بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٤

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٧

٣ ـ وغفلة شهد عليهم بها القرآن : (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ)(١).

٤ ـ وغفلة / مقيّدة بشهادة الملائكة المقرّبين : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا)(٢).

٥ ـ وغفلة عن (٣) عبادتهم من الأوثان : (إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ)(٤).

٦ ـ وغفلة لهم عن أحكام آيات القرآن : (بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)(٥).

٧ ـ وغفلة شبّهوا فيها بالأنعام من الحيوان : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(٦).

٨ ـ وغفلة تعالى الله عنها : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٧).

٩ ـ وغفلة عن أعمال الظّالمين تقدّس الله وتنزّه عنها : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)(٨).

__________________

(١) الآية ٣٩ سورة مريم

(٢) الآية ٢٢ سورة ق

(٣) فى الأصلين : «من عبادتهم عن الأوثان» والمناسب ما أثبت فان المراد أن الأوثان كانت غافلة عن عبادة المشركين

(٤) الآية ٢٩ سورة يونس

(٥) الآية ١٣٦ سورة الأعراف

(٦) الآية ١٧٩ سورة الأعراف

(٧) الآية ٧٤ سورة البقرة. وورد فى مواطن أخر

(٨) الآية ٤٢ سورة إبراهيم

١٤١

١٠ ـ بصيرة فى غلب

الغلبة : القهر. غلبه غلبا ـ بسكون اللام ـ وغلبا بتحريكها ، وغلبة بإلحاق الهاء ، وغلابية ـ مثال علانية ـ وغلبة ـ مثال حزقّة (١) ـ وغلبّى ـ بضمتين مشدّدة الباء مقصورة ـ ومغلبة ، قال تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)(٢). والغلب من المصادر المفتوحة العين مثل الطلب. قال الفرّاء : وهذا يحتمل أن يكون غلبة فحذفت الهاء عند الإضافة ، كما قال فضل بن عبّاس

إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الذى وعدوا

أراد عدة الأمر فحذف الهاء عند الإضافة. والحجّة فى المغلبة قول بنت عتبة ترثى أباها :

يا عين بكّى عتبه*

شيخا شديد الرقبة

يطعم يوم المسغبه*

يدفع يوم المغلبه

إنّى عليه حربه (٣) *

ملهوفة مستلبه

لنهبطنّ يثربه (٤) *

بغارة منشعبه

والحجّة فى الغلبّة قول المرّار بن سعيد الفقعسىّ (٥) :

منعت بنجد ما أردت غلبة*

وبالغور لى عزّ أشمّ طويل

__________________

(١) الحزقة : القصير

(٢) الآيات ١ ـ ٣ سورة الروم

(٣) أى شديدة الغضب

(٤) يريد يثرب المدينة المنورة والهاء للسكت ، أو هاء الضمير للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المعلوم من المقام

(٥) فى ا : «العقينى» وفى ب : «القعينى» والمعروف ما أثبت

١٤٢

وهضبة غلباء ، وعزّة غلباء ، وحديقة غلباء ، وحدائق غلب أى غلاظ ممتلئة ، قال تعالى : (وَحَدائِقَ غُلْباً)(١).

ورجل غلبة ، وغلبة ، وغلبة ـ مثال تؤدة ـ وغلّاب ، وغلبّى ، وغلبّى ، أى كثير الغلبة سريعها.

وقد ورد فى القرآن على أربعة أوجه :

الأوّل : بمعنى الظهور والاستيلاء : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ)(٢).

الثانى : بمعنى الهزيمة : (غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)(٣) : سيهزمون.

الثالث : بمعنى القتل : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ)(٤) أى ستقتلون.

الرّابع : بمعنى القهر : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ)(٥) ، أى قاهر ، (وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ)(٦) ، أى القاهرون. (فَغُلِبُوا هُنالِكَ)(٧) : قهروا وهزموا.

__________________

(١) الآية ٣٠ سورة عبس

(٢) الآية ٢١ سورة الكهف

(٣) الآية ٢ و ٣ سورة الروم

(٤) الآية ١٢ سورة آل عمران

(٥) الآية ٢١ سورة يوسف

(٦) الآية ١٧٣ سورة الصافات

(٧) الآية ١١٩ سورة الأعراف

١٤٣

١١ ـ بصيرة فى غل

الغلّ والغلّة والغلل والغليل : العطش ، وقيل : شدّة العطش وحرارة الجوف. وقد غلّ يغلّ ـ بفتحهما (١) وبضمهما ـ فهو مغلول وغليل ومغتلّ. وبعير غالّ وغلّان ، وقد غلّ يغل بفتحهما.

