تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

[سورة الفلق (١)]

سورة الفلق مكية عددها خمس آيات (٢).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

الاستعاذة من الشرور ، ومن مخافة الليل الديجور ، ومن آفات الماكرين والحاسدين ، فى قوله : (... إِذا حَسَدَ) سورة الفلق : ٥.

(٢) فى المصحف : (١١٣) سورة مكية وآياتها (٥) نزلت بعد سورة الفيل.

٩٢١
٩٢٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) ـ ١ ـ وذلك أن لبيد بن عاصم بن مالك ، ويقال ابن أعصم اليهودي ، سحر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى إحدى عشرة عقدة فى وتر ، فجعله فى «بئر لها سبع موانى (١)» فى جف طلعة كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يستند إليها فدب فيه السحر ، واشتد عليه ثلاث ليال ، حتى مرض مرضا شديدا ، وجزعت النساء ، فنزلت المعوذات ، فبينما رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نائم إذ رأى كأن ملكين قد أتياه ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، ثم قال أحدهما لصاحبه : ما شكواه؟ قال : أصابه طب ـ يقول سحر ـ ، قال : فمن طبه؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي. قال [٢٥٧ ب] : فى أى شيء؟ قال : فى قشر طلعة. قال : فأين هو؟ قال : فى بئر فلان. قال : فما «دواؤه (٢)» قال : تنزف (٣) البئر ، ثم يخرج قشر الطلعة فيحرقه ، ثم يحل العقد ، كل عقدة بآية من المعوذتين ، فذلك شفاؤه ، فلما استيقظ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وجه على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ إلى البئر فاستخرج السحر وجاء «به فأحرق ذلك القشر (٤)». ويقال : إن جبريل أخبر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمكان السحر ، «وقال (٥)» جبريل للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : حل عقدة ،

__________________

(١) فى أ«بئر لها سبع» ، وفى ف : «بئر لها سبع موانى» ، وفى البيضاوي : «فى بئر».

(٢) فى أ : «دواه» ، وفى ف : «دواؤه».

(٣) تنزف : ينزح ماؤها.

(٤) فى ف : «فأحرق» ، وفى أ : «فأحرق ذلك القشر».

(٥) فى أ ، ف : «فقال».

٩٢٣

واقرأ آية. ففعل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك فجعل يذهب عنه ما كان يجد حتى برأ «وانتشر للنساء (١)».

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) يعنى برب الخلق (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) ـ ٢ ـ من الجن والإنس (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ) يعنى ظلمة الليل (إِذا وَقَبَ) ـ ٣ ـ يعنى إذا «دخلت (٢)» ظلمة الليل فى ضوء النهار : إذا غابت الشمس فاختلط الظلام ، (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) ـ ٤ ـ يعنى السحر «وآلاته (٣)» يعنى الرقبة التي هي لله معصية يعنى به ما تنفثن من الرقى فى العقدة ، والآخذة يعنى به السحر فهن

__________________

(١) «وانتشر للنساء» : من ف ، وهي ساقطة من أ.

وقد ذهب الإمام محمد عبده إلى إنكار حقيقة السحر موافقا بذلك مذهب المعتزلة (انظر تفسير الكشاف : ٤ / ٢٤٤).

كما ذهب الإمام محمد عبده إلى عدم الأخذ بالحديث الذي يثبت أن النبي سحر ، وذكر أنه حديث آحاد ، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد.

وقد ناقشت رأى الإمام وبينت أن السحر ثابت بالحس والمشاهدة ، ونص القرآن وتواترت به الآثار عن الصحابة والسلف ، وأهل التفسير والحديث والفقها ، كما أن السحر يؤثر مرضا وثقلا ، وحبا وبغضا ، وتزيفا وغير ذلك من الآثار الموجودة التي تعرفها عامة الناس.

كما بينت أنه ثبت سحره ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالروايات الصحيحة المتعددة وأن ثبوت السحر لرسول لا يناقض القرآن لأن القرآن نفى عنه السحر الذي يصيب عقله بالخبل والجنون.

