تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

سورة نوح

٤٤١
٤٤٢

(٧١) سورة نوح مكية

وآياتها ثمان وخمسون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ

٤٤٣

وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ

٤٤٤

مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨))

٤٤٥
٤٤٦

[سورة نوح (١)]

سورة نوح مكية عددها «ثمان وعشرون» آية كوفى (٢).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

أمر نوح بالدعوة ، وشكاية نوح من قومه ، وبيان أن الاستغفار يزيد النعمة ، وتحويل حال وإظهار العجائب على سقف السماء ، وظهور دلائل القدرة على بساط الأرض ، وغرق قوم نوح ، ودعاؤه عليهم بالهلاك ، والمؤمنين بالرحمة ، وللظالمين بالنار والخسارة فى قوله : (... وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) سورة نوح : ٢٨.

(٢) فى المصحف : (٧١) سورة نوح مكية وآياتها (٢٨) نزلت بعد سورة النحل.

٤٤٧
٤٤٨

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ونوح بالسريانية الساكن الذي سكنت إليه الأرض ، وهو نوح بن لمك ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) العذاب (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ـ ١ ـ يعنى وجيعا فى الدنيا وهو الغرق ف (قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ) من العذاب (مُبِينٌ) ـ ٢ ـ يعنى بين (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) يقول أن وحدوا الله (وَاتَّقُوهُ) أن تشركوا به شيئا (وَأَطِيعُونِ) ـ ٣ ـ فيما آمركم به من النصيحة بأنه ليس له شريك ، فإذا فعلتم (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) «والمن (١)» هاهنا صلة يقول يغفر لكم ذنوبكم (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) يعنى إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم بالسنين ولا بغيره (إِنَّ أَجَلَ اللهِ) فى العذاب فى الدنيا وهو الغرق (إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ـ ٤ ـ ولكنكم لا تعلمون (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) ـ ٥ ـ ليسمعوا دعائي (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) ـ ٦ ـ يعنى تباعدا من الإيمان (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ) إلى الإيمان يعنى إلى الاستغفار (لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ) لئلا يسمعوا دعائي (وَأَصَرُّوا) وأقاموا على الكذب (وَاسْتَكْبَرُوا) يعنى وتكبروا عن الإيمان (اسْتِكْباراً) ـ ٧ ـ يعنى وتكبرا (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) ـ ٨ ـ

__________________

(١) تعود أن يدخل «ال» على حرف الجر ، مع أنها من خصائص الأسماء.

تفسير مقاتل بن سليمان ج ٤ ـ م ٢٩.

٤٤٩

يعنى مجاهرة وعلانية (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ) «يعنى صحت إليهم علانية (١)» (وَأَسْرَرْتُ «لَهُمْ») (٢) فى بيوتهم (إِسْراراً) ـ ٩ ـ (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) من الشرك (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) ـ ١٠ ـ للذنوب (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) ـ ١١ ـ يعنى المطر عليكم يجيء به متتابعا (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) وذلك أن قوم نوح كذبوا نوحا زمانا طويلا ، ثم حبس الله عليهم المطر وعقم (٣) أرحام نسائهم أربعين سنة ، فهلكت جناتهم ومواشيهم ، فصاحوا إلى نوح فقال لهم : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) من الشرك (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) للذنوب ، كان ولم يزل غفارا للذنوب (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ) يعنى المطر يجيء به «مدرارا» يعنى متتابعا («وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ» وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) يعنى البساتين (وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) ـ ١٢ ـ فدعاهم نوح إلى توحيد الله ـ تعالى ـ قال : إنكم إذا وحدتم تصيبون الدنيا والآخرة جميعا ، ثم قال : (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) ـ ١٣ ـ يقول ما لكم لا تخشون لله عظمة ، وقال ما لكم لا تخافون يعنى تفرقون لله عظمة فى التوحيد ، فتوحدونه فإن لم توحدوه لم تعظموه [١٢٠ ب] ، ثم قال : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) ـ ١٤ ـ يعنى من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ثم لحما ، ثم عظما ، وهي الأطوار ، ثم وعظهم ليعتبروا فى صنعه ، فقال : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ـ ١٥ ـ بعضها فوق بعض ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام ، وعظمها مسيرة خمسمائة عام (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) يعنى معهن نورا يعنى خلق الشمس والقمر مع خلق

__________________

(١) كذا فى أ ، ف : «يعنى دعوتهم علنا».

(٢) فى أ : «إليهم» وفي حاشية أ : الآية «لهم».

(٣) من العقم وهو عدم الولادة ، قال تعالى : (... وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) سورة الذاريات : ٢٩.

٤٥٠

السموات والأرض فجعلهن نورا لأهل الأرض فجعل القمر نوره بالليل (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) ـ ١٦ ـ مضيئة بالنهار لأهل الأرض فينتشرون فيه (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) ـ ١٧ ـ أول خلقكم من تراب الأرض ، نباتا ـ يعنى خلقا (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) إذا متم (وَيُخْرِجُكُمْ) منها عند النفخة الآخرة (إِخْراجاً) ـ ١٨ ـ أحياء وإليه ترجعون (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) ـ ١٩ ـ مسيرة خمسائة سنة من تحت الكعبة (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) ـ ٢٠ ـ يعنى طرقا فجاجا بين الجبال والرمال (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) ـ ٢١ ـ يقول إن قومي وفقراءهم اتبعوا كبراءهم وأشرافهم لكثرة أموالهم وأولادهم فلم يزدهم كثرة المال والولد إلا خسارا (وَمَكَرُوا) مكر الكبراء والقادة (مَكْراً كُبَّاراً) ـ ٢٢ ـ يقول قالوا قولا عظيما (وَقالُوا) (١) وقولهم العظيم أنهم قالوا للضعفاء : (لا تَذَرُنَ) عبادة (آلِهَتَكُمْ «وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً) (٢) (» وَلا) تذرن عبادة (يَغُوثَ وَ) لا تذرن عبادة (يَعُوقَ وَ) لا تذرن عبادة (نَسْراً) ـ ٢٣ ـ فهذه أسماء الآلهة (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) من الناس (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) ـ ٢٤ ـ يعنى إلا خسارا (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) يعنى فبخطيئاتهم وكفرهم «أغرقوا» فى الماء (فَأُدْخِلُوا) فى الآخرة («ناراً) (٣) (» فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) ـ ٢٥ ـ يعنى فلم يجدوا لهم مانعا يمنعهم من الغرق

