بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ)(١) أى مقرونين. والاقتران : الازدواج فى كونه اجتماع شيئين أو أشياء فى معنى من المعانى ، قال تعالى : (أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)(٢).

والقرين جاء فى القرآن لأربعة معان :

الأول ـ بمعنى الشريك والمعين : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً)(٣) ، وقال : (فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(٤) أى بئس المعين.

الثانى ـ بمعنى الكرام الكاتبين : (قالَ قَرِينُهُ)(٥) ، (وَقالَ قَرِينُهُ)(٦).

الثالث. بمعنى الشياطين الموسوسين : (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ)(٧) ، (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) ،) أى موسوس.

الرابع ـ بمعنى الشياطين تحت تسخير سليمان عليه‌السلام مقيّدين : (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ)(٨).

__________________

(١) الآية ٣٨ سورة ص

(٢) الآية ٥٣ سورة الزخرف

(٣) الآية ٣٨ سورة النساء

(٤) الآية ٣٨ سورة الزخرف

(٥) الآية ٢٧ سورة ق

(٦) الآية ٢٣ سورة ق

(٧) الآية ٢٥ سورة فصلت

(٨) الآية ٣٨ سورة ص

٢٦١

١٦ ـ بصيرة فى قرأ وقرى

القرء ـ بالفتح ـ : الحيض. والجمع أقراء وقروء ، وأقرؤ فى أدنى العدد ، وفى الحديث : قال لأمّ حبيبة : «دعى الصلاة أيّام أقرائك». والقرء أيضا : الطّهر ، فهو من الأضداد ، قال الأعشى :

وفى كلّ عام أنت جاشم غزوة

تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا

مورّثة مالا وفى المجد رفعة

لما ضاع فيها من قروء نسائكا (١)

وقرأت المرأة : حاضت. وأصل القرء : الوقت ؛ فقد يكون للحيض وقد يكون للطهر ، قال :

إذا ما السماء لم تغم ثم أخلفت

قروء الثريّا أن يكون لها قطر

يريد وقت قرئها (٢) الّذى يمطر فيه (٣) النّاس ، قال تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٤) أى ثلاثة دخول (٥) من الطهر فى الحيض.

وقرأت الشىء قرآنا : جمعته وضممت بعضه إلى بعض. ومنه قولهم : ما قرأت هذه النّاقة سلى (٦) قطّ ، وما قرأت جنينا ، أى لم تضمّ رحمها على ولد ، قال عمرو بن كلثوم :

__________________

(١) الصبح المنير ١٢ (ق ١١ : ٣٠ و ٣١)

(٢) فى اللسان : «نوئها»

(٣) فى الأصلين : «فيها» ، وما أثبت هو المناسب

(٤) الآية ٢٢٨ سورة البقرة

(٥) كذا. وثلاثة تضاف إلى جمع فالواجب «دخولات» ، وقد تبع فى هذه العبارة الراغب

(٦) السلى : الذى يكون فيه الولد

٢٦٢

تريك إذا دخلت على خلاء

وقد أمنت عيون الكاشحينا

ذراعى عيطل أدماء بكر

هجان اللون لم تقرأ جنينا (١)

وقرأت الكتاب قراءة وقرآنا. ومنه سمّى القرآن لأنه يجمع السّور فيضمّها وقيل : سمّى به لأنّه جمع فيه القصص والأمر والنهى والوعد والوعيد ، أو لأنّه جامع ثمرة كتب الله المنزلة ، أو لجمعه ثمرة جميع العلوم. وقال قطرب / فى أحد قوليه ، يقال : قرأت القرآن أى لفظت به مجموعا.

وقال تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)(٢) أى جمعه وقراءته ، (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ،) أى قراءته. قال ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ فإذا بيّنّاه لك بالقراءة فاعمل بما بيّنّاه لك. وقرأ : تنسّك. وجمع القارئ : قرأة ـ مثل عامل وعملة ـ وقرّاء أيضا ، مثل عابد وعبّاد. والقرّاء ـ كزنّار ـ أيضا : المتنسّك ، والجمع القرّاءون. قال زيد بن تركىّ (٣) :.

