بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

١
٢

٣
٤

الباب السّادس والعشرون

فى الكلم المفتتحة بحرف النّون

وهى : النون ، ونبت ، ونبذ ، ونبز ، ونبط ، ونبع ، ونبأ ، ونتق ، ونثر ، ونجد ، ونجس ، ونجم ، ونجو ، ونحب ، ونحت ، ونحر ، ونحس ، ونحل ، ونحن ، ونخر ، ونخل ، وندّ ، وندم ، وندى ، ونذر ؛ ونزع ، ونزغ ، وتزف ، ونزل ، ونسب ، ونسأ ، ونسخ ، ونسر ، ونسف ، ونسك ، ونسل ، ونسى ، ونشأ ، ونشر ، ونشز ، ونشط ، ونصب ، ونصت ، ونصح ، ونصر ، ونصف ، ونصو ، ونضج ، ونضخ ، ونضد ، ونضر ، ونطح ، ونطف ، ونطق ، ونظر ، ونعج ، ونعس ، ونعق ، ونعل ، ونعم ، ونغض ، ونفث ، ونفح ، ونفخ ، ونفد ، ونفذ ، ونفر ، ونفس ، ونفش ، ونفع ، ونفق ، ونفل ، ونفى ، ونقب ، ونقذ ، ونقر ونقص ، ونقض ، ونقم ، ونكب ، ونكث ، ونكح ، ونكد ، ونكر ، ونكس ونكص ، ونكف ، ونكل ، ونمّ ، ونمل ، ونوأ ، ونور ، ونوح ، ونور ، ونوس ، ونوش ، ونوص ، ونوم ، ونهج ، ونهر ، ونهى.

٥

١ ـ بصيرة فى النون

وقد ورد على وجوه :

١ ـ حرف من حروف التهجّى ذولقىّ ، مخرجه قرب مخرج اللام. يذكّر ويؤنث ، والنسبة نونىّ ؛ وقد نوّنت نونا حسنا وحسنة ، جمعه : أنوان ونونات.

٢ ـ اسم لعدد الخمسين فى حساب الجمّل.

٣ ـ النون الأصلىّ ؛ مثل نون : نجم ، ومنع ، وعجن.

٤ ـ النون المكرّرة فى باب التفعيل ؛ نحو : فنّن (١).

٥ ـ النون الكافية : الّتى تكون كناية عن كلمة تامّة نحو : (ن وَالْقَلَمِ)(٢)

٦ ـ نون التنوين ، نحو : ربّ ونبىّ. وهذا لا يكون له فى الخطّ صورة إلّا فى كأيّن (٣).

٧ ـ نون التثنية (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)(٤).

٨ ـ نون جمع السّلامة ، ويكون مفتوحا أبدا : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) ويكون فى جمع التكسير معربا نحو إخوان وجيران.

٩ ـ نون الإعراب الّذى يكون دليل الرفع فى الأمثلة الخمسة :

__________________

(١) يقال : فنن الكلام : أخذ فى أنواع منه وفنون

(٢) صدر سورة القلم.

(٣) وذلك أن (كأين) اسم مركب من كاف التشبيه وأى الاستفهامية ، وبعد التركيب أشبه التنوين النون الأصلية فكتب نونا (وانظر المغنى).

(٤) الآية ١٤٣ سورة الأنعام.

٦

(فَآخَرانِ يَقُومانِ)(١) ، (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ / أَفْواجاً)(٢) ، (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٣).

١٠ ـ نون المطاوعة فى الفعل ، كقوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ)(٤) ، (فَانْفَجَرَتْ)(٥) ، (فَانْفَلَقَ)(٦).

١١ ـ نون الاستقبال (٧) : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ)(٨).

١٢ ـ نون الضمير : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)(٩) ، (يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَ)(١٠)

١٣ ـ نون التوكيد : (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) (١١) (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ)(١٢).

