بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

٥ ـ بصيرة فى اليد

اليد : الكفّ ، وقيل : اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف (١) ، وأصلها يدى (٢) ، والجمع يدىّ ، وجمع الجمع أياد. وفيها لغات : اليد بالتخفيف ، واليدّ بالتشديد ، واليدى كفتى ، واليدة (٣). وإنّما قلنا أصلها يدى لأنهم يجمعونها على أيد ، وأيد أفعل ، وأفعل فى جمع فعل أكثر نحو أظب (٤) وأفلس ، قال الله تعالى : (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها)(٥) ، وقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(٦). وقولهم : يديان يدلّ على أنّ أصله فعل. ويديته : ضربت يده.

واستعير اليد للجاه ، والوقار ، والطّريق ، ومنع الظلم ، والقوّة ، والقدرة ، والسّلطان ، والملك ـ بكسر الميم ـ والجماعة ، والأكل (٧) ، والنّدم ، والغياث ، والإسلام (٨) ، والذّلّ ، والنّعمة ، والإحسان ، والجمع : يدىّ مثلّثة الأوّل ، وأيد.

ويدى كعنى ، ويدى كرضى ، وهذه ضعيفة : أولى برّا.

ويديته : أصبت / يده ؛ واتخذت عنده يدا كأيديت عنده ، وهذه أكثر ، فأنا مود ، وهو مودى إليه.

__________________

(١) هذا قول الزجاج ، وقال غيره : إلى المنكب.

(٢) فحذفت الياء تخفيفا فاعتقبت حركة اللام على الدال.

(٣) فى ا ، ب ، والقاموس : اليدة وما أثبتناه هو ما صوبه شارح القاموس عن التكملة.

(٤) كذا فى ا ، ب ، وفى المفردات أكلب.

(٥) الآية ١٩٥ سورة الأعراف.

(٦) الآية ٦ سورة المائدة.

(٧) مثلوا له بقولهم : ضع يدك أى كل.

(٨) وكذا فى القاموس ، وفى شرحه : الصواب الاستسلام وهو الانقياد.

٣٨١

ويقال : هذا فى يد فلان ، أى فى حوزه وملكه ، قال الله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)(١).

ولفلان يد على كذا ، أى قوّة وتسلّط. ومالى بكذا يد ، وما لي به يدان ..

ويده مطلقة ، عبارة عن بثّ النّعمة ، ويده مغلولة ، عبارة عن إمساك النّعم ، قال الله تعالى : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ)(٢) تنبيها على التوسّط بين طرفى التبذير والتّقتير.

ويقال : نفضت يدى عن كذا ، أى خلّيته وتركته

وقوله تعالى : (إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)(٣) أى قوّيت يدك وقوله : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ)(٤) تنبيه أنّهم اختلقوه ، وذلك كنسبة القول إلى أفواههم فى قوله : (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ)(٥) تنبيها على اختلاقهم.

وقوله تعالى : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ)(٦) إشارة إلى القوّة الموجودة لهم. وقوله : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ)(٧) أى القوىّ (٨).

وقوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ)(٩) أى يعطون ما يعطون عن مقابلة نعمة عليهم فى مقارّتهم. وموضع (١٠) قوله عن يد

__________________

(١) الآية ٢٣٧ سورة البقرة.

(٢) الآية ٢٩ سورة الإسراء.

(٣) الآية ١١٠ سورة المائدة.

(٤) الآية ٧٩ سورة البقرة.

(٥) الآية ٣٠ سورة التوبة.

(٦) الآية ٤٥ سورة ص.

(٧) الآية ١٧ سورة ص.

(٨) فى المفردات : القوة.

(٩) الآية ٢٩ سورة التوبة.

(١٠) أى فى الإعراب.

٣٨٢

حال. وقيل : بعد (١) اعتراف أنّ أيديكم فوق أيديهم ، أى يلزمون الذل.

ويقال : فلان يد فلان ، أى وليّه وناصره. ويقال (٢) لأولياء الله هم أيدى الله ، وعلى هذا الوجه قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(٣) فإذا يده صلى‌الله‌عليه‌وسلم يد الله ، وإذا كان يده فوق أيديهم فيد الله فوق أيديهم. ويؤيّد ذلك ما فى الصّحيحين من الحديث القدسىّ : «لا يزال العبد يتقرّب إلىّ بالنّوافل حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الّذى يسمع به ، وبصره الذى يبصر به ، ويده الّتى يبطش بها (٤)».