والغلّ معروف ، والجمع : أغلال. وغلّه : وضع فى عنقه أو يده الغلّ. ويقال للبخيل : مغلول اليد ، قال تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ)(٢) ، أى رموه بالبخل. وقيل : إنهم لمّا سمعوا أنّ الله قد قضى كلّ شىء قالوا : إذا يد الله مغلولة ، أى فى حكم المقيّد لكونه فارغا. فقال تعالى ذلك.

وقوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً)(٣) أى منعناهم فعل الخير ، وذلك نحو وصفهم بالطّبع والختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم. وقيل : بل ذلك وإن كان بلفظ الماضى فإنه إشارة إلى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله : (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٤).

والغلّ والغليل : الحقد والضّغن ، وقد غلّ / صدره يغلّ ، قال تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ)(٥) وغلّ غلولا وأغلّ : خان. وقيل : خاصّ بالفىء.

وقوله تعالى : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ)(٦) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم

__________________

(١) فى التاج : «قال شيخنا : قوله بفتحهما هذا فى الظاهر. وأما فى الأصل فالماضى مكسور كمل يمل كما هو السماع والقياس ، لأن عينه ولامه ليسا أو أحدهما حرف حلق»

(٢) الآية ٦٤ سورة المائدة

(٣) الآية ٨ سورة يس

(٤) الآية ٢٣ سورة سبأ

(٥) الآية ٤٣ سورة الأعراف ، والآية ٤٧ سورة الحجر

(٦) الآية ١٦١ سورة آل عمران

١٤٤

ويعقوب برواية روح وزيد (أن يغلّ) بفتح الياء وضمّ الغين ، والباقون على العكس ، فمعنى يغلّ يخون ، ومعنى يغلّ بضم الياء وفتح الغين يحتمل أمرين : يخان ، يعنى أن يؤخذ من غنيمته. والآخر ، يخوّن أى ينسب إلى الغلول.

وقال أبو عبيد : الغلول من المغنم خاصّة ، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد. وممّا يبيّن ذلك أنّه يقال من الخيانة : أغلّ يغلّ ، ومن الحقد : غلّ يغلّ بالكسر ، ومن الغلول : غلّ يغلّ بالضم ، وفى الحديث : «ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب مؤمن : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم» ، روى : لا يغلّ أى لا يضطغن. وروى : لا يغلّ أى لا يصير ذا خيانة. وفلان شفى غليله ، أى غيظه.

وغلّ فى الشىء ، وانغلّ ، وتغلّل ، وتغلغل : دخل

١٤٥

١٢ ـ بصيرة فى غلظ وغلف وغلق

الغلظة ـ بفتح الغين وكسرها وضمّها ـ والغلظ ـ كعنب ـ والغلاظة ـ بالكسر ـ : ضدّ الرّقّة. والفعل ككرم وضرب ، فهو غليظ وغلاظ ، قال تعالى : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)(١) أى خشونة. والغلظ بالفتح : الأرض : الخشنة ، وأغلظ : نزل بها ، والثوب : وجده غليظا. قال :

فما زهد التقىّ بحلق رأس

وليس بلبس أثواب غلاظ

ولكن بالتّقى قولا وفعلا

وإدمان التخشع فى اللحاظ

وقد ورد فى القرآن فى مواضع مختلفة :

(١) فى أمر النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالصلابة والتخشين على المنافقين والكافرين : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)(٢).

(٢) وفى أمر المؤمنين بذلك أيضا : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)(٣).

(٣) وفى منع النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك مع المؤمنين : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(٤).

(٤) وفى بيان قوّة الإسلام وصلابته : (فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ)(٥) (٥) وفى قوّة الميثاق وإحكام العهد : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً)(٦) (٦) وفى صفة العذاب الذى نجّى منه الموحّدين : (وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)(٧).

__________________

(١) الآية ١٢٣ سورة التوبة

(٢) الآية ٧٣ سورة التوبة

(٣) الآية ١٢٣ سورة التوبة

(٤) الآية ١٥٩ سورة آل عمران

(٥) الآية ٢٩ سورة الفتح

(٦) الآية ٢١ سورة النساء

(٧) الآية ٥٨ سورة هود

١٤٦

(٧) وفى العذاب الموعود به الكفّار : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)(١).

