بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٦

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٦

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٨

١٤ ـ بصيرة

فى ذكر موسى عليه‌السلام

وموسى اسم معرّب أصله موشا ، ومو بالعبريّة الماء ، وشا الشّجر ، سمّى به لأنّه وجد فى الماء والشجر الذى كان حول قصر فرعون فى عين الشمس ، وهى موضع معروف بمصر لا ينبت شجر البلسان إلّا فيه. قيل : سئل النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما بال الله أكثر ذكر موسى فى القرآن؟ فقال : لأنّ الله يحبّه ، ومن أحبّ شيئا أكثر ذكره. قال كعب : سمع موسى كلام الله يوم الطّور غير ما سمعه قبل ذلك ، فقال موسى : يا ربّ وكيف هذا؟ قال الله تعالى : إنما كلّمتك على قدر طاقتك ، ولو كلّمتك أشدّ من هذا لذبت.

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن بخمسين اسما تصريحا وتعريضا ، هادى : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(١) ، داعى : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(٢) ، ناجى : (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ)(٣) ، ساقى : (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى)(٤) ، ناسى : (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ)(٥) ، صادق : (وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ)(٦) ، صاعق : (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)(٧) ، مصطفى : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ)(٨) ، شاكر : (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)(٩) ، صابر : (إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً)(١٠) ، آمر : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها)(١١) ، غضبان وأسف : (إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً)(١٢) ، مذكور : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى)(١٣) ، مخلص : (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً)(١٤) ، رسول ونبىّ : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا)(١٥) ، منادى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ)(١٦) ، مقرّب ونجىّ : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا)(١٧) ، مختار : (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ)(١٨) ، مستمع : (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى)(١٩) ، مسبّح : (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً)(٢٠)

__________________

(١) الآية ٧ سورة الرعد.

(٢) الآية ٦٨ سورة البقرة.

(٣) الآية ٦٥ سورة الشعراء.

(٤) الآية ٦٠ سورة البقرة.

(٥) الآية ٧٣ سورة الكهف.

(٦) الآية ٢٨ سورة غافر.

(٧) الآية ١٤٣ سورة الأعراف.

(٨) الآية ١٤٤ سورة الأعراف.

(٩) الآية ١٤٤ سورة الأعراف.

(١٠) الآية ٦٩ سورة الكهف.

(١١) الآية ١٤٥ سورة الأعراف.

(١٢) الآية ١٥٠ سورة الأعراف.

(١٣) الآية ٥١ سورة مريم.

(١٤) الآية ٥١ سورة مريم.

(١٥) الآية ٥١ سورة مريم

(١٦) الآية ٥٢ سورة مريم.

(١٧) الآية ٥٢ سورة مريم.

(١٨) الآية ١٣ سورة طه.

(١٩) الآية ١٣ سورة طه.

(٢٠) الآية ٣٣ سورة طه.

٦١

محبوب : (عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)(١) ، مصطنع الحقّ : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)(٢) ، قرّة عين : (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ)(٣) ، (كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها)(٤) ، أعلى : (لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى)(٥) ، كبير : (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ)(٦) ، مستعجل : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى)(٧) ، رسول كريم : (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ)(٨) ، مرسل : (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٩) ، وليد : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً)(١٠) ، لابث : (فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ)(١١) ، مبرّأ : (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا / قالُوا)(١٢) ، مبارك : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ)(١٣) ، وجيه : (وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً)(١٤) ، بالغ : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ)(١٥) ، ظهير : (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ)(١٦) ، خائف : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً)(١٧) ، فقير : (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)(١٨) ، قوىّ وأمين : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)(١٩) ، أجير : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ)(٢٠) ، قاضى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ)(٢١) ، مقبل : (أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ)(٢٢) ، آمن : (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ)(٢٣) ، منصور : (وَنَصَرْناهُمْ)(٢٤) ، غالب : (فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ)(٢٥) ، مهدىّ : (وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٢٦) ، محسن : (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(٢٧) ، مؤمن : (إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)(٢٨) ، رجل : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً)(٢٩).

وذكره الله تعالى فى القرآن باسمه فى مائة وثلاثين (٣٠) موضعا ، منها : (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى)(٣١) ، (آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)(٣٢) ، (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى)(٣٣) ، (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ)(٣٤) ،

__________________

(١) الآية ٣٩ سورة طه.

(٢) الآية ٤١ سورة طه.

(٣) الآية ٩ سورة القصص.

(٤) الآية ٤٠ سورة طه.

(٥) الآية ٦٨ سورة طه.

(٦) الآيتان ٧١ سورة طه و ٤٩ سورة الشعراء.

(٧) الآية ٨٤ سورة طه.

(٨) الآية ١٧ سورة الدخان.

(٩) الآية ٧ سورة القصص.

(١٠) الآية ١٨ سورة الشعراء.

(١١) الآية ٤٠ سورة طه.

(١٢) الآية ٦٩ سورة الأحزاب.

(١٣) الآية ٨ سورة النمل.

(١٤) الآية ٦٩ سورة الأحزاب.

(١٥) الآية ١٤ سورة القصص.

(١٦) الآية ١٧ سورة القصص.

(١٧) الآية ٢١ سورة القصص.

(١٨) الآية ٢٤ سورة القصص.

(١٩) الآية ٢٦ سورة القصص.

(٢٠) الآية ٢٧ سورة القصص.

(٢١) الآية ٢٩ سورة القصص.

(٢٢) الآية ٣١ سورة القصص.

(٢٣) الآية ٣١ سورة القصص.

(٢٤) الآية ١١٦ سورة الصافات.

(٢٥) الآية ١٦ سورة الصافات.

