الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(فَأَسَرَّها) فأضمرها.

(شَرٌّ مَكاناً) شر منزلة فى السرقة ، لسرقتكم أخاكم من أبيكم.

(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ) يعلم أنه لم يصح لى ولأخى السرقة ، وليس الأمر كما تصفون.

٧٨ ـ (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) :

(فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ) فخذه بدله.

(إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) إلينا فأتمم إحسانك.

٧٩ ـ (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) :

(مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ) نعوذ بالله معاذا من أن نأخذ ، فأضيف المصدر الى المفعول به وحذف (من).

(إِذاً) جواب لهم وجزاء ، لأن المعنى : ان أخذنا بدله ظلمنا.

٨٠ ـ (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) :

(اسْتَيْأَسُوا) يئسوا.

(خَلَصُوا) اعترفوا وانفردوا عن الناس خالصين لا يخالطهم سواهم.

(نَجِيًّا) ذوى نجوى ، أو نوجا نجيا ، أي مناجيا ، لمناجاة بعضهم بعضا.

(قالَ كَبِيرُهُمْ) فى السن.

١٤١

(ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) ما ، صلة ، أي ومن قبل هذا قصرتم فى شأن يوسف ولم تحفظوا عهد أبيكم.

أو مصدرية ، على أن محل المصدر الرفع على الابتداء وخبره الظرف ، وهو (مِنْ قَبْلُ).

أو النصب عطفا على مفعول (أَلَمْ تَعْلَمُوا) كأنه قيل ألم تعلموا أخذ أبيكم عليكم موثقا ، وتفريطكم من قبل فى يوسف.

(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) فلن أفارق أرض مصر.

(حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) فى الانصراف اليه.

(أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) بالخروج منها ، أو بالانتصاف ممن أخذ أخى ، أو بخلاصه منه بسبب من الأسباب.

(وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) لأنه لا يحكم أبدا الا بالعدل والحق.

٨١ ـ (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) :

(وَما شَهِدْنا) عليه بالسرقة.

(إِلَّا بِما عَلِمْنا) من السرقة وتيقناه ، لأن الصواع استخرج من وعائه ، ولا شىء أبين من هذا.

(وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) وما علمنا أنه سيسرق حين أعطيناك الموثق ، أو ما علمنا أنك تصاب به كما أصبت بيوسف.

٨٢ ـ (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) :

(الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) مصر ، أي أرسل الى أهلها فسلهم عن كنه القصة.

(وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) والقوم الذين أقبلنا معهم.

١٤٢

٨٣ ـ (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) :

(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) أردتموه.

(بِهِمْ جَمِيعاً) بيوسف وأخيه.

(إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ) بحالي من الحزن والأسف.

(الْحَكِيمُ) الذي لم يبتلنى بذلك الا لحكمة ومصلحة.

٨٤ ـ (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) :

(وَتَوَلَّى عَنْهُمْ) وأعرض عنهم كراهة لما جاءوا به.

(يا أَسَفى) أضاف الأسى الى نفسه وهو أشد الحزن والحسرة. والألف بدل من ياء الاضافة.

(وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ) أي عمى بصره.

(فَهُوَ كَظِيمٌ) مملوء من الغيظ على أولاده ، فعيل بمعنى مفعول.

٨٥ ـ (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) :

(تَفْتَؤُا) أي لا تفتأ ، فحذف حرف النفي لأنه لا يلتبس بالاثبات ، لأنه لو كان اثباتا لم يكن بد من اللام. ولا تفتأ : لا تزال.

(حَرَضاً) مشفيا على الهلاك مرضا.

٨٦ ـ (قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) :

(إِنَّما أَشْكُوا) انى لا أشكوا الى أحد منكم ومن غيركم ، انما أشكو الى ربى ، فخلونى وشكايتى.

١٤٣

(بَثِّي) البث : أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه ، فيبثه للناس ، أي ينشره.

(وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي أعلم من صنعه ورحمته ومن ظنى به أنه يأتينى بالفرج من حيث لا أحتسب.

٨٧ ـ (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) :

(فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) فتعرفوا منهما وتطلبوا خبرهما.

(مِنْ رَوْحِ اللهِ) من فرجه وتنفيسه.

٨٨ ـ (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) :

(الضُّرُّ) الهزال من الشدة والجوع.

(مُزْجاةٍ) مدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارا لها.

(فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) الذي هو حقنا.

(وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة أو زدنا على حقنا.

(إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) شاهد لذلك لذكر الله وجزائه.

٨٩ ـ (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) :

(إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) لا تعلمون قبح ما فعلتم.

٩٠ ـ (قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) :

(أَإِنَّكَ) على الاستفهام.

(مَنْ يَتَّقِ) من يخف الله وعقابه.

١٤٤

(وَيَصْبِرْ) عن المعاصي وعلى الطاعات.

(أَجْرَ) أي أجرهم ، فوضع (الْمُحْسِنِينَ) موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين.

٩١ ـ (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) :

(لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) لقد فضلك علينا بالتقوى والصبر وسيرة المحسنين.

(وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) وان شأننا وحالنا أنا كنا خاطئين متعمدين للاثم.

٩٢ ـ (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) :

(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ) لا تأنيب عليكم ولا عتب.

٩٣ ـ (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) :

(يَأْتِ بَصِيراً) يصير بصيرا.

٩٤ ـ (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) :

(فَصَلَتِ الْعِيرُ) خرجت من عريش مصر.

(لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) أي لو لا تفنيدكم إياي لصدقتمونى. والتفنيد : النسبة الى الفند وهو الخرف ، وانكار العقل من هرم.

٩٥ ـ (قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) :

(لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) لفى ذهابك عن الصواب قدما فى افراط محبتك ليوسف ولهجك بذكره ورجائك للقائه.

١٤٥

٩٦ ـ (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) :

(أَلْقاهُ) أي القميص.

(فَارْتَدَّ بَصِيراً) فرجع بصيرا.

(أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) يعنى قوله (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ).

(إِنِّي أَعْلَمُ) كلام مبتدأ لم يقع عليه القول.

٩٧ ـ (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) :

(قالُوا يا أَبانَا) فى الكلام حذف ، التقدير : فلما رجعوا من مصر قالوا يا أبانا.

٩٨ ـ (قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) :

(سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) عما فرط منكم.

٩٩ ـ (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) :

(آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ضمهم اليه واعتنقهما.

١٠٠ ـ (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) :

(وَخَرُّوا لَهُ) يعنى الاخوة الأحد عشر والأبوين.

(سُجَّداً) ساجدين.

(مِنَ الْبَدْوِ) من البادية.

(نَزَغَ) أفسد بيننا وأغرى.

١٤٦

(لَطِيفٌ لِما يَشاءُ) لطيف التدبير لأجله حتى يجيء على وجه الحكمة والصواب.

١٠١ ـ (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) :

(مِنَ الْمُلْكِ) من ، للتبعيض ، لأنه لم يعط الا بعض ملك الدنيا ، أو بعض ملك مصر.

(مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) من ، للتبعيض ، لأنه لم يعط الا بعض التأويل.

(أَنْتَ وَلِيِّي) أنت الذي تتولانى بالنعمة فى الدارين.

(تَوَفَّنِي مُسْلِماً) طلب للوفاة على حال الإسلام.

(وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) من آبائي ، أو على العموم.

١٠٢ ـ (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) :

(ذلِكَ) إشارة الى ما سبق من نبأ يوسف.

(نُوحِيهِ إِلَيْكَ) الخطاب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

(وَهُمْ يَمْكُرُونَ) بيوسف ويبغون له الغوائل.

١٠٣ ـ (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) :

(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) يريد العموم.

(وَلَوْ حَرَصْتَ) وتهالكت على ايمانهم.

١٠٤ ـ (وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) :

(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة من الله.

١٤٧

(لِلْعالَمِينَ) عامة.

١٠٥ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) :

(مِنْ آيَةٍ) من علامة ودلالة على الخالق.

(يَمُرُّونَ عَلَيْها) يشاهدونها.

(وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) لا يعتبرون بها.

١٠٦ ـ (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) :

(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) فى إقرارهم به وبأنه خلقهم وخلق السموات والأرض.

(إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) الا وهو مشرك بعبادته الوثن.

١٠٧ ـ (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) :

(غاشِيَةٌ) نقمة تغشاهم.

١٠٨ ـ (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) :

(هذِهِ سَبِيلِي) التي هى الدعوة الى الايمان والتوحيد.

(أَنَا) تأكيد للضمير المستتر فى قوله (أَدْعُوا).

(وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عطف عليه ، يريد أدعو إليها ، ويدعو إليها من ابتعنى.

