بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

والولاء والتّوالى : أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما ، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ، ومن حيث النّسبة ، ومن حيث الدّين ، ومن حيث الصّداقة والنّصرة والاعتقاد.

والولاية : النّصرة. والولىّ والمولى يستعملان فى كلّ ذلك ، وكلّ واحد منهما يقال فى معنى الفاعل أى الموالى ، وفى معنى المفعول أى الموالى.

ويقال للمؤمن ولىّ الله ولا يقال مولاه ويقال : الله ولىّ المؤمن ومولاه. فمن الأوّل : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا)(١) وقوله : (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)(٢) ، ومن الثانى : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ)(٣) وقوله : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ)(٤).

والوالى : المولى (٥) فى قوله : (وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ)(٦).

ونفى الله الولاية بين المؤمنين والكافرين فى غير آية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)(٧) وجعل بين الكافرين والشّياطين موالاة فى الدنيا ونفى عنهم الموالاة فى الآخرة ، قال تعالى فى الموالاة بينهم فى الدنيا : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)(٨) ، وكما جعل بينهم وبين الشّيطان موالاة جعل للشّيطان عليهم فى الدّنيا سلطانا فقال : (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ)(٩)

__________________

(١) الآية ٢٥٧ سورة البقرة.

(٢) الآية ٤٠ سورة الأنفال.

(٣) الآية ٦ سورة الجمعة.

(٤) الآية ٦٢ سورة الأنعام.

(٥) فى المفردات : الولى.

(٦) الآية ١١ سورة الرعد.

(٧) الآية ٥١ سورة المائدة.

(٨) الآية ٢٧ سورة الأعراف.

(٩) الآية ١٠٠ سورة النحل.

٢٨١

ونفى الموالاة بينهم فى الآخرة ، فقال فى موالاة الكفّار بعضهم بعضا (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً)(١).

قالوا : تولّى إذا عدّى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى أقرب المواضع ، يقال : ولّيت سمعى كذا ، وولّيت عينى كذا ، أى أقبلت به عليه ، قال تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٢) ؛ وإذا عدّى بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه ، فمن الأوّل قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(٣) ومن الثّانى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)(٤).

والتولّى قد يكون بالجسم ، وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار ، قال تعالى : (وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ)(٥) أى لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله : (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا)(٦) ، ولا ترتسموا قول من حكى عنهم (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)(٧).

وقوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي)(٨) قيل : أبناء العمّ ، وقيل : مواليه من أمّته.

ويقال : ولّاه دبره : إذا انهزم ، قال تعالى : (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ)(٩).

وقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)(١٠) ، أى ابنا يكون من أوليائك. وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ)(١١) فيه نفى الولىّ (١٢) بقوله من الذّلّ

__________________

(١) الآية ٤١ سورة الدخان.

(٢) الآيات : ١٤٤ ، ١٤٩ ، ١٥٠ سورة البقرة.

(٣) الآية ٥١ سورة المائدة.

(٤) الآية ٦٣ سورة آل عمران.

(٥) الآية ٢٠ سورة الأنفال.

(٦) الآية ٧ سورة نوح.

(٧) الآية ٢٦ سورة فصلت.

(٨) الآية ٥ سورة مريم.

(٩) الآية ١٦ سورة الأنفال.

(١٠) الآية ٥ سورة مريم.

(١١) الآية ١١١ سورة الإسراء.

(١٢) فى ا ، ب : الولد وما أثبت عن المفردات.

٢٨٢

إذ كان صالحو عباده هم أولياء الله كما تقدّم ، لكن موالاتهم ليستولى (١) هو تعالى بهم.

والمولى / : المعتق (٢) ، والمالك ، والعبد ، والصّاحب ، والناصر ، والقريب كابن العمّ ونحوه ، والجار ، والحليف (٣) ، والابن ، والعمّ ، والنّزيل ، والشّريك ، وابن الأخت ، والولىّ (٤) ، والربّ (٥) ، والمنعم ، والمنعم عليه ، والتّابع ، والصّهر.

وفيه مولويّة أى يشبه الموالى. وهو يتمولى : يتشبّه بالسادة.

وتولّاه : اتّخذه وليّا. والأمر (٦) : تقلّده. وإنّه لبيّن الولاءة (٧) والوليّة (٨) والتولّى والولاء والولاية والولاية.

