بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

٢٧ ـ بصيرة فى كلا

وهى ، عند سيبويه والخليل والمبرّد والزجّاج وأكثر نحاة البصرة ، حرف معناه الرّدع والزجر ، لا معنى له سواه ؛ حتى إنهم يجيزون الوقف عليها أبدا والابتداء بما بعدها ، حتى قال بعضهم : إذا سمعت / كلّا فى سورة فاحكم بأنها مكيّة ، لأن فيها معنى التهديد والوعيد ، وأكثر ما نزل ذلك بمكّة ؛ لأن أكثر العتوّ كان بها. وفيه نظر ؛ لأن لزوم المكّيّة إنما يكون عن اختصاص العتوّ بها لا عن غلبته. ثم إنه لا يظهر معنى الزجر فى كلّا المسبوقة بنحو (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)(١) ، (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٢)(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)(٣) ، وقول من قال : فيه ردع عن ترك الإيمان بالتصوير فى أىّ صورة شاء الله ، وبالبعث ، وعن العجلة بالقرآن ، فيه تعسف ظاهر. ثم إن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ، ثم نزل : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى)(٤) فجاءت فى افتتاح الكلام. والوارد منها فى التنزيل ثلاثة وثلاثون موضعا كلها فى النصف الأخير.

ورأى الكسائىّ وجماعة أن معنى الردع ليس مستمرّا فيها ، فزادوا معنى ثانيا يصحّ عليه أن يوقف دونها ، ويبتدأ بها. ثم اختلفوا فى تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أقوال : فقيل : بمعنى حقّا ، وقيل : بمعنى ألا الاستفتاحية ، وقيل : حرف جواب بمنزلة إى ونعم ، وحملوا عليه : (كَلَّا

__________________

(١) الآية ٨ سورة الانفطار

(٢) الآية ٦ سورة المطففين

(٣) الآية ٢٠ سورة القيامة

(٤) الآية ٦ سورة العلق.

٣٨١

وَالْقَمَرِ)(١) ، فقالوا : معناه : أي والقمر. وهذا المعنى لا يتأتّى فى آيتى (٢) المؤمنين والشعراء. وقول من قال بمعنى حقا لا يتأتّى فى نحو : (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ)(٣) ، (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(٤) ، لأنّ (إنّ) تكسر بعد ألا الاستفتاحية ، ولا تكسر بعد حقّا ولا بعد ما كان بمعناها ، ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم.

وإذا صلح الموضع للردع ولغيره جاز الوقف عليها والابتداء بها على اختلاف التقديرين. والأرجح حملها على الردع ؛ لأنه الغالب عليها ، وذلك نحو : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ)(٥) ، (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ)(٦).

وقد يتعيّن للردع أو الاستفتاح نحو : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ)(٧) لأنها لو كانت بمعنى حقّا لما كسرت همزة إنّ ، ولو كانت بمعنى نعم لكانت للوعد بالرجوع ، لأنها بعد الطلب كما يقال : أكرم فلانا فتقول : نعم. ونحو : (قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ)(٨) ، وذلك لكسر إنّ ، ولأنّ نعم بعد الخبر للتصديق.

وقد يمتنع كونها للزجر والردع ، نحو : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ كَلَّا وَالْقَمَرِ)(٩) إذ ليس قبلها ما يصحّ ردّه.

__________________

(١) الآية ٣٢ سورة المدثر

(٢) آية المؤمنين هى قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) فى الآية ١٠٠ ، وآية الشعراء هى الآية ٦٢ وهى قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي)

(٣) الآية ٧ سورة المطففين

(٤) الآية ١٥ سورة المطففين

(٥) الآيتان ٧٨ ، ٧٩ سورة مريم

(٦) الآيتان ٨١ ، ٨٢ سورة مريم

(٧) الآية ١٠٠ سورة المؤمنين

(٨) الآيتان ٦١ ، ٦٢ سورة الشعراء

(٩) الآيتان ٣١ ، ٣٢ سورة المدثر

٣٨٢

وقرئ : (كلاً سيكفرون بعبادتهم) (١) بالتنوين ، إما على أنّه مصدر كلّ إذا أعيا ، أى كلّوا فى دعواهم وانقطعوا ، أو من الكلّ وهو الثقل أى حملوا كلّا. وجوّز الزمخشرىّ كونه حرف الردع نوّن كما فى (سلاسلاً) (٢) وردّ عليه بأنّ (سلاسلا) اسم أصله التنوين فردّ إلى أصله. ويصحّح تأويل الزمخشرىّ قراءة من قرأ : (والليل إذا يسرٍ) (٣) بالتنوين إذ الفعل ليس أصله التنوين.

