بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

١٧ ـ بصيرة فى هلم

وهى كلمة مركّبة من ها التنبيه ومن لمّ (١) ، واستعملت استعمال البسيطة (٢) ، ويستوى (٣) فيه الواحد والجمع والتأنيث والتذكير. وبنو تميم يجرونها مجرى ردّ (٤).

وقيل : أصله ـ هل أمّ ، كأنّه قيل : هل لك فى كذا أمّه أى اقصده ، فركّبا.

قال تعالى : (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا)(٥) فمنهم من تركه (٦) على حالته فى التثنية والجمع (٧) ، ومنهم من قال هلمّا وهلمّوا وهلمّى وهلممن.

__________________

(١) ومن لم : من قولهم : لم الله شعثه أى جمعه أى ضم نفسك إلينا أى أقرب ثم حذفت ألف ها لكثرة الاستعمال.

(٢) أى الكلمة المفردة.

(٣) عند الحجازيين.

(٤) أى يقولون للواحد هلم كقولك رد وللاثنين أو الاثنتين هلما كقولك ردا ، وللجميع هلموا كقولك ردوا ، وللأنثى هلمى كقولك ردى ، ولجماعة النساء هلممن كقولك ارددن.

(٥) الآية ١٨ سورة الأحزاب.

(٦) فى ا ، ب : بدله ، والتصويب من المفردات.

(٧) وبذلك نزل القرآن.

٣٤١

١٨ ـ بصيرة فى همد وهمر

همدت النار تهمد همودا : طفئت وذهبت البتّة.

والهامد (١) : الرّماد البالى المتلبّد بعضه فوق بعض.

والهمدة : السّكتة. وهمدت أصواتهم : سكتت. وهمد الثّوب يهمد همودا (٢) : بلى.

ونبات هامد : يابس ، قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً)(٣) أى جافّة ذات تراب.

وهمد شجر الأرض : إذا بلى.

وهمود الأرض : أن لا يكون فيها حياة ولا نبت ولا عود ولم يصبها مطر.

والإهماد : التّسكين ؛ والإقامة ؛ والسّرعة فى السّير ، كأنّه من الأضداد ، أو مثل الإشكاء فى كونه تارة لإزالة الشكوى ، وتارة لإثبات الشكوى.

وأهمدوا فى الطعام اندفعوا.

الهمر : صبّ الدّمع والماء ، يقال : همرته فانهمر ، قال الله تعالى : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ)(٤)

وهمر ما فى الضّرع : حلبه كلّه.

__________________

(١) فى اللسان : والرماد الهامد : البالى المتلبد ... الخ.

(٢) وهمدا أيضا.

(٣) الآية ٥ سورة الحج.

(٤) الآية ١١ سورة القمر.

٣٤٢

١٩ ـ بصيرة فى همز وهمس

الهمز : مثل الغمز والضغط والنّخس ، قال الله تعالى : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)(١). قال ابن الأعرابىّ : الهمّاز : العيّاب (٢) بالغيب يأكل لحوم الناس. وقال الحسن : هو الّذى يغمز (٣) بأخيه فى المجلس. قال مقاتل : يعنى الوليد بن المغيرة (٤) ؛ وقيل : الأسود بن عبد يغوث ؛ وقال عطاء : الأخنس بن شريق (٥).

والهامز والهمزة : الغمّاز وأنشد ابن فارس :

تدلى بودّى إذ لاقيتنى كذبا

وإن أغيّب فأنت الهامز اللّمزة (٦)

ورجل همزة ، وامرأة همزة.

وهمزة أيضا : دفعه وضربه ، قال (٧) :

ومن همزنا عزّه تبركعا

على استه روبعة أو روبعا (٨)

وهمزات الشّياطين : خطراتها التى تخطرها بقلب الإنسان.

وهمزته إليه الحاجة : دفعته. قال ابن الأعرابىّ : الهمز : الغضّ (٩) ،

__________________

(١) الآية ١١ سورة القلم.

(٢) فى ا ، ب : المغتاب بالغيب ، والتصويب من عبارة ابن الأعرابى فى اللسان.

(٣) غمز بالرجل : سعى به شرا.

(٤) هو الوليد بن المغيرة المخزومى كان موسرا وكان له عشرة من البنين فكان يقول لهم من أسلم منكم منعته رفدى (عن ابن عباس انظر الكشاف).

(٥) الأسود بن شريق : أصله فى ثقيف وعداده فى زهرة

(٦) البيت فى المقاييس (همز) ٦ / ٦٦ ـ إصلاح المنطق ٤٧٥ وروايته فى اللسان (همز) :

إذا لقيتك عن شمط تكاشرنى

وإن تغيبت كنت الهامز اللمزة

(٧) هو رؤبة كما فى اللسان.

(٨) البيت فى اللسان (همز) ـ الديوان : ٣ (ق / ٣٣ : ٢١١ ـ ٢١٢) برواية : ومن أبحنا ـ تبركع الرجل : صرع فوقع على استه ـ الروبعة : القصير الحقير أو الضعيف.