١٤ ـ النون الزّائدة وتكون فى الأوّل نحو (١٣) : نعلمهم ، وفى الثانى نحو : عنسل (١٤) ومندل (١٥) ، وفى الثالث نحو : جحنفل (١٦) وغضنفر ، وفى الرابع نحو : رعشن (١٧) وضيفن (١٨) ، وفى الخامس نحو : فرس فلتان (١٩) وفى السادس نحو : زعفران وترجمان ، وفى السّابع نحو : قرعبلانة (٢٠).

١٥ ـ النون المبدلة من اللام : هتلت السّماء وهتنت ، والمبدلة من. الهمزة ، نحو : صنعانىّ فى النسبة إلى صنعاء.

__________________

(١) الآية ١٠٧ سورة المائدة.

(٢) الآية ٢ سورة النصر.

(٣) الآية ٧٣ سورة هود.

(٤) الآية ٥ سورة التوبة.

(٥) فى الآية ٦٠ سورة البقرة.

(٦) الآية ٦٣ سورة الشعراء.

(٧) كذا فى ا ، ب ولعلها : الاستثقال

(٨) الآية ٩ سورة الحجر.

(٩) الآية ٢٣٧ سورة البقرة.

(١٠) الآية ٤٨ سورة يوسف.

(١١) الآية ١١٩ سورة النساء.

(١٢) الآية ٥٧ سورة الأنفال.

(١٣) فى الأصلين «نحن» والمناسب ما أثبت.

(١٤) العنسل : الناقة القوية السريعة وزيادة النون فيها عند من يأخذ اللفظ من عسلان الذئب ، وهو عدوه.

(١٥) المندل : العود الرطب ، وعند الأزهرى أنه رباعى الأصول.

(١٦) الجحنفل : الغليظ الشفتين.

(١٧) الرعشن من معانيه الجبان.

(١٨) الضيفن : من يجىء مع الضيف متطفلا.

(١٩) فلتان ، أى نشيط جرىء.

(٢٠) القرعبلانة : دويبة عريضة.

٧

١٦ ـ النون اللّغوىّ. قال الخليل : النون : الحرف المعروف ، والدّواة ، وجمع نونة الذقن ، وشفرة السّيف ، والحوت ؛ وفى الحديث (١) : «دسّموا نونته» يعنى نونة الذقن ، وفى الدّواة مثل : (ن وَالْقَلَمِ)(٢) ، وقال فى السّيف :

سأجعله مكان النّون منّى

وما أعطيت من عزّ الجلال (٣)

وبمعنى الحوت قال الله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً)(٤) قال الشّاعر :

عينان عينان ما فاضت دموعهما

لكلّ عين من العينين نونان

نونان نونان لم يكتبهما قلم

فى كلّ نون من النّونين نونان

وجمع نون الحوت : نينان وأنوان.

ولو قيل : نن فى الشعر جاز.

__________________

(١) هو حديث عثمان ؛ رأى صبيا مليحا فقال : دسموا ، أى سودوها لئلا تصيبه العين. (وانظر التاج).

(٢) صدر سورة القلم. وقال الزمخشرى فى كشافه : وأما قولهم : هو الدواة فما أدرى أهو وضع لغوى أم شرعى.

(٣) ورد البيت فى اللسان هكذا :

ويخبرهم مكان النون منى

وما أعطيته عرق الخلال

وهو للحارث بن زهير وكان قتل حمل بن بدر ، وأخذ منه هذا السيف. يقول : لم أعط هذا السيف عن خلال أى مخالة ومودة ولكن أخذته قهرا بقتل صاحبه (وانظر اللسان فى المادة).

(٤) الآية ٨٧ سورة الأنبياء.

٨

٢ ـ بصيرة فى نبت

النّبت والنّبات بمعنى. ونبت البقل. والمنبت (١) : موضع النبات. والنّوابت من الأحداث (٢) : الأغمار.

وأنبتت الأرض النبات. وأنبت البقل ، أى نبت ، ويروى قول زهير بالوجهين :

إذا السّنة الغرّاء بالناس أجحفت

ونال كرام المال فى الجحرة الأكل (٣)

رأيت ذوى الحاجات فوق بيوتهم

قطينا لهم حتّى إذا أنبت البقل (٤)

هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا

وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا (٥)

وأنكر الأصمعىّ أنبت البقل وقال : لا أعرف إلّا نبت البقل ، ولا يقول عربىّ : أنبت فى معنى نبت. وأنبته الله فهو منبوت على غير قياس. وأنبت الغلام : راهق واستبان شعر عانته.

