بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

والهرع بالتحريك : والهراع : مشى مضطرب مسرع. وأقبل الشيخ يهرع : إذا أقبل يرعد ويسرع.

والمهروع : المجنون الذى يصرع.

هاروت : اسم أعجمىّ بدليل منع الصّرف ، ولو كان من الهرت كما زعم بعض أهل اللّغة لا نصرف (١).

وأسد أهرت وهرت وهريت وهروت وهرّات : واسع الشدقين.

قال تعالى : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ)(٢) ، قيل : هما الملكان ، وقال بعض المفسّرين : هما اسما شيطانين من الإنس والجنّ ، وجعلهما نصبا بدلا من قوله : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ)(٣) بدل البعض من الكلّ ، كقولك : القوم قالوا كذا زيد وعمرو.

__________________

(١) فى ا ، ب : لا يصرف (تصحيف).

(٢) الآية ١٠٢ سورة البقرة.

(٣) الآية ١٠٢ سورة البقرة.

٣٢١

٩ ـ بصيرة فى هز

هززت الشىء هزّا : حرّكته (١) ، يقال : هزّه وهزّ به ، وهو كقولهم خذ الخطام وخذ بالخطام ، وتعلّق زيدا وتعلّق بزيد ، قال الله تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ)(٢) ، قال تأبّط شرّا (٣) :

إنّى لمهد من ثنائى فقاصد

به لابن عمّ الصدق شمس بن مالك (٤)

أهزّ به فى ندوة الحىّ عطفه

كما هزّ عطفى بالهجان الأوارك

وهزّ الحادى الإبل هزيزا : نشّطها (٥) بحدائه. وهزّ الكوكب : انقضّ. وهزيز الرّيح : دويّها عند هزّها الشّجر ، قال (٦) :

إذا جرى شأوين وانبلّ عطفه

تقول : هزيز الرّيح مرّت بأثأب (٧)

والهزّة بالكسر : النّشاط والارتياح ، وصوت غليان القدر. [و] من الرّعد : تردّد صوته.

وماء هزهز [و] هزاهز وهزهاز وهزهز : كثير جار يتهزهز. واهتزّ : تحرّك ، قال الله تعالى : (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ)(٨)

__________________

(١) قيده الراغب بالشدة وفى الفروق : حركه بجذب ودفع أو حركه يمينا وشمالا.

(٢) الآية ٢٥ سورة مريم. قال ابن سيده : وإنما عداه بالباء لأن فى هزى معنى جرى.

(٣) فى التيجان (٢٤٢) للسليك بن السلكة فى تأبط شرا ، وفى الحماسة والحيوان لتأبط شرا.

(٤) البيتان من قطعة فى الحماسة ١ / ١٨ (الرافعى).

ندوة الحى : مجتمعه ـ عطف كل شىء : جانبه ـ الهجان : الإبل الكريمة ـ الأوارك : التى ترعى شجر الأراك. والمعنى أسره بثنائى حتى يراح ويطرب ، كما سرنى بالإبل البيض الكرام حتى اهتززت.

(٥) فى ا : بسطها وما أثبت عن ب والقاموس وهما بمعنى.

(٦) امرؤ القيس كما فى اللسان.

(٧) البيت فى اللسان (هزز) ـ الديوان (ط. المعارف) : ٤٩.

الشأو : الشوط ـ الأثأب : شجر ينبت فى بطون الأودية قيل ، شبه الجوز وقبل شبه القصب.

(٨) الآيتان : ٥ سورة الحج ، ٣٩ سورة فصلت.

٣٢٢

أى تحرّكت بالنّبات عند وقوع الماء عليها.

وأمّا قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اهتزّ العرش لموت سعد بن معاذ (١)» ، فقيل : سريره الّذى حمل عليه إلى قبره. ويروى : «اهتزّ عرش الرّحمن» ، أى ارتاح بروحه حين صعد بها واستبشر لكرامته على ربّه. وكلّ من خفّ لأمر وارتاح له فقد اهتزّ له. وقال الأزهرىّ : أراد فرح أهل العرش بموته.

وهزهزه : حرّكه ، وقيل : ذلّله (٢).

وتهزهز إليه قلبى ، أى ارتاح للسّرور ، قال الرّاعى :

إذا فاطنتنا فى الحديث تهزهزت

إليها قلوب دونهنّ الجوانح (٣)

__________________

(١) الحديث برواية : اهتز عرش الرحمن. فى مسلم ومسند أحمد عن أنس (الفتح الكبير) وسعد بن معاذ : سيد الأوس.