(عَلى بَصِيرَةٍ) على يقين وحق.

١٠٩ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ) :

١٤٨

(إِلَّا رِجالاً) لا ملائكة.

(مِنْ أَهْلِ الْقُرى) لأنهم أعلم وأحلم.

(وَلَدارُ الْآخِرَةِ) ولدار الساعة ، أو الحال الآخرة.

(خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) للذين خافوا الله فلم يشركوا به ولم يعصوه.

١١٠ ـ (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) :

(حَتَّى) متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام ، كأنه قيل : وما أرسلنا من قبلك الا رجالا فتراخى نصرهم حتى استيأسوا عن النصر.

(وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) أي كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون.

(مَنْ نَشاءُ) المؤمنون ، لأنهم الذين يستأهلون أن يشاء نجاتهم.

١١١ ـ (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) :

(فِي قَصَصِهِمْ) الضمير للرسل.

(ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) أي ما كان القرآن حديثا يفترى.

(وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي قبله من الكتب السماوية.

وانتصاب ما نصب بعد. (وَلكِنْ) للعطف على خبر (كانَ).

(وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) يحتاج اليه فى الدين.

١٤٩

(١٣)

سورة الرعد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) :

(المر) هذه حروف صوتية تبدأ بها بعض سور القرآن وهى تشير إلى أنه معجز مع أنه مكون من الحروف التي تتكون منها كلمات العرب.

(تِلْكَ) إشارة الى آيات السورة.

(الْكِتابِ) أي السورة. أي تلك الآيات آيات السورة الكاملة العجيبة فى بابها.

(الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن كله.

(الْحَقُ) هو الحق الذي لا مزيد عليه ، الا هذه السورة وحدها.

٢ ـ (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) :

(اللهُ الَّذِي) الله ، مبتدأ ، والذي ، خبره. ويجوز أن يكون صفة. وقوله (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) خبر بعد خبر.

(رَفَعَ السَّماواتِ) كلام مستأنف ، استظهار برؤيتهم لها كذلك.

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) يدبر أمر ملكوته وربوبيته.

(يُفَصِّلُ الْآياتِ) فى كتبه المنزلة.

(لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) بأن هذا المدبر والمفصل لا بد لكم من الرجوع اليه.

٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِ

١٥٠

الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) :

(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) يلبسه مكانه ، فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا.

٤ ـ (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :

(قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة.

٥ ـ (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) :

(وَإِنْ تَعْجَبْ) يا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قولهم فى انكار البعث.

(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) المتمادون فى كفرهم.

(وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) وصف بالإصرار ، أو هو من جملة الوعيد.

٦ ـ (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) :

(بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) بالنقمة قبل العافية.

(وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) أي عقوبات أمثالهم من المكذبين.

(لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) أي مع ظلمهم أنفسهم بالذنوب.

٧ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) :

(لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) لم يعتدوا بالآيات المنزلة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنادا فاقترحوا نحو آيات موسى وعيسى.

١٥١

(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) من الأنبياء يهديهم الى الدين.

٨ ـ (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) :

(وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) من خداج وتمام.

٩ ـ (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) :

(الْكَبِيرُ) الذي كل شىء دونه.

(الْمُتَعالِ) المستعلى على كل شىء بقدرته.

١٠ ـ (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) :

(سارِبٌ) ذاهب فى سربه أي طريقه ووجهه.

١١ ـ (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) :

(لَهُ) مردود على (مِنْ) ، كأنه قيل لمن أسر ومن جهر ، ومن استخفى ومن سرب.

(مُعَقِّباتٌ) جماعات من الملائكة تعتقب فى حفظه وكلاءته.

(مِنْ والٍ) ممن يلى أمرهم ويدفع عنهم.

١٢ ـ (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) :

(خَوْفاً وَطَمَعاً) يخاف مما تحمله من صواعق ويطمع فيما تحمله من غيث.

١٣ ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) :

١٥٢

(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له ، أي يضجون بقولهم : سبحان الله.

(مِنْ خِيفَتِهِ) من هيبته وإجلاله.

(وَهُمْ) أي الذين كفروا وكذبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم آله وأنكروا آياته.

(يُجادِلُونَ فِي اللهِ) حيث ينكرون على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما يصفه به من القدرة على البعث.

(الْمِحالِ) المكر ، وهو من الله تعالى التدبير بالحق.