ولقد عجبت لكاعب مودونة

أطرافها بالحلى والحنّاء (٤)

بيضاء تصطاد النفوس وتستبى

بالحسن قلب المسلم القرّاء

وقد ذكر الله تعالى القرآن فى ست (٥) وستّين موضعا من القرآن :

(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(٦) ، (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)(٧) ؛ (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ)(٨) ، (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ)(٩) ، (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ

__________________

(١) البيتان فى معلقته. والكاشح : العدو. والعيطل : الطويلة ، ويريد ناقة. والأدماء : البيضاء. وهجان اللون : بيضاء حسنة البياض

(٢) الآية ١٧ سورة القيامة

(٣) فى التاج : «ترك»

(٤) المودونة : الملينة المرطبة. يقال : ودن الشىء : بله. والكاعب : التى كعب ثديها ونهد.

(٥) كذا فى الأصلين ، والواجب : ستة» هذا ، وفى المعجم المفهرس ورد القران سبعين مرة.

(٦) صدر سورة ق

(٧) الآية ٨٧ سورة الحجر

(٨) الآية ٧٧ سورة الواقعة

(٩) صدر سورة يس

٢٦٣

الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ)(١) ، (نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً)(٢) ، (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)(٣) ، (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)(٤) ، (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)(٥) ، (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً)(٦) ، (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ)(٧) ، (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ)(٨) ، (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ)(٩) ، (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ)(١٠) ، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)(١١) ، (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ)(١٢) ، (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ)(١٣) ، (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا)(١٤) ، (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(١٥) ، (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)(١٦) ، (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)(١٧) ، (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ)(١٨) ، (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا)(١٩) ، (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)(٢٠) ، (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)(٢١) ، (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ)(٢٢) ، (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ)(٢٣) ، (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)(٢٤) ،

__________________

(١) الآية ٢١ سورة الانشقاق

(٢) الآية ٢٣ سورة الانسان

(٣) الآية ١٨ سورة القيامة

(٤) الآية ٤ سورة المزمل

(٥) الآية ٢٠ سورة المزمل

(٦) الآية ١ سورة الجن

(٧) الآية ٢١ سورة الحشر

(٨) الآية ١٧ سورة القمر. وورد فى آيات أخر فى السورة

(٩) صدر سورة الرحمن

(١٠) الآية ٤٥ سورة ق

(١١) الآية ٨٢ سورة النساء

(١٢) الآية ٢٩ سورة الأحقاف

(١٣) الآية ٢٦ سورة فصلت

(١٤) الآية ٤٤ سورة فصلت

(١٥) الآية ٣ سورة الزخرف

(١٦) الآية ٣١ سورة الزخرف

(١٧) الآية ٢٨ سورة الزمر

(١٨) الآية ٢٧ سورة الزمر

(١٩) الآية ٤١ سورة الاسراء

(٢٠) صدر سورة ص

(٢١) الآية ٦٩ سورة يس

(٢٢) الآية ٣١ سورة سبأ

(٢٣) صدر سورة النمل

(٢٤) الآية ٦ سورة النمل

٢٦٤

(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ)(١) ، (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ)(٢) ، (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٣) ، (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً)(٤) ، (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)(٥) ، (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ)(٦) إلى قوله : (زِدْنِي عِلْماً) ، (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٧) ، (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً)(٨) ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً)(٩) ، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ)(١٠) ، (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)(١١)(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ)(١٢) ، (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ)(١٣)(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ)(١٤) ، (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ)(١٥) ، (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ)(١٦) ، (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ)(١٧) ، (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ)(١٨) ، (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ)(١٩) ، (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)(٢٠)(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)(٢١).

__________________

(١) الآية ٧٦ سورة النمل

(٢) الآية ٩٢ سورة النمل

(٣) الآية ٨٥ سورة القصص

(٤) الآية ٣٢ سورة الفرقان

(٥) الآية ٣٠ سورة الفرقان

(٦) الآية ١١٤ سورة طه

(٧) الآية ٩ سورة الاسراء

(٨) الآية ٤٥ سورة الاسراء

(٩) الآية ٧٨ سورة الاسراء

(١٠) الآية ٨٢ سورة الاسراء

(١١) الآية ٨٨ سورة الاسراء

(١٢) الآية ٩٨ سورة النحل

(١٣) صدر سورة يونس

(١٤) الآية ٩١ سورة الحجر

(١٥) الآية ٣١ سورة الرعد

(١٦) الآية ١١١ سورة التوبة

(١٧) الآية ٢٠٤ سورة الأعراف

(١٨) الآية ١٩ سورة الأنعام

(١٩) الآية ١٠١ سورة المائدة

(٢٠) الآية ٨٢ سورة النساء

(٢١) الآية ١٨٥ سورة البقرة

٢٦٥

وذكرت القراءة فى مواضع :

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(١) ، (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ)(٢) ، (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ)(٣) ، (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ)(٤) ، (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ)(٥) فى موضعين (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ)(٦) ، (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ)(٧)(اقْرَأْ كِتابَكَ)(٨) ، (فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ)(٩) ، (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ)(١٠).

