تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

فشبههم حين وقعوا من شدة العذاب «بالنخيل (١)» الساقطة التي ليست لها رءوس وشبههم «بالنخيل (٢)» لطولهم ، كان طول كل رجل منهم «اثنى (٣)» عشر ذراعا (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٢١ ـ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ـ ٢٢ ـ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) ـ ٢٣ ـ يعنى بالرسل (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) يعنون صالحا (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) ـ ٢٤ ـ يعنى لفي شقاء وعناء إن تبعنا صالحا (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ) يعنى أنزل عليه الوحى (مِنْ بَيْنِنا) يعنون صالحا ـ صلّى الله عليه ـ ، ونحن أفضل منه عند الله منزلة ، فقالوا : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) ـ ٢٥ ـ يعنى بطر مرح ، قال صالح : (سَيَعْلَمُونَ غَداً) عند نزول العذاب (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) ـ ٢٦ ـ فهذا وعيد أنا أم أنتم (إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ) لنبتليهم بها (فَارْتَقِبْهُمْ) يعنى انتظرهم فإن العذاب نازل بهم (وَاصْطَبِرْ) ـ ٢٧ ـ على الأذى (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) يوم للناقة ويوم لأهل القرية (كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) ـ ٢٨ ـ يعنى اليوم والناقة يقول إذا كان يوم «الناقة» (٤) حضرت شربها ، وإذا كان يومهم حضروا شربهم (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) بعد ما كانوا منعوا الماء وكان القوم على شراب لهم ففنى الماء ، فبعثوا رجلا ليأتيهم بالماء ليمزجوا به الخمر ، فوجدوا الناقة على الماء ، فرجع ، وأخبر أصحابه ، فقالوا لقدار بن سالف اعقروها. وكانوا ثمانية فأخذ قدار السيف

__________________

(١) فى أ : «النخلة» ، وفى ف : «النخيل».

(٢) فى أ«بالنخل» ، وفى ف : «بالنخيل».

(٣) فى أ. ف : «اثنا» ، وصوابه «اثنى».

(٤) فى أ : «القيامة» ، وفى حاشية أ : «الناقة محمد» ، وفى ف : «الناقة».

١٨١

فعقرها ، وهو عاقر الناقة. فذلك قوله : (فَتَعاطى فَعَقَرَ) ـ ٢٩ ـ فتناول الناقة بالسيف فعقرها (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٣٠ ـ يعنى الذي أنذر قومه «ألم يجدوه (١)؟» حقا فلما أيقن بالهلاك تكفنوا بالأنطاع وتطيبوا بالمر ، ثم دخلوا حفرهم صبيحة يوم الرابع ، ثم أخبر عن عذابهم فقال : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً) من جبريل ـ عليه‌السلام ـ وذلك أنه قام فى ناحية القرية فصاح صيحة فحمدوا أجمعين (فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) ـ ٣١ ـ شبههم فى الهلاك بالهشيم البالي يعنى الحظيرة من القصب ونحوها تحظر على الغنم ، أصابها ماء السماء وحر الشمس حتى بليت من طول الزمان ، قال أبو محمد : قال أبو العباس أحمد بن يحيى (٢) : الهشيم النبت الذي أتى عليه حر الشمس وطول المدة فإذا مسسته لم تجده شيئا (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ـ ٣٢ ـ (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ) ـ ٣٣ ـ يعنى بالرسل ، ثم أخبر عن عذابهم فقال : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) يعنى الحجارة من فوقهم ، ثم استثنى فقال : (إِلَّا آلَ لُوطٍ) «ابنتيه ريثا وزعونا (٣)» (نَجَّيْناهُمْ) من العذاب (بِسَحَرٍ) ـ ٣٤ ـ يعنى بقطع من آخر الليل ، وكان ذلك (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا) على آل لوط حين «أنجى» (٤) الله ـ تعالى ـ آل لوط (كَذلِكَ) يعنى هكذا (نَجْزِي) بالنجاة (مَنْ شَكَرَ) ـ ٣٥ ـ [١٧٧ أ] يعنى من وحد الله ـ تعالى ـ وصدق بما جاءت به الرسل لم يعذب مع المشركين فى الدنيا ، كقوله : (... وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٥) يعنى الموحدين ، ثم قال (وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ)

__________________

(١) «ألم يجدوه؟» وردت بالأصل «أليس وجدوه؟» ولكن الأنسب «ألم يجدوه».

