تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

أوجب الله ـ عزوجل ـ لهم بها ما ذكر من النار فقال : (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) فى الدنيا (مُتْرَفِينَ) ـ ٤٥ ـ يعنى منعمين فى ترك أمر الله ـ تعالى ـ (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) ـ ٤٦ ـ يعنى يقيمون على الذنب الكبير وهو الشرك ، نظيرها فى آل عمران («... وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) (١) ...» يعنى ولم يقيموا ، وقال فى سورة نوح : («... وَأَصَرُّوا) (٢) ...» يعنى وأقاموا ، وفى سورة الجاثية («... ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً) (٣) ...» يعنى ثم يقيم متكبرا ، يقيمون على الذنب العظيم وهو الشرك (٤) ، (وَكانُوا) مع شركهم (يَقُولُونَ) فى الدنيا (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ـ ٤٧ ـ (أَوَ) ببعث (آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) ـ ٤٨ ـ تعجبا ، يقول الله ـ تعالى ـ : (قُلْ) لهم يا محمد (إِنَّ الْأَوَّلِينَ) يعنى الأمم الخالية (وَالْآخِرِينَ) ـ ٤٩ ـ يعنى أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ) يعنى إلى وقت (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ـ ٥٠ ـ فى الآخرة ، ثم ذكر طعامهم وشرابهم فى الآخرة ، فقال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ) يا أهل مكة (أَيُّهَا الضَّالُّونَ) عن الهدى يعنى المشركين ، ثم قال : (الْمُكَذِّبُونَ) ـ ٥١ ـ بالبعث [١٨٣ أ] لقولهم أو يبعث آبائنا الأولين؟ (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) ـ ٥٢ ـ (فَمالِؤُنَ مِنْهَا) يعنى من طلعها وثمرها (الْبُطُونَ) ـ ٥٣ ـ (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) يعنى على الأكل (مِنَ الْحَمِيمِ) ـ ٥٤ ـ يعنى الشراب الحار الذي قد انتهى حره

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٣٥.

(٢) سورة نوح : ٧ وتمامها : (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً).

(٣) سورة الجاثية : ٨.

(٤) كذا فى أ ، ف ، وهو تفسير الآية (٤٦) (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ).

٢٢١

(فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) ـ ٥٥ ـ يعنى بالهيم الإبل يأخذها داء يقال له الهيم ، فلا تروى من الشراب ، وذلك أنه يلقى على أهل النار العطش كل يوم مرتين حتى يشربوا الشراب الهيم (هذا) الذي ذكر من الزقوم والشراب (نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) ـ ٥٦ ـ يعنى يوم الحساب (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ) ولم تكونوا شيئا وأنتم تعلمون (فَلَوْ لا) يعنى فهلا (تُصَدِّقُونَ) ـ ٥٧ ـ بالبعث ، ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا فقال : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) ـ ٥٨ ـ يعنى النطفة الماء الدافق (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) بشرا (أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) ـ ٥٩ ـ له ، بل نحن نخلقه (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) فمنكم من يموت صغيرا ، ومنكم من يموت كبيرا ، أو يموت شابا ، أو شيخا ، أو يبلغ أرذل العمر ، ثم خوفهم فقال : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) ـ ٦٠ ـ يعنى بمعجزين إن أردنا ذلك (عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) على أن نخلق مثلكم أو أمثل منكم (وَنُنْشِئَكُمْ) يعنى ونخلقكم سوى خلقكم (فِي ما لا تَعْلَمُونَ) ـ ٦١ ـ من الصورة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) يعنى الخلق الأول حين خلقتم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ولم تكونوا شيئا (فَلَوْ لا) يعنى فهلا (تَذَكَّرُونَ) ـ ٦٢ ـ فى البعث أنه قادر على أن يبعثكم ، كما خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئا (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) ـ ٦٣ ـ (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) ـ ٦٤ ـ يعنى نحن الحافظون يقول أنتم تنهتونه أم نحن المنبتون له و (لَوْ نَشاءُ) إذا أدرك وبلغ (لَجَعَلْناهُ حُطاماً) يعنى هالكا (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) ـ ٦٥ ـ يعنى تعجبون وقلتم (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) ـ ٦٦ ـ «يعنى» (١) إنا لمولع بنا الغرم ، ولقلتم «بل حرمنا (٢)» خيرها

__________________

(١) فى أ : «يقول» ، وفى ف : «يعنى».