وقال ثعلب : كلّا مركب من كاف التشبيه ولا النافية ، وإنما شدّدت لامها لتقوية المعنى ولدفع توهّم بقاء معنى الكلمتين. وعند غيره بسيطة ؛ كما ذكرنا. والله أعلم.

__________________

(١) الآية ٨٢ سورة مريم

(٢) أى فى الآية ٤ سورة الانسان. والذى فى الكشاف أن ألف (كلا) قلبت نونا فى الوقف كما قلبت ألف (قَوارِيرَا) * نونا. وما هنا منقول عن المغنى فى مبحث كلا. وقد أجرى الوصل مجرى الوقف على تخريج الزمخشرى.

(٣) الآية ٤ سورة الفجر

٣٨٣

٢٨ ـ بصيرة فى كلأ وكلا وكلتا

كلأه الله يكلؤه كلاءة مثل قرأ قراءة : حفظه. واذهب فى كلاءة الله أى حفظه ونظره ومراقبته. والمادّة موضوعة للدلالة على مراقبة ونظر ، وعلى الثبات ، قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) أى بدل الرحمن. والمكلّأ والكلّاء : شاطئ النهر ، قال سيبويه : هو فعّال مثال جبّار ، والمعنى أن الموضع يدفع الريح عن السفن ويحفظها. واكتلأت عينى : إذا لم تنم وسهرت. وحذرت أمرا واكتلأت منه : احترست. وكلأته كلء : ضربته بالسوط. والكالئ : النسيئة. وبلغ الله بك أكلأ العمر أى آخره وأبعده. وكان الأصمعىّ لا يهمز (١) وينشد.

وإذا تباشرك الهمو

م فإنّه كال وناجز (٢)

أى منها نسيئة ومنها ما هو نقد.

وكلا وكلتا : مفردان لفظا مثنيان معنى ، مضافان أبدا لفظا ومعنى إلى كلمة واحدة معرفة دالّة على اثنين : إمّا بالحقيقة والتنصيص ، نحو : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ)(٣) ، ونحو : (أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما)(٤) ؛ أو بالحقيقة والاشتراك نحو : كلانا ، فإن (نا) مشتركة بين الاثنين والجماعة ؛ أو بالمجاز كقوله :

إنّ للخير وللشرّ مدى

وكلا ذلك وجه وقبل (٥)

__________________

(١) أى لا يهمز الكالى بمعنى النسيئة

(٢) هو لعبيد بن الابرص كما فى التاج

(٣) الآية ٣٢ سورة الكهف

(٤) الآية ٢٣ سورة الاسراء

(٥) من قصيدة لعبد الله بن الزبعرى (انظر جامع الشواهد / ٨٠)

٣٨٤

فإن (ذلك) حقيقة فى الواحد ، وأشير بها إلى المثنى على معنى : وكلا ما ذكر ، على حدّ ما فى قوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)(١) وأجاز : ابن (٢) الأنبارىّ إضافتها إلى النكرة المختصّة ، نحو : كلا رجلين عندك محسنان ؛ فإن (رجلين) قد تخصّصا بوصفهما بالظرف. وحكوا : كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها ، أى تاركة للغزل.

ويجوز مراعاة لفظ كلا وكلتا فى الإفراد ، نحو : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)(٣) ، ومراعاة معناهما وهو قليل. وقد اجتمعا فى قوله :

كلاهما حين جدّ الجرى بينهما

قد أقلعا وكلا أنفيهما رابى (٤)

ويتعين مراعاة اللفظ فى نحو كلاهما محبّ لصاحبه ؛ لأن معناه : كل منهما.

