الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٣

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي

الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٣

المؤلف:

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

[١٤] ـ (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) بوجه الأرض احياء بعد ما كانوا ببطنها أمواتا ، سمى بها لأنّ سالكها يسهر خوفا ، وقيل : هي أرض القيامة أو جهنم (١).

[١٥] ـ (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) استفهام تقرير لتسليته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتهديد قومه المكذّبين بما أصاب من كذب «موسى» عليه‌السلام.

وأمال «حمزة» و «الكسائي» أواخر الآي من هنا الى آخرها و «أبو عمرو» ما فيه «راء» (٢).

[١٦] ـ (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) فسّر في «طه» (٣) فقال له :

[١٧] ـ (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) تجبّر في كفره.

[١٨] ـ (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) بحذف احدى التّائين ، وشدّده «الحرميّان» (٤) أي ألك رغبة الى أن تتطهّر من الكفر؟.

[١٩] ـ (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) ادلّك على معرفته بالبرهان (فَتَخْشى) قهره وعظمته فتطيعه ولا تعصيه ، استفهام عرض فيه تلطّف بليغ يفسّر : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) (٥) فأتاه فدعاه.

[٢٠] ـ (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) من آياته وهي العصا أو هي واليد.

[٢١] ـ (فَكَذَّبَ) بها وسمّها سحرا (وَعَصى) الله تمرّدا.

[٢٢] ـ (ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الإيمان أو عن الجنّة (يَسْعى) في دفع «موسى» أو مسرعا في الهرب.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٣١.

(٢) لم نقف عليه في مظانه.

(٣) الآية (١٢) من سورة طه.

(٤) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٦١.

(٥) الآية (٤٤) من سورة طه.

٤٢١

[٢٣] ـ (فَحَشَرَ) فجمع جنوده والسّحرة (فَنادى) فيهم.

[٢٤] ـ (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) لا ربّ فوقي.

[٢٥] ـ (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ) مصدر مؤكّد ، إذ معناه نكّل به تنكيل (الْآخِرَةِ) أي فيها بالإحراق (وَالْأُولى) أي في الدّنيا بالإغراق ، أو بكلمته الاخرى وهي هذه وكلمته الاولى وهي : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) (١) وبينهما أربعون سنة.

[٢٦] ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور (لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) الله تعالى.

[٢٦] ـ (أَأَنْتُمْ) أي منكري البعث (أَشَدُّ) أصعب (خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) ثمّ بيّن كيف خلقها فقال : (بَناها) ثم فسّر البناء فقال : (رَفَعَ سَمْكَها) جعل مقدار علوّها رفيعا.

وقيل : سمكها : سقفها (٢) (فَسَوَّاها) جعلها مستوية بلا تفاوت ولا عيب.

[٢٩] ـ (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) أظلمه وأضيف إليها لحدوثه بحركتها وكذا : (وَأَخْرَجَ ضُحاها) ابرز نهارها أي ضوء شمسها.

[٣٠] ـ (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) بسطها ، وكانت مخلوقة قبل السّماء غير مدحيّة.

[٣١] ـ (أَخْرَجَ) حال بتقدير «قد» أي مخرجا (مِنْها ماءَها) بتفجير عيونها (وَمَرْعاها) ممّا يأكل الأنعام والنّاس وهو مستعار لهم.

[٣٢] ـ (وَالْجِبالَ أَرْساها) أثبتها أوتادا للأرض.

[٣٣] ـ (مَتاعاً) أي فعل ذلك تمتيعا (لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) مواشيكم.

[٣٤] ـ (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ) الدّاهية الّتي تطمّ أي تعلو وتقهر (الْكُبْرى) الّتي هي أكبر من كلّ طامّة وهي النّفخة الثانية أو القيامة.

__________________

(١) سورة القصص : ٢٨ / ٣٨.

(٢) تفسير البيضاوي ٤ : ٢٤٢.

٤٢٢

أو ساعة إدخال السّعداء الجنّة والأشقياء النّار.

[٣٥] ـ (يَوْمَ) بدل من «إذا» (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) ما عمل بأن يجده مكتوبا وكان قد نسيه.

[٣٦] ـ (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) أظهرت (لِمَنْ يَرى) لكلّ راء ، وجواب «إذا» ما دلّ عليه «يتذكّر» أو هو :

[٣٧] ـ (فَأَمَّا مَنْ طَغى) بكفره.

