تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

[سورة المسد (١)]

سورة «تبت (٢) ...» مكية عددها خمس آيات (٣) :

__________________

(١) مقصود السورة :

تهديد أبى لهب على الجفاء والإعراض ، وضياح كسبه وأمره ، وبيان ابتلائه يوم القيامة ، وذم زوجه فى إيذاء النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وبيان ما هو مدخر لها من سوء العاقبة.

(٢) سورة المسد : ١

(٣) فى المصحف : (١١١) سورة المسد مكية وآياتها (٥) نزلت بعد سورة الفاتحة.

٩٠١
٩٠٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) واسمه عبد العزى بن عبد المطلب ، وهو عم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وإنما سمى أبو لهب لأن وجنتيه «كانتا حمراوين ، كأنما يلتهب منهما النار (١)» ، وذلك أنه لما نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين» (٢) يعنى بنى هاشم ، وبنى المطلب ، وهما ابنا عبد مناف بن قصى ، قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا على ، قد أمرت أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فاصنع لي طعاما حتى أدعوهم عليه وأنذرهم. فاشترى على ـ رحمة الله عليه ـ «رجل شاة (٣)» فطبخها وجاء بعس من لبن ، فدعا النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بنى هاشم ، وبنى المطلب إلى طعامه ، وهم أربعون رجلا غير رجل ، على رجل شاة ، وعس من لبن ، فأكلوا حتى شبعوا ، وشربوا حتى رووا. فقال أبو لهب : لهذا ما سحركم به ، الرجال «العشرة (٤)» منا يأكلون الجذعة ، ويشربون العس ، وإن محمدا قد أشبعكم أربعين رجلا من رجل شاة ، ورواكم من عس من لبن فلما سمع ذلك منه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ شق عليه ، ولم ينذرهم تلك الليلة ، وأمر النبي «عليا (٥)» أن يتخذ لهم ليلة

__________________

(١) الجملة مضطربة فى أ ، ف ، ففي : أ«كانا حمراوين كأنها تلتهب منها النار» ، وفى ف : «كانتا حمراوان كأنها تلهب منهما النار» وفى ل : «كانا حمراوين كأنما يلتهب منهما النار».

(٢) سورة الشعراء : ٢١٤.

(٣) فى أ : «رحل سخلة».

(٤) فى أ ، ف : «العشيرة» ، وفى ل : «العشرة».

(٥) «عليا» : من ف ، وهي ساقطة من أ.

٩٠٣

أخرى مثل ذلك ، ففعل فأكلوا حتى شبعوا ، وشربوا حتى رووا ، فقال [٢٥٥ ب] النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا بنى هاشم ، ويا بنى المطلب ، أنا لكم النذير من الله ، وأنا لكم البشير «من الله (١)» إنى قد جئتكم بما لم يجيء به أحد من العرب ، جئتكم فى الدنيا بالشرف ، فأسلموا تسلموا ، وأطيعونى تهتدوا. فقال أبو لهب : تبالك ، يا محمد ، سائر اليوم ، لهذا دعوتنا؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ فيه (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) ـ ١ ـ يعنى وخسر أبو لهب ، ثم استأنف فقال : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) فى الآخرة (وَما كَسَبَ) ـ ٢ ـ يعنى أولاده عتبة وعتيبة ومعتب لأن ولده من كسبه (سَيَصْلى) يعنى سيغشى أبو لهب (ناراً ذاتَ لَهَبٍ) ـ ٣ ـ ليس لها دخان (وَامْرَأَتُهُ) وهي أم جميل «بنت (٢)» حرب ، وهي أخت أبى سفيان بن حرب (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) ـ ٤ ـ يعنى كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، ليعقره ، ثم أخبره بما يصنع بها فى الآخرة ، فقال ، (فِي جِيدِها) فى عنقها يوم القيامة (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) ـ ٥ ـ يعنى سلسلة من حديد ، فلما نزلت هذه الآية فى أبى لهب قيل لها : إن محمدا قد هجا زوجك ، وهجاك ، وهجا ولدك ، فغضبت وقامت فأمرت وليدتها أن تحمل ما يكون فى بطن الشاة من الفرث والدم والقذر ، فانطلقت لتستدل على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لنلقى ذلك عليه فتصغره ، وتذله به ، لما بلغها عنه ، فأخبرت أنه فى بيت عند الصفا ، فلما انتهت إلى الباب سمع أبو بكر ـ رحمة الله عليه ـ كلامها ، وكان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ داخل البيت فقال أبو بكر ـ رحمة الله عليه ـ : يا رسول الله إن أم جميل قد جاءت ، وما أظنها جاءت بخير. فقال

__________________

(١) «من الله» : من ف ، وليست فى أ.

