الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٣

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي

الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ٣

المؤلف:

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: نگين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٤

عن أهل البيت عليهم‌السلام : أفضل العبادة الدّعاء ، وانّه العبادة الكبرى (١).

وقيل : معناه اعبدوني اثبكم (٢) لقوله عن عبادتي (سَيَدْخُلُونَ) وبناه «ابن كثير» و «أبو بكر» للمفعول (٣) (جَهَنَّمَ داخِرِينَ) صاغرين.

[٦١] ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) لاستراحتكم (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) يبصر فيه ، إسناد مجازي (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ) عظيم (عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) الله على فضله ، وتكرير «النّاس» لتأكيد الحكم.

[٦٢] ـ (ذلِكُمُ) المتوحّد بنعوت الكمال والجلال ، هو : (اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إخبار يقرر كلّ لا حق سابقه (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) تصرفون عن توحيده مع وضوح دليله.

[٦٣] ـ (كَذلِكَ يُؤْفَكُ) كما افك هؤلاء ، افك : (الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) بغير حجّة.

[٦٤] ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) مستقرا (وَالسَّماءَ بِناءً) سقفا (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) بانتصابكم وتناسب اعضائكم وتهيّئكم لمزاولة الأعمال (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) الملاذّ (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) دام خيره ، إذ لا ربّ ولا اله غيره.

[٦٥] ـ (هُوَ الْحَيُ) على الحقيقة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا مثل له ولا ضدّ ولا ندّ (فَادْعُوهُ) فاعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) من الشرك والرّيا ، قائلين : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أو هو استئناف منه تعالى.

[٦٦] ـ (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي)

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٤ : ٥٢٩.

(٢) قاله مجاهد ـ كما في تفسير الكشّاف ٤ : ١٧٥.

(٣) حجة القراءات : ٦٣٥.

١٤١

من دلائل توحيده (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أخلص له وانقاد لأمره.

[٦٧] ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أطفالا ، وأفرد بقصد الجنس أو كلّ واحد (ثُمَ) يبقيكم (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) كمال قوّتكم (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) وكسر «الشّين» «ابن كثير» و «ابن عامر» و «حمزة» و «الكسائي» (١) (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) قبل الشيخوخة أو الأشدّ (وَلِتَبْلُغُوا) وفعل ذلك «لتبلغوا» (أَجَلاً مُسَمًّى) هو وقت الموت أو القيامة (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) هذه العبر.

[٦٨] ـ (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً) أراد تكوينه (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فيتكوّن بمجرد إرادته المعبّر عنها بالقول لنفاذ قدرته فيه بلا توقّف على آلة وعدّة ، ونصبه «ابن عامر» و «الكسائي» بتقدير «أن» (٢).

[٦٩] ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى) كيف (يُصْرَفُونَ) عن الحق الى الباطل ، وكرّر ذمهم تأكيدا.

[٧٠] ـ (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ) بالقرآن أو الجنس (وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) من الكتب والشرائع (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وبال تكذيبهم.

[٧١] ـ (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ظرف ل «يعلمون» و «إذ» للمضىّ ، وعبّر بها عن المستقبل لتحققه (وَالسَّلاسِلُ) عطف على «الأغلال» فتكون في الأعناق أو مبتدأ حذف خبره ، أي : في أرجلهم ، أو خبره : (يُسْحَبُونَ) أي بها.

[٧٢] ـ (فِي الْحَمِيمِ) الماء الشديد الحرارة أو حرّ النّار (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) يوقدون ، من سجر التنور : ملأه بالوقود.

[٧٣] ـ (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) ـ توبيخا ـ : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ).

__________________

(١) النشر في القراءات العشر ٢ : ٢٢٦.

(٢) النشر في القراءات العشر ٢ : ٢٢٠.

١٤٢

[٧٤] ـ (مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا) غابوا (عَنَّا) أو ضاعوا فلم نجد منهم نفعا (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أي لم نكن بعبادتنا إيّاهم نعبد شيئا يعتدّ به ، أو أنكروا عبادتهم ايّاهم (كَذلِكَ) الضلال (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) في الآخرة عمّا ينفعهم بسبب كفرهم.

[٧٥] ـ (ذلِكُمْ) العذاب (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) أي بالشرك ونفي البعث (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) تبطرون.

[٧٦] ـ (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) السبعة (خالِدِينَ) مقدّرين الخلود (فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) جهنم.