(٨) وفى صفة الملائكة الموكّلين بتعذيب الكافرين : (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ)(٢).

والغلاف للسّيف ونحوه معروف ، والجمع : غلف وغلف [وغلّف](٣) كركّع. وقرأ به ابن محيصن فى قوله تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ)(٤) ، قيل : هو (٥) جمع أغلف من قولهم : قلب أغلف كأنما أغشى غلافا فهو لا يعى. ويكون ذلك كقوله : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ)(٦) ، وقيل : معناه : قلوبنا أوعية للعلم فلا نحتاج إلى أن نتعلّم منك ، وقيل : قلوبنا مغطاة. وقيل : غلف هنا جمع غلاف ، والأصل غلف بضم اللام نحو كتب ، وقد قرئ (٧) به.

والغلق ـ محركة ـ والمغلق والمغلاق والمغلوق : ما يغلق به. وقيل : وما يفتح به. لكن إذا اعتبر بالإغلاق قيل : مغلق ومغلاق ، وإذا اعتبر بالفتح قيل : مفتح ومفتاح. وأغلقت الباب وغلّقته على التكثير ، وذلك إذا أغلقت أبوابا كثيرة أو أغلقت بابا مرارا ، قال تعالى : (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ / هَيْتَ لَكَ)(٨).

__________________

(١) الآية ٥٠ سورة فصلت

(٢) الآية ٦ سورة التحريم

(٣) زيادة من القاموس.

(٤) الآية ٨٨ سورة البقرة

(٥) أى (غلف) ساكن اللام كما هى القراءة المشهورة

(٦) الآية ٥ سورة فصلت

(٧) أى قرئ غلف بضم اللام وفى التاج إنها إحدى الروايتين عن ابن محيصن

(٨) الآية ٢٣ سورة يوسف

١٤٧

١٣ ـ بصيرة فى غلم وغلو وغمر وغمز

الغلام : الطارّ الشارب ، والكهل أيضا. وقيل : من حين يولد إلى أن يشبّ. والجمع : أغلمة وغلمة وغلمان ، والأنثى غلامة. واغتلم الغلام : بلغ حدّ الغلومة والغلوميّة.

والغلوّ : التجاوز عن الحدّ. وإذا كان فى السّعر سمّى غلاء ، وقد غلا السّعر فهو غال وغلىّ. وأغلاه الله. وبعته بالغالى والغلىّ أى بالغلاء. وغالاه وبه : سام فابعط (١). وغلا فى الأمر : جاوز حدّه ، وبالسّهم غلوا وغلوّا : رفع يديه لأقصى الغاية. والغلى والغليان فى القدر إذا طفحت. وقد غلت وأغلاها وغلّاها ، ولا تقل : غليت فإنّها لحن. قال (٢). يفتخر بالفصاحة.

ولا أقول لقدر القوم قد غليت

ولا أقول لباب الدار مغلوق

لكن أقول لبابى مغلق وغلت

قدرى وقابلها دنّ وإبريق

وقال تعالى : (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)(٣) ، وبه شبّه غليان الغضب والحرب.

والغمرة : معظم الماء السّاتر لمقرّه (٤) ، وجعل مثلا للجهالة التى تغمر صاحبها. وقيل للشدائد : غمرات ، قال تعالى : (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ)(٥).

والغمز : الإشارة بالجفن أو اليد طلبا إلى ما فيه معاب ، ومنه قولهم : فلان ما فيه غميزة : ما يطعن فيه ويغمز من النّقائص التى يشار بها إليه. قال تعالى : (وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ)(٦).

__________________

(١) أى أبعد وجاوز الحد.

(٢) أى أبو الأسود الدؤلى كما فى التاج. ويقول الصاغانى إنه لم يجده فى ديوانه

(٣) الآيتان ٤٥ ، ٤٦ سورة الدخان

(٤) فى الأصلين : «لمقرها» وما أثبت عن التاج. وأصل العبارة فى الراغب : «الغمرة : معظم الماء الساترة لمقرها» وقد راعى فى معظم أنه الغمرة فأنث الوصف والضمير

(٥) الآية ٩٣ سورة الأنعام

(٦) الآية ٣٠ سورة المطففين.