(٢) فى أ : «ابنت» وفى ، ف : «بنت» وهو الصواب لوقوعها بين علمين أحدهما ابنا للآخر ، وليس الثاني منهما فى أول السطر.

٩٠٤

النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : اللهم خذ ببصرها. أو كما قال. ثم قال لأبى بكر ـ رحمة الله عليه ـ : دعها تدخل ، فإنها لن تراني ، فجلس النبي ـ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأبو بكر ـ رحمة الله عليه ـ جميعا ، فدخلت أم جميل البيت ، فرأت أبا بكر ـ رحمة الله عليه ـ ولم تر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وكانا جميعا فى مكان واحد فقالت يا أبا بكر أين صاحبك؟ «فقال (١)» : وما أردت منه يا أم جميل؟ قالت : إنه بلغني أنه هجانى ، وهجا زوجي ، وهجا أولادى ، وإنى جئت بهذا الفرث لألقيه على وجهه ، ورأسه أذله بذلك. فقال لها : والله ، ما هجاك ، ولا هجا زوجك ، ولا هجا ولدك. قالت : أحق ما تقول يا أبا بكر. قال : نعم. فقالت : أما إنك لصادق ، وأنت الصديق ، وما أرى البأس إلا وقد كذبوا عليه. فانصرفت إلى منزلها ، ثم إنه بدا لعتبة بن أبى لهب أن يخرج إلى الشام فى تجارة ، وتبعه ناس من قريش حتى بلغوا «الصفاح (٢)» [٢٥٦ أ] فلما هموا أن يرجعوا عنه إلى مكة ، قال لهم عتبة : إذا رجعتم إلى مكة ، فأخبروا محمدا بأنى كفرت ب «والنجم إذا هوى» (٣) وكانت أول سورة أعلنها رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما بلغ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك قال : اللهم سلط عليه كلبك يأكله ، فألقى الله ـ عزوجل ـ فى قلب عتبة الرعب لدعوة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكان إذا سار ليلا ما يكاد ينزل بليل ، «فهجر (٤)» بالليل ، فسار يومه وليلته ، وهم أن لا ينزل حتى يصبح ، فلما كان قبيل الصبح ، قال له أصحابه : هلكت الركاب ، فما زالوا به حتى نزل ، وعرس ، «وإبله (٥)»

__________________

(١) «فقال» : كذا فى أ ، ف ، والأنسب : «قال».

(٢) كذا فى أ ، ف ، ل. ولعله مكان خارج مكة.

(٣) سورة النجم : ١ ، وردت فى أ ، ف : «بالنجم إذا هوى».

(٤) فى أ : «فهجد» ، وفى ف ، ل : «فهجر».

(٥) فى أ : «إله» ، وفى ف : «وإبله».

٩٠٥

وهو «مذعور (١)» ، فأناخ الإبل حوله مثل «السرادق وجعل الجواليق دون الإبل مثل «السرادق (٢)» «ثم أنام (٣)» الرجال حوله دون الجواليق ، فجاء الأسد ومعه ملك يقوده ، فألقى الله ـ عزوجل ـ على الإبل السكينة ، فسكنت ، فجعل الأسد يتخلل الإبل ، فدخل على عتبة وهو فى وسطهم فأكله مكانه. وبقي عظامه وهم لا يشعرون ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى قوله حين قال لهم : قولوا لمحمد إنى كفرت بالنجم إذا هوى ، يعنى القرآن إذ نزل ، «أنزل فيه (٤)» : (قُتِلَ الْإِنْسانُ) يعنى لعن الإنسان «ما أكفره» (٥) يعنى عتبة يقول أى شيء أكفره بالقرآن ، إلى آخر الآيات (٦). حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثنا أبى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : كانت قريش وأم جميل تقول مذمما عصينا ، وأمره أبينا.

فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، ومن لطف الله أن قريشا نذم مذمما وأنا محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

__________________

(١) فى أ : «مذعور» ، وفى ف : «من عور».

(٢) من «السرادق» الى «السرادق» : ساقط من أ ، وهو من ف.

(٣) فى أ : «ثم أناخ» ، وفى ف : «ثم أنام».