[٣٨] ـ (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) فاشتغل بشهواتها عن عمل الآخرة.

[٣٩] ـ (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) مأواه و «اللام» بدل من «الهاء».

[٤٠] ـ (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) قيامه بين يديه (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) بتوطينها على الطّاعات وكفّها عن المعاصي.

[٤١] ـ (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) مأواه.

[٤٢] ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) متى ارساؤها أي إثباتها وإقامتها.

[٤٣] ـ (فِيمَ) في أيّ شيء (أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) من العلم بها حتّى تذكرها أي لا تعلم وقتها ، وقيل هو متّصل بسؤالهم والجواب : (١)

[٤٤] ـ (إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) منتهى علمها.

[٤٥] ـ (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) يخاف هولها لأنّه المنتفع بالإنذار.

والمعنى ما عليك إلا الإنذار بوقوعها ولا حاجه معه الى تعيين وقتها بل تعيينه ينافي الحكمة ، وعن «ابي عمرو» تنوين «منذر».

[٤٦] ـ (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا) في الدّنيا أو القبور (إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) أي إلا ساعة من نهار عشية أو ضحاه ، وأضيف الضّحى الى العشيّة لأنّهما طرفا يوم واحد وللفاصلة.

__________________

(١) تفسير البيضاوي ٤ : ٢٤٣.

٤٢٣
٤٢٤

سورة عبس

[٨٠]

احدى أو اثنتان وأربعون آية مكية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (عَبَسَ) قطب وجهه (وَتَوَلَّى) أعرض.

[٢] ـ (أَنْ) لأن (جاءَهُ الْأَعْمى) علّة ل «تولّى» أو «عبس».

قيل : أتى ابن امّ مكتوم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يدعو شرفاء قريش الى الإسلام فقال : يا رسول الله علّمني ممّا علّمك الله ، ـ وكرّر ذلك ولم يعلم تشاغله بهم ، ـ فكره النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قطعه لكلامه فعبس واعرض عنه فنزلت.

فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكرمه ويقول إذا رآه : مرحبا بمن عاتبني فيه ربّي (١).

قال المرتضى : لم يظهر انّ المراد بها النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل ظاهرها انّه غيره لبعد الأوصاف المذكورة عن خلقه العظيم ، (٢) وفيه انّه لا محذور في كونه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرادا بها لكون العتاب على ترك الأولى لا على ذنب.

[٣] ـ (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) ـ بإدغام «التّاء» في «الزّاي» ـ يتطهّر من الذّنوب

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٣٧.

(٢) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٣٧.

٤٢٥

بما يتعلّم منك.

[٤] ـ (أَوْ يَذَّكَّرُ) ـ بإدغام «التّاء» في «الذّال» ـ يتّعظ (فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) العظة ، ونصبه «عاصم» (١) جوابا ل «لعلّ».

[٥] ـ (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى) بالمال.

[٦] ـ (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أي تتصدّى أي : تتعرّض مقبلا عليه ، وشدّد «الحرميّان» «الصّاد» بإدغام «التّاء» الثّانية فيها (٢).

[٧] ـ (وَما عَلَيْكَ) بأس أو أيّ بأس عليك في : (أَلَّا يَزَّكَّى) بالإسلام (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (٣).

[٨] ـ (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) يسرع في طلب الخير.

[٩] ـ (وَهُوَ يَخْشى) الله تعالى.

[١٠] ـ (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أي تتشاغل ، وأمال «حمزة» و «الكسائي» أواخر الآي الى هنا و «أبو عمرو» «الذّكرى» (٤).

[١١] ـ (كَلَّا) أي لا تعد لمثل ذلك (إِنَّها) أي السّورة (تَذْكِرَةٌ) هي بمعنى الوعظ فلذلك قال :

[١٢] ـ (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) حفظه واتّعظ به.

[١٣] ـ (فِي صُحُفٍ) خبر ثان أو لمحذوف أو صفة «تذكرة» (مُكَرَّمَةٍ) عند الله

[١٤] ـ (مَرْفُوعَةٍ) قدرا (مُطَهَّرَةٍ) منزّهة عن الشّياطين.