١٤٨

١٤ ـ بصيرة فى غم

الغمّ والغمّة والغمّاء : الكرب ، والجمع : غموم. غمّه يغمّه فاغتمّ وانغمّ : أحزنه فحزن. ومن دعائه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا فارج الهمّ ويا كاشف الغمّ».

وقد ورد فى القرآن على وجوه :

الأوّل : غمّ الصحابة فى حرب أحد بسبب صياح إبليس : ألا إن محمّدا قد قتل : (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ)(١) ـ الثانى : المدال (٢) من ذلك الغمّ بالأمن : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً)(٣) ـ الثالث : تطييب قلوبهم وتفريحهم بزوال الغمّ : (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً)(٤) ـ الرّابع : غمّ أهل النار ، وذلك الذى ما بعده غمّ : (أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها)(٥). قال الشاعر :

صاحب السلطان لا بدّ له

من غموم تعتريه وغمم

والذى يركب بحرا سيرى

قحم الأهوال من بعد قحم (٦)

والغمام ورد على ثلاثة أوجه :

الأوّل ـ غمام النعمة : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ)(٧)

الثانى ـ غمام المحنة والعقوبة : (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ)(٨) :

الثالث ـ غمام العظمة والهيبة : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ)(٩).

__________________

(١) الآية ١٥٣ سورة آل عمران

(٢) فى ا : «المزال» وفى ب : «المرال» والظاهر أن كليهما تحريف عما أثبت. والمدال مصدر بمعنى الادالة يقال : أدال الله لنا من عدونا : أظفرنا بهم

(٣) الآية ١٥٤ سورة آل عمران

(٤) الآية ٧١ سورة يونس. هذا والمراد فى الآية كما قال المفسرون أن يكون أمر قوم نوح فى العمل على إهلاكه والتخلص منه ظاهرا مكشوفا لا لبس فيه ، لا ما ذكره المؤلف

(٥) الآية ٢٢ سورة الحج

(٦) القحم : جمع قحمة وهى المهلكة

(٧) الآية ٥٧ سورة البقرة

(٨) الآية ٢١٠ سورة البقرة

(٩) الآية ٢٥ سورة الفرقان

١٤٩

١٥ ـ بصيرة فى غمض وغنم وغنى

يقال : ما اكتحلت غمضا ـ بالضمّ ـ وغماضا وغماضا ـ بالفتح والكسر ـ وتغماضا ـ بالفتح ـ أى ما نمت. وغمض عنه وأغمض : تساهل ، قال الله تعالى : (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ). وأغمض فيما بعتنى ، وغمّض ، كأنّك تريد الزّيادة منه لرداءته والحطّ من ثمنه.

والغنم لا واحد له من لفظه ، أو (١) الواحدة شاة. والجمع : أغنام وغنوم وأغانم (٢).

والمغنم والغنيمة والغنم : الفىء ، وقد غنم غنما ، قال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما (٣) غَنِمْتُمْ) ، وقال : (مَغانِمُ كَثِيرَةٌ)(٤). وغنّمه تغنيما : نفّله. واغتنمه وتغنّمه : عدّه غنيمة.

والغنى : ضدّ الفقر. وإذا فتح مدّ. والاسم : الغنية ـ بالضمّ والكسر ـ والغنوة والغنيان مضمومتين. والغنىّ والغانى : ذو الوفر.

والغنى يكون مطلقا وهو عدم الحاجة بالكليّة ، وليس ذلك إلّا لله تعالى ، قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ / هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٥). ويكون باعتبار قلّة الحاجات ، وهو المشار إليه بقوله : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى)(٦) ، وهو المذكور فى الحديث : «الغنى غنى النفس». ويكون أيضا باعتبار كثرة القنيات

__________________

(١) كذا فى الأصلين ، والأولى الواو ، وقد سقط هذا الحرف فى القاموس.

(٢) ورد هكذا فى شعر ، ويقول بعضهم : إنه أغانيم جمع أغنام ، وإنما قصره الشاعر للضرورة

(٣) الآية ٤١ سورة الأنفال

(٤) الآية ٩٤ سورة النساء

(٥) الآية ٢٦ سورة لقمان

(٦) الآية ٨ سورة الضحى

١٥٠

بحسب ضروب النّاس كقوله تعالى : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ)(١) وقوله : (قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ)(٢) قالوا ذلك لمّا سمعوا : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٣) ، وقوله : (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ)(٤) أى لهم غنى النّفس ويحسب الجاهل أنّ لهم القنيات الكثيرة لما يرون فيهم من التعفّف.