(٢) فى أ : «ثعلب أحمد بن يحيى» وعلى ثعلب شطب.

(٣) فى أ : «ريثا وزعرتا» ، وفى ف : «رتثا وزعوثا».

(٤) فى الأصل : «أنجا».

(٥) سورة آل عمران : ١٤٤ ، وتمامها : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).

١٨٢

لوط (بَطْشَتَنا) يعنى العذاب (فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ) ـ ٣٦ ـ يقول شكوا فى العذاب بأنه غير نازل بهم الدنيا (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ) جبريل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ومعه ملكان (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) يقول فحولنا أبصارهم إلى العمى ، وذلك أنهم كسروا الباب ، ودخلوا على الرسل يريدون منهم ما كانوا يعملون بغيرهم ، فلطمهم جبريل بجناحه فذهبت أبصارهم (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٣٧ ـ يقول هذا الذي أنذروا «ألم يجدوه (١)» حقا (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) ـ ٣٨ ـ يقول استقر بهم العذاب بكرة (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٣٩ ـ يقول هذا الذي أنذروا «ألم يجدوه (٢)» حقا؟ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٣) ـ ٤٠ ـ (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) ـ ٤١ ـ يعنى الرسل موسى و «هارون» (٤) ـ عليهما‌السلام ـ يعنى بآل فرعون القبط ، وكان فرعون قبطيا يقول : (كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها) يعنى بالآيات التسع : اليد ، والعصا ، والطمس ، والسنين ، والطوفان ، والجراد ، والقمل والضفادع ، والدم (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ) فى انتقامه (مُقْتَدِرٍ) ـ ٤٢ ـ على هلاكهم ، ثم خوف كفار مكة فقال : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) يعنى أكفار أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ خير من كفار الأمم الخالية الذين ذكرهم فى هذه السورة يقول أليس أهلكتهم بالعذاب بتكذيبهم الرسل ، فلستم خيرا منهم إن كذبتم

__________________

(١) فى الأصل : «أليس وجدوه».

(٢) فى الأصل : «أليس وجدوه».

(٣) (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : هذه الآية ساقطة هي وتفسيرها من الأصول.

(٤) فى أ : «هرون».

١٨٣

محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يهلككم بالعذاب (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) ـ ٤٣ ـ يعنى فى الكتاب يقول ألكم براءة من العذاب فى الكتاب أنه لن يصيبكم من العذاب ما أصاب الأمم الخالية؟ ، فعذبهم الله ببدر بالقتل (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) ـ ٤٤ ـ من عدونا يعنى محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه يقول الله ـ تعالى ـ لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) يعنى جمع أهل بدر (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) ـ ٤٥ ـ يعنى الأدبار لا يلوون على شيء ، وقتل عبد الله بن مسعود أبا جهل بن هشام بسيف أبى جهل ، وأخبر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه رأى فى جسده مثل لهب النار ، قال ذلك ضرب الملائكة ، وأجهز على أبى جهل عوف ومعوذ ابنا عفراء ، ثم أوعدهم فقال : (بَلِ السَّاعَةُ) يعنى يوم القيامة (مَوْعِدُهُمْ) بعد القتل (وَالسَّاعَةُ) يعنى والقيامة (أَدْهى) يعنى أقطع (وَأَمَرُّ) ـ ٤٦ ـ من القتل يقول القتل يسير ببدر ولكن عذاب جهنم أدهى وأمر عليهم من قتل بدر ، ثم أخبر عنهم [١٧٧ ب] فقال (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) فى الدنيا (فِي ضَلالٍ) يعنى فى شقاء (وَسُعُرٍ) ـ ٤٧ ـ يعنى وعناء ، ثم أخبر بمستقرهم فى الآخرة فقال : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) بعد العرض تسحبهم الملائكة وتقول الخزنة : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) ـ ٤٨ ـ يعنى عذاب سقر (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) ـ ٤٩ ـ يقول قدر الله لهم العذاب ودخول سقر (وَما أَمْرُنا) فى الساعة (إِلَّا واحِدَةٌ) يعنى إلا مرة واحدة لا مثنوية لها (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) ـ ٥٠ ـ يعنى كجنوح الطرف (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا) بالعذاب (أَشْياعَكُمْ) يعنى عذبنا إخوانكم أهل ملتكم ، يا أهل مكة ، يعنى الأمم الحالية حين كذبوا رسلهم (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) ـ ٥١ ـ يقول فهل من متذكر فيعلم أن ذلك حق فيعتبر ويخاف فلا يكذب محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ،