[١٥] ـ (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) كتبه من الملائكة ينسخونها من اللوح ، جمع سافر أو

__________________

(١) حجة القراءات : ٧٤٩.

(٢) حجة القراءات : ٧٤٩ مع اختلاف يسير.

(٣) سورة الشورى : ٤٢ / ٤٨.

(٤) اتحاف فضلاء البشر ٢ / ٥٨٨.

٤٢٦

سفراء بالوحي بين الله ورسله ، جمع سفير.

[١٦] ـ (كِرامٍ) على الله (بَرَرَةٍ) أتقياء ، جمع بارّ.

[١٧] ـ (قُتِلَ الْإِنْسانُ) لعن وعذّب الكافر (ما أَكْفَرَهُ) تعجيب من شدّة كفرانه لنعم خالقه ، ويبيّنها :

[١٨] ـ (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) استفهام تقرير وتحقير ، جوابه : [١٩] ـ (مِنْ نُطْفَةٍ) قذرة (خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) أطوارا حتّى تمّ خلقه أو أحوالا ذكرا وأنثى وغير ذلك أو أعضاء وحواسّا حسب مصلحته.

[٢٠] ـ (ثُمَّ السَّبِيلَ) نصب بفعل يفسّره : (يَسَّرَهُ) سهّل سبيل خروجه من بطن امّه ، أو بيّن له سبيل الخير والشّرّ.

[٢١] ـ (ثُمَّ أَماتَهُ) ليتوصّل الى السّعادة الدّائمة ان أطاع الله (فَأَقْبَرَهُ) جعله ذا قبره ، أو امر بأن يقبر صونا له عن السّباع.

[٢٢] ـ (ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) بعثه حيّا.

[٢٣] ـ (كَلَّا) حقّا أو ردع للإنسان عن كفره (لَمَّا يَقْضِ) لم يفعل (ما أَمَرَهُ) به الله وهو الكافر.

وقيل : عامّ إذ لم يعبده أحد حقّ عبادته (١).

[٢٤] ـ (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ) نظر اعتبار (إِلى طَعامِهِ) المنعم به لتعيّشه.

[٢٥] ـ (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) أي المطر ، استئناف يبيّن كيف قدّره ودبّره ، وفتحها «الكوفيّون» بدل اشتمال منه (٢).

[٢٦] ـ (ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا) بالنّبات أو الكراب ، من الإسناد الى السّبب.

[٢٧] ـ (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا) كالحنطة والشّعير.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٣٩ عن مجاهد.

(٢) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٦٢.

٤٢٧

[٢٨] ـ (وَعِنَباً وَقَضْباً) هو القتّ ، سمّي بالمصدر لأنّه يقضب اي يقطع فينبت

[٢٩] ـ (وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً).

[٣٠] ـ (وَحَدائِقَ غُلْباً) عظاما ، لكثرة أشجارها ، أو غلاظ الأشجار ، مستعار من الأغلب : غليظ العنق.

[٣١] ـ (وَفاكِهَةً وَأَبًّا) ومرعى لأنّه يابّ أو يامّ أو الفاكهة اليابسة تأبّ أي تعدّ للشّتاء.

ورووا عن شيخيهم انّهما اعترافا بعدم معرفته وكأنّهم زعموا انّ ذلك فضيلة ، إذ امسكا عن القول في القرآن بما لا يعلمان ولم يتنبّهوا ، انّه قدح لإيذانه بجهلهما الموجب لعدم صلاحيّتهما لمنصب الإمامة مع زعمهم انّهما أحقّ به من امير المؤمنين «عليّ» عليه‌السلام الّذي رووا عنه ، انّه قال : ما نزلت آية إلا وانا أعلم بتفسيرها وتأويلها ومحكمها ومتشابهها وغير ذلك

: (١) (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٢).

[٣٢] ـ (مَتاعاً) أي خلق جميع ذلك تمتيعا (لَكُمْ) بأطعمته (وَلِأَنْعامِكُمْ) بعلفه.

[٣٣] ـ (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) نفخة القيامة ، تصخّ الأسماع أي تصكّها ، أو يصخّ النّاس لها أي يستمعون.

[٣٤] ـ (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ) بدل من «إذا» [٣٥] ـ (مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ).