ووالى بين الأمرين موالاة وولاء (٩) : تابع. وتوالى : تتابع.

وهو أولى بكذا أى أحرى وأخلق ، قال الله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(١٠). وهم (١١) الأولى والأولون ، وفى المؤنّث : الوليا (١٢) ، والولييان والولى ، والولييات.

وأولى لك : تهدّد ووعيد ، أى قاربه (١٣) ما يهلكه ، وقيل : معناه : العقاب أولى لك وبك ، وقيل : معناه انزجر.

__________________

(١) فى ا ، ب : لا يستوى وما أثبت عن المفردات.

(٢) وهو مولى النعمة أنعم على عبده بعتقه.

(٣) الحليف : من انضم إليك فعز بعزك وامتنع بمنعتك.

(٤) الولى : الذى يلى عليك أمرك.

(٥) لتوليه أمور العالم بتدبيره وقدرته.

(٦) أى تولى الأمر ، وهو مطاوع ولاه عمل كذا وبه فسر قوله تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) أى توليتم أمور الناس.

(٧) فى المحكم بالكسر والقصر.

(٨) وفى المحكم بالتخفيف.

(٩) بكسر الواو.

(١٠) الآية ٦ سورة الأحزاب.

(١١) هكذا فى النسخ وفى القاموس أيضا والصواب : وهو الأولى وهم الأولون.

(١٢) أى هى الوليا وهما الولييان وهن الولى والولييات.

(١٣) أى نزل به.

٢٨٣

وولّى تولية : أدبر كتولّى. والشىء وعن الشّىء : أعرض.

واستولى على الأمر : بلغ الغاية.

وداره ولى دارى : قريبة منها (١). وأولى على اليتيم : أوصى.

وأولياء الله خواصّ عباده ، قال تعالى (٢) : «أوليائى تحت قبائى ، لا يعرفهم غيرى». قال تعالى : «من عادى (٣) لى وليا فقد بارزنى بالمحاربة». وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من عباد الله رجالا ما هم بأنبياء ولا شهداء بل يغبطهم الأنبياء والشّهداء لمكانهم من الله. فقال رجل : من هم يا رسول الله؟ قال رجال يتحابّون فى الله من غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطى بعضهم بعضا ، وإنّ على وجوههم لنورا ، وإنهم لعلى منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس : ولا يحزنون إذا حزن النّاس (٤)» ثم تلا قوله : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٥).

والولاية : السّلطنة ، قال : العلم من أشرف الولايات ، يأتى إليه الورى ولا يأتى.

وقيل فى قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ)(٦) أى أولى بكم.

وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ)(٧) أى محرّروكم.

__________________

(١) فى ا ، ب : منه وما أثبت من القاموس.

(٢) أى فيما يروى من الأحاديث القدسية.

(٣) فى ا ، ب : عاد (تصحيف).

(٤) فى الكافى الشافى : ٨٤ (سورة يونس) : رواه إسحاق بن راهويه والطبرى وأبو نعيم فى أوائل الحلية والبيهقى فى الشعب من رواية جرير عن عمارة بن غزية عن أبى زرعة عن عمر وفيه أيضا : أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه.

(٥) الآية ٦٢ سورة يونس.

(٦) الآية ١٥ سورة الحديد.

(٧) الآية ٥ سورة الأحزاب.

٢٨٤

٥١ ـ بصيرة فى وهب

وهبت له شيئا وهبا ووهبا وهبة ، والاسم الموهب والموهبة بكسر الهاء فيهما ، وهو أن تجعل ملكك لغيرك بغير عوض ، وقوله : (إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)(١) نسب الملك إلى نفسه [الهبة](٢) لمّا كان سببا فى إيصاله إليها. وقد قرئ : ليهب لك بإسناد الفعل إلى الله تعالى ، وهذا على الحقيقة ، والأوّل على التوسّع.

وتقول : هب زيدا منطلقا ، أى احسب ، يتعدّى إلى مفعولين ولا يستعمل منه ماض ولا مستقبل فى هذا المعنى.

ورجل وهّاب ، ووهّابة : كثير الهبة لأمواله ، والهاء للمبالغة. ووهبنى الله فداك ، أى جعلنى.

