بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: عبدالعليم الطحاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٤

أمامهم. وقوله تعالى : (أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ)(١) يحتمل الوجهين ، فإنّه يقال فى أىّ جانب من الجدار هو وراءه باعتبار الذى فى الجانب الآخر.

وقوله تعالى : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ)(٢) أى خلّفتموه بعد موتكم ، وذلك تبكيت لهم فى أن لم يعملوا بموجبه / ـ ولم يتدبّروا آياته. وقوله : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ)(٣) أى أكثر ممّا بيّناه وشرعناه من تعرّض لمن حرّم التعرّض له فقد تعدّى طوره وخرق ستره. وقوله : (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ)(٤) اقتضى معنى ما بعده. والوراء أيضا : ولد الولد.

وفلان وارى الزّند : إذا كان منجحا.

ووراءك للإغراء أى تأخّر. ويقال : وراءك أوسع لك (٥) ، أى تأخّر وأت مكانا أوسع لك.

والتّوراة : الكتاب الّذى ورثوه عن موسى عليه‌السلام ، تفعلة (٦) من ورى الزّند ، أصله ووراة ، والتّاء بدل من الواو.

وفى حديث الشّفاعة : «يقول إبراهيم كنت خليلا من وراء وراء» (٧) ، هكذا يروى مبنيّا على الفتح ، أى من خلف حجاب.

__________________

(١) الآية ١٤ سورة الحشر.

(٢) الآية ٩٤ سورة الأنعام.

(٣) الآية ٣١ سورة المعارج.

(٤) الآية ٩١ سورة البقرة.

(٥) أوسع لك : منصوب بفعل مضمر تقديره يكن أوسع لك.

(٦) فى التاج : التوراة لفظ غير عربى بل هو عبرانى اتفاقا ، وإذا لم يكن عربيا فلا يعرف له أصل من غيره إلا أن يقال أنهم أجروه بعد التعريب مجرى الكلم العربية وتصرفوا فيه بما تصرفوا فيها. وعبارة المفردات : والتوراة : الكتاب الذى ورثوه عن موسى ، وقد قيل هو فوعلة ولم يجعل تفعله لقلة وجود ذلك والتاء بدل من الواو.

(٧) أخرجه مسلم عن أبى هريرة وحذيفة كما فى (الفتح الكبير) وأول الحديث يجمع الله الناس يوم القيامة (الحديث).

٢٠١

٢١ ـ بصيرة فى وزر

الوزر : الملجأ الذى يلتجأ إليه من الجبل ، قال تعالى : (كَلَّا لا وَزَرَ)(١).

والمؤازرة : المعاونة ، ومنه الوزير ، قال تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي)(٢) وهو الذى يؤازره فيحمل عنه ما يثقل عليه.

والوزير : الّذى يلتجئ الأمير إلى رأيه ، فهو وزر له ، أى ملجأ ومفزع ، أو لأنّه يحمل ثقل أميره.

وقوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٣) كقوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ)(٤).

وقوله تعالى : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ)(٥) أى ما كنت فيه من أمر الجاهليّة فأعفيت بما خصصت به عن تعاطى ما كان عليه قومك (٦).

وأعدّ أوزار الحرب ، أى آلاتها ، قال الأعشى :

وأعددت للحرب أوزارها

رماحا طوالا وخيلا ذكورا (٧)

__________________

(١) الآية ١١ سورة القيامة.

(٢) الآية ٢٩ سورة طه.

(٣) الآية ٢٥ سورة النحل.

(٤) الآية ١٣ سورة العنكبوت.

(٥) الآية ٢ سورة الشرح.

(٦) تبع المصنف الراغب فى تفسيره الآية. وللإمام محمد عبده توجيه جميل ، قال فى تفسيره للآية : «والكلام على التمثيل فإن ما كان يحمله عليه‌السلام من ثقل الاهتمام بشأن قومه وضيق المذاهب بين يديه قبل تواتر الوحى عليه بالإرشاد لم يكن ثقلا حسيا ينقض منه الظهر ولكنه كان هما نفسيا يفوق ألمه ألم ذلك الثقل الحسى الممثل به ، فعبر عن الهم الذى تبخع به النفوس بالحمل الذى تقصم له الظهور.

(٧) البيت فى اللسان (وزر) ـ الصبح المنير ـ ٧١ (ق / ١٢ : ٤٤).

