بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

شعب العلافيّات تحت فروجهم

والمحصنات عوازب الأطهار (١)

يقول : استبدلوا شعب الرّحال يتورّكونها من غشيان النساء فيطهرن ، وهم غيب فيعزب طهرهنّ عنهم.

العزّة : حالة مانعة للإنسان من أن يغلب ، من قولهم : أرض عزاز أى صلبة. وتعزّز اللحم : اشتدّ وعزّ ، كأنّه حصل فى عزاز من الأرض يصعب الوصول إليه. والعزيز : الذى يقهر ولا يقهر. قال تعالى : (هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٢) ، وقال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(٣).

والعزّة يمدح بها تارة ، ويذمّ بها تارة كعزة الكفّار : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ)(٤). ووجه ذلك أنّ العزّة لله ولرسوله هى الدّائمة الباقية ، وهى العزّة الحقيقية ، والعزّة التى هى للكافر هى التعزّز وهى فى الحقيقة ذلّ لأنه تشبّع (٥) بما لم يعط ، قال تعالى : (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)(٦) أى ليمتنعوا (٧) به من العذاب. وقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً)(٨) معناه : من كان يريد أن يعزّ فإنّه يحتاج أن يكتسب من الله [العزّة](٩) فإنّها له.

وقد يستعار العزّة للحميّة والأنفة المذمومة ، وذلك فى قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ)(١٠).

__________________

(١) من قصيدة يهجو فيها زرعة بن عمرو ، ويتوعده أنه سيغزوه بقوم ذكر من صفاتهم ما فى البيت. والفروج : جمع فرج وهو ما بين الرجلين

(٢) الآيتان ٦ ، ١٨ سورة آل عمران. وورد فى مواطن أخر

(٣) الآية ٨ سورة المنافقين

(٤) الآية ٢ سورة ص

(٥) فى الأصلين : «مشبع» وما أثبت عن التاج فيما نقل عن البصائر

(٦) الآية ٨١ سورة مريم

(٧) فى الراغب : «ليتمنعوا»

(٨) الآية ١٠ سورة فاطر

(٩) زيادة من الراغب

(١٠) الآية ٢٠٦ سورة البقرة

٦١

ويقال : عزّ علىّ كذا أى صعب. قال تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ)(١).

وعزّه : غلبه ، يقال : من عزّ بزّ ، أى من غلب سلب. قال تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ)(٢) أى غلبنى أو صار أعزّ منىّ فى المخاطبة والمحاجّة. وعزّز المطر الأرض : صلّبها.

وعزّ الشىء : قلّ ، اعتبارا بما قيل : كلّ موجود مملول ، وكلّ مفقود مطلوب.

والعزّى : صنم. وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ)(٣) أى يصعب مثله ووجود مثله. (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ)(٤) ، أى قوّينا. وعزّز عليهم أى شدّد عليهم ولم يرخّص. وأنا معتز ببنى فلان ومستعزّ بهم. ويقال : ما العزوز كالفتوح ، ولا الجرور كالمتوح ، أى الضّيقة (٥) الإحليل كالواسعته ، والبعيدة القعر (٦) كالقريبته.

__________________

(١) الآية ١٢٨ سورة التوبة

(٢) الآية ٢٣ سورة ص

(٣) الآية ٤١ سورة فصلت

(٤) الآية ١٤ سورة يس

(٥) هذا من وصف الناقة

(٦) هذا من وصف البئر.

٦٢

٢٠ ـ بصيرة فى عزر وعزل وعزم

التعزير من الأضداد ، يستعمل بمعنى التعظيم وبمعنى الإذلال. يقال : زماننا العبد فيه معزّر موقّر ، والحرّ فيه معزّر موقّر. الأوّل بمعنى المنصور المعظّم ، والثانى بمعنى المضروب المهزّم (١). قال الله تعالى : (تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ)(٢).

