بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

والهويّة كغنيّة : البعيدة القعر.

وسمع لأذنه هويّا ، أى دويّا. وهاواه : داراه.

والهواء بالمدّ : الجوّ ، قيل : ومنه قوله تعالى : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ)(١) إذ هى بمنزلة (الهواء (٢)) فى الخلاء.

وأهواه : رفعه فى الهواء وأسقطه ، قال تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى)(٣).

ويقال للجبان : إنّه لهواء ، أى خالى القلب من الجرأة ، والأصل الجوّ.

وهوت الدّلو فى البئر هويّا ، بالفتح : نزلت.

__________________

(١) الآية ٤٣ سورة إبراهيم.

(٢) تكلمة من ب والتاج.

(٣) الآية ٥٣ سورة النجم. المؤتفكة : مدائن قوم لوط.

٣٦١

٢٦ ـ بصيرة فى هيت

قولهم : هيت لك أى هلمّ ، قال زيد (١) بن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه :

أبلغ أمير المؤمنين

أخا العراق إذا أتيتا (٢)

إنّ العراق وأهله

سلم إليك فهيت هيتا

يستوى فيه الواحد والجمع والمؤنّث ، إلّا أنّ العدد فيما بعده ، تقول : هيت لك ، هيت لكما ، وهيت لكنّ ، وهيت لك بكسر (٣) التاء لغة فيها. وقرأ ابن عبّاس رضى الله عنهما وأبو الأسود الدؤلي وابن محيصن والجحدرىّ وابن إسحاق ، وعيسى بن عمر : وقالت هيتِ (٤) بكسر التاء.

والهيت بالكسر : الموضع الغامض (٥) من الأرض ، قال رؤبة يذكر يونس / صلوات الله عليه :

وصاحب الحوت وأين الحوت

فى ظلمات تحتهنّ هيت (٦)

ويقال هات يا رجل بكسر التاء ، أى اعطنى ، وللاثنين : هاتيا مثل آتيا ، وللجمع : هاتوا ، وللمرأة : هاتى ، وللمرأتين : هاتيا ، وللنساء

__________________

(١) فى ب يزيد (تصحيف) وفى اللسان. قال شاعر لأمير المؤمنين على بن أبى طالب. وكسر همزة إن إما على قطع الكلام عما قبله وإما على أن أبلغ بمعنى قل.

(٢) البيتان فى اللسان (هيت). وفسر ابن جنى هيت فى البيت بمعنى أسرع.

(٣) ورفع بعضهم التاء فقال : هيت وهى قراءة ابن كثير وكسر بعضهم الهاء وفتح التاء فقال : هيت لك وهى قراءة نافع وابن ذكوان وأبو جعفر (الإتحاف ١٥٩ سورة يوسف).

(٤) الآية ٢٣ سورة يوسف.

(٥) الغامض : القعر.

(٦) الديوان (ق / ١٠ ب : ٦٦ ، ٦٧).

٣٦٢

هاتين ، قال الله تعالى : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ)(١).

وتقول : هات لا هاتيت [وهات إن كان بك مهاتاة. وما أهاتيك كما تقول : ما أعاطيك. ولا يقال منه : هاتيت (٢)].

قال الخليل : أصل هات من آتى يؤتى (٣) فقلبت الهمزة هاء.

وهيّت به وهوّت به ، أى صاح ودعا (٤) ، قال :

قد رابنى أنّ الكرىّ أسكتا

لو كان معنيّا بنا لهيّتا (٥)

وهيهات ، وأيهات (٦) ، وهيهان وأيهان ، وهايهات ، وهايهان (٧) وآيهات وآيهان (٨) ، مثلّثات (٩) مبنيّات [و (١٠)] معربات. وهيهاه ساكنة الآخر ، وأيها (١١) وآيات (١٢) ، إحدى وخمسون لغة كلّ يستعمل لتبعيد الشىء ، وتقول منه : هيهيت هيهاء وهيهاتا ، ومنه قوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)(١٣) ، قال الزّجاج : أى البعد لما توعدون ، وقال غيره : غلط الزجّاج وإنّما غلّطه اللّام ، فإن تقديره بعد الأمر والوعد لما توعدون لأجله.

__________________

(١) الآيتان ١١١ سورة البقرة ، ٦٤ سورة النمل.