والموهبة : بفتح الهاء : نقرة فى الجبل يستنقع فيها الماء ، قال :

ولفوك أشهى لو يحلّ لنا

من ماء موهبة على شهد (٣)

والموهبة أيضا : السّحابة. وأوهب له الشىء : دام ، قال :

عظيم القفا رخو المفاصل أوهبت

له عجوة مسمونة وخمير (٤)

وأصبح فلان موهبا بكسر الهاء أى معدّا قادرا.

__________________

(١) الآية ١٩ سورة مريم.

(٢) ما بين القوسين من المفردات.

(٣) البيت فى الأساس والصحاح (وهب) وفى اللسان (وهب) برواية : لو بذلت لنا ـ وعلى خمر.

(٤) البيت فى اللسان (وهب. سمن). قال ابن برى : قال على بن حمزة إنما هو أرهنت له عجوة ، أى أعدت وأديمت ا ه ـ عجوة مسمونة : عملت بالسمن ولتت به.

٢٨٥

والواهب والوهّاب من الأسماء الحسنى. بمعنى أنّه يعطى كلّا على قدر استحقاقه.

وقد ذكرت الهبة فى عشرة مواضع من التنزيل : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً)(١) ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ)(٢) ، (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي)(٣) فى موضعين ، (هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً)(٤) ، (وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى)(٥) ، (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا)(٦) ، (هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)(٧) ، (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ)(٨) ، (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ)(٩) ، (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)(١٠).

والاستيهاب سؤال الهبة. والاتّهاب : قبولها ، ومنه قول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد هممت ألّا أتّهب إلّا من قرشىّ أو أنصارىّ أو ثقفىّ (١١)» ، ومعناه أنّ فى أخلاق أهل البادية جفاء وذهابا عن المروءة ، وطلبا للزيادة ، وأهل الحضر هم أعرف بمكارم الأخلاق.

__________________

(١) الآية ٧٢ سورة الأنبياء.

(٢) الآية ٣٩ سورة إبراهيم.

(٣) الآية ٥ سورة مريم.

(٤) الآية ٣٨ سورة آل عمران.

(٥) الآية ٩٠ سورة الأنبياء.

(٦) الآية ١٩ سورة مريم.

(٧) الآية ٧٤ سورة الفرقان.

(٨) الآية ٤٣ سورة ص.

(٩) الآية ٣٠ سورة ص.

(١٠) الآية ٣٥ سورة ص.

(١١) رواه النسائى عن أبى هريرة برواية : ألا أقبل هدية (الفتح الكبير). وأتهب : أصله أوتهب فقلبت الواو تاء وأدغمت فى تاء الافتعال.

٢٨٦

٥٢ ـ بصيرة فى وهج ووهن ووهى

الوهج : حصول الضوء (١) ، وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً)(٢). أى مضيئا متوقّدا. وقد وهجت (٣) النار توهج ، ووهج يهج (٤). وتوهّج الجوهر : تلألأ.

الوهن والوهن محرّكة : الضّعف فى العمل ، وقيل الضعف من حيث الخلق والخلق ، وقد وهن يهن ، كوعد يعد ، ووهن يهن كورث يرث ، ووهن يوهن كوجل يوجل (٥) قال تعالى : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)(٦). وقوله تعالى : (وَهْناً عَلى وَهْنٍ)(٧) أى ضعفا على ضعف ، أى كلّما عظم فى بطنها زادها ضعفا. وقال تعالى : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ)(٨) ، وقال : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا)(٩).

والوهن : الرّجل القصير الغليظ. والوهن والموهن : نحو من نصف اللّيل أو بقدر (١٠) ساعة منه. ووهن وأوهن : دخل فيه.

وأوهنه (١١) ووهّنه : أضعفه. وهو واهن وموهون : لا بطش عنده ، وهى واهنة ، والجمع : وهن.

__________________

(١) فى المفردات : الوهج : حصول الضوء والحر من النار.

(٢) الآية ١٣ سورة النبأ.

(٣) الضبط هنا عن الأساس ، وفى المفردات : وهجت النار (بفتح الواو والهاء) توهج.

(٤) فى المفردات : يهج ويوهج.

(٥) زاد فى القاموس أنه يأتى على وزان كرم.

(٦) الآية ٤ سورة مريم.

(٧) الآية ١٤ سورة لقمان.

(٨) الآية ١٠٤ سورة النساء.

