بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

السابع : المسيح لغة : الذى لا عين له ولا حاجب ، سمّى الدجال بذلك لأنه كذلك.

الثامن : المسيح / لغة : الكذّاب ، والدجّال أكذب الخلق ؛ لأنه بلغ فى الكذب مبلغا لم يبلغه غيره ، فقال : أنا الله.

التاسع : المسيح المارد الخبيث ، سمّى لذلك (١).

العاشر : قال ابن سيده : مسحت الإبل الأرض : سارت فيها سيرا شديدا. فيحتمل أنه سمّى الدجّال به لسرعة سيره.

الحادى عشر : مسح فلان عنق فلان ، أى ضرب عنقه. سمّى به لأنه يضرب عنق من لا ينقاد له ويكفر به.

الثانى عشر : قال الأزهرى : المسيح بمعنى الماسح ، وهو القتّال ، يقال : مسح القوم إذا قتلهم. وهو قريب من المعنى الذى قبله.

الثالث عشر : المسيح : الدرهم الأطلس بلا نقش ، قاله ابن فارس. وهو مناسب للأعور الدجّال ، إذ أحد شقّى وجهه ممسوح ، وهو أشوه الخلق.

الرابع عشر : المسح ـ محرّكة ـ : قصر ونقص فى ذنب العقاب ؛ كأنه سمّى به لنقصه وقصر مدّته.

الخامس عشر : المسيح للدجال مشتقّ من المماسحة ، وهى الملاينة فى القول ، والقلوب غير صافية. كذا فى المحكم ؛ لأنه يقول خلاف ما يضمر.

السادس عشر : المسيح : الذوائب ، الواحد مسيحة ، وهى : ما نزل من الشعر على الظهر ؛ كأنه سمّى به لأنه يأتى فى آخر الزمان.

__________________

(١) أى لمرودته وخبثه.

٥٠١

السابع عشر : المسح : المشط والتزيين ، والماسحة : الماشطة ؛ كأنه سمّى به لأنه يزين ظاهره ويموّهه بالأكاذيب والزخارف.

الثامن عشر : المسيح : الذرّاع ؛ لأنه يذرع الأرض بسيره فيها.

التاسع عشر : المسيح : الضلّيل. وهو من الأضداد ، ضدّ الصدّيق. سمّى به لضلالته ، قاله أبو الهيثم.

العشرون : قال المنذرىّ : المسيح من الأضداد ، مسحه الله أى خلقه خلقا حسنا مباركا ، ومسحه أى خلقه [خلقا](١) قبيحا ملعونا ، فمن الأول يمكن اشتقاق المسيح روح الله ، ومن الثانى اشتقاق المسيح عدوّ الله ، لعنه الله وهذا الحادى والعشرون.

والثانى والعشرون : مسح الناقة ومسّحها : إذا هزلها وأدبرها وأضعفها ؛ كأنه لوحظ فيه أن منتهى أمره إلى الهلاك والدبار.

الثالث والعشرون : الأمسح : الذئب الأزلّ (٢) المسرع ؛ كأنه سمّى به تشبيها له بالذئب فى خبثه وأذاه وسرعة سيره فى الأرض.

الرابع والعشرون : المسح : القول الحسن من الرجل ، وهو فى ذلك خادعك ؛ سمّى به لخدعه ومكره ؛ قاله ابن شميل. يقال : مسحه بالمعروف إذا قال له قولا وليس له إعطاء ، فإذا جاء ذهب المسح ، وهكذا الدجال ، يخدع الناس بقوله ولا إعطاء.

__________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الأزل : الخفيف السريع.

٥٠٢

الخامس والعشرون : المسيح : المنديل الأخشن ، والمنديل : ما يمسك للندل وهو الوسخ ؛ سمّى به لاتّساخه بالكفر ودرن باطنه بالشرك ، وكدورة قلبة ، ولهوانه وذلّه.

السادس والعشرون : المسحاء : الأرض التى لا نبات فيها (١). وقال ابن شميل : الأرض الجرداء الكثيرة الحصى التى لا شجر بها ولا تنبت ، وكذلك المكان الأمسح ؛ كأنه سمّى به لعدم خيره وعظم شره ، وكثرة أذاه وإضراره ، تشبيها بالمكان الخشن فى قلّة نباته وكثرة أوعاره.

السابع والعشرون : الأمسح فى اللغة : الأعور ؛ سمّى به لعوره.