(٢٦) الآية ١١٨ سورة الصافات.

(٢٧) الآية ١٢١ سورة الصافات.

(٢٨) الآية ١٢٢ سورة الصافات.

(٢٩) الآية ٢٨ سورة غافر.

(٣٠) فى المعجم المفهرس ١٣٦.

(٣١) الآية ٥١ سورة البقرة.

(٣٢) الآية ٥٣ سورة البقرة.

(٣٣) الآية ٧٥ سورة يونس.

(٣٤) الآية ١٠٤ سورة الأعراف.

٦٢

(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ)(١) ، (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ)(٢) ، (أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ)(٣) ، (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ)(٤) ، (يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(٥) ، (يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً)(٦) ، (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي)(٧) ، (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا)(٨) ، (وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)(٩) ، (يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ)(١٠) ، (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى) إلى قوله : (جَسَداً لَهُ خُوارٌ)(١١) ، (رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ)(١٢) ، (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ)(١٣) ، (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ)(١٤) ، (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ)(١٥) ، (قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا)(١٦) ، (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ)(١٧) ، (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ) إلى قوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ)(١٨) ، (وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)(١٩) ، (آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ)(٢٠) ، (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً)(٢١) ، (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ)(٢٢) ، (قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ)(٢٣) ، (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى)(٢٤) ، (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى)(٢٥) ، (نُودِيَ يا مُوسى)(٢٦) ، (أَلْقِها يا مُوسى)(٢٧) ، (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)(٢٨) ، (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)(٢٩) ، (جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى)(٣٠) ، (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى)(٣١)(قالَ لَهُمْ مُوسى)(٣٢) ، (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ)(٣٣) ، (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)(٣٤) ، (آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى)(٣٥) ، (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي)(٣٦) ، (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى)(٣٧) ، (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى)(٣٨) ، (وَأَنْجَيْنا

__________________

(١) الآية ١١٧ سورة الأعراف.

(٢) الآية ٤٨ سورة الشعراء.

(٣) الآية ١٢٧ سورة الأعراف.

(٤) الآية ١٣١ سورة الأعراف.

(٥) الآية ١٣٤ سورة الأعراف.

(٦) الآية ١٣٨ سورة الأعراف.

(٧) الآية ١٤٢ سورة الأعراف.

(٨) الآية ١٤٣ سورة الأعراف.

(٩) الآية ١٤٣ سورة الأعراف.

(١٠) الآية ١٤٤ سورة الأعراف.

(١١) الآية ١٤٨ سورة الأعراف.

(١٢) الآية ١٥٠ سورة الأعراف.

(١٣) الآية ١٥٤ سورة الأعراف.

(١٤) الآية ١٥٥ سورة الأعراف.

(١٥) الآية ١٥٩ سورة الأعراف.

(١٦) الآية ٨٠ سورة يونس.

(١٧) الآية ٨٣ سورة يونس.

(١٨) الآية ٨٨ سورة يونس.

(١٩) الآية ٣٨ سورة الذاريات.

(٢٠) الآية ١٠١ سورة الإسراء.

(٢١) الآية ١٠١ سورة الإسراء.

(٢٢) الآية ٦٠ سورة الكهف.

(٢٣) الآية ٦٦ سورة الكهف.

(٢٤) الآية ٥١ سورة مريم.

(٢٥) الآية ٩ سورة طه.

(٢٦) الآية ١١ سورة طه.

(٢٧) الآية ١٩ سورة طه.

(٢٨) الآية ١٧ سورة طه.

(٢٩) الآية ٣٦ سورة طه.

(٣٠) الآية ٤٠ سورة طه.

(٣١) الآية ٤٠ سورة طه.

(٣٢) الآية ٦١ سورة طه.

(٣٣) الآية ٦٥ سورة طه.

(٣٤) الآية ٦٧ سورة طه.

(٣٥) الآية ٧٠ سورة طه.

(٣٦) الآية ٧٧ سورة طه.

(٣٧) الآية ٨٣ سورة طه.

(٣٨) الآية ٨٨ سورة طه.

٦٣

مُوسى)(١) ، (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى)(٢) ، (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى)(٣) ، (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى)(٤) ، (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(٥) ، (قالَ لَهُ مُوسى)(٦) ، (قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ)(٧) ، (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ)(٨) ، (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ)(٩) ، (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ)(١٠) ، (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى)(١١) ، (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ)(١٢) ، (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ)(١٣) ، (وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(١٤) ، (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً)(١٥) ، (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى)(١٦) ، (صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى)(١٧) ، (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى)(١٨).

قيل لمّا سأل موسى الرّؤية أتاه من كلّ سماء سبعون ألف ملك ، وبيد كلّ واحد شعلة نار ، ويقولون يا ابن النّساء الحيّض ، أتطمع فى رؤية ربّ العزّة؟! وقال السّدّىّ لمّا قال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)(١٩) أحفّ الله الطور نيرانا ، وأحفّ النيران ملائكة ، وأحفّ الملائكة بالبرق ، والبرق بالظلمة ، والظّلمة بالزلزلة ، ونودى لن ترانى.

وقال وهب وابن إسحاق : لمّا سأل موسى الرّؤية أرسل الله تعالى الضّباب / والصّواعق والظّلمة والرّعد والبرق وأحاطت بالجبل الذى عليه موسى أربعة فراسخ من كلّ جانب ، وأمر الله تعالى ملائكة السّماوات أن يعرضوا عليه ، فمرّت به ملائكة السّماء الدّنيا كثيران البقر (٢٠) تتابع أفواههم التسبيح والتّقديس بأصوات عظيمة كصوت الرّعد الشديد ، ثم أمر الله تعالى ملائكة السّماء الثانية أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه ، فهبطوا عليه أمثال الأسود لهم لجب بالتّسبيح والتّقديس ، ففزع العبد (٢١) الضّعيف ممّا رأى وسمع ، واقشعرّت كلّ شعرة

__________________

(١) الآية ٦٥ سورة الشعراء.

