الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ١

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي

الوجيز في تفسير القرآن العزيز - ج ١

المؤلف:

الشيخ علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي


المحقق: الشيخ مالك المحمودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القرآن الكريم
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨

٢١

٢٢

٢٣
٢٤

٢٥
٢٦

مقدمة الطبعة السابقة (١)

بسم الله والصّلاة على محمّد وآله

قبل نيّف وعشرين عاما ، كنت أدرج إلى مبادئ العربية في صباي الباكر ، وإذ شدوت منها قليلا ألقى إليّ والدي ، ـ نضر الله وجهه ـ بنسخة من كتاب مخطوط يطلب مني نسخه ، مشجعا لي بأنّه كتاب في تفسير كتاب الله ، وانه من مؤلفات أحد آبائه ، ولم يك لي حينها بدّ من الاستجابة لرغبته ، وان لم أدرك على وجه مقنع ما يبرر تلك الرغبة الملحة ، فنسخت المخطوط نسخ من لا يستقيم له فهم النص ، وتنقصه بعض قواعد الإملاء. تمّ نسخي للجزء الاول منه ، وحفظته أوراقا بين ما أوثر من أوراق ، وتقلبت بي الحال فلم أعد أتذكر ما نسخت بله العودة إلى نسخ الجزء الثاني من المخطوط.

وقبل عامين زرت موطن دراستي الأولى «النجف» وعرجت على زيارة آية الله السيد الحكيم في بيته ، فكان مما تحدّث به إليّ رغبته في نشر «الوجيز في تفسير القرآن العزيز» شافعا ذلك بما قدّره من حاجة الخاصة من أهل العلم إلى تفسير يجمع صفتي الإيجاز والإحاطة ، ومن حاجة العامة من قارئ القرآن إلى تفسير ميسّر مفهم

__________________

(١) أتحفنا بهذه المقدمة فضيلة الأخ السيد محمّد المجتهدي النجفي.

٢٧

يقف عند حدود الابانة عن مقاصد كتاب الله ، ورأى أنّ خير ما يجمع هذه الصفات من كتب التفسير كتاب «الوجيز» وقال ـ وهو بسبيل حملي على نشره ـ :

إن هذا الكتاب من مؤلفات رجل تربطك به صلة من قربى ، في إحيائها بعض الوفاء لحقوق الآباء.

ومع بليغ رغبتي في امتثال أمره فقد ساورني تخوّف من ثقل العمل ، ولكني إذ عدت من زيارته تذكرت الرغبة التي حملت والدي في طلائع تكويني على نسخ هذا الكتاب ، وقدرت أنّ نشره بين الناس يحقّق استجابة أخرى لرغبة كنت يومها حريصا على أن أوليها الطاعة والوفاء.

بهذا بدأت فكرة نشر «الوجيز» ومن حينها أخذت أطلب ما يوجد في المكتبات من نسخ مخطوطة له ، وكان من حسن التوفيق أن وجدت له عدة نسخ في مكاتب العراق ، سخا بها أصحابها الأفاضل في غير مكافأة أو ممانعة وهو سخاء لا أشك في أنّ باعثه الغيرة العلمية والحرص على نشر هذا الأثر الكريم.

نسخ الكتاب

والذي وقفت عليه من نسخ «الوجيز» عدد غير قليل :

أوليها : نسخة المؤلف وهي التي نسخت عليها الجزء الاول ، ولكني أجهل كيف خرجت من مكتبة والدي ، ويقال : إنها بيعت خفية إلى بعض الوراقين في النجف وانها انتقلت من يده إلى بعض مكتبات الهند.

وثانيتها : نسخة الامام محمد الحسين آل كاشف الغطاء ، وقد اطلعني عليها ، وعلى تعليقات قيمة لسماحته سجّلها أثناء مراجعاته المتّصلة للكتاب ، وقد كنت أرغب في نشرها مع الجزء الأول ، ولكنه ـ حفظه الله ـ رغب في ان يزيد في التعليق ، حتى إذا انتهيت من نشر الجزء الثاني ألحقتها بالكتاب.

