البنين ولله البنات.

(لا جَرَمَ) حقا.

(وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) متروكون منسيون فى النار.

٦٣ ـ (تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) :

(أَعْمالَهُمْ) أي أعمالهم الخبيثة.

(فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) أي ناصرهم فى الدنيا وعلى زعمهم.

(وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فى الآخرة.

٦٤ ـ (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) :

٢٠١

(الْكِتابَ) القرآن.

(إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ) من الدين والأحكام فتقوم الحجة عليهم ببيانك.

(وَهُدىً) ورشدا.

٦٥ ـ (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) :

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي دلالة على أنه المعبود الحق.

(لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) يلقنون ما يجب لله من صفات.

٦٦ ـ (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) :

(لَعِبْرَةً) تعتبرون بها وتتعظون.

(نُسْقِيكُمْ) قرئ بفتح النون وضمها.

(مِمَّا فِي بُطُونِهِ) الضمير للأنعام ، وهو اسم جنس يذكر ويؤنث.

(مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ) الفرث : الزبل الذي ينزل الى الكرش ، فاذا ما خرج لم يسم فرثا.

(خالِصاً) من حمرة الدم وقذارة الفرث.

(سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) أي لذيذا هينا لا يغص من شربه.

٦٧ ـ (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :

(تَتَّخِذُونَ) أي ما تتخذون ، فحذف ، ودل على حذفه قوله (مِنْهُ).

٦٨ ـ (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) :

(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) أي ألهمه.

٢٠٢

(وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) يهيئون.

٦٩ ـ (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) :

(سُبُلَ رَبِّكِ) طرق ربك وأضاف السبل اليه لأنه خالقها. أي ادخلى طرق ربك لطلب الرزق فى الجبال وخلال الشجر.

(ذُلُلاً) جمع ذلول ، وهو المنقاد ، أي مطيعة مسخرة.

(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) أي أنواعه.

(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) الضمير للعسل.

(لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) يعتبرون.

٧٠ ـ (وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) :

(أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أردؤه وأضعفه.

(لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) أي يرجع الى حالة الطفولية فلا يعلم ما كان يعلم قبل من الأمور لفرط الكبر.

٧١ ـ (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَ)

(فَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) :

(فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) أي جعل منكم غنيا وفقيرا ، وحرا وعبدا.

(فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا) فى الرزق.

(بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أي لا يرد المولى على ما ملكت يمينه مما رزق شيئا حتى يستوى المملوك والمالك فى المال.

وقيل : ان الموالي والمماليك أنا رازقهم جميعا ، فهم فى رزقى سواء ،

٢٠٣

فلا تحسبن الموالي أنهم يردون على مماليكهم من عندهم شيئا من الرزق ، فانما ذلك رزقى أجريه إليهم على أيديهم.

(أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) فجعل ذلك من جملة جحود النعمة.

٧٢ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) :

(جَعَلَ) خلق.

(مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) يعنى آدم ، خلق منه حواء.

(أَفَبِالْباطِلِ) أي بالأصنام.

(وَبِنِعْمَتِ اللهِ) أي بالإسلام.

٧٣ ـ (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ) :

(وَلا يَسْتَطِيعُونَ) أي لا يقدرون على شىء.

٧٤ ـ (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) :

أي لا تشبهوا به الجمادات لأنه واحدا قادر لا مثال له.

٧٥ ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) :

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) يعلمهم كيف تضرب الأمثال.

(عَبْداً مَمْلُوكاً) أي كما لا يستوى عندكم عبد مملوك لا يقدر من أمره على شىء ورجل حر قد رزق رزقا حسنا ، فكذلك أنا وهذه الأصنام.

٧٦ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ

٢٠٤

كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

(أَبْكَمُ) من ولد أخرس.

(وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) أي ثقل على وليه.

٧٧ ـ (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :

(كَلَمْحِ الْبَصَرِ) اللمح : النظر بسرعة.

٧٨ ـ (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) :

(لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) غير عالمين شيئا من حق المنعم الذي خلقكم فى البطون ، وسواكم وصوركم ثم أخرجكم من الضيق الى السعة.