والقرية والقرية ـ بالفتح والكسر ـ : المصر الجامع ، وكلّ موضع يجتمع فيه ناس ، والناس المجتمعون أيضا / ، ومنه قوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١١) قيل : معناه أهل القرية فحذف المضاف. وقال بعضهم : بل القرية هاهنا القوم أنفسهم ، وعلى هذا قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً)(١٢) ، وقوله : (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ)(١٣) ، وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها)(١٤). قال علىّ بن الحسين (١٥) رضى الله عنه : إنما عنى الرّجال. فقيل له : فأين ذلك فى كتاب الله؟ فقال : أولم تسمع قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ)(١٦).

__________________

(١) صدر سورة العلق.

(٢) الآية ٣ سورة العلق

(٣) الآية ٩٨ سورة النحل

(٤) الآية ٢٠٤ سورة الأعراف

(٥) الموضعان فى الآية ٢٠ من سورة المزمل. غير أن الموضع الأول : «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ» والموضع الثانى» فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ»

(٦) الآية ٩٣ سورة الاسراء

(٧) الآية ٩٤ سورة يونس

(٨) الآية ١٤ سورة الاسراء

(٩) الآية ٧١ سورة الاسراء

(١٠) الآية ١٩ سورة الحاقة

(١١) الآية ٨٢ سورة يوسف

(١٢) الآية ١١٢ سورة النحل

(١٣) الآية ١١٧ سورة هود

(١٤) الآية ١٨ سورة سبأ

(١٥) فى الأصلين : «الحسن» وما أثبت عن الراغب

(١٦) الآية ٨ سورة الطلاق

٢٦٦

وقوله : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ)(١) يعنى أريحا (٢) أو ريحاء.

وقوله : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ)(٣) ، يعنى دير هزقل (٤) قرية عزير.

وقوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ)(٥) يعنى أيلة (٦).

وقوله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ)(٧) ، يعنى نينوى لقوم يونس. وقوله : (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما)(٨) ، يعنى أنطاكية ، وكذلك : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ)(٩). وقوله : (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ)(١٠) ، يعنى مكّة والطّائف. (مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ)(١١) ، يعنى مكّة شرّفها الله تعالى.

وقرى النمل : جراثيمه (١٢). وقروت الأرض وتقرّيتها واستقريتها : تتبّعتها. وقرى الضيف يقريه : ضيّفه. وأوقد نار القرى. وله مقراة كالمقراة ، ومقار كالمقارى ، أى جفان (١٣) كالجوابى ، من قولهم : قرى الماء فى الحوض : جمعه فيه.

__________________

(١) الآية ٥٨ سورة البقرة

(٢) فى الغور من الأردن بينها وبين بيت المقدس خمس فراسخ

(٣) الآية ٢٥٩ سورة البقرة

(٤) هو دير بين البصرة وعسكر مكرم ، وفى القرطبى أنه على شاطئ دجلة. وأصل هزقل : حزقل. وانظر معجم البلدان فى المادة

(٥) الآية ١٦٢ سورة الأعراف

(٦) هى مدينة على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر) عند خليج العقبة

(٧) الآية ٩٨ سورة يونس

(٨) الآية ٧٧ سورة الكهف

(٩) الآية ١٣ سورة يس

(١٠) الآية ٣١ سورة الزخرف

(١١) الآية ١٣ سورة محمد

(١٢) جمع جرثومة وهى التراب المجتمع فى أصل الشجر

(١٣) الجفان : جمع جفنة وهى القصعة. والجوابى : جمع الجابية وهو الحوض

٢٦٧

١٧ ـ بصيرة فى قس وقسر وقسط

قسّ النّصارى وقسّيسهم : رأسهم وكبيرهم ، قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً)(١) ، ولفلان القسوسة والقسّيسيّة (٢). وهو قتّات (٣) قسّاس ، أى يتجسّس الأخبار ويتقسّسها : يتبعها. وتقسّس الأصوات : تسمّعها. وبات يعسّ (٤) ويقسّ.