والنبات عامّ فى كلّ ما ينبت ، لكن صار فى التعارف اسما لما لا ساق له ، بل [اختصّ](٦) بما يأكله الحيوانات ، وعلى هذا قوله تعالى : (لِنُخْرِجَ

__________________

(١) أحد ما شذ من هذا الضرب ، وقياسه : المنبت بفتح الباء (انظر اللسان مادة «نبت»).

(٢) الأحداث : جمع حدث ـ بالتحريك ـ وهو الفتى حديث السن. والأغمار : جمع غمر ـ بوزن قفل ـ وهو الذى لم يجرب الأمور.

(٣) السنة الفراء : التى فيها بياض لكثرة الثلج ، وليس فيها نبات ، والرواية فى الديوان بشرح ثعلب ١١٠ ، «البيضاء». والحجرة : السنة الشديدة تحجر الناس ، أى تدخلهم بيوتهم لكثرة ثلجها وبردها. يريد أن الناس لا يجدون لبنا فينحرون الإبل للأكل فيضر ذلك بالمال وينال منهم.

(٤) فى الديوان : «حول بيوتهم» فى مكان «فوق بيوتهم». وقوله : قطينا لهم : نازلين بهم. وقوله : حتى إذا أنبت البقل ، أى حتى يخصب الناس ويزول الجدب.

(٥) الاستخبال : أن يستعير الرجل من الرجل إبلا يشرب ألبانها وينتفع بأوبارها. والإخبال : منح هذه الإبل. وييسروا : يدخلوا فى الميسر وهو القمار. والإغلاء هنا : أنهم يأخذون فى الميسر سمان الجزر ولا ينحرون إلا غاليها.

(٦) زيادة من الراغب : وعبارة الراغب : «بل اختص عند العامة بما يأكله الحيوان» وهى ظاهرة.

٩

بِهِ حَبًّا وَنَباتاً)(١). ومتى اعتبرت الحقائق فإنه يستعمل فى كلّ نام ، نباتا كان أو حيوانا أو إنسانا ، والإنبات يستعمل فى كلّ ذلك قال تعالى : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(٢) قال النحويّون : (نَباتاً) موضوع موضع الإنبات وهو مصدر ، وقيل : (نَباتاً) حال لا مصدر ، ونبّه بذلك أنّ الإنسان من وجه نبات من حيث إنّ بدأه ونشأه من التّراب (ونموّه فيه (٣)) ، وعلى هذا نبّه بقوله : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ)(٤).

ونبّت الشجر تنبيتا : غرسه ، والصّبىّ : ربّاه.

والتنبيت : اسم لما ينبت من دقّ الشجر وكباره ، قال رؤبة :

مرت يناصى خرقها مروت

صحراء لم ينبت بها تنبيت (٥) :

__________________

(١) الآية ١٥ سورة النبأ.

(٢) الآية ١٧ سورة نوح.

(٣) عبارة الراغب : «وأنه ينمو نموه ، وإن كان له وصف زائد على النبات».

(٤) الآية ١١ سورة فاطر.

(٥) ديوانه : ٢٥ ـ الجمهرة ١ : ١٩٨ ، وفى اللسان المشطور الثانى. مرت : قفر لا نبات فيه. يناصى : يتصل به ـ والمروت بالفتح : المرت وهو القفر ، وبضم الميم : جمع مرت.

١٠

٣ ـ بصيرة فى نبذ ونبر

نبذت الشىء أنبذه بالكسر نبذا : إذا ألقيته من يدك ، وقوله تعالى : (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)(١) ، أى [ألق] إليهم عهدهم الّذى عاهدتهم عليه. وقال الأزهرىّ : معناه : إذا هادنت قوما فعلمت منهم النقض للعهد فلا توقع بهم سابقا إلى النقض ، حتّى تلقى إليهم أنك قد نقضت العهد / والموادعة ، فيكونوا [معك](٢) فى علم النقض مستوين ، ثم أوقع بهم.

