تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

تفسير مقاتل بن سليمان - ج ٤

المؤلف:


المحقق: عبدالله محمود شحاته
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١٠٦٧

[سورة الطور (١)]

سورة الطور مكية وعددها تسع وأربعون آية كوفى (٢)

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

القسم بعذاب الكفار ، والإخبار من ذلهم فى العقوبة ، ومنازلهم من النار ، وطرب أهل الجنة بثواب الله الكريم الغفار وإلزام الحجة على الكفرة الفجار ، وبشارتهم قبل عقوبة العقبى بعذابهم فى هذه الدار ، ووصية سيد الرسل بالعبادة والاصطبار فى قوله : (مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ). سورة الطور : ٤٩.

(٢) فى المصحف : (٥٢) سورة الطور مكية وآياتها ٤٩ نزلت بعد سورة السجدة.

١٤١
١٤٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

قال : لما كذب كفار مكة أقسم الله ـ تعالى ـ فقال : (وَالطُّورِ) ـ ١ ـ يعنى الجبل بلغة النبط ، الذي كلم الله عليه موسى ـ عليه‌السلام ـ «بالأرض (١) المقدسة» (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) ـ ٢ ـ يعنى أعمال بنى آدم «مكتوبة» (٢) يقول أعمالهم تخرج إليهم يومئذ يعنى يوم القيامة (فِي رَقٍ) يعنى أديم الصحف (مَنْشُورٍ) ـ ٣ ـ (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) ـ ٤ ـ واسمه «الصراح» (٣) وهو فى السماء الخامسة ، ويقال فى سماء الدنيا حيال الكعبة فى العرض والموضع غير أن طوله كما بين السماء والأرض وعمارته أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يصلون فيه يقال لهم الجن ، ومنهم كان إبليس ـ وهم حي من الملائكة ـ لم يدخلوه قط (٤) ولا يعودون فيه إلى يوم القيامة ، ثم ينزلون إلى البيت الحرام فيطوفون به ويصلون فيه ، ثم يصعدون إلى السماء فلا يهبطون إليه أبدا (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) ـ ٥ ـ يعنى السماء رفع من الأرض مسيرة خمسمائة عام ، يعنى السموات (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) ـ ٦ ـ تحت العرش «الممتلئ» (٥) من الماء يسمى بحر الحيوان يحيى الله به الموتى فيما بين النفختين.

__________________

(١) وردت فى أ ، ف «بأرض المقدسة» ، والأنسب «بالأرض المقدسة».

(٢) فى أ : «مكتوب» ، وفى ف : «مكتوبة».

(٣) فى أ : «الضراخ» ، وفى ف : «الصراح».

(٤) كذا فى أ ، ف ، والعبارة ركيكة كما ترى.

(٥) فى أ ، ف : «الممتلى».

١٤٣

حدثنا عبد الله قال : حدثني أبى ، قال : قال الهذيل : سمعت المبارك ابن فضالة عن الحسن فى قوله (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) قال : المملوء مثل قوله : «... ثم في النار يسجرون» (١) قال ولم أسمع مقاتل.

فأقسم الله ـ تعالى ـ بهؤلاء الآيات ، فقال : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) ـ ٧ ـ بالكفار (ما لَهُ) يعنى العذاب (مِنْ دافِعٍ) ـ ٨ ـ فى الآخرة يدفع عنهم ، ثم أخبر متى يقع بهم العذاب؟ فقال : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) ـ ٩ ـ يعنى استدارتها وتحريكها بعضها فى بعض من الخوف (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) ـ ١٠ ـ من أمكنتها حتى تستوي بالأرض كالأديم الممدود (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ـ ١١ ـ بالعذاب ، ثم نعتهم فقال : (الَّذِينَ هُمْ) [١٧١ ب] (فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) ـ ١٢ ـ يعنى فى باطل لاهون ، ثم قال : والويل لهم (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) ـ ١٣ ـ وذلك أن خزنة جهنم بعد الحساب يغلون بأيدى الكفار إلى أعناقهم ، ثم يجمعون نواصيهم إلى أقدامهم وراء ظهورهم ثم يدفعونهم فى جهنم دفعا على وجوههم ، إذا دنوا منها قالت لهم خزنتها : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) ـ ١٤ ـ فى الدنيا (أَفَسِحْرٌ هذا) العذاب الذي ترون فإنكم زعمتم فى الدنيا «أن الرسل» (٢) سحرة (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) ـ ١٥ ـ فلما ألقوا فى النار قالت لهم الحزنة : (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ١٦ ـ من الكفر والتكذيب فى الدنيا (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) يعنى الذين يتقون الشرك (فِي جَنَّاتٍ) يعنى البساتين

__________________

(١) سورة غافر : ٧٢.