وقسرته على الأمر واقتسرته : ألزمته (٥) قهرا وغلبة. وفعل ذلك قسرا واقتسارا. وهو مقتسر عليه. وهم يخافون القسورة والقساور ، وهو الأسد ، من القسر. وغلام قسور وقسورة. قوىّ ، أو انتهى شبابه. ويعزى (٦) إلى علىّ رضى الله عنه :

أنا الّذى سمّتن أمّى حيدره

كليث غابات كريه المنظره (٧)

أصابكم ضرب غلام قسوره

أوفيكم بالصّاع كيل السندره (٨)

__________________

(١) الآية ٨٢ سورة المائدة

(٢) فى الأصلين : «القسوسية». وما أثبت هو ما فى اللسان والقاموس

(٣) فى الأصلين : «فتان» ، وما أثبت موافق لما فى الأساس. والقتات : النمام ، أو الذى يسمع أحاديث الناس من حيث لا يعلمون

(٤) أى يطلب أهل الريبة فى الليل من قبل السلطان

(٥) الأولى : «ألزمته إياه»

(٦) فى اللسان (حدر) عن ثعلب أن الرواة لم تختلف فى أن هذه الأبيات لعلى رضى الله عنه

(٧) «سمتن» : رسم فى الأصول وفى اللسان «سمتنى» ولا وجه له ، إلا أن يكون نقل حركة الهمزة فى أمى إلى ياء المتكلم. والحيدرة : الأسد فى الأصل.

(٨) «أصابكم» فى الأساس : «أحزبكم» وقوله : «بالصاع ، فى اللسان : (حيدر) و (سندر): «بالسيف.» والسندرة : مكيال واسع. أراد أنه يقتلهم قتلا واسعا.

٢٦٨

قال تعالى : (فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ)(١)

قسط : جار. وهو قاسط غير مقسط (٢). وقد قسط علىّ قسطا وقسوطا. وتقول : إن الله يقبض ويبسط ، ويقسط ولا يقسط. وأمر الله بالقسط ونهى عن القسط. والقسط : أن يأخذ قسط غيره ، والإقساط أن يعطى قسط غيره. وقسّط عليهم الخراج ، وبينهم المال : قسم. ووفّاه قسطه : نصيبه. قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ)(٣) ، وقال : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)(٤) ، وقال تعالى : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(٥).

والقسطاس : الميزان. ويعبّر به عن العدالة ؛ كالميزان.

__________________

(١) الآية ٥١ سورة المدثر. وهو يريد أن القسورة فى الآية فسرت بالأسد ؛ وقد فسرت بغير ذلك.

(٢) المقسط : العادل.

(٣) الآية ٩ سورة الرحمن

(٤) الآية ١٥ سورة الجن

(٥) الآية ٩ سورة الحجرات

٢٦٩

١٨ ـ بصيرة فى قسم وقسو وقشعر

قسمه يقسمه ، وقسّمه : جزّأه ، فانقسم. وهى القسمة. وقسم الدّهر القوم وقسّمهم : فرّقهم. واستقسمه : سأله القسمة. ثم استعملوه بمعنى قسم ، قال تعالى : (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ)(١). والمقسم والمقسم والقسم : النّصيب ، وجمعه : أقسام. والقسيم : القسم ، وجمعه : أقسماء. وجمع الجمع أقاسيم. وقاسمه الشّىء : أخذ كلّ قسمه. وقسم القسّام وهو الذرّاع (٢) الأرض. وقسم الله له الرّزق ، وهو القسّام : الوهّاب. وأعطيتهم أقسامهم ، وأقاسيمهم ، ومقاسمهم.

وقوله : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ)(٣) / أى الّذين تقاسموا شعب مكّة ليصدّوا عن سبيل الله من يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والذين تحالفوا على كيد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال تعالى ، (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ)(٤). وقوله : (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً)(٥) يعنى الملائكة يقسّمون الأرزاق. والقسامة : الحسن ، كأنه أعطى كلّ عضو قسمه من الحسن. وأقسم بالله : حلف. والقسم : اليمين. والمقسّم : المهموم.

القسو ، والقسوة ، والقساء والقساوة : الغلظ والصّلابة. وقد قسا قلبه. وأصله من حجر قاس ، قال تعالى : (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً)(٦) ، وقرئ (٧) (قسيّة) من قولهم : درهم قسىّ أى زيف ، أى قلوبهم مغشوشة ليست بخالصة.