١٨٤

ثم قال : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) ـ ٥٢ ـ يعنى الأمم الخالية ، قال كل شيء عملوه مكتوب فى اللوح المحفوظ (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (١) ـ ٥٣ ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ) يعنى البساتين (وَنَهَرٍ) يعنى الأنهار الجارية ، ويقال «السعة» (٢) مثل قوله فى الكهف («... وَفَجَّرْنا خِلالَهُما) (٣) (نَهَراً» فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) ـ ٥٥ ـ على ما يشاء وذلك أن أهل الجنة يدخلون على ربهم ـ تعالى ـ على مقدار كل يوم جمعة ، فيجلسون إليه على قدر أعمالهم فى الدنيا وبقدر ثوابهم فى الآخرة فيعطون فى ذلك المجلس ما يحبون من «شيء» (٤) ، ثم يعطيهم الرب ـ تعالى ـ ما لم يسألوه من الخير من جنة عدن ما لم تره عين ، ولم تسمعه أذن ولم يخطر على قلب بشر.

__________________

(١) من حاشية أ ، وفى الجلالين : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ) من الذنب والعمل (مُسْتَطَرٌ) مكتتب فى اللوح المحفوظ.

(٢) كذا فى أ ، ف : والسعة بمعنى الواسعة التي تبهج النظر وتسر العين.

(٣) سورة الكهف : ٣٣ وتمامها : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً).

(٤) فى أ : «نبى» وفى ف : «شيء».

١٨٥
١٨٦

سورة الرّحمن

١٨٧
١٨٨

(٥٥) سورة الرحمن مدنية

وآياتها إثمان وسبعون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤)

١٨٩

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩) وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (١٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٦) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (١٨) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣) وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥) كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٨) يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ

١٩٠

وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥) وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠)

١٩١

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١) وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧) فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩) فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨))

١٩٢

سورة الواقعة

١٩٣
١٩٤

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قوله : (الرَّحْمنُ) ـ ١ ـ وذلك أنه لما نزل (... اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ ...) (١) قال كفار مكة : (... وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا ...) (٢) فأنكروا الرحمن وقالوا : لا نعرف الرحمن ، فأخبر الله ـ تعالى ـ عن نفسه ، وذكر صنعه ليعرف ، فيوحد فقال : «الرحمن» الذي أنكروه هو الذي : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ـ ٢ ـ (خَلَقَ الْإِنْسانَ) ـ ٣ ـ يعنى آدم ـ عليه‌السلام ـ (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ـ ٤ ـ يعنى بيان كل شيء (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) ـ ٥ ـ مطالعهما ومغاربهما ثمانين ومائة مطلع ، وثمانين ومائة مغرب «لتعلموا (٣)» بها عدد السنين والحساب ، ثم قال : (وَالنَّجْمُ) يعنى كل نبت ليس له ساق (وَالشَّجَرُ) كل نبت له ساق (يَسْجُدانِ) ـ ٦ ـ يعنى سجودهما ظلهما (٤) طرفي النهار حين نزول الشمس ، وعند طلوعها إذا تحول ظل الشجرة فهو سجودها ، ثم قال : (وَالسَّماءَ رَفَعَها) من الأرض «مسيرة (٥)» خمسمائة عام [١٧٨ أ] (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) ـ ٧ ـ الذي يزن به الناس وضعه الله عدلا بين الناس (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) ـ ٨ ـ