وكلا وكلتا إذا أضيفا إلى مضمر قلب [ألفهما](٥) فى النصب والجرّ ياء ، فتقول : رأيت كليهما وكلتيهما ، ومررت بكليهما وكلتيهما. وإذا أضيفا إلى ظاهر بقى ألفهما على حاله فى النصب والجرّ.

__________________

(١) الآية ٦٨ سورة البقرة.

(٢) هذا الرأى رأى الكوفيين كما فى المغنى. أما ابن الأنبارى فالذى ينسب إليه جواز إضافتها إلى المفرد بشرط تكريرها نحو كلاى وكلاك محسنان.

(٣) الآية ٣٣ سورة الكهف.

(٤) من أبيات للفرزدق يصف بها فرسين تجاريا. أقلعا : كفا عن الجرى. رابى : منتفخ من شدة العدو. جامع الشواهد / ٢٢٦

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٣٨٥

٢٩ ـ بصيرة فى كم

وهى عبارة عن العدد. ويستعمل فى باب الاستفهام ، وينصب بعده الاسم الّذى يميّز به ، نحو : كم رجلا ضربت. ويستعمل فى باب الخبر ويجرّ بعده الاسم الذى يميّز به ، نحو كم رجل.

وهى على نوعين : خبريّة بمعنى كثير ، واستفهاميّة بمعنى أىّ عدد. ويشتركان فى خمسة أمور : الاسميّة ، والإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم التصدير.

وأمّا قول بعضهم فى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ)(١) أبدلت (أنّ) وصلتها من (كم) فمردود بأن عامل البدل هو عامل المبدل منه. فإن قدّر عامل المبدل منه (يَرَوْا) فكم لها الصدر ، فلا يعمل فيها ما قبلها. وإن قدّره (أَهْلَكْنا) فلا تسلّط له فى المعنى على البدل. والصواب أن (كَمْ) مفعول ل (أَهْلَكْنا) والجملة إما معمولة ل (يَرَوْا) على أنه علّق عن العمل فى اللفظ ، و (أن) وصلتها مفعول لأجله وإمّا معترضة بين (يَرَوْا) وما سدّ مسدّ مفعوليه وهو : (أنّ) وصلتها.

وكذلك قول من قال [فى](٢)(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا)(٣) إن (كَمْ) فاعل مردود بأن كم لها الصدر (وقوله (٤) : إنّ ذلك جاء على لغة رديئة حكاها الأخفش عن بعضهم أنه يقول : ملكت كم عبيد فيخرجها

__________________

(١) الآية ٣١ سورة يس

(٢) زيادة يقتضيها السياق وتؤخذ من المغنى فى مبحث كم

(٣) الآية ٢٦ سورة السجدة

(٤) سقط ما بين القوسين فى ب.

٣٨٦

عن الصدرية خطأ عظيم ؛ إذ خرّج كلام الله سبحانه على هذه اللغة) ، وإنّما الفاعل ضمير اسم الله سبحانه ، أو ضمير العلم أو الهدى المدلول عليه بالفعل ، أو جملة : (كَمْ أَهْلَكْنا) على القول بأن الفاعل يكون جملة ، إمّا مطلقا ، أو بشرط كونها مقترنة بما يعلّق عن العمل والفعل قلبى ، نحو ظهر لى أمام زيد.

ويفترقان فى خمسة أمور. أحدهما : أن الكلام مع الخبريّة محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه مع الاستفهاميّة. الثانى : أن المتكلم بالخبرية لا يستدعى جوابا بخلاف الاستفهامية. الثالث : أن الاسم المبدل من الخبرية لا يقترن بالهمزة بخلاف المبدل من الاستفهامية. الرابع : أن تمييز الخبرية مفرد أو مجموع ، تقول : كم عبد ملكت ، وكم عبيد ملكت ، ولا يكون تمييز الاستفهاميّة إلا مفردا. الخامس : أن تمييز الخبرية واجب الخفض ، وتمييز الاستفهامية منصوب ولا يجرّ خلافا لبعضهم.

