الموسوعة القرآنيّة - ج ٩

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ٩

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٤

١٧٠ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) :

(فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ) انتصابه بمضمر ، أي اقصدوا ، أو اثنوا خيرا لكم مما أنتم فيه من الكفر.

١٧١ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) :

(لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) غلت اليهود فى حط المسيح عن منزلته حيث جعلته مولودا لغير رشدة وغلت النصارى فى رفعه عن مقداره حيث جعلوه إلها.

(وَكَلِمَتُهُ) لأنه وجد بكلمة منه وأمر لا غير.

(أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) أوصلها إليها وحصلها فيها.

(ثَلاثَةٌ) خبر مبتدأ محذوف ، أي الآلهة ثلاثة ، أو لله ثلاثة أقانيم : أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم روح القدس ، ويريدون بأقنوم الأب : الذات ، وبأقنوم الابن : العلم ، وبأقنوم روح القدس : الحياة. ومدلول القرآن صريح فى أنهم يريدون بالثلاثة : الله ومريم والمسيح. يدل عليه قوله تعالى (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ).

(سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) سبحه تسبيحا من أن يكون له ولد.

(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) بيان لتنزهه عما نسب إليه. يعنى أن كل ما فيها خلقه وملكه ، فكيف يكون بعضه جزءا منه ، على أن الجزء إنما يصح فى الأجسام وهو متعال عن صفات الأجسام والأعراض.

٣٦١

(وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) يكل إليه الخلق كلهم أمورهم ، فهو الغنى عنهم وهم الفقراء إليه.

١٧٢ ـ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً) :

(لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ) لن يأنف المسيح ولن يذهب بنفسه عزة.

(وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) ولا من هو أعلى قدرا وأعظم منه خطرا وهم الملائكة الذين هم حول العرش.

١٧٣ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) :

(فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ) فيوفيهم ثواب أعمالهم.

(وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) إكراما وإنعاما.

(وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا) أنفوا أن يعبدوه.

(وَاسْتَكْبَرُوا) وترفعوا أن يشكروه.

(وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) لن يدفع عنهم العذاب معين ، ولا يمنعهم منهم نصير.

١٧٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) جميعا.

(قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ) قد جاءتكم الدلائل الواضحة على صدق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٣٦٢

(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) وأنزلنا إليكم على لسانه قرآنا كالنور ، يضيء الطريق ويهديكم إلى النجاة.

١٧٥ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) :

(وَاعْتَصَمُوا بِهِ) وتمسكوا بدينه.

(فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ) فسيدخلهم فى الآخرة جناته.

(وَفَضْلٍ) ويغمرهم بفيض رحمته ويشملهم بواسع فضله.

(وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) وسيوفقهم فى الدنيا إلى الثبات على صراطه المستقيم.

١٧٦ ـ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) :

(يسألونك) أيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(فِي الْكَلالَةِ) عن ميراث من مات ولا ولد له ولا والد.

(يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ) يبين الله لكم هذا البيان.

(أَنْ تَضِلُّوا) حتى لا تضلوا فى تقسيم الأنصباء.

(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) والله عالم بكل شىء من أعمالكم وأفعالكم ، ومجازيكم عليها.

٣٦٣

(٥)

سورة المائدة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) :

(بِالْعُقُودِ) العقود ، جمع عقد ، وهو العهد الموثق ، شبه بعقد الحبل. وهى عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف.

وقيل : هى ما يعقدون بينهم من عقود الأمانات ويتحالفون عليه ويتماسحون من المبايعات ونحوها.

(بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) البهيمة : كل ذات أربع ، وإضافتها إلى الأنعام للبيان وهى الإضافة التي بمعنى (من). والمعنى : البهيمة من الأنعام.

وبهيمة الأنعام : الأزواج الثمانية.

(إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلا ما حرم ما يتلى عليكم من القرآن ، وإلا ما يتلى عليكم آية تحريمه. وقيل : بهيمة الأنعام : الظباء ، وبقر الوحش ، ونحوها. كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم فى الاجترار وعدم الأنياب ، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه.

(غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) نصب على الحال من الضمير فى (لَكُمْ). أي أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد.

(وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) حال عن (مُحِلِّي الصَّيْدِ) كأنه قيل : أحللنا لكم بعض الأنعام فى حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا تحرج عليكم.

(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) من الأحكام ويعلم أنه حكمة ومصلحة.