(٩) فى ا ، ب : العض (بالعين المهملة) والتصويب من اللسان.

٣٤٣

والهمز : الكسر. وهمز القناة : ضغطها بالمهامز إذا ثقّفت.

قال الله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ)(١).

والمهمز والمهماز : حديدة تكون فى مؤخّر خفّ الرائض. والمهامز أيضا : مقارع النّخّاسين يهمزون بها الدّوابّ لتسرع ، الواحدة مهمزة وهى المقرعة. والمهامز : العصىّ (٢) أيضا.

الهمس : الصّوت الخفىّ ، ومنه قوله تعالى : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً)(٣) أى صوتا خفيّا من وطء أقدامهم إلى المحشر. وكلّ خفىّ (٤) ، أو أخفى (٥) ما يكون من صوت القدم ؛ والعصر ؛ والكسر ؛ ومضغ الطّعام (٦) [والفم منضمّ (٧)] وقال صهيب رضى الله عنه : «كان النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا صلّى همس بشيء لا نفهمه (٨)». وقيل الهمس : قلّة الفتور باللّيل والنّهار. وقال أبو عمرو : الهمس : السّير باللّيل (٩). وقال الليث : الهمس : حسّ (١٠) الصّوت فى الفم ممّا لا إشراب له من صوت الصّدر ولا جهارة / فى المنطق. ولكنّه كلام مهموس (١١).

ويقال : اهمس وصه ، أى امش خفيّا واسكت.

والهميس : صوت نقل أخفاف الإبل ، قال ابن عبّاس رضى الله عنهما :

وهن يمشين بغا هميسا

إن يصدق الطير ننك لميسا (١٢)

__________________

(١) الآية ٩٧ سورة المؤمنين.

(٢) العصى : فى اللسان عن شمر : المهامز : عصى واحدتها مهمزة ، وهى عصا فى رأسها حديدة ينخس بها الحمار.

(٣) الآية ١٠٨ سورة طه.

(٤) أى من كلام ونحوه.

(٥) (٥ ـ ٥) ما بين الرقمين ليس فى ب

(٦) (٥ ـ ٥) ما بين الرقمين ليس فى ب

(٧) ما بين القوسين تكملة من القاموس يقتضيها السباق.

(٨) كان من حقه أن يذكر الحديث بعد قوله : كل خفى.

(٩) فى القاموس : السير بالليل بلا فتور.

(١٠) فى ا ، ب : حسن (تصحيف) وما أثبت عن اللسان.

(١١) فى اللسان : مهموس فى الفم كالسر.

(١٢) البيت فى اللسان (رفث) وله قصة ، وذلك أنه كان محرما فأخذ بذنب ناقة من الركاب وهو يقول البيت ، فقيل له : يا أبا العباس أتقول الرفث وأنت محرم؟ فقال : إنما الرفث مار وجع به النساء.

٣٤٤

٢٠ ـ بصيرة فى هم

الهمّ : الحزن ، والجمع هموم ؛ وما همّ (١) به الإنسان. وقد همّه (٢) الأمر همّا ، ومهمّة ، وأهمّه : حزنه.

وهمّ السّقم جسمه : أذابه وأذهب لحمه. وهم الشّحم فانهمّ : أذابه فذاب. وهمّ الغزر (٣) الناقة : جهدها.

وهمّ به : قصد ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها)(٤) وأهمّنى كذا : حملنى على أن أهمّ به ، قال الله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ)(٥).

وهذا رجل همّك وهمّتك من رجل ، أى حسبك من رجل.

والهمّة والهمّة بالكسر والفتح : ما همّ من أمر ليفعل.

قال المحقّقون : الهمّة : فعلة من الهمّ ، وهو مبدأ الإرادة (٦) ، ولكن حصولها بنهاية الإرادة. والهمّ (٧) مبدؤها. والهمّة نهايتها. وفى بعض الآثار الإلهيّة : إنّى لا انظر إلى كلام الحكيم وإنّما انظر إلى همّته.

__________________

(١) أى أراده وعزم عليه.

(٢) همه الأمر : مضارعه يهمه من باب قتل.

(٣) الغزر : امتلاء الضرع.

(٤) الآية ٢٤ سورة يوسف.

(٥) الآية ١٥٤ سورة آل عمران.

(٦) فى المصباح : الهمة بالكسر : أول العزم ، وقد تطلق على العزم القوى فيقال : له همة عالية.

(٧) وفى المصباح أيضا : الهم بالفتح وحذف الهاء : أول العزيمة أيضا.

٣٤٥

والعامّة تقول : فهمّة كلّ امرئ ما يحسنه. والخاصّة تقول : فهمّة كلّ امرئ ما يطلب. يريد أن قيمة المرء همّته ومطلبه (١).