خيل ذكور : شديدة صلبة فيها جلادة.

٢٠٢

ووضعت الحرب أوزارها ، أى انقضى أمرها وخفّت أثقالها ، ولم يبق قتال.

ووزر (١) فلان : أذنب فهو وازر ، ووزر يوزر ، ووزر فهو موزور [يقال : فلان موزور (٢)] غير مأجور.

واتّزر فهو متّزر ، قال مرّار بن سعيد :

أستغفر الله من جدّى ومن لعبى

وزرى فكلّ امرئ لا بدّ متّزر (٣) ،

وعليه فى هذا وزر وأوزار ، قال تعالى : (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ)(٤).

ووزر فلان للأمير يزر (٥) له وزارة ، واستوزر استيزارا.

وعن النّضر : سمعت فصيحا من جذام يقول : نحن أوزاره أجمعون أى وزراؤه وأنصاره ، نحو أشراف وأيتام.

ووزر الحمل يزره : حمله ، وقوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(٦) أى لا يحمل وزره من حيث يتعرّى منه المحمول عنه. وحمل وزر الغير فى الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من

__________________

(١) العبارة فى ا ، ب : ووزر ووز والتصويب من اللسان.

(٢) تكملة من الأساس.

(٣) البيت فى الأساس (وزر).

(٤) الآية ٢٥ سورة النحل.

(٥) فى ا : يوزر والتصويب من الأساس وإذا كان الفعل من باب فعل يفعل وهو مثال فإن فاءه تحذف فى مضارعه كوعد يعد.

(٦) الآيات ١٦٤ سورة الأنعام ، ١٥ سورة الإسراء ، ١٨ سورة فاطر ، ٧ سورة الزمر.

٢٠٣

غير أن ينقص من أجره شىء ، ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها (١)» ، أى مثل وزر من عمل بها.

وفى الحديث : (٢) «ارجعن مأزورات غير مأجورات» للازدواج (٣) فإنّ الأصل موزورات.

__________________

(١) رواه ابن ماجه عن أبى جحيفة (الفتح الكبير) ورواه أحمد فى مسنده ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه عن جرير برواية : من سن فى الإسلام سنة حسنه ... الخ بزيادة فى بعض ألفاظه كما فى (الفتح الكبير).

(٢) رواه ابن ماجه عن على ، وأبو يعلى فى مسنده عن أنس كما فى (الفتح الكبير). وفى ا بتقديم مأجورات على مأزورات والرواية كما أثبتنا.

(٣) أى ليأتلف اللفظان. وقال بعضهم : هو على بدل الهمزة فى أزر. وليس بقياس ، لأن العلة التى من أجلها همزت الواو فى وزر ليست فى مأزورات.

٢٠٤

٢٢ ـ بصيرة فى وزع

الوزع : الكفّ ، يقال : وزعته أزعه (١) وزعا ، أى كففته ، قال الله تعالى : (فَهُمْ يُوزَعُونَ)(٢) ، أى يحبس أوّلهم على آخرهم ، إشارة إلى أنّهم مع كثرتهم لم يكونوا مهملين ومبعدين كما يكون الجيش الكثير ، بل كانوا مسوسين مقموعين عن المعزّة (٣) والإيذاء.

وفى حديث أبى بكر رضى الله عنه : «إنّ المغيرة [رجل (٤)] وازع» ، الوازع : الذى يدبّر أمر الجيش ويردّ من شذّ منهم ، ولا يقتصّ من مثله إذا أدّب.

/ وفى حديث الحسن البصرىّ أنّه قال حين ولى القضاء : «لا بدّ للنّاس من وزعة (٥)» أى من يكفّه عن الشرّ ، ويزعون الناس بعضهم من بعض ، وهم شرطة السلطان.

[وفى الحديث : «من يزع السلطان] أكثر ممّن يزع القرآن» (٦) أراد من يكفّ عن ارتكاب العظائم من مخافة السّلطان أكثر ممّن يكفّه الخوف من الله تعالى.

__________________

(١) وفيه لغة كوعد يعد ذكرها ابن مالك فى شرح الكافية.

(٢) الآيات : ١٧ و ٨٣ سورة النمل ، ١٩ سورة فصلت.

(٣) يريد الصلف والمغالبة.

(٤) تكملة من النهاية ويريد أنه صالح للتقدم على الجيش وتدبير أمرهم وترتيبهم فى قتالهم.