__________________

(١) سورة الفرقان : ٦٠.

(٢) سورة الفرقان : ٦٠.

(٣) فى أ : زيادة : «يعنى لتعلموا».

(٤) كذا فى أ ، ف ، والمراد سجود ظلهما.

(٥) «مسير» من ف ، وليست فى أ.

١٩٥

يعنى ألا تظلموا فى الميزان (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) يعنى اللسان بالعدل (وَلا تُخْسِرُوا) يعنى ولا تنقصوا (الْمِيزانَ) ـ ٩ ـ (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ـ ١٠ ـ يعنى للخليقة من أهل الأرض (فِيها) يعنى فى الأرض (فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) ـ ١١ ـ يعنى ذات الأجواف ، مثل قوله : «... وما تخرج من ثمرات من أكمامها ...» (١) يعنى الكفرى موقر «طلعها (٢)» (وَالْحَبُ) فيها يعنى فى الأرض أيضا ، الحب : يعنى البر والشعير (ذُو الْعَصْفِ) يعنى ورق الزرع الذي يكون فيه الحب (وَالرَّيْحانُ) ـ ١٢ ـ يعنى الرزق نظيرها فى الواقعة (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ ...) (٣) يعنى الرزق بلسان حمير الذي يخرج من الحب من دقيق أو سويق أو غيره فذكر ما خلق من «النعم» (٤) ، فقال (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ١٣ ـ يعنى الجن والإنس يعنى فبأى نعماء ربكما تكذبان بأنها ليست من الله ـ تعالى ـ ثم قال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) يعنى آدم ـ عليه‌السلام ـ (مِنْ صَلْصالٍ) يعنى من تراب الرمل ومعه من الطين الحر ، «قال (٥)» ابن عباس الصلصال : الطين الجيد إذا ذهب عنه الماء «فتشقق (٦)» فإذا تحرك تقعقع ، وأما قوله : (كَالْفَخَّارِ) ـ ١٤ ـ يعنى هو بمنزلة الفخار من قبل أن يطبخ ، يقول كان ابن آدم من قبل أن ينفخ فيه الروح بمنزلة الفخار أجوف (وَخَلَقَ الْجَانَ)

__________________

(١) سورة فصلت الآية ٤٧ ، وتمامها : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ).

(٢) فى ف : «بطلعها».

(٣) سورة الواقعة : ٨٩.

(٤) فى أ : «النعيم».

(٥) فى أ : «فقال» ، وفى ف : «قال».

(٦) فى أ : «تشقق» ، وفى ف : «فتشقق».