[٣٦] ـ (وَصاحِبَتِهِ) زوجته (وَبَنِيهِ) لشغله بنفسه أو لئلا يطالبوه بحقوقهم والتّرقّي من الأدنى الى الأعلى في المحبّة والانس للمبالغة وجواب «إذا» دلّ عليه :

[٣٧] ـ (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) حال يشغله عن غيره أي اشتغل

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ٥ : ٥١١ باختلاف يسير.

(٢) سورة يونس : ١٠ / ٣٥.

٤٢٨

كلّ واحد بشأنه.

[٣٨ ـ ٣٩] ـ (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) مضيئة. [٣٩] ـ (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) بفوزها بالكرامة.

[٤٠ ـ ٤١] ـ (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) غبار وكآبة. [٤١] ـ (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) تغشاها ظلمة وسواد.

[٤٢] ـ (أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) أي الجامعون بين فساد العقيدة وسوء العمل.

٤٢٩
٤٣٠

سورة كوّرت

[٨١]

تسع وعشرون آية مكية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (إِذَا الشَّمْسُ) رفعها بفعل يفسّره : (كُوِّرَتْ) لفّت فرفعت ، ومنه تكوير العمامة أي لفّها ، أو طوى ضوئها المنبسط ، أو ألقيت كطعنه فكوّره : ألقاه مجتمعا.

[٢] ـ (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) انقضّت أو أظلمت.

[٣] ـ (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) في الجوّ وهي تمرّ مرّ السّحاب.

[٤] ـ (وَإِذَا الْعِشارُ) جمع عشراء : النّاقة الحامل ، أتى عليها عشرة أشهر (عُطِّلَتْ) أهملت.

[٥] ـ (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) جمعت بعد البعث للقصاص.

[٦] ـ (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) ـ وخفّفه «ابن كثير» و «أبو عمرو» ـ (١) أوقدت نارا أو ملئت بفتح بعضها في بعض حتّى تصير بحرا واحدا.

[٧] ـ (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قرنت بأجسادها ، أو بأشكالها أو بأعمالها ،

__________________

(١) حجة القراءات : ٧٥٠.

٤٣١

أو بجزائها.

[٨] ـ (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ) المدفونة حيّة ، كانوا يئدون البنات خوف الفقر والعار (سُئِلَتْ) تبكيتا لقائلها.

وعن «عليّ» عليه‌السلام : «سألت» بالبناء للفاعل (١).

[٩] ـ (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) أي بلا ذنب.

[١٠] ـ (وَإِذَا الصُّحُفُ) صحف الأعمال (نُشِرَتْ) لحساب أهلها ، وشدّده غير «نافع» و «عاصم» و «ابن عامر» لكثرتها (٢).

[١١] ـ (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) قلعت ، كما يكشط الجلد عن الشّاة.

[١٢] ـ (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (٣) أوقدت ، فازدادت شدّة ، وشدّده «نافع» و «حفص» و «ابن ذكوان» (٤).

[١٣] ـ (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) قربت لأهلها. وجواب «إذا» الاولى وما عطف عليها : [١٤] ـ (عَلِمَتْ نَفْسٌ) أي كلّ نفس وقت وقوع المذكورات وهو يوم القيامة (ما أَحْضَرَتْ) من خير وشرّ.

[١٥] ـ (فَلا أُقْسِمُ) فسّر (٥) (بِالْخُنَّسِ) النّجوم الّتي تخنس أي ترجع وهي ما عدا النّيرين من السيارات.

[١٦] ـ (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) السّيّارات الّتي تكنس أي تخفى بالنّهار أو في مغيبها ، من كنس الظّبى : دخل كناسه وهو ما اتّخذه بيتا.

وعن «عليّ» عليه‌السلام : انّها كلّ الكواكب تخنس بالنّهار فلا ترى ، وتكنس بالليل

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٤٢.

(٢) حجة القراءات : ٧٥١.

(٣) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «سعّرت» بالتشديد ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٤) حجة القراءات : ٧٥١.

(٥) في سورة الواقعة : ٧٥ / ٥٦ وسورة الحاقة : ٣٨ / ٦٩ وسورة المعارج ٤٠ / ٧٠ و...

٤٣٢

أي تأوي الى مجاريها فترى (١).

[١٧] ـ (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) أدبر ظلامه أو أقبل.