الثامن والعشرون : التمسح والتمساح : دابّة بحرية كثيرة الضرر على سائر دوابّ البحر ؛ سمّى به لضرر إيذائه وشرّه ، وبلائه.

التاسع والعشرون : مسح سيفه وامتسحه : إذا استلّه من غمده ؛ سمّى بذلك لاستلاله سيف الظلم والعدوان ، وتشهيره رماح البغى والطغيان.

الثلاثون : المسيح والأمسح : من به عيب (٢) فى باطن فخذيه ، وهو اصطكاك إحداهما بالأخرى ، سمّى به لأنه معيب. ويحتمل أن يكون به هذا العيب أيضا.

الحادى والثلاثون : رجل أمسح ، وامرأة مسحاء ، وصبى ممسوح إذا لزقت / أليتاه بالعظم. وهو عيب أيضا.

الثانى والثلاثون : يمكن أن الدجّال سمّى بالمسيح من قولهم : جاء فلان يتمسّح ، أى لا شيء معه كأنه يمسح ذراعه ، وذلك لإفلاسه عن كل خير ، وفقدانه كل بركة وسعادة.

__________________

(١) فى ا : «بها»

(٢) فى ا : «تعيب»

٥٠٣

الثالث والثلاثون : يمكن أن عيسى صلوات الله وسلامه عليه سمّى بالمسيح من قولهم : جاء فلان يتمسّح به ، أى يتبرّك به لفضله وعبادته ؛ كأنه يتقرّب إلى الله تعالى بالدنوّ منه. قاله الأزهرى.

الرابع والثلاثون : لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلّا برئ ، ولا ميّتا إلّا حيى ، فهو بمعنى ماسح.

الخامس والثلاثون : قال إبراهيم النخعى : المسيح الصدّيق. وقاله الأصمعىّ وابن الأعرابىّ.

السادس والثلاثون : عن ابن عباس رضى الله عنهما فى رواية عطاء عنه : سمّى مسيحا لأنه كان أمسح الرجل ، لم يكن لرجله أخمص. والأخمص : ما لا يمس الأرض من باطن الرجل.

السابع والثلاثون : قيل : سمى مسيحا لأنه خرج من بطن أمه كأنه ممسوح الرأس.

الثامن والثلاثون : لأنه مسح عند ولادته بالدهن.

التاسع والثلاثون : قال الإمام أبو إسحاق الحربىّ فى غريبه الكبير : هو اسم خصّه الله به ، أو لمسح زكريا إيّاه.

الأربعون : سمّى به لحسن وجهه ، والمسيح فى اللغة : الجميل.

الوجه الحادى والأربعون : المسيح فى اللغة : عرق الخيل واشتداده :

إذا الجياد فضن بالمسيح

الوجه الثانى والأربعون : المسيح : السيف ، قاله أبو عمر المطرّز. ووجه التسمية ظاهر.

٥٠٤

الثالث والأربعون : المسيح : المكارى (١).

الرابع والأربعون : المسح : الجماع ، مسح جاريته : جامعها.

الخامس والأربعون : قال الحافظ أبو نعيم فى دلائل النبوة : سمى ابن مريم مسيحا لأن الله تعالى مسح الذنوب عنه.

السادس والأربعون : قال أبو نعيم فى كتابه المذكور : وقيل : سمّى مسيحا لأن جبريل مسحه بالبركة ، وهو قوله (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً)(٢).

السابع والأربعون : المسيح : القسىّ ، الواحد مسيحة ، سمّى به لقوّته واعتداله وعدالته.

الثامن والأربعون : يمكن أن يكون من المسح وهو الطريق المستقيم لأنه سالكها. قال الصغانىّ : المسوح : الطرق الجادّة ، الواحدة مسح. وقال قطرب : مسح الشىء : إذا قال له : بارك الله فيك.

التاسع والأربعون : قال ابن دريد : هو اسم سمّاه الله به ، لا أحب أن أتكلم فيه.

__________________

(١) المكارى : الذى يعامل غيره بالأجرة ، كأن يركبه على دابته بأجر.

(٢) الآية ٣١ سورة مريم.