وتغنّيت ، وتغانيت ، واستغنيت ، بمعنى ، قال تعالى : (وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)(٥).

وغنى فى المكان ـ كرضى ـ : طال مقامه فيه مستغنيا عن غيره ، قال تعالى : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا)(٦).

والمغنى : المنزل الّذى غنى به أهله ثمّ ظعنوا. ثم استعمل فى كلّ منزل.

والغانية : المرأة التى تطلب ولا تطلب ، أو الغنيّة بحسنها عن الزينة ، أو التى غنيت فى بيت أبويها ولم يقع عليها سباء ، أو الشابّة العفيفة.

__________________

(١) الآية ٦ سورة النساء

(٢) الآية ١٨١ سورة آل عمران

(٣) الآية ٢٤٥ سورة البقرة

(٤) الآية ٢٧٣ سورة البقرة

(٥) الآية ٦ سورة التغابن

(٦) الآية ٩٢ سورة الأعراف. وورد فى مواطن أخر

١٥١

١٦ ـ بصيرة فى غيب

الغيب : ما غاب عنك. وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(١) قيل : الغيب هو الله تعالى لأنه لا يرى فى دار الدّنيا ، وإنّما ترى آياته الدالّة عليه. وقيل : الغيب : ما غاب عن النّاس ممّا أخبرهم به النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من الملائكة والجنّة والنار والحساب. وقيل : يؤمنون إذا غابوا عنكم وليسوا كالمنافقين. وقيل : الغيب : القرآن. وقال ابن الأعرابىّ : الغيب : ما كان غائبا عن العيون وإن كان محصّلا فى القلوب ، وأنشد بيت تميم بن أبىّ بن مقبل

وللفؤاد وجيب تحت أبهره

لدم الغلام وراء الغيب بالحجر (٢)

وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٣) ، أى علم غيب السماوات والأرض.

وقوله عزوجل : (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ)(٤) ، أى خاف الله من حيث لا يراه أحد. وقوله تعالى : (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ)(٥) ، أى لغيب أزواجهنّ فلا يفعلن فى غيبته ما يكرهه.

__________________

(١) الآية ٣ سورة البقرة

(٢) الوجيب : تحرك القلب. والأبهر : عرق فى الصلب والقلب متصل به فاذا انقطع لم تكن معه حياة. واللدم : الضرب. يريد أن للفؤاد صوتا يسمعه ولا يراه كما يسمع صوت الحجر الذى يرمى به الصبى ولا يراه. وانظر اللسان فى (بهر)

(٣) الآية ١٢٣ سورة هود ، والآية ٧٧ سورة النحل

(٤) الآية ٣٣ سورة ق

(٥) الآية ٣٤ سورة النساء

١٥٢

والغيبة ـ بالكسر ـ : ذكر الإنسان فى غيبته بما يكرهه إلّا فى أحوال أبيحت ، وهى :

لم تستبح غيبة فى حالة أبدا

إلّا لستة أحوال كما سترى

استفت عرّف تظلّم حذّر استعن

على إزالة ظلم واحك ما ظهرا

وقال بعض أولادنا فى مجوّزات الكذب أيضا :

والكذب لا ينبغى إلّا لواحدة

من الثلاث التى تصديقها شهرا

إصلاح ذى البين أو إرضاء زوجته

وفى الحروب وكن عن غيره حذرا

وقوله تعالى : (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)(١) ، أى من حيث لا يدركونه ببصرهم وبصيرتهم.

__________________

(١) الآية ٥٣ سورة سبأ

١٥٣

١٧ ـ بصيرة فى غور وغوص وغول

الغور : ما انخفض من الأرض. وغار وأغار : أتى الغور. والأوّل أفصح. وغور كلّ شىء : بعده وعمقه. قال تعالى : (أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً)(١) أى غائرا فى بعد من الأرض. والغار فى الجبل. وكنى عن الفرج والبطن بالغارين. وأغار على العدوّ إغارة.

وقوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً)(٢) عبارة عن الخيول. وفى الحديث : «من دعا (٣) إلى طعام لم يدع إليه دخل سارقا وخرج مغيرا». وأغار : أسرع فى العدو ، ومنه أشرق ثبير (٤) كيما نغير ، أى نذهب سريعا.

