تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) ـ ١ ـ وذلك أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بعث سرية إلى «حنين (١)» من كنانة ، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصارى أحد النقباء ، فغابت فلم يأت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ خبرها ، فأخبره الله ـ عزوجل ـ عنها فقال : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) يعنى الخيل ، «وقيل (٢)» إن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بعث سرية إلى أرض تهامة ، وأبطأ عليه الحبر فجعلت اليهود والمنافقون إذا رأوا رجلا من الأنصار أو من المهاجرين تناجوا يأمره ، فكان الرجل يظن أنه قد مات ، أو قتل أخوه ، أو أبوه ، أو عمه ، وكان يجد من ذلك أمرا عظيما ، فجاءه جبريل ـ عليه‌السلام ـ يوم الجمعة عند وقت الضحى ، فقال : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) يقول غدت الخيل إلى الغزوة حتى أصبحت فعلت أنفاسها بأفواهها ، فكان لها ضباح كضباح الثعلب ، ثم قال : (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) ـ ٢ ـ يقول يقدحن بحوافرهن فى الحجارة نارا كنار «أبى حباحب (٣)» ، وكان «شيخا (٤)»

__________________

(١) فى أ : «جبر» ، وفى ف : «حنين» ، وفى ل : «حين».

(٢) فى أ ، ف ، ل : «وذلك» ، وهو تكرير لما سبق فعدلته إلى : «وقيل» ، ليفهم أنه رواية أخرى فى سبب النزول ، ولعل النبي كان قد بعث سريتين وأبطأ عليه خيرهما.

أخرج البزار وابن أبى حاتم ، والحاكم عن ابن عباس ، قال : بعث رسول الله (ص) خيلا ولبث شهرا لا يأتيه خيرها ، فنزلت (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (لباب النقول للسيوطي : ٢٤١)

(٣) فى ف : «أبى حباحب» ، وفى أ : «أبى صاحب».

(٤) فى أ ، ف : «شيخ».

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٥١

٨٠١

من مصر فى الجاهلية له نويرة نقدح مرة وتخمد مرة لكيلا يمر به ضيف فشبه الله ـ عزوجل ـ ضوء وقع حوافرهن فى أرض حصباء بنويرة أبى حباحب ، وأيضا (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) قال كانت تصيب حوافرهن الحجارة فتقدح منهن النار ، ثم قال : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) ـ ٣ ـ وذلك أن الحيل صبحت العدو بغارة يقول غارت عليهم صبحا (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) ـ ٤ ـ يقول فأثرن بجريهن يعنى بحوافرهن «نقعا (١)» فى التراب.

«حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال الفراء (٢)» : النقع : الغبار ، (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ـ ٥ ـ يعنى بعدوهن ، يقول حين تعدو الخيل جمع القوم يعنى العدو ، فأقسم الله ـ عزوجل ـ «بالعاديات ضبحا (٣)» وحدها : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) ـ ٦ ـ وأيضا (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) يقول فوسطن بذلك «الغبار (٤)» جمعا ، يقول حمل المسلمون عليهم ، فهزموهم ، فضرب بعضهم بعضا ، حتى ارتفع الوهج «الذي كان ارتفع (٥)» من حوافر الحيل إلى السماء ، فهزم الله المشركين وقتلهم ، فأخبره الله ـ عزوجل ـ بعلامات الخيل ، والغبار ، وكيف فعل بهم؟ فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يا جبريل ، ومتى كان هذا؟ قال : اليوم. فخرج رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فأخبر المسلمين بذلك ، وقرأ عليهم كتاب الله ـ عزوجل ـ ففرحوا واستبشروا ، وأخرى الله ـ عزوجل ـ

__________________

(١) فى أ ، ف : «نقع».

(٢) حدثنا عبد الله بن ثابت ، «قال الفراء» : من أ ، وفى ف : «قال أبو محمد ، قال الفراء» ، أقول : «وأبو محمد هو عبد الله بن ثابت».