وقوله تعالى : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ)(٣) أى رموه ورفضوا العمل به.

وانتبذ فلان أى ذهب ناحية ، واعتزل اعتزال من يقلّ مبالاته بنفسه فيما بين الناس ، قال تعالى : (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا)(٤) أى اعتزلت وتنحّت.

والنّبز بالتحريك : اللّقب جمعه : الأنباز. والنبز بالتسكين : المصدر. نبزه ينبزه نبزا : لقّبه. ورجل نبزة ـ كهمزة ـ : يلقّب الناس كثيرا. وهو نبز ـ ككتف ـ أى لئيم فى حسبه وخلقه. فلان ينبّز الصّبيان (٥) تنبيزا : شدّد للمبالغة.

والتّنابز : التعاير. وقوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ)(٦) أى لا تداعوا. وقال الزجّاج : أى لا يقول المسلم لمن كان نصرانيّا أو يهوديّا فأسلم لقبا يعيّره [فيه](٧) أنه كان نصرانيّا أو يهوديّا. قال : وقد يحتمل أن يكون فى كلّ لقب يكرهه الإنسان.

__________________

(١) الآية ٥٨ سورة الأنفال.

(٢) زيادة من اللسان.

(٣) الآية ١٨٧ سورة آل عمران.

(٤) الآية ١٦ سورة مريم.

(٥) فى اللسان : «بالصبيان».

(٦) الآية ١١ سورة الحجرات.

(٧) زيادة من اللسان.

١١

٤ ـ بصيرة فى نبط

نبط الماء ينبط وينبط نبطا ونبوطا : نبع ، قال ابن دريد : نبطت البئر : إذا استخرجت ماءها. والنبط ـ محركة ـ أوّل ما يظهر من ماء البئر إذا حفرتها.

وقال ابن عبّاس رضى الله عنهما : نحن معاشر قريش حىّ من (١) النبط من أهل كوثى. وسمّوا نبطا لأنهم يستنبطون المياه.

وأنبط الرّجل : انتهى إلى النبط أى الماء. وأنبط : استخرج النبط. وكلّ شىء أظهرته بعد خفائه فقد أنبطته واستنبطته.

وقوله تعالى : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٢) أى يستخرجونه. واستنبط الفقيه : إذا استنبط الفقه الباطن بفهمه واجتهاده.

__________________

(١) يريد أن قريشا من نسل إبراهيم عليه‌السلام ، وهو من كوثى فى العراق.

(٢) الآية ٨٣ سورة النساء.

١٢

٥ ـ بصيرة فى نبع

نبع الماء ينبع وينبع نبوعا ونبعا : إذا خرج من العين ، ومنه قيل العين : ينبوع ، قال الله تعالى : (حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً)(١) وقال ابن دريد : الينبوع : الجدول الكثير الماء. ومنابع الماء : مخارجه.

وانباع (٢) العرق : سال. وكلّ راشح منباع.

ومثل من أمثالهم : مخرنبق لينباع ، أى ساكت لينبعث. وانباع الرجل : وثب بعد سكون

__________________

(١) الآية ٩٠ سورة الإسراء.

(٢) فى القاموس أن ذكر «انباع» هنا وهم ، وإنما يذكر فى (بوع).

١٣

٦ ـ بصيرة فى نبأ

النّبأ ـ محركة ـ : الخبر. ونبّأ وأنبأ : أخبر ، ومنه اشتق [النبى] قال تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(١) وعلى هذا هو فعيل بمعنى فاعل ، [و] قال تعالى : (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)(٢) وعلى هذا فهو فعيل بمعنى مفعول. غير أنهم تركوا الهمزة فى النبىّ ، والبريّة ، والذّرّية ، والخابية ؛ إلا أهل مكّة حرسها الله ، فإنهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهمزون غيرها ويخالفون العرب فى ذلك.