٣٨٧

٣٠ ـ بصيرة فى كمل وكمه

الكمال : التمام الذى تجزأ منه أجزاؤه ، وقيل : كمال الشىء حصول ما فيه الغرض منه. قال تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)(١) تنبيها أن ذلك غاية ما يتعلّق به صلاح (٢) الولد. وقد كمل الشىء يكمل ، وكمل يكمل ، وكمل يكمل ، وكمل يكمل ، على وزان نصر ينصر وضرب يضرب ، وكرم يكرم ، وعلم يعلم ، كمالا وكمولا ، فهو كامل وكميل ، وتكامل ، وتكمّل. وأكمله واستكمله وكمّله : أتمّه وجمله (٣).

وقوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٤) تنبيه على أنه يحصل كمال العقوبة وقوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ)(٥) قيل : إنما كرّر العشرة ووصفها بالكاملة لا ليعلمنا أن السبعة والثلاثة عشرة ، بل ليبين أن بحصول صيام العشرة يحصل كمال الصوم القائم مقام الهدى. وقيل : إن وصفه العشرة بالكاملة استطراد فى الكلام ، وتنبيه على فضيلة له فيما بين علم العدد ، وأن العشرة أوّل عقد ينتهى إليه العدد فيكمل ، وما بعده يكون مكرّرا ، فهى العدد الكامل.

الكمه ـ محركة ـ : العمى يولد به الإنسان ، وقيل : عامّ. كمه ـ كفرح ـ : عمى ، وكمه بصره : اعترته ظلمة تطمس عليه ، وكمه النهار : اعترضت فى شمسه غبرة ، وكمه الرجل : تغير لونه وزال عقله.

__________________

(١) الآية ٢٣٣ سورة البقرة

(٢) فى الأصلين : «إصلاح» وما أثبت عن الراغب

(٣) يقال : جمل الشىء : جمعه بعد تفرقة

(٤) الآية ٢٥ سورة النحل

(٥) الآية ١٩٦ سورة البقرة

٣٨٨

٣١ ـ بصيرة فى كن وكند وكنز

الكنّ والكنّة والكنان ـ بكسرهن ـ : وقاء كل شىء وستره. والكنّ أيضا : البيت ، والجمع : أكنان. كنّه يكنّه كنّا وكنونا ، وأكنّه واكتنّه : ستره ، قال تعالى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)(١) وأكننت : أخفيت (٢) بما يستر فى النفس قال تعالى : (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ)(٣). والكنان بالكسر : الغطاء الذى يكنّ فيه الشىء ، والجمع : أكنّة نحو غطاء وأغطية. وقوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ)(٤) قيل معناه : فى غطاء عن تفهّم ما تورده علينا. وقوله (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ)(٥) عنى به اللوح المحفوظ ، وقيل : هو قلوب المؤمنين ، وقيل ذلك إشارة إلى كونه محفوظا عند الله تعالى ؛ كما قال تعالى : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٦).

والكنّة ـ بالضمّ ـ سقيفة فوق باب الدار ، وبالفتح : امرأة الابن أو امرأة الأخ لكونها فى كنّ من حفظ زوجها ، وبالكسر البياض.

وكنانة السهم : جعبة من جلد لا خشب فيها وقيل بالعكس (٧).

كند النعمة يكندها ـ بالكسر ـ كندا وكنودا أى كفرها ؛ فهو كنود وكنّاد. قال الله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)(٨) ، قال الكلبىّ : أى لكفور بالنعمة ، وقال الزجاج : أى لكافر ، وقال الحسن : الكنود : اللوّام

__________________

(١) الآية ٤٩ سورة الصافات.

(٢) كذا ولا وجه للباء. وقد يكون الأصل : «خصت بما يستر ..»