(٢) استعماله فى التذليل مجاز.

(٣) البيت فى اللسان (هزز) و (فطن). وفاطنه فى الحديث : راجعه.

٣٢٣

١٠ ـ بصيرة فى هزل وهزم

الهزل : كلّ كلام لا تحصيل له ولا ريع (١). وهزل معه وهازله ، قال :

ذو الجدّ إن جدّ الرجال به

ومهازل إن كان فى هزل (٢)

وقال القطامىّ :

يهازل ربّات البراقع بالضّحى

ويخرج من باب ويدخل بابا (٣)

قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَما هُوَ بِالْهَزْلِ)(٤) وهو تشبيه بالهزال ضدّ السّمن. وقد هزل بالضمّ هزالا ، وهزل كنصر ، هزلا وهزلا ، وهزلته وهزّلته.

وأهزل (٥) القوم : هزلت أموالهم. وجمل مهزول وإبل مهازيل.

وهزلت حال فلان : [و (٦)] تقول : له فضل جزيل (٧) وحال هزيل.

هزم الجيش وانهزم ، وجيش مهزوم وهزيم ، وقد هزمته. واستهزمته قال الله تعالى : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ)(٨). وهو يستهزم الجيوش. وهو هزّام فرّاس. ووقعت عليهم الهزيمة.

وهزمت البئر : حفرتها ، والبطيخ والقربة : غمزتها بيدى فانهزمت إلى جوفها. وسمعت هزمة الرعد وهزيمه : صوته. وغيث هزيم : منبعق (٩).

__________________

(١) الريع هنا : الفائدة.

(٢) البيت فى اللسان (هزل) بدون عزو.

(٣) البيت فى الأساس (هزل) ـ ليس فى ديوانه المطبوع فى القطعة التى على رويه.

(٤) الآيتان : ١٣ ، ١٤ سورة الطارق.

(٥) فى القاموس : وهزلوا. أيضا.

(٦) تكملة من الأساس.

(٧) فى ا ، ب : هزيل ، وما أثبت عن الأساس.

(٨) الآية ٢٥١ سورة البقرة.

(٩) منبعق : مندفع فى شدة وكثرة.

٣٢٤

١١ ـ بصيرة فى هزء

الهزء : مزح فى خفية ، هزئت من فلان / ، وبه ، عن الأخفش هزءا وهزؤا ، سخرت. وهزأت به أيضا هزءا ومهزأة ومهزؤة. وقد يقال الهزؤ لما هو كالمزح ؛ فممّا قصد به المزح قوله تعالى : (أَتَتَّخِذُنا هُزُواً)(١) وقوله : (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً)(٢) ، عظّم تبكيتهم ونبّه على خبثهم من حيث إنّه وصفهم بأنّهم بعد العلم بها والوقوف على صحّتها يهزءون بها.

واستهزأت به ، وتهزّأت به ، أى هزئت. والاستهزاء أيضا : ارتياد الهزء ، وإن كان قد يعبّر به عن تعاطى الهزء ، كالاستجابة فى كونها ارتيادا للإجابة ، وإن كان قد يجرى مجرى الإجابة. وقال الله تعالى : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ)(٣).

والاستهزاء من الله فى الحقيقة لا يصحّ ، كما لا يصحّ منه اللهو واللّعب ، فقوله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(٤) أى يجازيهم جزاء الهزء. ومعناه أنّه أمهلهم مدّة ثمّ أخذهم مغافصة (٥) فسمّى إمهاله إيّاهم استهزاء من حيث إنّهم اغترّوا به اغترارهم بالهزء ، فيكون ذلك كالاستدراج (٦) من حيث لا يعلمون ، أو لأنّهم استهزءوا فعرف ذلك منهم فصار كأنّه يهزأ بهم ، كما قيل :

__________________

(١) الآية ٦٧ سورة البقرة.

(٢) الآية ٩ سورة الجاثية.

(٣) الآية ٦٥ سورة التوبة.

(٤) الآية ١٥ سورة البقرة.

(٥) مغافصة : على غرة مع إساءة يقال : غافص الرجل مغافصة.

(٦) استدرجه : أخذه قليلا قليلا ولم يباغته.

٣٢٥

من خدعك ففطنت له فقد خدعته. وقد روى : «أنّ المستهزئين يفتح لهم باب من الجنّة فيسرعون نحوه ، فإذا انتهوا إليه سدّ عليهم». فذلك قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ)(١).

