تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

كانت وردة إلى الغبرة فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل ، وشبه الوردة فى اختلاف ألوانها بالدهن لاختلاف ألوانه. ويقال كدهان الأديم يعنى لونه (١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢) ـ ٣٨ ـ (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ) يعنى عن عمله (إِنْسٌ وَلا جَانٌ) ـ ٣٩ ـ لأن الرب ـ تعالى ـ قد أحصى عليه عمله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٤٠ ـ.

قوله : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) بعد الحساب يعنى بسواد الوجوه وزرقة الأعين (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) ـ ٤١ ـ وذلك أن خزنة جهنم بعد الحساب يغلون أيديهم إلى أعناقهم ، ثم يجمعون بين نواصيهم إلى أقدامهم من ظهورهم ، ثم يدفعونهم فى النار على وجوههم فإذا دنوا منها قالت لهم الخزنة : «هذه النار التي كنتم بها تكذبون» (٣) فى الدنيا. (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٤٢ ـ قوله : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) ـ ٤٣ ـ يعنى الكافرين فى الدنيا (يَطُوفُونَ بَيْنَها) يعنى جهنم شواظا (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) ـ ٤٤ ـ شواظا يعنى بالحميم الماء الحار الذي قد انتهى غليانه «يعنى الذي غلى حتى انتهى حره (٤)» لا يستريحون ساعة من غم يطاف عليهم فى ألوان عذابهم ، فذلك قوله : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) من الزقوم والحميم يعنى الشراب ، «لإلى الجحيم» (٥) ، فيذهب به

__________________

(١) تفسير : (وَرْدَةً كَالدِّهانِ) : من ف.

(٢) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقط من أ ، ف.

(٣) سورة الطور : ١٤ ، وفى أ : زيادة : «فى سورة الطور» وليست فى ف.

(٤) فى ف : «يعنى بأن الذي قد غلى حتى انتهى حره» والآيات ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ساقطة من أمع تفسيرها ، وهي من ف.

(٥) سورة الصافات : ٦٨ وهي : (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ).

٢٠١

مرة إلى الزقوم ، ثم إلى الجحيم ، ثم إلى منازلهم فى جهنم ، فذلك قوله : («يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ» «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ») (١) ـ ٤٥ ـ [١٧٩ ب].

قوله ـ تعالى ـ : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) يوم القيامة فى الآخرة (جَنَّتانِ) ـ ٤٦ ـ يعنى جنة عدن ، وجنة النعيم ، «وهما للصديقين (٢)» والشهداء والمقربين والسابقين وهو الرجل يهم بالمعصية فيذكر «مقامه بين يدي الله (٣)» ـ عزوجل ـ فيخاف فيتركها فله جنتان.

حدثنا عبد الله قال : حدثني أبى ، قال : «قال (٤)» أبو صالح عن «مقاتل (٥)» عن عطاء عن ابن عباس عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : هل تدرون ما الجنتان؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : هما بستانان فى ريض الجنة كل واحد منهما مسيرة خمسمائة عام ، فى وسط كل بستان دار فى دار من نور على نور ، ليس منهما بستان إلا يهتز بنعمة وخضرة قرارها «ثابت (٦)» وفرعها «ثابت» وشجرها ثابت (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧) ـ ٤٧ ـ ، ثم نعت الجنتين فقال : (ذَواتا أَفْنانٍ) ـ ٤٨ ـ يعنى ذواتا أغصان يتماس أطراف شجرها «بعضه (٨)» بعضا كالمعروشات (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٩) ـ ٤٩ ـ (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ)

__________________

(١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٢) فى أ : «وهما الصديقين» ، وفى ف : «وهما الصديقين».

(٣) «مقامه بين يدي الله» من ف ، وفى أ : «مقام ربه بين يدي الله».

(٤) «قال» : زيادة ليست فى الأصول.

(٥) «مقاتل» : من ف ، وفى أ : وبإسناده (عن) مقاتل.

(٦) فى أ : «لابث».

(٧) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٨) فى أ ، ف : «بعضها».