وقوله تعالى : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ)(٥) عبارة عن تولّيه لخلقه باختراعه الذى ليس إلا له تعالى. وخصّ لفظ اليد إذ هى أجلّ الجوارح الّتى يتولّى بها الفعل فيما بيننا ليتصوّر لنا اختصاص المعنى ، لا لنتصوّر منه تشبيها. وقيل : معناه بنعمتى التى رشّحتها لهم. والباء فيه ليس كالباء فى قطعته بالسكّين ، بل هو كقولهم : خرج بسيفه ، أى ومعه سيفه ، أى خلقته ومعه نعمتاى الدّنيويّة والأخرويّة اللتان إذا رعاهما (٦) بلغ بهما السّعادة الكبرى.

وقوله : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(٧) ، قيل : نعمته ونصرته وقوّته.

__________________

(١) فى المفردات : بل.

(٢) فى ا ، ب : والتاج ولا يقال ، وما أثبتناه عن المفردات وهو الوجه.

(٣) الآية ١٠ سورة الفتح.

(٤) أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة.

(٥) الآية ٧٥ ص.

(٦) فى ا ، ب : راعاهما. وما أثبت عن المفردات.

(٧) الآية ١٠ سورة الفتح.

٣٨٣

ورجل يدىّ ، وامرأة يديّة ، أى صناع.

وقوله : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ)(١) أى ندموا ، يقال : سقط (فى يده وأسقط (٢)) ، وذلك عبارة عن المتحسّر أو عمّن يقلّب كفّيه كما قال تعالى : (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها)(٣).

وقوله تعالى : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ)(٤) أى كفّوا عمّا أمروا بقبوله من الحقّ ، يقال ردّ يده فى فمه ، أى أمسك ولم يجب. وقيل : ردّوا أيدى الأنبياء فى أفواههم ، أى قالوا ضعوا أناملكم على أفواهكم واسكتوا. وقيل : ردّوا نعم الله بأفواههم ، أى بتكذيبهم. وقوله تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ)(٥) ، أى يد نعمته ويد منّته. وفى الحديث «اليد العليا خير من اليد السّفلى (٦)».

وقيل فى قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ)(٧) إنّها على الأصل ، لأنّ يدا لغة فى اليد ، أو هى الأصل وحذف ألفه كما قدّمناه ، وقيل بل هى تثنية اليد.

__________________

(١) الآية ١٤٩ سورة الأعراف.

(٢) ما بين القوسين ساقط من ا.

(٣) الآية ٤٢ سورة الكهف.

(٤) الآية ٩ سورة إبراهيم.

(٥) الآية ٦٤ سورة المائدة.

(٦) رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة «الفتح الكبير».

(٧) الآية ١ سورة المسد.

٣٨٤

٦ ـ بصيرة فى يسر

/ اليسر ضدّ العسر ، قال الله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)(١). وقوله تعالى : (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)(٢) ، أى تسهّل.

ويسر الأمر ويسر وتيسّر واستيسر. ويسّره الله تعالى وياسره : سهّله. وفى الدّعاء للحبلى : أيسرت وأذكرت (٣) ، أى يسّرت عليها الولادة ، وتيسّر له الخروج. وتيسّر له فتح جليل.

وخذ بميسوره ودع معسوره. ويسر الأمر كعنى ، فهو ميسور ، قال الله تعالى : (فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً)(٤)

وفرس يسر بفتحتين : ليّن الانقياد ، قال :

إنّى على تحفّظى ونزرى

أعسر إن ما رستنى بعسر (٥)

ويسر لمن أراد يسرى

وإنّ قوائم هذه الدّابّة يسرات ، أى خفاف ، قال كعب بن زهير :

تخدى على يسرات وهى لاحقة

ذوابل وقعهنّ الأرض تحليل (٦)

وولادة يسر. ويسّره الله فتيسّر.