وعلى هذه الوجوه قوله تعالى : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ)(٢) وقيل : هو أن يضرب للمؤمنين نور يمشون به على الصّراط فإذا وصل المنافقون إليه حيل بينهم وبين المؤمنين ، كما قال الله تعالى : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ)(٣) ، وكما قال : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ)(٤) الآية. وقال الحسن : معناه : يظهر الله المؤمنين على نفاقهم.

وقوله تعالى : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)(٥) أى بمحمّد وأصحابه ، قرأ أبو جعفر : مستهزون (٦) ويستهزون ، وقل استهزوا بترك الهمزة فيهنّ.

__________________

(١) الآية ٣٤ سورة المطففين.

(٢) الآية ٧٩ سورة التوبة.

(٣) الآية ٥٤ سورة سبأ.

(٤) الآية ١٣ سورة الحديد.

(٥) الآية ١٤ سورة البقرة.

(٦) أى بحذف الهمزة وضم الزاى وصلا ووقفا (الإتحاف سورة البقرة ٨٠) ، (١٤٦ سورة التوبة).

٣٢٦

١٢ ـ بصيرة فى هش

هششت الورق أهشّه وأهشّه : خبطته بعصا ليتحاتّ ، قال الله تعالى : وأهِش بها على غنمي (١) بكسر الهاء (٢). وقال جابر : «لا يعضد حمى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولكن يهشّ هشّا (٣)».

والهشاشة : الارتياح والخفّة (٤) والنّشاط ، يقال هششت أهشّ كسمعت أسمع ، وهششت أهشّ كدببت أدبّ. وفى الحديث : «لمّا سبق فرسه ـ سبحة ـ هشّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لذلك وأعجبه» (٥). وقالت عائشة للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «دخل أبو بكر فلم تهشّ له» ويروى «فلم تهتشّ». وكان علقمة إذا رأى من أصحابه هشاشة ذكّرهم. قال أبو زيد : هششت به أهشّ هشاشة. وأنا به هشّ بشّ.

والهشيش : الرّجل الذى يفرح إذا سألته.

وهشّ الخبز يهشّ بالكسر هشوشة : صار هشّا وهشاشا. ورجل هشّ المكسر ، أى سهل الشّأن (٦) فيما يطلب عنده من الحوائج.

وهشّشه : نشّطه وفرّحه. والمتهشهشة (٧) : الفرحة المتحبّبة إلى زوجها.

__________________

(١) الآية ١٨ سورة طه.

(٢) بها قرأ النخعى كما نقله الصاغانى.

(٣) رواه فى النهاية «لا يخبط ولا يعضد. يعضد : يقطع ، والهش هنا نثره بلين ورفق.

(٤) والخفة : فى المعجمات : والخفة للمعروف.

(٥) رواية النهاية عن ابن عمر «لقد راهن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على فرس له يقال لها سبحة فجاءت سابقة فلهش لذلك وأعجبه». أى فلقد هش واللام للتأكيد أو جواب قسم محذوف.

(٦) فى ب : البيان (تصحيف) وفى الأساس : سهل الجانب إذا سئل.

(٧) هكذا أيضا فى القاموس. وقال شارحه الزبيدى فى التاج : وصوابه المهشهشة.

٣٢٧

١٣ ـ بصيرة فى هشم وهضم وهطع

الهشم : كسر الشىء اليابس ، وقيل : الشىء الرخو كالنّبات وقيل : كسر الشىء الأجوف ، وقيل : كسر الرأس خاصّة ، وقيل : كسر العظام ، وقيل : كسر الوجه والأنف ، وقيل : الكسر فى كل شىء / هشمه يهشمه ، فهو مهشوم وهشيم : كسره ، فانهشم وتهشّم.

وهشم (١) الرّجل وهشّمه : أكرمه وعظّمه ؛ والناقة (٢) حلبها أو هو الحلب بالكفّ كلّها كاهتشمها.

والهشيم : نبت يابس متكسّر ، وقيل : يابس كلّ كلإ (٣) ، قال الله تعالى : (فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ)(٤). والهشيمة : الأرض التى يبس شجرها.

وهشم الخبز : ثرده ، وهشم الثّريد أيضا ، قال (٥) :

عمرو الذى هشم الثّريد لقومه

ورجال مكّة مسنتون عجاف (٦)

والهاشمة من الشّجاج : التى تهشم عظم الرّأس.

