تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) ـ ١ ـ يعنى مكة (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) ـ ٢ ـ يعنى لم أحلها لأحد من قبلك «ولا من بعدك (١)» وإنما أحللتها لك ساعة من النهار ، وذلك أن الله ـ عزوجل ـ لم يفتح مكة على أحد غيره ، ولم يحل بها القتل لأحد ، غير ما قتل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مقيس بن ضبابة الكناني وغيره ، حين فتح مكة ، قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) ـ ٣ ـ يعنى آدم وذريته ـ عليه‌السلام ـ إلى أن تقوم الساعة ، فأقسم الله ـ عزوجل ـ بمكة وبآدم وذريته [٢٤٠ ب] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) ـ ٤ ـ منتصبا قائما ، وذلك أن الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق كل شيء على أربع قوائم ـ غير ابن آدم يمشى على رجلين ـ نزلت هذه الآية فى الحارث بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف القرشي ، وذلك أنه أصاب ذنبا وهو بالمدينة ، فأتى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : ما كفارته؟ فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : اذهب فأعتق رقبة ، أو أطعم ستين مسكينا. قال : ليس غير هذا؟ قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هو الذي أخبرتك. فرجع من عند رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو مهموم مغموم حتى «أتى (٢)» أصحابه فقال : والله ، ما أعلم إلا أنى لئن دخلت فى دين

__________________

(١) فى أ : «ولا بعدك».

(٢) «أتى» : من ف ، وليست فى أ.

٧٠١

محمد إن مالي «لفي (١)» نقصان من الكفارات والنفقة فى سبيل «الله (٢)» ، ما يظن محمد إلا أنا وجدنا هذا المال فى الطريق لقد أنفقت مالا لبدا يعنى مالا كثيرا فأنزل الله ـ عزوجل ـ (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) ـ ٥ ـ يعنى بالأحد : الله ـ عزوجل ، يعنى نفسه ، أيحسب هذا الإنسان أن لن يقدر الله ـ عزوجل ـ على أن يذهب بماله ، «وإن أحرزه (٣)» (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٤) ـ ٦ ـ ثم قال الله ـ تعالى ـ وهو يعده الخير : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) ـ ٧ ـ أو يحسب هذا الإنسان أن الله ـ تعالى ـ ليس يرى ما ينفق وليس «يحصيه (٥)»؟ وهو يخلفه «عليه (٦)» ثم ذكر النعم فقال : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) ـ ٨ ـ (وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) ـ ٩ ـ (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) ـ ١٠ ـ يقول بينا له سبيل الخير والشر ، ثم حرفه على الكفارة فقال : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ـ ١١ ـ وهو مثل ضربه الله ـ عزوجل ـ له يقول إن الذنوب بين يديك مثل الجبل ، فإذا أعتقت رقبة اقتحم ذلك الذنوب حتى تذوب وتذهب ، كمثل رجل بين يديه عقبة فيقحتم فيستوى بين يديه (٧) ، وكذلك من أصاب ذنبا واستغفر ربه وكفره بصدقة تتقحم ذنوبه حتى تحطمها «تحطيما (٨)» مثل الجبل إذا خر فيستوى مع الأرض ،

__________________

(١) فى أ : فى.

(٢) فى أ : «الله ـ عزوجل ـ».

(٣) فى أ : «أحرزه».

(٤) (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) ساقطة مع تفسيرها من أ ، ف ، وقد ذكرت فى بداية السورة ضمن تفسير الآية الرابعة.

(٥) فى أ ، ف : «يحصيها».

(٦) فى أ : «عليها».

(٧) كذا فى أ ، ف ، والمعنى فيستوى الطريق بين يديه.

(٨) فى أ ، ف : «حطما» ، والأنسب : «تحطيما».

