تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) يعنى الواحد (الَّذِي خَلَقَ) ـ ١ ـ يعنى الإنسان ، وكان أول شيء نزل من القرآن خمس آيات «أول (١)» هذه السورة (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) ـ ٢ ـ وهي النطفة التي تكون عشرين ليلة ، ثم تصير ماء ودما ، فذلك العلق ، قوله : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) ـ ٣ ـ (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) ـ ٤ ـ وذلك أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ دخل المسجد الحرام ، فإذا أبو جهل يقلد إلهه الذي يعبده طوقا من ذهب ، وقد طيبه بالمسك ، وهو يقول : يا هبل لكل شيء سكن ، ولكل خير جزاء ، أما وعزتك لأسرنك القابل. وذلك أنه كان ولد له فى تلك السنة ألف من الإبل ، وجاءه عير من الشام فربح «عشرة آلاف مثقال (٢)» «من الذهب (٣)» فجعل ذلك «الشكر (٤)» لهبل وهو صنم كان فى جوف الكعبة طوله ثمانية عشر ذراعا ، فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : ويحك ، أعطاك إلهك وشكرت غيره ، أما والله إن لله فيك نقمة ، فانظر متى تكون؟ ويحك ، «يا عم (٥)» أدعوك إلى الله وحده ، فإنه ربك ورب آبائك الأولين ، وهو خلقك ورزقك فإن اتبعتنى

__________________

(١) فى أ : «دون» ، وفى ف : «أول».

(٢) فى أ : «عشر ألف مثقال» ، وفى ف : «عشرة آلاف مثقالا».

(٣) فى أ : «من الذهب» ، وفى ف : «من ذهب».

(٤) فى أ : «السكن» ، وفى ف : «الشكر».

(٥) فى أ : «يا عمرو» ، وفى ف : «يا عم».

٧٦١

أصبت الدنيا والآخرة. قال له : واللات والعزى «ورب هذه البنية (١)» لئن لم تنته عن مقالتك هذه ، فإن وجدتك ها هنا ، وأنت تعبد غير آلهتنا لأسفعنك على ناصيتك يقول لأخرجنك (٢) على وجهك ، أليس هؤلاء بناته؟ قال : وأنى يكون له ولد؟ فأنزل الله ـ عزوجل ـ (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) ـ ٥ ـ والنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يومئذ بالأراك ضحى «ثم (٣)» بين فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) يعنى من دم حتى تحولت النطفة دما ، «اقرأ» يا محمد ، ثم استأنف فقال : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ) الكتابة (بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ) من القرآن (ما لَمْ يَعْلَمْ) ، ثم قال : (كَلَّا) لا يعلم إن علمته ، ثم استأنف فقال : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) ـ ٦ ـ فى نعم الله ـ عزوجل ـ يعنى أبا جهل بن هشام ، وكان إذا أصاب مالا أشر يعنى بطر فى ثيابه ، وفى مراكبه ، وفى طعامه وشرابه ، فذلك طغيانه ، إذا رأى نفسه استغنى ، وكان موسرا طغى ، فخوفه الله الرجعة إليه فقال : (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ـ ٧ ـ (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) ـ ٨ ـ خوفه فى القيامة فى التقديم «بعد أن قال (٤)» : (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) ، ثم هدده فيما بعد بقوله ، «لئن لم ينته لنسفعن بالناصية» (٥) ثم ذكر الناصية فقال. «ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) (٦) (٧).

__________________

(١) من أ ، وفى حاشية أ : «البنية بفتح الموحدة ، وكسر النون بعدها ، وبالياء المشددة ، هي الكعبة شرفها الله». وفى ف : «ورب البنية».

(٢) فى ف زيادة : «فانظر ماذا ترى؟ قال نبى الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أما إن الله سيريك آية» ، وليست فى أ.

(٣) فى أزيادة : «ثم» ، وليست فى ف.

(٤) فى أ ، ف : «ثم قال».

(٥) سورة العلق : ١٥.

(٦) سورة العلق : ١٦.

(٧) فى أ ، ف : ((أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ، إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) خوفه فى القيامة فى التقديم فقال : «وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ» «لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ» فى النار ، ثم ذكر الناصية فقال : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) أقول وفيه أخطاء ظاهرة وقد حاولت تصحيحه فى أضيق الحدود.