__________________

(١) عبارة المصنف فى القاموس : وتهشّمه : كسره ، وفلانا : أكرمه وعظمه كهشمه ، والناقة حلبها أو هو الحلب بالكف كلها كاهتشمها ، وما هنا كما فى اللسان : «وهشم الرجل أكرمه ، وعظمه وهشم الناقة هشما : حلبها. وقال ابن الاعرابى هو الحلب بالكف كلها ، ويقال : هشمت ما فى ضرع الناقة واهتشمت أى احتلبت.

(٢) أى هشم الناقة كما فى اللسان.

(٣) فى اللسان : إلا يابس البهمى فإنه عرب بفتح العين مع كسر الراء.

(٤) الآية ٤٥ سورة الكهف.

(٥) هو ابن الزبعرى.

(٦) البيت فى اللسان (سنت) و (هشم) وانظر الروض الأنف للسهيلى ١ / ٩١ والرواية : عمرو العلاء وكان اسم هاشم أبى عبد المطلب جد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أن يسمى هاشما ـ مسنتون : مجدبون. عجاف : هزلى لا لحم عليها من شدة الحال.

٣٢٨

واهتشمت نفسى لفلان : اهتضمتها له (١).

وهاشم أبو عبد المطّلب لأنّه أوّل من هشم الثّريد.

الهضم : شدخ ما فيه رخاوة ، يقال : هضمته فانهضم ، قال الله تعالى : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ)(٢) أى منهضم منضمّ فى جوف الجفّ (٣) قد أدخل بعضه فى بعض ، كأنّما شدخ.

وهضم فلانا واهتضمه وتهضّمه : ظلمه وغصبه (٤) ، فهو هضيم ، قال الله تعالى : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً)(٥) ، والاسم : الهضيمة.

والهضّام والهاضوم (٦) : كلّ دواء هضم طعاما.

والهضم والهضم (٧) : المطمئنّ من الأرض ؛ وبطن الوادى.

هطع الرّجل : إذا أقبل ببصره على الشىء لا يقلع (٨) عنه ، يهطع هطعا وهطوعا ، قال ابن دريد : إذا أسرع مقبلا خائفا ، لا يكون إلّا مع خوف.

والهطيع (٩) : الطّريق الواسع.

وأهطع : إذا مدّ عنقه وصوّب رأسه ، قال (١٠) :

__________________

(١) أى رضى منه بدون النصفة.

(٢) الآية ١٤٨ سورة الشعراء.

(٣) الجف : وعاء الطلع.

(٤) أى غصبه حقه وقهره.

(٥) الآية ١١٢ سورة طه.

(٦) والهضوم أيضا كما فى القاموس.

(٧) جمعهما : أهضام وهضوم.

(٨) يريد : فلم يرفعه عنه.

(٩) ضبطه فى القاموس كأمير وعزاه التاج إلى ابن دريد وقال : وأنكره الأزهرى وضبطه صاحب التاج كحيدر أى هيطع. وكذلك هو فى اللسان.

(١٠) أنشده الجوهرى دون عزو.

٣٢٩

تعبّدنى نمر بن سعد وقد أرى

ونمر بن سعد لى مطيع ومهطع (١)

قال الله تعالى : (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ)(٢) ، قال ثعلب فى تفسيره اللفظة : المهطع : الّذى ينظر فى ذلّ وخشوع لا يقلع بصره. وقيل : المهطع : السّاكت المنطلق إلى من هتف به.

وقال الزّجّاج : مهطعين ، أى مسرعين ، وأنشد ليزيد بن ربيعة ابن مفرّغ (٣) :

بدجلة أهلها ولقد أراهم

بدجلة مهطعين إلى السّماع (٤)

وبعير مهطع : فى عنقه تصويب خلقة.

واستهطع ، أى أسرع مثل أهطع. وقال تعالى : (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ)(٥).

__________________

(١) البيت فى الصحاح واللسان (هطع) ـ تعبد فلانا : اتخذه عبدا.

(٢) الآية ٤٣ سورة إبراهيم. والمقنع : الذى يرفع رأسه ينظر فى ذل.

(٣) شاعر أموى هجا عباد بن زياد فكاد يقتله واستخلصه منه يزيد بن معاوية.

(٤) البيت فى اللسان (هطع) ولم أعثر عليه فى قصيدته العينية فى الأغانى بترجمته ج ١٧ و ١٨ طبع بيروت.

(٥) الآية ٨ سورة القمر.