والحديث أثبت السحر الذي يصيب الجسم أو الخبال ، (كما تقول الأشاعرة).

وسند حديث السحر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ كما أنه من رواية البخاري ومسلم ، وقد اتفقا على تصحيحه. وهو ثابت عند أهل العلم بالحديث لا يختلفون فى صحنه ، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ ، والفقهاء ـ وانظر هذا البحث موسعا فى كتابي (منهج الإمام محمد عبده فى تفسير القرآن الكريم) موضوع : السحر : ١٠٩ ـ ١٣٠ ،

(٢) فى أ ، ف : «دخل» ، والأنسب : «دخلت» ،

(٣) فى أ : «وآلاته» ، فى ف : «والآخذة».

٩٢٤

الساحرات المهيجات «الأخاذات (١)» (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) ـ ٥ ـ يعنى اليهود حين حسدوا النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، قال : فقال له جبريل ـ «عليه (٢)» السلام ـ ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال : يا جبريل ، ما هو؟ قال : المعوذتان : «قل أعوذ برب الفلق» (٣) ، و «قل اعوذ برب الناس» (٤).

وقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : قيل لي ، فقلت لكم. فقولوا كما أقول.

قال : وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما فى المكتوبة.

__________________

(١) فى ف : «الأخذات» ، وفى أ : «الأخذات أيضا» ، وفى حاشية أ : «الأخاذات» أقول ومعنى الأخاذات ، النساء الكيادات التي تستميل الرجل وتستهويه وتتعرض له حتى تأخذه من على زوجته».

(٢) فى أ : «عليهما» ، وفى ف : «عليه».

(٣) سورة الفلق : ١.

(٤) سورة الناس : ١.

٩٢٥
٩٢٦

سورة النّاس

٩٢٧
٩٢٨

(١١٤) سورة الناس مكية

وآياتها ست

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦))

٩٢٩
٩٣٠

[سورة الناس (١)]

سورة الناس مكية عددها «ست (٢)» آيات (٣).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

الاعتصام بحفظ الحق ـ تعالى ـ ، وحياطته ، والحذر ، والاحتراز من وسوسة الشيطان ومن ، تعدى الجن والإنسان ، فى قوله : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) سورة الناس : ٦.

(٢) فى أ : «أربع» والصواب : «ست».

(٣) فى المصحف : (١١٤) سورة الناس مكية وآياتها (٦) نزلت بعد سورة الفلق.

٩٣١
٩٣٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ـ ١ ـ أمر الله ـ عزوجل ـ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يتعوذ برب الناس الذي هو (مَلِكِ النَّاسِ) ـ ٢ ـ بملكهم فى «برهم وبحرهم (١)» «وفاجرهم (٢)» وصالحهم وطالحهم وهو (إِلهِ النَّاسِ) ـ ٣ ـ كلهم ، (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) ـ ٤ ـ وهو الشيطان فى صورة خنزير معلق بالقلب فى جسد ابن آدم ، وهو يجرى مجرى الدم ، «سلطه (٣)» الله على ذلك من الإنسان ، فذلك قوله : (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) ـ ٥ ـ فإذا «انتهى (٤)» ابن آدم وسوس فى قلبه حتى «يتبلع (٥)» قلبه ، والخناس الذي إذا ذكر الله ابن آدم خنس عن قلبه ، فذهب عنه ، ويخرج من جسده ، ثم أمره الله أن يتعوذ (مِنَ) شر (الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) ـ ٦ ـ يعنى الجن «والإنس (٦)».

__________________

(١) فى أ : «برهم وبحرهم» ، وفى ف : «فى برهم وبحرهم».

(٢) فى أ : «جرهم» ، وفى ف : «وفاجرهم».

(٣) فى أ : «يسلطه» ، وفى ف : «سلطه».

(٤) «انتهى» : كذا فى أ ، ف ، ولعل المراد : «انتهى عن المعاصي».

(٥) فى ف : «حتى يتبلع» ، وفى ل : «يبتلع».