٥٠٥

١٢ ـ بصيرة فى مسخ ومسد

المسخ : تشويه الخلق والخلق وتحويلهما من صورة إلى صورة. وقد مسخهم الله مسخا. وما نسخه (١) بل مسخه. وفلان مسخ من المسوخ. وشىء مسيخ : لا طعم له. وطعام مسيخ ، ورجل مسيخ : لا ملاحة فيه ، قال (٢) :

* مسيخ مليخ كلحم الحوار*

وفى يده ما سخيّة ، أى قوس نسبت إلى قوّاس كان يسمّى ماسخة.

وقال بعض الحكماء : المسخ ضربان : مسخ خاصّ يحصل فى الفينة (٣) ، وهو مسخ الخلق ؛ ومسخ يحصل فى كل زمان ، وهو مسخ الخلق ، وذلك أن يصير الإنسان بخلق ذميم من أخلاق الحيوانات ، نحو أن يصير فى شدّة الحرص كالكلب ، أو الشره كالخنزير ، أو اللؤم كالقرد قال : وعلى هذا فى أحد الوجهين قوله تعالى : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ)(٤) ، قال : وقوله (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ)(٥) يتضمّن الأمرين ، وإن كان الأوّل أظهر. ومسخت الناقة : أتعبتها حتى أزلت خلقتها عن حالها.

__________________

(١) هذا فى الحديث عن كتاب.

(٢) أى الأشعر الرقبان الأسدى من قطعة يهجو فيها رجلا اسمه رضوان. وعجز البيت :

* فلا أنت حلو ولا أنت مر*

والحوار : ولد الناقة ساعة تضعه ، أو إلى أن يفصل عن أمه. وانظر اللسان (مسخ).

(٣) الفينة : الساعة والحين.

(٤) الآية ٦٠ سورة المائدة.

(٥) الآية ٦٧ سورة يس.

٥٠٦

المسد : الليف. يقال : حبل من مسد ، قال تعالى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)(١). / وقيل : المسد : حبل من خوص. ويقال : حبل مسد ـ بالتحريك ـ أى ممسود ، أى مفتول قد مسد وأجيد فتله. فالمسد المصدر ، والمسد الاسم كالقبض (٢) والنفض.

ودلّ قوله تعالى : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ)(٣) أنّ السلسلة التى ذكرها (٤) الله تعالى فتلت من الحديد فتلا محكما ، كأنه جعل فى جيدها حبل حديد قد لوى ليّا شديدا. وقال الأزهرى : قال المفسرون : هى السلسلة التى ذرعها سبعون ذراعا ، يعنى أنّ امرأة أبى لهب تسلك فى النار فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا. وقال الزجاج : المسد فى اللغة : الحبل إذا كان من ليف المقل. وقد يقال لما كان من وبر الإبل من الحبال مسد. وقال غيره : وقد يكون المسد من جلود الإبل ، قال عمارة بن طارق :

ومسد أمرّ من أيانق

ليس بأنياب ولا حقائق (٥)

وهو يحتمل المعنيين والله أعلم.

__________________

(١) الآية ٥ سورة المسد.

(٢) القبض : ما جمع من أموال الناس. والنفض : ما تساقط من الأشجار.

(٣) الآية ٥ سورة المسد.

(٤) أى فى قوله تعالى فى الآية ٣٢ من سورة الحاقة : (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ).

(٥) قبله :

* فاعجل بغرب مثل غرب طارق*

الغرب : الدلو. وقوله : «ليس» كذا والصواب : لسن. وأمر : فتل فتلا محكما. والأنياب : جمع ناب. وهى الهرمة ، والحقائق : جمع حقة وهى التى دخلت فى السنة الرابعة وليس جلدها بالقوى : يقول ، إن الأيانق التى أخذ منها المسد لم يبلغن حد الهرم ، وتجاوزن عن حد الصغر ، فجلدهن قوى.

٥٠٧

١٣ ـ بصيرة فى مسك ومشج

أمسك الحبل وغيره ، وأمسك بالشىء ومسك (١) ، وتمسّك ، واستمسك وامتسك ، قال تعالى : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ)(٢) ، وقال تعالى : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ)(٣) ، أى يحفظها. واستمسكت بالشىء : إذا تحرّيت الإمساك ، قال تعالى : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)(٤) ، وقال تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ)(٥).

وأمسكت عليه ماله : حبسته. وأمسكت عنه كذا : منعته ، قال تعالى (هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ)(٦).

ومسك الثوب ومسّكه طيّبه بالمسك. وثوب ممسوك وممسّك.