(٢) الآية ٣ سورة القصص.

(٣) الآية ٧ سورة القصص.

(٤) الآية ١٠ سورة القصص.

(٥) الآية ١٥ سورة القصص.

(٦) الآية ١٨ سورة القصص.

(٧) الآية ٢٠ سورة القصص.

(٨) الآية ٢٩ سورة القصص.

(٩) الآية ٣٠ سورة القصص.

(١٠) الآية ٣١ سورة القصص.

(١١) الآية ٧ سورة الأحزاب.

(١٢) الآية ١١٤ سورة الصافات.

(١٣) الآية ٤٥ سورة فصلت.

(١٤) الآية ١٣ سورة الشورى.

(١٥) الآية ١٢ سورة الأحقاف.

(١٦) الآية ١٥ سورة النازعات.

(١٧) الآية ١٩ سورة الأعلى.

(١٨) الآية ٣٦ سورة النجم.

(١٩) الآية ١٤٣ سورة الأعراف.

(٢٠) عن قصص الأنبياء للثعلبى / ١٩٣ (ط. الشرفية) وفى النسختين : أن النفر يتبع أفواههم.

(٢١) فى قصص الأنبياء : ففزع موسى.

٦٤

فى رأسه وجسده ، ثم قال : لقد ندمت على مسألتى ، فهل ينجينى من مكانى الّذى أنا فيه شيء؟ فقال له خير الملائكة ورئيسهم : يا موسى اصبر لما سألت ، فقليل من كثير ما رأيت. ثمّ أمر الله تعالى ملائكة السّماء الثّالثة ، أن اهبطوا على موسى واعترضوا عليه فهبطوا أمثال النّسور لهم قصف (١) ورجف ولجب شديد ، وأفواههم تتابع التسبيح والتقديس كجلب الجيش العظيم ، ألوانهم كلهب النّار ، ففزع موسى واشتدّ نفسه وأيس من الحياة ، فقال له خير الملائكة : مكانك يا ابن عمران حتى ترى ما لا تصبر عليه. ثمّ أمر الله تعالى ملائكة السّماء الرّابعة أن اهبطوا على موسى فاعترضوا عليه ، فهبطوا وكان لا يشبههم شيء من الذين مرّوا به قبلهم ، ألوانهم كلهب النار وسائر خلقهم كالثلج الأبيض ، أصواتهم عالية بالتسبيح والتّقديس ، لا يقاربهم شيء من أصوات الّذين مرّوا به قبلهم ، فاصطكت ركبتاه وأرعد قلبه ، واشتدّ بكاؤه ، فقال له خير الملائكة ورأسهم : يا بن عمران اصبر لما سألت ، فقليل من كثير ما رأيت. ثمّ أمر الله تعالى ملائكة السّماء الخامسة أن اهبطوا فاعترضوا على موسى ، فهبطوا عليه لهم سبعة ألوان فلم يستطع موسى أن يتبعهم بصره ، لم ير مثلهم ولم يسمع مثل أصواتهم ، فامتلأ جوفه خوفا ، واشتدّ حزنه وكثر بكاؤه ، فقال له خير الملائكة ورأسهم : يا بن عمران اصبر حتى ترى بعض ما لا تصبر عليه ، ثمّ أمر الله تعالى ملائكة السّماء السّادسة أن اهبطوا على عبدى الّذى طلب يرانى (٢) فاعترضوا عليه ، فهبطوا عليه فى يد كلّ ملك منهم مثل النّخلة (٣) الطّويلة نارا أشدّ ضوءا من الشمس ولباسهم كلهب النار ، إذا سبحوا وقدّسوا جاوبهم (٤) من كان قبلهم من ملائكة السّماوات كلّهم يقولون بشدّة أصواتهم سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح ، ربّ العزّة أبدا لا يموت ، فى رأس كلّ ملك منهم أربعة أوجه. فلمّا رآهم موسى ، رفع صوته يسبّح معهم حين سبّحوا وهو يبكى ويقول : ربّ اذكرنى ولا تنس عبدك ، لا أدرى أنفلت ممّا أنا فيه أم لا؟ إن خرجت احترقت ، وإن مكثت متّ! فقال له خير الملائكة ورأسهم : اسكت يا بن عمران : [أوشك](٥) أن يشتدّ خوفك وينخلع قلبك فاصبر

__________________

(١) فى النسختين : وصف ، وما أثبت من قصص الأنبياء للثعلبى.

(٢) فى قصص الأنبياء : الذى أراد رؤيتى.

(٣) فى قصص الأنبياء : حربة طويلة تلتهب نارا.

(٤) فى النسختين : خاولهم ، وما أثبت من قصص الأنبياء.

(٥) تكملة من قصص الأنبياء.