__________________

(١) الآيتان ٥ ، ٦ سورة الشرح.

(٢) الآية ١٩٦ سورة البقرة.

(٣) أذكرت : ولدت ذكرا.

(٤) الآية ٢٨ سورة الإسراء.

(٥) الرجز فى الأساس واللسان (يسر).

(٦) اللسان (حلل). الأساس (يسر) ـ ديوانه (ط. دار الكتب) : ١٣.

تخدى : تسرع ـ يسرات : جمع يسرة أو يسرة ـ وقعهن الأرض : تأثيرهن فيها ـ تحليل : قليل.

٣٨٥

وفى الحديث : «إنّ هذا الدّين يسر (١)» أراد أنّه سهل سمح قليل التشديد. وفى حديث آخر : «يسّروا ولا تعسّروا (٢)». وفيه أيضا : «من أطاع الإمام وياسر الشّريك (٣)» ، وفيه : «كيف تركت البلاد؟ فقال : تيسّرت (٤)» أى أخصبت. وفيه : «لن يغلب عسر يسرين (٥)» أى أنّ العسر بين يسرين ، إمّا فرج عاجل فى الدّنيا ، وإمّا ثواب آجل فى الآخرة. وقيل : أراد أنّ العسر الثانى هو الأوّل لأنه ذكره معرّفا باللّام ، وذكر اليسرين نكرتين وكانا اثنين ، تقول : كسبت درهما ثمّ تقول : أنفقت الدّرهم ، فالثانى هو الأوّل المكتسب. وفى الحديث أيضا : «تياسروا فى الصّداق» (٦) أى تساهلوا فيه ولا تغالوا. وفيه : «اعملوا وسدّدوا وقاربوا ، فكلّ ميسّر لما خلق له (٧)». وفيه : «وقد يسّر له طهور» ، أى هيّئ ووضع. وفيه : «وقد تيسّر للقتال» : تهيّأ له واستعدّ.

وفى حديث علىّ رضى الله عنه : «اطعنوا اليسر (٨)» بالفتح وسكون السّين وهو الطّعن حذاء الوجه. وقال أيضا : «الشّطرنج ميسر العجم» شبّه اللّعب به بالميسر ، وهو القمار بالقداح. وكلّ شىء فيه قمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز.

وكان عمر رضى الله عنه أعسر أيسر (٩) هكذا يروى ، والصّواب

__________________

(١) رواه البخارى والنسائى عن أبى هريرة (الفتح الكبير).

(٢) رواه البخارى ومسلم عن أنس (الفتح الكبير).

(٣) الحديث بتمامه فى الفائق : ٣ / ٢٢٨.

(٤) الحديث بتمامه فى الفائق : ٢٠ / ١٢٥.

(٥) أخرجه الحاكم فى مستدركه عن الحسن مرسلا (الفتح الكبير) وانظر الفائق : ٣ / ٢٢٩.

(٦) الفائق : ٣ / ٢٢٨.

(٧) أخرجه الطبرانى عن ابن عباس (الفتح الكبير).

(٨) الفائق : ٢ / ٥٤٣.

(٩) الحديث بتمامه فى الفائق : ٢ / ٤٤٥.

٣٨٦

«أعسر يسر» ، وهو الّذى يعمل بيديه جميعا ويسمّى الأضبط أيضا.

واليسير يقال فى الشىء القليل. وفى الشىء السّهل ، فعلى الأوّل قوله تعالى : (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً)(١) ، وعلى الثانى قوله تعالى : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)(٢).

والميسرة واليسار عبارة عن الغنى ، قال تعالى : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٣).

واليسار : أخت اليمين ؛ واليسار بالكسر لغة فيها ، وليس فى الكلام له نظير سوى هلال بن يسار ، على أنّ الفتح لغة فيها.

ويسّرت الغنم : كثر لبنها.

__________________

(١) الآية ١٤ سورة الإسراء.

(٢) الآية ٣٠ سورة النساء ، والآيتان ١٩ ، ٣٠ سورة الأحزاب.

(٣) الآية ٢٨٠ سورة البقرة.