والتعزير دون الحدّ ، وذلك (٣) يرجع إلى الأوّل ، لأنّ ذلك تأديب والتأديب نصرة بقهر ما.

العزل : التنحية. عزله يعزله ، وعزّله فاعتزل وانعزل ، وتعزّل : نحّاه جانبا فتنحّى ، قال تعالى : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ)(٤) ، وقوله تعالى : (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ)(٥) أى ممنوعون بعد أن كانوا يمكّنون. وعزل عن المرأة واعتزلها لم : يرد ولدها. وتعازلوا : انعزل بعضهم عن بعض. والعزلة : الاعتزال. والأعزل : من لا سلاح معه ، والرّمل المنفرد ، ومن الدّواب : المائل الذنب عادة. والعزلاء : الاست ، ومصبّ الماء من الرّاوية.

عزم على الأمر : عقد قلبه على إمضائه ، يعزم عزما وعزما ـ بالضمّ ـ ومعزما ومعزما وعزمانا وعزيما وعزيمة. وعزمه واعتزمه واعتزم عليه وتعزّم : أراد فعله وقطع عليه ، أو جدّ فى الأمر. وعزم الأمر نفسه : عزم عليه ،

__________________

(١) المهزم : الذى أحدث فيه هزمة وهى النقرة ، أى حدثت فيه جراح وخدوش

(٢) الآية ٩ سورة الفتح

(٣) لا حاجة لهذا هنا فهو يرجع إلى الاذلال من غير تأويل ، وأصل هذا من كلام الراغب ، وهو قد جعل التعزير النصر فجعله معنى واحدا ، وليس عنده من الأضداد فاحتاج إلى إدخال هذا المعنى فى النصر

(٤) الآية ١٦ سورة الكهف

(٥) الآية ٢١٢ سورة الشعراء

٦٣

وعلى الرّجل : أقسم عليه. قال الله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ)(١) وقال : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)(٢) ، وقال : (فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)(٣).

وأولو العزم من الرّسل : الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم. وقيل هم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، ومحمد.

الزمخشرى : أولو العزم منهم أولو الجدّ والثبات والصبر ، وقيل هم : نوح ، وإبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيّوب ، وموسى ، وداود ، وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم.

وعزم الراقى : قرأ العزائم أى الرّقى ، أو هى آيات من القرآن تقرأ على ذوى الآفات رجاء البرء. وعزمة من عزمات الله : حق من حقوقه أى واجب / ممّا أوجبه. وعزائم الله : فرائضه التى فرضها

__________________

(١) الآية ٢٣٥ سورة البقرة

(٢) الآية ١١٥ سورة البقرة

(٣) الآية ١٥٩ سورة آل عمران

٦٤

٢١ ـ بصيرة فى عزه وعسر وعس (وعسل)

العزة كعدة : العصبة من النّاس ، والجمع عزون كثبة (١) وثبون. (٢) [وعزاه إلى أبيه (٣) : نسبه إليه]. وعزا هو إليه وله ، واعتزى وتعزّى : انتسب ، صدقا أو كذبا.

والعسر ضدّ اليسر. والعسرة : تعسّر وجود المال ، قال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)(٤).

والعسّ : الطلب فى خفية. وبات يعسّ أى ينفض اللّيل عن أهل الرّيبة ، وهو عاسّ من عسس. ويعتسّ للآثار أى يقصّها.

وعسعس الليل : اعتكرت ظلماؤه ، وقوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ)(٥) قيل : أى أقبل وأدبر ، وذلك فى مبدإ اللّيل ومنتهاه.

والعسل : لعاب النحل ، وله نيّف وخمسون اسما. ومن المستعار : العسيلتان للعضوين (٦) لكونهما مظنّتى الالتذاذ. وعسلتهم وعسّلتهم (٧) : أطعمتهم العسل. وهو معسول الكلام والمواعيد : حلوه صادقه. وفى الحديث : «إذا أراد الله بعبد خيرا عسله» أى وفّقه للعمل الطيب.