(٩) الآية ١٣٩ سورة آل عمران.

(١٠) فى القاموس : بعد ساعة منه.

(١١) زاد فى القاموس : وهنه (ثلاثيا متعديا).

٢٨٧

وهى يهى كوعى يعى ، ووهى يهى كولى يلى : تخرّق وانشقّ واسترخى رباطه. والسحاب : انبثق بالمطر شديدا. قال الله تعالى : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ)(١) ، ووهت عزالى السّحاب بمائها : انفجرت.

ووهى (٢) الرّجل : حمق ، وسقط.

__________________

(١) الآية ١٦ سورة الحاقة.

(٢) نقل صاحب التاج عن الصاغانى أنه بمعنى حمق من حد (رضى) وبمعنى سقط من حد (رمى).

٢٨٨

٥٣ ـ بصيرة فى وى وويل

وى كلمة تعجّب ، تقول : ويك ، ووى لزيد. وتدخل على كأن المخفّفة وعلى كأنّ المشدّدة. ووى يكنّى بها عن الويل قال الله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ)(١) وقيل : وى لزيد. وقيل : ويك كان ويلك فحذف منه اللام.

الويل (٢) : حلول الشرّ. والويلة : الفضيحة ، وقيل : هو تفجيع.

وويّله وويّل له : أكثر له من ذكر الويل.

وتويّل هو : دعا بالويل لما نزل به. وتقول : ويل الشّيطان مثلّثة اللام مضافة ، وويلا [له](٣) ، وويل له (٤) ، وويل له ، منوّنة مثلّثة.

وويل وئيل ووئل مبالغة.

وويل : كلمة عذاب ؛ وواد فى جهنّم أو بئر فيها ، أو باب من أبواب جهنّم. ومن قال بهذه الأقوال لم يرد أنّ ويلا فى اللّغة موضوع لهذا ، وإنما أراد من قال الله تعالى ذلك له (٥) فقد استحقّ مقرّا فى (٦) النّار ،

__________________

(١) الآية ٨٢ سورة القصص. وفى كتب اللغة بحوث حول اتصال وى أو انقطاعها عن كأن ، خلاصة ما فيها ما ورد فى اللسان عن أبى إسحاق قال : الصحيح فى هذا ما ذكره سيبويه عن الخليل ويونس قال : سألت الخليل عنها فزعم أن وى مفصولة عن كأن وأن القوم تنبهوا فقالوا : وى متندمين على ما سلف منهم وكل من تندم أو ندم فإظهار ندامته أو تندمه أن يقول وى كما تعاتب الرجل على ما سلف فتقول : كأنك قصدت مكروهى فحقيقة الوقوف عليها وى هو أجود. قال الفراء : وهذا وجه مستقيم ولو (لم) تكتبها العرب منفصلة. ويجوز أن يكون كثر بها الكلام فوصلته بما ليس منه كما اجتمعت العرب كتاب يا بنؤم فوصلوها لكثرتها ، قال أبو منصور : وهذا صحيح والله أعلم.

(٢) الويل : هو فى الأصل مصدر لا فعل له لعدم مجىء الفعل مما اعتلت فاؤه وعينه. قال أبو حيان : وما قيل إن فعله (وال) مصنوع.

(٣) ويلا له : منصوب على المصدر ولا فعل له كما ذكرنا.

(٤) ويل له : مرفوع على أنه اسم مبتدأ.

(٥) فى المفردات : فيه.

(٦) فى المفردات : من.

٢٨٩

وثبت له ذلك ، قال الله تعالى : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(١) ، وقال : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ)(٢) قال الشاعر :

إذا خان الأمير وكاتباه

وقاضى الأرض داهن فى القضاء

فويل ثمّ ويل ثم ويل

لقاضى / الأرض من قاضى السّماء

وقد وردت فى التنزيل على وجوه :

منها لليهود : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ)(٣) ، ولهم أيضا لتبديل (٤) نعت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ)(٥) ، وويل على المعاصى : (وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)(٦) أى من الذنوب.

الرّابع : على أبى جهل : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٧).

الخامس : لعقبة بن أبى معيط : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً)(٨).

السّادس : للظّالمين : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)(٩).

السّابع : للكفّار والمشركين : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(١٠).

الثّامن : للكاذبين : (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(١١).

__________________

(١) الآية ٧٩ سورة البقرة.