[١٨] ـ (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) أضاء ، وتنفّسه مجاز عن تخلّصه من الظّلمة أو نسيم يكون عنده وجواب القسم :

[١٩] ـ (إِنَّهُ) أي القرآن (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) هو جبرئيل عليه‌السلام قاله عن الله تعالى.

[٢٠] ـ (ذِي قُوَّةٍ) شديدة في العلم والعمل (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) أي الله (مَكِينٍ) ذي مكانة وجاه وهو متعلّق «عند».

[٢١] ـ (مُطاعٍ) في الملائكة (ثَمَ) في السّماء ظرف «مطاع» أو (أَمِينٍ) على الوحي.

[٢٢] ـ (وَما صاحِبُكُمْ) «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطف على جواب القسم (بِمَجْنُونٍ) كما زعمتم.

ولا دلالة في عدّ فضائل جبرئيل عليه‌السلام على فضله على النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث اقتصر على نفي الجنون عنه ، لأنّ الغرض نفي ما رموه به من انّه يعلّمه بشر وانّ به جنّة لا التّفضيل بينهما على انّ مدح جبرئيل استطراد لبيان مدحه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمبالغة في صدقه.

[٢٣] ـ (وَلَقَدْ رَآهُ) رأى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جبرئيل على صورته (بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) وهو الأعلى الشّرقيّ.

[٢٤] ـ (وَما هُوَ) أي النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (عَلَى الْغَيْبِ) ما غاب من الوحي واخبار السّماء والأمم «بظنين» (٢) بمتّهم ، من الظّنّة : التّهمة ، وقرأ من عدا «ابن كثير»

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٤٦.

(٢) في المصحف الشريف بضنين.

٤٣٣

و «أبا عمرو» و «الكسائي» بالضّاد من الضنّ : البخل أي لا يبخل بتبليغ الوحي (١).

[٢٥] ـ (وَما هُوَ) أي القرآن (بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) من مسترقة السّمع كما زعمتم انّه كهانة.

[٢٦] ـ (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) تمثيل لحالهم في العدول عن الحقّ الى الباطل بحال تارك الجادّة ، إذ يقال له اين تذهب؟ استضلالا له.

[٢٧] ـ (إِنْ) ما (هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة (لِلْعالَمِينَ) الثقلين.

[٢٨] ـ (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) بسلوك طريق الحقّ ، وأبدل من «للعالمين» لأنّهم المنتفعون بالذّكر.

[٢٩] ـ (وَما تَشاؤُنَ) ايّها الكفرة الاستقامة (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) جبركم عليها لكن لم يفعله لمنافاته للحكمة.

__________________

(١) حجة القراءات : ٧٥٢.

٤٣٤

سورة الإنفطار

[٨٢]

تسع عشرة آية مكية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) انشقّت.

[٢] ـ (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) تساقطت.

[٣] ـ (وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) فتح بعضها في بعض فصارت بحرا واحدا.

[٤] ـ (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) قلب ترابها وبعث موتاها وجواب «إذا» :

[٥] ـ (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) سبق نحوه في «القيامة» (١).

[٦] ـ (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) ما خدعك وأمنك عقابه حتّى عصيته.

وذكر «الكريم» للإيذان بأنّ كرمه الصّادر عن الحكمة المقتضية للانتقام من الظّالم للمظلوم ، والتّمييز بين المحسن والمسيء موجب لطاعته لا عصيانه ، فالاغترار بكرمه من مخادع الشّيطان ، ثمّ قرّر ربوبيّته وكرمه بقوله :

[٧] ـ (الَّذِي خَلَقَكَ) ولم تك شيئا (فَسَوَّاكَ) جعلك مستوى الخلقة

__________________

(١) سورة القيامة : ٧٥ / ١١.

٤٣٥

(فَعَدَلَكَ) وخفّفه «الكوفيون» (١) جعلك معتدل البنية متناسب الأعضاء.

[٨] ـ (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما) زائدة (شاءَ رَكَّبَكَ) ومن قدر على ذلك ابتداء ، قدر على إعادته.

وقال «الصّادق» عليه‌السلام : لو شاء ركّبك على غير هذه الصّورة ، (٢) فهو مقرّر لإنكار الاغترار.

[٩] ـ (كَلَّا) ردع عن الاغترار بكرمه (بَلْ تُكَذِّبُونَ) ايّها الكفّار (بِالدِّينِ) بالجزاء لنفيكم البعث وهو سبب الاغترار.