واقشعرّ الجلد : اضطرب وقام شعوره عليه. قال تعالى ، (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)(٨) ، أى تعلوها قشعريرة

__________________

(١) الآية ٣ سورة المائدة

(٢) هو الذى يقيس بالذراع

(٣) الآية ٩٠ سورة الحجر

(٤) الآية ٣ سورة المائدة

(٥) الآية ٤ سورة الذاريات

(٦) الآية ١٣ سورة المائدة

(٧) هى قراءة حمزة والكسائى.

(٨) الآية ٢٣ سورة الزمر

٢٧٠

١٩ ـ بصيرة فى قص وقصد

قصّ أثره قصّا وقصصا ، واقتصّه وتقصّصه : تتبّعه. وقوله تعالى : (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً)(١) ، أى رجعا من الطّريق الّذى سلكاه يقصّان الأثر. وقوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ)(٢) ، أى نبين لك أحسن البيان. والقصص : جمع قصّة ، وهى الأمر والشأن ، والّذى يكتب (٣) ، و [القصص (٤)] : الأخبار المتتبّعة ، قال تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ)(٥).

والقصاص : القود. وأقصّ الأمير فلانا من فلان : اقتصّ له منه ، فجرحه مثل جرحه ، أو قتله قودا ، قال تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)(٦) ، وقال : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ)(٧)

والقصاص ـ مثلثه ـ : حيث (تنتهى نبتة) (٨) الشعر من مقدّمه أو مؤخّره.

القصد : إتيان الشىء ، تقول : قصدته ، وقصدت له ، وقصدت إليه بمعنى. وقصدت قصده : نحوت نحوه. وقوله : (وَسَفَراً قاصِداً)(٩) أى غير شاقّ ولا متناهى البعد. وقوله عزوجل : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ)(١٠) ، أى تبيين الصراط المستقيم ، والدّعاء إليه بالحجج والبينات الواضحات.

__________________

(١) الآية ٦٤ سورة الكهف

(٢) الآية ٣ سورة يوسف

(٣) فى القاموس : «التى تكتب»

(٤) زيادة من الراغب

(٥) الآية ٦٢ سورة آل عمران

(٦) الآية ١٧٩ سورة البقرة

(٧) الآية ٤٥ سورة المائدة

(٨) فى ا : «منبت»

(٩) الآية ٤٢ سورة التوبة

(١٠) الآية ٩ سورة النحل

٢٧١

واقتصد فى النّفقة : توسّط بين التقتير والإسراف ، قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما خاب من استخار ، ولا ندم من استشار ، ولا عال من اقتصد (١)».

ومن الاقتصاد ما هو محمود مطلقا ، وذلك فيما له طرفان : إفراط وتفريط ، كالجود فإنه بين الإسراف والبخل ، وكالشجاعة فإنها بين التهوّر والجبن ، وإليه الإشارة بقوله : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا)(٢) ؛ ومنه ما هو متردّد بين المحمود والمذموم ، وهو فيما يقع بين محمود ومذموم ، كالواقع بين العدل والجور ، وعلى ذلك قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)(٣).

وقصد فى الأمر : إذا لم يجاوز فيه الحدّ ورضى بالتوسّط ؛ لأنّه فى ذلك يقصد الأسدّ. وهو على القصد ؛ (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ)(٤). وسهم قاصد وسهام قواصد : مستوية نحو الرميّة.

__________________

(١) ورد الحديث فى الجامع الصغير .. وقد رواه الطبرانى فى الأوسط عن أنس وإسناده ضعيف. وعال : افتقر.

(٢) الآية ٦٧ سورة الفرقان

(٣) الآية ٣٢ سورة فاطر

(٤) الآية ٩ سورة النحل.

٢٧٢

٢٠ ـ بصيرة فى قصر وقصف وقصم وقصو

قصرته : حبسته. وقصرت نفسى على هذا الأمر : إذا لم تطمح إلى غيره. وقصرت طرفى : لم أرفعه إلى مكروه. وهنّ قاصرات الطّرف ، أى قصرنه على أزواجهنّ ، قال تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ)(١). وقصر السّتر : أرخاه. قال حاتم الطائىّ :

وما تشتكينى جارتى غير أنّنى

إذا غاب عنها زوجها لا أزورها

سيبلغها خيرى ويرجع بعلها

إليها ولم تقصر علىّ ستورها

/ وقصرت كذا : ضممت بعضه إلى بعض. ومنه سمّى القصر ، وجمعه : قصور ، قال تعالى : (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ)(٢) ، وقيل معناه : كأصول النخل (٣). وقصر عنه قصورا : عجز ولم ينله. وأقصر عن الباطل. واقتصر على هذا : لا تجاوزه. وقصرك وقصارك وقصاراك أن تفعل كذا : غايتك. وقصّر فى حاجته ، وقصّر عن منزلته ، وقصّر به عمله. قال عنترة (٤) :

أمّلت خيرك هل تأتى مواعده

فاليوم قصّر عن تلقائك الأمل

وقصرته قصرا : جعلته فى قصر ، قال تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ)(٥).