وتصغير النبىّ نبيّئ كنبيّع ، وتصغير النبوّة نبيّئة مثال نبيّعة ، يقول العرب : كانت نبيّئة مسيلمة نبيّئة سوء وجمع النبىّ أنبئاء ونبآء. قال العبّاس بن مرداس :

يا خاتم النباء إنّك مرسل

بالحقّ كلّ هدى السبيل هداكا (٣)

إنّ الإله بنى عليك محبّة

فى خلقه ومحمّدا سمّاكا (٤)

ويروى : يا خاتم الأنباء. ويجمع أيضا على نبيّين وأنبياء ؛ لأن الهمز لمّا أبدل وألزم الإبدال جمع جمع ما أصل لامه حرف العلة ؛ كعيد وأعياد.

ونبّأ تنبئة : أخبر ، وقوله تعالى : (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا)(٥) أى لتجازينّهم بفعلهم. ويقول العربىّ (٦) للرّجل إذا توعّده : لأنبّئنّك ولأعرّفنّك. ونبّأته أبلغ من أنبأته. ويدلّ على ذلك قوله تعالى : (قالَتْ

__________________

(١) الآية ٤٩ سورة الحجر.

(٢) الآية ٣ سورة التحريم.

(٣) فى الاصلين : هدى النبىّ وما أثبت عن اللسان والتاج والسيرة على هامش الروض ٢ : ٢٩٥

(٤) فى اللسان : «ثنى» فى مكان «بنى».

(٥) الآية ١٥ سورة يوسف.

(٦) فى الأصلين العرب.

١٤

مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)(١) ولم يقل : أنبأنى بل عدل إلى نبّأ الّذى هو أبلغ ؛ تنبيها على تحقيقه (٢) وكونه من قبل الله.

/ والنبوّة : سفارة بين الله وبين ذوى العقول ؛ لإزاحة عللهم فى أمر معادهم ومعاشهم.

والنبأة : الصّوت. ونبأت أنبأ نبوءا ، أى ارتفعت ، وكلّ مرتفع نابئ ونبيء. وفى بعض الآثار : لا يصلّى على النبي ، أى المكان المرتفع المحدودب.

ونبأت على القوم نبأ ونبوءا : إذا طلعت عليهم. ونبأت من أرض إلى أرض : إذا خرجت منها إلى أخرى وهذا المعنى أراد الأعرابىّ بقوله : يا نبى الله ، أى يا من خرج من مكّة إلى المدينة ، فأنكر عليه الهمز وقال : «إنّا معشر قريش لا ننبر» ، ويروى : لا تنبر باسمى فإنما أنا نبىّ الله ولست بنبىء الله.

__________________

(١) الآية ٣ سورة التحريم.

(٢) في الأصلين «الحقيقة» وما أثبت عن الراغب وعن التاج فى نقله عن الراغب.

١٥

٧ ـ بصيرة فى نتق ونثر ونجد

نتق الشّىء : جذبه ، قال تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ)(١) قال أبو عبيدة : أى زعزعناه واستخرجناه من مكانه. قال : وكلّ شىء قلعته فرميت به فقد نتقته. وقد نتقت المرأة تنتق ، ولهذا قيل للمرأة الكثيرة الولد : ناتق ومنتاق ؛ لأنّها ترمى بالأولاد رميا. ومنه الحديث : «عليكم بالأبكار ، فإنّهنّ أعذب أفواها ، وأنتق أرحاما ، وأرضى باليسير» (٢) أنتق أرحاما : أى أكثر أولادا ؛ أخذ من نتق السّقاء وهو نفضه ، ونتق الجرب (٣) : إذا نفضها ونثر ما فيها.

نثر الشّىء : نشره وتفريقه. نثره ينثره نثرا فانتثر ، قال تعالى : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ)(٤).

والنّثار بالضمّ : ما تناثر من الشّىء.

ودرّ منثّر ، شدّد للكثرة. والانتثار والاستنثار بمعنى (٥)

النجدة : الشجاعة. والنجد : ما ارتفع من الأرض ، والجمع : نجاد ونجود وأنجد. ومنه قولهم : طلّاع أنجد ، وطلّاع الثنايا : إذا كان ساميا لمعالى الأمور. قال محمّد بن أبى شحاذ (٦) :

__________________

(١) الآية ١٧١ سورة الأعراف.