ورجل مسكة : يمسك بالشىء فلا يكاد يتخلّص منه. ورجل به إمساك ، وهو ممسك ومسّيك : بخيل ، وقد مسك مساكة. وسقاء مسيك : لا ينضح. وإنه لذو مسكة وتماسك : عقل. والمسك : سوار من عاج.

مشجه يمشجه : مزجه وخلطه ؛ قال تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ)(٧) ، أى مختلطة ، يشير بها إلى قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ)(٨).

__________________

(١) أى مسك بالشىء. وكذا يقال فيما بعده.

(٢) الآية ٣٧ سورة الأحزاب.

(٣) الآية ٦٥ سورة الحج.

(٤) الآية ٤٣ سورة الزخرف.

(٥) الآية ١٠ سورة الممتحنة.

(٦) الآية ٣٨ سورة الزمر.

(٧) الآية ٢ سورة الانسان.

(٨) الآيتان ١٢ ، ١٣ سورة المؤمنين.

٥٠٨

١٤ ـ بصيرة فى مشى ومصر ومضغ ومضى

مشى يمشى مشيا ومشّى تمشية : مرّ. ومشى أيضا : اهتدى. ومنه قوله تعالى : (نُوراً تَمْشُونَ بِهِ)(١) ، والاسم المشية بالكسر. وقوله تعالى (٢) : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ)(٣)

والتمشاء ـ بالكسر ـ : المشى. والمشّاء : النمّام ، قال تعالى : (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)(٤) ، والمشاة : الوشاة. والماشية : الإبل والغنم.

ومشت المرأة مشاء : كثرت أولادها فهى ماشية. والمشوّ والمشو والمشىّ والمشاء ـ كسماء ـ : الدواء المسهل. واستمشى ، وأمشاه الدواء.

المصر : اسم كل بلد ممصور ، أى محدود. ومصّر الأمصار تمصيرا : بناها. وقد مصّر عمر رضى الله عنه سبعة أمصار ، منها المصران : البصرة والكوفة. ومصور الدار : حدودها ، قال عدىّ :

وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به

بين النهار وبين الليل قد فصلا

وناقة مصور : بطيئة خروج اللبن لا تحلب إلّا مصرا ، وهو الحلب بأطراف الأصابع ؛ وقد مصرتها ، وتمصّرتها ، وامتصرتها.

ومصر : علم المدينة أمّ (٥) خنّور. ولم يذكر فى القرآن مدينة باسمها

__________________

(١) الآية ٢٨ سورة الحديد.

(٢) لم يذكر خبره.

(٣) الآية ٤٥ سورة النور.

(٤) الآية ١١ سورة القلم.

(٥) من معانى أم خنور فى الأصل : البقرة الحلوب ، شبهت بها مصر لنفعها.

٥٠٩

سوى مكّة والمدينة ومصر (١) ، قال تعالى : (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)(٢) وقال حاكيا عن فرعون : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)(٣) ، وقيل المراد بقوله / : (ادْخُلُوا مِصْرَ) بلد من البلدان.

مضغ الطعام يمضغه ويمضغه مضغا. والمضاغ ـ كسحاب ـ : ما يمضغ. يقال : ما عندنا مضاغ ، وما ذقت مضاغا ، قال :

تزجّ من دنياك بالبلاغ

وباكر المعدة بالدباغ (٤)

بكسرة ليّنة المضاغ

بالملح أو ما خف من صباغ (٥)

والمضغة : قطعة لحم ، قال الله تعالى : (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً)(٦) وقلب الإنسان مضغة من جسده. وفى الصحيحين : «إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه ، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ؛ ألا وهى القلب». وقد يكون المضغة من غير اللحم ، يقال : أطيب مضغة يأكلها الناس (صيحانيّة مصلّبة) (٧). والماضغان : أصول اللّحيين عند منبت الأضراس. وأمضغ النخل : صار فى وقت طيبه حتّى يمضغ.

مضى يمضى مضيا ومضوّا : خلا ، وفى الأمر مضاء ومضوّا : نفذ. وأمر ممضوّ عليه. ومضيت على بيعى وأمضيته (٨). والماضيان : السيف والقدر.

__________________

(١) فى الأصلين : «المصر».

(٢) الآية ٩٩ سورة يوسف.

(٣) الآية ٥١ الزخرف.

(٤) تزج : اكتف. والدباغ : ما يدبغ المعدة من الطعام.

(٥) الصباغ : جمع صبغ ، ومن معانيه الزيت.