قال الشيخ عبد الله الأنصارىّ : الهمّة ما يملك الانبعاث للمقصود صرفا ، لا يتمالك صاحبها ولا يلتفت عنها. وقوله : تملك الانبعاث للمقصود ، أى يستولى عليه كاستيلاء المالك على المملوك ، وصرفا أى خالصا. والمراد أنّ همّة العبد إذا تعلّقت بالحقّ تعالى طلبه (٢) خالصا صادقا ومحضا ، فتملك الهمّة العالية التى لا يتمالك صاحبها ، أى لا يقدر على المهلة ، ولا يتمالك لغلبة سلطان الهمّة وشدّة إلزامها إيّاه بطلب المقصود ولا يلتفت عنها إلى ما سوى أحكامها ، وصاحب هذه الهمّة سريع وصوله وظفره بمطلوبه ما لم تعقه العوائق ، وتقطعه العلائق. وهى على ثلاث درجات :

الدّرجة الاولى : همّة تصون القلب عن وحشة الرّغبة فى الدّنيا وما عليها ، فيزهد القلب فيها وفى أهلها. وسمّيت الرغبة فيها وحشة لأنّها وأهلها توحش القلب والرّاغبين فيها ، فأرواحهم وقلوبهم فى وحشة من أجسامهم إذ فاتها ما خلقت له. وأمّا الزاهدون فيها فإنّهم يرونها موحشة لهم ؛ لأنّها تحول بينهم وبين مطلوبهم ومحبوبهم ، ولا شىء أوحش عند القلب من شىء يحول بينه وبين مطلوبه ومحبوبه ، ولذلك كان من نازع النّاس أموالهم وطلبها منهم أوحش شىء إليهم

__________________

(١) ومما يروى عن الإمام على كرم الله وجهه : قيمة كل إنسان ما يحسن.

(٢) فى ا ، ب : طلب والسياق يقتضى ضميرا أو مظهرا والضمير هنا يعود على لفظة الحق تعالى والمراد منه التفانى فى عبادته لذاته.

٣٤٦

وأبغضه. وأيضا فالزاهدون فيها إنما ينظرون إليها بالبصائر (١) ، والرّاغبون ينظرون إليها بالأبصار ، فيتوحّش الزّاهد ممّا يأنس به الراغب كما قيل :

وإذا أفاق القلب واندمل الهوى

رأت القلوب ولم تر الأبصار

ولذلك [فإنّ](٢) الهمّة تحمله على الرّغبة فى الباقى لذاته ، وهو الحقّ سبحانه ، والباقى بإبقائه وهو الدّار الآخرة ، وتخلّصه وتمحّصه من آفات الفتور والتّوانى وكدوراتها التى هى سبب الإضاعة والتفريط.

والدّرجة الثانية : همّة تورث أنفة من المبالاة بالعلل والنّزول على العمل ، والثّقة بالأمل. والعلل هاهنا الاعتماد على الأعمال ورؤية ثمراتها ونحو ذلك ، فإنّها عندهم علل ، فصاحب هذه الهمّة تأنف (٣) همّته وقلبه من أن يبالى بالعلل ، فإنّ همّته / فوق ذلك ، ففكرته فيها ومبالاته بها نزول من الهمّة. وعدم هذه المبالاة إمّا لأنّ العلل لم تحصل له ؛ لأنّ علوّ همّته حال بينه وبينها فلا يبالى بما لا يحصل له ، وإمّا لأنّ همّته وسعة مطلبه وعلوّه تأتى على تلك العلل وتستأصلها ، فإنّه إذا علّق همّته بما هو أعلى منها تضمّنتها الهمّة العالية ، واندرج حكمها فى حكم الهمّة العالية. وهذا محلّ عزيز جدّا.

وأمّا الأنفة من النّزول على العمل فمعناه أنّ العالى الهمّة مطلبه فوق مطلب العمّال والعبّاد وأعلى منه ، فهو يأنف أن ينزل من سماء

__________________

(١) البصائر : جمع بصيرة وهى المعرفة والتحقق بالاعتبار.

(٢) فى ا ، ب : ولذلك همة الهمة وما أثبتناه بين القوسين تصويب للسياق على ما فهمناه.

(٣) فى ا ، ب : تأنف على بتشديد النون ، وتوجه على أنها بمعنى تأبى عليها وحذف على تقويم للسياق وهو ما ارتأيناه.

٣٤٧

مطلبه العالى إلى مجرّد العمل والعبادة دون السّفر بالقلب إلى الله ليحصل له (١) ويفوز به فإنّه طالب لربّه تعالى طلبا تامّا بكلّ معنى واعتبار فى عمله ، وعبادته ومناجاته ، ونومه ويقظته ، وحركته وسكونه ، وعزلته وخلطته وسائر أحواله ، فقد انصبغ قلبه بالتوجّه إلى الله تعالى أىّ ما صبغة. وهذا الأمر إنما يكون لأهل المحبّة الصّادقة ، فهم لا يقنعون بمجرّد رسوم الأعمال وبالاقتصار على الطلب حال العمل فقط. وأمّا أنفته من الثّقة بالأمل ، فإن الثقة توجب الفتور والتّوانى ، وصاحب هذه الهمّة من أهل ذلك ، كيف وهو طائر لا يصاد.