(٩) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

٢٠٢

ـ ٥٠ ـ فى عين أخدود من ماء غير آسن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١) ـ ٥١ ـ (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ) من كل لون من ألوان الفاكهة (زَوْجانِ) ـ ٥٢ ـ يعنى صنفان (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٥٣ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) يعنى ظاهرها من الديباج الأخضر فوق الفرش الديباج وهي بلغة فارس ، نظيرها فى آخر السورة («مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) (٢) ...» يعنى «المحابس (٣)» الخضر على الفرش ، ثم قال : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) ـ ٥٤ ـ يعنى ثمره ، وجنى الشجر فى الجنتين دان ، يقول ما يجتنى فى الجنتين دان يقول طول الشجر لهذا المجتنى قريب «يتناوله (٤)» الرجل إن شاء جالسا ، وإن شاء أو «متكئا (٥)» أو قائما ، (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٥٥ ـ (فِيهِنَ) يعنى فى هذه الجنان الأربع فى التقديم : جنة عدن ، وجنة النعيم ، وجنة الفردوس ، وجنة المأوى ، ففي هذه الجنان الأربع جنان كثيرة فى الكثرة مثل ورق الشجر ونجوم السماء يقول : «فيهن» (قاصِراتُ الطَّرْفِ) يعنى النساء يقول حافظات النظر عن الرجال ، لا ينظرن إلى أحد غير أزواجهن ولا يشتهين ، غيرهم (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) ـ ٥٦ ـ لأنهن خلقن فى الجنة مع شجر الجنة يعنى لم يطمثهن إنس قبل أهل الجنة ، ولا جان يعنى جن.

__________________

(١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطه من أ.

(٢) سورة الرحمن : ٧٦.

(٣) فى أ : «النحابس» ، وفى ف : «المحابس».

(٤) فى أ ، ف : «بتناولها» ، والأنسب «يتناوله».

(٥) «متكيا» ، وردت هكذا فى أ ، ف ، والأنسب «متكئا».

٢٠٣

حدثنا عبد الله قال : قال أبى : قال أبو صالح ، قال مقاتل : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) لم يدميهن. قال أبو محمد ، وقال الفراء : الطمث الدم يقال «طمثتها أدميتها (١)» (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٢) ـ ٥٧ ـ ، ثم نعتهن فقال : (كَأَنَّهُنَ) فى الشبه فى صفاء (الْياقُوتُ) الأحمر (وَ) (٣) فى بياض (الْمَرْجانُ) ـ ٥٨ ـ يعنى الدر العظام (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٤) ـ ٥٩ ـ ، ثم قال : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ) فى لدنيا (إِلَّا الْإِحْسانُ) ـ ٦٠ ـ فى الآخرة يعنى هل جزاء أهل التوحيد فى الآخرة إلا الجنة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٦١ ـ [١٨٠ أ] ثم ذكر جنات أصحاب اليمين ، فقال : (وَمِنْ دُونِهِما) يعنى ومن دون جنتي المقربين والصديقين ، والشهداء فى الفضل (جَنَّتانِ) ـ ٦٢ ـ وهما جنة الفردوس ، وجنة المأوى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥) ـ ٦٣ ـ ، ثم نعتهما فقال : (مُدْهامَّتانِ) ـ ٦٤ ـ سوداوان من الري «والخضرة (٦)» (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٦٥ ـ (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) ـ ٦٦ ـ : «مملوءتان (٧)» من كل خير لا ينتقصان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٦٧ ـ (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) ـ

__________________

(١) فى أ : «أنكحتها إذا أدمأتها» ، وفى ف : «دماتها».

(٢) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٣) «و» : ساقطة من أ ، ف.

(٤) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٥) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٦) فى أ : «الخضر».

(٧) فى أ ، ف : «يعنى مملوءتان».