(٦) الآية ١٤ سورة المؤمنين.

(٧) فى ا : «سخلة مصلية» والسخلة ولد النعجة حين يولد. ومصلية : مشوية. والصيحانية : واحدة الصيحانى ، وهو ضرب من التمر أسود صلب الممضغة. ومصلبة : بلغت اليبس.

(٨) أى أجزته ، كما فى القاموس.

٥١٠

١٥ ـ بصيرة فى مطر ومطا ومع

مطرتهم السماء وأمطرتهم. وسماء ماطرة وممطرة وممطار : مدرار ، وواد ممطور ومطير. وفى المثل : يحسب (١) كلّ ممطور أن مطر غيره. وخرجوا يستمطرون الله ويتمطّرونه. وتمطّر : تعرّض للمطر. وخرج [متمطّرا (٢)] : متنزّها غبّ المطر. وأمطر الله عليهم الحجارة. يقال مطر فى الخير ، وأمطر فى العذاب ، قال تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً)(٣).

مطا : جدّ فى السير وأسرع. وتمطّى النهار وغيره : امتدّ وطال. والاسم المطواء. والمطا : التمطّى. وتمطّى فى مشيته : تبختر. وهو يتثاءب ويتمطّى ، وبه ثوباء ومطواء. قال تعالى : (ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)(٤) أى يمدّ مطاه ، أى ظهره. وتمطّى الليل : طال.

مع : اسم بدليل التنوين فى قولك : معا ، ودخول الجارّ فى حكاية سيبويه : ذهبت من معه ، وقراءة بعضهم : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ)(٥).

وقال محمد بن السّرىّ : الذى يدل على أن مع اسم حركة آخره مع تحرّك ما قبله. وقد يسكّن ، وينوّن ، تقول : جاءوا معا. وقال الليث : مع : حرف من حروف الخفض. وقال الأزهرىّ : مع : كلمة تضمّ الشىء إلى الشىء وأصلها معا. وقال غيره : هى للمصاحبة. وقال الزجّاج فى قوله

__________________

(١) كذا فى الأساس. وفى الميدانى : «يحسب الممطور أن كلا مطر». وقال : «يضرب للغنى الذى يظن كل الناس فى مثل حاله».

(٢) زيادة من الأساس.

(٣) الآية ٨٢ سورة هود ، والآية ٧٤ سورة الحجر.

(٤) الآية ٣٣ سورة القيامة.

(٥) الآية ٢٤ سورة الأنبياء.

٥١١

تعالى : (إِنَّا مَعَكُمْ)(١) نصب (مَعَكُمْ) كما ينصب الظروف ، وكذلك فى قوله تعالى : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا)(٢) أى إن الله ناصرنا.

ونقول : كنّا معا ، وكنّا جميعا ، بمعنى واحد. وقيل : إذا قلت جاءا جميعا احتمل أن فعلهما فى وقت أو فى وقتين ، وإذا قلت : جاءا معا فالوقت واحد. وقال أبو زيد : كلمة (مع) قد تكون بمعنى (عند) ، تقول : جئت من مع القوم ، أى من عندهم.

قيل : إن تسكين عينه لغة غنم وربيعة ، لا ضرورة خلافا لسيبويه ، واسميتها حينئذ ثابتة. وقول النحّاس : إنها حرف بالإجماع ، مردود.

وتستعمل مضافة فتكون ظرفا ، ولها حينئذ ثلاثة معان : أحدها موضع الاجتماع ، ولهذا يخبر بها عن الذوات ، نحو : (وَاللهُ مَعَكُمْ) ؛ والثانى زمانه ، نحو : جئتك مع العصر ؛ والثالث : مرادفة عند ، كما تقدّم ، وعليه القراءة السابقة.

وتستعمل مفردا فتنوّن وتكون حالا. وقيل : إنه جاءت ظرفا مخبرا به فى نحو قوله :

* أفيقوا بنى حزن وأهواؤنا معا* (٣)

وقيل : هى حال والخبر محذوف.

__________________

(١) الآية ١٤ سورة البقرة.

(٢) الآية ٤٠ سورة التوبة.

(٣) عجزه :

* وأرحامنا موصولة لم تقضب*

وهو لجندل بن عمرو. كان بنو حزن ـ وهم أولاد عمه ـ ضربوا مولى له فعاتبهم وتهددهم. وفى الأصلين والمغنى «حرب» فى مكان «حزن» والتصويب من الحماسة وهو فى الحماسية ..! من شرح المرزوقى.