والدّرجة الثالثة : همّة تتصاعد عن الأحوال والمعاملات ، وتزول بالأعواض (٢) والدّرجات ، وتنحو عن النّعوت (٣) نحو الذات (٤). والتّصاعد عن المعاملات ليس المراد به تعطيلها بل القيام بها مع عدم الالتفات إليها. ومعنى الكلام أنّ صاحب هذه الهمّة لا يقف على عوض ولا درجة ، فإنّ ذلك نزول من همّته ، ومطلبه أعلى من ذلك. فإن صاحب هذه الهمّة قد قصر همّته على المطلب الأعلى الّذى لا شىء أعلى منه ، والأعواض والدّرجات دونه ، وهو يعلم إذا حصل هناك (٥) حصل له كلّ درجة عالية ، وأعواض (٦) شتّى. وأمّا نحوها نحو الذات ، فالمراد به أنّ صاحب هذه الهمّة لا يقتصر على شهود الأفعال ولا الأسماء والصفات بل ينحو نحو

__________________

(١) له : أى ما يريد من قرب ومعرفة ورضوان.

(٢) الأعواض : جمع عوض وهو البدل ، والمراد هنا النعم التى يسبغها الله ويخص بها عباده.

(٣) النعوت : الصفات وسيأتى بعد توضيح ذلك.

(٤) فى ا ، ب : اللذات وما أثبتنا تقتضيه العبارة والكلمة مصحفة حيث ذكرت.

(٥) هناك : إشارة إلى مقام الأنس وحضرة الشهود. وللصوفية ترتيب لهذه المقامات لا يعرفها إلا من دار فى فلكهم وشرب من كأسهم وفى الخوض فيها مزلة لغير المستبصرين.

(٦) فى ا ، ب : عوض.

٣٤٨

الذّات الجامعة لمتفرّقات الأسماء والصّفات والأفعال. أنشدنا لبعض الأفاضل :

وقائلة لم (١) غيّرتك الهموم

وأمرك ممتثل فى الأمم

فقلت ذرينى على غصّتى

فإنّ الهموم بقدر الهمم

وفى الحديث : «من همّ بذنب ثمّ تركه كانت له به حسنة (٢)» وقال أيضا : «من اهتمّ لأمر دينه كفاه الله أمر دنياه» ، وقال : «من أصبح وأكثر همّه الدّنيا فليس من الله فى شىء (٣)».

وقيل : الطّير يطير ، بجناحه والمرء يطير بهمّته وقال :

أهمّ بشيء والليالى كأنّها

تطاردنى عن كونها وأطارد

فريد عن الخلّان فى كلّ بلدة

إذا عظم المطلوب قلّ المساعد

وقد ذكر الهمّ فى القرآن فى ثمانية مواضع : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ)(٤) ، (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ)(٥) ، (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)(٦) ، (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ)(٧) ، (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) (٨) (لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ)(٩) ، (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها)(١٠) (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ)(١١).

__________________

(١) لم : أصلها لم المركبة من اللام وما الاستفهامية وسكنت لضرورة الشعر.

(٢) من حديث لابن عباس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما يرويه عن ربه. وهو حديث طويل خرجه الشيخان وراجع المغنى عن حمل الأسفار بهامش الاحياء / ٢٣٢٠ (ط الشعب).

(٣) رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن مسعود برواية : من أصبح وهمه غير الله فليس من الله ... (الفتح الكبير).

(٤) الآية ١١ سورة المائدة.

(٥) الآية ١٣ سورة التوبة.

(٦) الآية ٧٤ سورة التوبة.

(٧) الآية ١٢٢ سورة آل عمران.

(٨) الآية ١٥٤ سورة آل عمران.

(٩) الآية ١١٣ سورة النساء.

(١٠) الآية ٢٤ سورة يوسف.

(١١) الآية ٥ سورة غافر.

٣٤٩

٢١ ـ بصيرة فى هنا وهناك

تقول : هنا / وهاهنا : إذا أردت القرب ، وهنّا وهاهنّا وهنّاك وهاهنّاك مشدّدات (١) إذا أردت البعد. وجاء من هنى بكسر النّون ساكنة [الياء (٢)] أى من هنا وهنا. ويقال للحبيب : هاهنا وهاهنا (٣) ، أى تقرّب وادن. وللبغيض هاهنّا وهنّا أى تنحّ بعيدا.

وقال الأصفهانىّ : هنا يقع إشارة إلى الزّمان القريب أو المكان القريب ، والمكان أملك به (٤) ، يقال : هنا وهنالك وهناك كقولك : ذا وذلك وذاك. قال الله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ)(٥) ، وقال تعالى : (إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)(٦) ، وقال تعالى : (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ)(٧) وقال تعالى : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ)(٨) ، وقال تعالى : (فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ)(٩) ، وقال تعالى : (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ)(١٠) ، وقال تعالى : (هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ)(١١). وقال تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ)(١٢).