(٢) فى أ : «أحرمنا» ، وفى ف : «بل حرمنا».

٢٢٢

(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) ـ ٦٧ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) ـ ٦٨ ـ (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) يعنى من السحاب (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) ـ ٦٩ ـ (لَوْ نَشاءُ) بعد العذوبة (جَعَلْناهُ أُجاجاً) يعنى مالحا مرا من شدة الملوحة (فَلَوْ لا) يعنى فهلا (تَشْكُرُونَ) ـ ٧٠ ـ رب هذه النعم فتوحدونه حين سقاكم ماء عذبا (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) ـ ٧١ ـ يعنى توقدون من الشجر والحجارة والقصب «إلا العناب (١)» (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ) يعنى خلقتم (شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) ـ ٧٢ ـ يعنى الخالقون (نَحْنُ جَعَلْناها) هذه النار التي فى الدنيا (تَذْكِرَةً) لنار جهنم الكبرى (وَ) هي (مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) ـ ٧٣ ـ يعنى متاعا للمسافرين لمن كان بأرض فلاة وللأعراب (فَسَبِّحْ) يقول اذكر التوحيد (بِاسْمِ رَبِّكَ) يا محمد (الْعَظِيمِ) ـ ٧٤ ـ يعنى الكبير فلا أكبر منه (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) ـ ٧٥ ـ يعنى بمساقط «النجوم من القرآن» (٢) كله أوله وآخره فى ليلة القدر نزل من اللوح المحفوظ من السماء السابعة [١٨٢ ب] إلى السماء الدنيا إلى السفرة ، وهم الكتبة من الملائكة نظيرها فى «عبس وتولى» (٣) : «بأيدي سفرة ، كرام بررة» ثم عظم (٥) القسم فقال : («وَإِنَّهُ (٦)» لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) ـ ٧٦ ـ

__________________

(١) فى أ : «إلا العناب» ، وفى ف : «لا العناب».

(٢) فى أ : «نجوم القرآن» ، ف : «النجوم من القرآن».

(٣) سورة عبس : ١.

(٤) سورة عبس : ١٥ ـ ١٦.

(٥) من ف ، وفى أتكرار وخطأ.

(٦) فى ف : «إنه».

٢٢٣

(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ـ ٧٧ ـ أقسم بأنه قرآن كريم ، ثم قال فى «حم السجدة» : (... وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) (١) كرمه الله وأعزه ، فقال هذا القرآن : (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) ـ ٧٨ ـ يعنى مستور من خلقه ، عند الله فى اللوح المحفوظ عن يمين العرش (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ـ ٧٩ ـ لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب ، وهم الملائكة السفرة فى سماء الدنيا ، ينظر إليه الرب ـ جل وعز ـ كل يوم ، ثم قال : هذا القرآن (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ـ ٨٠ ـ (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) يعنى القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) ـ ٨١ ـ يعنى تكفرون ، مثل قوله : «ودوا لو تهدن فيدهنون) (٢) (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ـ ٨٢ ـ وذلك أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ غزا أحياء من العرب فى حر شديد ، ففنى ما كان عند الناس من الماء ، فظمئوا ظمأ شديدا ، ونزلوا على غير ماء ، فقالوا : يا رسول الله ، استسق لنا. قال : فلعل إذا استسقيت فسقيتم «تقولون (٣)» هذا نوء كذا وكذا قالوا : يا رسول الله ، قد ذهب «خبر (٤)» الأنواء ، فتوضأ النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وصلى ثم دعا ربه فهاجت الريح وثارت سحابة فلم يلبثوا حتى غشيهم السحاب ركاما فمطروا مطرا جوادا حتى سالت الأودية فشربوا وسقوا وغسلوا ركابهم وملئوا (٥) أسقيتهم ، فخرج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فمر على رجل وهو يغرف بقدح من الوادي وهو يقول : هذا نوء كذا

__________________

(١) سورة فصلت : ٤١ تمامها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ).

(٢) سورة القلم : ٩.