(٤) فى أ : «ونزل فيه» ، وفى ف : «ونزلت فيه».

(٥) سورة عبس : ١٧.

(٦) يشير إلى الآيات ١٧ ـ ٤٣ ـ من سورة عبس ، وفى أ ، ف ل : «إلى آخر الآية» ، وهو خطأ ، لأن. «قتل الإنسان ما أكفر» آية كاملة.

٩٠٦

سورة الإخلاص

٩٠٧
٩٠٨

(١١٢) سورة الاخلاص مكية

وآياتها أربع

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))

٩٠٩
٩١٠

[سورة الإخلاص (١)]

سورة الإخلاص مكية عددها أربع آيات (٢).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

بيان الوحدانية ، وذكر الصمد ، وتنزيه الحق من الولد والوالد والولادة ، والبراءة من الشركة والشريك فى المملكة.

(٢) فى المصحف : (١١٢) سورة الإخلاص مكية ، وآياتها (٤) نزلت بعد سورة الناس.

٩١١
٩١٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ـ ١ ـ (اللهُ الصَّمَدُ) ـ ٢ ـ تعنى أحد لا شريك له ، وذلك أن عامر بن الطفيل بن صعصعة العامري ، دخل على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : يا رسول الله ، أما والله لئن دخلت فى دينك ليدخلن من خلفي ، ولئن امتنعت ليمتنعن من خلفي ، قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : فما تريد؟ قال : أتبعك على أن تجعل لي الوبر ولك المدر ، قال له رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا شرط فى الإسلام. قال : فاجعل لي الخلافة بعدك. قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا نبى بعدي. قال : فأريد أن تفضلني على أصحابك. [٢٥٦ ب] قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا ولكنك أخوهم إن أحسنت إسلامك. «فقال (١)» : فتجعلني أخا بلال ، وخباب بن الأرت ، وسلمان الفارسي ، وجعال. قال : نعم. فغضب وقال : أما والله لأثيرن عليك ألف أشقر عليها ألف «أمرد (٢)» فقال له رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : ويحك تخوفني؟ ، قال له جبريل ـ عليه‌السلام ـ عن ربه : لأثيرن على كل واحد منهم ألفا من الملائكة ، طول عنق أحدهم مسيرة سنة ، وغلظها مسيرة سنة ، وكان يكفيهم واحد ، ولكن الله ـ عزوجل ـ أراد أن يعلمه كثرة جنوده ، فخرج من عند رسول الله ـ

__________________

(١) فى أ ، ف : «قال فقال» ، ومن هذه اللفظة إلى آخر التفسير ساقط من ل.

(٢) فى أ : «مرد» ، وفى ف : «أمرد» ، وفى أزيادة : «فات ونهض» ، والمثبت من ف.

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٥٨

٩١٣

صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «وهو متعجب (١)» مما سمع منه فلقيه الأربد بن قيس السهمي ، فقال له : ما شأنك؟ وكان خليله فقص عليه قصته ، وقال : إنى دخلت على ابن أبى كبشة آنفا ، فسألته الوبر ، وله المدر فأبى ، ثم سألته من بعده فأبى ، ثم سألته أن يفضلني على أصحابه فأبى ، وقال : أنت أخوهم إن أحسنت إسلامك. فقال له : أفلا قتلته؟ قال : لم أطق ذلك. قال : فارجع بنا إليه ، فإن شئت حدثته حتى أضرب «عنقه (٢)» فانطلقا على وجوههما حتى دخلا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقعد عامر عن يمينه والأربد عن يساره ، «وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ علم ما يريدان (٣)» قال : وجاء ملك من الملائكة فعصر بطن الأربد بن قيس ، وأقبل عامر على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد وضع يده على «فمه (٤)» وهو يقول : يا محمد لقد خوفتني بأمر عظيم ، وبأقوام «كثيرة (٥)» فمن هؤلاء؟ «قال (٦)» : جنودي وهم أكثر مما ذكرت لك. قال : فأخبرنى ما اسم ربك؟ وما هو؟ ومن خليله؟ وما حيلته؟ وكم هو؟ وأبو من هو؟ ومن أى حي هو؟ ومن أخوه؟.

