بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

٣٦ ـ بصيرة فى كيس وكيف (وكيل)

الكيس : خلاف الحمق لأنّه مجتمع الرأى والعقل. ومنه الحديث : «كلّ شىء بقدر حتّى العجز والكيس (١)». أو الكيس [ضدّ](٢) العجز. ورجل كيّس ظريف.

والكأس ـ بالهمز وتركه ـ : الإناء الذى يشرب فيه قال : الله تعالى (بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ لَذَّةٍ)(٣). والكأس مؤنّثة قال عمرو بن كلثوم (٤).

من لم يمت عبطة يمت هرما

للموت كأس والمرء ذائقها

والجمع أكؤس وكئوس وكاسات وكئاس ، قال الأخطل يصف نديمه :

خضل الكئاس إذا تنشّى لم تكن

خلفا مواعده كبرق الخلّب (٥)

كيف : اسم مبهم غير متمكّن ، وإنما حرّك آخره لالتقاء الساكنين ، وبنى على الفتح دون الكسر لمكان الياء. وهو للاستفهام عن الأحوال.

وقد يقع بمعنى التعجّب والتوبيخ. قال تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ)(٦).

ويكون حالا لا سؤال معه ، كقولك : لأكرمنّك كيف أنت ، أى على أىّ حال كنت.

ويكون بمعنى النفى ؛ كقول أبى كاهل اليشكرىّ :

__________________

(١) رواه أحمد ومسلم كما فى الجامع الصغير

(٢) زيادة يقتضيها المقام

(٣) الآيتان ٤٥ ، ٤٦ سورة الصافات.

(٤) فى التاج أنه لأمية بن أبى الصلت وكذا فى اللسان. وقوله : «عبطة» أى شابا فى طراءته

(٥) اللسان (كأس) ـ خضل الكئاس : مترعة كئوسه لا تفرغ ـ تنشى : سكر.

(٦) الآية ٢٨ سورة البقرة

٤٠١

كيف ترجون سقاطى بعد ما

جلّل الرأس مشيب وصلع (١)

وقيل : كيف يستعمل على وجهين :

أحدهما : أن يكون شرطا فيقتضى فعلين متفقى اللفظ والمعنى غير مجزومين ؛ نحو كيف تصنع أصنع : ولا يجوز كيف تجلس أذهب باتّفاق

والثانى : ـ وهو الغالب ـ أن يكون استفهاما ، إمّا حقيقيّا ؛ نحو كيف زيد ، أو غير حقيقىّ نحو : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ)(٢) فإنه أخرج مخرج التّعجب.

وعن سيبويه أنّ (كيف) ظرف ؛. وعن السيرافىّ والأخفش أنها اسم غير ظرف. ورتّبوا على هذا الخلاف أمورا.

أحدها : أن موضعها عند سيبويه نصب دائما ، وعندهما رفع مع المبتدأ ، نصب مع غيره.

الثانى : أن تقديرها عند سيبويه : فى أىّ حال ، أو على أىّ حال ؛ وعندهما ، تقديرها فى نحو كيف زيد : أصحيح ونحوه ، وفى نحو كيف جاء زيد : راكبا جاء زيد ونحوه.

الثالث : أن الجواب المطابق عند سيبويه : على خير ونحوه ، وعندهما صحيح أو سقيم ، ونحوه.

وقال ابن مالك ما معناه : لم يقل أحد إن كيف ظرف ، إذ ليست زمانا ولا مكانا ، ولكنها لمّا كانت تفسّر بقولك على أىّ حال سؤالا عن

__________________

(١) هو البيت التاسع والسبعون من قصيدة له مفضلية. والسقاط : الفترة والسقوط. وفى المفضليات «بياض» فى مكان «مشيب»

(٢) الآية ٢٨ سورة البقرة

٤٠٢

الأحوال العامة سميت ظرفا لأنها فى تأويل الجارّ والمجرور ، واسم الظرف يطلق عليهما مجازا.