(٣) فى أ : «تقولوا» وفى ف : «يقول» ، وفى ل : «تقولون».

(٤) فى أ : «خبر» ، وفى ف : «جبن».

(٥) فى أ : «وملوما».

٢٢٤

وكذا. فكان المطر رزقا من الله فجعلوه للأنواء ولم يشكروا نعمة الله ـ تعالى ـ (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) «يعنى المطر بالأنواء (١)» أنكم تكذبون ، يقول أنا رزقتكم فلا تكذبون وتجعلونه للأنواء ، ثم وعظهم فقال : (فَلَوْ لا) يعنى فهلا (إِذا بَلَغَتِ) هذه النفس (الْحُلْقُومَ) ـ ٨٣ ـ يعنى التراقي (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) ـ ٨٤ ـ إلى أمرى وسلطاني (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) يعنى ملك الموت وحده إذا أتاه ليقبض روحه (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) ـ ٨٥ ـ ، ثم قال : (فَلَوْ لا) يعنى فهلا (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) ـ ٨٦ ـ يعنى غير محاسبين ، نظيرها فى فاتحة الكتاب «مالك يوم الدين» (٢) يعنى يوم الحساب ، وقال «أرأيت الذين يكذب بالدين» (٣) يعنى بالحساب ، وقال فى الذاريات : «وإن الدين لواقع» (٤) يعنى الحساب لكائن ، وقال أيضا فى الصافات : «... أإنا المدينون» (٥) [١٨٣ أ] يعنى إنا لمحاسبون. (تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ـ ٨٧ ـ (فَأَمَّا إِنْ كانَ) هذا الميت (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) ـ ٨٨ ـ عند الله فى الدرجات والتفضيل ، يعنى ما كان فيه لشدة الموت وكربه (فَرَوْحٌ) يعنى فراحة (وَرَيْحانٌ) يعنى الرزق فى الجنة بلسان حمير (وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ـ ٨٩ ـ (وَأَمَّا إِنْ كانَ) هذا الميت (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) ـ ٩٠ ـ (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) ـ ٩١ ـ يقول سلم الله ذنوبهم وغفرها

__________________

(١) «يعنى المطر بالأنواء» : كذا فى أ ، ف ، والأنسب حذف «الأنواء».

(٢) سورة الفاتحة : ٤.

(٣) الآية الأولى من سورة الماعون.

(٤) سورة الذاريات : ٦.

(٥) سورة الصافات : ٥٣ وتمامها : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ).

تفسير مقاتل ج ٥ ـ م ١٥

٢٢٥

فتجاوز عن سيئاتهم وتقبل حسناتهم (وَأَمَّا إِنْ كانَ) هذا الميت (مِنَ الْمُكَذِّبِينَ) بالبعث (الضَّالِّينَ) ـ ٩٢ ـ عن الهدى (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) ـ ٩٣ ـ يعنى الحار الشديد الذي قد انتهى حره (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) ـ ٩٤ ـ يقول ما عظم من النار (إِنَّ هذا) الذي ذكر للمقربين وأصحاب اليمين ، وللمكذبين الضالين (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) ـ ٩٥ ـ لا شك (فَسَبِّحْ) يقول فاذكر (بِاسْمِ رَبِّكَ) بالتوحيد ، ثم قال : «ربك» يا محمد (الْعَظِيمِ) ـ ٩٦ ـ فلا شيء أكبر (١) منه ، فعظم الرب ـ جل جلاله ـ نفسه.

__________________

(١) تفسير الآية الأخيرة من ف ، وهو مضطرب فى أ.

٢٢٦

سورة الحديد

٢٢٧
٢٢٨

(٥٧) سورة الحديد مدنية

وآياتها تسع وعشرون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢)

٢٢٩

هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ

٢٣٠

يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٥) أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٧) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا

٢٣١

بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٩) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (٢٠) سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١) ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤) لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ

٢٣٢

مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩))

٢٣٣
٢٣٤

[سورة الحديد (١)]

عددها «تسع وعشرون آية (٢)» كوفى (٣).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

الإشارة إلى تسبيح جملة المخلوقين والمخلوقات فى الأرض والسموات ، وتنزيه الحق ـ تعالى ـ فى الذات والصفات ، وأمر المؤمنين بإنفاق النفقات والصدقات وذكر حيرة المنافقين يوم القيامة ، وبيان خسة الدنيا وعز الجنات» وتسلية الخلق عند هجوم النكبات والمصيبات ، فى قوله ـ تعالى ـ : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) سورة الحديد : ٢٢.