٦٥

للذى سألت. ثم أمر الله تعالى أن يحمل عرشه فى ملائكة السّماء السّابعة ، فلمّا بدا نور العزّة انفرج الجبل من عظمة الربّ تعالى ، ورفعت ملائكة السماوات أصواتهم جميعا يقولون : سبحان الملك القدّوس ربّ العزّة أبدا لا يموت ، بشدّة أصواتهم ، فارتجّ الجبل ، واندكّ. كلّ شجرة كانت فيه / وخرّ العبد الضّعيف موسى صعقا على وجهه وليس معه روحه ، فأرسل الله تعالى برحمته الرّوح فتغشّاه ، وقلب عليه الحجر الّذى كان عليه موسى وجعله كهيئة القبّة لئلّا يحترق موسى ، فأقامه الرّوح مثل الأمّ ، فقام موسى يسبّح الله تعالى ويقول : بك آمنت ربّى وصدّقت أنّه لا يراك أحد فيحيا ، ومن نظر إلى ملائكتك انخلع قلبه ، فما أعظمك وأعظم ملائكتك ، أنت ربّ الأرباب وإله الآلهة ، وملك الملوك ، لا يعدلك شيء ، ولا يقوم لك شيء ، ربّ تبت إليك ، الحمد لك لا شريك لك ، ما أعظمك وما أجلّك ربّ العالمين. أنشد بعض الأدباء :

للحبّ نور منوّر

فى عرصة الجنان

للذّكر حسن أنس

ينسى جنى الجنان

الحبّ فى كمال

والحبّ فى جمال

أضحى أخا كلال

عن وصفه لسانى

الشّوق فى التهاب

والدّمع فى انسكاب

السرّ فى اضطراب

ينبو عن البيان

فيهم لقيت كربا

حتّى انتشيت شربا

ثمّ اشتهيت قربا

من سكر اعترانى

ناديت يا حبيبى

ارحم علا نحيبى

اسمع من الغريب

انظر إلى المهان

بادر إلىّ عطفا

اصبب لدىّ لطفا

وامنن علىّ كشفا

فى مجلس التّدانى

نوديت يا ابن آدم

نسيت علم عالم

يا سيّدى إلى كم

من قهر لن ترانى

٦٦

١٥ ـ بصيرة

فى ذكر هارون عليه‌السلام

وهارون (١) اسم أعجمىّ غير منصرف ، وقيل : معرّب (٢) أرون ، والأرن : النّشاط ، سمّى به لنشاطه بالطّاعة ، ثم قيل : هارون ، كما قالوا فى إيّاك هيّاك (٣) ، وفى إبريّة (٤) هبريّة.

وقد سمّاه الله تعالى فى التنزيل بعشرة أسماء تصريحا وتعريضا : وزير (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ)(٥) ، أخ : (اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي)(٦) ، رسول : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ)(٧) مرسل : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ)(٨) ، نبىّ : (أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)(٩) ، ردء : (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً)(١٠) ، أفصح : (هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً)(١١) ، مصدّق : (يُصَدِّقُنِي)(١٢) ، خليفة : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)(١٣).

وهارون اسمه العلم ، وقد ذكره الله تعالى بهذا الاسم فى مواضع من التنزيل : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ)(١٤) ، (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ)(١٥) ، (لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)(١٦) ، (هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً)(١٧) ، (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ)(١٨) ، (أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا)(١٩) ، (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً)(٢٠) ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلىّ رضى الله عنه «يا علىّ أنت منّى بمنزلة هارون من موسى» (٢١).

__________________

(١) هو هارون بن عمران بن قاهث أخو موسى عليهما‌السلام وكان من ولده يحيى وإلياس واليسع والعزير عليهم‌السلام (تاج.

(٢) قال الأزهرى : هارون معرب لا اشتقاق له فى العربية (تاج.

(٣) فى ا ، ب : هناك.

(٤) الإبرية والهبرية : ما طار من الزغب الرقيق من القطن.

(٥) الآية ٣٠ سورة طه.

(٦) الآية ١٥١ سورة الأعراف.

(٧) الآية ٤٧ سورة طه

(٨) الآية ١٣ سورة الشعراء.

(٩) الآية ٥٣ سورة مريم.

(١٠) الآية ٣٤ سورة القصص.

(١١) الآية ٣٤ سورة القصص.

(١٢) الآية ٣٤ سورة القصص.

(١٣) الآية ١٤٢ سورة الأعراف.

(١٤) الآية ٤٨ سورة الأنبياء.

(١٥) الآية ١٢٢ سورة الأعراف.

(١٦) الآية ١٤٢ سورة الأعراف.

(١٧) الآية ٣٤ سورة القصص.

(١٨) الآية ١٣ سورة الشعراء.

(١٩) الآية ٥٣ سورة مريم.

(٢٠) الآية ٣٥ سورة الفرقان.

(٢١) أخرجه مسلم والترمذى عن سعد ، والترمذى أيضا عن جابر (الفتح الكبير.

٦٧

وقال الثّعلبىّ : كان هارون فصيح اللسان بيّن الكلام ، وكان أطول من موسى ، وتوفّى قبل موسى.

وقد ورد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ موسى دفن أخاه هارون عليهما‌السلام فى شعب أحد. أخرجه الإمام ابن عساكر.

وفى حديث الإسراء من تاريخ دمشق عن أبى سعيد الخدرىّ عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثم صعدت إلى السّماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته أبيض ونصفها أسود ، تكاد لحيته تضرب سرّته من طولها ، قلت يا جبرائيل من هذا؟ قال : هذا المحبّب فى قومه ، هذا هارون بن عمران». وفى الصّحيحين : «فإذا بهارون فرحّب ودعا لى بخير».

٦٨

١٦ ـ بصيرة

فى فرعون عدو الله

وفرعون اسم أعجمىّ ممنوع من الصّرف ، والجمع فراعنة كقياصرة وأكاسرة / وهو اسم لكلّ من ملك مصر ، فإذا أضيفت إليها الاسكندريّة سمّى عزيزا.

واختلف فى اسمه ، فقيل : مصعب (١) بن الوليد ، وقيل ريّان بن الوليد ، وقيل الوليد ابن ريّان. وكان أصله من خراسان من مدينة بسورمان (٢) ، وقيل من قرية مجهولة تسمّى نوشخ (٣). ولما قعد على سرير الملك قال : أين عجائز نوشخ (٤).