(٢) ورد الحديث فى الجامع الصغير عن ابن ماجه والبيهقى.

(٣) الجرب : جمع جراب ، وهو الوعاء المعروف.

(٤) الآية ٢ سورة الانفطار.

(٥) وهو استنشاق الماء.

(٦) محمد بن أبى شحاذ شاعر الامى ، ويعرف : بحميد بن أبى شحاذ الضبى. وقد نسب الأصمعى البيت مع بيت آخر قبله إلى خالد بن علقمة الدارمى (اللسان ـ ق ل ل).

١٦

وقد يقصر القلّ الفتى دون همّه

وقد كان لو لا القلّ طلّاع أنجد (١)

وتجمع النّجود أنجدة.

وقوله تعالى : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)(٢) أى طريق الخير والشرّ ، وقال مجاهد : الثّديين.

والنّجد : الطريق المرتفع ، قال امرؤ القيس :

غداة غدوا فسالك بطن نخلة

وآخر منهم جازع نجد كبكب (٣)

__________________

(١) والبيت فى معجم الشعراء للمرزبانى : ٣٤٥ (ط. الحلبى) وكذا فى شرح حماسة أبى تمام للمرزوقى : ١١٩٩ ـ ١٢٠٢ برواية : وقد يعقل من العقل وهو الحبس.

القل : القلة. همه : عزمه. والمعنى أن القلة تمنع صاحبها من طلب المعالى وقد كان مواصلا للأمور العظام لو لا القلة.

(٢) الآية ١٠ سورة البلد.

(٣) ديوان امرئ القيس (ط. المعارف) : ٤٣ ـ اللسان : (جزع).

١٧

٨ ـ بصيرة فى نجس

النّجس والنّجس والنّجس والنّجس والنّجس (١) : ضدّ الطّاهر ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)(٢) ، وقرئ نَجْس بسكون الجيم وفتح النون ، وقرأ الضحّاك نَجِس مثال كتف ، وقرأ الحسن بن عمران ونبيح وأبو واقد والجرّاح وابن قطيب : نِجْس مثال رجس ، وقال الفرّاء : إذا قالوه مع الرجس أتبعوه ايّاه ، وقالوا : رجس نجس. وكان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا دخل الخلاء قال : «اللهمّ إنّى أعوذ بك من الرّجس النّجس ، الخبيث المخبث الشّيطان الرّجيم (٣)» وقد نجس ينجس مثال سمع يسمع ، ونجس ينجس مثال كرم يكرم. وقال ابن الأعرابىّ : النجس بضمتين المعوّذون (٤). وبه داء ناجس ونجيس : إذا كان لا يبرأ منه.

وداء به أعيا الأطباء ناجس (٥)

وقال ساعدة بن جؤيّة : ـ

إن الشّباب رداء من يزن تره

يكسى الجمال ويفند غير محتشم (٦)

والشّيب داء نجيس لا شفاء له

للمرء كان صحيحا صائب القحم

__________________

(١) الأولى بالفتح مع سكون الجيم ، والثانية بالكسر مع سكون الجيم ، والثالثة بالتحريك ، والرابعة : ككتف ، والخامسة كعضد.

(٢) الآية ٢٨ سورة التوبة.

(٣) رواه أبو داود فى مراسيله عن الحسن مرسلا كما فى الفتح الكبير : ٣٥٣ وفيه : برواية «إذا دخل الغائط» وما هنا كما فى النهاية لابن الأثير.

(٤) فى ا ، ب : المعقدون ، والتصويب من اللسان (نجس) وممكن توجيهها أى الذين يعقدون التعاويذ على الأطفال.

(٥) عجز بيت لأبى ذؤيب الهذلى وصدره :

لشانئه طول الضراعة منهم.

والرواية فى الديوان ـ ٢١٨ : دواء قد أعيا بالأطبة ناجس. وانظر الأساس : (مادة ـ ن ج س).