__________________

(١) فى القاموس : مفتوحات مشددات.

(٢) تكملة من القاموس يقتضيها السياق.

(٣) عبارة القاموس : هاهنا وهنا.

(٤) أى أخص به. وفى المحكم : هنا : ظرف مكان ، تقول : جعلته هنا أى فى هذا الموضع.

(٥) الآية ١١ سورة الأحزاب.

(٦) الآية ٢٤ سورة المائدة.

(٧) الآية ٧٨ سورة غافر.

(٨) الآية ١١ سورة ص.

(٩) الآية ١١٩ سورة الأعراف.

(١٠) الآية ٣٨ سورة آل عمران.

(١١) الآية ٣٠ سورة يونس.

(١٢) الآية ٤٤ سورة الكهف.

٣٥٠

٢٢ ـ بصيرة فى هنيء

الهنىء : أكل (١) ما لا يلحق الآكل فيه مشقّة ولا وخامة عاقبة ، قال الله تعالى : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)(٢). وهنؤ الطعام يهنؤ ، وهنئ (٣) ، هناءة ، أى صار هنيئا. وقال الأخفش : هنأنى يهنؤنى ويهنئنى (٤) هنأ وهنأ بالفتح والكسر.

وهنئت (٥) الطّعام ، أى تهنّأت به. ولك المهنأ (٦) ، والمهنأة ، والمهنؤة قال أبو حزام غالب بن الحارث العكلىّ :

إمام الهدى ارتح لنا بالغنى

وتعجيل خير له مهنؤه (٧)

وهنئت به : فرحت.

[وقوله تعالى] : (فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)(٨) ، أى من غير تعب وكذلك كلّ أمر يأتيك من غير تعب. وقيل : أكلا هنيئا بطيب النّفس. وهنيئا : لا إثم فيه ؛ ومريئا : لا داء فيه. وقال ابن الأعرابىّ : هنأنى الطّعام وهنئنى فهو هنيء. والهنىء : الطّعام (٩).

وهنأه : نصره. وهنأت الرّجل أهنؤه وأهنئه أيضا هناء : إذا أعطيته.

__________________

(١) عبارة المفردات : الهنىء : كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامة ، وأصله فى الطعام يقال : هنئ الطعام.

(٢) الآية ٤ سورة النساء.

(٣) فى الصحاح : مثل فقه وفقه.

(٤) فى الصحاح : ولا نظير له فى المهموز.

(٥) بكسر النون.

(٦) فى اللسان : لك المهنأ والمهنا (غير مهموز) والجمع المهانئ بالهمز هذا هو الأصل وقد يخفف.

(٧) البيت فى التاج (هنأ) ولم أعثر عليه فى قصيدة أبى حزام التى بمجموع أشعار العرب ج ١ : ٧٥.

(٨) الآية ٤ سورة النساء.

(٩) أى الطعام يلذه الآكل. والأصل فى الهنىء أنه صفة من هنؤ الطعام.

٣٥١

والتّهنئة : خلاف التّعزية : يقال : هنأته (١) بالولاية تهنئة وتهنيئا. وهذا مهنّأ قد جاء ، وهو اسم رجل.

واستهنأ : استنصر ؛ واستهنأ أيضا : استعطى قال أبو حزام غالب بن الحارث العكلىّ :

ألزّئ مستهنئا فى البديء

فيرمأ فيه ولا يبذؤه (٢)

واهتنأت (٣) مالى : أصلحته.

وهنأت البعير أهنؤه وأهنئه (٤) : إذا طليته بالقطران. قال ابن مسعود رضى الله عنه : «لأن أزاحم جملا قد هنئ بالقطران أحبّ إلىّ من أن أزاحم امرأة عطرة (٥)» ، قال المتنبّى (٦) :

إنّما التّهنئات للأكفاء

ولمن يدّنى من البعداء (٧)

وأنا منك ، لا يهنّئ عضو

بالمسرّات سائر الأعضاء

__________________

(١) ويقال أيضا : هنأه بالولاية هنأ (القاموس واللسان).

(٢) البيت فى مجموع أشعار العرب ج ١ / ٧٥ ألزئ : أحسن الرعية ـ البديء : العجيب ـ يرمأ : يقيم من رمأت الإبل العشب : أقامت فيه ـ يبذؤه : يكرهه ـ يريد أحسن رعاية من يأتينا طالبا فأمنحه ما يشتهى من طعام وشراب فيقيم عندنا ولا يملنا.

(٣) ومثله هنأت مالى (انظر القاموس).

(٤) فى القاموس : يهنؤها مثلثة النون. وفى التاج : قال الزجاج : ولم نجد فيما لامه همزة فعلت أفعل إلا هنأت أهنأ وقرأت أقرؤ. والكسر نقله الصاغاني (تاج هنأ) والمصدر هنأ وهناء.