١٤ ـ (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) :

(دَعْوَةُ الْحَقِ) أي دعوة ملابسة للحق ، أو دعوة المدعو الحق الذي يسمع فيجيب.

(إِلَّا فِي ضَلالٍ) الا فى ضياع لا منفعة فيه.

١٥ ـ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) :

(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ) أي ينقادون لاحداث ما أراده فيهم من أفعاله.

(وَظِلالُهُمْ) أي وتنقاد له ظلالهم أيضا حيث تصرف على مشيئته فى الامتداد والتقلص والفيء والزوال.

١٦ ـ (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) :

(قُلِ اللهُ) حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم.

١٥٣

(قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أبعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء.

(لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) لا يستطيعون لأنفسهم أن ينفعوها أو يدفعوا عنها ضررا.

(أَمْ جَعَلُوا) بل اجعلوا ، ومعنى الهمزة الإنكار.

(خَلَقُوا) صفة لقوله (شُرَكاءَ) يعنى أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله.

(فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) فتشابه عليهم خلق الله وخلقهم.

(قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لا خالق غير الله.

(وَهُوَ الْواحِدُ) المتوحد بالربوبية.

(الْقَهَّارُ) لا يغالب ، وما عداه مربوب مقهور.

١٧ ـ (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) :

(بِقَدَرِها) بمقدارها الذي عرف الله أنه نافع عليهم غير ضار.

(أَوْ مَتاعٍ) عبارة جامعة لأنواع الفلز.

(زَبَدٌ مِثْلُهُ) الزبد : ما يعلو وجه الماء مما لا نفع فيه.

١٨ ـ (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) :

(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) اللام متعلقة بقوله (يَضْرِبُ) فى الآية السابقة.

(الْحُسْنى) صفة لمصدر الفعل (استجابوا) ، أي استجابوا الاستجابة الحسنى.

١٥٤

(لَوْ أَنَّ لَهُمْ) كلام مبتدأ فى ذكر ما أعد لغير المستجيبين.

(وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) مبتدأ ، خبره (لَوْ) مع ما فى حيزه.

(سُوءُ الْحِسابِ) المناقشة فيه. وقيل : أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر منه شىء.

١٩ ـ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) :

(أَفَمَنْ) الهمزة لانكار أن تقع شبهه بعد ما ضرب من المثل فى أن حال من علم (أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) فاستجاب ، بمعزل من حال الجاهل الذي لم يستبصر فيستجيب كبعد ما بين الزبد والماء والخبث والإبريز.

(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي الذين إذا عملوا على قضيات عقولهم فنظروا واستبصروا.

٢٠ ـ (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) :

(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) مبتدأ.

(وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ولا ينقضون كل ما وثقوه على أنفسهم من الإيمان بالله وغيره من المواثيق بينهم وبين الله وبين العباد.

٢١ ـ (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) :

(ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من الأرحام والقرابات.

(وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي ويخشون وعيده كله.

(وَيَخافُونَ) خصوصا :

(سُوءَ الْحِسابِ) فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.

٢٢ ـ (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا

١٥٥

مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) :

(صَبَرُوا) مطلق فيما يصبر عليه من المصائب فى النفوس والأموال ومشاق التكليف.

(مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الحلال ، لأن الحرام لا يكون رزقا ، ولا يسند الى الله.

(وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعون.

(عُقْبَى الدَّارِ) عاقبة الدنيا ، وهى الجنة.

٢٣ ـ (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) :

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) بدل من (عُقْبَى الدَّارِ).

٢٤ ـ (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) :

(سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فى موضع الحال ، لأن المعنى : قائلين سلام عليكم ، أو مسلمين.

٢٥ ـ (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) :

(مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) من بعد ما أوثقوه من الاعتراف والقبول.

(سُوءُ الدَّارِ) أي سوء عاقبة الدنيا. أو أن يكون المراد بالدار : جهنم ، وبسوئها : عذابها.

٢٦ ـ (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) :

(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) أي الله وحده هو يبسط الرزق ويقدره دون غيره.

(وَفَرِحُوا) بما بسط لهم من الدنيا.

٢٧ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) :

١٥٦

(أَنابَ) أقبل الى الحق.

٢٨ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) :

(الَّذِينَ آمَنُوا) بدل من قوله (مَنْ أَنابَ) :

(بِذِكْرِ اللهِ) بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته.