٢٠٤

٦٨ ـ (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (١) ـ ٦٩ ـ ، ثم قال : و (فِيهِنَ) يعنى فى الجنان الأربع (خَيْراتٌ حِسانٌ) ـ ٧٠ ـ يعنى خيرات الأخلاق حسان الوجوه (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٧١ ـ ، ثم نعتهن ، فقال : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) ـ ٧٢ ـ يعنى بالحور البيضاء ، وبالمقصورات المحبوسات على أزواجهن فى الخيام ، يعنى الدر المجوف الدرة الواحدة مثل القصر العظيم جوفاء على قدر ميل فى السماء طولها فرسخ ، وعرضها فرسخ ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب ، فذلك قوله ـ تعالى ـ : «... والملائكة يدخلون عليهم من كل باب» (٢) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٧٣ ـ ، ثم قال : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) ـ ٧٤ ـ لأنهن خلقن فى الجنة ، يعنى لم يطأهن إنس قبل أهل الجنة ، ولا جان يعنى ولا جنى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٧٥ ـ (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) يعنى المحابس فوق الفرش (وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) ـ ٧٦ ـ يعنى الزرابي ، وهي الطنافس المخملة وهي الحسان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٧٧ ـ (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) يعنى بالجلال العظيم (وَالْإِكْرامِ) ـ ٧٨ ـ يعنى الكريم فلا أكرم منه ، يمدح الرب نفسه ـ تبارك وتعالى ـ.

__________________

(١) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٢) سورة الرعد : ٢٣ وتمامها : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ).

٢٠٥
٢٠٦

[سورة الرحمن (١)]

سورة الرحمن مكية عددها ثمان وسبعون آية كوفى (٢).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

المنة على الخلق بتعليم القرآن ، وتلقين البيان ، وأمر الخلائق بالعدل فى الميزان ، والمنة عليهم بالعصف والريحان وبيان عجائب القدرة فى طينة الإنسان ، وبدائع البحر وعجائبه ، من استخراج اللؤلؤ والمرجان ، وجريان الفلك على وجه الماء أبدع جريان ، وفناء الخلق وبقاء الرحمن ، وقضاء حاجات المحتاجين ، وأن لا نجاة للعبد من الله إلا بحجة وبرهان ، وقهره الخلائق فى القيامة بلهيب النار والدخان ، وسؤال أهل الساعة والعصيان ، وطوف الكفار فى الجحيم ودلال المؤمنين فى نعيم الجنان ، ومكافاة أهل الإحسان بالإحسان.

(٢) فى أ : سبعة وثمانون ، وهو خطأ.

وفى المصحف : (٥٥) سورة الرحمن مدنية ، وآياتها ٧٨ نزلت بعد سورة الرعد.

تفسير مقاتل ج ٤ ـ م ١٣.

٢٠٧
٢٠٨

(٥٦) سورة الواقعة مكية

وآياتها ست وتسعون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨)

٢٠٩

وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ

٢١٠

أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)

٢١١

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦))

٢١٢

[سورة الواقعة (١)]

سورة الواقعة مكية عددها ست (٢) وتسعون آية كوفى (٣).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

ظهور واقعة القيامة ، وأصناف الخلق بالإضافة إلى العذاب والعقوبة ، وبيان حال السابقين بالطاعة وبيان حال قوم يكونون متوسطين بين أهل الطاعة وأهل المعصية ، وذكر حال أصحاب الشمال ، والغرق فى بحار الهلاك ، وبرهان البعث من ابتداء الخلقة ، ودليل الحشر والنشر من الحرث والزرع ، وحديث الماء والنار ، وما فى ضمنها : من النعمة والمنة ، ومس المصحف وقرامة فى حال الطهارة ، وحال المتوفى فى ساعة السكرة ، وذكر قوم بالبشارة وقوم بالخسارة.

(٢) فى أ : ستة.

(٣) فى المصحف : (٥٦) سورة الواقعة مكية إلا آيتي ٨١ ، ٨٢ فمدنيتان وآياتها ٩٦ نزلت بعد سورة طه.

٢١٣
٢١٤

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ـ ١ ـ يعنى إذا وقعت الصيحة وهي النفخة الأولى (لَيْسَ لِوَقْعَتِها) يعنى ليس لصيحتها (كاذِبَةٌ) ـ ٢ ـ أنها كائنة ليس لها مثنوية ولا ارتداد (خافِضَةٌ) يقول أسمعت القريب ، ثم قال : (رافِعَةٌ) ـ ٣ ـ يقول أسمعت البعيد ، فكانت صيحة يعنى فصارت صيحة واحدة ، أسمعت القريب والبعيد.