١٩٦

يعنى إبليس (مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) ـ ١٥ ـ يعنى من لهب النار صاف ليس له دخان ، وإنما سمى الجان لأنه من حي من الملائكة يقال لهم الجن ، «فالجن الجماعة ، والجان الواحد (١)» وكان حسن خلقهما من النعم ، فمن ثم قال : (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ١٦ ـ (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) مشرق أطول يوم فى السنة وهو خمس عشرة ساعة ، ومشرق أقصر يوم فى السنة وهو تسع ساعات (وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) ـ ١٧ ـ يعنى مغاربهما يعنى مغرب أطول ليلة ويوم فى السنة وأقصر ليلة ويوم فى السنة فهما يومان فى السنة ، ثم جمعها فقال : («... بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) (٢) ...» (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ١٨ ـ أنها ليست من الله ـ تعالى ـ قوله (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) يعنى خلع البحرين ماء المالح وماء العذب خلع أحدهما على الآخر (يَلْتَقِيانِ) ـ ١٩ ـ. قال أبو محمد : قال أبو العباس أحمد بن يحيى : «مرج» يعنى خلق. وقال الفراء : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) يعنى أرسلهما. وقال أبو عبيدة مجازه مرجت الدابة أى خلعت عنقها (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) يعنى حاجزا حجز الله أحدهما عن الآخر بقدرته ف (لا يَبْغِيانِ) ـ ٢٠ ـ يعنى لا يبغى أحدهما على الآخر [١٧٨ ب] فلا يختلطان ولا يتغير «طعمهما (٣)» وكان هذا من النعم ، فلذلك قال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما) يعنى فبأى نعماء ربكما (تُكَذِّبانِ) ـ ٢١ ـ أنها ليست من الله ـ تعالى ـ (يَخْرُجُ مِنْهُمَا) من الماءين جميعا ، ماء الملح وماء العذب ومن ماء السماء (اللُّؤْلُؤُ) الصغار (وَالْمَرْجانُ) ـ ٢٢ ـ يعنى الدر

__________________

(١) من ف ، وفى أ : «والجان جماعة والجان الواحد».

(٢) سورة المعارج : ٤٠.

(٣) فى أ ، ف : «طعمه».

١٩٧

العظام (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٢٣ ـ فهذا من النعم ، قوله : (وَلَهُ الْجَوارِ) يعنى السفن (الْمُنْشَآتُ) يعنى المخلوقات (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) ـ ٢٤ ـ يعنى كالجبال يشبه السفن فى البحر كالجبال فى البر ، «فكانت» (١) السفن من النعم ، ثم قال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٢٥ ـ يعنى نعماء ربكما تكذبان ، قوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) ـ ٢٦ ـ يعنى «من (٢)» على الأرض من الحيوان فان يعنى هالك (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) ـ ٢٧ ـ (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٢٨ ـ فلما نزلت هذه الآية قلت الملائكة الذين فى السماء هلك أهل الأرض العجب لهم كيف تنفعهم المعيشة حتى أنزل الله ـ تعالى ـ فى القصص «... كل شيء هالك إلا وجهه ...» (٣) يعنى كل شيء من الحيوان فى السموات والأرض يموت إلا وجهه يقول إلا (٤) الله ، فأيقنوا عند ذلك كلهم بالهلاك ، قوله : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعنى يسأل أهل الأرض الله الرزق ، وتسأل الملائكة أيضا لهم الرزق والمغفرة (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ـ ٢٩ ـ وذلك أن اليهود قالت : إن الله لا يقضى يوم السبت شيئا فأنزل الله ـ تعالى ـ (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) يوم السبت وغيره ، وشأنه أنه يحدث فى خلقه ما يشاء من خلق ، أو عذاب ، أو شدة ، أو رحمة ، أو رخاء ، أو رزق ، أو حياة ، أو موت. فمن مات محى اسمه من

__________________

(١) فى أ : «فكان».

(٢) «من» : ساقطة من أ.

(٣) سورة القصص : ٨٨.

(٤) عرف عن مقاتل التجسيم فى مثل هذا المقام ، فقد فسر (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) سورة طه : «بالاستواء فوق العرش ، ولكن تفسيره لهذه الآية : (... كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ...) سورة القصص : ٨٨. بقوله إلا الله ، تفسير بعيد عن التجسيم.

١٩٨

اللوح المحفوظ (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٣٠ ـ يعنى نعماء ربكما تكذبان أنها ليست من الله ـ تعالى ـ (سَنَفْرُغُ لَكُمْ «أَيُّهَ») (١) (الثَّقَلانِ) ـ ٣١ ـ يعنى سنفرغ لحساب الإنس والجن ولم يعن به الشياطين ؛ لأنهم هم أغووا الإنس والجن ، وهذا من كلام العرب يقول سأفرغ لك ، وإنه لفارغ قبل ذلك وهذا «تهديد (٢)» والله ـ تعالى ـ لا يشغله شيء يقول سيفرغ الله فى الآخرة «لحسابكم (٣)» «أيها (٤)» الثقلان يعنى الجن والإنس.