وكانت العرب يتخذون الأخلاء فى الجاهلية ، فأنزل الله ـ تعالى ـ «قل» يا محمد (هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لقوله ما اسمه؟ وكم هو؟ («اللهُ الصَّمَدُ») لقوله ما طعامه؟ «الصمد» الذي لا يأكل ولا يشرب (٧) (لَمْ يَلِدْ) يقول ولم يتخذ ولدا (وَلَمْ يُولَدْ)

__________________

(١) فى أ : «وهو يتمايل يتعجب» ، وفى ف : «وهو متعجب».

(٢) أ : «أنا عنقه» ، وفى ف : «عنقه».

(٣) «وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ علم ما يريدان» : الجملة من ف ، وهي ناقصة فى أ.

(٤) فى أ : «فيه» ، وفى ف : «فمه».

(٥) فى أ : «كثير» ، وفى ف : «كثيرة».

(٦) «قال» من ف ، وهي ساقطة من أ

(٧) من أ ، وفى ف. ((اللهُ الصَّمَدُ) لقوله أبو من بكنى؟ وابن من هو؟)

٩١٤

ـ يقول «ليس له والد يكنى (١) به» ، لقوله : وابن من هو؟ ثم قال : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ـ ٤ ـ لقوله من خليله؟ يقول ليس له نظير ، ولا شبيه ، فمن أين يتخذ الخليل؟ فأشار بيده وبعينه إلى الأربد بن قيس وهو فى جهد قد عصر الملك بطنه حتى أراد أن يخرج خلاه من فيه ، وقد أهمته نفسه ، فقال الأربد : قم بنا فقاما ، فقال له عامر : ويحك ، ما شأنك؟ قال : وجدت عصرا «شديدا (٢)» فى بطني ، «ووجعا (٣)» فما استطعت أن أرفع يدي.

قال : فأما الأربد بن قيس فخرج يومئذ من المدينة ، وكان يوما متغيما ، فأدركته صاعقة [٢٥٧ أ] فى الطريق فقتلته ، وأما عامر بن الطفيل فوجاه جبرئيل ـ عليه‌السلام ـ فى عنقه ، فخرج فى عنقه «دبيلة (٤)» ، ويقال طاعون فمرض بالمدينة فلم يأوه أحد إلا امرأة مجذومة من بنى سلول ، فقال جزعا من الموت : غدة كغدة البعير وموت فى بيت سلولية ، أبرز إلى ياموت ، فأنا قاتلك ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ : «.. وهمك يجادلون في الله وهو شديد محال» (٥).

وأيضا (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وذلك أن مشركي مكة ، قالوا لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أنعت لنا ربك وصفه لنا. وقال عامر بن الطفيل العامري : أخبرنا عن ربك أمن ذهب هو ، أو من فضة ، أو من حديد ، أو من صفر؟ وقالت اليهود : عزيز ابن الله ، وقد أنزل الله ـ عزوجل ـ نعته فى التوراة

__________________

(١) فى أ : «ليس له ولد يكنى» ، والمناسب للسياق ما أثبت.

(٢) «شديدا» : من ف ، وليست فى.

(٣) «ووجعا» : من أ٥ وليست فى ف.

(٤) فى أ : «دبيلة» ، وفى ف : «ذبيله» ، بإعجام الذال.

(٥) سورة الرعد : ١٣.

٩١٥

فأخبرنا عنه يا محمد ، فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى قولهم : «قل» يا محمد (هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لا شريك له ، (اللهُ الصَّمَدُ) يعنى الذي «لا جوف له (١)» كجوف المخلوقين ، ويقال الصمد السيد الذي تصمد إليه الخلائق بحوائجهم وبالإقرار «والخضوع (٢)» ، (لَمْ يَلِدْ) فيورث ، (وَلَمْ يُولَدْ) فيشارك ، وذلك أن مشركي العرب قالوا : الملائكة بنات الرحمن. وقالت اليهود : عزير ابن الله. وقالت النصارى : المسيح ابن الله. فأكذبهم الله ـ عزوجل ـ فبرأ نفسه من قولهم ، فقال : «لم يلد» يعنى لم يكن له ولد «ولم يولد» كما ولد عيسى وعزير ومريم ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) يقول لم يكن له عدل ، ولا مثل من الآلهة تبارك وتعالى علوا كبيرا.

__________________

(١) «لا جوف له» : ساقطه من أ.

(٢) «والخضوع» : عليها شطب خفيف فى أ.

٩١٦

سورة الفلق

٩١٧
٩١٨

(١١٢) سورة الفلق ومكية

وآياتها خمس

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥))

٩١٩
٩٢٠