٥١٢

١٦ ـ بصيرة فى معز ومعن

المعز والمعز ـ مثال نهر ونهر ـ / من الغنم : خلاف الضأن ، قال الله تعالى : (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ)(١) قرأ أهل المدينة ـ على ساكنيها الصلاة والسّلام ـ وأهل الكوفة وابن فليح ، ساكنة العين ، والباقون بتحريكها.

وهى ذوات الشعر. وهى اسم جنس. وكذلك المعيز والأمعوز والمعزى. وقيل : القليل من المعز أمعاز ، والكثير معزى ومعزاء ومعاز ومعيز. وقيل : واحد المعز ماعز ، كصحب فى جمع صاحب. وقيل : الماعز الذكر ، والأنثى ماعزة ، والجمع مواعز.

ابن عباد معزت المعزى ، وضأنت الضأن : إذا عزلت هذه من هذه. وأمعزوا : كثرت معزاهم. وقال سيبويه : معزى منوّن مصروف ؛ لأن الألف الملحقة تجرى مجرى ما هو من نفس الكلمة ، يدلّ على ذلك قولهم : معيز وأريط فى تصغير معزى وأرطى (٢) فى قول من نوّن فكسر ما بعد ياء التصغير ، كما قالوا : دريهم ، ولو كانت للتأنيث لم يقلبوا الألف ياء ، كما لم يقلبوها فى تصغير حبلى وأخرى.

وقال الفرّاء : المعزى مؤنثة ، وبعضهم يذكّرها. وحكى أبو عبيد قال : الذفرى (٣) أكثر العرب لا ينوّنها ، وبعضهم ينونها ، قال : والمعزى كلّهم ينوّنونها فى النكرة.

__________________

(١) الآية ١٤٣ سورة الأنعام.

(٢) الأرطى ضرب من الشجر.

(٣) الذفرى : العظم الشاخص خلف الأذن.

٥١٣

معن الماء [و] ـ ككرم ـ : سال وجرى ، فهو معين. قال تعالى : (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)(١) ، أى جار على وجه الأرض. وقيل : الماء المعين من العين ، والميم زائدة. وأمعن فى الأمر : أبعد.

والماعون والمعن : كل ما انتفعت به ، وكل ما يستعار من قدوم وفأس وقدر ونحوها. والماعون أيضا : المعروف. والماعون : الماء. والماعون : المطر. والماعون : ما يمنع من الطّالب ، والماعون : ما لا يمنع من الطالب فهو من الأضداد.

__________________

(١) الآية ٣٠ سورة الملك.

٥١٤

١٧ ـ بصيرة فى مقت ومكك ومكث

مقته يمقته مقتا. وهو بغض عن أمر قبيح. ومنه : نكاح الرّجل رابّته (١) نكاح المقت ، قال تعالى : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً)(٢). والمقتىّ : ولد الرجل الذى يتزوّج امرأة أبيه بعده. ومقت فلان إلى الناس مقاتة نحو بغض بغاضة ، وهو ممقوت ومقيت. وتمقّت إليه : ضدّ تحبّب إليه. وماقته ، وتماقتوا.

مكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ قيل : مشتقّة : من مكّه : أهلكه ، لأنّها تهلك الجبابرة ومنه قوله :

يا مكّة الفاجر مكّى مكّا

ولا تمكى مذحجا وعكّا

وقيل : من قولهم : مكّ الضرع وامتكّه وتمكّكه ومكمكه : مصّ جميعه. ومنه قولهم : إياك والملوك ، فإنّهم إن عرفوك مكّوك. سمّيت بها لأنها تمكّ الذنوب. وقيل : سمّيت بها لقلّة مائها ، من مكّة : مصّه ، وقيل : إنما هى مأخوذة من المكاكة ، وهى اللبّ والمخّ الّذى فى وسط العظم ، وسمّيت بها لأنّها وسط الدّنيا ولبّها وخلاصتها. هكذا قال الخليل بن أحمد.

مكث يمكث ـ كنصر ينصر ـ ومكث يمكث ـ ككرم يكرم ـ مكثا ومكثا : لبث مع انتظار ، قال تعالى : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ)(٣) وقرئ بضمّ الكاف.

__________________

(١) يريد بالرابة زوجة الأب ، مؤنث الراب وهو زوج الأم.

(٢) الآية ٢٢ سورة النساء.