(٥) الفائق : ٣ / ١٦٠ والوزعة : جمع وازع وهم المانعون من محارم الله. وفى الرواية من وازع أى من سلطان يكفهم ويزع بعضهم عن بعض يعنى السلطان وأصحابه.

(٦) فى النهاية عن الهروى. فمن يكفه السلطان عن المعاصى أكثر ممن يكفه القرآن بالأمر والنهى والإنذار.

٢٠٥

وقوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (١) مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(٢) هذا وزع على سبيل العقوبة.

ووزع نفسه عن الجهل والهوى ، قال :

إذا لم أزع نفسى عن الجهل والهوى

لينفعها علمى فقد ضرّها جهلى (٣)

وأوزعه (٤) الله كذا : ألهمه قال الله تعالى : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ)(٥) أى ألهمنى ، وتحقيقه أولعنى بذلك ، واجعلنى بحيث أزع نفسى عن الكفران.

واستوزعت الله شكره : استلهمته.

والتّوزيع : القسمة والتّفريق. وتوزّعوه فيما بينهم ، أى تقسّموه.

والمتّزع : الشّديد النفس.

__________________

(١) إلى هنا ينتهى سقط نسخة (ب).

(٢) الآية ٨٣ سورة النمل.

(٣) البيت فى الأساس (وزع) بدون عزو.

(٤) فى ا ، ب : استوزعه. والتصويب من السياق.

(٥) الآية ١٩ سورة النمل.

٢٠٦

٢٣ ـ بصيرة فى وزن ووسوس

الوزن : التّقدير. وقوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ)(١) قال أبو الدّرداء وعطاء : أقيموا لسان الميزان بالعدل ، وقال ابن عيينة : الإقامة باليد ، والقسط بالقلب ، والميزان : القبّان ، والقسطاس

وقوله تعالى : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ)(٢) قيل : أراد بالميزان العدل ، أى لا تجاوزوا العدل. قال الحسن وقتادة والضحّاك : أراد به الّذى يوزن به ليوصل به إلى الإنصاف والانتصاف ؛ ولا تخسروا الميزان ، أى لا تطفّفوا فى الكيل والوزن.

وقوله تعالى : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)(٣) ، فقد قيل : هو المعادن كالذّهب والفضة ، وقيل : بل ذلك إشارة إلى كلّ ما أوجده الله ، وأنّه خلقه باعتدال كما قال : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(٤).

وقوله تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ)(٥) إشارة إلى العدل فى محاسبة النّاس ؛ كما قال : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)(٦).

وذكر فى مواضع الميزان بلفظ الواحد اعتبارا [بالمحاسب ، وفى مواضع بالجمع اعتبارا (٧)] بالمحاسبين.

__________________

(١) الآية ٩ سورة الرحمن.

(٢) الآيتان ٧ ، ٨ سورة الرحمن.

(٣) الآية ١٩ سورة الحجر.

(٤) الآية ٤٩ سورة القمر.

(٥) الآية ٨ سورة الأعراف.

(٦) الآية ٤٧ سورة الأنبياء.

(٧) ما بين القوسين تكملة من المفردات يقتضيها السياق.

٢٠٧

ويقال : استقام (١) ميزان النّهار ، أى انتصف. وكلام موزون ، وزن كلامك. ووازنه : ساواه فى الوزن. ودارى توازن (٢) داره ، أى بحذائها (٣). وهو راجح الوزن ، أى ذو عقل ورأى سديد. ووازنه : كافأه على فعاله.

الوسواس : اسم الشيطان (٤). والوسوسة والوسواس بالكسر : حديث النّفس ، والوسواس بالفتح : الاسم كالزلزال والزّلزال ، يقال : وسوس له ، ووسوس إليه ، قال الله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ)(٥). وقال جلّ ذكره : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ)(٦) ، والعرب توصل بهذه الحروف كلّها الفعل.

قال أبو عبيدة : الوسوسة فى التنزيل : هى ما يلقيه الشّيطان فى القلب.

والوسواس : صوت الحلى ، قال الأعشى :

تسمع للحلى وسواسا إذا انصرفت

كما استعان بريح عشرق زجل (٧)

__________________

(١) فى المفردات واللسان : قام ميزان النهار ، وما هنا تابع فيه المصنف الأساس.

(٢) فى ا ، ب : توازى ، والتصويب من الأساس.