(٢) الآية ٢٢ سورة الزمر.

(٣) الآية ٧٩ سورة البقرة وفيها الوجوه الثلاثة التى أجملها المصنف تحت قوله : منها لليهود.

(٤) فى ا ، ب : تشديد ، وقد آثرنا كلمة تبديل لقرب شبهها فى التصحيف بدلا من تغيير.

(٥) الآية ٧٩ سورة البقرة.

(٦) الآية ٧٩ سورة البقرة.

(٧) الآية ٣٤ سورة القيامة. وكلمة أولى معناها التوعد والتهدد وليست هى من مادة الويل ولعله ذكرها للمقاربة المعنوية.

(٨) الآية ٢٨ سورة الفرقان.

(٩) الآية ٦٥ سورة الزخرف.

(١٠) الآية ٣٧ سورة مريم.

(١١) الآية ٧ سورة الجاثية.

٢٩٠

التّاسع : لمن كذّب المرسلين : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(١) وله نظائر فى سورة المرسلات.

العاشر : للمذنبين الخطّائين : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ)(٢).

الحادى عشر : للعيّابين والمغتابين : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(٣).

الثانى عشر : للغافلين فى صلاتهم (٤).

الثالث عشر : لأصحاب التّطفيف فى الموازين : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٥).

__________________

(١) الآية ١١ سورة الطور ، وورد فى المرسلات فى عشر آيات.

(٢) الآية ٢٢ سورة الزمر.

(٣) صدر سورة الهمزة.

(٤) وذلك قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) الآيتان ٤ ، ٥ من سورة الماعون.

(٥) صدر سورة المطففين.

٢٩١
٢٩٢

الباب الثّامن والعشرون

فى الكلم المفتتحة بحرف الهاء

وهى : الهاء ، وهبط ، وهبو ، وهجد ، وهجر ، وهجع ، وهدّ ، وهدم ، وهدى ، وهرب ، وهرع ، وهرت ، وهز ، وهزع ، وهزل ، وهزم ، وهزأ ، وهش ، وهشم ، وهضم ، وهطع ، وهل ، وهلك ، وهلم ، وهمّ ، وهمد ، وهمز ، وهمس ، وهنا ، وهنئ ، وهود ، وهيت ، وهات ، وهيهات ، وهور ، وهوى ، وهون ، وهيج ، وهيم ، وهيأ.

٢٩٣
٢٩٤

١ ـ بصيرة فى الهاء

ويرد على نحو من عشرين وجها :

١ ـ حرف من حروف الهجاء ، مخرجه من أقصى الحلق من جوار مخرج الألف ، يمدّ ويقصر ، والنسبة هائىّ وهاوىّ وهوىّ ، والفعل منه هيّيت هاء حسنة. ويجمع على أهياء ، وأهواء ، وهاءات ، كأدواء وأحياء وراءات.

٢ ـ فى حساب الجمّل الصّغير اسم لعدد الخمسة.

٣ ـ الهاء الأصلى ويكون فى [أوّل (١)] الكلمة نحو : هبط ، أو فى وسطه نحو سهل ، أو فى آخره نحو وجه.

٤ ـ الهاء المكرّرة ويكون : مخفّفا نحو : مهه (٢) ؛ ومشدّدا نحو : سهّل ومهّل.

٥ ـ الهاء الكافية (٣) ، نحو طه ، وكهيعص ، فالطّاء من طاهر ، والهاء من هادى.

٦ ـ هاء التّذكير (٤) ، وتكون للمبالغة ، نحو علّامة ونسّابة ، (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ)(٥).

__________________

(١) ما بين القوسين تكملة يقتضيها السياق.

(٢) مهه على وزن فرح : لان.

(٣) هذا على القول بأن هذه الحروف اختصارات لكلمات كما أفصح عنها فى عبارته.

(٤) لدخولها على صفة المذكر لإعلام السامع أن هذا الموصوف بما هى فيه قد بلغ الغاية والنهاية فجعل تأنيت الصفة أمارة لما أريد من تأنيت الغاية والمبالغة.

(٥) الآية ٢٦ سورة ص.