(٣) الآية ٢٢ سورة النمل.

٥١٥

١٨ ـ بصيرة فى مكر ومكن ومكا

المكر : صرف الغير عمّا يقصده بنوع من الحيلة. مكرته ، وماكره ، وتماكروا ، وهو ماكر ومكّار. وامرأة ممكورة الساقين : خدلّجتهما (١).

والمكر ضربان : محمود ، وهو : ما يتحرّى به أمر جميل ، وعلى ذلك قوله تعالى : (وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)(٢) ، ومذموم وهو ما يتحرّى به فعل ذميم ، نحو قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(٣).

قالوا : من مكر الله تعالى بالعبد إمهاله وتمكينه / من أعراض الدنيا ؛ ومنه قول علىّ رضى الله عنه : «من وسّع عليه فى دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله».

المكان : الموضع ، والجمع : أمكنة وأماكن. والمكانة : المنزلة عند الملك. مكن ـ ككرم ـ وتمكّن ، وهو مكين ، والجمع : مكناء. ومكّنته من الشىء وأمكنته منه ، فتمكّن واستمكن. وأمكننى الأمر معناه : أمكننى من نفسه.

مكا مكوا ومكاء : صفر بفيه ؛ وقيل : شبّك بأصابعه ونفخ فيها ، قال تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً)(٤) تنبيه أن ذلك منهم جار مجرى مكاء الطّير.

__________________

(١) أى ممتلئة الساقين.

(٢) الآية ٥٤ سورة آل عمران.

(٣) الآية ٤٣ سورة فاطر.

(٤) الآية ٣٥ سورة الأنفال.

٥١٦

١٩ ـ بصيرة فى ملأ ومل

الملأ ـ بالتحريك ـ : الجماعة. قال أبىّ الغنوىّ :

وتحدّثوا ملأ لتصبح أمّنا

عذراء لا كهل ولا مولود

أى ثاروا (١) مجتمعين متمالئين على ذلك ليقتلونا أجمعين ، فتصبح أمّنا كأنها لم تلد. قال الله تعالى : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ)(٢) ، وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ)(٣).

والملأ أيضا : الأشراف ، ومنه قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا ابن سلمة أولئك الملأ من قريش». والملأ أيضا : الخلق ، يقال : ما أحسن ملأ بنى فلان أى عشرتهم وأخلاقهم ؛ والجمع : أملاء ، وفى حديث الحسن : أحسنوا أملاءكم أيّها المرءون. وفى حديث الأعرابىّ الّذى بال فى المسجد وقاموا ليضربوه قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أحسنوا أملاءكم ، دعوه وأهريقوا على بوله سجلا (٤)».

والملء ـ بالفتح ـ مصدر ملأت الإناء. وكوز ملآن ، ودلو ملأى. والعامّة تقول : كوز ملا ماء. والصّواب ملآن ماء. والملء ـ بالكسر اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ ، يقال : أعطنى ملأه وملأيه وثلاثة أملائه.

الملّة كالدّين ، وهى ما شرع الله لعباده على لسان المرسلين ليتوصّلوا به إلى جوار الله. والفرق بينها وبين الدّين أنّ الملّة لا تضاف إلّا إلى النبىّ

__________________

(١) فى اللسان والتاج : «تشاوروا».

(٢) الآية ٢٠ سورة القصص.

(٣) الآية ٢٤٦ سورة البقرة.

(٤) السجل : الدلو.

٥١٧

صلى‌الله‌عليه‌وسلم الّذى تستند إليه ، نحو : (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ)(١). ولا تكاد توجد مضافة إلى الله تعالى ، ولا إلى آحاد أمّة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا تستعمل إلّا فى جملة الشرائع دون آحادها ، لا يقال : ملّة الله ولا ملّتى ولا ملّة زيد ؛ كما يقال دين الله ودينى ودين زيد. ولا يقال للصّلاة : ملّة الله ، كما يقال دين الله.

وأصلها من أمللت الكتاب. وتقال اعتبارا بالشىء الذى شرعه [الله (٢)] والدّين يقال اعتبارا بمن يقيمه ؛ إذ كان معناه الطاعة. والملّة : الطّريقة المستقيمة [هذا] معناها فى الأصل.

ومللته ومللت منه واستمللته واستمللت منه ، أى تبرّمت منه. وبى ملل وملال وملالة. ورجل ملول وملولة.