٣٨٧

٧ ـ بصيرة فى يقظ

رجل يقظ ويقظ ، مثال حذر وحذر ، وندس وندس : خلاف النائم ؛ يقال : يقظ بالكسر ييقظ ، كعلم يعلم ، يقظا ويقظة بالتحريك فيهما ، فهو يقظان وامرأة يقظى ، ورجال ونسوة أيقاظ ، قال الله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(١) ، قال رؤبة ويروى للعجّاج :

ووجدوا إخوتهم أيقاظا (٢)

ونساء يقاظى.

وقال اللّحيانى : يقظ الرّجل يقاظة ويقظا بيّنا فهو يقظ بالضّم. ورجل يقظ ويقظ أيضا : خلاف الغافل السّاهى ، وإنّما ذلك من الحذر.

وقال أبو عمرو : إنّ فلانا ليقظ : إذا كان خفيف الرأس / ويقال ما رأيت أيقظ منه.

ويقّظته من منامه وأيقظته ، أى نبّهته ، فتيقّظ واستيقظ. وفى الحديث «إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسنّ يده فى الإناء حتّى يغسلها ثلاثا (٣)».

واليقظة عند القوم أوّل منازل العبوديّة ، وهى انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين. ولله ما أنفع هذه الرّوعة ، وما أعظم

__________________

(١) الآية ١٨ سورة الكهف.

(٢) فى مشارف الأقاديز ١٢٩ لرؤبة برواية : وصادفوا.

(٣) فى الفتح الكبير : رواه مالك والشافعى وابن حنبل والبخارى ومسلم عن أبى هريرة.

٣٨٨

قدرها وخطرها ، وما أقوى إعانتها على السّلوك ، فمن أحس بها فقد أحسّ والله بالفلاح ، وإلّا فهو فى سكرات الغفلة ، فإذا انتبه وتيقّظ شمّر بهمّته إلى السّفر إلى منازله الأولى ، فأخذ فى أهبة السّفر ، وانتقل إلى منزلة العزم ، وهو العهد الجازم على الشىء ، ومفارقة كلّ قاطع ومعوّق ، وبحسب قوّة عزمه يكون استعداده ، فإذا استيقظ أوجبت اليقظة الفكرة وهى تحديق (١) القلب نحو المطلوب الّذى قد سعد به مجملا ، ولم يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه ، فإذا صحّت فكرته أوجبت له البصيرة ، وهى نور فى القلب يرى به حقيقة الوعد والوعيد ، والجنّة والنّار ، وما أعدّ الله فى هذه لأوليائه ، وفى هذه لأعدائه ، فأبصر النّاس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوه الحقّ (٢) ، وقد نزلت ملائكة السماوات فأحاطت ، وقد جاء الله ونصب كرسيّه لفصل القضاء ، وقد أشرقت الأرض بنوره ، ووضع الكتاب ، وجاء بالنبيين والشهداء ، وقد نصب الميزان ، وتطايرت الصّحف ، واجتمعت الخصوم ، وتعلّق كلّ غريم بغريمه ، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب ، وكثر العطاش ، وقلّ الوارد ، ونصب الجسر للعبور عليه ، والنار تحطم بعضها بعضا تحته والساقطون فيها أضعاف أضعاف الناجين ، فينفتح فى قلبه عين ترى ذلك ، ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة يريه الآخرة ودوامها ،

__________________

(١) فى ا : تحديد.

(٢) فى ا ، ب الخلق وما أثبتناه أولى.

٣٨٩

والدّنيا وسرعة انقضائها. والبصيرة نور يقذفه الله فى القلب يرى به حقيقة ما أخبرت به الرّسل كأنّه شاهد رأى عين ، فيتحقّق مع ذلك انتفاعه بما دعت إليه الرّسل وتضرّره بمخالفتهم. وهذا معنى قول بعض العارفين : البصيرة تحقّق الانتفاع بالشّىء ، والتّضرّر به. والله تعالى أعلم.