٣٣٠

١٤ ـ بصيرة فى هلال

الهلال : غرّة القمر ، أو لليلتين ، أو هلال إلى ثلاث ليال ، وقيل : إلى سبع من أوّل الشهر ، وفى غير (١) ذلك قمر. قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ)(٢) ، وكانوا قد سألوه عن علّة تهلّله وتغيّره. والعرب تقول : أيّام الشهر : ثلاث منه غرر ، وثلاث نفل ، وثلاث زهر ، وثلاث بهر ، وثلاث بيض ، وثلاث دآدئ (٣) ، وثلاث حنادس ، وثلاث محاق.

وشبّه بالهلال فى الهيئة : السنان الّذى يصاد به ، وله شعبتان كطرفى الهلال ؛ وضرب من الحيّات ، وسلخها ؛ والجمل المهزول ؛ وحديدة تضمّ بين حنوى (٤) الرّحل ؛ وذؤابة النّعل ؛ وسمة للإبل (٥) ؛ والماء القليل المستدير ؛ وطرف الرّحى ؛ وشىء يعرقب به الحمير (٦) ؛ والغلام الحسن الوجه.

وهلّ الهلال وأهلّ وأهلّ واستهلّ (٧) : ظهر. وهلّ الشّهر : ظهر هلاله ولا تقل أهلّ (٨). واستهلّ أيضا : طلب رؤيته. ثم قد يعبّر عن الإهلال

__________________

(١) وفى القاموس بعد قوله إلى سبع : ولليلتين من آخر الشهر ست وعشرين وسبع وعشرين وفى غير ذلك قمر.

(٢) الآية ١٨٩ سورة البقرة.

(٣) الدآدئ : جمع دأداء : شديدة الظلمة وسميت الدآدئ لاختفاء القمر فيها.

(٤) حنو الرحل : كل عود معوج من عيدانه.

(٥) سمة تكون على هيئة الهلال.

(٦) فى اللسان : الصيد.

(٧) فى القاموس : واستهل (على ما لم يسم فاعله).

(٨) هذا قول الجوهرى فى الصحاح ، وقد قال غيره أهل كما فى المعجمات.

٣٣١

بالاستهلال نحو الاستجابة والإجابة.

والإهلال : رفع الصّوت عند رؤية الهلال ، ثم استعمل لكلّ صوت ، وبه شبّه إهلال الصّبىّ.

وقوله تعالى : (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ)(١) أى ما ذكر عليه غير اسم الله / وهو ما كان يذبح لأجل الأصنام.

وقيل : الإهلال والتّهلّل والتّهليل : أن يقول : لا إله إلّا الله.

وتهلّل السّحاب ببرقه : تلألأ ، وتشبّه فى ذلك بالهلال.

وأتيته فى هلّة (٢) الشهر ، وهلّه وإهلاله ، أى استهلاله.

والمهلّلة (٣) من الإبل : الضامرة المتقوّسة.

__________________

(١) الآية ٣ سورة المائدة.

(٢) فى اللسان ضبطت الهاء بالكسر ضبط حركة وفى القاموس بالفتح ضبط حركة.

(٣) فى التاج قال : كمحدّثة.

٣٣٢

١٥ ـ بصيرة فى هل

وهى كلمة استفهام ، وقيل : حرف استخبار ، أمّا على سبيل الاستفهام فذلك لا يكون من الله تعالى.

وقيل : حرف موضوع لطلب التصديق الإيجابىّ (١) دون التصوّر ودون التّصديق السّلبىّ ، فيمتنع نحو هل زيدا ضربت ، لأن تقديم الاسم يشعر بحصول التّصديق بنفس النّسبة. ونحو : هل زيد قائم أم عمرو ، إذا أريد بأم المتّصلة (٢) ، وهل لم (٣) يقم زيد.

ونظيرها فى الاختصاص بطلب التّصديق أم المنقطعة ، وعكسها أم المتّصلة. وجميع أسماء الاستفهام فإنهنّ لطلب التصوّر ليس غير.

وأعمّ من الجميع الهمزة فإنّها مشتركة بين الطلبين.

وتفترق «هل» من الهمزة من عشرة أوجه :

أحدها : اختصاصها بالتّصديق.

والثانى : اختصاصها بالإيجاب ، تقول : هل قام دون هل لم يقم ، بخلاف الهمزة نحو : (أَلَمْ نَشْرَحْ)(٤) ، (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ)(٥) ، (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(٦).

__________________

(١) أى الموجب ، وذلك نحو هل قام زيد ، وهل زيد قائم فتساوى الهمزة فى ذلك.