٣٦٤

٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) :

(لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) الشعائر جمع شعيرة ، وهى اسم ما أشعر ، أي جعل شعارا وعلما للنسك من مواقف الحج ، ومرامى الجمار والمطاف ، والمسعى والأفعال التي هى علامات لحج يعرف بها ، من الإحرام ، والطواف ، والسعى ، والحلق ، والنحر.

(وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) الشهر الحرام : شهر الحج.

(وَلَا الْهَدْيَ) الهدى : ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى الله من النسك.

(وَلَا الْقَلائِدَ) القلائد ، جمع قلادة ، وهى ما قلد به الهدى من نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجر أو غيره.

والمراد ذوات القلائد من الهدى ، وهى البدن وتعطف على الهدى للاختصاص ، وزيادة التوصية بها لأنها أشرف الهدى. وقد يكون المراد النهى عن التعرض لقلائد الهدى مبالغة فى النهى عن التعرض للهدى ، على معنى : ولا تحلوا قلائدها فضلا عن أن تحلوها.

(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) ولا قاصدين المسجد الحرام ، وهم الحجاج والعمار. أي ولا تحلوا قوما قاصدين المسجد الحرام. وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها ، وأن يحدثوا فى أشهر الحج ما يصدون به الناس عن الحج ، وأن يتعرض الهدى بالغصب ، أو بالمنع من بلوغ محله.

(يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) وهو الثواب.

(وَرِضْواناً) وأن يرضى عنهم.

٣٦٥

أي لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم تعظيما واستنكارا أن يتعرض لمثلهم.

(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) إباحة للاصطياد بعد حظر. كأنه قيل : وإذا حللتم فلا جناح عليكم أن تصطادوا.

(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) لا يحملنكم.

(شَنَآنُ قَوْمٍ) بعض قوم.

(أَنْ صَدُّوكُمْ) بفتح الهمزة ، ويكون متعلقا بالشنئان. أي ولا يكسبنكم بغض قوم لأن صدوكم ولا يحملنكم عليه.

وقرئ (إن صدوكم) على (إن) شرطية.

(أَنْ تَعْتَدُوا) على الاعتداء عليهم.

(وَتَعاوَنُوا) وليتعاون بعضكم مع بعض.

(عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) على الخير وجميع الطاعات.

(عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) على المعاصي ومجاوزة حدود الله.

(وَاتَّقُوا اللهَ) واخشوا عقاب الله وبطشه.

(إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالفه.

٣ ـ (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ) حرم الله عليكم أيها المؤمنون.

(الْمَيْتَةُ) أكل لحم الميتة ، وهى ما فارقته الروح من غير ذبح شرعى.

٣٦٦

(وَالدَّمُ) وأكل الدم السائل.

(وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ) وما ذكر اسم غير الله عليه عند ذبحه.

(وَالْمُنْخَنِقَةُ) وما مات خنقا ، أو التي ضربت حتى ماتت.

(وَالْمَوْقُوذَةُ) التي أثخنوها ضربا بعصا أو حجر حتى ماتت.

(وَالْمُتَرَدِّيَةُ) أو ما سقط من علو فمات.

(وَالنَّطِيحَةُ) وما مات بسبب نطح غيره له.

(وَما أَكَلَ السَّبُعُ) وما مات بسبب أكل حيوان مفترس منه.

(إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) وأما ما أدركتموه وفيه حياة ، مما يحل لكم أكله ، وذبحتموه ، فهو حلال لكم بالذبح.

(وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) وحرم الله عليكم ما ذبح قربة للأصنام.

(وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) وحرم عليكم أن تطلبوا معرفة ما كتب فى الغيب بواسطة القرعة بالأقداح.

(ذلِكُمْ) أي تناولكم شيئا مما سبق تحريمه.

(فِسْقٌ) ذنب عظيم وخروج عن طاعة الله.

(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) من الآن انقطع رجاء الكفار فى القضاء على دينكم.

(فَلا تَخْشَوْهُمْ) فلا تخافوا أن يتغلبوا عليكم.

(وَاخْشَوْنِ) واتقوا مخالفة أو امرى.

(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) اليوم أكملت لكم أحكام دينكم.

(وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بإعزازكم وتثبيت أقدامكم.

(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) واخترت لكم الإسلام دينا.

(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) فمن ألجأته ضرورة جوع إلى تناول شىء من المحرمات السابقة ففعل لدفع الهلاك عن نفسه.

(غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) غير منحرف إلى المعصية.

٣٦٧

(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فإن الله يغفر للمضطر ما أكل دفعا للهلاك ، وهو رحيم به فيما أباح.

٤ ـ (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) :

(يَسْئَلُونَكَ) يسألك المؤمنون أيها الرسول.

(ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) من طعام وغيره.

(قُلْ) قل لهم.

(أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أحل الله لكم كل طيب تستطيبه النفوس السليمة.

(وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) وأحل لكم ما تصطاده الجوارح التي علمتموها الصيد بالتدريب.

(مُكَلِّبِينَ) على الحال من (عَلَّمْتُمْ) ، والمكلب : مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد لصاحبها.

(تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ) مستمدين ذلك مما علمكم الله.

(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) من صيدها الذي أرسلتموه إليه وأمسكنه عليكم.

(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) واذكروا اسم الله عند إرسالها.

(وَاتَّقُوا اللهَ) بالتزام ما شرع لكم ولا تتجاوزوه واحذروا مخالفة الله فيه.

٥ ـ (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) :

٣٦٨

(الْيَوْمَ) منذ نزول هذه الآية.

(أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أحل الله لكم كل طيب تستطيبه النفوس السليمة.

(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) وأحل لكم طعام أهل الكتاب وذبائحهم مما لم يرد نص بتحريمه.

(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) كما أحل لهم طعامكم.

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وأحل لكم زواج الحرائر العفائف من المؤمنات ومن أهل الكتاب.

(إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ) إذا أديتم لهن مهورهن قاصدين الزواج.

(غَيْرَ مُسافِحِينَ) غير مستبيحين العلاقات غير الشرعية علانية.

(وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) أو بطريق اتخاذ الخلائل.

(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) ومن يجحد الدين فقد ضاع ثواب عمله الذي كان يظن أنه قربى.

(وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) الهالكين.

٦ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) :

(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) إذا أردتم القيام إلى الصلاة ولم تكونوا متوضئين.

٣٦٩

(فَاغْسِلُوا) فتوضئوا بغسل وجوهكم وأيديكم مع المرافق ، وامسحوا برءوسكم كلها أو بعضها واغسلوا أرجلكم مع الكعبين.

(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) عند القيام إلى الصلاة بسبب ملامسة أزواجكم.

(فَاطَّهَّرُوا) بغسل أبدانكم بالماء.

(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) مرضا يمنع من استعمال الماء.

(أَوْ عَلى سَفَرٍ) أو كنتم مسافرين يتعسر عليكم وجود الماء.

(أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) أو عند رجوعكم من مكان قضاء الحاجة.

(أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) جامعتموهن.

(فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) فعليكم بالتيمم بالتراب الطهور.

(فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) بمسح وجوهكم وأيديكم به.

(ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ما يريد الله فيما أمركم به أن يضيق عليكم.

(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) ولكنه شرع ذلك لتطهيركم ظاهرا وباطنا.

(وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) بالهداية والبيان والتيسير.

(لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لتشكروا الله على هدايته وتمام نعمته بالمداومة على طاعته.

٧ ـ (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) :

(نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) بهدايتكم إلى الإسلام.

(وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ) وحافظوا على تنفيذ عهده الذي عاهدكم عليه.

٣٧٠

(إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) حين بايعتم رسوله على السمع والطاعة.

(وَاتَّقُوا اللهَ) بالمحافظة على هذه العهود.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فإنه سبحانه عليم بخفيات قلوبكم فمجازيكم عليها.

٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يا أيها المؤمنون.

(كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) حافظوا محافظة تامة على أداء حقوق الله.

(شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) وأدوا الشهادة بين الناس على وجهها الحق.

(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) ولا يحملنكم بغضكم الشديد لقوم على أن تجانبوا العدل معهم.

(اعْدِلُوا) بل التزموا العدل.

(هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) فهو أقرب سبيل إلى خشية الله والبعد عن غضبه.

(وَاتَّقُوا اللهَ) واخشوا الله فى كل أموركم.

(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فإنه سبحانه عليم بكل ما تفعلون ، ومجازيكم عليه.

٩ ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) :

(الَّذِينَ آمَنُوا) صدقوا بدينه.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وعملوا الأعمال الصالحة.

(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أن يعفو عن ذنوبهم.

٣٧١

(وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ويجزل لهم الثواب.

١٠ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) :

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) جحدوا دينه.

(وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) بآياته الدالة على وحدانيته ، وصدق رسالته.

(أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) فأولئك هم أهل جهنم المخلدون فيها.

١١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) :

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) يا أيها المؤمنون.

(اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) تذكروا نعمة الله عليكم فى وقت الشدة.

(إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) حين هم جماعة من المشركين أن يفتكوا بكم وبرسولكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) فمنع أذاهم عنكم ونجاكم منه.