٧٠٢

فذلك قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ، قال : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) ـ ١٢ ـ تعظيما لها ، قال : (فَكُّ رَقَبَةٍ) ـ ١٣ ـ (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ـ ١٤ ـ يعنى مجاعة (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) ـ ١٥ ـ يعنى ذا قرابة (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) ـ ١٦ ـ يعنى فقيرا قد «التصق (١)» ظهره بالتراب من العرى ، وشدة الحاجة ، فيستحى أن يخرج فيسأل الناس ، وذلك كله لقول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أعتق رقبة ، أو أطعم ستين مسكينا (٢) ، يقول الله ـ عزوجل ـ أعجز أن يفعل من هذين الأمرين واحدا ، وكان يظن أن الله ـ تعالى ـ لم يكن يراه إذا أنفق فيخلف عليه تلك النفقة ، فذلك قوله : يعنى الله ـ عزوجل ـ (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله ـ تعالى ـ وملائكته [٢٤١ أ] وكتبه ورسله وجنته وناره (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) يعنى على فرائض الله ـ تعالى ـ ما افترض عليهم فى القرآن ، فإنهم «إن (٤)» لم يؤمنوا بالله ، ولم يعملوا الصالحات ، ولم يصبروا على الفرائض ، لم أقبل منهم كفاراتهم وصدقاتهم (٥) ، ثم ذكر لرحم فقال : (وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) ـ ١٧ ـ يعنى «بالمرحمة (٦)» يعنى بالرحم فلا يقطعونها ، ثم قال : (أُولئِكَ)

__________________

(١) فى أ ، ف : «التزق».

(٢) كذا فى أ ، ف. وقد نزل ذلك كله فى قول الحارث بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف القرشي ، إن دخلت فى دين محمد أن مالي لفي نقصان مستكثرا أن يعتق رقبة أو يطعم سنين مسكينا.

(٣) سورة البلد : ٧

(٤) «إن» : زيادة اقتضاها السياق.

(٥) التفسير من ف ، وهو ناقص فى أ.

(٦) فى أ ، ف : «بالرحمة».

٧٠٣

يعنى الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالصبر ، وتواصوا بالمرحمة هم (أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ـ ١٨ ـ الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم يوم القيامة ، قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا) يعنى بالقرآن (هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ) ـ ١٩ ـ يعنى الذين يعطون كتبهم بشمائلهم «والمشأمة» بلغة «بنى غطيف (١)» حي من مراد ـ وكل ذلك يخوف الحارث بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) ـ ٢٠ ـ يعنى مطبقة وهي جهنم.

__________________

(١) فى أ : «غطيف» ، ف : «بنى غطيف».

٧٠٤

سورة الشّمس

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٤٥

٧٠٥
٧٠٦

(٩١) سورة الشمس مكية

وآياتها خمس عشرة

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))

٧٠٧
٧٠٨

[سورة الشمس (١)]

سورة الشمس مكية عددها «خمس (٢)» عشرة آية كوفى (٣)

__________________

(١) مقصود السورة :

أنواع القسم المترادفة ، على إلهام الخلق فى الطاعة والمعصية ، والفلاح والخيبة ، والخبر عن إهلاك ثمود ، وتخويف لأهل مكة فى قوله : (وَلا يَخافُ عُقْباها) سورة الشمس : ١٥

(٢) فى أ : «خمسة» ، والصواب ما أثبت.

(٣) فى المصحف : (٩١) سورة الشمس مكية وآياتها (١٥) نزلت بعد سورة القدر.

٧٠٩
٧١٠

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) ـ ١ ـ يعنى وحرها (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) ـ ٢ ـ يعنى إذا تبعها يسير من خلفها ، وله خفيف فى السماء (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) ـ ٣ ـ يعنى جلاها الرب ـ تبارك وتعالى ـ من ظلمة الليل (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) ـ ٤ ـ يعنى تغشى ظلمته ضوء النهار (١) (وَالسَّماءِ وَما بَناها) ـ ٥ ـ يعنى وبالذي بناها ، ثم قال : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) ـ ٦ ـ يعنى أقسم بالأرض ، وبالذي بسطها يعنى الرب ـ تعالى ـ نفسه ، ثم قال : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) ـ ٧ ـ يعنى آدم ، (وَما سَوَّاها) يعنى وبالذي خلقها ، يعنى نفسه فسوى اليدين والرجلين والعينين والأذنين (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) ـ ٨ ـ يعنى وعلمها الضلالة والهدى ، ثم عظم الرب نفسه فقال : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) ـ ٩ ـ يعنى قد أسعدها الله يعنى أصلحها الله ـ تعالى ـ ، فإنه من أصلحه الله فقد أفلح (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) ـ ١٠ ـ يعنى وقد هلك من أشقاه الله ـ عزوجل ـ ، ثم ذكر ثمود فقال : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) ـ ١١ ـ يعنى الطغيان والشقاء حملها على التكذيب لأنه طغى عليهم الشقاء مرتين ، مرة بما كذبوا الله ـ عزوجل ـ وعموا عن الإيمان به ، والأخرى حين عقروا الناقة فذلك قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها

__________________

(١) من أ ، وفى ف زيادة : «وهذا قسم».

٧١١

إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) ـ ١٢ ـ ، وأما قوله : (فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) ـ ١٣ ـ يعنى بالرسول صالح ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، وهو بين لهم أمر الناقة وشربها وما يفعل الله ـ عزوجل ـ بهم إن كذبوا وعقروا الناقة ، فذلك قوله : («فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها» فَكَذَّبُوهُ) بما جاء به (فَعَقَرُوها) يعنى قتلوا الناقة فحل [٢٤١ ب] بهم العذاب ، قال : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ) ، ثم قال : (بِذَنْبِهِمْ) يقول إنما كان بذنبهم ، بذلك أنهم لما عقروا الناقة «ابتعد (١)» الفصيل حتى صعد على جبل فصاح ثلاث مرات : يا صالح ، قتلت أيم «وفزع (٢)» أهل المدينة كلهم إلى صالح ، فقالوا : ما حيلتنا؟ قال : حيلتكم أن تأخذوا الفصيل فعسى الله أن يكف عنكم العذاب فى شأن الفصيل ، فلما صعدوا الجبل ليأخذوه فر من بين أيديهم وتوارى فلم ير ، وغاب ، قالوا : يا صالح ، ما يفعل الله بنا؟ قال : «كم من (٣) صيحة» صاح الفصيل؟ قالوا : ثلاث مرات ، قال : تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام ذلك «الوعد (٤)» الذي صاح الفصيل «... غير مكذوب» (٥) يقول إنه لا يكذب فيه ، قالوا : وما علامة ذلك يا صالح؟ قال : إنكم «تصفرّ (٦)» وجوهكم

__________________

(١) فى أ : «اشتد» ، وفى ف : كلمة مطموسة قريبة من : «ابتعد».

(٢) فى أ : «وفزعوا».

(٣) كذا فى أ ، ف ، والأنسب : «كم صيحة».

(٤) فى أ : «وعد» ، وفى ف : «الوعد».

(٥) ورد ذلك فى سورة هود آية ٦٥ ، والقصة كلها وردت فى الآيات ٦١ ـ ٦٨ من سورة هود.

(٦) فى أ ، ف : «تصفار».

٧١٢

يوم الثاني وتسود وجوهكم يوم الثالث ، «قال (١) : ثم» يأتيكم العذاب يوم الرابع ، فلما أن كان «اليوم الأول (٢)» «اصفرت (٣)» وجوه القوم «فلم (٤)» يصدقوا وقالوا : إنما هذه الصفرة من الخوف والفرق ، فلما كان اليوم الثاني «احمرت (٥)» وجوههم واستيقنوا بالعذاب ، ثم إنهم عمدوا فحفروا لأنفسهم قبورا «وتحنطوا (٦)» بالمر والصبر وتكفتوا بالأنطاع ، فلما أن كان اليوم الثالث اسودت وجوههم حتى لم يعرف بعضهم بعضا من شدة السواد ، والتغير ، فلما أن كان اليوم الرابع أصبحوا «فدخلوا (٧)» حفرهم ، فلما أشرقت الشمس ، وارتفع النهار لم يأتهم العذاب ، «فظنوا (٨)» أن الله يرحمهم ، وخرجوا من قبورهم ، ودعوا بعضهم بعضا ، إذ نزل جبريل ـ عليه‌السلام ـ فسد ضوء الشمس حتى دخلوا فى قبورهم ، فصاح بهم جبريل عليه‌السلام ـ فلما عاينوا جبريل ـ عليه‌السلام ـ ونظروا إلى «ضوء الشمس (٩)» شدوا حتى دخلوا فى قبورهم فناموا فصاح بهم جبريل صيحة «أن (١٠)» قوموا عليكم لعنة الله ، فسالت أرواحهم من أجسادهم وزلزلت بيوتهم

__________________

(١) فى أ : «ثم قال».