[٧٧] ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالانتقام منهم (حَقٌّ فَإِمَّا) «ان» الشّرطيّة أدغمت في «ما» الزائدة لتأكيد الشرطيّة ، ولذلك جاءت النون معها دون أن وحدها (نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) به من القتل والأسر ، وجواب الشرط محذوف أي فذاك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) فنجازيهم بأعمالهم ، وهو جواب «نتوفّينّك» وقيل : جواب للفعلين بمعنى ان نعذبهم بحياتك ، أو لم نعذّبهم فإنا نعذّبهم في الآخرة.

[٧٨] ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) قيل عدد الأنبياء ثمانية آلاف ، اربعة آلاف من بني إسرائيل ومثلهم من سائر النّاس (١)

وقيل : مائة ألف واربعة وعشرون الفا (٢) (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) إذ الإتيان بالمعجزات انما يكون بحسب المصالح التي لا يعلمها إلا الله ولا اختيار لهم في ذلك (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالعذاب عاجلا وآجلا (قُضِيَ بِالْحَقِ)

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٤ : ٥٣٣.

(٢) نقل هذا القول البيضاوي في تفسيره ٤ : ١١٣.

١٤٣

بين المحق والمبطل (وَخَسِرَ هُنالِكَ) في ذلك الوقت ، استعير للزّمان (الْمُبْطِلُونَ) أهل الباطل.

[٧٩] ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ) فبعضها للأمرين كالإبل والبقر ، وبعضها للأكل كالغنم.

[٨٠] ـ (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) كالدّرّ والجلد وما عليه (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بالنقلة إليها (وَعَلَيْها) في البرّ (وَعَلَى الْفُلْكِ) في البحر (تُحْمَلُونَ) ولم يقل : «وفي الفلك» للازدواج.

[٨١] ـ (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) دلائل توحيده وقدرته ورحمته (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) وكلها جلية لا تقبل إنكارا وتذكير «أيّ» أشهر من تأنيثه.

[٨٢] ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) عددا (وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) من قصور ومصانع (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) نفي أو استفهام (ما كانُوا يَكْسِبُونَ) موصولة أو مصدرية.

[٨٣] ـ (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) بما زعموه علما من شبههم الباطلة في نفي البعث أو انكار الصانع ، وتحقيرهم الرسل وتسميته علما تهكم بهم ، أو بعلمهم بظاهر المعاش ، أو فرحوا بعلم الرّسل أي استهزءوا به لقوله : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أو فرح الرسل بعلمهم شكر الله حين رأوا جهل قومهم وسوء عاقبتهم وحاق بالكافرين جزاء استهزائهم.

[٨٤] ـ (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) عذابنا (قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) من الأصنام.

[٨٥] ـ (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) إذ لا يقبل إيمان الملجأ (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) اي سنّ الله ذلك سنة ماضية في الأمم (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) أي وقت رؤيتهم بأسنا.

١٤٤

سورة فصّلت

[٤١]

ثلاث أو اربع وخمسون آية مكية

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

ـ [١] ـ (حم) إن كان مبتدأ فخبره : [٢] ـ (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وان كان عدّ حروف ف «تنزيل» خبر محذوف أو مبتدأ ، خبره :

[٣] ـ (كِتابٌ) وهو على الأولين بدل منه أو خبر آخر أو لمحذوف ، ويشعر كون التنزيل من «الرّحمن» بأنه رحمة للعالمين (فُصِّلَتْ آياتُهُ) ميّزت احكاما وقصصا ومواعظ (قُرْآناً) مدح أو حال من «كتاب» باعتبار صفته (عَرَبِيًّا) أفصح اللغات (لِقَوْمٍ) صفة أخرى أو صلة «فصّلت» أو «تنزيل» (يَعْلَمُونَ) العربية أو للعلماء.

[٤] ـ (بَشِيراً وَنَذِيراً) صفتان له أيضا (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) عن تدبره (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) سماع قبول.

[٥] ـ (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) أغطية (مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) فلا نفقهه (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) صمم فلا نسمعه (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) يصدّنا عن اتّباعك ، قالوا ذلك

١٤٥

استهزاء وإقناطا له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اجابتهم له (فَاعْمَلْ) على دينك أو في هلاكنا (إِنَّنا عامِلُونَ) على ديننا أو في هلاكك.