وقد صدر منه ما لم يصدر من أحد من الكفّار والمتمرّدين ، ولا من قائدهم إبليس ، منها : إنكار العبوديّة ودعوى الرّبوبيّة بقوله : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)(٥) ، (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي)(٦) ، ومنها : نكال زوجته وقتلها أشدّ قتلة بسبب إيمانها بالله ؛ ومنها : جمع السحرة لمعارضة الأنبياء.

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن بأسماء تشعر (٧) بخذلانه وذلّه وخزيه ، منها : المكذّب والعاصى : (فَكَذَّبَ وَعَصى)(٨) ، مدبر وساعى : (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى)(٩) ، حاشر ، ومنادى : (فَحَشَرَ فَنادى)(١٠) ، مدّعى ومعتدى : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى)(١١) ، مستعلى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا)(١٢) مفسد : (وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)(١٣) ، مجرم : (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ)(١٤) ، مسرف : (وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ)(١٥) ، كيّاد : (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ)(١٦) ، مكّار : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا)(١٧) ، متكبّر وجبّار : (يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ

__________________

(١) فى نهاية الأرب ١٣ / ١٧٦ حكاية عن الثعلبى فى كتابه المترجم (بيواقيت البيان فى قصص القرآن) : فرعون موسى هو أبو العباس الوليد بن مصعب بن الريان بن أراشة.

(٢) هكذا فى ا ، ب ولم نهتد إليها فى معجم البلدان.

(٣) كذا فى ا ، ب ولعلها بوشنج فهى من إقليم خراسان (راجع معجم البلدان).

(٤) كذا فى ا ، ب ولعلها بوشنج فهى من إقليم خراسان (راجع معجم البلدان).

(٥) الآية ٢٤ سورة النازعات

(٦) الآية ٣٨ سورة القصص

(٧) فى ا ، ب : تشعر على خذلانه

(٨) الآية ٢١ سورة النازعات

(٩) الآية ٢٢ سورة النازعات

(١٠) الآية ٢٣ سورة النازعات.

(١١) الآية ٢٤ سورة النازعات.

(١٢) الآية ٤ سورة القصص.

(١٣) الآية ٩١ سورة يونس.

(١٤) الآية ٧٥ يونس

(١٥) الآية ٤٣ سورة غافر

(١٦) الآية ٣٧ سورة غافر

(١٧) الآية ٤٥ سورة غافر

٦٩

مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)(١) ، عدوّ : (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ)(٢) ، فرعون وطاغى : (إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى)(٣).

وقد ذكره الله تعالى باسمه مقرونا بأنواع فساده :

١ ـ إلزام الحجّة : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ)(٤).

٢ ـ إتيان موسى ببيان الحقّ له : (يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ، حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ)(٥).

٣ ـ تسميتهم موسى بالسّاحر : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ)(٦).

٤ ـ إصرارهم على الكفر وقسمهم بعزّته : (وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ)(٧).

٥ ـ فى جمعه السّحرة للمكر والحيلة : (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ)(٨).

٦ ـ استدعاؤه السّحرة فى حال الخلوة : (وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ)(٩).

٧ ـ تهديده السّحرة لمّا آمنوا : (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ)(١٠).

٨ ـ (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى)(١١).

٩ ـ الإخبار بهلاكه ودماره : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ)(١٢).

١٠ ـ الإخبار عن كيده بعد الهرب والهزيمة : (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ)(١٣).

١١ ـ الإخبار عن إضلاله قومه : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ)(١٤).

__________________

(١) الآية ٣٥ سورة غافر

(٢) الآية ٣٩ سورة طه

(٣) الآيتان ٢٤ ، ٤٣ سورة طه

(٤) الآية ٤٦ سورة الزخرف

(٥) الآيتان ١٠٤ ، ١٠٥ سورة الأعراف

(٦) الآية ١٠٩ سورة الأعراف

(٧) الآية ٤٤ سورة الشعراء

(٨) الآية ٥٣ سورة الشعراء

(٩) الآية ١١٣ سورة الأعراف

(١٠) الآية ١٢٣ سورة الأعراف

(١١) الآية ١٢٥ سورة الأعراف

(١٢) الآية ١٣٧ سورة الأعراف

(١٣) الآية ٦٠ سورة طه

(١٤) الآية ٧٩ سورة طه

٧٠

١٢ ـ الإخبار عن موافقته لأهل الكفر لشقاوته : (وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ)(١).

١٣ ـ الإخبار عن مجادلته موسى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)(٢).

١٤ ـ الإخبار عن تمرّده وتجبّره : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ)(٣).

١٥ ـ الإخبار عن كونه فى الخطأ ليلا ونهارا سرّا وجهارا : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ)(٤).

١٦ ـ الإخبار عن إظهار القدرة بجعل تربية موسى على يد فرعون : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا)(٥).

١٧ ـ الإخبار عن ملاطفات آسية ومساعيها فى نجاة موسى وسلامته : (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً)(٦).

١٨ ـ تشبّه كفّار مكة فى قبح سيرتهم بفرعون (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ)(٧).

١٩ ـ الإخبار عن هلاكهم وسوء عاقبتهم : (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ)(٨).