(٣) فى الأساس : تحاذيها ، ويبدو أن المصنف اختصر عبارة الأساس ، ففيه بعد تحاذيها قوله : وهما بوزانها ووزنها وزنتها : بحذائها.

(٤) وبه فسر قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ).

(٥) الآية ٢٠ سورة الأعراف.

(٦) الآية ١٢٠ سورة طه.

(٧) اللسان (وسس ، عشرق). والصبح المنير : ٤٢ (ق / ٦ : ٤.

العشرق : شجر ينفرش على الأرض عريض الورق ليس له شوك ولا يكاد يأكله شيء ، إذا حركته الريح تسمع له صوتا. زجل : مصوت لمرور الريح فيه.

٢٠٨

٢٤ ـ بصيرة فى وسط

الوسط من كلّ شىء : أعدله. قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(١) أى عدلا خيارا (٢). وفلان وسيط فى قومه : إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم محلّا ، قال عبد الله بن عمرو (٣) بن عثمان رضى الله عنه ، (عن عثمان) :

/ أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا

ليوم كريهة وسداد ثغر (٤)

وصبر عند معترك المنايا

وقد شرعت أسنّتها بنحرى

أجرّر فى الجوامع كلّ يوم

فيا لله مظلمتى وصبرى

كأنّى لم أكن فيهم وسيطا

ولم يك نسبتى فى آل عمرو

والوسيط أيضا : المتوسّط بين القوم.

وجلست وسط الدّار بالتّحريك لأنه اسم. وكلّ موضع صلح فيه بين فهو وسط بالتسكين ، وإلّا فهو وسط بالتحريك. وقال ثعلب : الفرق بينهما أنّ ما كان يبين جزء من جزء ، فهو مثل الحلقة من الناس والسبحة والعقد فهو وسط بالتسكين ، وما كان مصمتا لا يبين جزء من جزء فهو وسط بالتحريك ، مثل وسط الدّار ، والرّاحة ، والبقعة. وقد تسكّن السين من الوسط وليس بجيّد.

__________________

(١) الآية ١٤٣ سورة البقرة.

(٢) أى ذوى عدل ، وصف بالمصدر.

(٣) عبد الله بن عمرو فى ا ، ب عبد الله بن عمر بن عمرو والتصويب من الأغانى ومختاره. ويعرف بالعرجى.

(٤) الأبيات فى مختار الأغانى ٤ : ٤١٨ ـ ٤١٩ قالها وهو فى حبس محمد بن هشام المخزومى لما اضطغن عليه لتشبيبه بأمه الجيداء.

سداد ثغر : ما يسد به من خيل ورجال وعدة حرب ـ معترك المنايا : ساحة القتال ـ شرعت : رفعت وصوبت إلى نحره الجوامع : جمع جامعة وهى الغل.

٢٠٩

والوسطى من الأصابع معروفة. والصّلاة [الوسطى](١) فى قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(٢) قيل : الصّبح ؛ وقيل : الظّهر ؛ وقيل : العصر ؛ وقيل : المغرب ؛ وقيل : العشاء ، وقيل : الوتر ؛ وقيل : صلاة عيد الفطر ؛ وقيل : صلاة عيد الأضحى ؛ وقيل : صلاة الضّحى (٣) ؛ وقيل : صلاة الجماعة ؛ وقيل : الصّلوات جميعا ؛ وقيل : الصبح والعصر معا ؛ وقيل : غير معيّنة ؛ وقيل : العشاء والصّبح معا ؛ وقيل : صلاة الخوف ؛ وقيل : صلاة الجمعة يوم الجمعة ، وفى سائر الأيّام صلاة الظّهر ؛ وقيل : المتوسّطة (٤) بين الطّول والقصر ؛ وقيل : كلّ واحدة من الخمس لأنّ قبلها صلاتين وبعدها صلاتين.

قال ابن سيده : هى صلاة الجمعة لأنّها أفضل الصّلوات ، قال : ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ.

أوردوا عليه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى يوم الأحزاب : «شغلونا عن الصّلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا (٥)» قيل : لا يرد عليه ، لأنّ المذكورة فى الحديث ليس المراد بها المذكورة فى التنزيل (٦). ولكلّ قائل من ذوى الأقوال المذكورة دليل وتوجيه لا نطوّل بشرحه. وأقوى الأقوال ثلاثة : العصر ، والصّبح ، والجمعة.