[٦] ـ (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) أي أنا من جنسكم لا من جنس آخر ، غير انّي ميّزت بالوحي لأدعوكم الى توحيد من دلّ البرهان على ان لا إله لكم غيره (فَاسْتَقِيمُوا) متوجّهين (إِلَيْهِ) بالتّوحيد واخلاص الدّين (وَاسْتَغْفِرُوهُ) من الشّرك (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) تهديد لهم.

[٧] ـ (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فالكفّار مخاطبون بالفروع ، وقرن منعها بالشرك والكفر بالآخرة في : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) تشديدا لوزر مانعها وحثّا للمؤمنين على أدائها والشفقة على الخلق.

[٨] ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) غير مقطوع أو لا أذى فيه ، من المنّ أي القطع أو المكدّر للصّنيعة.

[٩] ـ (قُلْ) ـ توبيخا لهم ـ : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) في مقدارهما (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) شركاء (ذلِكَ) الخالق (رَبُّ الْعالَمِينَ) مالكهم وخالقهم ومدبّرهم.

[١٠] ـ (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) استئناف لا عطف على «خلق» للفصل بأجنبي (مِنْ فَوْقِها) بادية ليعتبر بها ويتوصل الى منافعها (وَبارَكَ فِيها) كثر خيرها بالمياه والزّرع والضّرع (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) الناشئة منها قسّمها للنّاس والبهائم لكلّ نوع ما يتعيّش به ، أو خصّ حدوث كلّ قوت بقطر منها (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أي مع اليومين الأوّلين (سَواءً) استوت سواء أي استواء ، والجملة صفه «أيّام» أو حال من ضمير «فيها» أو «أقواتها» (لِلسَّائِلِينَ) متعلق بقدر أي قدّر أقواتها للطّالبين ، أو بمحذوف أي ذكر مدّة خلق الأرض وما فيها للسّائلين عنها.

[١١] ـ (ثُمَّ اسْتَوى) قصد (إِلَى السَّماءِ) بعد خلق الأرض لا دحوها.

١٤٦

وقيل : خلق السّماء قبل الأرض (١).

و «ثمّ» لتفاوت ما بين الخلقين ، ويعضده تقدم الدحو المتأخّر عن السّماء على خلق الجبال (وَهِيَ دُخانٌ) أجزاء دخانية.

وقيل : اوّل ما خلق الماء ، فحدث منه زبد ، خلق منه الأرض ودخان خلق منه السّماء (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا) بما خلقت فيكما من النّيرات والكائنات أو احصلا في الوجود ، فالخلق السابق بمعنى التّقدير ، أو «الفاء» لترتيب الأخبار (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) طائعتين أو مكرهتين ، والغرض اظهار كمال القدرة (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) مستجيبين لأمرك ، وهو تمثيل لنفوذ قدرته فيهما بأمر المطاع وإجابة المطيع وجمع العقلاء لتنزيلهما بخطابهما منزلتهم.

وقيل : أقدرهما على الجواب فخاطبهما وهذا انّما يتمشى على الوجه الأول.

[١٢] ـ (فَقَضاهُنَ) أتمّ خلقهن واحكمهن ، والضمير للسماء باعتبار ما تؤول إليه من الجمع أو مبهم يميزه : (سَبْعَ سَماواتٍ) وهي على الأول حال (فِي يَوْمَيْنِ) قيل : هما الخميس والجمعة ، وهما مع تلك الأربعة ستة كما في آيات أخر (٢) (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) أمر أهلها من العبادة والطاعة ، أو شأنها وما يصلحها (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) بنيّرات تضيء كالمصابيح (وَحِفْظاً) وحفظناها عن المسترقة حفظا (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) بكمال قدرته (الْعَلِيمِ) بمصالح خلقه.

[١٣] ـ (فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن الإيمان بعد هذا البيان (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) فخوّفهم عذابا (٣) يصعقهم أي يهلكهم (مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) مثل عذابهم الّذي

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ٦.

(٢) ينظر سورة الأعراف : ٧ / ٥٤ ـ يونس : ١٠ / ٣ ـ هود : ١١ / ٧ ـ الفرقان : ٢٥ / ٥٩.

(٣) في «ج» بعذاب.

١٤٧

أهلكهم ، ولا ينافيه آية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) (١) لأنها مدنية.

[١٤] ـ (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ) حال من «صاعقة عاد» أو ظرف لها باعتبار المعنى (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) من كلّ جهاتهم بالإنذارات والحجج أو حذروهم ما مضى من هلاك الكفره وما يأتى من عذاب الآخرة أو بالعكس.

