بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٦

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٦

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٨

٣٥ ـ بصيرة

فى ذكر ثمود

وهم قوم صالح ، وقد قدّمنا أنّهم سمّوا بهذا الاسم لقلّة مائهم. والثّمد : الماء القليل ، وكانوا سبعمائة (١) قبيلة ، كلّ قبيلة لها عدد لا يحصيه إلّا الله تعالى ، وكان لهم بئر واحدة بوادى القرى من ديار الحجر (٢) ، قال تعالى (كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)(٣) ، وقال تعالى (جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ)(٤). وكانوا من القوّة والمهارة والحذاقة بحدّ يبنون من الصّخر الأصمّ والجبل الراسى بيتا عظيما منحوتا. وهم كانوا أيضا شعبا من عاد قوم هود ، وهم الّذين قيل لهم عاد / الأولى. وقيل لثمود عاد الأخرى.

ولمّا دعاهم صالح إلى الله طلبوا منه المعجزة ، فقال عيّنوا لى ما شئتم. فقالوا : على سبيل الاستهزاء أخرج لنا ناقة من هذا الحجر ، فأوحى الله إليه إنّا قد خلقنا ناقة فى قلب هذه الصّخرة منذ أربعة آلاف سنة ، وقد ضاق صدرها وضاق مكانها ، فادع الله بخلاصها من هذا المضيق ، فدعاه تعالى فانشقت الصّخرة من ساعته ، وخرجت ناقة ونتجت فى الحال. ولم يترك القوم تمرّدهم وتكذيبهم فأشركها الله معهم فى الماء ، وظنّوا أنّها تضيّق عليهم فقصدوها وعقروها ، وكان سبب دمارهم وخراب ديارهم. فذكرهم (٥) الله عزوجل فى مواضع من القرآن. وقال (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها)(٦) ، وقال (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)(٧) وقال : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً)(٨) ، وقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ)(٩) ، وقال : (وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ

__________________

(١) فى نهاية الأرب (١٣ / ٧١) عن الكسائى فى قصصه : قال كعب : وكانوا بضع عشرة قبيلة فى كل قبيلة زيادة عن سبعين ألفا

(٢) ما بين الحجاز إلى الشام

(٣) الآية ٨٠ سورة الحجر

(٤) الآية ٩ سورة الفجر

(٥) فى ا ، ب : فشكاهم.

(٦) الآية ١١ سورة الشمس

(٧) الآية ٥٩ سورة الإسراء

(٨) الآية ٧٣ سورة الأعراف

(٩) الآية ٤٥ سورة النمل

١٠١

وَأَصْحابُ مَدْيَنَ)(١) ، وقال : (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ)(٢) ، وقال : (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ)(٣) ، وقال : (وَثَمُودَ فَما أَبْقى)(٤).

قال بعضهم :

أإخوانى إلى الرّحمن عودوا

ينلكم من كرامته السّعود

ومن يعصى الإله به اغترارا

له فى القبر من نار معهود

يقال له عدا من كلّ خير

ألا بعدا كما بعدت ثمود

__________________

(١) الآيات : ٤٢ ـ ٤٤ سورة الحج

(٢) الآية ٤٣ سورة الذاريات

(٣) الآية ٥ سورة الحاقة

(٤) الآية ٥١ سورة النجم.

١٠٢

٣٦ ـ بصيرة

فى ذكر إبليس

وهو اسم أعجمىّ ممنوع من الصّرف ، وقيل عربىّ واشتقاقه من الإبلاس ؛ لأنّ الله تعالى أبلسه من رحمته ، وآيسه من مغفرته. قال ابن الأنبارىّ : لا يجوز أن يكون مشتقّا من أبلس لأنه لو كان مشتقا لصرف ، قال أبو إسحاق : فلمّا لم يصرف دلّ على أنّه أعجمىّ. قال ابن جرير : لم يصرف وإن كان عربيّا لقلّة نظيره فى كلامهم فشبّهوه بالأعجمىّ. وقال الواحدىّ : الاختيار أنه ليس بمشتق لاجتماع النحويين على أنّه يمنع من الصرف للعجمة والعلميّة.

واختلفوا هل هو من الملائكة أم لا ، فروى عن طاوس ومجاهد عن ابن عبّاس أنّه من الملائكة. وكان اسمه عزازيل فلمّا عصى الله تعالى لعنه وجعله شيطانا مريدا ، وسمّاه إبليس وبهذا قال ابن مسعود وسعيد بن المسيّب وقتادة ، وابن جريج وابن جرير ، واختاره ابن الأنبارىّ والزّجّاج ، قال : وهو مستثنى من جنس المستثنى منه ، قالوا : وقول الله تعالى : (كانَ مِنَ الْجِنِ)(١) أى طائفة من الملائكة يقال لهم الجنّ. وقال الحسن وعبد الرحمن ابن زيد ومسهر ، وابن حوشب : ما كان من الملائكة قط ، والاستثناء منقطع ، والمعنى عندهم أنّ الملائكة وإبليس أمروا بالسّجود فأطاعت الملائكة وعصى إبليس. والصّحيح أنّه كان من الملائكة (٢) لأنّه لم ينقل أنّ غير الملائكة أمر بالسّجود ، والأصل فى المستثنى أن يكون من جنس المستثنى منه. وعن ابن عبّاس رضى الله عنهما أنّ الله تعالى أمر إبليس أن يأتى محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى صورة إنسان ويجيبه عن كلّ ما سأل. قال : فجاء اللعين