(٢) أن الرسل : من ف ، وليست فى أ.

١٤٤

(وَنَعِيمٍ) ـ ١٧ ـ (فاكِهِينَ) يعنى معجبين ومن قرأها «فاكهين» يعنى ناعمين محبورين (بِما آتاهُمْ) يعنى بما أعطاهم (رَبُّهُمْ) فى الجنة من الخير والكرامة (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) ـ ١٨ ـ (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) يعنى الذي ليس عليهم مشقة ولا تبعة حلالا لا يحاسبون عليه (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ ١٩ ـ فى الدنيا (مُتَّكِئِينَ عَلى «سُرُرٍ» مَصْفُوفَةٍ) يعنى مصففة فى الخيام (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) ـ ٢٠ ـ يعنى البيضاء المنعمة «عين» يعنى العيناء الحسنة العين ، ثم قال فى التقديم : (وَالَّذِينَ آمَنُوا «وَاتَّبَعَتْهُمْ») (١) (ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) يعنى من أدرك العمل «من أولاد» (٢) بنى آدم المؤمنين فعمل خيرا فهم مع آبائهم فى الجنة ، ثم قال : (أَلْحَقْنا بِهِمْ «ذُرِّيَّتَهُمْ») (٣) يعنى الصغار الذين لم يبلغوا العمل من أولاد المؤمنين فهم معهم وأزواجهم فى الدرجة لتقر أعينهم (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يقول وما نقصنا الآباء إذا كانوا مع الأبناء من عملهم شيئا ، ثم قال : (كُلُّ «امْرِئٍ») (٤) كافر (بِما كَسَبَ) يعنى بما عمل من الشرك (رَهِينٌ) ـ ٢١ ـ يعنى مرتهن بعمله فى «النار» (٥) ، ثم رجع إلى الذين آمنوا فقال : (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ) (لَحْمِ طَيْرٍ) (٦) (مِمَّا يَشْتَهُونَ) ـ ٢٢ ـ يعنى مما يتخيرون من ألوان الفاكهة ومن لحوم

__________________

(١) فى أ : «وأتبعناهم».

(٢) «من أولاد» من ف ، وليس فى أ.

(٣) فى أ : «ذرياتهم».

(٤) فى أ : «امرء».

(٥) فى أ : «الدنيا» ، وفى ف : «النار».

(٦) (لَحْمِ طَيْرٍ) : ليست فى أ.

تفسير مقائل ج ٤ ـ م ١٠

١٤٥

الطير (يَتَنازَعُونَ فِيها) يعنى يتعاطون فى الجنة تعطيهم الخدم بأيديهم «ري المخدوم» (١) من الأشربة فهذا التعاطي (كَأْساً) يعنى الخمر (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) ـ ٢٣ ـ يعنى لا حلف (٢) فى شربهم ، ولا مأثم يعنى ولا كذب كفعل أهل الدنيا إذا شربوا الخمير نظيرها فى الواقعة (٣) (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ) لا يكبرون أبدا (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) ـ ٢٤ ـ يقول كأنهم فى الحسن والبياض مثل اللؤلؤ المكنون فى الصدف لم تمسسه الأيدى ، ولم تره الأعين ، ولم يخطر على قلب بشر ، (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) ـ ٢٥ ـ يقول إذا زار بعضهم بعضا فى الجنة فيتساءلون بينهم «عما» (٤) كانوا فيه [١٧٢ أ] من الشفقة فى الدنيا ، فذلك قوله : (قالُوا) (٥) (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) ـ ٢٦ ـ من العذاب (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بالمغفرة (وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ) ـ ٢٧ ـ يعنى الريح الحارة فى جهنم وما فيها من أنواع العذاب (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ) فى الدنيا (نَدْعُوهُ) ندعو الرب (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ) الصادق فى قوله : (الرَّحِيمُ) ـ ٢٨ ـ بالمؤمنين (فَذَكِّرْ) يا محمد أهل مكة (فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) يعنى برحمة ربك وهو القرآن (بِكاهِنٍ) يبتدع العلم من غير وحى (وَلا مَجْنُونٍ) ـ ٢٩ ـ

__________________

(١) فى أ : «دى المختوم» ، وفى ف : «ري المختوم».