وقيل من بين أيديهم الرسل الذين عاينوهم ، ومن خلفهم الذين وصل إليهم خبرهم (أَلَّا) بأن لا (تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا) إرسال رسل (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) رسلا (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) على زعمكم (كافِرُونَ) إذ لستم بملائكة.

[١٥] ـ (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ) على الخلق (بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا) ـ لمّا خوّفوا بالعذاب ـ : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) اغترارا بقوّتهم ، كان أحدهم يقلع الصّخرة العظيمة من الجبل بيده (أَوَلَمْ يَرَوْا) يعلموا (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ) وخلق قوّتهم (هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) قدرة إذ لا تناهي لقدرته (وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) عنادا.

[١٦] ـ (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) باردة مهلكة من الصّرّ : البرد ، أو شديدة الصوت من الصرير (فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) مشؤومات عليهم ، وسكّن «الحاء» «الحرميّان» و «البصريّان» وصفا على فعل أو مصدرا وصف به أو مخفف المكسور (٢) (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ) الذّلّ (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى) وصف العذاب بالخزي وهو في الأصل للمعذّب مبالغة (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) بمنعهم منه.

[١٧] ـ (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) أريناهم طريق الهدى (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) الضّلال (عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ)

(الْهُونِ) مصدر كالهوان ، وصف به مبالغة (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) من الكفر.

[١٨] ـ (وَنَجَّيْنَا) منها (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) «صالحا» ومن تبعه.

__________________

(١) سورة الأنفال : ٨ / ٣٣.

(٢) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٢٤٧ وحجة القراءات : ٦٣٥ مع اختلاف فيهما.

١٤٨

[١٩] ـ (وَيَوْمَ) واذكر يوم (يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ) وقرأ «نافع» بالنون مفتوحة ، وضمّ «الشين» ونصب «اعداء» (١) (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس اوّلهم على آخرهم ليجتمعوا.

[٢٠] ـ (حَتَّى إِذا ما جاؤُها) وزيدت «ما» تأكيدا لمفاجأة الشهادة لمجيئهم (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) بإنطاق الله كلا منهم بما اقترف به.

[٢١] ـ (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ) ـ تعجبا أو عتابا ـ : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أي أراد نطقه (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) من كلام الجلود أو استئناف يقرّر ما قبله ، بأن من قدر على خلقكم وانطاقكم ابتداء واعادتكم ثانيا ، يقدر على إنطاق جوارحكم ومن كانوا يستترون من الناس عند ارتكاب القبائح خوف الفضيحة ، فقيل لهم :

[٢٢] ـ (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) عند ارتكابكم القبائح (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) لأنّكم لم تظنوا انّ جوارحكم تشهد عليكم إذ لم تتيقّنوا بالبعث (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) عند استتاركم (أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) وهو ما أخفيتموه.

[٢٣] ـ (وَذلِكُمْ) مبتدأ (ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ) خبره (أَرْداكُمْ) أهلككم ، خبر ثان ، أو هو الخبر و «ظنّكم» بدل (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) باستبدالكم بالجنّة النّار.

[٢٤] ـ (فَإِنْ يَصْبِرُوا) التفات (فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) ولا ينفعهم الصبر (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) يطلبوا العتبى أي الرّضا (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) المرضيين.

[٢٥] ـ (وَقَيَّضْنا) سبّبنا أو هيّأنا ، من القيض ، وهو البدل ، ومنه المقايضة

__________________

(١) حجة القراءات : ٦٣٥.

١٤٩

أي المعارضة (لَهُمْ قُرَناءَ) أخدانا من الشياطين ، وهو مجاز عن منعهم اللطف لكفرهم حتى استولت عليهم الشياطين (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من الدنيا وشهواتها (وَما خَلْفَهُمْ) من الآخرة ونفيها (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الوعيد بالعذاب (فِي أُمَمٍ) جملة «امم» حال من المجرور (قَدْ خَلَتْ) هلكت (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وكانوا مثلهم (إِنَّهُمْ) أي هم والأمم (كانُوا خاسِرِينَ) فلذلك استحقّوا العذاب.

[٢٦] ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ أي بعضهم لبعض : (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) إذا قرأه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (وَالْغَوْا فِيهِ) وارفعوا أصواتكم بالهذيان لتخلطوا عليه (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) القاري على قراءته.