(٢) وذلك أن أم المتصلة لا تقع إلا بعد الهمزة ويطلب بهما تعيين أحد الأمرين ، أما هل فلا يطلب بها ذلك. فإذا كانت أم منقطعة فإنها تقع بعد هل كغيرها من أدوات الاستفهام ، وهى تفيد الاضراب عما قبلها وهو هنا الإضراب عن السؤال عن قيام زيد وجعله عمرا وعليه فلم تخرج هل معها عن حقيقة وضعها وهو طلب التصديق.

(٣) امتنع ذلك لأن هل لا تدخل على منفى.

(٤) صدر سورة الشرح.

(٥) الآية ١٢٤ سورة آل عمران.

(٦) الآية ٣٦ سورة الزمر.

٣٣٣

الثالث : تخصيصها المضارع بالاستقبال نحو : هل يسافر.

الرّابع والخامس والسّادس : أنّها لا تدخل على الشرط ، ولا على «إنّ» ولا على اسم بعده فعل (١) ، بخلاف الهمزة ، بدليل : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ)(٢) ، (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ)(٣) ، (أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ)(٤) ، (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ)(٥).

والسّابع والثامن : أنها تقع بعد العاطف لا قبله ، وبعد أم نحو : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٦) ، وقال تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ)(٧)

التاسع : أنها يراد بالاستفهام بها النّفى ، ولذلك دخلت على الخبر بعدها إلّا نحو : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٨) ، (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)(٩) ، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ)(١٠).

العاشر : أنّها تأتى بمعنى قد ، وذلك مع الفعل ، وبذلك فسّر قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ)(١١) جماعة منهم ابن عباس والفرّاء والكسائىّ والمبرّد ، وبالغ (١٢) الزمخشرىّ أنّها بمعنى قد أبدا ، وأنّ الاستفهام هو مستفاد من همزة مقدّرة معها ، ونقله عن سيبويه فقال فى المفصّل (١٣) :

__________________

(١) وذلك أن هل إذا كان فى حيزها فعل وجب إيلاؤها إياه فلا يقال : هل زيد قام إلا فى ضرورة. قال أبو حيان : ويمتنع أن تكون مبتدأ وخبرا بل يجب حمله على إضمار فعل ، قال : وسبب ذلك أن هل فى الجملة الفعلية مثل قد فكما أن قد لا تليها الجملة الابتدائية فكذلك هل (الهمع ٢ : ٧٧).

(٢) الآية ٣٤ سورة الأنبياء.

(٣) الآية ١٩ سورة يس.

(٤) الآية ٩٠ سورة يوسف.

(٥) الآية ٢٤ سورة القمر.

(٦) الآية ٣٥ سورة الأحقاف.

(٧) الآية ١٦ سورة الرعد.

(٨) الآية ٦٠ سورة الرحمن.

(٩) الآية ٣٥ سورة النحل.

(١٠) الآية ٦٦ سورة الزخرف.

(١١) صدر سورة الإنسان.

(١٢) فى ا : وتابع وما أثبت عن ب وما يفيده الهمع.

(١٣) وكذلك السكاكى فى المفتاح. وعبارة المفصل المذكورة هنا فى الهمع (٢ : ٧٧).

٣٣٤

وعند سيبويه أنّ هل بمعنى قد ، إلّا أنّهم تركوا الألف قبلها لأنّها لا تقع إلّا فى الاستفهام. وقد جاء دخولها عليها فى قوله (١) :

سائل فوارس يربوع بشدّتنا

أهل رأونا بسفح القاع ذى الأكم (٢)

وقال فى الكشّاف : هل أتى ، أى قد (٣) أتى على معنى التقرير (٤) والتقريب جميعا ، أى أتى على الإنسان قبل زمان قريب طائفة من الزمان [الطويل](٥) الممتد لم يكن فيه شيئا مذكورا ، بل شيئا منسيّا ، نطفة فى الأصلاب. والمراد بالإنسان الجنس بدليل : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ.) وفسّرها غيره بقد خاصّة ولم يحملوا قد على معنى التقريب بل على معنى التحقيق. وقال بعضهم : معناها التوقّع ، كأنّه قيل لقوم يتوقّعون الخبر عن ما أتى على الإنسان / وهو آدم. والحين : زمن كان طينا. وعكس قوم ما قاله الزمخشرىّ وقالوا : إنّ هل لا تأتى بمعنى قد أصلا ، وهذا هو الصّواب عند كثيرين (٦). وأدخلت عليها الألف واللام ، قيل لأبى الدّقيش : هل لك فى زبد وتمر فقال : أشدّ الهلّ. وثقّله لتكمل عدّة حروف الأصول. وأل لغة فى هل.

__________________

(١) القائل هو زيد الخيل كما فى المقتضب (تحقيق الأستاذ عضيمة) ١ : ٤٤ حاشية.