(٢) فى أ : «سبعة وعشرون آية» وهو خطأ :

(٣) فى المصحف : (٥٧) سورة الحديد مدنية وآياتها ٢٩ نزلت بعد سورة الزلزلة.

وسميت سورة الحديد لقوله ـ تعالى ـ فيها : (... وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ...) : ٢٥

٢٣٥
٢٣٦

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) يعنى ذكر الله الملائكة وغيرهم والشمس والقمر والنجوم (وَ) ما فى (الْأَرْضِ) من الجبال ، والبحار ، والأنهار ، والأشجار ، والدواب ، والطير ، والنبات ، وما بينهما يعنى الرياح ، والسحاب ، وكل خلق فيهما ، ولكن لا تفقهون تسبيحهن (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فى ملكه (الْحَكِيمُ) ـ ١ ـ فى أمره (لَهُ مُلْكُ) يعنى له ما فى (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي) الموتى (وَيُمِيتُ) الأحياء (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من حياة وموت (قَدِيرٌ) (١) ـ ٢ ـ (هُوَ الْأَوَّلُ) قبل كل شيء (وَ) هو (الْآخِرُ) بعد الخلق (وَ) هو (الظَّاهِرُ) فوق كل شيء يعنى السموات (وَ) هو (الْباطِنُ) دون كل شيء يعلم ما تحت الأرضين (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ـ ٣ ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قبل خلقهما (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) من المطر (وَما يَخْرُجُ مِنْها) النبات (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من الملائكة (وَما يَعْرُجُ) يعنى وما يصعد (فِيها) يعنى فى السموات من الملائكة (وَهُوَ مَعَكُمْ) يعنى علمه (أَيْنَ ما كُنْتُمْ) من الأرض (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ـ ٤ ـ (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ـ ٥ ـ يعنى أمور الخلائق فى الآخرة (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يعنى زيادة كل منهما

__________________

(١) من ف ، وفى أ : «(قدير) من حياة وموت». فكروها مرتين.

٢٣٧

ونقصانه ، فذلك قوله : «... يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ ، وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ (١) ...» يعنى يسلط كل واحد منهما على صاحبه فى وقته حتى يصير الليل «خمس عشرة (٢)» ساعة والنهار تسع ساعات (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ـ ٦ ـ يعنى بما فيها من خير أو شر قوله [١٨٣ ب] : (آمِنُوا بِاللهِ) يعنى صدقوا بالله ، يعنى بتوحيد الله ـ تعالى ـ (وَرَسُولِهِ) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (وَأَنْفِقُوا) فى سبيل الله يعنى فى طاعة الله ـ تعالى ـ (مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) من أموالكم التي «غيركم (٣)» الله فيها (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) ـ ٧ ـ يعنى جزاء حسنا فى الجنة ، ثم قال : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين (يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) يعنى يوم أخرجكم من صلب آدم ـ عليه‌السلام ـ ، وأقروا له بالمعرفة والربوبية (إِنْ كُنْتُمْ) يعنى إذ كنتم (مُؤْمِنِينَ) ـ ٨ ـ (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (آياتٍ بَيِّناتٍ) يعنى القرآن بين ما فيه من أمره ونهيه (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) يعنى من الشرك إلى الإيمان (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) ـ ٩ ـ حين هداكم لدينه وبعث فيكم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأنزل عليكم كتابه ، ثم قال : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) يعنى فى طاعة الله إن كنتم مؤمنين ، فأنفقوا فى سبيل الله فإن بخلتم فإن الله يرثكم ويرث أهل السموات والأرض ، فذلك قوله : (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بفنون كلهم ، ويبقى الرب ـ تعالى ـ

__________________

(١) سورة الزمر : ٥.

(٢) فى أ : خمسة عشر.

(٣) فى أ : أعمركم ، ف : غيركم ، والمراد نقل المال من غيركم إليكم.