[٢٧] ـ (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً) وهم هؤلاء أو كلّ الكفرة (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أقبح جزاء عملهم ، وسمّى «أسوأ» للمقابلة.

[٢٨] ـ (ذلِكَ) المتوعّد به (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) خبر «ذلك» (النَّارُ) بيان ل «جزاء» أو خبر محذوف (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) أي هي منزل إقامتهم لا ينتقلون منها (جَزاءُ) يجزونها جزاء (بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) وضع موضع «يلغون» اقامة للسبب مقام المسبّب.

[٢٩] ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهم في النار (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي شيطاني الجنسين الداعيين لنا الى الضّلال.

وقيل : إبليس وقابيل سنّا الكفر والقتل ، (١) وسكّن «راء» أرنا «ابن كثير» و «ابن عامر» و «أبو بكر» و «أبو شعيب» واختلس كسرتها «الدّوري» (٢) (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) في الدرك الأسفل أو نطأهما إذلالا (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) محلا أو حالا.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ١٢.

(٢) حجة القراءات : ٦٣٦.

١٥٠

[٣٠] ـ (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) إقرارا بتفرّده بالربّوبية (ثُمَّ اسْتَقامُوا) على التوحيد والطاعة.

وسأل بعض الشيعة الرّضا عليه‌السلام عن الاستقامة ، فقال : هي والله ما أنتم عليه (١) (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت أو عنده وفي القبر والقيامة (أَلَّا) بأن لا ، أو اي لا (تَخافُوا) ممّا أمامكم (وَلا تَحْزَنُوا) على ما خلّفتم من أهل وولد (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

[٣١] ـ (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) نتولى حفظكم والهامكم الخير مقابلة لفعل الشّياطين بالكفرة (وَفِي الْآخِرَةِ) نشفع لكم ونكون معكم فيها حتّى تدخلوا الجنّة (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) من الملاذّ (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) تتمنّون من النعيم.

[٣٢] ـ (نُزُلاً) حال ممّا «تدعون» أي مهيّا (مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) فيكون جليلا هنيئا.

[٣٣] ـ (وَمَنْ) أي لا أحد (أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ) الى توحيده (وَعَمِلَ صالِحاً) ليقتدى به فيه (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) تمدحا أو تديّنا بالإسلام ، ومنه فلان يقول كذا أي يدين به.

والآية تعمّ من له هذه الصّفات أو تخصّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[٣٤] ـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) في الجزاء ، و «لا» الثانية زائدة تؤكد النّفي (ادْفَعْ) السيئة إذا اعترضتك (بِالَّتِي) بالخصلة التي (هِيَ أَحْسَنُ) أي بالحسنة كالجهل بالحلم ، والإسائة بالعفو ، والعنف باللطف ، أو بأحسن الحسنات التي تدفع بها (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) أي فيصير عدوّك كالمحبّ القريب إذا فعلت ذلك.

__________________

(١) تفسير مجمع البيان ٥ : ١٢.

١٥١

[٣٥] ـ (وَما يُلَقَّاها) أي يؤتى هذه الفعلة وهي دفع السيئة بالحسنة (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) على تجرع المكاره (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) عقل كامل أو ثواب جزيل هو الجنة.

[٣٦] ـ (وَإِمَّا) «ان» الشرطيّة ، أدغمت في «ما» الزّائدة للتأكيد (يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) ينخسنّك منه نخس أي وسوسة صارفة عمّا أمرت به (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شرّه يكفكه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لدعائك (الْعَلِيمُ) بصلاحك.

[٣٧] ـ (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ) لأنّهما مخلوقان مثلكم (وَاسْجُدُوا) (١) (لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) خلق الأربعة المذكورة (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) تخصونه بالعبادة.

[٣٨] ـ (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) عن السجود لله وحده (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) أي الملائكة (يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي دائما (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) لا يملون.

[٣٩] ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) يابسة ، استعير من الخشوع أي التذلّل (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) تحركت وانتفخت (إِنَّ الَّذِي أَحْياها) بالنبات (لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ومنه الإحياء والإماتة.

[٤٠] ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ) يميلون عن الحق ، وفتح «حمزة» «الياء» و «الحاء» (٢) (فِي آياتِنا) بالطّعن والتكذيب (لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا) كفى به وعيدا (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) استفهام تقرير وتوبيخ (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) أم تهديد (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيكم به.