(٢) ما بين القوسين تكملة من ب ومن اللسان ، وفى اللسان أيضا : ولا ينهى بها.

(٣) هكذا فى التاج وصرح بالمصدر فقال إيتاء وعبارة اللسان : من آتى يؤاتى.

(٤) أى قال : هيت هيت.

(٥) البيت فى اللسان (سكت ، هيت) بدون عزو. الكرى : مكرى الدواب. أسكت : انقطع كلامه فلم يتكلم.

(٦) إبدال عند الجوهرى أو لغة عند ابن سيده.

(٧) تكملة من ب والقاموس.

(٨) لغة فى هليهان أو بدل منها.

(٩) أى مثلثات الأواخر.

(١٠) تكملة من القاموس يقتضيها السياق.

(١١) بلا نون.

(١٢) آيات : بمدين وقلب الهاءين من هايهات همزتين.

(١٣) الآية ٣٦ سورة المؤمنون.

٣٦٣

٢٧ ـ بصيرة فى هيج وهيم

يقال : هاج به الدّم (١) والمرّة (٢) ، وهاج الغبار : سطع.

وهاجه غيره وهيّجه ، وهايجوه فلم يجدوا (٣) محيصا.

وهاجت له الدار الشوق فاهتاج ، قال :

هيه وإن هجناك يا ابن الأطول

ضربا بكفّى بطل لم ينكل (٤)

وهيّجت الناقة فانبعثت. وناقة مهياج : نزوع إلى أوطانها.

وشهدت الهيج والهيجاء والهياج ، أى الحرب.

وهاج الشرّ بين [القوم (٥)] ، وهيّجه فلان.

وهاج الفحل هيجا وهياجا : هدر. وإذا استقلّ (٦) الرّجل غضبا قيل : هاج هائجه.

وهاج البقل : أخذ فى اليبس ، قال الله تعالى : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا)(٧) وأهيجت الأرض : صادفتها كذلك. وهاجت الأرض فهى أرض هائجة

__________________

(١) هاج به الدم : ثار.

(٢) المرة : خلط من أخلاط البدن.

(٣) عبارة الأساس وعنه أخذ ، فلم يجد محيصا.

(٤) البيت فى الأساس (هيج) والشطر الأول فى اللسان بدون عزو فيها ـ لم ينكل : لم يجبن ولم يتأخر.

(٥) تكملة من الأساس.

(٦) استقل فلان غضبا : شخص من مكانه لفرط غضبه ، وقيل من القلى : الرعدة. واستقل فى ا : اشتغل وفى ب اشتعل بالعين المهملة والتصويب من الأساس.

(٧) الآيتان ٢١ سورة الزمر ، ٢٠ سورة الحديد.

٣٦٤

هام يهيم هيما وهيمانا : أحبّ امرأة (١).

والهيم : الإبل العطاش. قال الله تعالى : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)(٢).

ورجل هائم وهيوم : متحيّر. ورجل هيمان : عطشان ، [وهى هيمى (٣)] والجمع هيم (٤).

والهيّام : العشّاق الموسوسون.

والهيام كغراب : كالجنون من العشق. والهيام : العطش.

والهيام كسحاب : ما لا يتمالك (٥) من الرّمل فهو ينهار أبدا ، وقيل : هو من الرّمل ما كان ترابا يابسا.

والهيام ككتاب الجمع ؛ وما كان (٦) دقاقا يابسا من التراب.

وقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ)(٧) أى فى كلّ نوع من أنواع الكلام ، أى يغالون فى المدح والذّمّ وسائر ما يتحرّونه من صنوف الكلام ، ومنه الهائم على وجهه.

__________________

(١) فى ب : المرأة.

(٢) الآية ٥٥ سورة الواقعة.

(٣) ما بين القوسين تكملة من القاموس.

(٤) فى ا ، ب هيمى والتصويب من المعجمات.

(٥) فى الصحاح : ما لا يتماسك أى يسيل من اليد لليونته.

(٦) مقتضى عبارته أن يكون الهيام ككتاب : ما كان دقاقا يابسا من التراب ، وعبارة القاموس تخالف ذلك ففيه : وكسحاب ما لا يتمالك من الرمل فينهار أبدا أو هو من الرمل ما كان ترابا دقاقا يابسا ويضم ، ذلك إلى أن التاج نقل عن شيخه قوله وزعم العينى فى شرح الشواهد أنه بالكسر ولا يثبت ، فلعل المصنف فى بصائره عدل عما فى قاموسه ورأى ما ذهب إليه العينى.