٢٩٥

٧ ـ هاء التأنيث (١) ، نحو قائمة وقائمة ؛ ويكون : للوحدة نحو حمامة وغمامة ، وللجمع : نحو أبنية وأفنية ، ويكون للتّشبيه (٢) بالمؤنّث كغرفة وظلمة ؛ أو للمرّة (٣) ، نحو : جلسة وسجدة ؛ أو للحالة والهيئة نحو : قعدة وركبة ؛ أو للمصدر ، نحو : رحمة وكرامة ؛ أو للعوض (٤) نحو : عدة وزنة. أو للمصدر على زنة فاعلة ، كقوله : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً)(٥) ، (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ)(٦) ، (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ)(٧) أى لغو ، وكشف ، وخيانة.

٨ ـ هاء الكناية (٨) ، نحو : هو ، وهى ، قال الله تعالى : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ)(٩) ، وقال تعالى : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ)(١٠) ، وقال : (كَلَّا إِنَّها لَظى)(١١).

٩ ـ هاء العماد (١٢) : (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ، إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ).

__________________

(١) أى فى الوقف. قال الفراء : والعرب تقف على كل تاء مؤنث بالهاء إلا طيئا فإنهم يقفون عليها بالتاء فيقولون : هذه أمت وجاريت وطلحت.

(٢) أى تأنيث اللفظة وإن لم يكن تحتها حقيقة تأنيث.

(٣) عللوا ذلك بأن المصدر المطلق بمنزلة اسم الجنس فكما فرقوا بينه وبين واحده بالتاء كذلك المصدر.

(٤) للعوض من فاء كما مثل ، أو من عين نحو ثبة أصله من ثاب الماء يثوب إذا رجع وأقام ، وإقامة أصلها إقواما ، أو من لام نحو مائة ورئة ولغة ، وبرة. أو مدة تفعيل كتزكية.

(٥) الآية ١٠ سورة الغاشية.

(٦) الآية ٥٨ سورة النجم.

(٧) الآية ١٣ سورة المائدة.

(٨) الكناية أى الضمير وهو تعبير كوفى. ومذهب الكوفيين والزجاج وابن كيسان أن الضمير من هو وهى الهاء فقط ، والواو والياء زائدتان كالبواقى لحذفهما فى المثنى والجمع ومن المفرد فى لغة.

(٩) الآية : ٢٤ سورة الحشر.

(١٠) الآية ١٣ سورة الأحزاب.

(١١) الآية ١٥ سورة المعارج. والضمير فى الآية للنار ولم يجر لها ذكر لأن ذكر العذاب دل عليها وقيل ضمير مبهم ترجم عنه الخبر أو ضمير للقصة.

(١٢) وهو المعروف بضمير الفصل لأنه فصل أى ميز الخبر من الصفة. وبين النحاة خلاف حول بقائه على اسميته وهو مذهب البصريين أو اعتباره حرفا لأنه جاء لمعنى فى غيره وهو الفصل بين ما هو خبر وما هو تابع وهو مذهب أكثر النحويين وصححه ابن عصفور.

٢٩٦

١٠ ـ هاء الأداة (١) : ويكون للاستبعاد ، نحو : هيهات (٢) ؛ أو للاستزادة ، نحو : إيه (٣) ؛ أو / للانكفاف نحو إيها (٤) ، أى كفّ ؛ أو للتحضيض نحو : ويها (٥) ؛ أو للدّعاء (٦) : نحو (هاؤُمُ اقْرَؤُا)(٧) ؛ أو للاستدعاء (٨) ، نحو : هاتها ؛ أو للإعطاء نحو : هاكها ؛ أو للاستعجال ، نحو : هلا وحيّهلا ؛ أو للمسارعة نحو هلمّ ؛ أو للتوجّع نحو : آه وأوه (٩) ؛ أو للتعجّب نحو : واه ، وهاه ؛ أو للإشارة إلى المكان القريب نحو : هنا وهاهنا ؛ أو إلى المكان البعيد نحو هناك وهنالك ؛ أو للإشارة إلى الشخص الحاضر نحو : هذا وهذه.

١١ ـ الهاء الزّائدة فى الأوّل (١٠) نحو : هذا وهذه ؛ وفى الآخر ، وهو الّذى يكون بعلّة الوقف والتّنفّس ؛ ولا تكون الزّائدة فى الوسط أبدا.