[٤١] ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ) القرآن (لَمَّا جاءَهُمْ) وخبر «انّ» مقدّر بنحو يجازون أو أولئك ينادون (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) غالب بقوّة حججه أو عديم النّظير.

__________________

(١) هذه الآية فيها سجدة واجبة.

(٢) حجة القراءات : ٦٣٦.

١٥٢

[٤٢] ـ (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) من جهة من الجهات أو ممّا في أخباره بما مضى وما يأتي (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ) في أفعاله (حَمِيدٍ) على افضاله.

[٤٣] ـ (ما يُقالُ لَكَ) أي ما يقول كفّار مكّة لك (إِلَّا ما قَدْ قِيلَ) إلّا مثل ما قال الكفرة (لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) من التكذيب أو ما يقول الله لك إلّا مثل ما قال لهم من الصّبر (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) للمؤمنين (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) للكافرين ، ويجوز كونه المقول على الثاني.

[٤٤] ـ (وَلَوْ جَعَلْناهُ) أي الذّكر (قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) كما قالوا اقتراحا هلا انزل بلغة العجم (لَقالُوا لَوْ لا) هلا (فُصِّلَتْ آياتُهُ) بينت حتى نفهمها (ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) أقرآن أعجميّ ورسول ، أو مخاطب عربي ، وقرأ «هشام» «اعجميّ» على الإخبار و «أبو بكر» و «حمزة» و «الكسائي» بهمزتين والباقون بهمزة (١) ومدّة ، (٢) والاستفهام للإنكار والغرض انهم لتعنتهم لا ينفكّون عن الاعتراض سواء كان عربيا أو أعجميا (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً) من الحيرة (وَشِفاءٌ) من الشك (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) هو (فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) لتصامهم عن استماعه (وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) لتعامي قلوبهم عن تدبّره (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أي هم كمن ينادي من بعد لا يسمع ولا يفهم النّداء.

[٤٥] ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التّوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) بالتّصديق والتكذيب كالقرآن (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير القضاء والجزاء الى القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بإهلاك المكذبين (وَإِنَّهُمْ) أي اليهود أو قومك (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) من التوراة أو القرآن (مُرِيبٍ) موقع الرّيبة.

[٤٦] ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) ثوابه (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) وباله (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)

__________________

(١) جملة «والباقون بهمزة» ساقط من «ج».

(٢) حجة القراءات : ٦٣٧.

١٥٣

لعلمه بقبح الظلم وغناه عنه.

[٤٧] ـ (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) متى تكون ، لا يعلمه إلّا هو (وَما) نافية (تَخْرُجُ مِنْ) زائدة (ثَمَراتٍ) (١) وقرأ «نافع» و «ابن عامر» «ثمرات» جمعا (٢) (مِنْ أَكْمامِها) أوعيتها جمع «كمّ» (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) إلا مقرون كلّ ذلك بعلمه (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي) بزعمكم ، وفتح «ابن كثير» «الياء» (٣) (قالُوا آذَنَّاكَ) أعلمناك أو اسمعناك (ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ) شاهد اليوم بأن لك شريكا أو مشاهد لهم لأنّهم ضلّوا عنّا.

[٤٨] ـ (وَضَلَ) غاب (عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ) يعبدون (مِنْ قَبْلُ) من الأصنام (وَظَنُّوا) أيقنوا (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) مهرب ، والنّفي معلّق عن العمل.

[٤٩] ـ (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) الكافر (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) لا يملّ من طلب النعمة (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) البلاء (فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) من رحمة الله.

[٥٠] ـ (وَلَئِنْ) قسم (أَذَقْناهُ رَحْمَةً) نعمة (مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ) شدّة (مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) مستحق لي بعملي أو دائم لي (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ) قسم (رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) فرضا ، وفتح «نافع» و «أبو عمرو» «الياء» (٤) (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) للحالة الحسنى ، كما اكرمني في الدّنيا (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا) إذا جازيناهم به (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) شديد.

[٥١] ـ (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ) عن الشّكر (وَنَأى بِجانِبِهِ) بعد بنفسه عنه تجبّرا ، وقرأ «ابن ذكوان» «ناء» على القلب أو بمعنى نهض (٥) (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ)

__________________

(١) في المصحف الشريف «ثمرات».

(٢) حجة القراءات : ٦٣٧.

(٣) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٢٤٩.

(٤) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٢٤٩.

(٥) الكشف عن وجوه القراءات ٢ : ٥٠.