ومن زعم أنها تأتى عاطفة محتجّا بقول القائل :

إذا قلّ مال المرء لانت قناته

وهان على الأدنى فكيف الأباعد (١)

خطّئ فى زعمه. ودخول الفاء عليها يزيد خطأه وضوحا.

وفى الارتشاف (٢) : كيف تكون استفهاما ، وهى لتعميم الأحوال. وإذا تعلّقت بجملتين فقالوا : تكون للمجازاة من حيث المعنى لا من حيث العمل. وقصرت عن أدوات الشرط بكونها لا يكون الفعلان معها إلّا متّفقين ؛ نحو كيف تجلس أجلس. وسيبويه يقول : يجازى بكيف ، والخليل يقول : الجزاء به مستكره. انتهى.

وأما قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)(٣) / فهو توكيد لما تقدم ، وتحقيق لما بعده ، على تأويل أن الله لا يظلم مثقال ذرّة فى الدنيا فكيف فى الآخرة. وإذا ضممت إليه ما صحّ أن يجازى به تقول : كيف ما تفعل أفعل.

وقال الفرّاء : كيف لى بفلان؟ فتقول : كلّ الكيف والكيف ، بالجرّ والنصب.

وكل ما أخبر الله تعالى بلفظ (كيف) عن نفسه فهو استخبار على طريق التنبيه للمخاطب ، وتوبيخ كما تقدم فى الآية.

__________________

(١) جامع الشواهد : ٢٧ ـ لانت قناته كناية عن عدم الاعتماد على رأيه وهان : من الهون بمعنى الذل.

(٢) هو كتاب لأبى حيان فى النحو والصرف

(٣) الآية ٤١ سورة النساء

٤٠٣

وقد يحذف فاء كيف فيقال. كى كما قالوا فى سوف : سو. قال :

كى تجنحون إلى سلم وما ثئرت

قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم (١)

الكيل : مصدر كال الطعام كيلا وتكالا ومكيلا ، واكتاله بمعنى. والاسم الكيلة. قال تعالى : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)(٢) يحث على تحرّى العدل فى كل ما وقع فيه أخذ وعطاء وقوله : (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ)(٣) أى مقدار حمل بعير. والكيل أيضا : الظرف الذى يكتال به. وبمعناه المكيال والمكيل والمكيلة.

__________________

(١) جامع الشواهد : ٢٢٩ ـ السلم (بفتح السين) : الصلح ـ الهيجاء : الحرب

(٢) الآيتان ٢ ، ٣ سورة المطففين

(٣) الآية ٦٥ سورة يوسف

٤٠٤

٣٧ ـ بصيرة فى كى

الكىّ : إحراق الجلد بحديدة ونحوها ، كواه يكويه كيّا. والمكواة ما يكوى به. والكيّة : موضع الكىّ ، قال تعالى : (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ)(١).

وكى ترد على ثلاثة أوجه :

أحدها : لغة فى كيف نحو سو فى سوف ؛ وقد تقدم شاهدها آنفا.

الثانى : أن تكون بمنزلة لام التعليل معنى وعملا ، وهى الداخلة على ما الاستفهاميّة فى قوله فى السؤال عن العلّة : كيمه بمعنى لمه ، وعلى ما المصدريّة فى قوله :

إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما

يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفع (٢)

وقيل : ما كافّة ، وعلى أن المصدرية مضمرة ؛ نحو : جئت كى تكرمنى إذا قدرت النصب بأن.