٢٨

وثالثتها : نسخة العلامة الشهير السيد حسن الصدر وهي الآن في مكتبة ولده العلامة السيد علي الصدر ، وقد تلطّف ـ حفظه الله ـ بإعارتها لي للرجوع إليها عند تحقيق نص الكتاب.

ورابعتها : نسخة العلامة السيد أمين الصافي ، وقد تفضّل ـ حفظه الله ـ بإعارتها لي كذلك.

وخامستها : نسخة العلامة استاذي الأول الشيخ قاسم محي الدين وقد سمح بها عند نشر الكتاب.

وسادستها لنسخة التي نسختها على خط المؤلف وقد أشرت إليها في طلائع المقدمة.

وقد جرى تحرير الأصل على نسخة الصدر والصافي ومحي الدين.

نسخة الصدر :

بخط النسخ الجيد ، وعلى الآيات القرآنية وأسماء السور خط أحمر ، وورقها : من نوع الترمة «الترمذي» وهي بجزء واحد في ٣١٠ ورقات بقطع الربع ، سقط منها سبع ورقات من جزء «عم» ، في كل صحيفة منها ١٦ سطرا ، وكل سطر يتألف من ١٣ ـ ١٥ كلمة ، وقد تمّ نسخها سنة ١١٤٧ ه‍ ، بيد «محمد بن نصّار» وكانت في عام ١٢٥٨ بحيازة «بن ملا مقصود علي» وقد تملّكها السيد حسن الصدر سنة ١٣٤٢ ه‍ ، وهي لا تزال بحيازة أسرته.

وهذه النسخة أفضل النسخ التي تحت يدي ، وأقربها إلى السلامة ، وعليها كان اعتمادي في نشر الكتاب.

نسخة الصافي :

وهي بجزءين الجزء الأول ١٩٣ ورقة بقطع الثمن تقريبا في كل صحيفة ٢١

٢٩

سطرا ، وفي كل سطر ما يتراوح بين ١١ ـ ١٣ كلمة ، وخطها يشبه الخط المغربي في طول الحروف والتوائها ، وورقها سميك أسمر ، وأقدم من وقّع عليها رجل اسمه «محمد حسين» ، وكان تاريخ ختمه ١٢٦٩ ه‍ ، وقد كانت في حيازة العلامة المعاصر السيد جعفر بحر العلوم سنة ١٣٢٧ ه‍ ، وفي حيازة السيد أمين الصافي ١٣٣٤ ه‍.

وتمتاز هذه النسخة بتعقيبات للمؤلف نفسه كتبت على هوامش النسخة ، وسأنشرها في ذيل الكتاب عند تمامه ، وعلى هذه النسخة اعتمدت تقسيم المؤلّف إلى جزئين.

نسخة محي الدين :

بخط النسخ الدقيق ، والآيات القرآنية وأسماء السور خط عليها بالحبر الأحمر ، وعدد أوراقها ٢٥٠ ورقة وكلّ صفحة ٢٨ سطرا. وكل سطر يتألف من ١٩ ـ ٢٢ كلمة ، وقد نسخها «حسين بن باقر بن الشيخ مظفر الجزائري الصيمري» وتم نسخها صباح الثلاثاء في الثامن والعشرين من شهر صفر سنة ١٢٠٧ ه‍ ، وفي نهايتها صورة ما كتبه المؤلف على نسخته يوم انهى تأليف الكتاب.

وتمتاز هذه النسخة على أخواتها بأن المفردات القرآنية اللغوية مشار إليها بعناوين في الهامش وبأن مختلف المسائل الواردة فيه معنونة وبأن جملة نقول وروايات ومقتبسات عن كتب التفسير الأخرى كتبت على الهوامش ، ويخيّل لي ان ذلك من عمل الناسخ إذ الخط واحد فيها جميعا ، وان كان سقم كتابته وضبطه لا يدلان على ان التعليقات منه ، فلعل الناسخ أخذها من نسخة اخرى كانت فيها هذه النقول والعناوين.