١٥٤

كثير دائم ، استعير ممّا امتدّ عرضه وهو أبلغ من الطويل إذ العرض يلزمه الطّول ولا عكس ، والتّوفيق بينه وبين كونه يئوسا بأنّه يؤوس بالقلب ، دعّاء باللسان أو بتغاير الموصوفين.

[٥٢] ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) اخبروني (إِنْ كانَ) القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ) كما أقول (ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) عنادا (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ) خلاف للحق (بَعِيدٍ) عنه أي : لا أحد أضلّ منكم ، فوضع الظاهر موضعه بيانا لحالهم.

[٥٣] ـ (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) في اقطار السّماوات والأرض من النيرات والنبات وغيرها ، أو من الحوادث التي أخبر بها الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والفتوح التي يسّرها الله له ولامته (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) من لطائف الصنع وبدائع الحكم ، أو فتح مكّة (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) «الهاء» لله أو الرّسول أو القرآن أو الدّين (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) «الباء» زائدة للتّأكيد (أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) بدل منه أي أو لم يكفهم في صدقك انّ ربّك مطّلع على كلّ شيء لا تخفى عليه خافية.

أو ألم يكفك انه مطّلع على الأشياء فيعلم حالك وحالهم.

[٥٤] ـ (أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ) شك (مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ) بالبعث والجزاء (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) علما وقدرة فلا يفوته شيء جل جلاله.

١٥٥
١٥٦

سورة الشورى

[٤٢]

ثلاث وخمسون آية مكية إلا (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ ...) الآيات الأربع خاصة

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

ـ [١] ـ [٢] ـ (حم عسق) إن كانا اسمين للسورة فالفصل ، وعدّهما آيتين لذلك ، وإلا فلمطابقة سائر الحواميم.

[٣] ـ (كَذلِكَ) مثل ذلك الإيحاء ، أو مثل معاني هذه السّورة (يُوحِي) أي أوحى (إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) وعبّر بالمضارع إيذانا بأنّ إيحاء مثله عادته (اللهُ) فاعل «يوحى» وعلى قراءة «ابن كثير» (١) بالبناء للمفعول فاعل فعل دلّ عليه «يوحي» والمسند إليه «إليك» إن جعل «كذلك» مصدرا وان جعل مبتدأ فضميره في «يوحي» وهو خبره (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) صفتان «لله» أو هما وما بعدهما اخبار ، ان ارتفع «الله» بالابتداء أو صفتان له والخبر : [٤] ـ (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وعلى بقية الوجوه استئناف (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) عطف عليه.

__________________

(١) حجة القراءات : ٦٣٩.

١٥٧

[٥] ـ (تَكادُ السَّماواتُ) وقرأ «نافع» و «الكسائي» بالياء (١) (يَتَفَطَّرْنَ) ينشققن ان دعوا له ولدا ، أو من عظمته وقرأ «الحرميّان» و «حفص» و «الكسائي» بالتاء (٢) من التفطر وهو ابلغ من الإنفطار إذ مطاوع فعّل مشددا ابلغ من مطاوع فعل (مِنْ فَوْقِهِنَ) أي يبتدئ الإنفطار من أعلاهن وتخصيصه للدّلالة على انفطار أسفلهنّ بالأولويّة ولزيادة التّهويل (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) من المؤمنين ، وان عمّم فيراد بالاستغفار ما يعمّ طلب الإمهال للكفرة والعصاة منهم لعلهم يتوبون (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) لأوليائه أو لكلّ خلقه ، إذ رحمته في الدنيا وسعت كل شيء.

[٦] ـ (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي الأصنام (اللهُ حَفِيظٌ) محص (عَلَيْهِمْ) أعمالهم فمجازيهم بها (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) تطالب بإيمانهم (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) (٣).

[٧] ـ (وَكَذلِكَ) مثل ذلك الإيحاء (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا) أو مثل هذا المعنى ، فالكاف مفعول به و «قرآنا عربيّا» حال منه (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) أهل «مكة» وسائر الناس ، العذاب (وَتُنْذِرَ) الناس (يَوْمَ الْجَمْعِ) يوم القيامة ، يجتمع فيه الخلق أو الأرواح والأجساد ، أو كلّ عامل وعمله ، ويجوز كون «وتنذر» تكرير للتأكيد و «يوم الجمع» ثاني مفعولي «لتنذر» (لا رَيْبَ فِيهِ) اعتراض لا محلّ له (فَرِيقٌ) منهم (فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) في النار.