ووسط القوم يسطهم وسطا وسطة : توسّطهم.

__________________

(١) سقط من ا.

(٢) ٢٣٨ سورة البقرة.

(٣) فى التاج : حكاه بعضهم وتردد فيه.

(٤) هذا القول قد رده أبو حيان فى البحر.

(٥) أخرجه مسلم فى صحيحه بطرق متعددة (تاج.

(٦) علق صاحب التاج على قول المصنف هذا فى قاموسه بقوله : هو كلام غير ظاهر ولا معول عليه فإن الآيات تفسرها الأحاديث ما أمكن كالعكس ؛ ولا يجوز لأحد أن يتصرف فى آية وقع فيها نص من السلف ولا فى حديث وافق آية وصرح السلف بأنها توافقه أو وردت فيه أو نحو ذلك.

٢١٠

ووسّطه توسيطا. قطعه نصفين ، أو جعله فى الوسط.

وقرأ علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه وعمرو بن ميمون وقتادة وزيد ابن علىّ وابن أبى ليلى وابن أبى عيلة وأبو البرهسم : فوسَّطن به جمعا (١) بالتشديد ، والباقون بالتخفيف.

والتّوسّط بين النّاس من الوساطة. وتوسّط : أخذ الوسط بين الجيّد والرّديء ، قال ابراهيم بن علىّ بن هرمة يصف سخاءه :

واقذف بحبلك حيث نال بأخذه

من عودها واغنم ولا تتوسّط (٢)

__________________

(١) الآية ٥ سورة العاديات.

(٢) البيت فى التاج (وسط) ـ والعود : الجمل الكبير المسن. يريد خيار ماله.

٢١١

٢٥ ـ بصيرة فى وسع

وسعه الشىء بالكسر يسعه سعة وسعة كدعة (١) وزنة. وقرأ زيد بن علىّ : ولم يؤت سِعة (٢) بالكسر.

والواسع من صفات الله تعالى الّذى وسع رزقه جميع خلقه ، ووسعت رحمته كلّ شىء. وقال ابن الأنبارىّ : هو الكثير العطاء ، والّذى يسع لما يسأل. ويقال : معناه : المحيط بكلّ شىء من قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)(٣). ويقال : إنّه ليسعنى / ما وسعك. ويقال : ما أسع ذلك ، أى ما أطيقه. وفى النّوادر : اللهمّ سع عليه ، أى وسّع عليه. ويقال : ليسعك بيتك ، معناه : القرار فيه.

وهذا الوعاء يسعه (٤) عشرون كيلا على مثال : أنا أسع هذا الأمر.

وهذا الأمر يسعنى. قال أبو زبيد (٥) حرملة بن المنذر الطّائىّ :

حمّال أثقال أهل الودّ آونة

أعطيهم الجهد منّى بله ما أسع (٦)

ويقال أيضا : هذا يسع عشرين كيلا ، معناه : يسع لعشرين ، أى يتّسع لذلك. ومثله : هذا الخفّ يسع رجلى ، أى يتّسع لها

__________________

(١) فى ا ، ب : كعدة وما أثبت من القاموس ، وهذا المصدر اقتصر عليه الجوهرى.

(٢) الآية ٢٤٧ سورة البقرة.

(٣) الآية ٢٥٥ سورة البقرة.

(٤) أى يتسع فيه عشرون كيلا.

(٥) فى ا ، ب : أبو زيد بن حرملة وصواب كنيته ما أثبتناه أبو زبيد واسمه حرملة بن المنذر بن معد بكرب بن حنظلة شاعر مخضرم.

(٦) البيت من قصيدة فى الطرائف الأدبية (ط. لجنة التأليف) ٩٨ وفى اللسان (أون. بله). وآونة جمع أوان :

مرة بعد مرة. وبله : دع. والمعنى أعطيهم ما لا أجد إلا بالجهد فدع ما أحيط به.

٢١٢

وعليها. وتقول : هذا يسعه (١) عشرون كيلا ، أى يسع فيه عشرين كيلا ، ويقال : وسعت رحمة الله كلّ شىء ولكلّ شىء وعلى كلّ شىء. وفى حديث النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق» (٢).