__________________

(١) الثبة : العصبة من الفرسان

(٢) الأولى : «ثبين» ولكنه أراد حكاية الرفع

(٣) زيادة من القاموس بها ينتظم الكلام

(٤) الآيتان ٥ ، ٦ سورة الانشراح

(٥) الآية ١٧ سورة التكوير

(٦) تبع فى هذا الزمخشرى فى الأساس. وهو فى القاموس يفسر العسلة بالنطفة ، أو ماء الرجل ، أو حلاوة الجماع ، والمراد بالعضوين فرج الرجل وفرج المرأة

(٧) فى الأصلين : «أعسلتهم» والوارد فى اللسان والقاموس ما أثبت

٦٥

٢٢ ـ بصيرة فى عسى وعشر

وعسى ، قيل : فعل مطلقا ، وقيل : حرف مطلقا ، للترجى فى المحبوب ، وللإشفاق فى المكروه. واجتمعا فى قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ)(١) ، ويكون للشك ، ولليقين. وقد يشبّه (٢) بكاد. وهو من الله تعالى إيجاب ، وبمنزلة (٣) كان فى المثل السائر : عسى الغوير (٤) أبؤسا.

قوله تعالى : (هَلْ عَسَيْتُمْ)(٥) أى هل أنتم قريب من الفرار. وبالعسى أن تفعل : بالحرى. و (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ)(٦) أى كونوا راجين فى ذلك.

العشرة والعشر والعشرون معروفة. وعشرتهم : أخذت واحدا فصاروا تسعة. وعشّرتهم تعشيرا : كانوا تسعة فجعلتهم عشرة. وهو لا يعشر (٧) فلانا ظرفا أى لا يبلغ معشاره أى عشره. والعشارىّ : ما طوله عشرة (٨) أذرع من الثياب. وضرب فى أعشاره ، ولم يرض بمعشاره ، أى أخذه كلّه.

__________________

(١) الآية ٢١٦ سورة البقرة

(٢) أى أن الأصل أن يقرن الفعل بعدها بأن. وقد يخلو الفعل من أن فيكون ذلك حملا لعسى على كاد ، تقول : عسى أخى يحضر

(٣) أى جاء خبرها فى هذا المثل مفردا حملا لها على كان

(٤) الغوير : تصغير غار ، وأبؤس : جمع بأس ، يقال فى المثل : إن أناسا كانوا فى غار فانهار عليهم ، أو أتاهم فيه عدو فقتلهم ، يضرب فى توقع الشر.

(٥) يريد الآية ٢٤٦ من سورة البقرة. وهى : (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا)

(٦) الآية ١٢٩ سورة الأعراف

(٧) ضبط فى الأساس بضم الياء من الاعشار.

ولم أقف فيه على سند

(٨) الأولى : عشر أذرع فان الغالب فى الذراع التأنيث وإن جاء فيه التذكير

٦٦

وهو عشيرك ، أى معاشرك. والعشيرة : أهل الرجل الذين يتكثّر بهم ، أى يصيرون له بمنزلة العدد الكامل ، وذلك أنّ العشرة هو العدد الكامل. وعاشرته : صرت له كعشيرة فى المظاهرة ، ومنه قوله تعالى : (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(١)

ورد فى التنزيل العشرة وما يشتقّ منها على وجوه مختلفة :

كما فى مناسك الحجّ : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ)(٢).

وفى عدّة الوفاة : (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً)(٣).

وفى كفّارة اليمين : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ)(٤).

وفى جزاء الإحسان : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٥).

وفى الميقات الموسوىّ : (وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ)(٦).

وفى باب الحرب والغزاة : (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ)(٧).

وفى التحدّى بالقرآن : (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ)(٨).

وفى الحكاية عن قول الكفّار فى القيامة : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً)(٩).

وفى قصّة موسى وشعيب وقوله له : (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ)(١٠).

وفى الأيّام من ذى الحجّة ولياليها : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ)(١١).