(٣) الآية ٢٣٥ سورة البقرة

(٤) الآية ٥ سورة فصلت

(٥) الآيتان ٧٧ ، ٧٨ سورة الواقعة

(٦) الآية ٩ سورة الحجر

(٧) أى من خشب لا جلد فيه

(٨) الآية ٦ سورة العاديات

٣٨٩

لربه يعدّ المصيبات وينسى النعم ، وقال الخليل : تفسير هذه الآية أنه يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده. وامرأة كنود وكند بضمّتين قال الأصمعى : هى الكفور للمودّة والمواصلة ، قال النمر بن تولب رضى الله عنه :

فقلت وكيف صادتنى سليمى

ولمّا أرمها حتّى رمتنى (١)

كنود لا تمنّ ولا تفادى

إذا علقت حبائلها برهن

وأرض كنود لا تنبت شيئا. وكنده : قطعة. قال الأعشى :

أميطى تميطى بصلب الفؤاد

وصول حبال وكنّادها (٢)

الكنز : اسم المال المدفون. وقد كنزه يكنزه ـ كضربه يضربه ـ. وقال الليث : الكنز اسم للمال ، أو لما يحرز به المال. قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ)(٣) وقد كنزت التمر. وكلّ شىء غمزته بيدك أو برجلك فى وعاء أو أرض فقد كنزته ، قال المتنخل الهذلىّ :

لا درّ درّى إن أطعمت نازلكم

قرف الحتىّ وعندى البرّ مكنوز (٤)

وهم يكنزون الرماح أى يركزونها فى الأرض.

والكنز : الفضّة فى قول الشاعر :

كأنّ الهبرقىّ غدا عليها

بماء الكنز ألبسه قراها (٥)

وفى قول عدىّ بن زيد بن مالك.

وشتيت بناصع اللون حرّ

وثنايا مفلّجات عذاب

دمية شافها رجال نصارى

يوم فصح بماء كنز مذاب

__________________

(١) البيت الأول فى سمط اللئالي ٤١٥ مع أبيات قبله.

(٢) المصباح المنير : ٥٠ (ق / ٨ : ٣) برواية فميطى

(٣) الآية ٢٤ سورة التوبة

(٤) القرف : القشر. والحتى سويق المقل أى الدوم أو ردىء ، المقل. وانظر ديوان الهذليين ٢ / ١٥

(٥) الهبرقى : الصائغ ، والقرا : الظهر والبيت فى اللسان (كنز).

٣٩٠

أى الذهب وفى حديث أبى ذرّ رضى الله عنه : «بشّر الكنّازين برضف (١) فى الناغض (٢)» هم الذين يكنزون الذهب والفضّة ولا ينفقونها فى سبيل الله.

وقوله تعالى : (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما)(٣) ، قيل : مال مدفون ، وقيل : إنما كان صحيفة علم مكتوب فيها خمس كلمات : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؛ وعجبت لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلّبها كيف يطمئن إليها ؛ يعملون السيّئات ويرجون الحسنات ؛ يزرعون الشوك ويطمعون فى الحصاد ؛ ومن آمن نجا ، لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقال تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٤) وقال تعالى : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ)(٥).

__________________

(١) الرضف : الحجارة المحماة.

(٢) الناغض : أعلى الكتف

(٣) الآية ٨٢ سورة الكهف

(٤) الآية ٧٦ سورة القصص

(٥) الآيتان ٥٧ ، ٥٨ سورة الشعراء

٣٩١

٣٢ ـ بصيرة فى كوب وكور

الكوب : الكوز الذى لا عروة له. قال عدىّ بن زيد العبادىّ :

متّكئا تقرع أبوابه

يسعى عليه العبد بالكوب (١)

وقيل الكوب : الذى لا خرطوم له ، قال تعالى (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ)(٢). واكتاب : شرب بالكوب.

كور الشىء إدارته وضمّ بعضه إلى بعض ، نحو كور العمامة ، كارها على رأسه يكورها كورا : لاثها (٣). وكل دور كور. وتكوير المتاع : شدّه وجمعه.

وقوله تعالى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ)(٤) إشارة إلى جريان الشمس فى مطالعها ، وانتقاص الليل والنهار وازديادهما. وقيل تكوير الليل على النهار تغشيته إيّاه ، ويقال. زيادته من هذا فى ذلك.

وقوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)(٥) ، قال ابن عباس رضى الله عنهما : عوّرت ، وقال قتادة : ذهب ضوؤها ، وقال أبو عبيدة : كوّرت مثل تكوير العمامة تلفّ فتمحى.