٣٩٠

٨ ـ بصيرة فى يقت

الياقوت فارسىّ معرّب نطق به القرآن المجيد ، قال الله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)(١) ، الواحد ياقوتة ، والجمع اليواقيت. وسكت عن ذكره أكثر أهل اللّغة. وقال أرسطاطاليس : الياقوت ثلاثة أجناس : أصفر وأحمر وكحلىّ ، فالأحمر أشرفها وأنفسها. وهو حجر إذا نفخ عليه النار ازداد حسنا وحمرة ، فإن كانت فيه نكتة شديدة الحمرة وأدخل النار انبسطت فى الحجر فسقته من تلك الحمرة وحسّنته ، وإن كانت فيه نكتة سوداء قلّ سوادها ونقص. والأصفر منه أقلّ صبرا على النار من الأحمر ، وأمّا الكحلىّ فلا صبر له على النار البتّة.

وجميع أنواع الياقوت / لا تعمل فيه المبارد. وأمّا طبعه فيشبه أن يكون معتدلا. وأمّا خاصّيّته فى تفريح (٢) النفس وتقوية القلب ومقاومة السّموم فأمر عظيم ، ويشبه أن تكون هذه الخاصيّة فيه قوة قابضة منه كقبضانها من المغناطيس ، ولذلك (٣) يجذب المغناطيس الحديد من بعيد.

وممّا ينفع فى هذا الباب من أمر الياقوت أنّه يبعد أن يقال إن

__________________

(١) الآية ٥٨ سورة الرحمن.

(٢) فى ا : تفريج بالجيم المعجمة ، وكذلك وردت فيها كلما ذكرت.

(٣) فى ب : وكذلك.

٣٩١

حرارتها الغريزيّة تفعل فى الياقوت المسروب إحالة وتحليلا وتمزيجا لجوهره بجواهر البخار الرّوحى كما يفعل الزّعفران أو غيره ، ثمّ يحدث منه فعله ، فإنّ جوهره كما يظهر جوهر بعيد عن الانفعال ، فيشبه أن يكون فعل الحرارة الغريزية غير مؤثّر فى جوهره ولا فى أعراضه اللازمة لصورته ، ولكن فى أقصى أينه ومكانه ، وفى عرضيّته (١) ، أمّا فى أينه فبأن ينفذ مع الدّم إلى ناحية القلب فيصير أقرب من المنفعل فيفعل فعله أقوى ؛ وامّا فى (٢) كيفيّته فبتسخينه ، ومن شأن السخونة أن تبيّن الخواص وتنبّهها مثل الكهرباء ، فإنّه إذا قصّر فى جذب التّبن حكّ حتى يسخن ثمّ قوبل به التبن فيجذبه.

وما يشهد به الأوّلون من تفريح (٣) الياقوت إمساكه فى الفم ، وهذا دليل على أنّه ليس يحتاج فى تفريحه إلى استحالة من جوهره وأعراضه اللازمة له ، ولا إلى مماسّة المنفعل عنه ، بل قوّته المفرّحة قابضة عنه ، إلّا أنّه يقوى فعلها بالتسخين والتقريب كما فى سائر الجواهر (٤) ، ويشبه أن يبيّن فعل هذه الخاصيّة ما فيه من التنوير.

وقال البصرىّ : الياقوت أجناس ، فالأحمر منه أقرب إلى الحرّ من الأزرق ، والأبيض أبرد من الأزرق. ومن علّق على بدنه من أجناس

__________________

(١) فى ا : أرضيته.

(٢) ساقطة من ا.

(٣) فى ا : تفريج بالجيم المعجمة.

(٤) فى ا : الخواص (تصحيف).

٣٩٢

الياقوت الثلاثة أو تختّم وكان فى بلد قد وقع [فيه] الطاعون أمن من الطاعون إن شاء الله.

وأجود (١) الياقوت الأحمر الرمّانىّ ، مانع للوسواس والخفقان وضعف القلب شربا ، وقيل يمنع جمود الدّم تعليقا (٢).

__________________

(١) ما بين الرقمين ليس فى ا والعبارة فيها : وقيل إن الياقوت يمنع جمود الدم.

٣٩٣

٩ ـ بصيرة فى يم

اليمّ : البحر ، وقيل : لجّة البحر. وهو معرّب ، سريانيّة (١) أصلها يمّا. لا يكسّر ولا يجمع جمع السّلامة ، قال الله تعالى : (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ)(٢)

والتّيمّم (٣) : التّوخّى والتعهّد. ويمّمه : قصده.