__________________

(١) «قالوا» : ساقطة من أ.

(٢) فى أ : (وَلا تَذَرُنَّ) عبادة (وَدًّا وَلا سُواعاً). وقد منع منه أن «ودا» يكون مضافا إليه والمضاف إليه يكون مخفوضا لا منصوبا.

(٣) فى أ : «النار» ، وفى حاشية أ : الآية : «نارا».

٤٥١

ودخول النار فى الآخرة (وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) ـ ٢٦ ـ يعنى أحدا ، وذلك أن الله ـ تبارك وتعالى ـ (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ) ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «أنه ان يؤمن من قومك إلا من قد آمن» (١) وذلك أن الله ـ تعالى ـ كان أخرج كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم ، فلما أخبر بذلك دعا عليهم قال : («رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ) على الحال التي أخبرت عنهم ، أنه لن يؤمن منهم إلا من قد آمن ، (يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) ـ ٢٧ ـ وكان الرجل منهم ينطلق بولده إلى نوح ـ عليه‌السلام ـ فيقول لولده احذر هذا فإنه كذاب «وإن (٢)» [٢١١ أ] والدي قد حذرنيه فيموت الكبير على الكفر ، وينشأ الصغير على وصية أبيه ، فذلك قوله : (يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) «فعم (٣)» الدعاء بعد دعائه على الكفار فقال : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) وكانا مسلمين وكان اسم أبيه لمك بن متوشلخ ، واسم أمه هيجل بنت لا موش بن متشلوخ (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) ـ ٢٨ ـ يعنى العذاب مثل قوله : يعنى دمرنا تدميرا فأفرقهم الله ـ تعالى ـ وحمل معه فى السفينة ثمانين نفسا أربعين رجلا وأربعين امرأة ، وفيهم ثلاثة أولاد لنوح منهم سام وحام ويافث ، فولد سام العرب ، وأهل السواد ، وأهل فارس ، وأهل الأهواز ، وأهل الحيرة ، وأهل

__________________

(١) ورد ذلك فى الآية ٣٦ من سورة هود وتمامها : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ).

(٢) فى أ : «فإن».

(٣) «نعم» : كذا فى أ ، ف ، والأنسب «ثم هم».

(٤) سورة الفرقان الآية ٣٩ وتمامها (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً).

٤٥٢

الموصل ، وأهل العال ، وولد حام السودان كلها ، والقبط ، والأندلس ، وبربر ، والسند ، والهند ، وولد يافث الترك ، والروم ، ويأجوج ، ومأجوج ، والصين ، وأهل خراسان إلى حلوان.

وأما أسماء الآلهة فأما ود فلكلب بدومة الجندل ، وأما سواع فلهذيل بساحل البحر ، وأما يغوث فلبني غطيف وهم حي من مراد ، وأما يعوق فلهمذان ، وأما نسر فلحمير لذي كلاع من حمير. فكانت هذه الآلهة يعبدها قوم نوح حتى حتى عبدتها العرب بعد ذلك ، وأما اللات فلثقيف وأما العزى فلسليم وغطفان وغشم ونصر بن معاوية وسعد بن بكر ، وأما مناة فكانت لقديد منزل بين مكة والمدينة ، وأما يساف ونائلة وهبل «فلأهل (١)» مكة ، فكان يساف حيال الحجر الأسود ، ونائلة حيال الركن اليماني ، وهيل فى جوف الكعبة وكان طوله ثمانية عشر ذراعا.

__________________

(١) فى أ : «لأهل» ، والأنسب ما أثبت.

٤٥٣
٤٥٤

سوره الجنّ

٤٥٥
٤٥٦

(٧٢) سورة الجن مكية

وآياتها تمان وعشرون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى

٤٥٧

آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩) قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨))

٤٥٨

[سورة الجن (١)]

سورة الجن مكية عددها «ثمان (٢)» وعشرون آية كوفى (٣).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

عجائب علوم القرآن ، وعظمة سلطان الملك الديان وتعدى الجن على الإنسان : ومنعهم من الوصول إلى السماء ، والرشد والصلاح لأهل الإيمان ، وتهديد الكفار بالجحيم والنيران ، وعلم الله ـ تعالى ـ بالإسرار والإعلان وكيفية تبليغ الوحى من الملائكة إلى الأنبياء ، وعلم الله بكل شيء فى قوله ـ سبحانه ـ : (... وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) سورة الجن : ٢٨.

(٢) فى أ : «ثمانية» ، الصواب : «ثمان».

(٣) فى المصحف : (٧٢) سورة الجن مكية وآياتها ٢٨ نزلت بعد سورة الأعراف.

٤٥٩
٤٦٠