وبالجملة فالنسخ الثلاثة يظهر فيها اثر العناية والضبط إما من عمل الناسخين أو من عمل الاعلام الذين قرءوا الكتاب من بعدهم والخلاف بينها لم يك ذا بال. وقد

٣٠

فضلت من نصوصها عند الاختلاف (وهو اختلاف ـ كما قلت ـ ليس ذا بال) ما اتفق عليه أكثرها وما بدا لي أنّه أولى بالتفضيل كما نقلت قواعد الخط «الإملاء» من رسومها القديمة إلى ما يأتلف مع قواعد الرسم الحديث وأضفت قواعد الترقيم وشكل بعض الكلمات التي في لغتها أو اعرابها محل للبس في القراءة وسيرى القارئ أن بعض الجمل ـ لمكانها من الإيجاز ـ يستعصي فهمها لو لا هذا الشكل والترقيم.

وقد بذلت جهدي في التصحيح ولكني لم أسلم من غلط فاتني رغم الحرص والحذر وسيعذرني من يمارس النشر المشكول وبخاصة الشكل للقرآن في مطابع العراق.

خصائص الكتاب

ولهذا التفسير جملة خصائص تميّزه عن باقي كتب التفسير :

أولها : فهم المؤلّف للنصوص القرآنية فهما أدبيّا يبعد به عمّا ألفه كثير من المفسرين في القديم والحديث من وصل النص القرآني بمختلف ثقافاتهم في غلوّ وإسراف وصلا طالما ظهر فيه اثر التكلّف والصناعة وأضاع على الناس الروعة الاسلوبية التي هي أبرز خصائص القرآن وأقواها برهانا على أعجازه.

ثانيها : ذكر الآراء المختلفة للمفسرين الذين سبقوه بأمانة وضبط في غير لجاجة من دحض فكرة أو تفضيل رأي ، ثم ذكر ما يذهب المؤلف اليه بنفس الروح الهادىء المستقيم.

ثالثها : عدم التبسط في ناحية وتحيف ناحية اخرى ، بل يعطي المؤلف لكل أمر حقه من الوفاء الموجز ، فالقراءات ، وأسباب النزول ، واللغة ، والنحو ، والبلاغة ، والأحكام الفقهية ، والمسائل الكلامية ، والتاريخ القصصي ، جميعا ؛ تأخذ نصيبا واحدا من العناية. وهذا حظّ في التأليف قلّ من وهبه ، وهو دليل استيعاب الرجل

٣١

لأكثر علوم العربية والدراسات الاسلامية استيعابا جعل منه مؤلّفا قادرا على ضبط قلمه متى شاء.

رابعها : ان الإيجاز عنده ليس ايجازا في الأفكار وانما هو إيجاز في الأداء فأنت واجد من وراء كل كلمة قصدا تومئ اليه لو رجعت تستوضحه في الكتب المطوّلة ما أفدت جديدا فاتته الاشارة اليه ، وهو بهذا يصح ان يكون متنا لدراسة مطولة أو ملخصا للحفظ والتذكّر عند الحاجة أو ثبتا يومئ إلى مواطن الرأي في كل آية ومسألة

ترجمة المؤلّف

وقد فضّلت أن تكتب بغير قلمي فاخترت لها رجلا تشهد بحوثه في سير الرجال بالاستيعاب والتثبّت فكتبت إلى العلّامة الجليل محمد محسن الشيخ المعروف ب «آغا بزرك» أن يكتب سيرة الرجل بقلمه فتفضل وأرسل إليّ الترجمة الآتية :

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد خاتم الرسل وعلى آله وأوصيائه ومعادن حكمة الهادين الى أوضح السّبل صلاة زاكية دائمة من الآن إلى ان يجمع الله بيننا في مستقر رحمته.

وبعد فإن النظرة العابرة في هذا التفسير «الوجيز» تغني القارئ عن تقريظه والإطراء عليه.