٢٠ ـ الإخبار بأن يجرى عليهم نظير ما جرى على قوم عاد وثمود : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) إلى قوله : (وَ (٩) فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ)(١٠) قال :

تكبّر فرعون القبيطىّ عاتيا

فصار غريق البحر فى قعر يمّه

كما تاه إبليس اللّعين تجبّرا

وكان وقودا للسّعير بغمّه

__________________

(١) الآية ١٢ سورة ص

(٢) الآية ٢٣ سورة الشعراء

(٣) الآية ٤ سورة القصص

(٤) الآية ٨ سورة القصص

(٥) الآية ٨ سورة القصص

(٦) الآية ٩ سورة القصص

(٧) الآيات ١١ سورة آل عمران ، ٥٢ ، ٥٤ سورة الأنفال

(٨) الآية ٤٥ سورة غافر

(٩) الآيات ٦ ـ ١٠ من سورة الفجر

٧١

١٧ ـ بصيرة

فى ذكر هامان

وهو اسم أعجمىّ ، وقد تقدّمت نظائره ، وكان وزير فرعون ، وأصله من خراسان من قرية يقال لها بوشنج (١) ، وكان قد قرأ كتب المتقدّمين ، وكان له اليد الطّولى فى حساب النّجوم وكان يستدلّ من طالعه على مجمل أحواله وأحوال فرعون ، فاتّفقا وسافرا جميعا من خراسان إلى أن بلغ أمرهما ما بلغ. وذكر شواهد شقاوته وخذلانه فى مواضع من الكتاب العزيز ، قال الله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ)(٢) ، (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ)(٣) ، (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)(٤) ، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى) إلى قوله (فِرْعَوْنَ وَهامانَ)(٥) ، (فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ)(٦) ، (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً)(٧).

يقال : خمسة وزراء ما لهم سادس ، اثنان مسلمان وثلاثة كفّار ، امّا المسلمان فهارون وزير موسى (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي)(٨) ، والثّانى آصف بن برخيا وزير سليمان عليه‌السلام. وأمّا الثلاثة الكفرة : فبوزرجمهر وزير نوشروان ، وأرسطاطاليس وزير ذى القرنين ، وهامان وزير فرعون. قال :

من كان فى وداده خوّانا

فارق من فساده الإخوانا

زاد على عدوانه عدوانا

كأنّه معاقل هامانا

__________________

(١) ا ، ب : توشيخ (تصحيف)

(٢) الآية ٨ سورة القصص

(٣) الآية ٣٩ سورة العنكبوت

(٤) الآية ٦ سورة القصص

(٥) الآيتان ٢٣ ، ٢٤ سورة غافر

(٦) الآية ٣٨ سورة القصص

(٧) الآية ٣٦ سورة غافر

(٨) الآيتان ٢٩ ، ٣٠ سورة طه

٧٢

١٨ ـ بصيرة

فى ذكر قارون (١)

وهو اسم عبرىّ غير منصرف ، وقيل مشتقّ من قرن ، فاعول منه للمبالغة ، سمّى به لأنّه قرن بالملك ثم قرن بالهلك. وكان ابن عمّ موسى ومتزوّجا بأخته ، وكان عاملا لفرعون على بنى إسرائيل قبل مجيء موسى ، وكان فى الجمال على حدّ الكمال ، بحيث كانوا يلقّبونه بالمنوّر ، لأنّ المجلس كان ينوّر بجماله.

وسبب جمعه للمال العظيم اطّلاعه على صنعة الكيمياء ، يقال كان يعلم منه ثلثه ، وأخذ ثلثا من هارون وثلثا من أخت موسى ، فكمل له وكثر ماله حتى صارت مفاتيح خزائنه تحمل على ثمانين بعيرا. قال :

وعدتنى وعدك حتّى إذا

أطمعتنى فى كنز قارون

جئت من الليل بغسّالة

تغسل ما قلت بصابون

__________________

(١) ورد ذكره فى القرآن فى أربعة مواضع :

(إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ) الآية ٧٦ سورة القصص.

(قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ) الآية ٧٩ سورة القصص.

(وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) الآية ٣٩ سورة العنكبوت.

(وإِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ) الآية ٢٤ سورة غافر.

٧٣

١٩ ـ بصيرة

فى ذكر السامرىّ

وكان رجلا من بنى إسرائيل ، وكان غريبا بينهم ، ويقال إنّه كان من أهل كرمان (١) ، وقيل : من باجرمى (٢) وكان اسمه ميخا (٣) ، وقيل موسى (٤) بن ظفر ، وقيل له السّامرىّ نسبة إلى قبيلة كبيرة من بنى إسرائيل اسمها سامرة (٥) ، وكانت صنعته الصّياغة ، وصحب قوما كانوا يعبدون العجل وكانت محبّته فى قلبه. ولمّا غرق فرعون وخرجت بنو إسرائيل من البحر سالمين مرّوا على قوم من عبدة العجل فقالوا لموسى : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ)(٦) ومن هنا طمع السّامرىّ فى أن يدعوهم إلى عبادة العجل ، وتذكّر أنّ اليوم الّذى كان جبريل مقدّمة جنود فرعون ليدخلهم فى البحر ، كان على فرس الحيوان (٧) ، فرأى السّامرىّ طرف حافر فرسه ، فقبض من أثر وطئه قبضة تراب وجعله فى صرّة ، وكان معه إلى اليوم الذى طرح بنو إسرائيل ذهبهم وحليّهم ، ووقعت فيها النار وذابت ، فألقى السّامرىّ تلك التّربة على ذلك الذهب الذّائب وقال : كن عجلا / فصار عجلا جسدا له خوار ، وكان ذلك العجل سبب فتنة بنى إسرائيل. وفى بعض الآثار النبويّة : «إنّ لكلّ أمّة فتنة ، وإنّ فتنة أمّتى وعجلها المال (٨)».

__________________

(١) ولاية بين فارس ومكران وسجستان وخراسان. والكاف منها مفتوحة وربما كسرت والفتح أشهر بالصحة (ياقوت)

(٢) فى ا ، ب : (ماجرما) بالجيم ، وما أثبت من قصص الأنبياء للثعلبى ونهاية الأرب ١٣ / ٢٢٣ ، وباجرما» قرية من أعمال البليخ قرب الرقة من أرض الجزيرة.