١٢ ـ الهاء المبدلة من الياء ، نحو : هذه (١١) فى هذى ، أو من الهمز نحو : هيّاك فى إيّاك ، وهنرته وأنرته ، وهرقت الماء وأرقته (١٢) ، ومهيمن

__________________

(١) لعله يريد الهاء الداخلة فى تركيب كلمات تعتبر أدوات من حيث إنها أسماء أفعال وإشارة ، ولدلالتها بواسطة الأفعال أو الإشارة استحقت اسم الأداة.

(٢) ومما جاء فى القرآن قوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) الآية ٣٦ سورة المؤمنون ...

(٣) هى كلمة مبنية على الكسر وقد تنون ، وقال بعض النحويين إن التنوين دلالة على استزادة من حديث ما غير معهود وعدمه على الاستزادة من حديث معهود.

(٤) قال الجوهرى : إذا أسكته أو كففته قلت : إيها عنا (اللسان : أيه).

(٥) يقال للواحد والاثنين والجميع ، والمذكر والمؤنث فى ذلك سواء ، ولا تنون أيضا فتبنى على الكسر فيقال ويه

(٦) يريد النداء.

(٧) الآية ١٩ سورة الحاقة.

(٨) أى الاستحضار فإن هات بمنزلة هاه بمعنى أحضر ومما جاء فى القرآن : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) الآية ١١١ سورة البقرة.

(٩) أوه : ساكنة الواو مكسورة الهاء وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء أوّه ، وبعضهم يذهب إلى أن آه أصلها أوه قلبت واوها ألفا فصارت آه.

(١٠) هذه الهاء هى هاء التنبيه.

(١١) قال الجوهرى : تقول ذى أمة الله فإن وقفت عليه قلت ذه بهاء موقوفة وهى ليست للتأنيث وإنما هى بدل من الياء فان أدخلت عليها الهاء قلت هذى أمة الله وهذه أيضا بتحريك الهاء.

(١٢) وهناك فعل ثالث وهو هرحت الدابة وأرحتها.

٢٩٧

ومؤيمن ، أو من الألف نحو إنّه فى إنّا ، ولمّه فى لمّا ، وهنه فى هنا

١٣ ـ هاء الاستراحة (١) : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ)(٢) ، (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ)(٣) ، (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ)(٤).

١٤ ـ هاء النّداء نحو : أيا زيد ، وهيا زيد.

١٥ ـ هاء النّدبة (٥) نحو : وا أمّاه ، وا أبتاه.

١٦ ـ هاء الأمر (٦) : نحو قه ، أو شه ، وعه ، (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)(٧).

١٧ ـ هاء الزّجر (٨) : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ)(٩) ، (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ)(١٠).

١٨ ـ الهاء اللّغوىّ ، قال الخليل : الهاء عندهم بياض فى وجه الظبى ، قال الرّاجز :

كأنّ خدّيه إذا لثمتها

هاء غزال يافع لطمتها

وقال النّحويّون : هاء التّنبيه تدخل على أربعة :

أحدها : الإشارة غير المختصّة بالبعيد (١١) نحو هذا ، بخلاف ثمّ وهنّا بالتشديد. وهنالك.

__________________

(١) هى المعروفة بهاء الوقف ، والمقصود منها بيان الحركة.

(٢) الآية ١٠ سورة القارعة.

(٣) الآية ٢٨ سورة الحاقة.

(٤) الآية ٢٩ سورة الحاقة.

(٥) وهاء الندبة تثبت فى الوقف وتحذف فى الوصل.

(٦) لأن الأمر من مثل هذه الأفعال يجعله على حرف واحد فيلزم الهاء فى الوقف ، فقه أصله من وقى الشىء : حفظه ؛ وشه من وشى الثوب : رقمه ونقشه ، وعه من وعى الحديث : حفظه وتدبره.

(٧) الآية ٩٠ سورة الأنعام.

(٨) الذى فى المعجمات : هاء : زجر للإبل ودعاء لها وهو مبنى على الكسر إذا مددت وقد يقصر. والمصنف رحمه‌الله جرى على أنه يضيف إلى الهاء معانى ما تضمنها من كلمات أو جمل على أن ها التى فى الآيتين للتنبيه كما سيذكر بعد لا للزجر.

(٩) الآية ١١٩ سورة آل عمران.

(١٠) الآية ٦٦ سورة آل عمران.

(١١) فى ا ، ب : العقد والتصويب من القاموس.