__________________

(١) الآية ٥٦ سورة الرحمن

(٢) الآية ٣٢ سورة المرسلات

(٣) الذى فى اللسان أن هذا التفسير على قراءة ابن عباس : «كالقصر» بالتحريك ، وهى قراءة شاذة

(٤) فى اللسان (لقى) نسبة هذا إلى الراعى ، وهو يخاطب محبوبته ، وقبله :

وما صرمتك حتى قلت معلنة

لا ناقة لى فى هذا ولا جمل

(٥) الآية ٧٢ سورة الرحمن

٢٧٣

وقصر الصّلاة : جعلها قصيرة بترك بعض أركانها ترخيصا (١) ، قال تعالى : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ)(٢). وقصر شعره. و (قصّرت (٣) به نفسه) : إذا تطلّب (٤) القليل والحظّ الخسيس.

قصفه يقصفه قصفا : كسره. وقصف الرّعد وغيره قصيفا : اشتدّ صوته. وفى الحديث : «أنا والنبيّون فرّاط القاصفين (٥)». هم المزدحمون كأنّ بعضهم يقصف بعضا لفرط الزّحام بدارا إليها (٦) ، أى أنا والنبيّون متقدّمون فى الشفاعة لقوم كثيرين متدافعين. وقوله تعالى : (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ)(٧) ، وهى الرّيح الّتى تقصف ما تمرّ عليه من الشجر والبناء.

قصمه يقصمه : كسره وأبانه فانقصم وتقصّم. قال تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ)(٨) أى حطمناها وهشمناها ، وذلك عبارة عن الهلاك.

قصا عنه قصوا وقصوّا وقصا وقصاء ، وقصى : بعد ، فهو قصىّ وقاص ، وجمعهما : أقصاء. والقصوى والقصيا : الغاية البعيدة. وأقصاه : أبعده. وقوله تعالى : (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(٩) أى بيت المقدس ، سمّاه الأقصى اعتبارا بمكان المخاطبين به من النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه.

__________________

(١) كذا. والأولى : «ترخصا»

(٢) الآية ١٠١ سورة النساء

(٣) فى الأصلين : «قصرته» وما أثبت عن الأساس ، والعبارة فيه : «قصرت بك نفسك»

(٤) فى ب : «طلب»

(٥) فى التاج أنه رواه النابغة الجعدى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم

(٦) فى القاموس : «إلى الجنة»

(٧) الآية ٦٩ سورة الاسراء

(٨) الآية ١١ سورة الأنبياء

(٩) أول سورة الاسراء

٢٧٤

٢١ ـ بصيرة فى قض وقضيب وقضى

قضّ الشىء : دقّه. وانقضّ الجدار : تصدّع ولم يقع بعد ، (كانقاضّ انقياضا) (١).

القضب : القطع. وسيف قاضب وقضيب (٢) : قاطع. والجمع : قواضب. ورجل قضّابة : قطّاع للأمور مقتدر (٣) عليها. والقضب والقضبة : الرطبة (٤) وبالفارسية إسفست (٥). وأهل مكّة ـ حرسها الله تعالى ـ يسمّون القتّ : القضب ، قال تعالى : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً)(٦).

والقضب أيضا يتّخذ منه القسّى ، قال أبو دواد جارية بن الحجّاج (٧) :

وعنس قد براها

لذّة الموكب والشّرب

رذايا كالبلايا

أو كعيدان من القضب

رفعناها ذميلا

فى مملّ معمل لحب

ويقال : إنّه من جنس النبع. والقضب أيضا من الشجر : كلّ شجر بسطت أغصانه وطالت. والقضب : اسم يقع على ما قضبت من أغصان لتتّخذ منها سهاما أو قسيّا.

__________________

(١) كذا فى ب. وفى ا : «كانقاض انقضاضا» وهو يوافق ما فى القاموس.