وفى إخوة يوسف : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً)(١٢).

__________________

(١) الآية ١٩ سورة النساء

(٢) الآية ١٩٦ سورة البقرة

(٣) الآية ٢٣٤ سورة البقرة

(٤) الآية ٨٩ سورة المائدة

(٥) الآية ١٦٠ سورة الأنعام

(٦) الآية ١٤٢ سورة الأعراف

(٧) الآية ٦٥ سورة الأنفال

(٨) الآية ١٣ سورة هود

(٩) الآية ١٠٣ سورة طه

(١٠) الآية ٢٧ سورة القصص

(١١) أول سورة الفجر

(١٢) الآية ٤ سورة يوسف

٦٧

وفى عدد الشهور : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)(١).

وفى نقباء بنى إسرائيل : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(٢).

وفى الأسباط الّذين كان كلّ واحد منهم أمّة على حدة : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً)(٣).

وفى عدد أنهار بنى إسرائيل لإظهار المعجزة : (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً)(٤).

وفى عدد الموكّلين بالعقوبات : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ)(٥).

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة التوبة

(٢) الآية ١٢ سورة المائدة

(٣) الآية ١٦٠ سورة الأعراف

(٤) الآية ٣٦ سورة التوبة

(٥) الآية ٣٠ سورة المدثر

٦٨

٢٣ ـ بصيرة فى عشى

العشىّ والعشيّة : آخر النّهار ، وقيل : من زوال الشمس إلى الصّباح ، والجمع عشايا وعشيّات. والعشاءان : المغرب والعشاء الآخرة. ولقيته عشيشة وعشيشانا وعشيّانا وعشيشية وعشيشيات وعشيشيانات.

والعشى ـ بالكسر ـ والعشاء ـ كسماء ـ : طعام العشىّ. والجمع أعشية. وعشى (١) وهو عشيان. ومتعشّ (٢). وعشاه عشوا وعشيا ، وعشّاه وأعشاه : أطعمه إيّاه.

والعشا ـ مقصورة ـ : سوء البصر بالليل والنهار كالعشاوة ؛ وقيل : العمى. عشا يعشو كدعا يدعو ، و [عشى يعشى] كرضى يرضى ، وهو عش (٣) وأعشى ، وهى عشواء ، قال تعالى : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ)(٤).

والعشوة ـ بالضمّ والكسر ـ : النار الّتى ترى فى الليل من بعد. وقد عشاها وعشا إليها عشوا وعشوّا ، واعتشاها : رآها فقصدها مستضيئا.

__________________

(١) أى أكل طعام العشاء

(٢) أى يقال : تعشى فهو متعش ، إذا طعم طعام العشاء

(٣) هذا وما بعده وصفان من عشى المكسور العين

(٤) الآية ٣٦ سورة الزخرف

٦٩

٢٤ ـ بصيرة فى عصب

العصب : الطىّ الشديد. والمعصوب : الشديد اكتناز اللّحم. ورجل معصوب الخلق ، وجارية معصوبة : حسنة العصب مجدولة الخلق ، ومنه قوله تعالى : (يَوْمٌ عَصِيبٌ)(١) أى شديد جدّا. ويصحّ أن يكون بمعنى فاعل ، وأن يكون بمعنى مفعول أى يوم مجموع الأطراف. وعصبة الرّجل : بنوه وقرابته لأبيه ؛ لأنهم عصبوا به أى أحاطوا. فالأب طرف والابن طرف ، والعمّ جانب والأخ جانب ، والجمع العصبات.

والعصابة : الجماعة من الناس والخيل والطير لا واحد لها.