حدثنا عبيد الله قال : حدثني أبى قال : قال أبو صالح : قال سعيد بن جبير : فى قوله : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ) يقول سأقصد لحسابكم (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥) ـ ٣٢ ـ قوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) قد جاء آجالكم فهذا وعيد من الله ـ تعالى ـ ، يقول : («يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) (٦) ...» لأن الشياطين أضلوهما فبعث فيهم رسلا منهم ، «قال (٧)» : (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا) [١٧٩ أ] (مِنْ أَقْطارِ) يعنى من قطري (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقول أن تنفذوا من أطراف السموات والأرض هربا من الموت (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ) يعنى لا تنفذوا (إِلَّا بِسُلْطانٍ) ـ ٣٣ ـ يعنى إلا بملكي حيثما توجهتم فثم ملكي فأنا آخذكم بالموت (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما) يعنى نعماء ربكما

__________________

(١) فى ف : أ«أيها» ، فى المصحف : «أيه».

(٢) فى أ ، ف : «تهدو».

(٣) فى أ : «لحسابهم» ، وفى ف : «لحسابكم».

(٤) فى أ : «أيه» ، وفى ف : «أيها».

(٥) (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : ساقطة من أ ، ف.

(٦) سورة الأنعام : ١٤٠.

(٧) فى أ ، ف : «فقال».

١٩٩

(تُكَذِّبانِ) ـ ٣٤ ـ أن أحدا يقدر على هذا غير الله ـ تعالى ـ ، قوله ـ تعالى ـ : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ) يعنى كفار الجن والإنس فى الآخرة شواظ من نار يعنى لهب النار ليس له دخان (وَنُحاسٌ) يعنى الصفر الذائب وهي خمسة أنهار تجرى من تحت العرش على رءوس أهل النار ثلاثة أنهار على مقدار الليل ، ونهران على مقدار أنهار الدنيا (فَلا تَنْتَصِرانِ) ـ ٣٥ ـ يعنى فلا تمتنعان من ذلك ، فذلك قوله فى سورة النحل : (... زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ ...) (١) يعنى الأنهار الخمس بما كانوا يفسدون (فَبِأَيِّ آلاءِ) يعنى نعماء (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ـ ٣٦ ـ (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ) يعنى انفرجت من المجرة ، وهو البياض الذي يرى فى وسط السماء وهو شرج السماء لنزول من فيها ، يعنى الرب ـ تعالى ـ والملائكة (فَكانَتْ) يعنى فصارت من الخوف (وَرْدَةً كَالدِّهانِ) ـ ٣٧ ـ شبه لونها فى «التغير (٢)» والتلون «بدهان (٣)» الورد «الصافي (٤)».

قال أبو صالح : شبه لونها بلون دهن الورد ، ويقال بلون الفرس الورد يكون فى الربيع كميتا أشقر ، وفى الشتاء أحمر ، فإذا اشتد البرد كان أغير فشبه لون السماء فى اختلاف أحوالها بلون الفرس فى الأزمنة المختلفة.

وقال الفراء : فى قوله (وَرْدَةً كَالدِّهانِ) أراد بالوردة الفرس الورد يكون فى الربيع «وردة» (٥) إلى الصفرة فإذا اشتد البرد كانت حمراء ، فإذا كان بعد ذلك

__________________

(١) سورة النحل : ٨٨.

(٢) فى ف : «التغيير».

(٣) «كدهان» : وردت هكذا فى أ ، ف ، والأنسب «بدهان».

(٤) فى أ : «الصاف».

(٥) فى أ : «ورد» والأنسب «وردة».

٢٠٠