(٢) كذلك فى أ ، ف ، ولعل المراد اليمين الكاذبة والحلف الباطل.

(٣) يشير إلى آيتي ١٨ ، ١٩ من سورة الواقعة وهما (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ، لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ).

(٤) فى أ : «ما» ، والأنسب : «عما».

(٥) «قالوا» ، ساقطة من أ

١٤٦

كما يقول كفار مكة (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ) نزلت فى عقبة بن أبى معيط ، والحارث بن قيس ، وأبى جهل بن هشام ، والنضر بن الحارث ، والمطعم ابن عدى بن نوفل بن عبد مناف ، قالوا : إن محمدا شاعر فنتربص به (رَيْبَ الْمَنُونِ) ـ ٣٠ ـ يعنى حوادث الموت ، قالوا توفى أبو النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عبد الله بن عبد المطلب وهو شاب ، ونحن نرجو من اللات والعزى أن تميت محمدا شابا كما مات أبوه ، يعنى بريب المنون حوادث الموت يقول الله ـ تعالى ـ لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (قُلْ تَرَبَّصُوا) بمحمد الموت (فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) ـ ٣١ ـ بكم العذاب فقتلهم الله ببدر (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ) (١) يقول أتأمرهم أحلامهم (بِهذا) «والميم» هاهنا صلة بأنه شاعر مجنون كاهن يقول الله ـ تعالى ـ لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «فاستفتهم «هل» (٢) تدلهم أحلامهم وعقولهم على هذا القول أنه شاعر مجنون كاهن (٣)» (أَمْ هُمْ) بل هم (قَوْمٌ طاغُونَ) ـ ٣٢ ـ يعنى عاصين (أَمْ يَقُولُونَ) يعنى أيقولون إن محمدا (تَقَوَّلَهُ) (٤) تقول هذا القرآن من تلقاء نفسه اختلقه (بَلْ لا «يُؤْمِنُونَ») (٥) ـ ٣٣ ـ يعنى لا يصدقون بالقرآن (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) يعنى من تلقاء أنفسهم مثل هذا القرآن كما جاء به محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لقولهم إن محمدا تقوله (إِنْ كانُوا صادِقِينَ) ـ ٣٤ ـ بأن محمدا تقوله (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) يقول أكانوا خلقوا من غير شيء (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) ـ ٣٥ ـ يعنى أم هم خلقوا

__________________

(١) يقصد الميم فى قوله : «أم تأمرهم» يعنى أتأمرهم.

(٢) «هل» : زيادة اقتضاها السياق ليست بالأصل.

(٣) فى أ ، ف : «فاستفتهم أحلامهم وعقولهم تدلهم على هذا القول أنه شاعر مجنون».

(٤) فى أ : «تقول».

(٥) فى أ : «يوقنون».

١٤٧

الخلق (أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) يعنى أخلقوا السموات والأرض؟ ثم قال : (بَلْ) ذلك خلقهم فى الإضمار بل (لا يُوقِنُونَ) ـ ٣٦ ـ بتوحيد الله الذي خلقهما أنه واحد لا شريك له (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ) يعنى أعندهم خزائن (رَبِّكَ) يعنى أعندهم خزائن ربك يقول أبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة فيضعونها حيث شاءوا ، يقول ولكن الله يختار لها من يشاء من عباده ، لقولهم (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا ...) (١) فأنزل الله ـ تعالى ـ (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) ـ ٣٧ ـ يعنى أم هم المسيطرون على الناس فيجبرونهم على ما شاءوا ويمنعونهم عما شاءوا (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) يعنى ألهم سلم [١٧٢ ب] إلى السماء يصعدون فيه ، يعنى عليه ، مثل قوله : (... لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ...) (٢) يعنى على جذوع النخل ، فيستمعون الوحى من الله ـ تعالى ـ إلى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ) يعنى صاحبهم الذي يستمع الوحى (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ـ ٣٨ ـ يعنى بحجة بينة بأنه يقدر على أن يسمع الوحى من الله ـ تعالى ـ (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) ـ ٣٩ ـ وذلك أنهم قالوا «الملائكة» (٣) بنات الله ، فقال الله ـ تعالى ـ لنبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى الصافات «فاستفتهم» يعنى سلهم (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) (٤) [فسألهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى هذه السورة (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (٥) وفى النجم

__________________

(١) سورة ص : ٨.