العصبة : جماعة متعصّبة متعاضدة ، قال الله تعالى : (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)(٢) أى مجتمعة الكلام متعاضدة. والعصبة ـ بالضمّ أيضا ، وبالفتح عن أبى عمرو ـ : نبات يتلوّى على الشجرة ، وهو اللّبلاب ؛ والنّشبة من الرّجال الّذى إذا عبث بشيء لم يكد يفارقه. وقال أبو الجرّاح : العصبة : هنة تلتفّ على القتادة لا تنزع منها إلّا بعد جهد ، وأنشد :

تلبّس حبّها بدمى ولحمى

تلبّس عصبة بفروع ضال (٣)

وعصّب رأسه بالعصابة تعصيبا. ثمّ جعل التعصيب كناية عن التسويد لأنّ العمائم تيجان العرب. وقيل للسيّد : المعمّم والمعصّب والمتوّج.

اعصوصب القوم : اجتمعوا ، واليوم : اشتدّ.

__________________

(١) الآية ٧٧ سورة هود

(٢) الآيتان ٨ ، ١٤ سورة يوسف

(٣) الضال : السدر البرى

٧٠

٢٥ ـ بصيرة فى عصر

العصر : الدّهر ، والجمع عصور وأعصار ، ومصدر عصرت الثوب والعنب ونحوه. والعصير : المعصور. والعصارة : نفايته. وقوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ)(١) أى السّحائب الّتى تعتصر بالمطر أى تغصّ (٢) به. وقيل : السّحائب الآتية بالإعصار أى الرّيح المثيرة للغبار.

وقد ورد العصر فى القرآن على ثلاثة أوجه :

الأوّل : بمعنى العصر الذى هو مصدر عصر العنب ونحوه ، قال تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٣).

الثانى : بمعنى النجاة من القحط : (يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)(٤) أى ينجون من القحط.

الثّالث : بمعنى الدّهر أو صلاة العصر : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)(٥).

والعصران : صلاة الغداة والعشىّ. وقيل : اللّيل والنهار كالقمرين (٦) للشمس والقمر. والعصرة : الملجأ.

__________________

(١) الآية ١٤ سورة النبأ

(٢) هذا تفسير الشىء بسببه ، فان الاعتصار أن يسيغ الغصة بالماء ، كما قال عدى :

لو بغير الماء حلقى شرق

كنت كالغصان بالماء اعتصارى

(٣) الآية ٣٦ سورة يوسف

(٤) الآية ٤٩ سورة يوسف

(٥) أول سورة العصر

(٦) هذا راجع للمعنى الأول ، أى غلب العصر بمعنى العشى فشمل الغداة.

٧١

٢٦ ـ بصيرة فى عصف وعصم

العصف : بقل الزّرع. قال تعالى : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(١) أى كزرع أكل حبّه وبقى تبنه ، أو كورق / أخذ ما كان فيه وبقى هو بلا حب ، أو كورق أكلته البهائم. وعصفه : جزّه قبل أن يدرك. والعصافة : ما يسقط من السّنبل من التبن. والعصيفة : الورق المجتمع الذى فيه السنبل. وعصفت الريح تعصف عصفا وعصوفا : اشتدّت فهى عاصفة وعاصف وعصوف. و (فِي يَوْمٍ عاصِفٍ)(٢) ، أى تعصف فيه الرّيح ، فاعل بمعنى مفعول.

عصم يعصم : اكتسب ، ومنع ، ووقى ، وإليه : اعتصم به. وقوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)(٣) أى لا شىء يعصم منه. ومن قال معناه لا معصوم فليس يعنى أنّ العاصم بمعنى المعصوم ، وإنما ذلك تنبيه على المعنى المقصود بذلك ، وذلك أنّ العاصم والمعصوم متلازمان ، فأيّهما حصل حصل الآخر معه.

والاعتصام : التمسّك بالشىء قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً)(٤) ، وقال : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٥) أى من يمتنع بلطفه من المعاصى. واستعصم : استمسك كأنه طلب ما يعتصم به من ركوب الفاحشة. وقوله : (فَاسْتَعْصَمَ)(٦) أى تحرّى ما يعصمه.