__________________

(١) الآية ٥٠ سورة الكهف

(٢) فى الكشاف للزمخشرى عند تفسير قوله تعالى (كانَ مِنَ الْجِنِّ) : كلام مستأنف جار مجرى التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين ، كأن قائلا قال : ما له لم يسجد فقيل كان من الجن (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) ، والفاء للتسبيب أيضا جعل كونه من الجن سببا فى فسقه ، لأنه لو كان ملكا كسائر من سجد لآدم لم يفسق عن أمر الله لأن الملائكة معصومون البته لا يجوز عليهم ما يجوز على الجن والإنس كما قال (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) وهذا الكلام المعترض تعمد من الله تعالى لصيانة الملائكة عن وقوع شبهة فى عصمتهم ، فما أبعد البون بين ما تعمده الله وبين قول من ضاده وزعم أنه كان ملكا ورئيسا على الملائكة فعصى فلعن ومسخ شيطانا ، ثم وركه على ابن عباس. اه.

١٠٣

إلى باب المسجد وعليه لباس من صوف وبيده عكّازة مثل شيخ كبير ، / فنظره النّبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنكره إذ لم يسلّم عليه ، فقال عليه‌السلام ما أنت يا شيخ؟ فقال : أنا إبليس أمرنى الله تعالى أن أجيبك عن كلّ ما تسأل ، فسل ما تريد. فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كم أعداؤك من أمّتى؟ قال : خمسة عشر ، وأنت رأسهم وأوّلهم ، والإمام العادل ، والغنىّ المتواضع ، والتّاجر الصّدوق ، والعالم المتخشع ، والمؤمن النّاصح ، والمؤمن الرّحيم القلب ، والمتورّع عن الحرام ، والمديم على الطّهارة ، والّذى يؤدّى حقّ ماله ، والمؤمن السّخىّ ، والمؤمن الكثير الصّدقة ، وحامل القرآن ، والقائم بالليل ، والقائم على التّوبة! قال : فكم رفقاؤك من أمّتى؟ قال : عشرة : السّلطان الجائر ، والغنىّ المتكبّر ، والتاجر الخائن ، وشارب الخمر ، وصاحب الزّنى ، وصاحب الرّبا ، والقتّال ، وآكل أموال اليتامى ، ومانع الزكاة ، والطويل الأمل ، هؤلاء خواصّى. قال : كيف موضع صلاة أمّتى منك؟ قال : تأخذنى الحمّى! قال : فموضع خوضهم فى العلم؟ قال : أذوب كما يذوب الرّصاص! قال : فالصوم؟ قال : أصير أعمى. قال : فقراءة القرآن؟ قال : أصير أصمّ! قال : الحج؟ قال : إذا قيّدونى. قال : الجهاد؟ قال : يجمع يداى إلى عنقى بالغلّ. قال : الصّدقة؟ قال : منشار يوضع على رأسى فأقطع نصفين نصف إلى المشرق ونصف إلى المغرب. قال : فلم ذاك يا لعين؟ قال لأنّ لهم فى الصّدقة ثلاث خصال. يكون الله غريما (١) لهم ، وأن يكونوا من ورثة أهل الجنّة. وعصموا منى أربعين يوما ، وأىّ مصيبة أعظم من ذلك! فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من أبغض الخلق إليك؟ فقال : العالم النّاصح لنفسه ولأئمة المسلمين. فقال : من أحبّهم إليك؟ فقال : العالم البخيل بعلمه ، الشحيح بدرهمه. فقال : كم لك من الأعوان؟ فقال : أكثر من قطر المطر وورق الأشجار ، ورمل القفار. فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اللهمّ اعصم أمّتى. قال : فولّى اللّعين هاربا.

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن العظيم بسبعين اسما قبيحا :

الأوّل : الشّيطان (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ)(٢) ، ووسواس وخنّاس (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ)(٣)

__________________

(١) الغريم : المدين والمراد هنا كفيل لهم بثواب صدقاتهم.

(٢) الآية ١٦ سورة الحشر

(٣) الآية ٤ سورة الناس

١٠٤

موسوس (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)(١) ، رجيم (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)(٢) ، عدوّ (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)(٣) ، (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)(٤) ، فاتن (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ)(٥) ، مضلّ (وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ)(٦) ، مزيّن (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ)(٧) ، كيّاد (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً)(٨) ، خادع (وَهُوَ خادِعُهُمْ)(٩) ، كاذب كفّار (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ)(١٠) ، ختّار وكفور (كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)(١١) ، هامز (أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)(١٢) حاضر (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)(١٣) ، مغو (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(١٤) ، غاوى (لَغَوِيٌّ مُبِينٌ)(١٥) ، جنّ (كانَ مِنَ الْجِنِ)(١٦) ، آبى ومستكبر (أَبى وَاسْتَكْبَرَ)(١٧) ، مزلّ (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ)(١٨) ، لعين (عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ)(١٩) ، منظر (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)(٢٠) ، ممنّى (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ)(٢١) ، آمر (وَلَآمُرَنَّهُمْ)(٢٢) ، ولىّ الكفرة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ)(٢٣) ، واعد بالفقر (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ / الْفَقْرَ)(٢٤) ، مريد (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ)(٢٥) ، مارد (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ)(٢٦) ، مقذوف مدحور (يُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً)(٢٧) ، خاطف : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ)(٢٨) ، مرجوم (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ)(٢٩) ،