(٣) فى قصص الأنبياء للثعلبى : منجى بالنون قبل الجيم وفى ا ، ب : ميجا بالجيم بعد الياء وما أثبت عن نهاية الأرب ١٣ / ٢٢٣.

(٤) ذكره السهيلى فى كتابه الأعلام.

(٥) فى شرح القاموس أن اسم هذه القبيلة «سامر» بدون هاء.

(٦) الآية ١٣٨ سورة الأعراف

(٧) فى نهاية الأرب «فرس الحياة» ، وهما بمعنى.

(٨) أخرجه الترمذى والحاكم فى مستدركه عن كعب بن عياض (الفتح الكبير).

٧٤

وقد ذكر الله تعالى فى التنزيل ضلال السامرىّ وإضلاله فقال :

(وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ)(١)(فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُ)(٢) ، (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ)(٣) ، (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ)(٤).

قال بعضهم :

ألا من رام أسباب الرّئاسة

يرى بين الرّئاسة والسّياسة

ومن طلب الرّئاسة منه شوقا

إليها يطلب الرؤساء راسه

__________________

(١) الآية ٨٥ سورة طه

(٢) الآية ٨٧ سورة طه

(٣) الآية ٩٥ سورة طه

(٤) الآية ٩٧ سورة طه

٧٥

٢٠ ـ بصيرة

فى ذكر الخضر عليه‌السلام

وفيه لغتان : فتح الخاء وكسر الضّاد ، وكسر الخاء وسكون الضّاد (١) ، وهو لقب له ، واسمه : بليا ، بفتح الباء الموحدة وسكون اللام بعدها مثنّاة تحتيّة ، ابن ملكان ، بفتح الميم وسكون اللّام ، ابن فالغ بن عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح. وكان أبوه من الملوك. واختلفوا فى سبب تلقيبه بالخضر ، فقال الأكثرون : لأنّه جلس على فروة بيضاء فصارت خضراء ، والفروة وجه الأرض ، وقيل الهشيم من النّبات. وقيل لأنه كان إذا صلّى اخضرّ ما حوله. والصّحيح الأول لما فى الحديث الصحيح من سند (٢) البخارى «إنّما سمّى الخضر خضرا لأنّه جلس على فروة بيضاء فإذا هى تهتزّ تحته خضراء» (٣) ، وهذا نصّ صريح فى سبب تلقيبه. وكنية الخضر : أبو العبّاس ، وهو صاحب موسى النبىّ عليه‌السلام الذى سأل السبيل إلى لقائه ، وقد أنبأ الله عزوجل ، فى كتابه بقوله (فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً)(٤) ، وأخبر الله تعالى فى باقى الآيات بتلك العجائب والغرائب. وموسى الّذى صحبه هو موسى بنى إسرائيل كليم الله تعالى ، كما جاء به الحديث المشهور فى صحيحى البخارى ومسلم.

واختلف العلماء فى حياة الخضر وفى نبوّته ، فقال الأكثرون : هو حىّ موجود بين أظهرنا ، وذلك مجمع عليه عند المشايخ والصّوفية وأهل الصّلاح والمعرفة ، وحكاياتهم فى رويته والاجتماع به والأخذ منه وسؤاله وجوابه ووجوده فى المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصر ، وأشهر من أن تذكر. قال الشيخ أبو عمرو بن الصّلاح فى فتاويه : هو حىّ عند جماهير العلماء والصّالحين والعامّة معهم فى ذلك ، وإنّما شذّ بإنكاره بعض المحدّثين (٥) ، قال : هو نبىّ ، واختلف فى كونه مرسلا. وقال أبو القاسم القشيرىّ

__________________

(١) وزاد القسطلانى فى شرح البخارى لغة ثالثة وهو فتح الخاء مع سكون الضاد تبعا للحافظ ابن حجر.

(٢) فى ا وب : عند

(٣) أخرجه الشيخان وأحمد فى مسنده والترمذى عن أبى هريرة (الفتح الكبير).

(٤) الآية ٦٥ سورة الكهف

(٥) منهم البخارى وابن المبارك والحربى وابن الجوزى (تاج)

٧٦

فى الرّسالة : لم يكن الخضر نبيّا وإنّما كان وليّا. وقال قاضى القضاة الماوردىّ فى تفسيره : «قيل : هو ولىّ ، وقيل : نبىّ ، وقيل : من الملائكة ، وهذا الثالث غريب ضعيف أو باطل. وفى صحيح مسلم فى حديث الدّجّال أنّه يقتل رجلا ثمّ يحييه ، قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم : يقال إنّ ذلك الرّجل هو الخضر. وكذا قال معمر : إنّه يقال إنّه الخضر.

وقال الثّعلبىّ : اختلفوا فى أنّ الخضر كان فى زمن إبراهيم الخليل أو بعده بقليل أو بكثير ، ثم قال : والخضر على جميع الأقوال (١) نبىّ معمّر محجوب عن الأبصار. قال : وقيل إنّه لا يموت إلّا فى آخر الزمان حين يرفع القرآن. وقيل : إنّ الخضر على طبع الناس / إنسىّ ملكىّ ، أرضىّ سماوىّ ، موكّل على البحار لغوث الغريق ، مستغن عن الطعام والشّراب ، وفى الشريعة والعبادة موافق لأمّة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويعتكف فى شهر رمضان هو وإلياس فى الجامع الأقصى من بيت المقدس ، ويحضران عرفة مع الحاجّ ، ويجتمعان فى السّنة مرتين : مرة فى الحج ، ومرّة فى أيّام الاعتكاف.