(٢) فى ا : «قاضب» ، وما أثبت من الراغب. وسقط فى ب

(٣) فى ا : «متقدر» وما أثبت من الراغب

(٤) هى ضرب من المرعى الرطب

(٥) كذا فى ا. وفى ب : «اسبست» وقد عربا بالفصفصة

(٦) الآيتان ٢٧ ، ٢٨ سورة عبس

(٧) وتنسب لعقبة بن سابق كما فى الأصمعيات رقم ٦.

٢٧٥

القضاء ـ بالمدّ والقصر ـ : الحكم. وقضى عليه يقضى قضيا وقضاء وقضيّة ، وهى الاسم. والقضاء : الصّنع ، والحتم ، والبيان ، وفصل الأمر فعلا كان أو قولا ، وكلّ منهما على وجهين : إلهىّ وبشرىّ.

فمن الإلهىّ : قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(١) ، أى أمر ربّك ، وقوله : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ)(٢) ، هذا قضاء بالإعلام ، أى أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما. وقوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ)(٣) إشارة إلى إيجاده الإبداعىّ والفراغ منه. وقوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)(٤) أى لفصل بينهم.

ومن الفعل (٥) البشرىّ قوله تعالى : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ)(٦) ، وقوله (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(٧) أى افرغوا من أمركم.

وعبر عن الموت بالقضاء ، فيقال : قضى نحبه ، كأنه فصل أمره / المختصّ به من دنياه. وقوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ)(٨) قيل : قضى نذره ؛ لأنه كان قد ألزم نفسه ألّا ينكل عن العدا أو يقتل ، وقيل معناه : منهم من مات. وقوله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ)(٩) ، قيل : عنى بالأوّل أجل الحياة ، وبالثانى أجل البعث. وقوله : (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ)(١٠) ، وقوله :

__________________

(١) الآية ٢٣ سورة الاسراء

(٢) الآية ٤ سورة الاسراء

(٣) الآية ١٢ سورة فصلت

(٤) الآية ١٤ سورة الشورى

(٥) فى الأصلين : «القول» وما أثبت من الراغب

(٦) الآية ٢٠٠ سورة البقرة

(٧) الآية ٧١ سورة يونس

(٨) الآية ٢٣ سورة الأحزاب

(٩) الآية ٢ سورة الأنعام

(١٠) الآية ٢٧ سورة الحاقة

٢٧٦

(يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(١) كناية عن الموت. وقوله : (فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ)(٢) أى فرغتم منها. وقال : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ)(٣) أى أدّيتم. وقوله : (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ)(٤) أى أخبرناه ، وكذلك : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ)(٥). وقوله : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ)(٦) أى افعل ما أنت فاعل (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا)(٧) أى تفعل ، (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(٨) ، أى ليفعل ؛ (إِذا قَضى أَمْراً)(٩) ، أى فعل. (إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً)(١٠) أى فعل.

وقوله : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(١١) ، أى لا ينزل عليهم الموت. وقوله : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(١٢) ، فقتله. (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(١٣) أى ليمتنا ، (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ)(١٤).

ويكون بمعنى الوجوب والوقوع : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ)(١٥) ، (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا)(١٦) : مكتوبا فى اللّوح المحفوظ.

وبمعنى الإتمام والإكمال ، (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ)(١٧) أى أتمّ ، (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ)(١٨) ، أى أتممت ؛ (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى)(١٩) : ليتمّ ،

__________________

(١) الآية ٧٧ سورة الزخرف

(٢) الآية ١٠٣ سورة النساء

(٣) الآية ٢٠٠ سورة البقرة.

(٤) الآية ٤٤ سورة القصص

(٥) الآية ٦٦ سورة الحجر

(٦) الآية ٧٢ سورة طه

(٧) الآية ٧٢ سورة طه

(٨) الآيتان ٤٢ ، ٤٤ سورة الأنفال

(٩) الآية ١١٧ سورة البقرة. وتكرر فى مواطن أخر

(١٠) الآية ٣٦ سورة الأحزاب

(١١) الآية ٣٦ سورة فاطر

(١٢) الآية ١٥ سورة القصص

(١٣) الآية ٧٧ سورة الزخرف

(١٤) الآية ٢٧ سورة الحاقة

(١٥) الآية ٤١ سورة يوسف

(١٦) الآية ٢١ سورة مريم

(١٧) الآية ٢٩ سورة القصص

(١٨) الآية ٢٨ سورة القصص

(١٩) الآية ٦٠ سورة الأنعام

٢٧٧

(مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ)(١) ، (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ)(٢) : أتمّ أجله.