والوسع والوسع بالحركات الثلاث : السّعة والجدة والطّاقة. وقرأ ابن أبى عيلة : لا يكلف الله نفسا إلا وَسعها (٣) بالفتح ، وقرأ عكرمة : (وِسعها) بالكسر. والهاء فى السّعة عوض عن الواو. وشىء وسيع ، أى واسع.

ويسع : اسم من أسماء العجم ، وقد أدخل عليه الألف واللّام ، وهما لا يدخلان (٤) على نظائره ، نحو يعمر ويزيد ويشكر. وقرأ حمزة والكسائىّ وخلف : واللّيسع (٥) بلامين ، وقرأ الباقون (وَالْيَسَعَ) بلام (٦). واحدة.

وأوسع الرّجل : صار ذا سعة وغنى ، قال الله تعالى : (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)(٧)

__________________

(١) وفى اللسان : والأصل فى هذه المسألة أن تكون بصفة (حرف جر) غير أنهم ينزعون الصفات من أشياء كثيرة حتى يصل الفعل إلى ما يليه ويفضى إليه كأنه مفعول به كقولك : كلتك واستجبتك ومكنتك أى كلت لك واستجبت لك ومكنت لك.

(٢) رواه الحاكم فى مستدركه والبيهقى فى شعب الإيمان وأبو نعيم فى الحلية عن أبى هريرة برواية : إنكم لا تسعون (الفتح الكبير.

(٣) الآية ٢٨٦ سورة البقرة.

(٤) إلا فى ضرورة الشعر.

(٥) بتشديد اللام المفتوحة وإسكان الياء على أن أصله ليسع كضيغم ، وقدر تنكيره فدخلت أل للتعريف ثم أدغمت اللام فى اللام (انظر الاتحاف.

(٦) على أنه منقول من مضارع ، والأصل يوسع كيوعد ، وقعت الواو بين ياء مفتوحة وكسرة تقديرية لأن الفتح إنما جىء به لأجل حرف الحلق فحذفت كحذفها فى بدع ويضع ويهب وبابه. (الاتحاف) وورد فى الآيتين وهما (وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) ٨٦ سورة الأنعام وقوله تعالى : (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) ٤٨ سورة ص.

(٧) الآية ٤٧ سورة الذاريات.

٢١٣

أى أغنياء قادرون. وأوسع الله عليك ، أى أغناك. وأوسعت المكان : وجدته واسعا ، يقال : «أوسعت فابن (١)». والتّوسيع : خلاف التّضييق وتوسّعوا فى المجلس أى تفسّحوا. واستوسع : اتّسع. وقول النابغة :

تسع البلاد إذا أتيتك زائرا

وإذا هجرتك ضاق عنّى مقعدى (٢)

أى تتوسّع لى البلاد

واعلم أنّ السّعة تكون فى الأمكنة وفى الحال ، وفى الفعل ، كالقدرة والجود ونحو ذلك ، ففى المكان نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً)(٣) ، وفى الحال : نحو (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ)(٤)

قال أبو القاسم : الوسع من القدرة : ما يفضل عن قدر المكلّف ، قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)(٥) تنبيها أنّه يكلّف عبده دون (٦) ما تنوء به قدرته. وقيل : معناه : يكلّفه ما يثمر له السّعة ، أى جنّة عرضها السماوات والأرض.

وقوله تعالى : (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً)(٧) وقوله : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)(٨) ، (وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً)(٩) عبارة عن سعة علمه وقدرته وأفضاله ورحمته ، كقوله : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(١٠).

__________________

(١) أمر من البناء.

(٢) البيت فى الأساس (وسع.

(٣) الآية ٩٧ سورة النساء.

(٤) الآية ٧ سورة الطلاق.

(٥) الآية ٢٨٦ سورة البقرة.

(٦) فى المفردات : دوين.

(٧) الآية ٩٨ سورة طه.

(٨) الآية ٢٤٧ سورة البقرة وآيات أخر.

(٩) الآية ١٣٠ سورة النساء.

(١٠) الآية ١٥٦ سورة الأعراف.

٢١٤

٢٦ ـ بصيرة فى وسق

الوسق : مصدر وسقت الشّىء : إذا جمعته وحملته ، ومنه قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ)(١) أى جمع وضمّ. وقيل المعنى : جمع ، وضمّ ما كان بالنّهار منتشرا من الدّوابّ ، لأنّه إذا أقبل اللّيل آوى كلّ شىء إلى مأواه ، قال ضابئ (٢) بن الحارث البرجمىّ :

فإنّى وإيّاكم وشوقا إليكم

كقابض ماء لم تسقه أنامله (٣)

يقول : ليس فى يدى من ذلك شىء ، كما أنّه ليس فى يد القابض على الماء شىء ، فإذا جلّل اللّيل الجبال والأشجار والبحار والأرض فاجتمعت له فقد وسقها.