الثالث : أن تكون بمنزلة أن المصدرية معنى وعملا ؛ نحو (لِكَيْلا تَأْسَوْا)(٣) ، يؤيّده صحّة حلول (أن) محلّها ، وأنّها لو كانت حرف تعليل لم يدخل عليها حرف تعليل ، ومن ذلك قولك : جئتك كى تكرمنى ،

__________________

(١) الآية ٣٥ سورة التوبة

(٢) البيت للنابغة الذبيانى : ويقال للجعدى انظر جامع الشواهد / ٢٢

(٣) الآية ٢٣ سورة الحديد

٤٠٥

وقوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً)(١) إذا قدّرت اللام قبلها ، فإن لم تقدّر فهى تعليليّة جارّة. ويجب حينئذ إضمار (أن) بعدها.

وعن الأخفش أنّ كى جارّة دائما ، وأن النصب بعدها بأن ظاهرة أو مضمرة ، ويرده (لِكَيْلا تَأْسَوْا)(٢). وعن الكوفيّين أنها ناصبة دائما ، ويرده قولهم : كيمه كما يقولون : لمه.

ووقع فى صحيح (٣) البخارىّ فى تفسير [قوله تعالى](وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)(٤) «فيذهب كيما فيعود ظهره طبقا واحدا» ، أى كيما يسجد ؛ وهو (٥) غريب جدّا لا يحتمل أن يقاس عليه. والله أعلم

__________________

(١) الآية ٧ سورة الحشر

(٢) الآية ٢٣ سورة الحديد

(٣) أى فى كتاب التوحيد فى أواخر الكتاب

(٤) الآية ٢٢ سورة القيامة

(٥) وقع الحذف فى نسخة لابن هشام ، والنسخ المعتادة فيها الفعل مذكور.

٤٠٦

الباب الرابع والعشرون

فى الكلم المفتتحة بحرف اللام

وهى : اللام ، ولب ، ولبث ، ولبد ، ولبس ، ولبن ، ولج ، ولحد ، ولحف ، ولحق ، ولحم ، ولد ، ولدن ، ولدى ، ولزب ، ولزم ، ولسن ، ولطف ، ولظى ، ولعب ، ولعن ، ولعل ، ولغب ، ولغو ، ولف ، ولفت ، ولفح ، ولفظ ، ولفى ، ولقب ، ولقح ، ولقف ، ولقم ، ولم ، ولمح ، ولمز ، ولمس ، ولهب ، ولهث ، ولهم ، ولهو ، ولات ، ولوح ، ولود ، ولوط ، ولوم.

٤٠٧

١ ـ بصيرة فى اللام

وهى [ترد على وجوه] :

١ ـ حرف هجاء من حروف الذلاقة (١) ، مخرجها ذلق اللسان (٢) جوار مخرج النون.

٢ ـ عبارة عن اسم عدد الثلاثين فى حساب الجمّل.

٣ ـ لام العجز ، فإنّ بعض الناس يجعلها مكان / الراء ، فيقول فى رحيق : لحيق.

٤ ـ لام أصل الكلمة كلام كمل ، ومكل (٣) ، وكلم.

٥ ـ لام القسم : (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ)(٤).

٦ ـ لام جواب القسم : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(٥).

٧ ـ لام جواب إنّ : (إِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)(٦).

٨ ـ اللام المصاحبة لإن الخفيفة : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(٧).

٩ ـ اللام المصاحبة للو : (لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ)(٨) ، (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(٩).

١٠ ـ لام بمعنى لقد ؛ نحو : لهان علينا ، أى لقد هان علينا.

١١ ـ لام الاستغاثة : يا للمسلمين [وكقول الشاعر] :

__________________

(١) حروف الذلاقة هى المجموعة فى قولهم : فر من لب

(٢) ذلق اللسان : طرفه

(٣) يقال : مكلت البئر : قل ماؤها واجتمع فى وسطها

(٤) الآية ١٨٦ سورة آل عمران

(٥) الآية ٩٢ سورة الحجر

(٦) الآية ٤٨ سورة الحاقة

(٧) الآية ٤ سورة الطارق

(٨) الآية ١٠٠ سورة الاسراء

(٩) الآية ٢١ سورة سبأ

٤٠٨

يا لبكر أين أين الفرار (١)

١٢ ـ لام التمييز (٢) : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً)(٣)

١٣ ـ لام التفصيل : (لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ)(٤).