إنّ نسبة هذا السفر الجليل الى مؤلفه بلغت حدّ التواتر المفيد للعلم الضروري لا سيّما وجود النسخة الراجعة كتابتها إلى عصر المؤلف والمقروءة عليه ، فالبحث في خصوصيات متن هذا التفسير وما حوته دفّتاه والتحقيق عن سنده ونسبته الى المؤلّف لا يثمران غير التطويل لذا نفلت القراء الى مكانة المؤلّف لنفسه وشرح أحواله وتواريخه التي محيت عن صفحات التاريخ كتراجم كثير من سلفنا الصالح وعلمائنا الأبرار.

نعم جنى التأريخ على هذا العالم الجليل ، لكن تصانيفه الجليلة أحيت ذكراه

٣٢

وآثاره الباقية دلت على فضله وهي براهين جليّة على أنّه العلامة الجامع للمعقول المبرّز في سائر الفنون والمؤلف في كثير منها ، فهو مفسّر ، محدث ، فقيه ، اصولي ، نحوي ، منطقي ، رياضي ، فلكي ، اديب ، شاعر كما ستعرفه عند ذكر تصانيفه.

نسبه

رأيت بعضه بخطه النسخ الجيد هكذا : علي بن الحسين بن محي الدين بن عبد اللطيف بن نور الدين علي بن شهاب الدين أحمد بن محمّد بن أحمد بن علي ابن أحمد (أبي جامع) العاملي ، فبينه وبين (أبي جامع) تسعة آباء ، وأبو جامع عاشرهم.

وجده الخامس أعني (محمدا) بين (أحمدين) كان عصره أواخر الثمانمائة وأوائل التسعمائة للهجرة ، فانه كتب (التنقيح الرائع) للعلامة الشيخ أبي عبد الله المقداد السيوري المتوفى سنة ٨٢٦ ه‍ ، وفرغ من كتابة جزئه الأول أوائل سنة ٩٠٨ ومن كتابة جزئه الثاني أواخر سنة ٩٠٩ ه‍ ، والنسخة جميعها بخط واحد رأيتها بمكتبة العلامة الشيخ (هادي كاشف الغطاء) وكتب في آخرها اسمه وبقية نسبه الى (أبي جامع) كما مرّ ، يعني انه ذكر بينه وبين أبي جامع ثلاثة آباء اعني عليا بين أحمدين ، فيكون عصر أبي جامع أواخر السبعمائة وأوائل الثمانمائة يعني انه كان حيا في نيف وثمانمائة ، فان البطن الرابع من حفدته كان حيا في نيف وتسعمائة يعني ٩٠٩ سنة كتابة (التنقيح).

فآل أبي جامع بيت قديم في جبل عامل من علماء الشيعة.

وأول من عرفناه منهم بالعلمية كاتب (التنقيح) المذكور ، فانه كتبه في مدّة طويلة تزيد على السنتين تقريبا كما ذكرنا ، ولعل ذلك كان أوان اشتغاله به وقرائته فيه ، وإلّا فمجرّد الكتابة لا تستغرق هذه المدة وقد كتب في آخره ما لفظه : فرغ من مشقّة مشقه

٣٣

العبد المحتاج إلى المنزه عن الأولاد والأزواج ، وبارئ الخليقة من نطفة أمشاج ، أقل الناس جرما وأكثرهم جرما ، القليل عملا ، الجسيم أملا ، الكثير زللا «محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن أبي جامع» رزقه الله من العيش أرغده وجعل خير يوميه غده بمحمد وآله الطاهرين. في عدّة أيام آخرها قريب الزوال يوم الجمعة ثاني شهر ذي الحجة المبارك من شهور سنة تسعة بعد التسعمائة (انتهى).

وذكر انه كتبه عن نسخة سقيمة مغلوطة ولم يتيسّر له مقابلته وتصحيحه.