والوسق أيضا : الطّرد. وقيل : فى اللّيل وما وسق ، أى ما جمع من الظّلام (٤). مقاتل بن حيّان : ما أقبل من ظلمة وكوكب. سعيد بن جبير : وما عمل فيه. وقيل : عبارة / عن طوارق اللّيل.

وعنده وسق من تمر ، ووسوق وأوساق (٥). ووسّق متاعه : جعله وسوقا.

__________________

(١) الآية ١٧ سورة الانشقاق.

(٢) من قوله ضابئ إلى قوله ليس فى يد القابض على الماء شيء ، حقه أن يرد بعد الجملة التى تليه ليصل قوله فإذا جلل الليل بالعبارة التى قبل قال ضابئ فيلتئم المعنى ولعله خطأ من ناسخ النسخة.

(٣) البيت فى اللسان والأساس (وسق.

(٤) المعنى على : وقال مقاتل ، ومن عادة المصنفين الاعتماد على فهم القارئ من المقام وكذلك فى قوله سعيد بن جبير.

(٥) ومن جموعه أيضا : أوسق ، وفى الحديث «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة».

٢١٥

وناقة واسق (١) : حامل. ونخلة موسقة (٢) وقد أوسقت ، قال لبيد :

يوم أرزاق من يفضّل عمّ

موسقات وحفّل أبكار (٣)

واتّسق القمر ، واتّسق أمره : كمل وتمّ ، واجتمع ، واطّرد ، قال تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ)(٤) ، قال قتادة : استدار ، افتعل من الوسق. وقال غيره : اجتمع واستوى وتمّ نوره ، وذلك فى الأيّام البيض (٥).

__________________

(١) وجمع واسق : وساق كصاحب وصحاب ، ونائم ونيام.

(٢) فى ا : موسوقه وما أثبت عن نسخة ب والمعجمات.

(٣) البيت فى اللسان (وسق) ـ ديوان لبيد : ٤١ (ط. الكويت.

(٤) الآية ١٨ سورة الانشقاق.

(٥) الأيام البيض : وهى أيام ليالى ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة من الشهر القمرى ، وسميت هذه الليالى بالبيض لاستنارة جميعها بالقمر.

٢١٦

٢٧ ـ بصيرة فى وسل ووسم

وسل إليه (١) : تقرّب ، قال لبيد :

بلى كلّ ذى دين إلى الله واسل (٢)

والوسيلة : التوصّل (٣) إلى الشىء برغبة ، وهى أخصّ من الوصيلة لتضمّنها معنى الرّغبة ، قال الله تعالى : (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ (٤) الْوَسِيلَةَ)(٥).

وحقيقة الوسيلة إلى الله : مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ، وتحرّى مكارم الشريعة ، وهى كالقربة.

قال صاحب (٦) العباب : الوسيلة ، والواسلة : المنزلة عند الملك ، والدّرجة ، والقربة. ووسّل إلى الله وسيلة : عمل عملا تقرّب به إليه ، كتوسّل. والواسل : الواجب (٧) ، والرّاغب.

الوسم أثر الكىّ ، والجمع : وسوم. وسمه يسمه وسما وسمة فاتّسم (٨).

والوسام والسّمة (٩) : ما وسم به الحيوان من ضروب الصّور ، قال الله تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ)(١٠) أى يعلّم عليه علامة يعرف بها :

__________________

(١) من باب وعد.

(٢) صدر البيت :

* أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم *

والبيت فى الأساس (وسل) والديوان : ٢٥٦ ـ الواسل : الراغب إلى الله.

(٣) فى ا ، ب : التوسل بالسين وما أثبت عن المفردات.

(٤) الآية ٣٥ سورة المائدة.

(٥) صاحب العباب : هو الحسن بن محمد بن الحسن الصفانى إمام لغوى وهو صاحب التكملة أيضا.

(٦) وأوردوا شاهدا عليه قول رؤبة :

وأنت لا تنهر حظا واسلا

وفى الديوان : واشلا.