١٤ ـ لام المدح : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٥).

١٥ ـ لام الذمّ : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)(٦).

١٦ ـ اللام المنقولة : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ)(٧).

١٧ ـ اللام المقحمة : (عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ)(٨) أى ردفكم.

١٨ ـ اللام الداخلة على الضمائر : لك ، وله ، ولنا.

وأما اللامات المكسورة فمنها : العاملة للجرّ [وترد لمعان](٩).

١ ـ لام الاستحقاق : الحمد لله.

٢ ـ لام الاختصاص : المنبر للخطيب.

٣ ـ لام التمليك : الدار لزيد.

٤ ـ لام شبه التمليك : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً)(١٠).

٥ ـ لام التعليل نحو قوله :

ويوم عقرت للعذارى مطيّتى (١١)

__________________

(١) صدره : * يا لبكر أنشروا لى كليبا * وهو للمهلهل

(٢) كأنه يريد أن اللام دلت على تمييز المتصف بالخبر بأنهم المخاطبون ، أو تمييز المبتدأ من الخبر

(٣) الآية ١٣ سورة الحشر

(٤) الآية ٢٢١ سورة البقرة. ويظهر التفصيل عند قوله فى الآية : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ..) فالتفصيل إلى الأمة والعبد

(٥) الآية ٣٠ سورة النحل

(٦) الآية ٢٩ سورة النحل

(٧) الآية ١٣ سورة الحج. وكون اللام منقولة فى الآية أحد الوجوه فيها. والأصل على هذا الوجه : يدعو من لضره أقرب من نفعه ، فنقلت اللام من موضعها. وانظر البحر ٦ / ٣٥٧

(٨) الآية ٧٢ سورة النمل

(٩) زيادة عن القاموس للمصنف للايضاح

(١٠) الآية ٧٢ سورة النحل

(١١) من معلقة امرئ القيس وعجزه :

* فيا عجبا من كورها المتحمل*

٤٠٩

٦ ـ لام التوكيد : (ما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ)(١).

٧ ـ اللام بمعنى إلى : (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها)(٢).

٨ ـ اللام الموافقة لمن : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ)(٣).

٩ ـ الموافقة لعلى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ)(٤) : أى على الأذقان ؛ (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)(٥) ، أى على الجبين.

١٠ ـ الموافقة لفى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ)(٦) ، ومنه قول الشاعر (٧) :

توهّمت آيات لها فعرفتها

لستة أعوام وذا العام سابع

١١ ـ لام بمعنى عند : كتبته لخمس خلون.

١٢ ـ بمعنى بعد : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٨).

١٣ ـ الموافقة لمع :

فلمّا تفرّقنا كأنى ومالكا

لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (٩)

١٤ ـ الموافقة لمن : سمعت له صراخا (١٠).

١٥ ـ لام التبليغ : قلت له.

١٦ ـ اللام بمعنى عن : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا)(١١).

__________________

(١) الآية ١٧٩ سورة آل عمران

(٢) الآية ٥ سورة الزلزلة

(٣) صدر سورة الأنبياء

(٤) الآية ١٠٧ سورة الاسراء

(٥) الآية ١٠٣ سورة الصافات

(٦) الآية ٤٧ سورة الأنبياء

(٧) هو النابغة الذبيانى من قصيدته التى مطلعها :

عفا ذو حسا من فرتنى فالقوارع

فجنبا أريك فالتلاع الدوافع

(٨) الآية ٧٨ سورة الاسراء

(٩) من قصيدة مفضلية لمتمم بن نويرة فى رثاء أخيه مالك

(١٠) هكذا فى الأصلين والأولى أن تكون مع رقم ٨

(١١) الآية ١١ سورة الأحقاف

٤١٠

١٧ ـ لام الصيرورة وهى لام العاقبة ولام المآل : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا)(١).