(٧) الآية ٢٢٥ سورة الشعراء.

٣٦٥

٢٨ ـ بصيرة فى هيأ

الهيئة الشّأن. وفلان حسن الهيئة والهيئة بالفتح وبالكسر. والهيّئ على فيعل (١) : الحسن الهيئة من كلّ شىء. قال تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ)(٢).

وقوله : يا هىء ما لي : كلمة تأسّف وتلهّف ، وأنشد الكسائىّ لنويفع (٣) ابن لقيط الأسدىّ :

يا هَيءَ مالى من يعمّر يفنه

مرّ الزّمان عليه والتّقليب (٤)

قال أبو زيد : هئت للأمر أهىء هيئة.

وقرأ علىّ بن أبى طالب وابن عبّاس رضى الله عنهم ، وشقيق بن سلمة والسّلمىّ ، ومجاهد ، وعكرمة ، وابن وثّاب ، وقتادة ، وطلحة ، بن مصرّف ، وابن أبى إسحاق : وقالت هِيت لك (٥) بكسر الهاء وبالهمز ، أى تهيّأت لك.

__________________

(١) فى ا ، ب : فعل والتصويب اتباعا لما نظر القاموس به فقال ككيس وكيس وزانه فيعل. وبهذا المعنى فى القاموس هيئ كظريف.

(٢) الآية ١١٠ سورة المائدة.

(٣) فى التاج عزاه إلى الجميح بن الطماح الأسدى ، وفى أمالى الزجاجى لنويفع بن نفيع الفقعسى وكذلك نسبت القصيدة التى ورد فيها البيت فى (مرط) من اللسان ، على أن رواية البيت فيها :

وكذاك حقا من يعمر يبله

كر الزمان عليه والتقليب

(٤) وانظره فى التاج (شيأ. فيأ. هيأ).

(٥) الآية ٢٣ سورة يوسف.

٣٦٦

وهيّأت الشىء فتهيّأ ، أى أصلحته فصلح. قال الله تعالى / (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً)(١).

والمهايأة : أمر يتهايأ القوم عليه فيتراضون.

وهيّاك (٢) أن تفعل كذا لغة فى إيّاك.

__________________

(١) الآية ١٦ سورة الكهف.

(٢) وضبطها بعضهم بفتح الهاء من هياك وقال : أصلها أياك ثم أبدلت الهمزة هاء.

٣٦٧
٣٦٨

الباب التّاسع والعشرون

فى الكلمات المفتتحة بحرف الياء

وهى : الياء نفسه ، ويئس ، ويبس ، ويتم ، ويد ، ويسر ، ويقظ ، ويقن ، ويقت ، ويمّ ، ويمن ، وينع ، ويوم ، ويا ، ويا أيها.

(م ٢٤ ـ بصائر ذوى التمييز)

٣٦٩
٣٧٠

١ ـ بصيرة فى الياء

وهى حرف هجاء شجرىّ (١) مخرجه من مفتتح الفم جوار مخرج الصّاد ، والنسبة إليه يائىّ وياوىّ ويوىّ. والفعل منه ياءيت (٢) ياء حسنة وحسناء ، والأصل ييّيت ، اجتمعت أربع ياءات متوالية قلبوا الياءين المتوسطتين ألفا وهمزة طلبا للتخفيف.

٢ ـ الياء فى حساب الجمّل : اسم لعدد العشرة.

٣ ـ الياء الأصلىّ : الذى يكون تارة فى أوّل الكلمة ، نحو يمن ، وتارة فى وسطها ، نحو : مين ، وتارة فى آخرها نحو : ظبى ولحى.

٤ ـ الياء المكرّرة ، نحو : حىّ وطىّ (٣) فى الأسماء ، وعيّن وبيّن فى الأفعال.

٥ ـ الياء الكافية عن كلمة نحو : يس ، وكهيعص ، الياء من اليمن ، والسّين من السّيّد ، وهكذا باقى الحروف.

٦ ـ ياء الوقف ، فى نحو : حبلى وكسرى إذا وقفوا عليها جعلوا الألف المقصورة ياء (٤).