(٢) سورة طه : ٧١ وتمامها : (قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى).

(٣) فى أ : «الملائكة» ، وفى ف : «الملائكة».

(٤) سورة الصافات : ١٤٩.

(٥) سورة الطور : ٣٩.

١٤٨

قال : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى») (١) (٢)] (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) على الإيمان يعنى جزاء يعنى خراجا (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) ـ ٤٠ ـ يقول أثقلهم الغرم فلا يستطيعون الإيمان من أجل الغرم (أَمْ عِنْدَهُمُ) يقول أعندهم علم (الْغَيْبُ) بأن الله لا يبعثهم ، وأن ما يقول محمد غير كائن ومعهم بذلك كتاب (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) ـ ٤١ ـ ما شاءوا (أَمْ يُرِيدُونَ) يقول أيريدون فى دار الندوة (كَيْداً) يعنى مكرا بمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (هُمُ الْمَكِيدُونَ) ـ ٤٢ ـ يقول هم الممكور بهم فقتلهم الله ـ عزوجل ـ ببدر (أَمْ لَهُمْ) يقول ألهم (إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) يمنعهم من دوننا من مكرنا بهم ، يعنى القتل ببدر فنزه الرب نفسه ـ تعالى ـ من أن يكون معه شريك ، فذلك قوله : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ـ ٤٣ ـ معه ، ثم ذكر قسوة قلوبهم فقال : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ) يقول جانبا من السماء (ساقِطاً) عليهم لهلاكهم (يَقُولُوا) (٣) من تكذبيهم هذا (سَحابٌ مَرْكُومٌ) ـ ٤٤ ـ بعضه على بعض (فَذَرْهُمْ) فخل عنهم يا محمد (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ) فى الآخرة (الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) ـ ٤٥ ـ يعنى يعذبون ، ثم أخبر عن ذلك اليوم فقال : (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ) فى الآخرة (كَيْدُهُمْ شَيْئاً) يعنى مكرهم بمحمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ شيئا من العذاب (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) ـ ٤٦ ـ يعنى ولا هم يمنعون من العذاب ، ثم أوعدهم أيضا العذاب فى الدنيا فقال : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) يعنى كفار مكة

__________________

(١) سورة النجم : ٢١ ـ ٢٢ ، وقد وردت فى الأصل (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ).

(٢) ما بين القوسين [...] فيه اختلاف عن الآيات فى المصحف وقد وضحته ، فقد ورد ، [فسألهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى هذه السورة ، وفى النجم (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) ، وقال : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)].

(٣) فى : أ«لقالوا» ، وفى حاشية أ : «يقولوا».

١٤٩

(عَذاباً دُونَ ذلِكَ) يعنى دون عذاب الآخرة عذابا فى الدنيا القتل ببدر (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٤٧ ـ بالعذاب أنه نازل بهم فكذبوه ، فقال يعزى نبيه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) يعنى لقضاء ربك على تكذيبهم إياك (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) يقول إنك بعين الله ـ تعالى ـ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) يقول وصل بأمر ربك (حِينَ تَقُومُ) ـ ٤٨ ـ إلى الصلاة المكتوبة (وَمِنَ اللَّيْلِ) [١٧٣ أ] (فَسَبِّحْهُ) يعنى فصل المغرب والعشاء (وَ) صل (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) ـ ٤٩ ـ يعنى الركعتين قبل صلاة الغداة وقتهما بعد طلوع الفجر ، قوله : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) يقول اذكره بأمره ، مثل قوله : (... وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ (١) ...) ، ومثل قوله : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ (٢) ...).

__________________

(١) سورة الإسراء : ٤٤.

(٢) سورة الإسراء : ٥٢.

١٥٠

سورة النّجم

١٥١
١٥٢

(٥٣) سورة النجم مكية

وآياتها ثنتان وستون

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥)

١٥٣

ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠) ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ

١٥٤

عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١) وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ

١٥٥

الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢))

١٥٦

[سورة النجم (١)]

سورة النجم مكية ، عددها «اثنتان (٢)» وستون آية كوفى (٣).