١٨ ـ لام القسم والتعجّب معا ، ويختص باسم الله تعالى : [كقول الشاعر]

لله يبقى على الأيّام ذو حيد (٢).

١٩ ـ [لام] التعجّب المجرّد عن القسم. ويستعمل فى لله دره ، قيل ومنه : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ)(٣) أى عجبا من إلفهم ، وفى النداء يا للماء.

٢٠ ـ لام التعدية : ما أضرب زيدا لعمرو.

٢١ ـ لام التأكيد. وهى اللام الزائدة : (نَزَّاعَةً لِلشَّوى)(٤) ، (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ)(٥).

٢٢ ـ لام التبيين : سقيا لزيد ، (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ)(٦).

٢٣ ـ لام الصلة : نقدت ألفا لفلان : أى وصلته إليه.

وأمّا العاملة للجزم فنحو : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي)(٧). [ومن أقسامها] :

ا ـ لام التهديد : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)(٨).

ب ـ لام التحدّى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ)(٩).

ج ـ لام التعجيز : (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ)(١٠).

__________________

(١) الآية ٨ سورة القصص

(٢) عجزه :

* أدفى صلود من الأوعال ذو خدم*

والحيد : الالتواء فى القرن. والأدفى : أحدب القرن. والصلود : المنفرد. والوعل ذو الخدم : ما ابيض منه الوظيف. وهو من قصيدة لساعدة بن جؤية. وانظر ديوان الهذليين ١ / ١٩٣

(٣) صدر سورة قريش

(٤) الآية ١٦ سورة المعارج

(٥) الآية ٢٦ سورة النساء

(٦) الآية ٢٣ سورة يوسف

(٧) الآية ١٨٦ سورة البقرة

(٨) الآية ٢٩ سورة الكهف

(٩) الآية ٣٤ سورة الطور

(١٠) الآية ١٠ سورة ص

٤١١

أما اللام غير العاملة فسبع :

(١) لام الابتداء : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)(١).

(ب) اللام الزائدة نحو : أمّ الحليس لعجوز شهربة (٢).

(ج) لام الجواب نحو : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا)(٣) ، (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)(٤) ، (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا)(٥).

(د) اللام الداخلة على أداة الشرط للإيذان (٦) : (وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ)(٧).

(ه) لام أل ؛ نحو : الرجل.

(و) اللام اللاحقة بأسماء الإشارة : كما فى تلك.

(ز) لام التعجب غير الجارّة : لظرف زيد.

واللام اللغوىّ. اللام (٨) الدروع جمع لامة. وهى الدّرع. واللام :

أيضا : الشخص.

__________________

(١) الآية ١٢٤ سورة النحل

(٢) بعده :

* ترضى من اللحم بعظم الرقبة*

الشهربة من أوصاف العجوز. ونسب هذا الرجز فى التصريح فى مبحث الابتداء إلى رؤبة.

(٣) الآية ٢٥ سورة الفتح

(٤) الآية ٢٥١ سورة البقرة

(٥) الآية ٩١ سورة يوسف

(٦) كأنه يريد الاعلام بالقسم وتسمى الموطئة للقسم

(٧) الآية ١٢ سورة الحشر

(٨) هو مخفف اللأم ، وكذا اللامة مخفف اللأمة. وكذا اللام للشخص

٤١٢

٢ ـ بصيرة فى لب

لبّ بالمكان وألبّ به إذا أقام به. حكاه أبو عبيد / عن الخليل ، ومنه قولهم : لبّيك. أى أنا مقيم على طاعتك. وقال ابن الأنبارىّ : فى لبّيك أربعة أقوال :

أحدها : إجابتى لك من لبّ بالمكان وألبّ به إذا أقام به. وقالوا : لبّيك فثنّوا لأنهم أرادوا : إجابة بعد إجابة ؛ كما قالوا : حنانيك أى رحمة بعد رحمة. وقال بعض النحويين : أصل لبّيك لبّبك ، فاستثقلوا ثلاث باءات فأبدلوا من الثالثة ياء ؛ كما قالوا : تظنّيت وأصله تظنّنت.