__________________

(١) هكذا فى النسخ وليست الياء من الحروف الشجرية عند الخليل فقد قال : حروف العربية تسعة وعشرون حرفا منها خمسة وعشرون حرفا صحيحا لها أحياز ومدارج وأربعة أحرف جوف ، الواو ، والياء ، والألف اللينة والهمزة ، وسميت جوفا لأنها تخرج من الجوف فلا تخرج فى مدرجة من مدارج الحلق ولا مدارج اللهاة ، ولا مدارج اللسان ، وهى فى الهواء فليس لها حيز تنسب إليه إلا الجوف ، وكان يقول : الألف اللينة والواو والياء هوائية أى أنها فى الهواء.

(٢) مشى المصنف فى القاموس على رأى الكسائى فأجاز ييّيت ياء

(٣) فى النسخ : لى وليس فى الأسماء ، وما أثبتناه أقرب.

(٤) أى فى الرسم والكتابة.

٣٧١

٧ ـ ياء التّثنية [نحو] : رأيت الزّيدين ، (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ)(١) ، (إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ)(٢) ، (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ)(٣).

٨ ـ ياء الجمع : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)(٤).

٩ ـ ياء الإعراب فى الأسماء نحو : ربّ اغفر لى ولأبى ، (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي)(٥).

١٠ ـ ياء الاستقبال فى حال الإخبار ، نحو ؛ يدخل ، ويخرج.

١١ ـ الياء الفارقة المميّزة بين الخطاب والتأنيث ، نحو : تضربى وتدخلى.

١٢ ـ ياء الإضافة ، وتكون مخفّفة ، نحو : دارى وغلامى (قُلْ يا عِبادِيَ)(٦).

١٣ ـ ياء النسبة ، وتكون مشدّدة ، نحو : عربىّ وقرشىّ.

١٤ ـ ياء المؤنّث : (فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)(٧).

١٥ ـ ياء التصغير : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا)(٨) ، (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ)(٩) ، ونحوه : أخىّ وأخيّة ، ورجيل ومريّة (١٠).

١٦ ـ ياء النّداء : يا ربّنا.

__________________

(١) الآية ١٤٤ سورة الأنعام.

(٢) الآية ٢٧ سورة القصص.

(٣) الآية ١٢ سورة الإسراء.

(٤) الآية ٣٥ سورة الأحزاب.

(٥) الآية ٢٥ سورة المائدة.

(٦) الآية ٥٣ سورة الزمر.

(٧) الآية ٢٩ سورة الفجر.

(٨) الآية ٤٢ سورة هود.

(٩) الآية ١٣ سورة لقمان.

(١٠) تصغير امرأة بادغام الياء المنقلبة عن الهمزة مع ياء التصغير.

٣٧٢

١٧ ـ الياء الزائدة ، وهذه قد تكون فى أوّل الكلمة نحو : يرمع ، ويعسوب ؛ أو فى ثانيها نحو : حيدر وصيقل ؛ أو فى ثالثها ، نحو : خطيب وخطير ؛ أو فى رابعها نحو : قنديل ومنديل ؛ أو فى خامسها نحو : خندريس وعنتريس.

١٨ ـ الياء المبدلة ، وهذه إما أن تكون من ألف : كحملاق فى (١) حمليق أو من باء : كالثّعالى (٢) فى ثعالب ، أو من ثاء : كالثّالى فى الثّالث ، أو من راء : كقيراط فى قرّاط (٣) ، أو من سين : كالسّادى والخامى فى السّادس والخامس ، أو من صاد : نحو قصّيت أظفارى فى قصّصت ، أو من ضاد نحو : تقضّى البازى أى تقضّض ، أو من عين : كالضّفادى فى ضفادع ، أو من كاف : كالمكاكى فى جمع مكّوك ، أو من لام نحو : أمليت (٤) فى أمللت ، أو من ميم نحو : ديماس فى دمّاس ، أو من نون نحو : دينار والأصل دنّار ؛ أو من واو نحو : ميزان ، والأصل موزان ؛ أو من هاء (٥) نحو : دهديت الحجر فى دهدهته.

١٩ ـ الياء اللّغوىّ ، قال الخليل : الياء عندهم النّاحية.