(٣) فى أ ، ف : «بو العاديات».

(٤) فى أ : «المغار» ، وفى ف : «الغبار».

(٥) «الذي كان ارتفع» : كذا فى أ ، ف ، والأنسب : «الذي يرتفع».

٨٠٢

اليهود والمنافقين (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) يعنى لكفور نزلت فى قرط بن عبد الله بن عمرو بن نوفل القرشي ، وهو الرجل الذي أكل وحده ، وأشبع بطنه وأجاع عبده ، ومنع رفده ، ولم يعط قومه شيئا ، يسمى بلسان بنى مالك بن كنانة «الكنود» ثم قال : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) ـ ٧ ـ يقول إن الله ـ عزوجل ـ على كفر قرط لشهيد ، ثم أخبر عنه فقال : (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ـ ٨ ـ يعنى المال ، ثم خوفه فقال : (أَفَلا يَعْلَمُ) يعنى فهلا يعلم (إِذا بُعْثِرَ) يعنى «بعث (١)» (ما فِي الْقُبُورِ) ـ ٩ ـ من الموتى (وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) ـ ١٠ ـ من الخير والشر ، يعنى تميز ما فى القلوب (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ) يعنى يوم القيامة (لَخَبِيرٌ) ـ ١١ ـ بالصالح منهم والطالح.

__________________

(١) فى أ ، ف : «بحث» ، والأنسب : «بعث» ، وفى الجلالين : (بعثر) أثير وأخرج».

٨٠٣
٨٠٤

سورة القارعة

٨٠٥
٨٠٦

(١٠١) سورة القارعة مكية

وآياتها إحدي عشرة

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ (١١))

٨٠٧
٨٠٨

[سورة القارعة (١)]

سورة القارعة مكية عددها «إحدى عشرة (٢)» آية كوفى (٣)

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

بيان هيبة العرصات ، ومواقف القيامة وتأثيرها فى الجمادات والحيوانات ، وذكر وزن الحسنات والسيئات ، وشرح عيش أهل الدرجات ، وبيان حال أصحاب الدركات ، فى قوله : (نارٌ حامِيَةٌ) سورة القارعة : ١١.

(٢) فى أ : «أحد عشر» ، والصواب ما أثبت.

(٣) فى المصحف : (١٠١) سورة القارعة مكية وآياتها (١١) نزلت بعد سورة قريش.

٨٠٩
٨١٠

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (الْقارِعَةُ) ـ ١ ـ ثم بين لهم : (مَا الْقارِعَةُ) ـ ٢ ـ فقال يقرع الله ـ عزوجل ـ أعداءه بالعذاب ، ثم قال للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) ـ ٣ ـ تعظيما لها لشدتها ، وكل شيء [٢٤٩ أ] فى القرآن (وَما أَدْراكَ) فقد أخبر به النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وكل شيء فى القرآن ، (وَما يُدْرِيكَ) فما لم يخبر به ، وفى الأحزاب «... وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا» (١).

وقال فى هذه السورة (وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ) ، ثم أخبر عنها فقال : (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) ـ ٤ ـ يقول إذا خرجوا من قبورهم «تجول (٢)» بعضهم فى بعض ، فشبههم بالفراش المبثوث ، وشبههم فى الكثرة بالجراد المنتشر ، فقال : «... كأنهم جراد منتشر» (٣) ، ثم قال : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) ـ ٥ ـ يقول تكون الجبال يومئذ بعد القوة والشدة كالصوف المندوف عرقها فى الأرض السفلى ، ورأسها فى السماء ، يقول هو جبل فإذا مسسته فهو لا شيء من شدة الهول : فما حالك يومئذ يا بن آدم ، قال : كالصوف المنفوش فى الوهن ، أوهن ما يكون الصوف إذا نفش (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) ـ ٦ ـ يقول من رجحت موازينه بحسناته (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ـ ٧ ـ ولا يثقل الميزان إلا قول : لا إله إلا الله بقلوب المخلصين فى الأعمال وهم «الموحدون (٤)» يعنى فى عيش فى

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٦٣.