والثانى : اتجاهى وقصدى يا رب لك ؛ أخذ من قولهم : دارى تلبّ دارك أى تواجهها.

والثالث : محبّتى لك يا رب ، من قول العرب : امرأة لبّة إذا كانت محبّة لزوجها عاطفة عليه.

والرابع : إخلاصى لك يا ربّ ، من قولهم : حسب لباب : إذا كان خالصا محضا ، ومن ذلك لبّ الطعام ولبابه.

واللبّ : العقل ، والجمع : ألباب وألبّ ؛ كنعم وأنعم قال : (١)

* قلبى إليه مشرف الألبّ*

__________________

(١) أى أبو طالب ، كما فى اللسان والتاج

٤١٣

وربما أظهر والتضعيف فى ضرورة الشعر كقول الكميت :

إليكم ذوى آل النبى تطلّعت

نوازع من قلبى ظماء وألبب (١)

وقيل ، اللبّ : ما ذكا من العقل. وكل لبّ عقل ، وليس كل عقل لبّا ، ولهذا خص الله الأحكام التى لا تدركها إلّا العقول الذكيّة بأولى الألباب ؛ نحو قوله : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ)(٢) ونحو ذلك من الآيات.

__________________

(١) من قصيدة يمدح بها بنو هاشم. وانظر شواهد العينى على هامش الخزانة ٣ / ١١١

(٢) الآية ٢٦٩ سورة البقرة

٤١٤

٣ ـ بصيرة فى لبث ولبد

اللّبث واللّباث : المكث. وقد لبث يلبث لبثا على غير قياس ؛ فإنّ المصدر من فعل يفعل قياسه التحريك إذا لم يتعدّ ، نحو تعب يتعب تعبا ، طرب يطرب طربا ؛ فرح يفرح فرحا. وقد جاء فى الشعر على القياس.

قال جرير :

إمّا ترينى وهذا الدهر ذو غير

فى منكبىّ وفى الأصلاب تحنيب (١)

فقد أمدّ نجاد السيف معتدلا

مثل الردينىّ عزّته الأنابيب (٢)

وقد أكون على الحاجات ذا لبث

وأحوذيّا إذا انضمّ الذّعاليب (٣)

لبث فهو لابث ولبث أيضا. وقرأ حمزة : (لَبثين فيها أحقابا) (٤). ويقال : لى لبثة فى هذا الأمر ، أى توقّف. وإنه لخبيث لبيث نبيث ، اتباع.

اللبد واحد اللبود. واللبدة أخصّ. واللبّادة : ما يلبس من اللبود للمطر.

وقوله عزوجل : (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً)(٥) بتشديد (٦) الباء ، فكأنه أراد : مالا لابدا. يقال : مال لا بد ، ومالان لابدان ، وأموال لبّد.

__________________

(١) غير الدهر : أحواله وأحداثه المتغيرة. والتحنيب من معانيه اعوجاج فى الساقين. وأصله فى الخيل

(٢) النجاد : حمائل السيف. والردينى : الرمح. وقوله : عزته فى نسخة الديوان ٣٣ (بيروت): «هزته»

(٣) الأحوذى : الخفيف. والذعاليب : ما تقطع من الثياب وكأنه استعاره لضعفاء الرجال.