[٨] ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) لقسرهم على دين واحد وهو الإسلام ولكنه لم يفعل لمنافاته التكليف (وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) وهم المؤمنون

__________________

(١) حجة القراءات : ٦٤٠.

(٢) النشر في القراءات العشر ٢ : ٣١٩.

(٣) اقتباس من الآية ٤٨ من هذه السورة

١٥٨

باختيارهم (وَالظَّالِمُونَ) الكافرون (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) يمنعهم من العذاب.

[٩] ـ (أَمِ) بل أ(اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) أي الأصنام ، والهمزة للإنكار (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) لا وليّ سواه (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو الحقيق بالولاية.

[١٠] ـ (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ) مع الكفّار (فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) من امور دينكم ودنياكم (فَحُكْمُهُ) مفوّض (إِلَى اللهِ) يفصل بينكم بإثابة المحق ومعاقبة المبطل (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) بتقدير : «قل» (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) ارجع في اموري.

[١١] ـ (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من اخبار ذلكم أو خبر محذوف (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من جنسكم (أَزْواجاً) نساء (وَمِنَ الْأَنْعامِ) وجعل لها من جنسها (أَزْواجاً) ذكورا وإناثا ، أو لكم منها أصنافا (يَذْرَؤُكُمْ) يخلقكم ويكثركم ، من الذرء أي : البث ، والضمير على الأول للنّاس ، والأنعام بالتّغليب (فِيهِ) في هذا الجعل فإنّه سبب التوالد (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أريد بمثله ذاته أي ليس مثل ذاته شيء كقولهم : مثلك لا يبخل ، مبالغة في نفيه عنه ، أو صفته أي ليس كصفته صفة ، وقيل : الكاف زائدة للتّأكيد (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لكلّ مسموع ومبصر.

[١٢] ـ (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مفاتيح خزائنهما (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) يوسعه (لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) يضيّقه لمن يشاء (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ومنه مصالح البسط والقبض.

[١٣] ـ (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى) أي بيّن لكم من الدين ما اشترك فيه «نوح» و «محمّد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن بينهما من أهل الشرائع المفسّر بقوله : (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) أي أصوله من التّوحيد والنّبوّة والمعاد ، وهو بدل من مفعول «شرع» أو استئناف ، كأنّه جواب : وما ذلك المشروع؟ (وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) في هذه الأصول.

١٥٩

وامّا الفروع فقد تختلف بحسب الأوقات (كَبُرَ) عظم (عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) من التوحيد (اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ) الى دينه (مَنْ يَشاءُ) توفيقه له (وَيَهْدِي) بالتوفيق (إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) يقبل إليه.

[١٤] ـ (وَما تَفَرَّقُوا) أي أهل الكتاب أو أهل الأديان (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) بصحة نبوة «محمد» صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بالتّوحيد (بَغْياً بَيْنَهُمْ) حسدا وعداوة (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) بتأخير الجزاء (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بإهلاك المبطلين (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ) وهم العرب ، أورثوا القرآن أو أهل الكتاب المعاصرون له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (مِنْ بَعْدِهِمْ) بعد أهل الكتاب (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) من القرآن أو كتابهم لا يعلمونه كما هو (مُرِيبٍ) موقع للرّيبة.

[١٥] ـ (فَلِذلِكَ) فلأجل ذلك التّفرق أو الشّكّ (فَادْعُ) الى الدّين الحنيفي أو الى ما يزيل الشّكّ ، وقيل : اللام بمعنى «الى» صلة ل «ادع» والإشارة الى القرآن (وَاسْتَقِمْ) على الدّعوة (كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) في تركها (وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) أي بكلّ كتاب أنزله (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ) بأن أعدل (بَيْنَكُمُ) في التبليغ والحكم (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) لكل جزاء عمله (لا حُجَّةَ) لا محاجة ولا خصومة (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لظهور الحقّ فلا وجه لها (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) يوم القيامة لفصل القضاء (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) المرجع.

وقيل : الآية منسوخة بآية السّيف (١).

[١٦] ـ (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) في دينه (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) بعد ما استجاب له الناس وقبلوه ، أو بعد ما استجاب الله لرسوله دعاءه بالنّصر (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ)

__________________

(١) قاله الطبرسي في تفسير مجمع البيان ٥ : ٢٥.

١٦٠