قال أبو محمد : قال الفراء عن الكلبي : «خافضة» قوما إلى النار «ورافعة» قوما إلى الجنة. وقال غيره : «خافضة» أسمعت أهل الأرض ، «ورافعة» أسمعت أهل السماء ، ثم قال : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) ـ ٤ ـ يعنى إذا زلزلت الأرض زلزلها يعنى رجا شدة الزلزلة لا تسكن حتى تلقى كل شيء فى بطنها على ظهرها ، يقول. إنها تضطرب وترتج لأن [١٨٠ ب] زلزلة الدنيا لا تلبث حتى تسكن وزلزلة الآخرة لا تسكن وترنج كرج الصبى فى المهد حتى ينكسر كل شيء عليها من جبل ، أو مدينة ، أو بناء ، أو شجر ، فيدخل فيها كل شيء خرج منها من شجر أو نبات ، وتلقى ما فيها من الموتى ، والكنوز على ظهرها ، قوله : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) ـ ٥ ـ يعنى فتتت الجبال فتا (فَكانَتْ) يقول فصارت بعد القوة والشدة ، عروقها فى الأرض السابعة السفلى ، ورأسها فوق الأرض العليا ، من الخوف (هَباءً مُنْبَثًّا) ـ ٦ ـ يعنى الغبار الذي تراه فى الشمس

٢١٥

إذا دخل من الكوة فى البيت ، والمنهث الذي ليس بشيء والهباء المنثور الذي يسطع من حوافر الخيل من الغبار ، قال عبد الله بذلك ، حدثني أبى عن أبى صالح ، عن مقاتل عن الحارث ، عن على ـ عليه‌السلام.

ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَكُنْتُمْ) فى الآخرة (أَزْواجاً ثَلاثَةً) ـ ٧ ـ يعنى أصنافا «ثلاثة (١)» ، صنفان فى الجنة ، وصنف فى النار ، ثم أخبر عنهم فقال : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ـ ٨ ـ يقول ما لأصحاب اليمين من الخير والكرامة فى الجنة (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) ـ ٩ ـ يقول ما لأصحاب المشأمة من الشرفى جهنم ، ثم قال : (وَالسَّابِقُونَ) إلى الأنبياء منهم أبو بكر وعلى ـ «رضى الله عنهما (٢)» ـ «هم (٣)» (السَّابِقُونَ) ـ ١٠ ـ إلى الإيمان بالله ورسوله من كل أمة ، هم السابقون إلى الجنة ، ثم أخبر عنهم فقال : (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) ـ ١١ ـ عند الله ـ تعالى ـ فى الدرجات والفضائل (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٤) ـ ١٢ ـ ، ثم قال يعنى السابقين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) ـ ١٣ ـ يعنى جمعا من الأولين ، يعنى سابقي الأمم الخالية ، وهم الذين عاينوا الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ فلم يشكوا فيهم طرفة عين فهم السابقون. فلما نزلت (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ـ ١٤ ـ يعنى أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فهم أقل من سابقي الأمم الخالية ، ثم ذكر ما أعد الله للسابقين من الخير

__________________

(١) فى الأصل : «ثلاث».

(٢) فى أ : «رضى الله عنهما» ، وفى ف : «عليهما‌السلام».

(٣) فى أ : «هم» ، وفى ف : «هما».

(٤) (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ـ ١٢ ـ : ساقطة من أ ، ف.

٢١٦

فى جنات النعيم ، فقال : (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) ـ ١٥ ـ كوضن الخرز فى السلك ، يعنى بالموضون السرر وتشبكها مشبكة أوساطها بقضبان الدر والياقوت والزبرجد (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها) يعنى على السرر عليها الفرش (مُتَقابِلِينَ) ـ ١٦ ـ إذا زار بعضهم بعضا (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ) يعنى غلمان لا يكبرون (مُخَلَّدُونَ) ـ ١٧ ـ لا يموتون بأيدى الغلمان أكواب يعنى الأكواب العظام من فضة المدورة الرءوس ليس لها عرى ولا خراطيم (وَأَبارِيقَ) من فضة فى صفاء القوارير ، فذلك قوله فى «هل أتى على الإنسان (١) ...» : («... كانَتْ قَوارِيرَا ، قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) (٢) ...» ثم قال [١٨١ أ] : (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) ـ ١٨ ـ يعنى من خمر «جار (٣)» ، وكل معين فى القرآن فهو «جار (٤)» غير الذي فى («تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) (٥) ...» : يعنى به زمزم ، «الدلاء» (٨) يعنى (٧) ظاهرا تناله «الدلاء (٨)» ، وكل شيء

__________________

(١) سورة الإنسان «وتسمى سورة الدهر» : ١.