(٦) البيت الأول منسوب له فى اللسان (حشم). والثانى فى شرح أشعار الهذليين ١١١٢. وانظر الأساس (ن ج س). والرواية فيهما «لا دواء له» ، وصائب القحم يريد إذا اقتحم فى أمر أصاب.

١٨

وإذا قلت : رجل نجس ككتف ثنّيت وجمعت ، وإذا قلت : نجس بفتحتين لم تثنّ ولم تجمع ، وقلت : رجل نجس ، ورجلان نجس ، ورجال نجس ، وامرأة نجس ، ونساء نجس. ويقال : أنجسه ونجّسه تنجيسا.

ثمّ اعلم أنّ النّجاسة ضربان / : ضرب يدرك بالحاسّة ، وضرب يدرك بالبصيرة ، وعلى الثانى وصف الله به المشركين فى الآية المتقدّمة.

ويقال : نجّسه أى أزال نجسه ، فهو من الأضداد. والتنجيس شىء كانت العرب تفعله على الّذى يخاف عليه من ولوع الجنّ به. قال الممزّق البكرىّ واسمه شأس (١) بن نهار :

ولو أن عندى حازيين وراقيا

وعلّق أنجاسا علىّ المنجّس (٢)

قال ثعلب : قلت لابن الأعرابىّ : لم قيل للمعوّذ منجّس وهو مأخوذ من النجاسة؟ فقال : للعرب أفعال تخالف معانيها ألفاظها ، يقال فلان يتنجّس : إذا فعل فعلا يخرج به من النجاسة ، كما يقال يتأثّم ويتحوّب (٣) ويتحنّث : إذا فعل فعلا يخرج به من الإثم والحوب والحنث.

__________________

(١) فى ا ، ب : شابر ، والتصويب من معجم الشعراء للمرزبانى.

(٢) البيت فى الأساس (نجس) بدون عزو برواية ولو كان عندى حازيان وراقب ، وورد فى التاج (نجس) برواية : وكان لدى كاهنان وحارث والحازى : الكاهن ـ والراقب : يريد المنجم.

(٣) فى اللسان (نجس): «يتحرج».

١٩

٩ ـ بصيرة فى نجم ونجو

النّجم : الكوكب الطالع ، والجمع : أنجم وأنجام ونجوم ونجم. والنّجم ـ أيضا من النّبات : ما نجم على غير ساق. والنّجم أيضا : الثريّا. وقوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى)(١) قيل : أراد به الكوكب (٢) ، وإنّما خصّ الهوىّ دون الطلوع فإن لفظة النّجم دلّت على طلوعه. وقيل أراد بالنّجم الثريّا فإنّ العرب إذا أطلقت النجم تريد به الثريّا كقوله (٣) : طلع النّجم غديّه وابتغى الرّاعى شكيّه (٤).

وقيل أراد بذلك (٥) القرآن الكريم المنزّل نجما نجما ، ويعنى بقوله هوى نزوله. وقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)(٦) فسّر بالوجهين. وقوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)(٧) النّجم : ما لا ساق له من النّبات.

والنّجم : الوقت المضروب ، والأصل ، وكلّ وظيفة من شىء.

وتنجّم : رعى النّجوم من سهر أو عشق. والمنجّم (٨) والمتنجّم والنّجّام ، من ينظر فيها بحسب مواقيتها وسيرها.

نجا نجوا ، ونجاء ونجاة ، ونجاية : خلص. ونجّاه الله وأنجاه ،

__________________

(١) صدر سورة النجم.

(٢) فى ا ، ب : الكواكب وما أثبت عن المفردات للراغب.

(٣) فى اللسان : ومنه قول ساجعهم.

(٤) فى ا ، ب : كسيه. والتصويب من اللسان ـ ومفردات الراغب. والشكيّة : تصغير الشكوة ، وهى : وعاء من أدم يبرد فيه الماء ويحبس فيه اللبن.

(٥) فى ا ، ب : أراد بالقرآن الكريم ، وما أثبت عن مفردات الراغب.

(٦) الآية ٧٥ سورة الواقعة.

(٧) الآية ٦ سورة الرحمن.

(٨) فى ا ، ب : النجم ، والتصويب من القاموس.

٢٠