(٥) النهاية لابن الأثير والرواية فيه قد هنئ بقطران.

(٦) يهنئ كافورا بدار بناها.

(٧) البيتان فى ديوانه (ط. لجنة التأليف والترجمة) : ٤٤٤ وهما مطلع القصيدة.

٣٥٢

٢٣ ـ بصيرة فى هود

هاد يهود هودا : تاب ورجع إلى الحقّ ، قال الله تعالى : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ)(١) أى تبنا. وقال ابن عرفة أى سكنّا (٢) إلى أمرك.

وتقول : هذه هود إذا أردت سورة هود ، وإن جعلت هودا اسم السورة لم تصرفه ، وكذلك نوح ، ونون.

[والهود : اليهود ، وأراد باليهود](٣) اليهوديّين ، ولكنهم حذفوا ياء الإضافة كما قالوا : زنجىّ وزنج ورومىّ وروم ، وإنّما عرّف على هذا الحدّ فجمع على قياس شعيرة وشعير ، ثم عرّف الجمع بالألف واللّام ، ولو لا ذلك لم يجز دخول الألف واللّام عليه لأنّه معرفة مؤنّث ، فجرى فى كلامهم مجرى القبيلة ولم يجعل كالحىّ ، قال الأسود بن يعفر النهشلىّ (٤) :

فرّت يهود وأسلموا جيرانهم

صمّى لما فعلت يهود صمام (٥)

وقد يجمع اليهود على / يهدان قال حسّان رضى الله عنه يهجو الضحّاك ابن خليفة رضى الله عنه فى شأن بنى قريظة وكان ، أبو الضحّاك منافقا :

أتحبّ يهدان الحجاز ودينهم

عبد الحمار ولا تحبّ محمّدا (٦)

وقيل يهود فى الأصل من قولهم : (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ)(٧) وصار اسم مدح ،

__________________

(١) الآية ١٥٦ سورة الأعراف.

(٢) فى ا : لمنا ولعلها تحريف ملنا وما أثبت عن ب.

(٣) ما بين القوسين تكملة من الصحاح الذى عنه أخذ والسياق يقتضيها.

(٤) فى ا ، ب : التهشكى (تصحيف) والتصويب من ترجمته.

(٥) البيت فى اللسان (هود) والديوان (الصبح المنير) : ٣٠٩.

صمى : اخرسى ـ وصمام : اسم الداهية.

(٦) البيت فى التاج (هود) ـ ديوان حسان (ط. الإمام) : ٣٨ برواية كبد الحمار.

(٧) الآية ١٥٦ سورة الأعراف.

٣٥٣

ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم وإن لم يكن فيه معنى المدح ، كما أنّ النّصارى فى الأصل من قولهم : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ)(١) ثمّ صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم.

وهاد فلان : تحرّى طريقة اليهود فى الدّين ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا)(٢) ، وقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً)(٣) أى اليهود. قال الفرّاء ، حذفت الياء الزائدة ، ورجع إلى الفعل من (٤) اليهوديّة. وقال الأخفش الهود : جمع هائد مثل عائد وعود. وكذا قوله تعالى : (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً)(٥).

والهوادة : الصّلح ، والمحاباة ، والرّخصة (٦) ، والحرمة.

والتّهويد : المشى الرّويد مثل الدّبيب ؛ والسّكون فى المنطق ؛ والنّوم ؛ وأن يصير الإنسان يهوديّا ، وفى الحديث : «كلّ مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» (٧).

والتّهوّد : التّوبة والعمل الصّالح. وتهوّد فى مشيته : مشى مشيا رفيقا تشبّها باليهود فى حركتهم عند القراءة. وتهوّد أيضا : صار يهوديّا ، وهذا يعدّ من الأضداد (٨).

__________________

(١) الآيتان ٥٢ سورة آل عمران ، ١٤ سورة الصف. وفى المفردات : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) الآية ٥٢ سورة آل عمران.

(٢) الآيات ٦٢ سورة البقرة ، ٦٩ سورة المائدة ، ١٧ سورة الحج.

(٣) الآية ١١١ سورة البقرة.

(٤) ا ، ب «عن» والتصويب من التاج.

(٥) الآية ١٤٠ سورة البقرة.

(٦) قالوا : لأن الأخذ بها ألين من الأخذ بالشدة.

(٧) رواه أبو يعلى فى مسنده والطبرانى فى الكبير عن الأسود بن سريع (الفتح الكبير) وفيهما زيادة : حتى يعرب عنه لسانه.

(٨) علق صاحب التاج فقال : «قلت : وهو محل نظر».

٣٥٤

والمتهوّد : المتوصّل برحم أو حرمة ، المتقرّب بإحداهما ، قال زهير بن أبى سلمى :

تقىّ نقىّ لم يكثّر غنيمة

بنهكة ذى قربى ولا بحقلّد (١)

سوى ربع لم يأت فيه مخافة

ولا رهقا من عابد متهوّد

الرّبع : جمع ربعة ، وهى المرباع.