__________________

(١) الآية ٥ سورة الناس

(٢) الآيتان ٣٤ سورة الحجر ، ٧٧ سورة ص

(٣) الآية ٦ سورة فاطر

(٤) الآيتان : ٣٣ سورة لقمان ، ٥ سورة فاطر

(٥) الآية ٢٧ سورة الأعراف

(٦) الآية ٦٠ سورة النساء

(٧) الآية ٦٣ سورة النحل

(٨) الآية ٧٦ سورة النساء

(٩) الآية ١٤٢ سورة النساء

(١٠) الآية ٣ سورة الزمر. والآية عامة لا تخص ابليس

(١١) الآية ٣٢ سورة لقمان والآية عامة أيضا غير مختصة بإبليس.

(١٢) الآية ٩٧ سورة المؤمنين

(١٣) الآية ٩٨ سورة المؤمنين

(١٤) الآية ٣٩ سورة الحجر

(١٥) الآية ١٨ سورة القصص والآية تشير إلى قول موسى لمن استصرخه.

(١٦) الآية ٥٠ سورة الكهف

(١٧) الآية ٣٤ سورة البقرة

(١٨) الآية ٣٦ سورة البقرة

(١٩) الآية ٣٥ سورة الحجر

(٢٠) الآية ١٥ سورة الأعراف

(٢١) الآية ١١٩ سورة النساء

(٢٢) الآية ١١٩ سورة النساء

(٢٣) الآية ٢٥٧ سورة البقرة

(٢٤) الآية ٢٦٨ سورة البقرة

(٢٥) الآية ٣ سورة الحج

(٢٦) الآية ٧ سورة الصافات

(٢٧) الآية ٨ ، ٩ سورة الصافات

(٢٨) الآية ١٠ سورة الصافات

(٢٩) الآية ٥ سورة الملك

١٠٥

داعى (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ)(١) ، باطل ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ)(٢) ، نازع (يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما)(٣) ، نازغ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ)(٤) ، ماسّ وطائف (إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ)(٥) ، متخبّط (يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ)(٦) ، مخلف (وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ)(٧) ، متفحّش (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ)(٨) ؛ كافر (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٩) ، مذءوم (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً)(١٠) ، خذول (وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً)(١١) ، ملوم (فَلا تَلُومُونِي)(١٢) ، سفيه (يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً)(١٣) ، أسفل (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)(١٤) ، بئس القرين (فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(١٥) ، بدل للظّالمين (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)(١٦) ، برئ (إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ)(١٧) ، رائى (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ)(١٨) ، رجز (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ)(١٩) ، خالد فى النار (خالِدَيْنِ فِيها)(٢٠) ، عفريت (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِ)(٢١) ، فاسق (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)(٢٢) ، مستحوذ (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ)(٢٣) ، مسترق (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ)(٢٤) ، منسى (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ)(٢٥) ، (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ)(٢٦) ، مسوّل ومملى (سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ)(٢٧) ، مدلىّ (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ)(٢٨) ، مقسم (وَقاسَمَهُما)(٢٩) ، ملقى (أَلْقَى الشَّيْطانُ

__________________

(١) الآية ٦ سورة فاطر

(٢) الآية ٥٢ سورة العنكبوت

(٣) الآية ٢٧ سورة الأعراف

(٤) الآية ٢٠٠ سورة الأعراف ، ٣٦ سورة فصلت

(٥) الآية ٢٠١ سورة الأعراف

(٦) الآية ٢٧٥ سورة البقرة

(٧) الآية ٢٢ سورة ابراهيم

(٨) الآية ٢٦٨ سورة البقرة

(٩) الآية ٣٤ سورة البقرة

(١٠) الآية ١٨ سورة الأعراف

(١١) الآية ٢٩ سورة الفرقان

(١٢) الآية ٤ سورة الجن

(١٣) الآية ٤ سورة الجن

(١٤) الآية ٢٩ سورة فصلت

(١٥) الآية ٣٨ سورة الزخرف

(١٦) الآية ٥٠ سورة الكهف

(١٧) الآية ١٦ سورة الحشر

(١٨) الآية ٤٨ سورة الأنفال

(١٩) الآية ١١ سورة الأنفال

(٢٠) الآية ١٧ سورة الحشر

(٢١) الآية ٣٩ سورة النمل

(٢٢) الآية ٥٠ سورة الكهف

(٢٣) الآية ١٩ سورة المجادلة

(٢٤) الآية ١٨ سورة الحجر

(٢٥) الآية ٤٢ سورة يوسف

(٢٦) الآية ٦٣ سورة الكهف

(٢٧) الآية ٢٥ سورة محمد

(٢٨) الآية ٢٢ سورة الأعراف

(٢٩) الآية ٢١ سورة الأعراف

١٠٦

فِي أُمْنِيَّتِهِ)(١) ، مبدئ (لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما)(٢) ، مبين (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٣) ، محتنك (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ)(٤) ، مشارك (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ)(٥) ، مستفزز (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)(٦) ، جالب الشرّ (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ ، بِخَيْلِكَ)(٧) ، نارىّ (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ)(٨) ، خارج (فَاخْرُجْ مِنْها)(٩) ، مخرج (أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ)(١٠) ، خبيث (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً)(١١). قيل : البلد الطّيّب آدم ، والّذى خبث إبليس. قال :