(٢) فى أ ، ف : «واصفارت».

(٣) فى أ : «يوم الأول» ، وفى ف : «اليوم الأول».

(٤) فى أ : «ولم».

(٥) فى أ ، ف : «احمارت».

(٦) فى أ : «وتكفنوا» ، وفى حاشية أ : «لعله وتحنطوا».

(٧) فى أ : «دخلوا».

(٨) فى أ : «فظنوا» ، وفى ف : «ظنوا».

(٩) فى أ : «ضوءها» ، وفى ف : «ضوء الشمس».

(١٠) «أن» : زيادة اقتضاها السياق.

٧١٣

حتى وقعت على قبورهم إلى يوم القيامة ، فأصبحوا كأن لم يكن بمدينتهم شيء ، فذلك قوله : «كأن لم يغنوا فيها ...» (١) ، وذلك قوله : («فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ» فَسَوَّاها) ـ ١٤ ـ يعنى فسوى بيوتهم على قبورهم ، قوله : (وَلا يَخافُ عُقْباها) ـ ١٥ ـ.

قال فى التقديم : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها) ، (وَلا يَخافُ عُقْباها) عاقر الناقة من الله ـ عزوجل ـ.

وإنما كان أصحاب الشراب تسعة نفر منهم قدار بن قديرة (٢) وهو عاقر الناقة وسالف ، وجدع ، وقيل ، وحريل ، وهذيل وجمال بن مالك ، «وحبابة (٣)» ابن «أذاذ (٤)» ، «وجميل بن جواد (٥)».

فذلك قوله ـ تعالى ـ : «وكان في المدينة تسعة وهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون» (٦).

قال أبو صالح [٢٤٢ أ] بعض هؤلاء «المسمين (٧)» يوافق تسمية عاقري الناقة فى سورة النمل (٨) وهذا قول قوم وأولئك قول قوم آخرين والله أعلم.

__________________

(١) سورة هود : ٦٨ وتمامها (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ).

(٢) فى أ : «قذار بن قذيرة» بإعجام الذال ، وفى ف. «قدار بن قديرة» ، بإهمال الدال ، وهو أصح.

(٣) فى أ : «وضبابة» ، وفى ف : «وصبابة».

(٤) فى أ : «رذاذ» ، وفى ف : «أذاذ».

(٥) فى أ : «وجهبل بن قرارة» ، وفى ف : «وجميل بن جواد».

(٦) سورة النمل : ٤٨.

(٧) فى أ : «المسمين» ، وفى ف : «المسلمين».

(٨) يشير إلى ما ورد فى الآية ٤٨ من سورة النمل أن عددهم تسعة ، فقوم يذهبون إلى أن هذه أسماءهم ، وقوم يذهبون إلى أن بعض هذه الأسماء يوافق أسماءهم ، والله أعلم.

٧١٤

سورة اللّيل

٧١٥
٧١٦

(٩٢) سورة الليل مكية

وآياتها إحدي وعشرون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١))

٧١٧
٧١٨

[سورة الليل (١)]

سورة الليل مكية عددها «إحدى (٢)» وعشرون آية (٣).

__________________

(١) مقصود السورة :

القسم على تفاوت حال الخلق فى الإساءة والإحسان ، وهدايتهم إلى شأن القرآن ، وترهيب بعض بالنار ، وترغيب بعض بالجنان ، والأمر بالمبادرة إلى الصدقة تكفيرا للذنوب ، وطلبا لمرضاة الرحمن ، فى قوله : (وَلَسَوْفَ يَرْضى) سورة الليل : ٢١.

(٢) فى أ : «أحد».

(٣) فى المصحف : (٩٢) سورة الليل مكية وآياتها (٢١) نزلت بعد سورة الأعلى.

٧١٩
٧٢٠