والغوص : الدّخول تحت الماء لإخراج / شىء. وقد غاص غوصا وغياصا ومغاصا والمغاص أيضا : موضعه. والغوّاص : من يغوص فى البحر على اللؤلؤ قال تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ)(٥) ، أى يستخرجون (٦) له الأعمال الغريبة والأفعال البديعة ، وليس استخراج الدّرّ فقط.

والغول : الهلاك والإهلاك خفية. غاله واغتاله بمعنى. والغول أيضا : الصداع ، والسّكر ، والمشقّة ، وبعد المفازة ، والتّراب الكثير ، وما انهبط من الأرض. قال تعالى يصف خمر الجنّة : (لا فِيها غَوْلٌ)(٧) إشارة [إلى] نفى جميع ما ذكرنا من المعانى المكروهة. والغول ـ بالضمّ ـ : الدّاهية ، والسعلاء (٨) والجمع : أغوال وغيلان ، والحيّة ، وساحرة الجنّ ، وشيطان يأكل النّاس.

__________________

(١) الآية ٣٠ سورة الملك

(٢) الآية ٣ سورة العاديات

(٣) فى النهاية : «دخل» وهى ظاهرة

(٤) ثبير : جبل بظاهر مكة على يمين الذاهب إلى عرفة

(٥) الآية ٨٢ سورة الأنبياء

(٦) الذى فى البيضاوى وغيره قصر الغوص على معناه الحقيقى. والأعمال الأخرى داخلة تحت قوله : «ويعملون عملا دون ذلك» وقد تبع فى هذا الراغب

(٧) الآية ٤٧ سورة الصافات

(٨) فسرت السعلاء ومثلها السعلاة بساحرة الجن ، وكأنه يريد هنا أنثى الجن حتى لا يقع فى التكرار

١٥٤

١٨ ـ بصيرة فى غيض وغيظ وغى

غاض الماء يغيض غيضا ومغاضا : قلّ ونقص ، كانغاض ، والماء : نقصه كأغاضه ، لازم ومتعدّ. قال تعالى : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ)(١) ، أى تفسده فتجعله كالماء الذى تبتلعه الأرض.

والغيظ : الغضب ، وقيل : أشدّه ، وقيل : سورته وأوّله. وهو الحرارة التى يجدها الإنسان من ثوران دم قلبه ، قال تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)(٢). وقد دعا الله تعالى العباد إلى إمساك النّفس عند حصوله فقال : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ)(٣). وإذا وصف الله تعالى به فإنما يراد به الانتقام كما قلنا فى الغضب ، قال تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ)(٤) أى داعون بفعلهم إلى الانتقام. والتغيّظ : إظهار الغيظ. غاظه فاغتاظ ، وغيّظه فتغيّظ. وقد يكون ذلك مع صوت كما قال : (سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً)(٥) والغىّ : الضلال والجهل من اعتقاد فاسد ، وواد فى جهنّم. غوى يغوى ـ كرمى يرمى ـ غيّا ، وغوى غواية ـ بالفتح ـ فهو غاو وغوىّ وغيّان : ضلّ ، وغواه غيره لازم ومتعدّ ، وأغواه وغوّاه.

وقوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ)(٦) أى الشّياطين ، وقيل : من ضلّ من النّاس ، وقيل : الذين يحبّون الشاعر إذا هجا قوما ، أو محبّوه

__________________

(١) الآية ٨ سورة الرعد

(٢) الآية ١١٩ سورة آل عمران

(٣) الآية ١٣٤ سورة آل عمران

(٤) الآية ٥٥ سورة الشعراء. هذا وظاهر سياق المؤلف أن هذا الغيظ مسند إلى الله سبحانه ، ولذا أوله بما أول. والواقع أن هذا من كلام فرعون فى الحديث عن موسى وأتباعه فلا حاجة إلى هذا التأويل

(٥) الآية ١٢ سورة الفرقان

(٦) الآية ٢٢٤ سورة الشعراء

١٥٥

لمدحه إيّاهم بما ليس فيهم. قال تعالى (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى)(١) : ما جهل. وقوله : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)(٢) ، أى عذابا ، سمّاه الغىّ لأنّه سببه. وقيل معناه : سوف يلقون أثر الغىّ.

وقوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٣) أى جهل ، وقيل : معناه : خاب ، وقيل : معناه : فسد عيشه ، من غوى (٤) الفصيل غوى فهو غو : إذا بشم (٥) من اللّبن ، أو منع من الرضاع ، فهزل وكاد يهلك.

وقوله : (إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ)(٦) قيل : معناه أن يعاقبكم على غيّكم. وقيل : يحكم عليكم بغيّكم كما تقدّم فى (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ)(٧) ، وقوله : (رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا)(٨) إعلاما منهم أنا قد فعلنا بهم غاية ما كان فى وسع الإنسان أن يفعل بصديقه ، [فإن حق الإنسان أن يزيد بصديقه (٩)] ما يريد بنفسه ، فيقول : قد أفدناهم ما كان لنا ، وجعلناهم أسوة أنفسنا. وعلى هذا قوله : (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ)(١٠).

وتغاووا عليه : تعاونوا (١١) وجاءوا من هاهنا وهاهنا وإن لم يقتلوا. وهو ولد غيّة ـ ـ بالفتح والكسر ـ : ولد زنية. والغوغاء : الجراد ، والكثير المختلط من الناس. والغاوية : الرّاوية.

آخر باب العين

__________________

(١) الآية ٢ سورة النجم

(٢) الآية ٥٩ سورة مريم

(٣) الآية ١٢١ سورة طه

(٤) الأولى : من غوى الفصيل كرمى وهو لغة فيه كغوى كرضى. وذلك حتى يوافق ما فى الآية

(٥) أى اتخم

(٦) الآية ٣٤ سورة هود

(٧) الآية ٧ سورة البقرة

(٨) الآية ٦٣ سورة القصص

(٩) زيادة من الراغب

(١٠) الآية ٣٢ سورة الصافات

(١١) العبارة فى القاموس : «تعاونوا عليه فقتلوه ، أو جاءوا من هاهنا وهاهنا وإن لم يقتلوه»

١٥٦

الباب الحادى والعشرون

فى الكلم المفتتحة / بحرف الفاء

وهى : الفاء ، وفتح ، وفتر ، وفتل ، وفتن ، وفتى ، وفج ، وفجر ، وفجو ، وفحش ، وفخر ، وفدى ، وفرّ ، وفرت ، وفرث ، وفرج ، وفرح ، وفرد ، وفرش ، وفرض ، وفرط ، وفرع ، وفرغ ، وفرق ، وفره ، وفرى ، وفزّ ، وفزع ، وفسخ ، وفسد ، وفسر ، وفسق ، وفشل ، وفصح ، وفصل ، وفض ، وفضل ، وفطر ، وفط ، وفعل ، وفقد ، وفقر ، وفقع ، وفقه ، وفك ، وفكر ، وفكه ، وفلح ، وفلق ، وفلك ، وفلن ، وفنن ، وفند ، وفوت ، وفوج ، وفود ، وفور ، وفوز ، وفوض ، وفوق ، وفوم ، وفوه ، وفهم ، وفيض ، وفيل ، ووفى.

١٥٧

١ ـ بصيرة فى الفاء

الفاء المفردة حرف مهمل (١). وقيل : حرف ناصبة (٢) نحو : ما تأتينا فتحدّثنا. وقيل : يخفض (٣) نحو :

ـ فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع (٤) ـ

بجرّ مثل.

وترد الفاء عاطفة ، وتفيد الترتيب ، وهو نوعان : معنوىّ كقام زيد فعمرو ، وذكرىّ وهو عطف مفصّل على مجمل ، نحو : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ)(٥). وتفيد التعقيب ، وهو فى كلّ شىء بحسبه ؛ كتزوّج فولد له ، وبينهما مدّة الحمل. ويكون بمعنى ثمّ (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً)(٦). وبمعنى الواو نحو قوله : ... بين الدخول فحومل (٧).

ويجىء للسببيّة ، وذلك غالب فى العاطفة جملة نحو : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ)(٨) ، أو صفة نحو قوله تعالى : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ)(٩).