ويمّم (٤) المريض للصّلاة فتيمّم هو.

ويمّ فهو ميموم : طرح فى البحر (٥). ويمّ الساحل : غلبه البحر فطما (٦) عليه.

وتيمّمته برمحى : قصدته دون غيره.

__________________

(١) فى اللسان : وزعم بعضهم أنها لغة سريانية فعربته العرب وأصله يما.

(٢) الآية ٧ سورة القصص ، ووردت كلمة اليم فى آيات أخرى.

(٣) فى القاموس واللسان : الياء بدل من الهمزة ا ه. أى يقال تيممه وتأممه.

(٤) يمم المريض : مسح وجهه ويديه بالتراب.

(٥) فى الصحاح : فى اليم. وعبارة المحكم : غرق فى اليم.

(٦) فى ا ، ب : فظمأ بالظاء المعجمة والهمزة وما أثبت من القاموس والتاج.

٣٩٤

١٠ ـ بصيرة فى يقن

اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدّراية وأخواتهما ، يقال : علم يقين ، ولا يقال : معرفة يقين ؛ وقد يقن زيد الأمر كفرح يقنا ويقنا وأيقنه وأيقن به ، وتيقّنه ، واستيقنه واستيقن به : علمه وتحقّقه.

وهو يقن (١) ويقن ويقن ويقنة (٢) وميقان : إذا كان لا يسمع شيئا إلّا أيقنه (٣) ، وهى ميقانة (٤).

قال المحقّقون : اليقين من الإيمان بمنزلة الرّوح من الجسد ، وفيه تفاضل العارفون وتنافس المتنافسون ، وإليه شمّر العاملون ، وعمل القوم إنّما كان عليه ، وإشارتهم كلّها إليه. وإذا تزوّج الصبر باليقين ولد بينهما حصول الأمانة فى الدّين ، قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ)(٥). وخصّ تعالى أهل اليقين بانتفاعهم بالآيات والبراهين ، قال وهو أصدق القائلين / (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ)(٦) ، وخصّ أهل اليقين بالهدى والفلاح من بين العالمين فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(٧). وأخبر عن أهل النار بأنهم لم يكونوا من أهل اليقين

__________________

(١) أى مثلث القاف.

(٢) عن كراع.

(٣) فى اللسان : أيقن به ولم يكذبه ، وفى التاج كقولهم : رجل أذن.

(٤) فى اللسان : وهو أحد ما شذ من هذا الضرب.

(٥) الآية ٢٤ سورة السجدة.

(٦) الآية ٢٠ سورة الذاريات.

(٧) الآيتان : ٤ ، ٥ سورة البقرة.

٣٩٥

فقال : (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)(١).

فاليقين روح أعمال القلوب الّتى هى أرواح أعمال الجوارح ، وهو حقيقة الصدّيقيّة ، وقطب رحى هذا الشأن الّذى عليه مداره ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ترضينّ أحدا بسخط الله ، ولا تحمدنّ أحدا على فضل الله ، ولا تذمّنّ أحدا على ما لم يؤتك الله ، فإنّ رزق الله لا يسوقه حرص حريص ، ولا يردّه عنك كراهية كاره ، فإنّ الله بعدله وقسطه جعل الرّوح والفرح فى الرّضا واليقين ، وجعل الهمّ والحزن فى الشكّ والسّخط».

واليقين قرين التوكّل ، ولهذا فسّر التوكّل بقوّة اليقين. والصّواب (٢) أنّ التوكّل ثمرة اليقين ونتيجته ، ولهذا حسن اقتران الهدى به ، قال تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ)(٣) فالحقّ هو اليقين. وقالت رسل الله : (وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا)(٤) ، ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نورا وإشراقا ، وانتفى عنه كلّ ريب وشكّ وسخط وغمّ وهمّ ، وامتلأ محبّة الله وخوفا منه ورضا به ، وشكرا له ، وتوكّلا عليه ، وإنابة إليه ، فهو مادّة جميع المقامات ، والحامل له.

واختلف هل هو كسبىّ أو موهبىّ. فقيل : هو العلم المستودع فى القلوب ، فيشير إلى إنّه غير كسبىّ.