(وَجَعَلَ لَكُمْ) أي وما ركب فيكم هذه الآلات الا لإزالة الجهل الذي ولدتم عليه واجتلاب العلم والعمل به.

٧٩ ـ (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) :

(مُسَخَّراتٍ) مذللات للطيران بما خلق الله لهن من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك.

(ما يُمْسِكُهُنَ) فى قبضهن وبسطهن ووقوعهن.

(إِلَّا اللهُ) بقدرته.

٨٠ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) :

(مِنْ بُيُوتِكُمْ) التي تسكنونها.

٢٠٥

(سَكَناً) تسكنون إليها.

(بُيُوتاً) هى الثياب من الأدم والأنطاع.

(تَسْتَخِفُّونَها) ترونها خفيفة المحمل.

(يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) يوم ترحلون.

(وَمَتاعاً) وشيئا ينتفع به.

(إِلى حِينٍ) الى أن تقضوا منه أوطاركم ، أو الى أن يبلى ويفنى ، أو الى أن تموتوا.

٨١ ـ (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) :

(مِمَّا خَلَقَ) من الشجر وسائر المستظلات.

(أَكْناناً) جمع كن ، وهو ما يستكن به.

(سَرابِيلَ) هى القمصان والثياب.

(تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد ، لأن ما يقى الحر يقى البرد.

(وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) يعنى الدروع ونحوها.

(لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أي تنظرون فى نعمه فتؤمنون به.

٨٢ ـ (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) :

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) فلم يقبلوا منك.

(فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) فقد تمهد عذرك بعد ما أديت ما وجب عليك من التبليغ.

٨٣ ـ (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) :

(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) التي عددناها حيث يعترفون بها وأنها من الله.

(ثُمَّ يُنْكِرُونَها) بعبادتهم غير المنعم بها.

٢٠٦

(وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) أي الجاحدون غير المعترفين.

٨٤ ـ (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) :

(شَهِيداً) نبيا يشهد عليهم.

(ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) فى الاعتذار.

(وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ولا هم يسترضون.

٨٥ ـ (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) :

(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ولا هم يؤجلون.

٨٦ ـ (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) :

(شُرَكاءَهُمْ) آلهتهم التي دعوها شركاء ، أو الشياطين ، لأنهم شركاؤهم فى الكفر.

(نَدْعُوا) نعبد.

(فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ) أي قالوا لهم.

(إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) أي كذبوهم فى دعواهم.

٨٧ ـ (وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) :

(وَأَلْقَوْا) يعنى الذين ظلموا.

وإلقاء السلم ، يعنى الاستسلام لأمر الله وحكمه.

(وَضَلَّ عَنْهُمْ) وبطل عنهم.

(ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من أن لله شركاء.

٨٨ ـ (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) :

٢٠٧

(الَّذِينَ كَفَرُوا) فى أنفسهم.

(وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وحملوا غيرهم على الكفر.

(زِدْناهُمْ) يضاعف الله عقابهم كما ضاعفوا كفرهم.

(بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) بكونهم مفسدين للناس ، بصدهم إياهم عن سبيل الله.

٨٩ ـ (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) :

(شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) يعنى نبيهم ، لأنه كان يبعث أنبياء الأمم فيهم منهم.

(وَجِئْنا بِكَ) يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(عَلى هؤُلاءِ) على أمتك.

(تِبْياناً) بيانا.

(لِكُلِّ شَيْءٍ) من أمور الدين.

٩٠ ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) :

(بِالْعَدْلِ) بالانصاف.

(وَالْإِحْسانِ) التفضل.

(وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) أي القرابة.

(وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) الفحش ، وهو كل قبيح من قول أو فعل.

(وَالْمُنْكَرِ) ما أنكره الشرع بالنهى عنه.

(وَالْبَغْيِ) هو الكبر والظلم والحقد والتعدي.

٩١ ـ (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) :

٢٠٨

(وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) هو البيعة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإسلام.

(كَفِيلاً) شاهدا ورقيبا.

٩٢ ـ (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) :

(وَلا تَكُونُوا) فى نقض الأيمان.

(كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته.

(أَنْكاثاً) فجعلته أنكاثا ، جمع نكث ، وهو ما ينكث فتله.

(دَخَلاً) أحد مفعولى (تَتَّخِذُونَ) أي مفسدة ودغلا.

(أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) بسبب أن تكون أمة ، يعنى جماعة.

(هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) هى أزيد عددا وأوفر مالا من أمة ، من جماعة المؤمنين.

(يَبْلُوكُمُ اللهُ) يختبركم.

(بِهِ) الضمير لقوله (أَنْ تَكُونَ) لأنه فى معنى المصدر ، أي انما يختبركم بكونهم أربى ، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله أم تكفرون بكثرة قريش وثروتهم وقلة المؤمنين وفقرهم وضعفهم.

(وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ) إنذار لا تحذير من مخالفة ملة الإسلام.

٩٣ ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) :

(أُمَّةً واحِدَةً) حنيفة مسلمة.

(وَلكِنْ يُضِلُ) ولكن الحكمة اقتضت أن يضل.

(مَنْ يَشاءُ) من علم أنه جانح للكفر.

(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) من علم أنه جانح للاسلام.

٢٠٩

٩٤ ـ (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) :

(بِما صَدَدْتُمْ) بصدكم أنتم ، أو بصد غيركم.

(عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن الدين.

(وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) فى الآخرة.

٩٥ ـ (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :

(وَلا تَشْتَرُوا) ولا تستبدلوا.

(بِعَهْدِ اللهِ) بيعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا من الدنيا يسيرا.

(إِنَّما عِنْدَ اللهِ) من اظهاركم وتغنيمكم ومن ثواب الآخرة.

٩٦ ـ (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) :

(ما عِنْدَكُمْ) من أعراض الدنيا.

(يَنْفَدُ) يفنى.

(وَما عِنْدَ اللهِ) من خزائن رحمته.

(باقٍ) لا ينفد.

(الَّذِينَ صَبَرُوا) على أذى المشركين.

٩٧ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) :

(مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) على التبيين.

(حَياةً طَيِّبَةً) يعنى فى الدنيا.

(وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) ثواب الدنيا والآخرة.

٢١٠

٩٨ ـ (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) :

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) إيذانا بأن الاستعاذة من جملة الأعمال الصالحة التي يجزل الله عليها الثواب.

٩٩ ـ (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) :

(لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ) أي تسلط وولاية على أولياء الله.

١٠٠ ـ (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) :

(إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) على من يتولاه ويطيعه.

(بِهِ) الضمير يرجع الى (رَبِّهِمْ).

١٠١ ـ (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) :

(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) بدلنا شريعة متقدمة بشريعة مستأنفة.

(قالُوا) كفار قريش.

(إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) أي كاذب مختلق.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الله شرع الأحكام ويبدل البعض بالبعض.

١٠٢ ـ (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) :

(بِالْحَقِ) أي ملتبسا بالحكمة.

(لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا) ليبلوهم بالنسخ ، حتى إذا قالوا فيه : هو الحق من ربنا والحكمة ، حكم لهم بثبات القدم وصحة اليقين وطمأنينة القلوب.

١٠٣ ـ (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) :

(أَعْجَمِيٌ) غير بين.

(لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) ذو بيان وفصاحة.

٢١١

١٠٤ ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) :

(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) أي يعلم الله منهم أنهم لا يؤمنون.

١٠٥ ـ (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) :

(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ) هذا جواب وصفهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالافتراء.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) هذا مبالغة فى وصفهم بالكذب ، أي كل كذب قليل بالنسبة الى كذبهم. وأولئك ، إشارة الى قريش.

(هُمُ الْكاذِبُونَ) أي الذين لا يؤمنون فهم الكاذبون.

١٠٦ ـ (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) :

(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) بدل من (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أي انما يفترى الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه.

(وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) أي طاب به نفسا واعتقده.

١٠٧ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) :

(ذلِكَ) أي الغضب.

(بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا) أي اختاروها على الآخرة.

١٠٨ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) :

(طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) عن فهم المواعظ.

(وَسَمْعِهِمْ) عن الاستماع لكلام الله تعالى.

٢١٢

(وَأَبْصارِهِمْ) عن النظر فى الآيات.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) عما يراد بهم.

١٠٩ ـ (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) :

(لا جَرَمَ) حقا.

١١٠ ـ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ) دلالة على تباعد حال هؤلاء من حال أولئك.

(مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) بالعذاب والإكراه على الكفر.

١١١ ـ (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) :

(يَوْمَ تَأْتِي) منصوب بقوله (رَحِيمٌ) أي انه غفور رحيم فى ذلك ، أو بإضمار : اذكر.

١١٢ ـ (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) :

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) أي جعل القرية التي هذه حالها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة ، فكفروا وتولوا ، فأنزل الله بهم نقمته.

(مُطْمَئِنَّةً) لا يزعجها خوف.

(رَغَداً) واسعا.

١١٣ ـ (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ) :

(وَهُمْ ظالِمُونَ) فى حال التباسهم بالظلم.

١١٤ ـ (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) :

٢١٣

(إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) أي تطيعون.

١١٥ ـ (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) وما ذبح لغير الله.

(فَمَنِ اضْطُرَّ) فمن ألجأته ضرورة الجوع الى تناول شىء مما حرمه الله.

(غَيْرَ باغٍ) غير طالب له.

(وَلا عادٍ) ولا متجاوز فى أكله حد إزالة الضرورة.

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لا يؤاخذه على ذلك.

١١٦ ـ (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) :

(وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) أي ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة.

١١٧ ـ (مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) :

أي منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم.

١١٨ ـ (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) :

(وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) أي اليهود.

(ما قَصَصْنا عَلَيْكَ) يعنى فى سورة الأنعام.

١١٩ ـ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(بِجَهالَةٍ) فى موضع الحال ، أي عملوا السوء جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه.

٢١٤

(مِنْ بَعْدِها) من بعد التوبة.

١٢٠ ـ (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) :

(كانَ أُمَّةً) أي انه كان أمة من الأمم لكماله فى جميع صفات الخير ، وقد تكون (أُمَّةً) بمعنى : مؤتم به.

١٢١ ـ (شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

(اجْتَباهُ) اختصه واصطفاه للنبوة.

(وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الى ملة الإسلام.

١٢٢ ـ (وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) :

(حَسَنَةً) تنويه الله بذكره فليس من أهل دين الا وهم يتولونه. وقيل : الأموال والأولاد.

(لَمِنَ الصَّالِحِينَ) لمن أهل الجنة.

١٢٣ ـ (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) :

(اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) فى العقائد دون الفروع أي فى التبرؤ من الأوثان والتزين بالإسلام.

١٢٤ ـ (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) :

(السَّبْتُ) أي تعظيم يوم السبت ، أي انما جعل وبال السبت.

(عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) واختلافهم فيه أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه تارة وكان الواجب أن يتفقوا فى تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه وتعظيمه.

(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) إذا كانوا جميعا محلين أو محرمين ، ويجازيهم جزاء اختلاف فعلهم فى كونهم محلين تارة ومحرمين تارة.

٢١٥

١٢٥ ـ (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) :

(إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) الى الإسلام.

(بِالْحِكْمَةِ) بالمقالة المحكمة الصحيحة.

(وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) وهى التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها.

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ) بهم ، فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل والنصيحة اليسيرة ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل.

١٢٦ ـ (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) :

سمى الفعل الأول باسم الثاني للمزاوجة. والمعنى : ان صنع بكم صنيع سوء من قتل أو نحوه فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه.

١٢٧ ـ (وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) :

(وَاصْبِرْ) أنت ، فعزم عليه بالصبر.

(وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) أي بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبك.

(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) على الكافرين.

(وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ) أي ولا يضيقن صدرك.

(مِمَّا يَمْكُرُونَ) من مكرهم.

١٢٨ ـ (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) :

(مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي هو ولى الذين اجتنبوا المعاصي.

(وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) أي وهو ولى الذين هم محسنون فى أعمالهم.

٢١٦

(١٧)

سورة الإسراء

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) :

(سُبْحانَ) علم للتسبيح ، وانتصابه بفعل مضمر متروك إظهاره ، تقديره : أسبح الله سبحان ، ثم نزل (سُبْحانَ) منزلة الفعل فسد مسده.

(أَسْرى) سرى.

(لَيْلاً) نصب على الظرف ، والتنكير لتقليل مدة الإسراء ، وأنه أسرى به فى بعض الليل من مكة الى الشام.

(الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) يريد بركات الدين والدنيا متعبد الأنبياء من وقت موسى.

(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(الْبَصِيرُ) بأفعاله.

٢ ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً) :

(وَكِيلاً) ربا تكلون اليه أموركم.

٣ ـ (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) :

(ذُرِّيَّةَ) يا ذرية من حملنا مع نوح.

وقد يجعل (وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا) مفعولى الفعل (تَتَّخِذُوا) ، أي لا تجعلوهم أربابا.

٤ ـ (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) :

٢١٧

(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وأوحينا إليهم وحيا مقضيا ، أي مقطوعا مثبوتا.

(فِي الْكِتابِ) فى التوراة.

(لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) بأنهم يفسدون فى الأرض لا محالة.

(مَرَّتَيْنِ) أولاهما قبل زكريا وحبس أرميا حين أنذرهم سخط الله ، والآخرة قتل يحيى بن زكريا ، وقصد قتل عيسى بن مريم.

(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) ويتعظمون ويبغون.

٥ ـ (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) :

(وَعْدُ أُولاهُما) أي وعد عقاب أولاهما.

(وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) أي وكان وعد العقاب وعدا لا بد أن يفعل.

٦ ـ (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) :

(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) أي الدولة والغلبة.

(عَلَيْهِمْ) على الذين بعثوا عليكم حين تبتم ورجعتم عن الفساد والعلو.

(أَكْثَرَ نَفِيراً) مما كنتم. والنفير : من ينفر مع الرجل من قومه.

٧ ـ (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) :

(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) أي الإحسان والاساءة كلاهما مختص بأنفسكم ، ولا يتعدى النفع والضر الى غيركم.

(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) وعد المرة الآخرة بعثناهم.

٢١٨

(لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) ليجعلوها بادية آثار المساءة والكآبة فيها.

(لِيَدْخُلُوا) أي بعثناهم ليدخلوا.

(وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) أي ليهلكوا كل شىء غلبوه واستولوا عليه.

٨ ـ (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) :

(عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) بعد المرة الثانية ان تبتم توبة أخرى.

(إِنْ عُدْتُمْ) مرة ثالثة.

(عُدْنا) الى عقوبتكم.

(حَصِيراً) محبسا.

٩ ـ (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) :

(لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) للحالة التي هى أقوم الحالات وأشدها.

١٠ ـ (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) :

(وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) عطف على قوله قبل (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) على معنى أنه بشر المؤمنين ببشارتين بثوابهم وبعقاب أعدائهم.

١١ ـ (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) :

(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) أي ويدعو الله عند غضبه بالشر على نفسه وأهله وماله كما يدعوه لهم بالخير.

(وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) يتسرع الى طلب كل ما يقع فى قلبه ويخطر بباله.

١٢ ـ (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً) :

٢١٩

(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) المراد أن الليل والنهار آيتان فى أنفسهما ، فتكون الاضافة فى : آية الليل وآية النهار ، للتبيين ، كاضافة العدد الى المعدود ، أي فمحونا الآية التي هى الليل وجعلنا الآية التي هى النهار ، مبصرة.

أو المراد : وجعلنا نيرى الليل والنهار آيتين ، يريد الشمس والقمر ، فمحونا آية الليل أي جعلنا الليل ممحو الضوء مطموسه مظلما ، وجعلنا النهار مبصرا ، أي تبصر فيه الأشياء وتستبان.

(وَلِتَعْلَمُوا) باختلاف الجديدين.

(وَالْحِسابَ) وجنس الحساب وما تحتاجون اليه منه.

(وَكُلَّ شَيْءٍ) مما تفتقرون اليه فى دينكم ودنياكم.

(فَصَّلْناهُ) بيناه بيانا غير ملتبس.

١٣ ـ (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) :

(طائِرَهُ) عمله.

١٤ ـ (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) :

(بِنَفْسِكَ) فاعل : كفى.

(حَسِيباً) تمييز ، وهو بمعنى : حاسب.

١٥ ـ (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) :

(وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) أي كل نفس حاملة أوزارا فانما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى.

(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) أي لم نترك الخلق سدى بل أرسلنا الرسل.

٢٢٠