تيمّمت ياء الحىّ حين رأيتها

تضىء كبدر طالع ليلة البدر

__________________

(١) فى ب والتاج : وحمليق. وحق العبارة كحمليق فى حملاق ، كما جرى عليه فى نظائرها بعد.

(٢) لم يجز سيبويه الثعالى إلا فى الشعر.

(٣) أى أبدل من إحدى حرفى تضعيفه ياء قالوا لئلا يلتبس بالمصادر التى تجىء على فعال (اللسان ـ دنر) وقال بعضهم استثقالا (اللسان ـ دبح).

(٤) أمليت لغة بنى تميم وأمللت لغة أهل الحجاز وبهما نزل القرآن.

(٥) قالوا فى ذلك لقرب الشبه بينهما وذلك أن الياء مدة والهاء نفس ومن هنا أيضا صار مجرى الياء والواو والألف والهاء فى روى الشعر شيئا واحدا. (اللسان / دهده).

٣٧٣

٢ ـ بصيرة فى يئس

اليأس واليأسة : القنوط. ابن فارس : اليأس : قطع الأمل / وليس فى كلام العرب ياء فى صدر الكلام بعدها همزة إلّا هذه ، يقال : يئس من الشىء ييأس ، مثال علم يعلم ، وفيه لغة أخرى : يئس ييئس بالكسر فيهما ، وهى شاذة ، وقرأ الأعرج ومجاهد لا تِيأسوا من روح الله (١) بكسر التاء. وقرأ ابن عبّاس رضى الله عنهما إنه لا يِيأس من روح الله (٢) وهذا على لغة تميم وأسد وقيس وربيعة ، يكسرون أوّل المستقبل إلّا ما كان فى أوّله ياء نحو يعلم لاستثقالهم الكسرة على الياء ، وإنّما يكسرون فى ييأس وييجل (٣) لتقوّى إحدى الياءين بالأخرى. ورجل يئوس ويئوس مثل حذر (٤) وصبور. وقال المبرّد : منهم من يبدل فى المستقبل من الياء الثانية ألفا فيقول ياءس. قال : ويقال يئس ييأس كحسب يحسب ، ونعم ينعم ، ويئس ييئس بالكسر فيهنّ. وقال أبو زيد : عليا مضر يقولون : يحسب وينعم وييئس بالكسر ، وسفلاها بالفتح. وقال سيبويه : وهذا عند أصحابنا يجىء على لغتين ، يعنى يئس ييأس ويأس ييئس ، ثم يركّب منهما لغة ثالثة. وأمّا ومق يمق ووثق يثق وورم يرم وولى يلى ووفق يفق وورث يرث فلا يجوز فيهنّ إلّا الكسر لغة واحدة.

__________________

(١) الآية ٨٧ سورة يوسف.

(٢) الآية ٨٧ سورة يوسف.

(٣) قال ابن برى : إنما كسرت الياء من يبجل ليكون قلب الواو ياء بوجه صحيح ، فأما ييجل بفتح الياء فإن قلب الواو فيه على غير قياس صحيح.

(٤) نظر له فى القاموس كندس.

٣٧٤

ويئس أيضا بمعنى علم فى لغة النّخع ، ومنه قوله : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا)(١). كان علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ومجاهد وأبو جعفر والجحدرىّ وابن كثير وابن عامر يقرءون : (أفلم يتبيّن (٢) الّذين آمنوا) ، فقيل لابن عبّاس : إنّها ييأس ، فقال : أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس (٣). وقال سحيم بن وثيل اليربوعىّ الرّياحىّ (٤) :

وقلت لهم بالشّعب إذ ييسروننى

ألم تيأسوا أنّى ابن فارس زهدم (٥)

وقال الفرّاء فى قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) أفلم يعلم قال : وهو فى المعنى على تفسيرهم ، لأنّ الله تعالى قد أوقع إلى المؤمنين أن لو شاء لهدى النّاس جميعا فقال : أفلم ييأسوا علما ، يقول : يؤيسهم العلم ، فكان العلم فيه مضمرا ، كما تقول فى الكلام : قد يئست منك ألّا تفلح ، كأنّك : قلت [قد] علمته علما (٦). وقيل معناه : أفلم ييأس الّذين آمنوا من إيمان من وصفهم الله بأنّهم لا يؤمنون ، لأنه قال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى)(٧).

وقوله : (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ)(٨) قال ابن عرفة :

__________________

(١) الآية ٣١ سورة الرعد.