(٧) فاتسم : أصلها اوتسم ، ثم وقع فيه الإبدال والإدغام.

(٨) فى ا ، ب : الوسمة ، وما أثبت عن القاموس والمعجمات. أما الوسمة والوسمة فهو العظلم وهو نبات يخضب بورقه.

(٩) الآية ١٦ سورة القلم.

٢١٧

وقال أبو العالية ومجاهد : أى يسوّد وجهه فيجعل له علما فى الآخرة يعرف به ، وهو سواد الوجه. وقال ابن عبّاس : سنخطمه بالسيف ، وفعل ذلك يوم بدر. وقال قتادة : سيلحق به شيئا لا يفارقه.

وقال القتبىّ (١) : يقول العرب [إذا (٢)] سبّ الرّجل فلانا سبّة قبيحة : قد وسمه ميسم سوء ، يريد ألصق به عارا لا يفارقه ، كما أنّ السّمة لا يمحى ولا يعفو أثرها.

وقال الضحّاك والكسائىّ : سنكويه على وجهه.

وتوسّمه : تخيّله. وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)(٣) أى للمعتبرين العارفين المتّعظين. وهذا التّوسّم هو الّذى سمّاه قوم الزّكانة (٤) ، وقوم الفطنة ، وقوم الفراسة.

__________________

(١) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة.

(٢) ما بين القوسين تكملة يقتضيها السياق.

(٣) الآية ٧٥ سورة الحجر.

(٤) الزكانة : الفطنة أو إصابة الظن.

٢١٨

٢٨ ـ بصيرة فى وسن ووشى

الوسن محرّكة ، والوسنة والوسنة والسّنة كعدة : ثقل النّوم ، وقيل : أوّل النّوم ، وقيل : النّعاس ، وقد وسن كفرح فهو وسن ووسنان ، وميسان كميزان. واستوسن : كثر نعاسه ، قال تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)(١) ، قيل : السّنة : ما يتقدّم النّوم من الفتور وهو النّعاس ، قال عدىّ بن الرّقاع :

وسنان أقصده النّعاس فرنّقت

فى عينه سنة وليس بنائم (٢)

أى لا يأخذه نعاس ولا نوم ، وهو تأكيد للقيّوم (٣) ، لأنّ من جاز (٤) عليه ذلك استحال أن يكون قيّوما.

ويقال : وسن الرجل وأسن : إذا غشى عليه من ريح البئر ، قيل له ذلك (٥) لتصوّر النّوم فيه لا لتصوّر الغشيان.

وشيت الشّىء وشيا : جعلت فيه أثرا يخالف معظم لونه.

ووشى الثّوب وشيا وشية حسنة : نمنمه ونقشه وحسّنه ، كوشّاه.

قال الله تعالى : (مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها)(٦) ، أى لا لمعة فيها من لون آخر سوى الصّفرة / فهى صفراء كلّها حتى قرنها وظلفها (٧) ،

__________________

(١) الآية ١٥٥ سورة البقرة.

(٢) البيت فى اللسان (رنق. وسن).

أقصده : سدد إليه سهمه وأصابه ـ رنقت فى عينه : خالطتها.

(٣) القيوم : القيام بأمور الخلق وتدبير العالم فى جميع أحواله. وهذا يوجب أن يتنزه جل شأنه عما لا يتفق وهذه الصفة من نوم ونحوه.

(٤) فى ا ، ب : أجاز وما أثبت أولى.

(٥) أى وسن.

(٦) الآية ٧١ سورة البقرة.

(٧) الظلف من الشاء والبقر ونحوه كالظفر من الإنسان وجمعه أظلاف.

٢١٩

وهى فى الأصل مصدر وشاه وشيا وشية : إذا خلط بلونه لونا آخر ؛ ومنه ثور موشىّ القوائم.

ووشى فلان كلامه ، أى كذب (١) فيه.

ووشى به إلى السّلطان وشيا ووشاية : نمّ وسعى.

وشية الفرس (٢) كعدة : لونه. وفرس حسن الأشىّ كصلىّ أى الغرّة والتحجيل.

وتوشّى فيه الشيب : ظهر كالشّية.

__________________

(١) وذلك لأنه يصوره ويؤلفه ويزينه.

(٢) لا حاجة لهذا القيد ، ففى الصحاح : الشية : كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره.

٢٢٠