[١٠] ـ (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) رقباء من الملائكة.

[١١] ـ (كِراماً) على الله ، عظّموا بذلك تعظيما للجزاء (كاتِبِينَ) لأعمالكم.

[١٢] ـ (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) من خير وشرّ.

[١٣] ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ). [١٤] ـ (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) استئناف يبيّن الغرض من كتابة الحفظة.

[١٥] ـ (يَصْلَوْنَها) يقاسون حرّها (يَوْمَ الدِّينِ).

[١٦] ـ (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) بخارجين ، أو ما كانوا يغيبون عنها قبل ذلك أي في قبورهم.

[١٧] ـ (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) تعظيم لشأنه. [١٨] ـ (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) كرّر تأكيدا.

[١٩] ـ (يَوْمَ) بدل من «يوم الدّين» الأوّل ، ورفعه «ابن كثير» و «أبو عمرو» بدلا من أحد الأخيرين ، أو خبر محذوف (٣) (لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) من النّفع (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) وحده ، ولا تنافيه الشّفاعة لأنّها بأمره.

__________________

(١) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٣٦٤.

(٢) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٤٩.

(٣) حجة القراءات : ٧٥٣.

٤٣٦

سورة التطفيف

[٨٣]

ستّ وثلاثون آية مكيّة أو مبعضة

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

[١] ـ (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) التّطفيف بخس المكيال والميزان ، لأنّ ما يسرق به طفيف أي قليل.

[٢] ـ (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) أي منهم (يَسْتَوْفُونَ) الكيل أي يأخذونه وافيا وجيء ب «على» إيذانا باكتيالهم لما لهم على النّاس.

[٣] ـ (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ) أي كالوا للنّاس او وزنوا لهم ، فحذف الجارّ وأوصل الفعل.

وقيل : «هم» تأكيد ، وردّ بتقويته للمقابلة إذ الغرض بيان اختلاف حالهم في أخذهم ودفعهم لا في مباشرتهم وعدمها وبعدم رسم ألف بعد الواو (يُخْسِرُونَ) ينقصون.

[٤] ـ (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) فإنّ ظنّ ذلك يردع عن هذا الذّنب فضلا عن تيقّنه وهو توبيخ.

٤٣٧

[٥] ـ (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) لعظم هوله.

[٦] ـ (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) ظرف «مبعوثون» أو بدل من محلّ «ليوم» (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) لحكمه ، وقد بولغ في تعظيم هذا الذّنب بالتّوبيخ. وذكر الظّنّ ووصف اليوم بالعظم وقيام النّاس فيه لله والتّعبير عنه ب «ربّ العالمين».

[٧ ـ ٨] ـ (كَلَّا) ردع عمّاهم عليه (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) ما كتب من أعمالهم (لَفِي سِجِّينٍ) كتاب جامع لأعمال الكفرة والشّياطين لقوله : [٨] ـ (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ).

[٩] ـ (كِتابٌ مَرْقُومٌ) كالرّقم في الحجر لا ينمحي ، أو معلوم بعلامة شرّ.

وقيل : هو مكان أسفل سبع ارضين (١) والتّقدير : ما كتاب سجّين.

أو مكان كتاب مرقوم.

[١٠] ـ (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بالحقّ. [١١] ـ (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) صفة مبيّنة أو ذامّة.

[١٢] ـ (وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ) مجاوز للحق الى الباطل بترك النّظر (أَثِيمٍ) كثير الإثم بانهماكه فيما ادّاه الى انكار الحق.

[١٣] ـ (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) القرآن (قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أكاذيبهم الّتي سطروها.

[١٤] ـ (كَلَّا) ردع عمّا قالوا (بَلْ رانَ) غلب (عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من الذّنوب حتّى غطّاها ، ورسخ فيها كالرّين أي الصّدى فحجبها عن قبول الحقّ واظهر «حفص» لام «بل» وامال «حمزة» و «الكسائي» «ران» (٢).

[١٥] ـ (كَلَّا) ردع عمّا يرين (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ) عن رحمته (يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)

__________________

(١) تفسير البيضاوي ٤ : ٢٤٧.

(٢) حجة القراءات : ٧٥٤.

٤٣٨

أو هو تمثيل لإهانتهم بإهانة من يحجب عن الدّخول على الملوك.