(وَاتَّقُوا اللهَ) والزموا تقوى الله.

(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) واعتمدوا عليه وحده فى أموركم فهو كافيكم. وشأن المؤمن أن يكون اعتماده على الله وحده دائما.

والآية الكريمة تشير إلى ما كان من المشركين حين رأوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معا ، وذلك بعسفان فى غزوة ذى أنمار. فلما صلى المسلمون ندم المشركون أن كانوا أكبوا عليهم.

وقيل : إنها تشير إلى ما كان من بنى قريظة حين أتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه الشيخان وعلى رضى الله عنهم يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ يحسبهما مشركين ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، اجلس حتى نطعمك ونقرضك ، فأجلسوه فى صفة وهموا بالفتك به ، فجاء جبريل فأخبره ، فخرج.

٣٧٢

١٢ ـ (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) :

(وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) إن الله أخذ العهد على بنى إسرائيل بالسمع والطاعة.

(وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) فأقام عليهم اثنى عشر رئيسا منهم لتنفيذ العهد.

(وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ) ووعدهم الله وعدا مؤكدا بأن يكون معهم بالعون.

(لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) أن أدوا الصلاة على وجهها.

(وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) وآتوا الزكاة المفروضة عليهم.

(وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) وصدقوا برسله جميعا.

(وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) ونصروهم.

(وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) وأنفقوا فى سبيل الخير.

(لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) إذا ما فعلوا ذلك تجاوز عن ذنوبهم.

(وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) وأدخلهم جناته التي تجرى من تحتها الأنهار.

(فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ) فمن كفر ونقض العهد منهم بعد ذلك.

(فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) فقد حاد عن الطريق السوي المستقيم.

١٣ ـ (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) :

٣٧٣

(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) فبسبب نقض بنى إسرائيل عهودهم.

(لَعَنَّاهُمْ) استحقوا الطرد من رحمة الله.

(وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) وصارت قلوبهم صلبة لا تلين لقبول الحق.

(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) وأخذوا يصرفون كلام الله فى التوراة عن معناه إلى ما يوافق أهواءهم.

(وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) وتركوا نصيبا وافيا مما أمروا به فى التوراة.

(وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) وستظل أيها الرسول ترى منهم ألوانا من الغدر ونقض العهد.

(إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) إلا نفرا قليلا منهم آمنوا بك فلم يخونوا ولم يغدروا.

(فَاعْفُ عَنْهُمْ) فتجاوز أيها الرسول عما فرط من هؤلاء.

(وَاصْفَحْ) وأحسن إليهم.

١٤ ـ (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) :

(وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) بالإيمان بالإنجيل.

(أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ) العهد عليهم.

(فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) فتركوا نصيبا مما أمروا به فى الإنجيل.

(فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فعاقبهم الله على ذلك بإثارة العداوة والخصومة بينهم فصاروا فرقا متعادية إلى يوم القيامة.

(وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) وسوف يخبرهم الله يومئذ بما كانوا يعملون ويجازيهم عليه.

٣٧٤

١٥ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) :

(قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ) يظهر لكم كثيرا مما كنتم تكتمونه من التوراة والإنجيل.

(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ويدع كثيرا مما أخفيتموه لم تدع الحاجة إلى إظهاره.

(قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) قد جاءكم من عند الله شريعة كاملة هى نور فى ذاتها.

(وَكِتابٌ مُبِينٌ) يبينها كتاب واضح.

١٦ ـ (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) :

(يَهْدِي بِهِ اللهُ) يهدى الله بهذا الكتاب.

(مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) من اتجه إلى مرضاته.

(سُبُلَ السَّلامِ) إلى سبيل النجاة.

(وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) من ظلمات الكفر إلى الإيمان بتوفيقه.

(وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ويرشدهم إلى طريق الحق.

١٧ ـ (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) الذين زعموا باطلا أن الله هو المسيح ابن مريم.

٣٧٥

(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) فقل أيها الرسول لهؤلاء المجترئين على مقام الألوهية : لا يستطيع أحد منكم أن يمنع مشيئة الله إن أراد أن يهلك عيسى وأمه.

(وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ويهلك جميع من فى الأرض.

(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) فإن لله وحده ملك السماوات والأرض وما بينهما.

(يَخْلُقُ ما يَشاءُ) على أي مثال أراد.

(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والله عظيم القدرة لا يعجزه شىء.

١٨ ـ (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) :

(نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) إننا المفضلون لأننا أبناء الله والمحببون إليه.

(قُلْ) فقل لهم أيها الرسول.

(فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) فلما ذا يعذبكم بذنوبكم ويصليكم نار جهنم.

(بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) لقد كذبتم لأنكم كسائر البشر مخلوقون ومحاسبون على أعمالكم.

(يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) وبيد الله وحده المغفرة لمن يشاء أن يغفر له ، والعذاب لمن شاء أن يعذبه.

(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإن لله ملك السماوات والأرض وما بينهما.

(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) وإليه المنتهى.

١٩ ـ (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :

٣٧٦

(قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) قد جاءتكم رسالة رسولنا الذي يظهر لكم الحق.

(عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) بعد إذ توقفت الرسالات فترة من الزمن.

(أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) حتى لا تعتذروا عن كفركم بأن الله لم يبعث إليكم مبشرا ولا منذرا.

(فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) ها هو ذا قد أتاكم بشير ونذير.

(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والله هو القادر على كل أمر ، ومنه إنزال الرسالات ومحاسبكم على ما كان منكم.

٢٠ ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) :

(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) أي واذكر أيها الرسول حينما قال موسى لقومه.

(يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) اذكروا بالشكر والطاعة نعم الله عليكم.

(إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) حيث اختار منكم أنبياء كثيرين.

(وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) وجعلكم أعزة كالملوك بعد أن كنتم أذلة فى مملكة فرعون.

(وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) ومنحكم من النعم الأخرى ما لم يؤت أحدا غيركم من العالمين.

٢١ ـ (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) :

(ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) وهى بيت المقدس. وقيل : فلسطين.

(الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) التي قدر الله عليكم دخولها.

٣٧٧

(وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ) ولا تتراجعوا أمام أهلها الجبارين.

(فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) فتعودوا خاسرين نصر الله ورضوانه.

٢٢ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ) :

(إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ) إن فى هذه الأرض جبابرة لا طاقة لنا بهم.

٢٣ ـ (قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) :

(مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) من الذين يخشون الله.

(أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) بالإيمان والطاعة.

(ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) مفاجئين.

(فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ) فإذا فعلتم ذلك.

(فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ) فإنكم منتصرون عليهم.

(وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وتوكلوا على الله وحده فى كل أموركم إن كنتم صادقى الإيمان.

٢٤ ـ (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) :

(لَنْ نَدْخُلَها) نفى لدخولهم فى المستقبل على وجه التأكيد المؤيس.

(أَبَداً) تعليق للنفى المؤكد بالدهر المتطاول.

(ما دامُوا فِيها) بيان للأبد.

(فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) استهانة بالله ورسوله وقلة مبالاة بهما.

٢٥ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) :

٣٧٨

(قالَ رَبِ) فزع موسى إلى ربه قائلا :

(إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) لا سلطان لى إلا على نفسى وأخى.

(فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) فاقض بعدلك بيننا ، وبين هؤلاء المعاندين.

٢٦ ـ (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) :

(فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) حرم على هؤلاء المخالفين دخول هذه الأرض طيلة أربعين سنة.

(يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) يضلون فى الصحراء لا يهتدون إلى جهة.

(فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) لا تحزن على ما أصابهم فإنهم فاسقون خارجون عن أمر الله.

٢٧ ـ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) :

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) اقرأ أيها النبي على اليهود.

(نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ) خبر هابيل وقابيل ابني آدم.

(بِالْحَقِ) وأنت صادق.

(إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) حين تقرب كل منهما إلى الله بشيء.

(فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) فتقبل الله قربان أحدهما لإخلاصه.

(وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) ولم يتقبل من الآخر لعدم إخلاصه.

(قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) فحسد أخاه وتوعده بالقتل حقدا عليه.

(قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) فرد عليه أخوه مبينا له أن الله لا يتقبل العمل إلا من الأتقياء المخلصين فى تقربهم.

٣٧٩

٢٨ ـ (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) :

(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي) لئن أغواك الشيطان فمددت يدك نحوى لتقتلنى.

(ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) فلن أعاملك بالمثل ولن أمد يدى إليك لأقتلك.

(إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) لأنى أخاف عذاب ربى ، وهو رب العالمين.

٢٩ ـ (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) :

(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) لتحمل ذنب قتلك لى مع ذنبك فى عدم إخلاصك لله من قبل.

٣٠ ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ) :

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) فسهلت له نفسه أن يخالف الفطرة وأن يقتل أخاه.

٣١ ـ (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) :

(يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) ينبش تراب الأرض ليدفن غرابا ميتا.

(سَوْأَةَ أَخِيهِ) جثة أخيه.

٣٢ ـ (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) :

٣٨٠