عجبت من إبليس فى خبثه

وقبح ما أظهر من طيّته

تاه على آدم فى سجدة

وصار قوّادا لذرّيّته

وذكره الله عزوجل باسمه المخبر عن إبلاسه ، المنبى عن حرمانه ويأسه فى مواضع من كتابه العزيز. قال (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ)(١٢) ، وقال تعالى على طريق إلزام الحجّة وقهر ممزوج بلطيفة اللطف (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)(١٣) ، ثم جعله مقدّم أهل الفساد والمعصية ، قال (اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ)(١٤) ، الآية. فقام المتمرّد فى معرض المناظرة مع ربّ الأرباب ، وقال : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(١٥) ، فقال الربّ مراغما لعدوّه ومحابيا لأوليائه (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ)(١٦) ، ثم جعله مخدوع المهلة بقوله (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)(١٧) ، ونبّه آدم وأولاده بشدّة عداوته لهم فقال (إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ

__________________

(١) الآية ٥٢ سورة الحج

(٢) الآية ٢٠ سورة الأعراف

(٣) الآية ١٦٨ سورة البقرة وقد ورد فى آيات أخرى

(٤) الآية ٦٢ سورة الإسراء

(٥) الآية ٦٤ سورة الإسراء

(٦) الآية ٦٤ سورة الإسراء

(٧) الآية ٦٤ سورة الإسراء

(٨) الآية ١٢ سورة الأعراف وقد وردت فى آيات أخرى

(٩) الآية ٣٤ سورة الحجر وقد وردت فى آيات أخرى.

(١٠) الآية ٢٧ سورة الأعراف

(١١) الآية ٥٨ سورة الأعراف

(١٢) الآية ٣٤ سورة البقرة

(١٣) الآية ١٢ سورة الأعراف

(١٤) الآية ٦٣ سورة الإسراء

(١٥) الآية ٨٢ سورة ص

(١٦) الآية ٤٢ سورة الحجر ووردت فى آيات أخرى

(١٧) الآية ١٥ سورة الأعراف

١٠٧

وَلِزَوْجِكَ)(١) ، وقال (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)(٢) ، ثم وسمه بوسم اللّعنة الأبديّة فقال (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ)(٣) ، وبشّره بخلود النّار ومن تبعه من سائر الشياطين فقال (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(٤).

قال بعض المحدثين :

وجاورنا عدوّ ليس ينسى

لعين ما يموت فنستريح

فيا لهفى على قلبى وخصمى

لئيم يستعدّ ويستبيح

__________________

(١) الآية ١١٧ سورة طه

(٢) الآية ٦ سورة قاطر

(٣) الآية ٣٥ سورة الحجر

(٤) الآية ٨٥ سورة ص

١٠٨

٣٧ ـ بصيرة

فى ذكر مريم عليها‌السلام

ومريم اسم أعجمىّ غير منصرف للعجمة والعلمية والتأنيث. وقيل : معناه بالعبرانىّ خادمة الله ، وقيل / : أمة الله. وقيل : معناه المحرّرة. وشذّ بعضهم فقال : عربى معناه مرت ورامت ، أى حلبت وطلبت ، أى استخرجت طاعة الله وطلبت مرضاة الله. وقيل : إشارة إلى أنّها مرّت على يمّ الطّاعة مرور السّفينة والحوت باليمّ.

ومن فضائلها : إتيان الملك بفاكهة الجنّة لأجلها ، ونيلها فى الشتاء فاكهة الصّيف ؛ وتكليم الملائكة لها ، وإتيان جبريل إليها ، وولادتها لعيسى روح الله وكلمته من غير مسّ الرّجال ؛ وبيان براءتها على لسان الطّفل الرّضيع ، وتساقط الرّطب الجنىّ عليها من النّخل اليابس ، وإجراء النّهر السّرىّ من تحت قدمها ، وتفضيلها على نساء العالمين ، وتطهيرها من الحيض والعيب والعصيان ، وتكفيلها لزكريا شيخ الأنبياء ، وقبول الحقّ تعالى إيّاها بالإنعام والإحسان ، وتربيتها بفنون الإكرام والامتنان ، وتكرار ذكرها بالمدح فى نصّ القرآن.