__________________

(١) الآية ٣٢ سورة الجاثية.

(٢) فى ب : والثواب (تصحيف).

(٣) الآية ٧٩ سورة النمل.

(٤) الآية ١٢ سورة إبراهيم.

٣٩٦

وقال سهل : اليقين من زيادة الإيمان ، ولا ريب أنّ الإيمان كسبىّ باعتبار أسبابه ، موهبىّ باعتبار نفسه وذاته. وقال سهل أيضا : ابتداؤه المكاشفة كما قال بعض السلف (١) : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.

وقال ابن خفيف (٢) : هو تحقّق الأسرار بأحكام المغيّبات.

وقال أبو بكر بن طاهر : العلم يعارضه الشّكوك ، واليقين لا شكّ فيه. وعند القوم : اليقين لا يساكن قلبا فيه سكون إلى غير الله.

قال ذو النّون : اليقين يدعو إلى قصر الأمل ، وقصر الأمل يدعو إلى الزّهد ، والزّهد يورث الحكمة ، وهى تورث النظر فى العواقب.

وثلاثة من أعلام اليقين : قلّة مخالطة الناس فى العشرة ؛ وترك المدح لهم فى العطيّة ؛ والتنزّه عن ذمّهم عند المنع. وثلاثة من أعلامه أيضا : النّظر إليه (٣) فى كل شىء ؛ والرّجوع إليه فى كلّ أمر ؛ والاستعانة به فى كلّ حال.

وقال الجنيد رحمه‌الله : اليقين هو استقرار العلم الذى لا يحول ولا ينقلب ولا يتغيّر فى القلب.

وقال ابن عطاء رحمه‌الله : على قدر قربهم من التّقوى أدركوا من اليقين. وأصل التّقوى مباينة المنهىّ عنه ، فعلى مفارقتهم النفس وصلوا إلى اليقين.

__________________

(١) هو عامر بن عبد القيس كما سيأتى.

(٢) هو أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازى كان من الأمراء ثم تفقه وتصوف وتزهد مات سنة ٣٧١ ه‍.

(٣) الضمير هنا راجع إلى الله سبحانه وتعالى الحاضر دائما فى نفوسهم وإن لم يرد ذكره فى العبارة.

٣٩٧

وقيل : اليقين هو المكاشفة ، وهى على ثلاثة أوجه : مكاشفة بالأخبار ، ومكاشفة بإظهار القدرة ، ومكاشفة القلوب بحقائق الإيمان. ومراد القوم بالمكاشفة ظهور الشّىء بالقلب بحيث تصير نسبته إليه كنسبة المرئىّ إلى العين ، فلا يبقى معه شكّ ولا ريب أصلا ، وهذا نهاية الإيمان ، وهو مقام الإحسان. وقد يريدون بها أمرا آخر وهو ما يراه أحد فى برزخ بين النّوم واليقظة عند أوائل تجرّد الرّوح عن البدن ، ومن أشار إلى غير هذين فقد غلط ، ولبّس عليه.

وقال السّرىّ : اليقين سكونك عند جولان الموارد فى صدرك ، ليقينك أنّ حركتك فيها لا تنفعك (١) ولا تردّ عنك مقضيّا.

وقال أبو بكر الورّاق : اليقين ملاك القلب ، وبه كمال الإيمان. وباليقين عرف الله ، وبالعقل عقل عن الله.

وقال الجنيد رحمه‌الله : قد مشى رجال باليقين على الماء ، ومات بالعطش من هو أفضل منهم يقينا.

وقد اختلف فى تفضيل اليقين على الحضور ، والحضور على اليقين ، فقيل : الحضور أفضل. وبعضهم رجّح اليقين وقال هو غاية الإيمان. والأوّل رأى أنّ اليقين ابتداء الحضور ، وكأنه جعل اليقين ابتداء والحضور دواما ؛ وهذا الخلاف لا يتبيّن ، فإنّ اليقين لا ينفكّ عن الحضور ، والحضور لا ينفكّ عن اليقين ، بل فى اليقين من زيادة

__________________

(١) فى ب : تنفعل.