(٦) فى ف : «ثم الكتاب بحمد الله ومنه ، والصلاة على نبيه محمد المصطفى وآله أجمعين وسلم تسليما ، وفرغ من كتابته أبو القاسم إسماعيل الروياني ، غداة يوم الجمعة فى غرة ربيع الآخر من شهور سنة أربع وعشرين وخمسمائة».

٩٣٣

__________________

وتحتها خاتم كتب عليه :

«وقف شيخ الإسلام فيض الله أفندى ـ غفر الله له ـ ولوالديه» ، بشرط ألا يخرج من المدرسة التي أنشأها بالقسطنطينية سنة ١١١٣».

وفى أعلى الورقة الأخيرة هذه كبة : (وقف) مكتوبة بخط الثلث ، أقول وهذه نسخة فيض الله المشار إليها : ف.

وأما فى أ(أحمد الثالث) فقد جاء فى آخرها : هذا آخر تفسير الإمام مقاتل «والحمد لله رب العالمين» ، اعلم ـ أيها الناظر فى هذا الكتاب ـ أننى لما نقلته كان النقل من نسخة ليس فيها تمييز القرآن بالأحمر فرأيت أن أميز القرآن العظيم بالأحمر ، ليسهل على الناظر فيه استخراج التفسير من القرآن ، ويحصل المقصود بسهولة ، مع أن النسخة كثيرة التحريف ، وفى بعض المواضع القرآن ساقط هو وتفسيره ، ففي بعض المواضع كتبته هي الهامش لئلا يظن أنه إنما سقط منى وبعضها لم أكتبه وبعض الأماكن الذي لم يتحرر لي أنظر عليه (أى أضع عليه علامة التضعيف) :

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

وكتبه بيده الفانية فقير عفو ربه وكرمه محمد بن أحمد بن عمر السنبلاويني الشافعي ، لطف الله به وبوالديه ومشايخه ، والمسلمين ، ورحمهم أجمعين والحمد لله رب العالمين ، أ. ه.

٩٣٤

يقول محققه عبد الله محمود شحاتة :

كان الفراغ من تحقيق تفسير مقاتل بن سليمان ظهر يوم الاثنين الموافق ٣٠ من جمادى الأولى سنة ١٣٨٧ ه‍ ، ٤ من سبتمبر (أيلول) سنة ١٩٦٧ م.

وقد ترقرق الدمع فى عيني مرارا عند ختامه.

شكر الله ـ تعالى ـ أن وفقني لتحقيق هذا التفسير كاملا ، ولله الفضل والمنة ، وله الثناء الحسن الجميل.

والحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، وصل اللهم على سيدنا محمد النبي الأمى وعلى آله وصحبه وسلم.

٩٣٥
٩٣٦

الفهارس

٩٣٧
٩٣٨

أولا الشواهد

١ ـ الآيات القرآنية

مسلسل

الآية

رقم

الآية

رقم

الصفحه

 ١ ـ سورة الفاتحة

١

(مالك يوم الدين)

٤

٢٢٥

* * *

ـ سورة البقرة

٢

(وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من ينبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت الكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم)

١٤٣

٤٠٧

٣

(... إنا لله وإنا إليه راجعون)

١٥٦

٣٥٣

٤

(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأوائك هم المهتدون)

١٥٧

٣٥٣

٥

(... هن لباس لكم ...)

١٨٧

٥٥٩

٩٣٩

مسلسل

الآية

رقم

الآية

رقم

الصفحه

٦

(هل ينظرون إلا أنا ياتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة ...)

٢١٠

٦٩١

٧

(والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ...)

٢٢٨

٣٦٤

* * *

٣ ـ سورة آل عمران

٨

(... منه آيات محكمات هن أم الكتاب ...)

٧

٤٧

٩

(بنا آمنا بما أنزلات واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين)

٥٣

٢٦٦

١٠

(ليس لك من الأمر شيء أو شوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون)

١٢٨

٧٤٢

١١

(ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم)

١٢٩

٧٤٢

١٢

(... ولم يصروا على ما فعلوا ...)

١٣٥

٢٢١

١٣

وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن بنقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزی الله الشاكرين)

١٤٤

١٨٢

٩٤٠