(٢) فى ا ، ب ييئس والتصويب من اللسان وفى الكشاف : هو تفسير ، أى لا قراءة.

(٣) هذا ونحوه مما لا يصدق فى كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ورحم الله الزمخشرى وهو يقول أيضا : وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتا بين دفتى الإمام وكان متقلبا فى أيدى أولئك الأعلام المحتاطين فى دين الله المهيمنين عليه لا يغفلون عن جلائله ودقائقه خصوصا عن القانون الذى إليه المرجع والقاعدة التى عليها البناء وهذه والله فرية ما فيها مرية.

(٤) ذكر بعض العلماء أنه لولده جابر بن سحيم بدليل قوله فيه : أنى ابن فارس زهدم ، وزهدم فرس سحيم. وقال أبو محمد الأعرابى : زهدم فرس بشر بن عمرو أخى عوف بن عمرو وعوف جد سحيم وعليه فيكون الشعر لسحيم وانظر أنساب الخيل لابن الكلبى / ٥١.

(٥) البيت فى اللسان (يأس). شرح شواهد الكشاف / ١١٢.

(٦) فى الكشاف (سورة الرعد) : استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه لأن اليائس عن الشىء عالم بأنه لا يكون ، كما استعمل الرجاء فى معنى الخوف ، والنسيان فى معنى الترك لتضمن ذلك.

(٧) الآية ٣٥ سورة الأنعام.

(٨) الآية ١٣ سورة الممتحنة.

٣٧٥

معنى قول مجاهد : كما يئس الكفّار فى قبورهم من رحمة الله تعالى ، لأنّهم آمنوا بعد الموت بالغيب فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ ؛ وعلىّ قال : كما يئسوا أن يحيوا ويبعثوا.

وأيأسته وآيسته : قنّطته ، قال طرفة بن العبد :

وأيأسنى من كلّ خير طلبته

كأنا وضعناه إلى رمس ملحد (١)

واتّأس على افتعل ، واستيأس بمعنى تأيّس ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ)(٢).

__________________

(١) البيت ٦٩ من معلقته (شرح الزوزنى ـ ١١٩) يريد أنه قنطه من كل خير رجاء ، كأنه وضع طلبه إلى رجل مدفون فى اللحد.

(٢) الآية ٨٠ سورة يوسف.

٣٧٦

٣ ـ بصيرة فى يبس

اليبس بالضمّ مصدر قولك : يبس الشىء بالكسر ييبس ويابس ، وفيه لغة أخرى : يبس ييبس بالكسر فيهما ، وهو شاذّ.

واليبس : اليابس ، يقال : حطب يبس بالفتح قال ابن عبدة :

تخشخش أبدان الحديد عليهم

كما خشخشت يبس الحصاد جنوب (١)

وقال ابن السكيت : هو جمع يابس مثل راكب وركب. وقال أبو عبيد فى قول ذى الرّمّة :

ولم يبق بالخلصاء ممّا عنت به

من الرّطب إلّا يبسها وهجيرها (٢)

ويروى بالفتح ، قال : وهما لغتان.

/ وقرأ الحسن البصرىّ : طريقا في البحر يَبَسا (٣) بالفتح وسكون الباء ، وقرأ الأعمش : يبسا بكسر الباء ، وهى [لغة فى فتح] الباء.

والعرب تقول فيما أصله اليبوسة ولم يعهد رطبا قطّ (٤) : هذا شىء يبس بفتح الباء ، فإن كان يعهد رطبا (٥) ثمّ يبس فبسكونها ، يقال : هذا حطب يبس وموضع يبس أى كانا رطبين ثم يبسا. والطريق الّذى ضربه الله لموسى عليه‌السلام وأصحابه لم يعهد قطّ طريقا لا رطبا ولا يابسا إنما أظهره الله تعالى

__________________

(١) البيت فى اللسان.

(٢) ديوانه : ٣٠٥ (ق / ٤٠ : ١٦) وانظر اللسان (هجر) و (يبس) و (عنا).

(٣) الآية ٧٧ سورة طه.

(٤) (٤ ـ ٤) ما بين الرقمين ساقط من ا.