٢٩٨

والثانى : ضمير الرّفع المخبر عنه باسم الإشارة ، نحو : (ها أَنْتُمْ أُولاءِ)(١) ، وقيل : إنما كانت داخلة على الإشارة فقدّمت (٢) ، فردّ بنحو : ها أنتم هؤلاء. فأجيب بأنها أعيدت توكيدا.

والثالث : بعد أىّ فى النّداء ، نحو : يا أيّها الرّجل ، وهى فى هذا واجبة للتنبيه على أنّه المقصود بالنداء ، قيل : وللتّعويض عمّا تضاف إليه أىّ. ويجوز فى هذه عند بنى أسد أن تحذف ألفها وأن تضمّ هاؤها اتباعا ، وعليه قراءة ابن عامر (٣) : (أَيُّهَ الثَّقَلانِ)(٤) بضمّ الهاء فى الوصل.

والرّابع : اسم الله فى القسم عند حذف الحرف (٥) ، يقال : ها الله بقطع الهمزة ووصلها ، وكلاهما مع إثبات ألفها وحذفها (٦).

وها تكون : اسما لفعل وهو خذ ، ويجوز مدّ ألفها ، ويستعملان بكاف الخطاب وبدونها ، ويجوز فى الممدودة أن يستغنى عن الكاف بتصريف همزتها تصاريف الكاف فيقال هاء للمذكّر بالفتح ، وهاء للمؤنّث بالكسر وهاؤما وهاؤنّ وهاؤم. ومنه قوله تعالى : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(٧).

الثانى : أن تكون ضميرا للمؤنّث فتستعمل مجرورة الموضع ومنصوبته ، نحو : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)(٨).

__________________

(١) راجع رقم ١٧ والتعليق عليه.

(٢) كلام سيبويه يقتضى أن ها قد تدخل على الضمير كما تدخل على اسم الإشارة وليست مقدمة من تأخير.

(٣) راجع الإتحاف ٢٥١ (سورة الرحمن).

(٤) الآية ٣١ سورة الرحمن.

(٥) أى حرف القسم وهو الواو.

(٦) واختلف هل الجر بها أو بحرف القسم المحذوف.

(٧) الآية ١٩ سورة الحاقة.

(٨) الآية ٨ سورة الشمس.

٢٩٩

٢ ـ بصيرة فى هبط وهبو

الهبوط : الانحدار (١) على سبيل ، القهر ، هبط يهبط ـ كضرب يضرب ـ هبوطا.

وهبط يهبط كنصر ينصر لغة ، ومنه قراءة الأعمش (٢) : وإن منها لما يهبُطُ من خشية الله (٣) بضم الباء.

قال لبيد رضى الله عنه :

كلّ بنى حرّة مصيرهم

قلّ وإن أكثروا من العدد (٤)

إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا

يوما يصيروا للهلك والنّكد

وهبطه يهبطه بالضمّ ، أى أنزله ، فهبط لازم ومتعدّ ، إلّا أنّ مصدر اللازم الهبوط ، ومصدر المتعدّى الهبط.

وفى دعاء النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهمّ غبطا لا هبطا (٥)» أى نسأل / الغبطة ونعوذ بك أن نهبط عن حالنا إلى حال سفال.

__________________

(١) ا ، ب الحدار وما أثبت عن المفردات.

(٢) وفى التاج : وقرأ أيوب السختيانى (هو خير اهبطوا مصرا) بضم الباء أيضا ، الآية ٦١ سورة البقرة.

(٣) الآية ٧٤ سورة البقرة.

(٤) البيتان فى اللسان (هبط) ورواية الشطر الثانى من البيت الثانى فيه : «فهم للفناء والفند» وما هنا موافق لرواية البيت فى مادة (أمر).

يغبطوا : يتمنى مثل ما هم فيه من نعمة. أمروا : كثروا.

(٥) فى التاج (غبط) تعقيبا على هذا الحديث : «ذكره أبو عبيد فى أحاديث لا يعرف أصحابها ومنه نقل الجوهرى ا ه» والذى فى الصحاح (غبط وهبط) : ومنه قولهم : اللهم غبطا لا هبطا ، فعبارته تفيد أنه لم ينقله على أنه حديث مروى عن الرسول ، ذلك إلى أن ابن سيده قال فى محكمه : والعرب تقول : اللهم غبطا لا هبطا.

٣٠٠