__________________

(١) معظم مقصود السورة :

القسم بالوحي ، وذكر قبيح أقوال الكفار ، وعقيدتهم فى حق الملائكة والأصنام ، ومدح مجتبى الكبائر ، والشكرى من المعرضين عن الصدفة ، وبيان جزاء الأعمال فى القيامة ، وإقامة أنواع الحجة على وجود الصانع ، والإشارة إلى أحوال من هلكوا من القرون الماضية ، والتخويف بسرعة مجيء القيامة ، والأمر بالخضوع والانقياد لأمر الحق ـ تعالى ـ فى قوله : (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) سورة النجم : ٦٢

(٢) فى أ : اثنان.

(٣) وفى المصحف : (٥٣) سورة النجم مكية. إلا آية ٣٢ فمدنية وآياتها ٦٣ نزلت بعد سورة الإخلاص.

١٥٧
١٥٨

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

أقسم الله ـ عزوجل ـ ب (النَّجْمِ إِذا هَوى) يقول (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) وهي أول سورة أعلنها (١) النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمكة فلما بلغ آخرها سجد وسجد من «بحضرته (٢)» من مؤمنى الإنس والجن والشجر وذلك أن كفار مكة قالوا : إن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ، فأقسم الله بالقرآن فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) ـ ١ ـ يعنى من السماء إلى محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مثل قوله «فلا أقسم بمواقع النجوم» (٣) وكان القرآن إذا نزل إنما ينزل نجوما ثلاث آيات وأربع ونحو ذلك والسورة والسورتان فأقسم الله بالقرآن فقال : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) محمد (وَما غَوى) ـ ٢ ـ وما تكلم بالباطل (وَما يَنْطِقُ) محمد هذا القرآن (عَنِ الْهَوى) ـ ٣ ـ من تلقاء نفسه (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ـ ٤ ـ إليه يقول ما هذا القرآن إلا وحى من الله ـ تعالى ـ يأتيه به جبريل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، فذلك قوله : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) ـ ٥ ـ يعنى القوة فى كل شيء يعنى جبريل ، ثم قال : (ذُو مِرَّةٍ) يعنى جبريل ـ عليه‌السلام ـ يقول ذو قوة (فَاسْتَوى) ـ ٦ ـ يعنى سويا حسن الخلق (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) ـ ٧ ـ يعنى من قبل المطلع

__________________

(١) فى أ : «علنها» ، وفى ف : «أعلنها».

(٢) فى الأصول : «يحضرنه» ، ولكن الأنسب «بحضرته».

(٣) سورة الواقعة : ٧٥.

١٥٩

(ثُمَّ دَنا) الرب ـ تعالى ـ من محمد (فَتَدَلَّى) ـ ٨ ـ وذلك ليلة أسرى بالنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى السماء السابعة (فَكانَ) منه (قابَ قَوْسَيْنِ) يعنى قدر ما بين طرفي القوس من قسى «العرب (١)» (أَوْ أَدْنى) ـ ٩ ـ يعنى بل أدنى أو أقرب من ذلك.

حدثنا عبد الله قال : سمعت أبا العباس يقول : «قاب قوسين» يعنى قدر طول قوسين من قسى العرب (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ) محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ (ما أَوْحى) ـ ١٠ ـ (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ـ ١١ ـ يعنى ما كذب قلب محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ما رأى بصره من أمر ربه تلك الليلة (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى) (٢) ـ ١٢ ـ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) ـ ١٣ ـ يقول رأى محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ربه بقلبه مرة أخرى ، رآه (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) ـ ١٤ ـ أغصانها اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وهي شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة العليا (عِنْدَها) (٣) (جَنَّةُ الْمَأْوى) ـ ١٥ ـ تأوى إليها أرواح الشهداء أحياء يرزقون [١٧٣ ب] وإنما سميت المنتهى لأنها ينتهى إليها علم كل ملك مخلوق ، ولا يعلم ما وراءها أحد إلا الله ـ عزوجل ـ كل ورقة منها تظل أمة من الأمم على كل ورقة منها ملك يذكر الله ـ عزوجل ـ ولو أن ورقة منها وضعت فى الأرض لأضاءت لأهل الأرض نورا تحمل لهم الحلل والثمار من جميع الألوان ، ولو أن رجلا ركب حقة فطاف على ساقها (٤) ما بلغ المكان الذي ركب منه حتى يقتله الهرم وهي طوبى التي ذكر الله

__________________

(١) فى أ : «العر» ، وفى ف : «العرب».

(٢) (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى) : ساقطة من أ.

(٣) فى أ : «فى».

(٤) أى على ساق الشجرة المسماة سدرة المنتهى.

١٦٠