والمهاودة : المعاودة (٢) ، والمصالحة ، والممايلة.

__________________

(١) أورد صاحب اللسان البيت الأول فى مادة (حفلد) بالفاء كما أورده فى (حقلد) والحقلد : البخيل السيئ الخلق والبيت الثانى فى مادة (هود) برواية : لم يأت فيها. والبيتان فى ديوانه ـ ٢٣٤ (ط. دار الكتب).

(٢) المعاودة : الموادعة (مقلوب منها).

٣٥٥

٢٤ ـ بصيرة فى هور (وهون)

هار البناء ، وهوّرته فتهوّر : إذا سقط ، وكذلك انهار ، قال الله تعالى : (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ)(١) ، وقرئ جرف هائر (٢). يقال : بئر هار (٣) وهار (٤) وهائر ومنهار.

وهار الجرف وانهار وتهوّر : سقط ؛ (وتهوّر الليل : اشتدّ ظلامه) (٥) وتهوّر الشتاء : أدبر (٦).

وفلان يتهوّر فى الأمور : يقع فيها بغير فكر. وإنّ فيه لهورة ، وإنّه لهيّر (٧).

هان يهون هونا (٨) وهوانا ومهانة : ذلّ ، فهو هيّن وهين ، وأهون.

وهان يهون هونا (٩) بالضمّ : سهل ، قال الله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)(١٠) أى هيّن.

__________________

(١) الآية ١٠٩ سورة التوبة.

(٢) الذى فى المفردات : وقرئ هارٍ : ولم يتعرض لهذه القراءة صاحب الإتحاف ولا لما ذكر المصنف من قوله هائر والذى فى الإتحاف : وأمال (هارٍ) قالون وابن ذكوان بخلفه عنهما وأبو عمرو وأبو بكر والكسائى وقلله الأزرق والوجهان صحيحان.

(٣) هار على حذف الهمزة من هائر.

(٤) هار بالجر فعلى نقل الهمزة بعد الراء كما قالوا فى شائك شاك ثم عمل به ما عمل بالمنقوص.

(٥) ما بين القوسين من نسخة ب. وقوله اشتد ظلامه هو عبارة المفردات ، والذى فى اللسان : تكسر ظلامه.

(٦) أدبر : انكسر برده ، وعبارة المفردات : ذهب أكثره.

(٧) الهير ككيس : الذى يتهير أى يتهور فى الأشياء.

(٨) بضم الهاء كما فى القاموس.

(٩) ضبطها المصنف فى القاموس ضبط حركة بالفتح ، وقال صاحب المصباح : هان الشيء هونا من باب قال : لان وسهل. وفى اللسان عن الفراء : الهون فى لغة قريش : الهوان فقال : وبعض بنى تميم يجعل الهون مصدرا للشيء الهين فلعله فى البصائر رجح هذه اللغة.

(١٠) الآية ٢٧ سورة الروم.

٣٥٦

والهون : السّكينة والوقار ؛ والحقير.

والهون بالضم : الخزى.

وهوّنه الله : سهّله وخفّفه.

وهوّنه واستهان به وتهاون به : أهانه (١).

وهين وهيّن : ساكن متّئد. وقيل : بالتشديد من الهوان ، وبالتخفيف من اللّين.

وقيل : الهوان على وجهين : أحدهما : تذلّل الإنسان فى نفسه لما لا يلحق به غضاضة فيمدح به ، نحو قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً)(٢) ، وفى الحديث : «المؤمنون هيّنون ليّنون» (٣). والثّانى : أن يكون من متسلّط مستخفّ به فيذمّ به ، وهذا قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ)(٤) ، وقوله تعالى : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)(٥).

وقوله تعالى : (هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ)(٦) ، أى سهل. وقوله تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ)(٧) ، أى ضعيف. وقوله تعالى : (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً)(٨) ، أى حقيرا يسيرا.

__________________

(١) احتقره.

(٢) الآية ٦٣ سورة الفرقان.

(٣) أخرجه ابن المبارك عن مكحول مرسلا ، والبيهقى عن ابن عمر كما فى (الفتح الكبير).

(٤) الآية ٢٠ سورة الأحقاف.

(٥) الآية ١٨ سورة الحج.

(٦) الآيتان ٩ ، ٢١ سورة مريم.

(٧) الآية ٢٠ سورة المرسلات. مهين فى هذه الآية من مادة (مهن) لا من (هان).

(٨) الآية ١٥ سورة النور.

٣٥٧

وعلى هونك / وهينتك ، أى على رسلك.

والمهوئنّ (١) : المكان البعيد ، أو الوهدة. واهوأنّت المفازة : اطمأنّت فى سعة.