(٤) الآية ٢٣ سورة النبأ

(٥) الآية ٦ سورة البلد

(٦) هى قراءة أبى جعفر

٤١٥

والأموال والمال يكونان (١) بمعنى واحد. وقرأ الحسن : (لُبُدا) بضمتين جمع لا بد. وقرأ مجاهد مثل قراءة الحسن. وقرأ أيضا (لبْدا) بسكون الباء كفاره وفره ، وشارف (٢) ، وشرّف ، وبازل (٣) وبزل. وقرأ زيد بن على وابن عمير وعاصم : (لِبَدا) مثال عنب ، جمع لبدة أى مجتمع

وقال قتادة فى قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)(٤) قال : الخشوع فى القلب وإلباد البصر فى الصلاة ، أى لزومه موضع السجود. ويجوز أن يكون من قولهم ألبد رأسه : إذا طأطأ عند دخول الباب. والتركيب يدل على تكرّس الشىء بعضه فوق بعض.

__________________

(١) فى الأصلين : «يكون» وما أثبت هو المناسب

(٢) الشارف : الناقة المسنة الهرمة

(٣) البازل : الناقة تبزل سنها ، وذلك فى تاسع سنيها

(٤) الآية ٢ سورة المؤمنين

٤١٦

٤ ـ بصيرة فى لبس

اللبس ـ بالضمّ ـ مصدر قولك : لبست الثوب ألبسه. ولبست امرأة ، أى تمتّعت بها زمانا ؛ ولبستها عمرى ، أى كانت معى شبابى كلّه ، قال النابغة الجعدىّ رضى الله عنه :

لبست أناسا فأفنيتهم

وأفنيت بعد أناس أناسا

ثلاثة أهلين أفنيتهم

وكان الإله هو المستآسا (١)

وقال عمرو بن أحمر الباهلىّ (٢) :

لبست / أبى حتى تبلّيت عمره

وبلّيت أعمامى وبلّيت خاليا (٣)

واللباس والملبس واللبس ـ بالكسر ـ ما يلبس. ولباس الرّجل : امرأته. وزوجها لباسها ، قال النابغة الجعدى رضى الله عنه :

إذا ما الضجيع ثنى جيدها

تداعت عليه وكانت لباسا

وروى أبو عمرو ثنى عطفها (٤) تثنّت عليه. قال الله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ)(٥) أى بمنزلة اللباس. وقال ابن عرفة : اللباس من الملابسة أى الاختلاط والاجتماع.

وقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى)(٦) ، قيل : هو الحياء والعمل الصالح ،

__________________

(١) المستآس : المستعاض أى المطلوب منه العوض.

(٢) فى الأصلين : «الجاهلى». والمشهور نسبته كما أثبت

(٣) بلى أباه ، أى عاش المدة التى عاشها أبوه. وكذلك تبلاه.

(٤) فى الأصلين : «عطفه» ، والمناسب ما أثبت

(٥) الآية ١٨٧ سورة البقرة

(٦) الآية ٢٦ سورة الأعراف

٤١٧

وقيل : الغليظ الخشن القصير. قال السدّىّ : هو الإيمان ، وقيل : هو ستر العورة ، وهو لباس المتقين. وقوله تعالى : (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً)(١) أى يستر الناس بظلمته. وقوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(٢) أى جاعوا حتى أكلوا الوبر بالدم وهو العلهز ، وبلغ بهم الجوع الحال التى لا غاية بعدها ، فضرب اللباس لما نالهم من ذلك مثلا لاشتماله على لابسه.

واللّبوس : ما يلبس ، قال بيهس :

البس لكلّ حالة لبوسها

إمّا نعيمها وإمّا بوسها

وقوله تعالى : (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ)(٣) يعنى الدرع ، سمّيت لبوسا لانها تلبس ، كالرّكوب لما يركب.

ولبست عليك الأمر ألبسه ـ كضربته أضربه ـ أى خلطته قال الله تعالى : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)(٤) أى شبّهنا عليهم وأضللناهم كما ضلّوا. قال ابن عرفة : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ)(٥) ، أى لا تخلطوه به. وقوله تعالى : (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً)(٦) أى يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط اتّفاق. وقوله جل ذكره : (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)(٧) أى لم يخلطوه بشرك. قال العجاج.