٣٧٧

لهم جسدا مخلوقا على ذلك لتعظيم الآية وإيضاحها. وأمّا قراءة إسكان الباء فذهابا إلى أنّه وإن لم يكن طريقا فإنّه موضع قد كان فيه ماء فيبس. وحرّك العجّاج الباء ، للضرورة فى قوله :

تسمع للحلى إذا ما وسوسا

والتجّ فى أجيادها وأخرسا (١)

رفرفة الرّيح الحصاد اليبّسا

ويقال : شاة يبس : إذا لم يكن بها لبن ، ويبس أيضا بالتسكين ، حكاهما أبو عبيدة. وقال ابن عبّاد : اليبسة : التى لا لبن لها من الشّاء ، والجمع اليبسات واليباس.

والأيبسان : ما لا لحم عليه من السّاقين ، وقيل : ما ظهر من عظمى وظيف الفرس وغيره ، وهو اسم لا نعت ، ولهذا جمع على أيابس.

واليبيس من النّبات : ما يبس منه ، يقال يبس فهو يبيس مثال سلم فهو سليم.

ويبيس الماء : العرق ، قال بشر بن أبى خازم يصف حجرا (٢).

تراها من يبيس الماء شهبا (٣)

إنّما قال شهبا لأنّ العرق يجفّ عليها فتبيضّ.

__________________

(١) ديوان العجاج : ٣١ (ق / ١٦ : ٢٠ ـ ٢٢).

(٢) فى اللسان : خيلا. والحجر : الفرس الأنثى.

(٣) اللسان (يبس) ـ المفضليات ٢ / ١٤٣ (مفضلية ـ ٩٨ : ٤٧) وعجزه فيهما : مخالط درة منها غرار. الغرار : قلة الدرة ، أو انقطاعها ـ يريد أن عرقها لا هو بالكثير فيضعفها ولا بالقليل فتنقطع.

٣٧٨

وأيبس (١) يا رجل ، أى اسكت. وأيبست الأرض : يبس بقلها. وأيبسه ، ويبّسه تيبيسا : جفّفه قال جرير :

فلا توبسوا بينى وبينكم الثّرى

فإنّ الّذى بينى وبينكم مثرى (٢)

واتّبس على افتعل : يبس.

__________________

(١) كأكرم (أمر من الرباعى) (القاموس).

(٢) الأساس (يبس) ـ ديوانه (ط. الصادى) : ٢٧٧.

٣٧٩

٤ ـ بصيرة فى اليتم

اليتم : انقطاع الطّفل عن الأب قبل بلوغه ، وفى سائر الحيوان من قبل أمّه ، قال الله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى)(١) والجمع : يتامى (٢) ، وأيتام (٣) ، ويتمة (٤) ، وميتمة (٥) ، قال الله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى)(٦).

وقال اللغويّون : اليتم : الانفراد ؛ والهمّ (٧).

واليتيم : الفرد من كلّ شىء.

واليتم بالضمّ ، واليتم بالتحريك : فقدان الأب ، يتم ييتم كضرب يضرب ، ويتم ييتم ، كعلم يعلم ، يتما ويتما ، وهو يتيم ويتمان ما لم يبلغ الحلم. وامرأة موتم ، ونسوة مياتيم.

ويتم كفرح : قصّر ؛ وفتر ؛ وأعيا ؛ وأبطأ.

ويقال : درّة يتيمة تنبيها أنّه قد انقطع (٨) مادّتها التى خرجت منها. ويقال : بيت يتيم تشبيها بالدّرّة اليتيمة.

__________________

(١) الآية ٦ سورة الضحى.

(٢) هو من باب أسارى أدخلوه فى باب ما يكرهون ، لأن فعالى نظيره فعلى. قال ابن سيده : أحر بيتامى أن تكون جمع يتمان.

(٣) كسر على أفعال كما كسروا فاعلا عليه حين قالوا شاهد وأشهاد ونظيره : شريف وأشراف ، ونصير وأنصار.

(٤) محركة ، فعلى أنها جمع ياتم وصف من يتم وإن لم يسمع.

(٥) جمع على مفعلة كما يقال مشيخة للشيوخ ، ومسيفة للسيوف.

(٦) الآية ٢٢٠ سورة البقرة.

(٧) فى القاموس : اليتم بالفتح : الهم.

(٨) فى التاج : واليتيم : الفرد ، ويطلق على كل شيء يعز نظيره (وانظر المفردات).

٣٨٠