ودعاها الله باثنى عشر اسما منبئة بفضلها أتمّ البيان ، دعاها بالمحرّر (ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً)(١) ، ومصطفاة (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ)(٢) ، ومطهّرة (وَطَهَّرَكِ)(٣) ، وقانتة (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ)(٤) ، وساجدة وراكعة (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي)(٥) ، ومحصنة (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها)(٦) ، وآية (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ)(٧) ، وأمّ وصدّيقة (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)(٨) ، ووالدة (وَبَرًّا بِوالِدَتِي)(٩) ، ومريم وبنت عمران (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ)(١٠)

__________________

(١) الآية ٣٥ سورة آل عمران

(٢) الآية ٤٢ سورة آل عمران

(٣) الآية ٤٢ سورة آل عمران

(٤) الآية ١٢ سورة التحريم

(٥) الآية ٤٣ سورة آل عمران

(٦) الآية ١٢ سورة التحريم

(٧) الآية ٩١ سورة الأنبياء

(٨) الآية ٧٥ سورة المائدة

(٩) الآية ٣٢ سورة مريم

(١٠) الآية ١٢ سورة التحريم

١٠٩

وذكرها باسمها فى مواضع من القرآن (وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ)(١) ، (يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا)(٢) ، (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ)(٣) ، (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ)(٤) ، (يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ)(٥) ، (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ)(٦) ، (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ)(٧) ، (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ)(٨) ، (يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا)(٩) ، (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)(١٠).

أنشدنا لبعضهم :

توكّل على الرّحمن فى كلّ حالة

ولا تترك الخلّاق فى كثرة الطّلب

ألم تر أنّ الله قال لمريم

وهزّى إليك الجذع تسّاقط الرّطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزّها

جنته ولكن كلّ أمر له سبب

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة آل عمران

(٢) الآية ٣٧ سورة آل عمران

(٣) الآية ٤٢ سورة آل عمران

(٤) الآية ٤٣ سورة آل عمران

(٥) الآية ٤٥ سورة آل عمران

(٦) الآيتان ١١٠ ، ١١٦ سورة المائدة

(٧) الآية ٣٤ سورة مريم

(٨) الآية ١٦ سورة مريم

(٩) الآية ٢٧ سورة مريم

(١٠) الآية ٥٠ سورة المؤمنين

١١٠

٣٨ ـ بصيرة

فى ذكر عيسى عليه‌السلام

وعيسى اسم أعجمىّ غير منصرف للعجمة والعلميّة. وقيل : اشتقاقه من العيس وهو البياض ، والأعيس : الجمل الأبيض ، وجمعه عيس. قيل له عيسى لبياض لونه ، وقيل من العوس وهو السّياسة ، وأصله عوسا قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، وقالوا عيسا لأنّه ساس نفسه بالطّاعة ، وقلبه بالمحبّة ، وأمّته بالدّعوة إلى ربّ العزّة (١).

وقد دعاه الله تعالى فى القرآن بخمسة وعشرين اسما دالّا على مدحه وفضله ، منها : مؤيّد (وَأَيَّدْناهُ)(٢) ، مسيح (اسْمُهُ الْمَسِيحُ)(٣) ، روح الله (وَرُوحٌ مِنْهُ)(٤) ، كلمة (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ)(٥) ، وجيه (وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(٦) ، صالح (وَمِنَ الصَّالِحِينَ)(٧) ، ولد (أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ)(٨) ؛ غلام وزكىّ (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)(٩) ، معلّم (وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ)(١٠) ، رسول (وَرَسُولاً)(١١) ، مبشّر (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي)(١٢) ، منبّئ (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ)(١٣) ، مصدّق (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَ)(١٤) ، آية (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً)(١٥) ، محلّل (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ)(١٦) ، مرفوع (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ)(١٧) ، مطهّر (وَمُطَهِّرُكَ)(١٨) ، سرىّ (تَحْتَكِ سَرِيًّا)(١٩) ،

__________________

(١) يقول أهل السريانية أن اسم نبى الله عيسى معدول عن إيسوع «اللسان»

(٢) الآية ٨٧ سورة البقرة ، وورد فى آيات أخرى.

(٣) الآية ٤٥ سورة آل عمران

(٤) الآية ١٧١ سورة النساء

(٥) الآية ٣٩ سورة آل عمران وهذه الآية فى شأن يحيى والتى فى شأن عيسى هى الآية ٤٥ من سورة آل عمران (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ).

(٦) الآية ٤٥ سورة آل عمران

(٧) الآية ٤٦ سورة آل عمران

(٨) الآية ٤٧ سورة آل عمران

(٩) الآية ١٩ سورة مريم

(١٠) الآية ٤٨ سورة آل عمران

(١١) الآية ٤٩ سورة آل عمران

(١٢) الآية ٦ سورة الصف

(١٣) الآية ٤٩ سورة آل عمران

(١٤) الآية ٥٠ سورة آل عمران

(١٥) الآية ٥٠ سورة المؤمنين

(١٦) الآية ٥٠ سورة آل عمران

(١٧) الآية ١٥٨ سورة النساء

(١٨) الآية ٥٥ سورة آل عمران

(١٩) الآية ٢٤ سورة مريم

١١١

قرّة عين (وَقَرِّي عَيْناً)(١) ، صبىّ (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٢) ، عبد (عَبْدُ اللهِ)(٣) ، نبىّ (وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)(٤) ، مبارك (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً)(٥) ، وصىّ (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ)(٦) ، بارّ (وَبَرًّا بِوالِدَتِي)(٧) ، علم (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)(٨) ، بفتح العين (٩) وكسرها ، وقرئ بالوجهين.