٧٦٢

ثم قال : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) ـ ٩ ـ (عَبْداً إِذا صَلَّى) ـ ١٠ ـ وذلك أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فرضت عليه الصلاة بمكة ، فقال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلى لأضربن عنقه فقال الله ـ عزوجل ـ : «أرأيت» [٢٤٥ ب] (الَّذِي يَنْهى ، عَبْداً إِذا صَلَّى) ـ يعنى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، يقول الله ـ تعالى ـ : (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ) يعنى محمدا (عَلَى الْهُدى) ـ ١١ ـ (أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) ـ ١٢ ـ يعنى بالإخلاص (أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ) أبو جهل بالقرآن (وَتَوَلَّى) ـ ١٣ ـ يعنى وأعرض (أَلَمْ يَعْلَمْ) أبو جهل (بِأَنَّ اللهَ يَرى) ـ ١٤ ـ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وحده ، ويرى جمع أبى جهل ، ثم قال : (كَلَّا) لا يعلم أن الله ـ عزوجل ـ يرى ذلك كله ، ثم خوفه فقال (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) يعنى أبا جهل عن محمد ، بالتكذيب والتولي (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) ـ ١٥ ـ يقول لنأخذن بالناصية أخذا شديدا ، ثم أخبر عنه أنه فاجر فقال : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) ـ ١٦ ـ يقول إنما يجره الملك على وجهه فى النار من خطيئته ، ثم قال : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) ـ ١٧ ـ يعنى بنى مخزوم ، يعنى ناصره («سَنَدْعُ) (١) (» الزَّبانِيَةَ) ـ ١٨ ـ فهم أشد غضبا عليه من بنى مخزوم على محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، لأنه قال لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لئن لم تنته ورأيتك هاهنا لأجرنك على وجهك ، فأراد بذلك «أن (٢)» يذل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فأنزل فيه «يذله (٣)» فقال : لئن لم ينته عنك ، وعن مقالته الشرك (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) ، قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : رأيت أبا جهل فى

__________________

(١) فى أ : «سندعوا».

(٢) «أن» : «من ف» ، وليست فى أ.

(٣) فى أ : «أن يذله» ، وفى ف : «يذله».

٧٦٣

«طمطام (١)» من نار يجر على وجهه فى نار جهنم على جبال من جمر فيطرح فى أوديتها ، فيقول : بأبى محمد وأمى لقد كان ناصحا لي ، وأراد بى خيرا ، ولكني كنت مسيئا إلى نفسي ، وأردت به شرا ، رب ردني إلى قومي ، فأؤمن به ، وآمر بنى مخزوم أن يؤمنوا به (٢).

قال : (كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ـ ١٩ ـ لأنهم كانوا يبدؤون بالسجود ، ثم بعد السجود بالركوع ، ثم بعد الركوع بالقيام ، فكانوا يقومون ، ويطلبون المسألة من آلهتهم فأمر الله ـ تعالى ـ أن يسجدوا ويقتربوا ، فكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يسجد ، ثم يركع ، ثم يقوم ، فيدعو الله ـ تعالى ـ ويحمده فخالف الله ـ تعالى ـ على المشركين بعد ذلك ، فأمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يبدأ بالقيام ، ثم بالركوع ، ثم بالسجود.

قال : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) يعنى ناصره (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) يعنى خزنة جهنم أرجلهم فى الأرضين السفلى ورءوسهم فى السماء (كَلَّا لا تُطِعْهُ) يقول للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا تطع أبا جهل فى أن تترك الصلاة ، «واسجد» يقول : وصل لله ـ عزوجل ـ «واقترب» إليه بالطاعة ، فلما سمع أبو جهل ذكر الزبانية قال قد جاء وعد الله وانصرف عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وقد كان هم به ، فلما رجع قالوا له : يا أبا الحكم خفته؟ قال : لا ، ولكني خفت الزبانية.

__________________

(١) فى أ : «طيطام» ، وفى ف : «طمطام».

(٢) الحديث النبوي الشريف ، من ف ، وبه نفس وتصحيف فى أ.

٧٦٤

سورة القدر

٧٦٥
٧٦٦

(٩٧) سورة القدر مكية

وآياتها حسن

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (٥))

٧٦٧
٧٦٨

[سورة القدر (١)]

سورة القدر مدنية عددها خمس آيات كوفى (٢)

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

بيان شرف ليلة القدر فى نص القرآن ، ونزول الملائكة المقربين من عند الرحمن ، واتصال سلامهم طوال الليل على أهل الإيمان ، فى قوله : (... حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) سورة القدر : ٥.

(٢) فى المصحف : (٩٧) سورة القدر مكية وآياتها (٥) نزلت بعد سورة عبس.

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٤٩

٧٦٩
٧٧٠

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) يعنى القرآن أنزله الله ـ عزوجل ـ من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، إلى السفرة وهم الكتبة من الملائكة ، وكان ينزل تلك الليلة من الوحى على قدر ما ينزل به جبريل ـ عليه‌السلام ـ على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى السنة كلها إلى مثلها من قابل حتى نزل القرآن كله (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ـ ١ ـ من شهر رمضان من السماء ، ثم قال : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ـ ٢ ـ تعظيما لها ، ثم أخبر عنها ، فقال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ـ ٣ ـ يقول العمل فيها خير من العمل فى ألف شهر فيما سواها ليس فيها ليلة القدر (١) (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها) فى تلك الليلة عند غروب الشمس (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) يعنى بأمر ربهم (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) ـ ٤ ـ ينزلون فيها بالرحمة ، وبكل أمر قدره الله وقضاه فى تلك السنة ، ينزلون فيها ما يكون فى تلك السنة إلى مثلها من قابل ، ثم أخبر عن تلك الليلة فقال : (سَلامٌ هِيَ) (٢) هي سلام وبركة كلها وخير (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ـ ٥ ـ.

حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثني أبى ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : أخبرنى مقاتل بن حيان عن الضحاك بن مزاحم ، عن أنس بن مالك ، عن مقاتل

__________________

(١) فى تفسير الآية (٣) نقص فى أ ، ف ، والمثبت مختار منهما معا.

(٢) فى أ ، ف : «هي سلام» ، وفى حاشية أ : «الاية (سَلامٌ هِيَ).

٧٧١

ابن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : الروح على صورة إنسان عظيم الخلقة ، وهو الذي قال الله ـ عزوجل ـ : «وهو الملك ، وهو يقوم مع الملائكة صفا (٢).

__________________

(١) سورة الإسراء : ٨٥.

(٢) يشير إلى الآية ٢٢ من سورة الفجر ، وهي : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا).

٧٧٢

سورة البيّنة

٧٧٣
٧٧٤

(٩٨) سورة البينة مدنية

وآياتها ثمان

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨))

٧٧٥
٧٧٦

[سورة البينة (١)]

سورة «لم يكن (٢) ...» مدنية عددها «ثماني (٣)» آيات كوفى (٤).

__________________

(١) معظم مقصود السورة بيان تمرد أهل الكتاب ، والخبر عن صحة أحكام القرآن ، وذكر وظيفة الخلق فى خدمة الرحمن والإشادة بخير البرية من الإنسان ، وجزاء كل واحد منهم بحسب الطاعة والعصيان ، وبيان أن موعود الخائفين من الله الرضا والرضوان فى قوله : (... ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) سورة البينة : ٨.

(٢) سورة البينة : ١.

(٣) فى أ ، ف : «ثمان».

(٤) فى المصحف : (٩٨) سورة البينة مدنية وآياتها (٨) نزلت بعد سورة الطلاق.

٧٧٧
٧٧٨

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعنى اليهود والنصارى (وَالْمُشْرِكِينَ) يعنى مشركي العرب (مُنْفَكِّينَ) يعنى منتهين عن الكفر والشرك ، وذلك أن أهل الكتاب «قالوا (١)» : «متى يبعث الذي نجده فى كتابنا (٢)» ، «وقالت (٣)» العرب : «لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين» (٤) فنزلت : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعنى اليهود والنصارى (وَالْمُشْرِكِينَ) يعنى مشركي العرب (مُنْفَكِّينَ) يعنى منتهين عن الكفر والشرك ، (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ـ ١ ـ محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فبين لهم ضلالتهم وشركهم ، ثم أخبر الله ـ عزوجل ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً) [٢٤٦ ب] (مُطَهَّرَةً) ـ ٢ ـ يعنى يقرأ صحفا مطهرة ، يعنى كتابا لأنها جماعة فيها «خصال (٥)» كثيرة ، من كل نحو ، مطهرة

__________________

(١) فى أ ، ف : «أنه قال أهل الكتاب».

(٢) من ف ، وفى أ : «متى يبعث الله نجده فى كتابنا».

أقول : «والمراد متى يبعث الله النبي الذي نجده فى كتابنا؟».

(٣) فى أ ، ف : «ونقول».

(٤) سورة الصافات : ١٦٨ ـ ١٦٩.

(٥) فى ف : «خيال» ، وفى ل : «خصال» ، وهي ساقطة من أ.

٧٧٩

من الكفر والشرك يقول يقرأ كتابا ليس فيه كفر ولا شرك ، وكل شيء فيه كتاب «فإنه يسمى (١)» صحفا (٢).

ثم قال : (فِيها) (٣) يعنى فى صحف محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) ـ ٣ ـ يعنى كتابا مستقيما على الحق ليس فيه عوج ولا اختلاف ، وإنما سميت «كتب (٤)» لأن فيها أمورا شتى كثيرة مما ذكر الله ـ عزوجل ـ فى القرآن ، ثم قال : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) يعنى اليهود والنصارى فى أمر محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) ـ ٤ ـ يعنى البيان يقول الله ـ تعالى ـ لم يزل الذين كفروا مجتمعين على تصديق محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حتى بعث لأن نعته معهم فى كتبهم فلما بعث الله ـ عزوجل ـ من غير ولد إسحاق اختلفوا فيه فآمن بعضهم : عبد الله بن سلام وأصحابه من أهل التوراة ، ومن أهل الإنجيل أربعون رجلا منهم بحيرى ، وكذب به سائر أهل الكتاب ، يقول الله ـ عزوجل ـ : (وَما أُمِرُوا) يقول ما أمرهم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) يعنى به التوحيد (حُنَفاءَ) يعنى مسلمين غير مشركين (وَ) أمرهم أن (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) الخمس المكتوبة (وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ) المفروضة (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) ـ ٥ ـ يعنى الملة المستقيمة ، ثم ذكر الله ـ عزوجل ـ المشركين يوم القيامة ، فقال :

__________________

(١) فى ل : «فإنها تسمى» ، وفى ف : «أنه يسمى».

(٢) تفسير الآية (٢) من ف ، ل ، وقد سقط أكثره من أ.

(٣) الآية (٣) ساقطة من أ.

(٤) فى أ : «كتب» ، وفى ف : «كتابا» ، وفى ل : «كتب».

٧٨٠