وبمعنى فصل الحكومة والخصومة : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ)(٣) فصل ؛ (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ)(٤) : لفصل ؛ (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)(٥) : فصل ، وقوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ)(٦) ، أى خلقهنّ. (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ)(٧) أى وصّينا وعهدنا إليه. (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(٨) أى أمر وأوصى. (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ)(٩) أى امضوا.

والاقتضاء : المطالبة بقضاء الأمر ، ومنه قولهم : هذا يقتضى كذا.

والقضاء من الله أخصّ من القدر ؛ لأنه الفصل بين التقدير ، والقدر هو التقدير ، والقضاء هو التفصيل والقطع. وذكر بعض العلماء أنّ القدر بمنزلة المعدّ للكيل ، والقضاء بمنزلة الكيل ، ولهذا قال أبو عبيد لعمر لمّا أرادوا الفرار من الطّاعون من الشّام : أتفرّ من القضاء؟ قال : أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله ، تنبيها أنّ القدر ما لم يكن قضاء فمرجوّ أن يدفعه الله ، فإذا قضى فلا يندفع ، ويشهد لهذا قوله تعالى : (وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا)(١٠)

__________________

(١) الآية ١١٤ سورة طه

(٢) الآية ٢٣ سورة الأحزاب

(٣) الآية ٦٩ سورة الزمر

(٤) الآية ٥٨ سورة الأنعام

(٥) الآية ٤٧ سورة يونس

(٦) الآية ١٢ سورة فصلت

(٧) الآية ٤٤ سورة القصص.

(٨) الآية ٢٣ سورة الاسراء

(٩) الآية ٧١ سورة يونس

(١٠) الآية ٢١ سورة مريم

٢٧٨

ومنه قولهم : المقضىّ كائن. وقضى الأمر ، أى فصل ، تنبيها (١) أنّه صار بحيث لا يمكن تلافيه.

وكل قول مقطوع به من قولك : هو كذا أو ليس بكذا ، يقال له قضيّة صادقة ، وقضيّة كاذبة.

واستقضى علينا فلان ، واستقضاه السّلطان. قال :

إذا خان الأمير وكاتباه

وقاضى الأمر داهن فى القضاء

فويل ثمّ ويل ثمّ ويل

لقاضى الأرض من قاضى السماء

وروينا فى مسند الإمام أحمد مرفوعا : «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكّين (٢)» وقال : «القضاة ثلاثة : قاض فى الجنّة وقاضيان فى النّار (٣)».

__________________

(١) فى الأصلين : «تنبيه» وما أثبت عن الراغب

(٢) وانظر الفتح الكبير : ٣ / ١٨٣ برواية قاضيا بين الناس

(٣) ورد فى الجامع الصغير عن الطبرانى باسناد صحيح

٢٧٩

٢٢ ـ بصيرة فى قط وقطر

القطّ : القطع عامّة ، وقيل : بالعرض. وقيل : قطع شىء صلب. والقطّ ـ بالكسر ـ الصّك ، وكتاب المحاسبة ، والصّحيفة ، والنصيب المنفرد ، قال تعالى : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا)(١) ؛ فسّره ابن عباس بالنّصيب ، / وغيره بالصّحيفة. وقطّ السّعر : غلا. سعر قاطّ ، قال أبو وجزة :

أشكو إلى الله العزيز الجبّار

ثمّ إليك اليوم بعد المستار (٢)

وحاجة الحىّ وقطّ الأسعار

وما رأيته قطّ وقطّ ، ويخفّفان ، وقطّ مكسورة مشدّدة ، بمعنى الدّهر. وإذا كانت بمعنى حسب فقط كعن.

قطر البلد : جانبه ، والجمع : أقطار. وقطر الماء ، وقطرته أنا ، وقطّرته. والقطر : المطر.

ورأيت قطارا من الإبل وقطرا ، وقطروها وقطّروها ، وإبل مقطورة ومقطّرة.

والقطر ـ بالكسر ـ : النّحاس المذاب ، قال تعالى : (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ)(٣).

__________________

(١) الآية ١٦ سورة ص

(٢) المستار : مصدر معناه الامتيار ، أى جلب الميرة والطعام ، أو هو السير.

(٣) الآية ١٢ سورة سبأ

٢٨٠