٢٩ ـ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) :

(الَّذِينَ آمَنُوا) مبتدأ.

(طُوبى لَهُمْ) خبره. وطوبى لهم ، أي أصابوا خيرا وطيبا. واللام فى (لهم) للبيان.

٣٠ ـ (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) :

(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ) مثل ذلك الإرسال أرسلناك.

(فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) أي أرسلناك فى أمة قد تقدمتها أمم كثيرة فهى آخر الأمم وأنت خاتم الأنبياء.

(لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) لتقرأ عليهم الكتاب الذي أوحينا إليك.

(وَهُمْ يَكْفُرُونَ) وحال هؤلاء أنهم يكفرون.

(بِالرَّحْمنِ) بالبليغ الرحمة الذي وسعت رحمته كل شىء.

(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فى نصرتى عليكم.

(وَإِلَيْهِ مَتابِ) فيثيبنى على مصابرتكم ومجاهدتكم.

٣١ ـ (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) :

١٥٧

(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) جوابه محذوف. والمعنى : لو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لكان هذا القرآن.

(قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ) شققت.

(بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) أي بل لله القدرة على كل شىء.

(أَفَلَمْ يَيْأَسِ) أفلم يعلم.

(قارِعَةٌ) داهية تقرعهم بما يحل الله بهم من البلايا.

(أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً) أي القارعة فيفزعون.

(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) وهو موتهم ، أو القيامة.

٣٢ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) :

(فَأَمْلَيْتُ) الاملاء : الامهال.

٣٣ ـ (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) :

(أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) احتجاج عليهم فى اشراكهم بالله.

(عَلى كُلِّ نَفْسٍ) صالحة أو طالحة.

(بِما كَسَبَتْ) يعلم خبره وشره ويعد لكل جزاءه.

(وَجَعَلُوا) له وهو الله الذي يستحق العبادة وحده.

(شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ) أي جعلتم له شركاء فسموهم له من هم ونبئوه بأسمائهم.

(أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) أم ، منقطعة. والمعنى : بل أتنبئونه بشركاء لا يعلمهم فى الأرض وهو العالم بما فى السموات والأرض فاذا لم يعلمهم علم أنهم ليسوا بشيء يتعلق به العلم.

١٥٨

والمراد نفى أن يكون له شركاء.

(مَكْرُهُمْ) كيدهم للاسلام بشركهم.

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) ومن يخذله لعلمه أنه لا يهتدى.

(فَما لَهُ مِنْ هادٍ) فما له من أحد يقدر على هدايته.

٣٤ ـ (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) :

(لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وهو ما ينالهم من قتل وأسر.

(وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) من حافظ من عذابه.

٣٥ ـ (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ) :

(مَثَلُ الْجَنَّةِ) صفتها التي هى غرابة المثل.

٣٦ ـ (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ) :

(إِلَيْهِ أَدْعُوا) لا أدعو الى غيره.

(وَإِلَيْهِ) لا الى غيره.

(مَآبِ) مرجعى.

٣٧ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) :

(وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) ومثل ذلك الانزال أنزلناه.

(حُكْماً عَرَبِيًّا) حكمة عربية ، وانتصابه على الحال.

٣٨ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) :

١٥٩

(وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) رد على ما كانوا يعيبون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به من الزواج والأولاد أي هذا شأن الرسل قبلك.

٣٩ ـ (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) :

(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) ينسخ ما يستصوب نسخه.

(وَيُثْبِتُ) بدله ما يرى المصلحة فى إثباته.

(وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أصل كل كتاب.

٤٠ ـ (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) :

وكيفما دارت الحال أريناك مصارعهم وما وعدناهم من إنزال العذاب عليهم ، وتوفيناك قبل ذلك ، فما يجب عليك الا تبليغ الرسالة فحسب ، وعلينا لا عليك حسابهم ، فلا تستعجل بعذابهم.

٤١ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) :

(لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) لا راد لحكمه.

٤٢ ـ (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) :

(فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) إذ أن من علم ما تكسب كل نفس ، وأعد لها جزاءها ، فهو المكر كله لأنه يأتى من حيث لا يعلمون ، وهم فى غفلة مما يراد بهم.

٤٣ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) :

(كَفى بِاللهِ شَهِيداً) لما أظهر من الأدلة على رسالتى.

(وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ومن عنده علم القرآن.

١٦٠