وهو يهاون نفسه : يرفق بها ، قال الشّمردل شريك اليربوعىّ :

دخلت هوادجهنّ كلّ ربحلة

قامت تهاون خلقها الممكورا (٢)

ويقال : إذا عزّ أخوك فهن (٣). وإنّه لهون المئونة ، وهين المئونة ، للشّيء الخفيف.

__________________

(١) المهوئن كمطمئن وقد تفتح الهمزة وروى ذلك عن شمر. والمصنف كأنه اعتبر زيادة الميم والهمزة فذكره هنا ولم يتابع الأزهرى وابن سيده اللذين ذكراه فى (ه أن) وهو الصواب ، على أن الجوهرى ذكره فى (هوأ) وخطأه ابن برى.

(٢) البيت فى الأساس (هون).

الربحلة : التارة الخلق فى طول. الممكور : المدمج الشديد البضعة.

(٣) بالضم ويروى بالكسر. وعلى رواية الضم فسره الأزهرى : إذا غلبك وقهرك ولم تقاومه فتواضع له فإن اضطرابك عليه يزيدك ذلا وخبالا ، ورواية الكسر من هان يهين هينا إذا صار لينا ومعناه إذا اشتد عليك فهن له وداره وهذا من مكارم الأخلاق (راجع اللسان : ع ز ز).

٣٥٨

٢٥ ـ بصيرة فى هوى

الهوى : ميل النّفس إلى الشّهوة. ويقال ذلك للنّفس المائلة إلى الشّهوة ، قال الله تعالى : (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى)(١). وقال بعض العارفين :

إنّى بليت بأربع يرميننى

بالنّبل من قوس لها توتير

إبليس والدّنيا ونفسى والهوى

يا ربّ أنت على الخلاص قدير

وقيل : الهوى : العشق ، ويكون فى الخير والشرّ. والهوى أيضا : إرادة النّفس. والهوى : المحبّة ، هويه يهواه ، وهو هو ، وهى هوية ، قال :

أراك إذا لم أهو أمرا هويته

ولست لما أهوى من الأمر بالهوى (٢)

وهو من أهل الأهواء ، ذمّ.

وقد عظّم الله تعالى ذمّ اتّباع الهوى فى قوله : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ)(٣) ، وقوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ)(٤) وقال بلفظ الجمع تنبيها على أنّ لكل واحد هوى غير هوى الآخر ، ثمّ هوى كلّ واحد لا يتناهى ، فإذا اتّباع أهوائهم نهاية الضلال والحيرة. وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ)(٥)

وهوى العقاب هويّا : انقضّت على صيد أو غيره. وهوى الشىء

__________________

(١) الآية ٢٦ سورة ص.

(٢) البيت فى الأساس (هوى) بدون عزو.

(٣) الآية ٢٣ سورة الجاثية.

(٤) الآية ١٢٠ سورة البقرة.

(٥) الآية ٥٠ سورة القصص.

٣٥٩

وأهوى وانهوى : سقط.

وهوت (١) يدى له ، وأهوت : ارتفعت (٢) ؛ والرّيح : هبّت ؛ وفلان : مات.

وهوى يهوى هويّا وهويّا وهويانا : سقط من علو إلى سفل.

وهوى الجبل وإليه : صعده هويّا. قال الشّمّاخ :

على طريق كظهر الأيم مطّرد

يهوى إلى قنّة فى منهل عالى (٣)

وقال آخر :

يهوى مخارمها هوىّ الأجدل (٤)

والناقة تهوى براكبها : تسرع.

واستهوته الشّياطين : ذهبت بهواه وعقله ، وقيل : استهامته وحيّرته ، وقيل : زيّنت (٥) له هواه.

وهذه هوّة عميقة (٦) ، وهوى.

والهاوى : الجراد. وهاوية (٧) والهاوية : جهنّم أعاذنا الله منها.

وطاح فى المهواة والهاوية ، وهى ما بين الجبلين. وتهاووا فيها : تساقطوا.

__________________

(١) فرق ابن الأعرابى بين هوى وأهوى فقال : هوى إليه من بعيد : وأهوى إليه من قريب.

(٢) فى القاموس : امتدت وارتفعت.

(٣) البيت فى الأساس (هوى) ، ولم أعثر عليه فى ديوانه المطبوع بمطبعة السعادة.

الأيم : الحية وتشبه بها الأرض فى ملاستها ولهذا قال : كظهر الأيم ـ القنة : قلة الجبل ، وهى فى ا ، ب : قبة (تصحيف)

(٤) الشطر فى الأساس (هوى) بدون عزو.

المخارم : جمع مخرم بكسر الراء : الطريق فى الجبل أو الرمل. الأجدل : الصقر.

(٥) قال الزجاج : من هوى يهوى.

(٦) فى ا : هوية وما أثبت عن ب والأساس.

(٧) غير منونة باعتبارها علما للنار. قال ابن برى : لو كانت هاوية اسما علما للنار لم تنصرف فى الآية ، أى فى قوله تعالى : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ).

٣٦٠