(٢) فى ف : «تجول» ، وفى ل : «تحول» ، وفى أ : «يخرجون».

(٣) سورة القمر : ٧.

(٤) فى ف ، أ : «الموحدين».

٨١١

الجنة برضاه (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) ـ ٨ ـ «بسيئاته (١)» وهو الشرك لأنه لا يرى شيئا مما كسب إلا صار كالرماد ، فاشتدت به الريح فى يوم شديد الريح (٢) ، وكما أنه ليس فى الأرض شيء «أخبث (٣)» من الشرك فهكذا ليس شيء أخف من الشرك فى الميزان ، ولا إله إلا الله «ثقيلة (٤)» «وصاحبها (٥)» ثقيل كريم رزين عند الله ـ عزوجل ـ فيأتي صاحب التوحيد بأعماله الصالحة فيثقل ميزانه ، ويأتى صاحب الشرك بأعماله الطالحة فلا تكون له حسنة توزن معه فهو خفيف (٦) (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) وهي الجنة ، يعنى براضية أنه لا يسخط بعد دخولها أبدا ، (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) وهو الشرك (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) ـ ٩ ـ يقول لا تحمله الأرض ، ولا تظله السماء ، ولا شيء إلا النار ، فذلك قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) يعنى أصله هاوية ، كقوله : («... أُمَّ الْقُرى) (٧) ...» يعنى أصل القرى يعنى مكة ، ثم قال : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) ـ ١٠ ـ (نارٌ حامِيَةٌ) ـ ١١ ـ يقول نار حامية تحمى ستة أبواب من جهنم ، (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) يقول خفت موازينه «بسيئاته (٨)» وحق لميزان لا يقع فيه الحق أن يخف لأن الحق ثقيل مرئ ، والباطل خفيف «وبيء (٩)» (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ) تعظيما لشدتها ، ثم أخبر عنها ، فقال هي : (نارٌ حامِيَةٌ) يقول انتهى حرها.

__________________

(١) فى أ : «سيئاته» ، وفى ف : «بسيئاته».

(٢) ورد هذا المعنى فى تفسير الآية (١٨) من سورة إبراهيم.

(٣) فى أ : «أخف» ، وفى ف : «أخبث».

(٤) فى أ : «ثقيلة» ، وفى ل : «ثقيل» ، وفى ف : «ثقيل».

(٥) فى أ ، ف ، ل : «وصاحبه».

(٦) تفسير الآية (٨) ناقص فى أ ، وهو من ف ، ل.

(٧) سورة الأنعام : ٩٢.

(٨) فى أ : «سيئاته» ، وفى ف : «بسيئاته».

(٩) فى أ : «ورى» ، وفى ف : «وبيء».

٨١٢

سورة التّكاثر

٨١٣
٨١٤

(١٠٢) سورة التكاثر مكية

وآياتها ثمان

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨))

٨١٥
٨١٦

[سورة التكاثر (١)]

سورة التكاثر مكية عددها «ثمان (٢)» آيات.

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

ذم المقبلين على الدنيا ، والمفتخرين بالمال ، وبيان أن عاقبة الكل الموت والزوال ، وأن نصيب الغافلين العقوبة والنكال ، وأعد للمشمولين المذلة والسؤال والحساب والوبال ، فى قوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) سورة التكاثر : ٨.

(٢) فى المصحف : (١٠٢) سورة التكاثر مكية وآياتها (٨) نزلت بعد سورة الكوثر.