(٢) سورة الإنسان : ١٥ ، ١٦ وتمامهما : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا ، قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً).

(٣) فى أ : «جارى» ، ف : «جار».

(٤) فى أ : «جارى» ، وفى ف : «جار».

(٥) سورة الملك : ١.

(٦) سورة الملك : ٣.

(٧) وهذا من كليات مقاتل التي قدمت عنها بحثا فى دراستي عن هذا التفسير وتجده فى مقدمة هذا التفسير ، وفى كتاب التنبيه والرد على ذوى الأهواء والبدع للملطى ت ٣٧٧ ه‍ تحقيق الكوثرى : ٧٢ وما بعدها وفى س ٨٠ يقول عن مقاتل ، وكل شيء فى القرآن : «ماء معين» يعنى جاريا غير الذي فى تبارك (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) : ٣٠ يعنى ماء ظاهرا تناله الدلاء.

(٨) فى أ : «الدلى».

٢١٧

فى القرآن كأس فهو الخمر (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) فتوجع رءوسهم (وَلا يُنْزِفُونَ) (١) ـ ١٩ ـ بها (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) ـ ٢٠ ـ يعنى يختارون من ألوان الفاكهة (وَلَحْمِ طَيْرٍ) يعنى من لحم الطير (مِمَّا يَشْتَهُونَ) ـ ٢١ ـ إن شاءوا شواء ، وإن شاءوا قديدا كل طير ينعت نفسه لولى الله ـ تعالى ـ (وَحُورٌ عِينٌ) ـ ٢٢ ـ يعنى البيضاء العيناء حسان الأعين (كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) ـ ٢٣ ـ فشبههم فى الكن كأمثال اللؤلؤ المكنون فى الصدف المطبق عليه ، لم تمسه الأيدى ، ولم تره الأعين ، ولم يخطر على قلب بشر ، كأحسن ما يكون هذا الذي ذكر لهم فى الآخرة (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٢٤ ـ فى الدنيا (لا يَسْمَعُونَ فِيها) يعنى فى الجنة (لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) ـ ٢٥ ـ يقول لا يسمع فى الجنة بعضهم من بعض «لغوا» يعنى الحلف (وَلا تَأْثِيماً) يعنى كذبا عند الشراب كفعل أهل الدنيا إذا شربوا الخمر (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) ـ ٢٦ ـ يعنى كثرة السلام من الملائكة نظيرها فى الرعد ... («... وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (٢) ...» ، ثم قال : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ «ما أَصْحابُ الْيَمِينِ») (٣) ـ ٢٧ ـ يقول ما لأصحاب اليمين من الخير ، ثم ذكر ما أعد الله لهم من الخير فى الآخرة ، فقال : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) ـ ٢٨ ـ يعنى الذي لا شوك له كسدر أهل الدنيا (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) ـ ٢٩ ـ يعنى المتراكب بعضه فوق بعض ، نظيرها

__________________

(١) من نزف الشارب إذا ذهب عقله أو شرابه.

(٢) سورة الرعد : ٢٣ ـ ٢٤ ، وتمامها (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).

(٣) (ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) : ساقطة من أ ، ف.