(٢) البيت فى المقتضب : ١ / ٤١ ـ المغنى ٢ : ٢٩ ـ الخصائص ٢ : ٤٦٣ والرواية هناك بسفح القف. والقف : جبل ليس بعال فى السماء. والشدة : الحملة ، والباء بمعنى عن.

(٣) فى ا ، ب : هل والتصويب من الكشاف والهمع.

(٤) ذكر بعض النحويين أن هل لم تستعمل فى التقرير وأن ذلك مما انفردت به الهمزة.

(٥) تكملة من الكشاف والهمع.

(٦) منهم أبو حيان الذى يقول : لم يقم على ذلك دليل واضح إنما هو شيء قاله المفسرون فى الآية. وهذا تفسير معنى لا تفسير إعراب ولا يرجع إليهم فى مثل هذا وإنما يرجع فى ذلك إلى أئمة النحو واللغة لا إلى المفسرين (الهمع ٢ / ٧٧) على أن المرادى فى جنى الدانى (هل) ٢٥٠ مخطوطتنا ذكر أن ابن مالك والكسائى والفراء ممن قالوا بذلك. وقد سبق رأى الزمخشرى والسكاكى.

٣٣٥

وهلّا كلمة تحضيض (١) مركّبة من هل و «لا» ، وتدخل على الفعل ، وإن دخلت على اسم فلا بدّ من تقدير كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فهلّا بكرا» (٢) أى هلّا تزوّجت.

وحيّهل الثّريد ، أى هلمّ. وحىّ هل الصّلاة ، أى ائتوها. وحىّ هلك ، أى رويدك. قالوا : وتصغيره هليل (٣) وهليّة (٤) ، وهلىّ (٥).

قال بعض المفسّرين : «هل» ترد فى التنزيل على سبعة أوجه :

الأوّل : بمعنى قد ، وهو كلّ موضع يكون بعده أتى كما تقدّم فى (هَلْ أَتى)(٦) و (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ)(٧) ، (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ)(٨) ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ)(٩) ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى)(١٠) ، وله نظائر.

الثّانى : بمعنى ما النافية ، وهذا فى كلّ موضع يتلوه إلّا ، نحو (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ)(١١).

الثالث : بمعنى لم ـ وهذا فى كلّ محلّ يكون بعده لا ، نحو : هلّا فعلت كذا ، وهلّا قلت كذا.

__________________

(١) كلمة لوم أيضا فاللوم على ما مضى والتحضيض على ما يأتى (قاله الكسائى). (التاج : هل).

(٢) رواه عن جابر البخارى ومسلم والنسائى وأبو داود وابن حنبل (الفتح الكبير).

(٣) كأنه كان مشددا فخفف.

(٤) يتوهم أن ما سقط من آخره مثل أوله.

(٥) يتوهم أن الناقص ياء وهو أجود الوجوه.

(٦) صدر سورة الإنسان.

(٧) صدر سورة الغاشية.

(٨) الآية ٢١ سورة ص.

(٩) الآية ٢٤ سورة الذاريات.

(١٠) الآيتان : ٩ سورة طه ، ١٥ سورة النازعات.

(١١) الآيتان : ٦٦ سورة الزخرف ، ١٨ سورة محمد.

٣٣٦

الرّابع : بمعنى النّفى نحو : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(١).

الخامس : لتقرير القسم نحو قوله تعالى : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ)(٢).

السّادس : بمعنى الأمر إذا اقترن بفعل يدلّ على معنى الأمر نحو قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٣) ، أى انتهوا ، (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٤) أى أسلموا ـ.

السّابع : بمعنى السّؤال والاستفهام : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا)(٥).

__________________

(١) الآية ٥٣ سورة الأعراف.

(٢) الآية ٥ سورة الفجر.

(٣) الآية ٩١ سورة المائدة.

(٤) الآية ١٠٨ سورة الأنبياء.

(٥) الآية ٤٤ سورة الأعراف.

٣٣٧

١٦ ـ بصيرة فى هلك

يقال : هلك يهلك كضرب يضرب ، وهلك يهلك كجعل يجعل هلاكا ، وهلوكا وهلكا بضمّهما ، ومهلكا (١) ومهلكا ، وتهلوكا (٢) ، وتهلكة (٣) : مات.

وأهلكه ، وهلّكه ، واستهلكه ، وهلكه (٤) أيضا لازم ومتعدّ ، فهو هالك ، والجمع : هلكى وهلّك (٥) ، وهلّاك (٦) ، وهوالك شاذّ (٧).