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٥٢

٨١٧
٨١٨

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) يعنى شغلكم التكاثر ، وذلك أن حيين من قريش من بنى عبد مناف بن قصى ، وبنى سهم بن عمرو بن مرة بن كعب كان بينهم لحاء فافتخروا ، «فتعادي (١)» السادة والأشراف فقال بنو عبد مناف : نحن أكثر سيدا ، وأعز عزيزا ، وأعظم شرفا ، وأمنع جانبا ، وأكثر عددا ، فقال بنو سهم لبنى عبد مناف : مثل ذلك ، «فكاثرهم (٢)» بنو عبد مناف بالأحياء ، ثم قالوا : تعالوا نعد أمواتنا حتى أتوا المقابر «يعدونهم (٣)» فقالوا : هذا قبر فلان ، وهذا قبر فلان «فعد (٤)» هؤلاء وهؤلاء موتاهم ، «فكاثرهم (٥)» بنو سهم بثلاثة أبيات ، لأنهم كانوا أكثر عددا (٦) فى الجاهلية من بنى عبد مناف ، فأنزل الله فى الحيين (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) يقول شغلكم التكاثر عن ذكر الآخرة ، فلم تزالوا كذلك ، (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) ـ ٢ ـ كلكم يقول إلى أن أتيتم المقابر ، ثم أوعدهم الله ـ عزوجل ـ فقال : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ٣ ـ هذا وعيد : «ما نحن (٧)» فاعلون بذلك إذا نزل بكم الموت ، ثم قال : (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ـ ٤ ـ

__________________

(١) «فتعادوا» : فى أ ، ف ، ل.

(٢) «فكاثروهم» : فى أ ، ف ، ل ،.

(٣) فى أ ، ف ، ل : «يعدوهم».

(٤) فى أ ، ف : «فعدوا».

(٥) فى أ ، ف ، ل : «فكاثروهم».

(٦) فى أ ، ف ، ل : زيادة : «سهم» ، والأنسب حذفها.

(٧) فى أ : «ما يجوز» وفى ف : «ما نحن».

٨١٩

وهو وعيد : إذا دخلتم قبوركم ، ثم قال : (كَلَّا) لا يؤمنون بالوعيد ، ثم استأنف فقال : (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) ـ ٥ ـ لا شك فيه (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (١) ـ ٦ ـ لعلمتم أنكم سترون الجحيم فى الآخرة (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) ـ ٧ ـ لا شك فيه ، يقول لترون الجحيم فى الآخرة معاينة ، «والجحيم (٢)» ما عظم من النار ، يقينها رؤية العين ، : سنعذبهم مرتين «مرة عند الموت ، ومرة عند القبر (٣)» ثم يردون إلى عذاب عظيم (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَ) فى الآخرة (يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) ـ ٨ ـ يعنى كفار مكة كانوا فى الدنيا فى الخير والنعمة ، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه ، وأيضا فذلك قوله : «... أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمعتم بها ...» (٤) وقال : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) وذلك أن الله ـ عزوجل ـ إذا جمع الكفار فى النار صرخوا : يا مالك ، أنضجت لحومنا وأحرقت جلودنا ، «وجاعت (٥)» وأعطشت أفواهنا ، وأهلكت أبداننا ، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار ، فيرد عليهم مالك فيقول : لا ، قالوا : ساعة من النهار. «قال (٦)» : لا. قالوا : فردنا إلى الدنيا ، فنعمل غير الذي كنا نعمل ، قال فينادى مالك ـ خازن النار ـ [٢٥٠ أ] بصوت غليظ جهير ، قال : فإذا نادى حسرت النار من فرقه ، وسكن أهلها ، فيقول : أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم ، ثم

__________________

(١) (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) ، ساقطة من أ ، ف.

(٢) فى أ : «الجحيم» ، وفى ف : «فالجحيم» ، والأنسب ما أثبت.

(٣) «مرة عند الموت ومرة عند القبر» : من ف ، وليست فى أ.

(٤) سورة الأحقاف : ٢٠.

(٥) فى أ ، ف : «وأجاعت».

(٦) فى أ : «قالوا» ، وفى ف : «قال».

٨٢٠