ولمّا قال لموسى (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)(٢) واضطر موسى إلى المفارقة قال له : يا نبىّ الله أوصنى. فقال : كن بشّاشا ولا تكن غضّابا ، وكن نافعا ولا تكن ضارا ، وانزع عن اللّجاجة ، ولا تمش فى غير حاجة (٣) ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعيّر الخطّائين بخطاياهم ، وابك على خطيئتك يا بن عمران. قال بعضهم :

تعاون فى التّقى والبرّ (م) فى أوقات إمكان

صديق الخير والصدّيق عند الله سيّان

قرين الشرّ بالإجماع من أقران هامان

[وصديق] الصّدق مقرن كخضر وابن عمران

__________________

(١) راجع فى ذلك وما يليه الفتوحات المكية

(٢) الآية ٧٨ سورة الكهف

(٣) عبارة قصص الأنبياء للثعلبى : وإياك واللجاجة ولا تكن مشاء فى غير حاجة.

٧٧

٢١ ـ بصيرة

فى ذكر إلياس عليه‌السلام

وإلياس اسم أعجمىّ كسائر أشكاله ، لا مجال للعربية فيه ، وإلياسين المذكور فى التّنزيل إشارة إلى إلياس وأتباعه ، والّذى يقرأ آل ياسين المراد إلياس وأتباعه أيضا لأن نسبه : إلياس بن ياسين (١) بن فنحاص (٢) بن عيزار بن هارون بن عمران ، وقيل : آل ياسين المراد به آل المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولكن فيه ضعف من حيث المعنى ، فإنّه لا مناسبة بينه وبين ما قبله.

وكان إلياس من أنبياء بنى إسرائيل ، أرسل إلى قوم كانوا ببعلبكّ ، وكانوا يعبدون صنما سمّوه بعلا. وبلغ قومه فى إيذائه وجفائه الغاية ، وعاقبهم الله تعالى أنواعا من العقوبة ، وكانوا يلجئون إلى إلياس ، فكان يسأل الله لهم العفو فيأتيهم الفرج بدعائه إلى أن ملّ إلياس من أذاهم ونقض عهدهم ، فتضرّع إلى الله تعالى وسأله الخلاص من مقاساتهم فأذن له فى مفارقتهم ، وسلبه شهوة الطّعام والشراب حتى يطبع كطبع الملك ، فصار إنسيّا ملكيّا أرضيّا سماويّا ، شرقيّا غربيّا ، برّيّا بحريّا ، مثل أخيه الخضر.

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن بخمسة أسماء : مؤمن (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)(٣) ، محسن (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)(٤) ، إلياسين (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(٥) ، إلياس ومرسل ، (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٦). قال :

يا من تنزّه عن صفات النّاس

يا من بلذّة ذكره استئناسى

ما كنت للذّكرى زمانا ناسى

فى ذكركم قد ملت نحو الياس

__________________

(١) ياسين : وكذا فى نهاية الأرب عن الثعلبى. وفيه ١٤ / ٥ عن الكسائى فى قصصه «سباسبا».

(٢) فى ا ، ب : فيحاص بالياء المثناة من تحت وما أثبت عن نهاية الأرب ١٤ / ١٥.

(٣) الآية ١٣٢ سورة الصافات

(٤) الآية ١٣١ سورة الصافات

(٥) الآية ١٣٠ سورة الصافات

(٦) الآية ١٢٤ سورة الصافات

٧٨

٢٢ ـ بصيرة

فى ذكر اليسع [عليه‌السلام]

وهو اسم أعجمىّ ممنوع من الصّرف ، وقيل عربىّ وزنه لفع (١) وكان فى الأصل يسعى ، وقيل : وزنه يعل وكان فى الأصل يوسع ، وقيل : وزنه فعل والياء من أصل الكلمة. وقيل له يسع لسعة علمه ، أو لسعيه فى طلب الحقّ وطاعته.

ويسع كان خليفة إلياس. ولمّا خرج إلياس من بين الناس وركب المركب الّذى بعثه الله تعالى له كان يسع معه ، فلمّا رأى المركب ارتفع فى الهواء علم أنّه آخر عهده به ، فقال : يا إلياس بم تأمرنى؟ وكان معه كساء فطرحه إليه ، فعلم أنّه جعله ولىّ عهده ، فاشتغل بدعوة قوم / إلياس. وقام بشرائط شرعه.

وذكر الله تعالى اليسع فى التنزيل مع جملة الأنبياء : (وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ)(٢).

__________________

(١) فى ا ، ب : نفع والتصويب يقتضيه السياق.

(٢) الآية ٤٨ سورة ص

٧٩

٢٣ ـ بصيرة

فى ذكر ذى الكفل

اختلف فيه ، كان نبيّا أو وليّا ، فقيل : كان عبدا صالحا يكفل بعمل عبد صالح ، وقيل كان نائب نبىّ ، ولمّا خرج ذلك النبىّ من بين قومه أوصى إليه ، ووصّاه بقيام اللّيل وصيام النّهار ، والعدل فى الحكم بالحق بين الأمّة. وقيل : بل كان نبيّا ونائب نبىّ بأن يدعو الخلق إلى الحقّ ويعينهم على الحقّ ، فلما قام بذلك حقّ القيام وصبر على معاناة الخلق ومقاساتهم ، ذكره الله تعالى فى جملة المرسلين ، وعدّه من الأنبياء الصّابرين ، فقال : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١) ، ثمّ ذكره مع الكمّل الخيّرين فقال : (وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ)(٢).

__________________

(١) الآية ٨٥ سورة الأنبياء

(٢) الآية ٤٨ سورة ص

٨٠