٢١٨

(«... لَها طَلْعٌ) (١) (نَضِيدٌ») يعنى المنضود (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) ـ ٣٠ ـ دائم لا يزول لا شمس فيه كمثل ما يزول الظل فى الدنيا (وَماءٍ مَسْكُوبٍ) ـ ٣١ ـ «يعنى منصبا كثيرا (٢)» (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ) ـ ٣٢ ـ (لا مَقْطُوعَةٍ) عنهم أبدا هي لهم أبدا فى كل حين وساعة (وَلا مَمْنُوعَةٍ) ـ ٣٣ ـ يقول ولا يمنعونها ليست لها خشونة ألين من الزبد وأحلى من العسل (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) ـ ٣٤ ـ فوق السرر بعضها فوق بعض على قدر سبعين غرفة من غرف الدنيا (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) ـ ٣٥ ـ يعنى ما ذكر من الحور العين قبل ذلك فنعتهن فى التقديم يعنى «نشأ (٣)» أهل الدنيا العجز الشمط يقول خلقهن فى الآخرة خلقا بعد الخلق الأول فى الدنيا (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) ـ ٣٦ ـ يعنى شوابا كلهن على ميلاد واحد بنات ثلاث وثلاثين سنة (عُرُباً أَتْراباً) ـ ٣٧ ـ يقول هذا الذي ذكر (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) ـ ٣٨ ـ ، ثم أخبر عنهم فقال : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) ـ ٣٩ ـ «يعنى جمع (٤)» من الأولين يعنى الأمم الخالية (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ـ ٤٠ ـ يعنى أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «فإن أمة (٥) محمد أكثر» أهل الجنة وهم سابقو الأمم الخالية [١٨١ ب] ومقربوها.

حدثنا عبد الله ، قال : حدثني أبى ، حدثنا أبو صالح عن مقاتل ، عن محمد ابن على ، عن ابن عباس قال : «(٦) إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا فأمة محمد

__________________

(١) سورة ق : ١.

(٢) فى أ ، ف : «يعنى منصب كثير».

(٣) «نشأ» : فى أ ، ف ، وقد تكون فى الأصل «أنشأ».

(٤) كذا فى أ ، ف ، وكان نظام سيرهما على النصب أى : «يعنى جمعا».

(٥) فى أ : «وأمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ» ، وفى ف «فإنه محمد أكثر».

(٦) من ف ، وفى أ : «وبإسناده مقاتل عن محمد بن على».

٢١٩

ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثمانون صفا ، وسائر الأمم أربعون صفا ، «وسابقو الأمم ومقربوها (١)» أكثر من سابقي هذه الأمة ومقربيها ، ثم قال : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) ـ ٤١ ـ يقول ما لأصحاب الشمال من الشر ، ثم ذكر ما أعد لهم فى الآخرة من الشر ، فقال : هم (فِي سَمُومٍ) يعنى ريحا حارة تخرج من الصخرة التي فى جهنم فتقطع الوجوه وسائر اللحوم ، ثم قال : (وَحَمِيمٍ) ـ ٤٢ ـ يعنى الحار الشديد الذي قد انتهى حره (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) ـ ٤٣ ـ نظيرها فى المرسلات يعنى ظلا أسود كهيئة الدخان يخرج من جهنم ، فيكون فوق رءوسهم وهم فى السرادق ثلاث فرق ، فذلك قوله : «انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب» (٢) وهي فى السرادق ، وذلك قوله فى الكهف أيضا : («... أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) (٣) (...») فيقيلون تحتها من حر السرادق فيأخذهم فيها الغثيان ، وتقطع الأمعاء فى أجوافهم والسرادق عنق يخرج من لهب النار فيدور حول الكفار ، ثم يخرج عنق آخر من الجانب الآخر فيصل إلى الآخر فيحيط بهم السرادق ، فذلك قوله : (... أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها ...) ، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) رءوسهم ثلاث فرق فيقيلون فيها قبل دخولهم جهنم ، فذلك قوله فى الفرقان : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ) فى الجنة مع الأزواج «خير مستقرا وأحسن مقيلا» (٤) من مقيل الكفار فى السرادق ، تحت ظل من يحموم ، ثم نعت الظل فقال : (لا بارِدٍ) المقيل (وَلا كَرِيمٍ) ـ ٤٤ ـ يعنى ولا حسن المنزل ، ثم نعت أعمالهم التي

__________________

(١) فى ف : «وسابقو الأمم مقربوها» ، بسقوط الواو.

(٢) سورة المرسلات : ٣٠.

(٣) سورة الكهف : ٢٩.

(٤) سورة الفرقان : ٢٤.

٢٢٠