وذكره تعالى باسمه فى مواضع منها قوله تعالى (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)(١٠) ، وقال تعالى (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١١) ، وقال الله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ)(١٢) ، وقال تعالى (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) إلى قوله (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ)(١٣) ، وقال تعالى (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)(١٤) ، وقال تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) إلى قوله وما أوتى موسى وعيسى (١٥) ، (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ)(١٦) ، (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ)(١٧) ، (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ)(١٨) ، (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً)(١٩) ، وثبت فى الصّحيحين عن أبى هريرة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ما من

__________________

(١) الآية ٢٦ سورة مريم

(٢) الآية ٢٩ سورة مريم

(٣) الآية ٣٠ سورة مريم

(٤) الآية ٣٠ سورة مريم

(٥) الآية ٣١ سورة مريم

(٦) الآية ٣١ سورة مريم

(٧) الآية ٣٢ سورة مريم

(٨) الآية ٦١ سورة الزخرف

(٩) بفتح العين واللام الثانية أى شرط وعلامة ، وقرأ بهذه القراءة الأعمش (الإتحاف).

(١٠) الآيتان ٤٥ ، ٤٦ سورة آل عمران

(١١) الآية ٥٥ سورة آل عمران

(١٢) الآيتان ٥٩ ، ٦٠ سورة آل عمران

(١٣) الآيتان ١٧١ ، ١٧٢ سورة النساء

(١٤) الآية ١١٠ سورة المائدة

(١٥) الآية ١٦٣ سورة النساء

(١٦) الآية ٥٢ سورة آل عمران

(١٧) الآية ٦٣ سورة الزخرف

(١٨) الآية ١١٦ سورة المائدة

(١٩) الآية ١١٤ سورة المائدة

١١٢

بنى آدم من مولود لا يمسّه الشيطان حين ولد فيستهلّ صارخا من مسّه إيّاه إلّا مريم وابنها (١)» ، وروياه من طرق بألفاظ متقاربة ، ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم (إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٢) ، وعنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «أنا أولى الناس بابن مريم فى الدّنيا والآخرة ، ليس بينى وبينه نبىّ ، الأنبياء إخوة ، أبناء علّات أمّهاتهم شتّى ودينهم واحد (٣)» رواه الشيخان فى الصّحيحين. ورويا أيضا فى حديث الإسراء عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى فى السّماء الثّانية ابنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريّا» (٤) وفى الصّحيحين عن أبى هريرة أنّ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين أسرى به قال «لقيت عيسى فإذا ربعة أحمر كأنّما خرج من ديماس» (٥) يعنى حمّاما. وفى الصحيحين عنه عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «رأى عيسى بن مريم رجلا يسرق فقال له : أسرقت؟ قال كلّا والّذى لا إله إلّا هو. فقال عيسى : آمنت بالله وكذّبت عينى (٦)» وفى الصّحيحين عنه عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصّليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتّى تكون السّجدة الواحدة خيرا من الدّنيا وما فيها (٧)» ثم يقول أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ)(٨) وفى الصّحيحين عن عبادة بن الصّامت عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال «من شهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنّة حقّ والنار حقّ أدخله الله الجنّة على ما كان من العمل (٩)» ، / وفى صحيح مسلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) أخرجه البخارى عن أبى هريرة (الفتح الكبير).

(٢) الآية ٣٦ سورة آل عمران

(٣) أخرجه الشيخان والإمام أحمد وأبو داود عن أبى هريرة (الفتح الكبير).

(٤) أخرجه الشيخان والإمام أحمد والنسائى عن مالك بن صعصعة.

(٥) رواية البخارى عن ابن عمر فى كتاب التفسير «ورأيت عيسى رجلا مربوعا ، مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ، وفى الفتح الكبير أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس.

(٦) أخرجه الشيخان والإمام أحمد والنسائى عن أبى هريرة (الفتح الكبير).

(٧) فى الفتح الكبير حديث أخرجه الحاكم عن أبى هريرة تختلف بعض ألفاظه وينقص عن هذه الرواية وبلفظ ليهبطن عيسى بن مريم.

(٨) الآية ١٥٩ النساء

(٩) أخرجه البخارى والإمام أحمد عن عبادة بن الصامت بزيادة فيه (الفتح الكبير)

١١٣

وسلّم قال : «ينزل عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقىّ دمشق (١)».

وقال إسحاق الثعلبى : اختلف العلماء فى مدّة حمل مريم بعيسى بن مريم ، فقيل : سبعة أشهر ، وقيل : ثمانية ، وقيل : ستّة ، وقيل : ساعة ، وقيل : ثلاث ساعات ، ووضعته عند الزوال وهى بنت عشر سنين (٢) ، وكانت حاضت قبله حيضتين ، وقيل : بل كانت بنت خمس عشرة سنة ، وقيل ثلاث عشرة ، وأنّه كلّم الناس وهو ابن أربعين يوما ، ولم يتكلّم بعدها حتى بلغ زمن كلام الصبيان.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم زاهدا لم يتّخذ بيتا ولا متاعا ، وكان قوته يوما بيوم ، وكان سيّاحا فى الأرض ، وكان يمشى (٣) على الماء ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله ، ويخبرهم بما يأكلون ويدّخرون فى بيوتهم ، وكان له الحواريّون (٤) الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه ، وكانوا أثنى عشر (٥) رجلا ، وكانوا أصفياءه وأنصاره ووزراءه ، قيل كانوا أوّلا صيّادين ، وقيل قصّارين ، وقيل ملّاحين.