والهلكاء ، والهلكة : [الهلاك](٨).

والهلاك على ثلاثة أوجه :

افتقاد الشىء عنك وهو عند غيرك موجود ، كقوله تعالى : (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ)(٩).

الثانى : هلاك باستحالة وفساد ، كقوله تعالى : (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ)(١٠).

الثالث : الموت ، نحو قوله تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ)(١١)

__________________

(١) قال الجوهرى بتثليث لام مهلك.

(٢) بضم التاء.

(٣) فى التاج : وأما التهلكة بضم اللام فنقل عن اليزيدى أنه من نوادر المصادر ، وليست مما يجرى على القياس.

(٤) هلكه بمعنى أهلكه لغة تميم.

(٥) بضم الهاء وتشديد اللام المفتوحة.

(٦) بضم الهاء وتشديد اللام بعدها ألف على زنة رمان.

(٧) لأن فواعل إنما هو جمع فاعلة وجمع فاعل إذا كان صفة للمؤنث أو ما كان لغير الآدميين مثل جمل بازل وجمال بوازل ، فأما مذكر ما يعقل فلم يجمع عليه إلا كلمات معدودة منها هوالك وقد علل جمعها على هذه الصيغة.

(٨) ما بين القوسين تكملة من القاموس يقتضيها السياق.

(٩) الآية ٢٩ سورة الحاقة.

(١٠) الآية ٢٠٥ سورة البقرة.

(١١) الآية ١٧٦ سورة النساء.

٣٣٨

(وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ)(١) ، (حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً)(٢).

الرّابع : بطلان الشىء من العالم وعدمه رأسا ، وذلك المسمّى فناء ، وقد أشير إليه بقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(٣).

ويقال للعذاب والخوف والفقر الهلاك ، وعلى هذا قوله تعالى : (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٤) ، (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) (٥) (أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (٦)

وقوله : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) (٧) ، هو (٨) الهلاك الأكبر الّذى دلّ عليه النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقوله : «لا شرّ كشرّ بعده النّار».

وقرئ : لمهلَكهم (٩) ومُهْلَكِهم ، فمهلكهم (١٠) من الهلك ، ومهلكهم من الإهلاك.

والتهلكة ما يؤدّى إلى الهلاك ، قال تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (١١).

والمهلكة مثلثة اللام : المفازة.

والهلك : السّنون الجدبة ، جمع : هلكة بالتحريك.

__________________

(١) الآية ٢٤ سورة الجاثية.

(٢) الآية ٣٤ سورة غافر.

(٣) الآية ٨٨ سورة القصص.

(٤) الآية ٢٦ سورة الأنعام. وفسر الزمخشرى يهلكون فى الآية بمعنى يضرّون.

(٥) الآيتان ٧٤ ، ٩٨ سورة مريم.

(٦) الآية ١٧٣ سورة الأعراف.

(٧) الآية ٣٥ سورة الأحقاف.

(٨) فى ا ، ب : وهو. والواو مقحمة.

(٩) من الآية ٥٩ سورة الكهف.

(١٠) أى بفتح الميم واللام التى بعد الهاء مصدر هلك أو اسم زمان منه كمشهد وهذه القراءة عن أبى بكر بن عياش. وأما بضم الميم وفتح اللام فعلى جعله مصدرا ميميا لأهلك أو اسم زمان منه كمخرج وهى قراءة الباقين غير حفص. أما حفص فقرأها بفتح الميم وكسر اللام مصدرا أو اسم زمان من هلك على غير قياسه كمرجع (وانظر الإتحاف سورة الكهف).

(١١) الآية ١٩٥ سورة البقرة.

٣٣٩

والهلوك : الفاجرة المتساقطة على الرّجال / ، لأنّها تتهالك فى مشيتها ، أى تتمايل.

والاهتلاك والانهلاك : رمى الإنسان نفسه فى تهلكة.

والمهتلك (١) من لا همّ له إلّا أن يتضيّفه الناس.

والهلّاك (٢). الّذين ينتابون النّاس لابتغاء معروفهم.

ووادى تهلّك بضمّتين وكسر (٣) اللام المشدّدة ممنوعا : الباطل.

__________________

(١) فى ا ، ب : المتهلك والتصويب من القاموس.

(٢) فى الأساس : هم الصعاليك.

(٣) الذى فى الصحاح والعباب : بضم التاء والهاء ، واللام مشددة فلم يصرحا بأن اللام مكسورة (التاج هلك).

٣٤٠