__________________

(١) اللسان (صفق) وفى المصباح المنير : ٢٣٧ نسب للاعشى مع بيتين آخرين.

(٢) الآية ١٨ سورة الواقعة

(٣) أى عصبها وشدها

(٤) الآية ٥ سورة الزمر

(٥) صدر سورة التكوير

٣٩٢

٣٣ ـ بصيرة فى كون وكين

الكون والكينونة : [الحدث](١) ، والكائنة : الحادثة. وكوّنه : أحدثه. وكوّن الله الأشياء : أوجدها. والمكان : الموضع ، والجمع : أمكنة وأماكن ويسمى هذا العالم الفانى عالم الكون والفساد ، قال :

كل صعود إلى هبوط

كل نفاق إلى كساد

وكيف يرجى صلاح حال

فى عالم الكون والفساد

وفى المثل : المقضىّ كائن. قال.

ما لا يكون فلا يكون بحيلة

أبدا وما هو كائن سيكون

وقال آخر :

إن الهوان هو الهوى بعض اسمه

فإذا هويت فقد لقيت هوانا

واذا هويت فقد تعبّدك الهوى

فاخضع لإلفك كائنا ما كانا

وكان من الأفعال الناقصة ، يعبّر به عن الزمن الماضى. وفى كثير من وصف الله تعالى ينبئ عن الأزليّة. وما استعمل منه فى جنس الشىء متعلّقا بوصف له هو موجود [فيه](٢) فتنبيه أن ذلك الوصف لازم له ، قليل الانفكاك عنه ؛ نحو قوله تعالى فى الإنسان : (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً)(٣) ، وكقوله فى فى الشيطان : (وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)(٤).

__________________

(١) زيادة من القاموس

(٢) زيادة من الراغب

(٣) الآية ٦٧ سورة الاسراء

(٤) الآية ٢٧ سورة الاسراء

٣٩٣

وإذا استعمل فى الزمان الماضى فقد يجوز أن يكون المستعمل [فيه](١) قد بقى على حالته كما تقدم آنفا. ويجوز أن يكون قد تغيّر ، نحو كان فلان كذا ثم صار كذا ثم لا فرق بين أن يكون الزمان المستعمل فيه (كان) قد تقدّم تقدما كثيرا. نحو أن تقول : كان فى أوّل ما أوجد الله العالم ، وبين أن يكون فى زمان قد تقدّم بزمان واحد عن الوقت الذى استعمل فيه (كان) ، نحو أن تقول : كان آدم كذا ، وأن (٢) تقول : كان زيد هاهنا ويكون بينك وبين ذلك الزمان أدنى وقت. ولهذا صح أن قال : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٣) فأشار بكان إلى عيسى وحالته التى شاهدوه عليها. وقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)(٤) إشارة إلى أنكم كنتم فى تقدير الله وحكمه. وقول من قال : معنى كنتم هنا معنى الحال فليس بشيء. وقوله : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ)(٥) فقد قيل معناه : وقع وحصل. واكتان بمعنى كان. والمصدر (٦) الكون والكيان والكينونة ، ويقال كنّاهم أى كنّا لهم. وكنت الغزل أى غزلته. ويقال : كنت الكوفة أى كنت بها ويقال : منازل كأن لم يكنها أحد أى لم يكن بها.

وكان التامّة تكون بمعنى ثبت. وثبوت كل شيء بحسبه. فمنه الأزليّة : كان الله ولا شىء معه ؛ وبمعنى حدث ، نحو قوله :

(إذا كان الشتاء فأدفئونى) (٧) وبمعنى قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)(٨) ؛ وبمعنى وقع : ما شاء الله كان ؛ وبمعنى أقام ، نحو :

__________________

(١) زيادة من الراغب

(٢) فى الأصلين والراغب : «بين أن» والظاهر أن «بين» زيادة من الناسخ

(٣) الآية ٢٩ سورة مريم

(٤) الآية ١١٠ سورة البقرة

(٥) الآية ٢٨٠ سورة البقرة

(٦) أى المصدر لكان

(٧) وعجزه : فان الشيخ يهرمه الشتاء (انظر اللسان (كون)