وممّا أكرمه الله به تأييده بروح القدس ، قال الله تعالى : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)(٦) قيل : هو الرّوح الذى نفخ فيه ، وقيل جبريل كان يأتيه ويسير معه ، وقيل : هو اسم الله الأعظم ، وبه كان يحيى الموتى ويرى النّاس العجائب ، ومنها علّمه التوراة والإنجيل وكان يقرؤهما حفظا. ومنها أنّه يخلق من الطّين كهيئة الطّير فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله. قال الثعلبى : قالوا إنّما يخلق الخفّاش خاصّة لأنه أكمل الطير خلقة ، له ثدى وأسنان ويلد ويحيض ويطير. قال : وقال وهب بن منبّه : كان يطير حتى يغيب عن النّاس ثم يقع ميّتا ليتميّز خلق الله من فعل غيره. ومنها إبراؤه الأكمه والأبرص ـ والأكمه : الذى ولد أعمى ـ وإنّما خصّ هذين لأنّه لا يرجى زوالهما ، ولا حيلة للمخلوقين فيها ، وكان زمن الأطبّاء وظهرت بهما معجزته. ومنها إحياؤه الموتى ، قالوا فأحيا جماعة منهم

__________________

(١) وأخرجه الطبرانى عن أوس بن أوس كما فى الفتح الكبير.

(٢) فى قصص الأنبياء للثعلبى (ط. الشرقية) : عشرين سنة وما هنا هو رواية مقاتل كما فى نهاية الأرب (ج ١٤ / ٢١٥)

(٣) لم ترد فى معجزاته عليه‌السلام ولا فيما ذكره الله به من نعمته.

(٤) الحواريون : هم خاصة الأنبياء ودخلاؤهم وأنصارهم.

(٥) وأسماؤهم كما فى العهد الجديد / ١٧ : «سمعان الذى يقال له بطرس ، وأندراوس أخوه ، يعقوب بن زبدى ، ويوحنا أخوه ، فيلبس ، وبرثولماوس ، توما ، ومتى العشار ، يعقوب بن حلفى ، ولباوس الملقب تداوس ، سمعان القانوى ، ويهوذا الأسخريوطي».

(٦) الآية ٨٧ سورة البقرة.

١١٤

العازر (١) أحياه بعد موته ودفنه بثلاثة أيّام ، فقام وعاش مدّة وولد له ولد. ومنهم بنت العاشر (٢) ، أحياها وولدت بعد ذلك ؛ ومنهم سام بن نوح وعزير وقصصهم (٣) مشهورة ، ومنها إخباره بالمغيّبات ، قال الله عزوجل إخبارا عنه (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ)(٤) ومنها مشيه (٥) على الماء ، ومنها نزول المائدة عليه من السّماء ، ومنها رفعه إلى السّماء. وقد ثبت فى الصّحيحين أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ينزل عيسى بن مريم من السّماء ويقتل الدّجّال بباب لدّ» ، وأحاديثه فى قصّة الدجّال مشهورة فى الصّحيح. وينزل عيسى حكما عدلا رسولا ، وإنّما يصلّى وراء الإمام منّا تكرمة الله لهذه الأمة. وجاء أنه يتزوّج بعد نزوله ويولد له ، ويدفن عند النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال بعضهم :

هذا ابن مريم فى مجال الجاه

فى عزّه متكامل متناهى

فى مهده للأمّ أوحى شاهدا

متكلّما بأوامر ونواهى

فالطّين فى يده كهيئة طائر

يرمى بها طيرا يطير كما هى

والأكمه المكفوف عند دعائه

عيناه تبصر والبصير يضاهى

/ أبرى من ابرص ما يشين جماله

ليس الطبيب بما يليه يباهى

كم ميّت متفتّت فى قبره

أحيا بإذن الله روح الله

ولنجعل هذا آخر ما تيسّر من الكلام على لطائف التنزيل العزيز. وإيراد المعانى الجمة فى اللّفظ الوجيز. وقد وفق الله تعالى لإكماله وإتمامه ، بمنّه وجوده وأفضاله وإنعامه فى أسرع زمان ، وأقرب مدّة الإمكان. والحمد لله ربّ العالمين على فضله الموفور. وقبوله منّا عفو خاطرنا المبرور ، وصلاته وسلامه على سيّد المرسلين. وخاتم النبيّين ، وحبيب ربّ العالمين. وعلى آله وعترته الطاهرين الطيّبين. وأصحابه السّادة الغرّ المحجّلين. وعلى من تعلّق بحبّهم وتبعهم بإحسان إلى يوم الدّين. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

__________________

(١) فى ا ، ب : العادر وهو تصحيف ما أثبتناه عن نهاية الأرب ١٤ / ٢٣٠ وفى الأخبار أنه كان صديقه.

(٢) فى نهاية الأرب ١٤ / ٢٣٠ : العازر وما هنا موافق لما فى قصص الأنبياء للثعلبى (ط الشرقية) والعاشر رجل كان يأخذ العشور من الناس.

(٣) فى ا ، ب : وقصتهم ، وما أثبتناه هو الموافق للسياق.

(٤) الآية ٤٩ سورة آل عمران.

(٥) لم ترد فيما ذكره القرآن من معجزاته ولا فيما من الله به عليه.