٢٣٨

وحده فالعباد يرث بعضهم بعضا والرب يبقى فيرثهم ، قوله : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ) فى الفضل والسابقة (مَنْ أَنْفَقَ مِنْ) ماله (قَبْلِ الْفَتْحِ) فتح مكة (وَقاتَلَ) (١) العدو (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) يعنى جزاء (مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ) من بعد فتح مكة (وَقاتَلُوا) (٢) العدو (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) يعنى الجنة ، يعنى كلا الفريقين وعد الله الجنة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ـ ١٠ ـ بما أنفقتم من أموالكم وهو مولاكم يعنى وليكم ، قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) يعنى طيبة «به (٣)» نفسه على أهل الفاقة (فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) ـ ١١ ـ يعني جزاء حسنا فى الجنة ، «نزلت فى أبى الدحداح الأنصارى» (٤) (يَوْمَ تَرَى) يا محمد (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) على الصراط (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) دليل إلى الجنة (وَبِأَيْمانِهِمْ) يعني بتصديقهم فى الدنيا ، أعطوا النور فى الآخرة على الصراط ، يعني بتوحيد الله ـ تعالى ـ تقول الحفظة لهم : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) لا يموتون (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ـ ١٢ ـ (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا) وهم على الصراط (انْظُرُونا) يعني ارقبونا (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) فنمضى معكم (قِيلَ) يعني قالت لهم الملائكة : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) من حيث جئتم فالتمسوا نورا من الظلمة ،

__________________

(١) فى أ ، ف : تغيير فى ترتيب الآية ، وقد أصلحت هذا الخطأ.

(٢) فى أ ، ف خطأ فى ترتيب الآية» وقد صوبت الخطأ.

(٣) فى أ ، ف : «بها». والأنسب «به» لأن الضمير يعود على القرض.

(٤) من أ ، وليست فى ف ، وفى أأيضا زيادة : تفسيره فى سورة البقرة.

٢٣٩

فرجعوا فلم يجدوا «شيئا» (١) (فَضُرِبَ) «فضرب» (٢) الله [١٨٤ أ] (بَيْنَهُمْ) يعني بين أصحاب الأعراف وبين المنافقين (بِسُورٍ لَهُ بابٌ) يعني بالسور حائط بين أهل الجنة وبين أهل النار له باب (باطِنُهُ) يعني باطن السور (فِيهِ الرَّحْمَةُ) وهو مما بلى الجنة (وَظاهِرُهُ) من قبل النار ، وهو الحجاب ضرب بين أهل الجنة والنار ، وهو السور ، والأعراف (٣) ما ارتفع من السور ، «الرحمة» يعني الجنة ، «وظاهره» (مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) ـ ١٣ ـ (يُنادُونَهُمْ) يعني يناديهم المنافقون من وراء السور (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) فى دنياكم (قالُوا بَلى) كنتم معنا فى ظاهر الأمر (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ) يعني أكفرتم (أَنْفُسَكُمْ) «بنعم وسوف» (٤) «عن دينكم» (٥) (وَتَرَبَّصْتُمْ) يعني بمحمد الموت ، وقلتم يوشك محمد أن يموت فنستريح منه (وَارْتَبْتُمْ) يعني شككتم فى محمد أنه نبى (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُ) عن دينكم وقلتم يوشك محمد أن يموت فيذهب الإسلام فنستريح (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالموت (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) ـ ١٤ ـ يعني الشياطين (فَالْيَوْمَ) فى الآخرة (لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ) معشر المنافقين (فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)

__________________

(١) «شيئا» من ف ، وهي ساقطة من م.

(٢) «فضرب» : زيادة ليست بالأصل.

(٣) ورد ذكر الأعراف فى الآية ٤٦ من سورة الأعراف وتمامها : (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) كما ورد ذكر الأعراف فى الآية ٤٨ من سورة الأعراف أيضا وهي : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ).

(٤) كذا فى أ ، ف ، ل ، والمراد ب «نعم» : الموافقة الظاهرة ، والمراد ب «سوف» : التسويف والتأجيل فى الأعمال المطلوبة.

(٥) «عن دينكم» : كذا فى أ ، ف ، ل ، والمراد صرفتم أنفسكم عن دينكم وكفرتم به.

٢٤٠