(٨) الآية ٢٨٠ سورة البقرة

٣٩٤

* كانوا وكنا فما ندرى على مهل (١) *

ووزن كان فعل بفتح العين خلافا للكسائى فيما نقل عنه أبو غانم المظفّر بن حمدان ، فإنه قال : وزنها فعل بضمّ العين. وقال ابن الأنبارىّ كان من الأضداد : يكون للماضى ، ويكون للمستقبل ، ومنه قول الشاعر :

فأدركت من قد كان قبلى ولم أدع

لمن كان بعدى فى القصائد مصنعا

أى لمن يكون بعدى. واستكان : سكن عن الدعة (٢) ، وقلق ، قال تعالى : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ)(٣).

كأيّن : مركّب من كاف التشبيه وأى المنوّنة ، ولهذا جاز الوقف عليها بالنون ، ورسم فى المصحف نونا.

ويوافق كم فى خمسة أمور : الإبهام ، والافتقار إلى التمييز ، والبناء ، ولزوم التصدير ، وإفادة التكثير تارة والاستفهام أخرى وهو نادر. قال أبىّ لابن (٤) مسعود : كأيّن تقرأ سورة الأحزاب آية؟ فقال : ثلاثة وسبعين.

ويخالفها فى خمسة أمور :

الأول : أنها مركّبة ، وكم بسيطة على الصحيح.

الثانى : أن مميّزها مجرور بمن غالبا ، وزعم بعضهم لزومه.

__________________

(١) هو لعبد الله بن عبد الأعلى. وهو من بيتين هما :

يا ليت ذا خبر عنهم يخبرنا

بل ليت شعرى ما ذا بعدنا فعلوا

كنا وكانوا فما ندرى على وهم

أنحن فيما لبثنا أم هم عجلوا

وانظر اللسان (كان)

(٢) كذا فى الأصلين. وقد يكون : «الرعة» وهى التحرج ، والمراد الخوف

(٣) الآية ٧٦ سورة المؤمنين

(٤) فى التاج : «هكذا فى النسخ. والصواب لزر بن حبيش»

٣٩٥

الثالث : أنها لا تقع استفهاميّة عند الجمهور.

الرابع : أنها لا تقع مجرورة ، خلافا لمن جوز بكأين تبيع هذا؟.

الخامس : أن خبرها لا يقع مفردا.

وقد ورد فى القرآن فى ثلاثة مواضع (١) : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها)(٢) ، (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(٣) ، (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ)(٤).

__________________

(١) بل ورد فى سبعة مواضع

(٢) الآية ٨ سورة الطلاق

(٣) الآية ١٤٦ سورة البقرة

(٤) الآية ٦٠ سورة العنكبوت

٣٩٦

٣٤ ـ بصيرة فى كهف وكهل وكهن

الكهف : كالبيت المنقور فى الجبل ، والجمع : كهوف. وقال الليث : الكهف : كالغار فى الجبل إلّا أنه واسع ، فإذا صغر فهو غار ، قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)(١) وتكهّف الجبل : إذا صارت فيه كهوف. وتكهّف واكتهف : دخل الكهف. وفلان كهف أهل الريب : إذا كانوا يلوذون به فيكون وزرا وملجأ لهم. قال :

وكنت لهم حصنا حصينا وجنّة

يئول إليها كهلها ووليدها (٢)

الكهل : من وخطه (٣) الشيب ورأيت له بجالة (٤) وقيل الكهل. من جاوز الثلاثين ، وقيل : من جاوز أربعا وثلاثين إلى إحدى وخمسين ، ثم شيخ (٥) ، والجمع : كهلون وكهول وكهال وكهلان وكهّل. وهى كهلة ، والجمع : كهلات وكهلات. وقيل : لا يقال للمرأة كهلة إلّا مزدوجا (٦) بشهلة. واكتهل : صار كهلا ، ولا يقال : كهل. وقد جاء فى الحديث : «هل (٧) فى أهلك من كاهل» ويروى من كاهل ، أى تزوّج.