١١٥

فهرس موضوعات بصائر ذوى التمييز

الباب الثلاثون فى بصائر أسماء الأنبياء عليهم‌السلام وبصائر الأعداء عليهم الغرام............................................................................................. ٧

١ ـ بصيرة فى ذكر نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم....................................................................................................................................... ٨

٢ ـ بصيرة فى ذكر آدم عليه‌السلام..................................................................................................................................... ٢٢

٣ ـ بصيرة فى ذكر نوح عليه‌السلام..................................................................................................................................... ٢٦

٤ ـ بصيرة فى ذكر ابراهيم عليه‌السلام.................................................................................................................................. ٣٢

٥ ـ بصيرة فى ذكر اسماعيل بن ابراهيم الخليل...................................................................................................................... ٣٩

٦ ـ بصيرة فى ذكر إسحاق عليه‌السلام................................................................................................................................. ٤٢

٧ ـ بصيرة فى ذكر يعقوب عليه‌السلام.................................................................................................................................. ٤٣

٨ ـ بصيرة فى ذكر يوسف عليه‌السلام.................................................................................................................................. ٤٦

٩ ـ بصيرة فى ذكر ادريس عليه‌السلام.................................................................................................................................. ٥١

١٠ ـ بصيرة فى ذكر يونس عليه‌السلام................................................................................................................................. ٥٣

١١ ـ بصيرة فى ذكر لوط عليه‌السلام................................................................................................................................... ٥٥

١٢ ـ بصيرة فى ذكر شعيب عليه‌السلام................................................................................................................................ ٥٧

١٣ ـ بصيرة فى ذكر أيوب عليه‌السلام................................................................................................................................. ٥٩

١٤ ـ بصيرة فى ذكر موسى عليه‌السلام................................................................................................................................. ٦١

١٥ ـ بصيرة فى ذكر هارون عليه‌السلام................................................................................................................................. ٦٧

١٦ ـ بصيرة فى ذكر فرعون....................................................................................................................................... ٦٩

١٧ ـ بصيرة فى ذكر هامان....................................................................................................................................... ٧٢

١٨ ـ بصيرة فى ذكر قارون....................................................................................................................................... ٧٣

١٩ ـ بصيرة فى ذكر السامرى.................................................................................................................................... ٧٤

٢٠ ـ بصيرة فى ذكر الخضر عليه‌السلام................................................................................................................................. ٧٦

٢١ ـ بصيرة فى ذكر الياس عليه‌السلام................................................................................................................................. ٧٨

٢٢ ـ بصيرة فى ذكر اليسع عليه‌السلام................................................................................................................................. ٧٩

٢٣ ـ بصيرة فى ذكر ذى الكفل.................................................................................................................................. ٨٠

٢٤ ـ بصيرة فى ذكر عزير عليه‌السلام................................................................................................................................... ٨١

٢٥ ـ بصيرة فى ذكر طالوت..................................................................................................................................... ٨٢

٢٦ ـ بصيرة فى ذكر داود عليه‌السلام................................................................................................................................... ٨٣

٢٧ ـ بصيرة فى ذكر سليمان عليه‌السلام................................................................................................................................ ٨٦

٢٨ ـ بصيرة فى ذكر ذى القرنين.................................................................................................................................. ٨٩

٢٩ ـ بصيرة فى ذكر لقمان عليه‌السلام................................................................................................................................. ٩٠

٣٠ ـ بصيرة فى ذكر زكريا عليه‌السلام................................................................................................................................... ٩٢

٣١ ـ بصيرة فى ذكر يحيى عليه‌السلام................................................................................................................................... ٩٤

٣٢ ـ بصيرة فى ذكر هود عليه‌السلام................................................................................................................................... ٩٦

٣٣ ـ بصيرة فى ذكر عاد......................................................................................................................................... ٩٨

٣٤ ـ بصيرة فى ذكر صالح عليه‌السلام.................................................................................................................................. ٩٩

٣٥ ـ بصيرة فى ذكر ثمود....................................................................................................................................... ١٠١

٣٦ ـ بصيرة فى ذكر ابليس..................................................................................................................................... ١٠٣

٣٧ ـ بصيرة فى ذكر مريم عليها‌السلام................................................................................................................................. ١٠٩

٣٨ ـ بصيرة فى ذكر عيسى عليه‌السلام............................................................................................................................... ١١١

١١٦

الفهارس العامة

١ ـ فهرس المواد اللغوية وما يتصل بها من فوائد

٢ ـ فهرس الألفاظ النحوية

٣ ـ فهرس الأحاديث

٤ ـ فهرس الأمثال

٥ ـ فهرس الحكم وبديع الكلام

٦ ـ فهرس الشعر

٧ ـ فهرس انصاف الأبيات

٨ ـ فهرس الرجز

٩ ـ فهرس الأعلام

١٠ ـ فهرس الفرق والمذاهب والطوائف

١١ ـ فهرس القبائل والعشائر والأمم

١٢ ـ فهرس البلاد والأمكنة ونحوها

١٣ ـ فهرس الكتب الواردة فى متن الكتاب

١٤ ـ فهرس مراجع التحقيق

١١٧
١١٨

١ ـ فهرس المواد اللغوية

مرتبة حسب اشتقاق المادة

وقد أبرزنا ما يتصل بها من فوائد ومناسبات

وفروق معنوية

١١٩
١٢٠