__________________

(١) الآية ٩٥ سورة آل عمران.

(٢) زيادة من الراغب.

٥١٨

٢٠ ـ بصيرة فى ملح وملك وملو

ماء ملح ، ولا يقال : ماء مالح. وقد ملح الماء وأملح ، قال تعالى (هذا مِلْحٌ أُجاجٌ)(١). وملح القدر ملحا : ألقى فيها ملحا بقدر. وأملحها وملّحها : أفسدها بالملح. وملح الماشية : أطعمها الملح. وسمك مملوح ومليح. ثمّ استعير من لفظ الملح الملاحة ، فقيل : وجه مليح ووجوه ملاح ، وما أملح وجهه وفعله ، وما أميلحه ، وله حركات مستملحة ، وفلان يتظرّف [ويتملّح (٢)] قال الطّرمّاح :

تملّح ما اسطاعت ويغلب دونها

هوى لك ينسى ملحة المتملّح (٣)

ومالحت فلانا ممالحة ، وهى المؤاكلة. وهو يحفظ حرمة الملح والممالحة وهى المراضعة. وما بها ملح ، أى شحم. وملّحت الشّاة وتملّحت : أخذت شيئا من الشحم ، قال عروة بن الورد :

/ عشيّة رحنا سائرين وزادنا

بقيّة لحم من جزور مملح (٤)

ملك الشىء وامتلكه وتملّكه ، وهو مالكه وأحد ملّاكه ، وهذا ملكه وملك يده ، وهذه أملاكه. وقال قشيرىّ : كانت لنا ملوك من نخل ، أى أملاك. ولله الملك والملكوت. وهو الملك والمليك ، والجمع : أملاك وملوك وملكاء ، وملّاك (وملك فى مالك) (٥). والأملوك : اسم للجمع.

__________________

(١) الآية ٥٣ سورة الفرقان ، والآية ١٢ سورة فاطر.

(٢) زيادة من الأساس.

(٣) البيت فى الأساس. قاله يخاطب زوجته سليمة.

(٤) البيت أيضا فى الأساس (م ل ح).

(٥) فى الأصلين : «فى ملك وملك» والظاهر ما أثبت. يريد أن ملاكا وملكا جمعان لمالك.

٥١٩

وحقيقة الملك هو التصرّف بالأمر والنهى فى الجمهور ، وذلك يختصّ بسياسة الناطقين ، ولهذا يقال : ملك النّاس ، ولا يقال : ملك الأشياء. وقوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(١) فتقديره : الملك فى يوم الدّين. وذلك كقوله (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)(٢).

والملك ضربان : ملك هو التملّك والتولّى ، وملك هو القوّة على ذلك تولىّ أو لم يتولّ. فمن الأوّل قوله تعالى : (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها)(٣) ، ومن الثانى قوله تعالى : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً)(٤) فجعل النبوّة مخصوصة ، والملك فيهم عامّا ؛ فإنّ معنى الملك هاهنا هو القوّة الّتى بها يترشّح للسياسة ، لا أنهم جعلهم متولّين للأمر ، فذلك مناف للحكمة ؛ كما قيل : لا خير فى كثرة الرّؤساء.

وقال بعضهم : الملك اسم لكلّ من يملك السياسة ، إمّا فى نفسه ـ وذلك بالتمكّن من زمام قواه وصرفها عن هواها ـ وإمّا فى نفسه وفى غيره ، سواء تولّى ذلك أو لم يتولّ ، على ما تقدّم.

واعلم أن تقاليب هذه المادّة كلّها مستعملة .. وهى م ك ل ، وم ل ك ، وك م ل ، وك ل م ، ول ك م ، ول م ك. وقال الإمام فخر الدّين : تقاليبها الستّة تفيد القوّة والشدّة ، خمسة منها معتبرة ، وواحد ضائع. فعدّ كلم وكمل ولكم ومكل وملك ، وعدّ لمك ضائعا ، وهذا منه غريب ؛ لأنّ المادّة الضائعة عنده معتبرة معروفة عند أهل اللغة ، قال صاحب العباب : اللّمك واللّماك : الجلاء يكحل به العين. واللّميك : المكحول

__________________

(١) الآية ٤ سورة الفاتحة

(٢) الآية ١٦ سورة غافر.

(٣) الآية ٣٤ سورة النمل.

(٤) الآية ٢٠ سورة المائدة.

٥٢٠