ويفصلون اللبس بعد اللبس

من الأمور الربس بعد الربس (٨)

__________________

(١) الآية ٤٧ سورة الفرقان

(٢) الآية ١١٢ سورة النحل

(٣) الآية ٨٠ سورة الأنبياء

(٤) الآية ٩ سورة الأنعام

(٥) الآية ٤٢ سورة البقرة

(٦) الآية ٦٥ سورة الأنعام

(٧) الآية ٨٢ سورة الأنعام

(٨) الربس : جمع ربساء للداهية الشديدة. وهو من أرجوزة فى مدح الوليد بن عبد الملك بن مروان.

٤١٨

واللبس أيضا : اختلاط الكلام. وفى الامر لبسة ـ بالضم ـ أى شبهة وليس بواضح. والتلبيس : التخليط ، قال الأشعر الجعفىّ :

وكتيبة لبّستها بكتيبة

فيها السنوّر والمغافر والقنا (١)

وتلبّس بالأمر وبالثوب ، قال :

تلبّس حبّها بدمى ولحمى

تلبّس عصبة بفروع ضال (٢)

وقال آخر :

تلبّس لباس الرضا بالقضاء

وخلّ الأمور لمن يملك

تقدّر أنت وجارى القضا

ء مما تقدّره يضحك

وقوله تعالى جلّ شأنه : (أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ)(٣) فيه تنبيه على أن جلّ المقصود من اللباس ستر العورة ، وما زاد فتحسّن وتزيّن ، إلّا ما كان لدفع حرّ وبرد ، قال الشاعر :

إن العيون رمتك إذ فاجأتها

وعليك من شهر الثياب لباس

أمّا الطعام فكل لنفسك ما اشتهت

واجعل ثيابك ما اشتهاه النّاس

وفى بعض الآثار : من ترك اللباس وهو يقدر عليه خيّره الله يوم القيامة بين حلل الإيمان يلبس أيّها شاء.

__________________

(١) الستور : لبوس من جلد كالدرع ، وحجلة السلاح. والمغافر : جمع المغفر ، وهو زرد كالدرع يلبس تحت القلنسوة. والقنا : الرماح.

(٢) العصبة : شجرة تلتوى على الشجر وتكون بينها ، ولها ورق ضعيف ، وقد تفسر باللبلاب. والضال : شجر السدر البرى. والسدر : شجر النبق

(٣) الآية ٢٦ سورة الأعراف

٤١٩

٥ ـ بصيرة فى لبن ولج ولحد ولحف

جمع اللبن : ألبان ، قال تعالى : (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً)(١). واللبن ـ بكسر الباء ـ محبّه وشاربه. وقوم لابنون : كثر لبنهم. والملبون واللبين : من غذى به. وشاة لبون ولبنة ولبينة وملبن وملبنة ، أى ذات لبن.

اللّجاج : التمادى فى الباطل ، والعناد فى تعاطى الفعل المزجور عنه. قال تعالى : (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ)(٢). ولجّة البحر : تردّد أمواجه. ولجّة الليل : تردّد ظلامه. وقد لجّ والتجّ. وقوله تعالى : (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ)(٣) منسوب إلى لجّة البحر.

لحد فى دين الله أى جار عنه ومال. وقرأ حمزة / والكسائىّ (لِسانُ الَّذِي) يَلحدون (إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ)(٤) بفتح الياء والحاء ، والباقون (يُلْحِدُونَ) بضم الياء من ألحد فى دين الله أى جار عنه ومال. وألحد أيضا : ظلم فى الحرم ، وأصله من قوله تعالى (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ)(٥) أى إلحاد (بظلم) ، والباء فيه زائدة. قال حميد الأرقط :

__________________

(١) الآية ٦٦ سورة النحل

(٢) الآية ٢١ سورة الملك

(٣) الآية ٤٠ سورة النور

(٤) الآية ١٠٣ سورة النحل

(٥) الآية ٢٥ سورة الحج

٤٢٠