__________________

(١) أى لا يعمل

(٢) الحرف يذكر باعتبار اللفظ ويؤنث باعتبار الكلمة. وجعلها ناصبة مذهب كوفى ، فأما عند البصريين فالنصب بأن مضمرة

(٣) رأى الجمهور أن الخفض باضمار رب

(٤) عجزه : فألهيتها عن ذى تمائم محول

(٥) الآية ٣٦ سورة البقرة

(٦) الآية ١٤ سورة المؤمنين

(٧) من مطلع معلقة إمرئ القيس. والبيت بتمامه :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللوى بين الدخول فحومل

(٨) الآية ١٥ سورة القصص

(٩) الآيات ٥٢ ـ ٥٤ سورة الواقعة

١٥٨

ويكون رابطة للجواب والجواب ، جملة اسميّة ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١) ، (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(٢) ؛ أو يكون جملة فعليّة كالاسميّة ، وهى الّتى فعلها جامد ، نحو : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ)(٣) ، (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ)(٤) ؛ أو يكون فعلها إنشائيّا ، نحو قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي)(٥) ؛ أو يكون فعلا ماضيا لفظا ومعنى ، إمّا حقيقة ، نحو قوله تعالى : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٦) ، أو مجازا نحو قوله تعالى : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ)(٧) نزّل الفعل لتحقّقه منزلة الواقع.

وقد يحذف ضرورة ، نحو :

* من يفعل الحسنات الله يشكرها (٨) *

أى فالله أو لا يجوز مطلقا والرّواية :

* من يفعل الخير فالرحمن يشكره*

أو هى لغة فصيحة ، ومنه قوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ)(٩) ومنه حديث اللّقطة : «فإن جاء صاحبها وإلّا استمتع بها» أى فاستمتع.

والفاء فى حساب الجمّل : اسم لعدد الثمانين.

قال بعض النحاة : فاء الجواب يكون فى سبعة مواضع : جواب الأمر والنّهى ، والدّعاء ، والنفى ، والتمنى ، والاستفهام ، والعرض.

__________________

(١) الآية ١٧ سورة الأنعام

(٢) الآية ١١٨ سورة المائدة

(٣) الآيتان ٣٩ ـ ٤٠ سورة الكهف

(٤) الآية ٢٧١ سورة البقرة

(٥) الآية ٣١ سورة آل عمران

(٦) الآية ٧٧ سورة يوسف

(٧) الآية ٩٠ سورة النمل

(٨) عجزه :

والشر بالشر عند الله مثلان

(٩) الآية ١٨٠ سورة البقرة

١٥٩

مثال الأمر : زرنى فأكرمك. مثال النّهى ، نحو قوله تعالى : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ)(١). مثال الدّعاء : اللهمّ وفّقنى فأشكرك. مثال النّفى : (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ)(٢). مثال التمنى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٣). مثال الاستفهام : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(٤). مثال العرض ، قوله تعالى : (لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ)(٥).

وفاء التخيير (٦) يكون فى جواب أمّا : / (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ)(٧).

ومن أقسام الفاء فاء التّأكيد ، وذلك يكون فى الأمر ؛ نحو : زيدا ما فضرّ. ويكون فى القسم : فو ربّك ، فبعزّتك.

ومنها الفاء الزّائدة ، وتدخل على الماضى نحو : (فَقُلْنَا اذْهَبا)(٨) ، وعلى المستقبل : (فَيَقُولَ رَبِّ)(٩) ، وعلى الحرف : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ)(١٠)

وقد يبدل عن الثاء ؛ نحو فمّ فى ثمّ ، وفوم فى ثوم.

ومنها الفاء اللّغوى وهو ، زبد البحر قال :

لما مزبد طام يجيش بفائه

بأجود منه يوم يأتيه سائله (١١)

__________________

(١) الآية ٧٣ سورة الأعراف والآية ٦٤ سورة هود ، والآية ١٥٦ سورة الشعراء

(٢) الآية ٥٢ سورة الأنعام

(٣) الآية ٧٣ سورة النساء

(٤) الآية ٥٣ سورة الأعراف

(٥) الآية ١٠ سورة المنافقين

(٦) كأنه يريد بفاء التخيير أنه يجوز إسقاطها. والمعروف أنها لا تسقط إلا بتقدير القول ؛ كما فى قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) أى فيقال لهم أكفرتم

(٧) الآيتان ٥ ، ٦ سورة الحاقة

(٨) من الآية ٣٦ سورة الفرقان

(٩) الآية ١٠ سورة المنافقين

(١٠) الآية ٨٥ سورة غافر

(١١) «لما» كذا. والظاهر أنه فى الأصل : «فما». والمراد بالمزبد البحر

١٦٠