__________________

(١) الآية ٥ سورة الفيل

(٢) الآية ١٨ سورة إبراهيم

(٣) الآية ٤٣ سورة هود

(٤) الآية ١٠٣ سورة آل عمران

(٥) الآية ١٠١ سورة آل عمران

(٦) الآية ٣٢ سورة يوسف

٧٢

وعصمة الأنبياء : حفظ الله تعالى إيّاهم بما خصّهم به من صفاء الجوهر ، ثم بما أولاهم من الفضائل النفسيّة والجسميّة ، ثمّ بالنصرة وتثبيت أقدامهم ، ثم بإنزال السكينة عليهم ، وبحفظ قلوبهم ، وبالتوفيق.

والعصمة والعصمة ـ بالكسر والضمّ ـ : القلادة والسّوار ، والجمع : عصم ، وجمع الجمع : أعصم وعصمة. وجمع جمع الجمع : أعصام.

والمعصم : اليد ، وموضع السّوار.

والعصام : حبل يشدّ [به] الدّلو والقربة والإداوة (١) والمحمل ، ومن الوعاء : عروته التى يعلّق بها. والجمع : أعصمة وعصم.

__________________

(١) هى الاناء يوضع فيه الماء للطهارة ، وتفسر بالمطهرة

٧٣

٢٧ ـ بصيرة فى عصو وعض

العصا : العود ، مؤنّثة ، قال تعالى : (هِيَ عَصايَ)(١) ، والجمع : أعص وأعصاء وعصىّ وعصىّ. وعصاه : ضربه بها. وعصى بها ـ كرضى ـ : أخذها ، وبسيفه : أخذه أخذها. وقيل يقال : عصوت بالسّيف وعصيت بالعصا ، وقيل بالعكس ، وقيل كلاهما فى كليهما.

والعصيان : خلاف الطّاعة. عصاه يعصيه عصيا ومعصية ، وعاصاه ، فهو عاص وعصىّ.

والعضّ : الإمساك بالأسنان ، عضضته وعضضت (٢) عليه ـ بالكسر والفتح ـ عضّا وعضيضا. (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ)(٣) عبارة عن شدّة الندم ؛ لما جرى من عادة النّاس أن يفعلوه عند ذلك. والعضوض : ما يعضّ عليه ويؤكل كالعضاض ، والقوس لصق وترها بكبدها ، والمرأة الضيّقة ، والداهية ، والزمن الشديد ، والكلب (٤) ، وملك فيه عسف وظلم ، والبئر البعيدة القعر ، والجمع : عضض وعضاض.

والتعضوض : تمر أسود علك (٥).

__________________

(١) الآية ١٨ سورة طه

(٢) فى التاج أن بعضهم أنكر الفتح ، فان المضارع مفتوح العين البتة فلا يكون الماضى مفتوحها دون شرط الفتح وهو حلقية العين أو اللام ، وإنما هو من باب سمع فقط

(٣) الآية ٢٧ سورة الفرقان

(٤) هو فى معنى الشديد

(٥) أى جيد الممضغة

٧٤

٢٨ ـ بصيرة فى عضد وعضل

العضد : ما بين المرفق إلى الكتف. وفيها خمس لغات : عضد ، وعضد كحذر وحذر ، وعضد وعضد مثال ضعف وضعف ، وعضد بضمّتين.

وقرأ قوله تعالى : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)(١) بالفتح (٢) الأعرج وأحمد بن موسى عن أبى عمرو. وهى لغة تميم وبكر. وقرأ بالضمّ أبو حيوة. وقرأ الحسن والأعرج وابن عامر وأبو عمرو (عُضُدا) بضمّتين / وهى لغة بنى أسد. وقوله تعالى (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) أى أنصارا ، يقال : هو عضدى وهم عضدى وأعضادى ، قال مسلم (٣) بن عبد الله.