[١٦] ـ (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) لداخلوها.

[١٧] ـ (ثُمَّ يُقالُ) ـ تقول الخزنة لهم توبيخا ـ : (هذَا) أي العذاب (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ).

[١٨] ـ (كَلَّا) ردع عن التّكذيب (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ) ما كتب من أعمالهم (لَفِي عِلِّيِّينَ) كتاب أعمال الأتقياء وقيل : مكان في السّماء السّابعة أو الجنّة (١).

[١٩] ـ (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) اعرابه كإعراب جمع السلامة.

[٢٠] ـ (كِتابٌ مَرْقُومٌ) بيانه كما مر (٢). [٢١] ـ (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) من الملائكة.

[٢٢] ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ). [٢٣] ـ (عَلَى الْأَرائِكِ) السّرر في الحجال (يَنْظُرُونَ) الى انواع نعيمهم ، فيزيد سرورهم.

[٢٤] ـ (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) بهجة التّنعّم ونوره.

[٢٥] ـ (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ) خمر خالصة (مَخْتُومٍ) على اوانيه ، صيانة له.

[٢٦] ـ (خِتامُهُ) أي ما ختم به (مِسْكٌ) مكان الطّين أو مقطعه رائحة المسك إذا شرب ، وقرأ «الكسائي» «خاتمه» (٣) أي آخره ، وينسب الى «عليّ» عليه‌السلام (٤) (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) فليرغبوا بالمبادرة الى طاعة الله.

[٢٧] ـ (وَمِزاجُهُ) ما يمزج به (مِنْ تَسْنِيمٍ) علم لعين في الجنّة ، سمّيت به لرفعة شرابها أو محلّها.

[٢٨] ـ (عَيْناً) نصب مدحا أو حالا من «تسنيم» (يَشْرَبُ بِهَا) منها أو معها أو بتقدير ملتذّا ، أو «الباء» زائدة أي يشربها (الْمُقَرَّبُونَ) صرفا وتمزج لأصحاب اليمين.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٥٥.

(٢) في الآية (٩) من هذه السورة.

(٣) حجة القراءات : ٧٥٤.

(٤) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٥٤.

٤٣٩

[٢٩] ـ (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) من مترفي قريش (كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) من فقراء المؤمنين (يَضْحَكُونَ) استهزاء بهم.

[٣٠] ـ (وَإِذا مَرُّوا) أي المؤمنون (بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) يشيرون فيما بينهم الى المؤمنين بالأعين والحواجب.

قيل :

جاء «عليّ» عليه‌السلام في نفر الى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ، ثمّ رجعوا الى أصحابهم ، فقالوا رأينا اليوم الأصلع ، فضحكنا منه ، فنزلت قبل أن يصل «عليّ» عليه‌السلام الى النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

[٣١] ـ (وَإِذَا انْقَلَبُوا) أي الكفّار (إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا) «فاكهين» (٢) ملتذّين بما صنعوا ، وقرأ «حفص» : «فكهين» (٣).

[٣٢] ـ (وَإِذا رَأَوْهُمْ) رأوا المؤمنين (قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) باتّباع محمّد.

[٣٣] ـ (وَما أُرْسِلُوا) أي الكفّار (عَلَيْهِمْ) على المؤمنين (حافِظِينَ) موكّلين بحفظ أعمالهم وأحوالهم.

[٣٤] ـ (فَالْيَوْمَ) أي يوم القيامة (الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) حين يرون حالهم في النّار.

وقيل : يفتح لهم باب الى الجنّة فيقال لهم : اخرجوا إليها فإذا وصلوا ، اغلق دونهم ، فيضحك المؤمنون (٤).

[٣٥] ـ (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) إليهم ، حال من «يضحكون».

[٣٦] ـ (هَلْ ثُوِّبَ) ـ وادغم «حمزة» و «الكسائي» «اللام» في «الثّاء» ـ (٥) هل جوزي (الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) استفهام تقرير.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٥٧.

(٢) في المصحف الشريف بقراءة حفص : «فكهين» ـ كما سيشير اليه المؤلّف ـ.

(٣) حجة القراءات : ٧٥٥.

(٤) تفسير مجمع البيان ٥ : ٤٥٧.

(٥) تفسير البيضاوي ٤ : ٢٤٨.

٤٤٠