٣٩٨

الإيمان ومعرفة تفاصيله وتنزّلها منازلها ما ليس فى الحضور ، فهو أكمل منه من هذا الوجه ، وفى الحضور من الجمعية وعدم التفرقة والدّخول فى الفناء ما قد ينفكّ عنه اليقين ، فاليقين خصّ بالمعرفة ، والحضور خصّ بالإرادة. والله أعلم.

وقال النّهرجورىّ (١) رحمه‌الله : إذا استكمل العبد حقائق اليقين صار البلاء عنده نعمة ، والرّخاء مصيبة.

وقال أبو بكر الورّاق رحمه‌الله : اليقين على ثلاثة أوجه : يقين خبر ، ويقين دلالة ، ويقين مشاهدة. يريد بيقين الخبر سكون القلب إلى خبر المخبر ووثوقه به ؛ ويقين الدّلالة ما هو فوقه ، وهو أن يقيم له مع وثوقه بصدقه (٢) الأدلّة الدّالّة على ما أخبر به ، وهذا كعامة الأخبار بالإيمان والتوحيد فى القرآن ، فإنّه سبحانه مع كونه أصدق القائلين الصّادقين يقيم لعباده الأدلّة والبراهين على صدق أخباره ، فيحصل لهم اليقين من الوجهين ، من جهة الخبر ومن جهة الدّليل ، فيرتفعون من ذلك إلى الدّرجة الثالثة وهى يقين المكاشفة بحيث المخبر به كالمرئى لعيونهم ، فنسبة الإيمان بالغيب هى إلى القلب كنسبة المرئى إلى العين وهذا أعلى أنواع المكاشفة ، وهى الّتى أشار إليها عامر بن عبد القيس فى قوله : لو كشف (٣) الغطاء ما ازددت يقينا. وليس هذا من كلام رسول الله

__________________

(١) هو أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجورى مات بمكة مجاورا بها سنة ثلاثين وثلاثمائة ه.

(٢) فى ا ، ب : بصدق الأدلة وما أثبت يقتضيه السياق.

(٣) فى ا : كاشف.

٣٩٩

صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا من كلام علىّ بن أبى طالب كرّم الله وجهه كما يظنه من لا علم له بالمنقولات.

وقال بعضهم : رأيت الجنّة والنار حقيقة ، قيل له : كيف؟ قال : رأيته بعينى رسول الله / صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورؤيتى لهما بعينيه أوثق عندى من رؤيتي لهما بعينى ، فإنّ بصرى قد يخطئ بخلاف بصره صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

واليقين يحمل على مباشرة الأهوال وركوب الأخطار ، وهو يأمر بالتقدّم دائما ، فإن لم يقارنه العلم حمل على المعاطب ، والعلم يأمر بالتأخّر دائما وبالإحجام ، فإن لم يصبه اليقين فقد [يصدّ صاحبه](١) عن المكاسب والغنائم.

وقال الشيخ أبو إسماعيل الأنصارىّ رحمه‌الله : اليقين مركب الآخذ فى هذا الطّريق ، وهو غاية درجات العامّة وأوّل خطوة للخاصة ، لمّا كان اليقين هو الّذى يحمل السّائر إلى الله ، كما قال أبو سعيد الخرّاز رحمه‌الله : العلم ما استعملك ، واليقين ما حملك. وسمّاه مركبا يركبه السائر إلى الله ، فإنّه لو لا اليقين ما سار الراكب إلى الله ، ولا ثبت لأحد قدم فى السّلوك ؛ وإنّما جعله آخر درجات العامّة لأنّهم إليه ينتهون. ثم حكى قول من قال : إنّه أوّل خطوة للخاصّة ، يعنى أنّه ليس بمقام له ، وإنّما هو مبتدأ سلوكه ، وهذا لأنّ الخاصّة عنده سائرون إلى الجمع والفناء فى شهود الحقيقة ، لا يقف لهم دونها همّه ، فكلّ ما دونها فهو

__________________

(١) فى ا ، ب : يصاحبه ؛ وقد آثرنا هذا التصويب لقربه من احتمال سقوط كلمة من ناسخه ، والمعنى المفهوم من عبارتنا يعضده السياق.

٤٠٠