من يك ذا عضد يدرك ظلامته

إنّ الذليل الذى ليست له عضد

وفّت فلان فى عضد فلان أى كسر من نيّات أعوانه وفرّقهم عنه ، و (فى) بمعنى (من) كقول امرئ القيس :

وهل ينعمن من كان آخر عهده

ثلاثين شهرا فى ثلاثة أحوال (٤)

أى من ثلاثة أحوال. وقوله تعالى : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)(٥) لفظ العضد على سبيل المثل.

والمعضد : ما يعضد (٦) به الشجر ، والدملج (٧).

__________________

(١) الآية ٥١ سورة الكهف

(٢) أى فتح العين وسكون الضاد

(٣) فى التاج نسبه إلى الأحرد

(٤) من قصيدة فى الديوان ٢٧

(٥) الآية ٣٥ سورة القصص

(٦) أى يقطع

(٧) ما يلبس من الحلى فى العضد

٧٥

والعضد والعضيد : من يشتكى عضده. والعضد محرّكة : داء فى أعضاد الإبل. ويد عضدة : قصيرة العضد.

وعضادتا الباب : خشبتاه من جانبيه. والعضاد : سمة فى العضد. ورجل عضادىّ مثلثة : عظيم العضد.

والعضلة والعضيلة : كلّ عصبة معها لحم غليظ ورجل عضل وعضل (١) : كثير العضل.

وعضل المرأة يعضلها ويعضلها عضلا وعضلا وعضلانا وعضّلها تعضيلا : منعها الزّواج ظلما. وقوله تعالى : (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ)(٢) خطاب للأزواج ، وقيل : للأولياء.

__________________

(١) ضبط فى القاموس بفتح الأول وضم الثانى. وفى التاج أن هذا خطأ ، والصواب ضم الأول والثانى وتشديد الثالث

(٢) الآية ٢٣٢ سورة البقرة

٧٦

٢٩ ـ بصيرة فى عضو وعطف

العضو والعضو ـ بالضمّ والكسر ـ : كلّ لحم وافر بعظمه. والعضو ـ بالفتح ـ والتعضية : التجزئة والتفريق. والعضة ـ كعدة ـ : الفرقة والقطعة. والجمع عضون ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(١) أى متفرّقة (٢) ، فقالوا تارة : كهانة ، وقالوا : إفك مفترى ، وقالوا : أساطير الأوّلين ، ونحو ذلك ممّا وصفوه به. وقيل : معنى (عِضِينَ) ما قال تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)(٣) ، خلاف من قال فيه : (وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ)(٤). ويروى : لا تعضية فى ميراث ، أى لا يفرّق ما يكون تفريقه ضررا على الورثة ، كسيف يكسر نصفين ونحوه.

والعطف : الميل. وعطفا كلّ شىء ـ بالكسر ـ : جانباه. وتنحّ عن عطف الطّريق أى قارعته (٥). وهو ينظر فى عطفيه ، أى معجب. وجاء ثانى عطفه ، أى رخىّ البال ، أو لاويا عنقه أو متكبّرا معرضا. وعطف عليه وتعطّف : أشفق. والعطاف والمعطف : الرّداء والسّيف. وانعطف : انثنى. وتعاطفوا : عطف بعضهم على بعض. وامرأة عطيف : ليّنة مطواع لا كبر لها.

__________________

(١) الآية ٩١ سورة الحجر

(٢) كذا فى الأصلين يريد : أشياء متفرقة. وفى الراغب : «مفرقا»

(٣) الآية ٨٥ سورة البقرة

(٤) الآية ١١٩ سورة آل عمران

(٥) قارعة الطريق أعلاه.

٧٧

٣٠ ـ بصيرة فى عطل وعطو وعظم

عطلت المرأة ـ كفرحت ـ عطلا وعطولا وتعطّلت : إذا لم يكن عليها حلى ، فهى عاطل وعطل من عواطل وعطّل وأعطال ، فإذا كانت عادتها [ذلك](١) فمعطال. ومعاطلها : مواقع حليها. والأعطال من الخيل والإبل : الّتى لا قلائد عليها ولا أرسان لها ، والتى لا سمة عليها ، والرّجال (٢) لا سلاح معهم ، واحدة (٣) الكلّ عطل. والعطل ـ محركة ـ : الشخص (٤) ، والجمع : أعطال. وعطّله من الحلى والعمل تعطيلا : فرّغه وتركه ضياعا ، قال تعالى : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ)(٥).