__________________

(١) الآية ٩ سورة الكهف

(٢) فى التاج : «يئوب» فى مكان «يئول»

(٣) أى خالطه

(٤) البجالة : عظم الرجل ونبله

(٥) أى هو شيخ

(٦) أى يقال : شهلة كهلة. والشهلة : العجوز ، والنصف : العاقلة من النساء

(٧) قاله لرجل أراد الجهاد معه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له الرجل : ما هم إلا أصيبية صغار ، فقال له صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تخلف وجاهد فيهم ولا تضيعهم. وانظر القاموس والتاج

٣٩٧

الكاهن : الذى يخبر بالأخبار الماضية (١) بضرب من الظنّ كالعرّاف الذى يخبر بالأخبار المستقبلة على نحو ذلك. ولكون هاتين الصناعتين مبنيّتين على الظن الذى يخطئ ويصيب قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم». وقد كهن له يكهن ـ كمنع يمنع ـ وكهن يكهن ـ ككرم يكرم ـ وكهن يكهن ـ كنصر ينصر ـ كهانة بالفتح. وتكهّن تكهّنا وتكهينا : قضى له بالغيب ، فهو كاهن ، والجمع : كهنة وكهّان. وحرفته الكهانة بالكسر. وكهن ـ ككرم ـ إذا تخصّص بذلك.

__________________

(١) تبع فى هذا الراغب. وفى التاج نقلا عن ابن الأثير أن الكاهن الذى يتعاطى الخبر عن الكائنات فى مستقبل الزمان. والعراف من يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله ، كالذى يدعى معرفة الشىء المسروق أو مكان الضالة ونحوهما.

٣٩٨

٣٥ ـ بصيرة فى كيد

الكيد : المكر ، تقول : كاد يكيد كيدا ومكيدة. وقوله تعالى : (فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً)(١) أى فيحتالوا احتيالا. وقوله تعالى : (فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى)(٢) أى حيلته. وقوله تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ)(٣) أى علّمناه المكيدة على إخوته. والكيد أيضا : الحرب لاحتيال الناس فيها.

وقوله تعالى : (أَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ)(٤) فخص الخائنين تنبيها على أنه قد يهدى كيد من لم يقصد بكيده خيانة ؛ ككيد يوسف بإخوته. وقوله : (لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٥) أى لأريدنّ بهم سوءا. وكلّ شىء تعالجه فأنت تكيده ، يقال : هو يكيد ، بنفسه أى يجود بها (٦).

وكاد وضعت لمقاربة الشىء فعل أو لم يفعل ؛ فمجرّده تنبئ عن نفى الفعل ، ومقرونة بالحجد تنبئ عن وقوع الفعل. وفى الحديث «كاد الفقر أن يكون (٧) كفرا» ، «وكاد الحسد يغلب القدر». وقال بعضهم فى قوله تعالى : (أَكادُ أُخْفِيها)(٨) أى أريد أخفيها. قال وكما جاز أن يوضع أريد موضع كاد فى قوله تعالى : (جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ)(٩) فكذلك أكاد. وأنشد :

كادت وكدت وتلك خير إرادة

لو عاد من لهو الصبابة ما مضى

__________________

(١) الآية ٥ سورة يوسف

(٢) الآية ٦٠ سورة طه

(٣) الآية ٧٦ سورة يوسف

(٤) الآية ٥٢ سورة يوسف

(٥) الآية ٥٧ سورة الأنبياء

(٦) أى يخرجها ويدفعها عند الاحتضار

(٧) سقط هذا الحرف فى ب

(٨) الآية ١٥ سورة طه

(٩) الآية ٧٧ سورة الكهف

٣٩٩

وكلمة «كاد» يكون صلة للكلام ، أجاز ذلك الأخفش وقطرب وأبو حاتم واحتجّ قطرب بقول زيد الخيل الطائىّ رضى الله عنه :

سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه

فما إن يكاد قرنه يتنفّس

وقال حسان بن ثابت رضى الله عنه :

وتكاد تكسل أن تجىء فراشها

فى لين خرعبة وحسن قوام (١)

معناه : وتكسل. وقول الله تعالى : (لَمْ يَكَدْ يَراها)(٢) معناه : لم يرها.

__________________

(١) الديوان :

(٢) الآية ٤٠ سورة النور

٤٠٠