والعطو : التّناول ، ورفع الرّأس واليدين. وظبى عطو مثلّثة ، وعطوّ كعدوّ : يتطاول إلى الشجر ليتناول منه. والعطا ـ بالقصر وبالمدّ ـ والعطيّة : ما يعطى. والجمع : أعطية جمع الجمع : أعطيات / والإعطاء : المناولة قال تعالى : (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا)(٦). ورجل وامرأة معطاء : كثير العطاء. والجمع معاط ومعاطىّ. والتّعاطى : التناول ، وتناول ما لا يحقّ ، والتنازع فى الأخذ ، والقيام على أطراف أصابع الرّجلين مع رفع اليدين

__________________

(١) زيادة اقتضاها السياق. وعبارة القاموس : «ومعتادتها معطال»

(٢) الأولى ما فى الصحاح ـ كما فى التاج : «والأعطال الرجال.»

(٣) الأولى «واحد الكل» فان الواحد يكون مذكرا ويكون مؤنثا ، فالتغليب للمذكر لا سيما أنه ذكر جمع الرجال ومفردهم واحد لا واحدة

(٤) يريد جسم الشىء ولا سيما شخص الانسان كما فى التاج

(٥) الآية ٤٥ سورة الحج

(٦) الآية ٥٨ سورة التوبة

٧٨

إلى الشىء ، ومنه قوله تعالى : (فَتَعاطى فَعَقَرَ)(١). والتعاطى أيضا : ركوب الأمر كالتعطّى. وقيل : التعطّى فى القبيح ، والتعاطى فى الرفعة.

العظم : ضدّ الصّغر ، عظم ـ كصغر ـ عظما وعظامة ، فهو عظيم وعظام وعظّام. وأعظمه وعظّمه فخّمه وكبّره. واستعظمه وأعظمه : رآه عظيما. وتعاظمه : عظم عليه. والعظمة والعظموت : الكبر والنّخوة والزهو (٢). وأمّا عظمة الله فلا يوصف بها غيره. فمتى وصف بها عبد فهو ذمّ. والعظيمة : النّازلة الشديدة.

والعظم : قصب الحيوان الذى عليه اللحم ، والجمع : أعظم وعظام وعظامة. الهاء لتأنيث الجمع.

__________________

(١) الآية ٢٩ سورة القمر

(٢) فى ا : «الزهوت»

٧٩

٣١ ـ بصيرة فى عف وعفر وعفو

عفّ عن الحرام عفّا وعفافا وعفافة ـ بفتحهنّ ـ وعفّة ـ بالكسر ـ فهو عفّ وعفيف : كفّ عنه ، كاستعفّ. والجمع : أعفّاء. وهى عفّة وعفيفة والجمع : عفائف وعفيفات. وتعفّف : تكلّفها. وأعفّه الله.

العفريت من الجنّ : العارم الخبيث. ويستعمل فى الإنسان استعارة الشيطان له. يقال : عفريت نفريت. اتباعا.

والعفرية : الموثّق الخلق. وأصله من العفر وهو التراب.

والعفو : عفو الله عن خلقه ، والصفح ، وترك عقوبة المستحقّ. عفا عنه ذنبه ، وعفا له ذنبه ، وعفا عن ذنبه.

والعفو : المحو والامّحاء ، وأحلّ المال وأطيبه ، وخيار الشىء وأجوده ، والفضل ، والمعروف ، ومن الماء : ما فضل عن الشاربة ، ومن البلاد : ما لا أثر لأحد فيها.

٨٠