وبالجملة ان في نفس النسخة أمارات تدل على أنّ كاتبها من أهل العلم والفضيلة مضافا إلى شهادة «المحقق الكركي» له بذلك في الإجازة التي كتبها بخطه : الشيخ «شهاب الدين أحمد» ابن هذا الشيخ. وصورة الاجازة مدرجة في مجلد إجازات «البحار» صرح فيها بأن والد المجاز منه كان من المشايخ الصلحاء ، فقد عبّر عنه بقوله : الشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ الصالح ابن أبي جامع ، فالظاهر أنّ المحقق الكركي إنما وصفه بذلك علما منه بحاله وصلاحه يوم كان في بلاده أوان كتابة «التنقيح» ، ولعل ذلك كان بمرأى منه ، بل يغلب على الظّن مشاركته مع «الكركي» في التلمذة على الشيخ «علي بن هلال الجزائري» الذي أجاز الكركي ، فإن هجرة الكركي من بلاده إلى مجاورة العتبات كانت سنة ٩٠٩ يعني بعد كتابة «التنقيح» وحين عزمه على التوّجه إلى العراق أجازه بتلك السنة شيخه علي بن هلال كما صرح الكركي بجميع ذلك في اجازته لصفي الدين في سنة ٩٣٧ وصورتها مدرجة في آخر مجلدات «البحار» أيضا.

وبعد تشرف المحقق الكركي إلى العراق تشرف الشيخ شهاب الدين أحمد بن هذا الشيخ الصالح وتلمّذ على المحقق الكركي سنين حتى كتب له الاجازة في سنة ٩٢٨ ، مصرحا فيها بتلمذته عنده ، ثم عاد الشيخ شهاب الدين أحمد الى بلاده واشتغل هناك ولده الشيخ نور الدين «علي» على «الشهيد الثاني» وكتب بخطه

٣٤

«الروضة البهية» في سنة ٩٦٠ يعني بعد تأليفه بثلاث سنين عن نسخة خط استاذه المؤلف ، وقرأه عليه وصحّحه وقابله مع نسخة خط استاذه ، وشهد الأستاذ بمقابلته وتصحيحه وقراءته عليه. وكتب له عليها الإجازة ورأى هذه النسخة صاحب «الرياض» وقال خطه متوسّط في الجودة. ذكره في صفحة ٤٠٥ من النسخة المخطوطة لكن تحت عنوان الشيخ «زين الدين» بدل (نور الدين) علي بن أحمد بن محمد بن أبي جامع العاملي ، ففيه صرح باسم والد شهاب الدين أحمد المجاز من الكركي ، وان اسمه كان محمدا وكذا صرح بذلك حفيد الشيخ علي ، المترجم في الرياض ، وهو الشيخ علي بن رضي الدين بن علي بن شهاب الدين أحمد بن محمد الجامعي ، والحفيد أعرف بنسب جده ، ذكره في رسالته التي وصلت الى العلامة الشيخ جواد محي الدين.

وبالجملة : فالجدّ الخامس لهذا المفسّر هو الشيخ محمد الكاتب للتنقيح الملقب بالصالح في اجازة المحقق الكركي ، والمعاصر معه ومن طبقة تلاميذ الشيخ علي بن هلال الجزائري.

وجده الرابع هو الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد المذكور الذي كان تلميذ المحقق الكركي والمجاز منه سنة ٩٢٨.

وجده الثالث هو الشيخ زين الدين (أو نور الدين) علي بن شهاب الدين أحمد ، تلميذ الشهيد الثاني وقارئ الروضة عليه والمجاز منه.

وجده الثاني هو الشيخ عبد اللطيف الذي كان شيخ الإسلام في (تستر) وتوفي سنة ١٠٥٠ وكان تلميذ صاحب (المعالم) الشيخ حسن بن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني.

وجده الأول هو الشيخ محي الدين بن عبد اللطيف الذي صار شيخ الإسلام في (تستر) بعد وفاة الشيخ جواد الكاظمي قال في (الأمل) : كان فاضلا عالما عابدا ورعا

٣٥

يروي عن أبيه الشيخ عبد اللطيف.

وأما والده فهو الشيخ العالم الجليل الشيخ حسين بن محي الدين الذي عدّه شيخنا العلامة النوري ـ رحمه‌الله ـ في خاتمة المستدرك (صفحة ٤٠٦) سابع مشايخ السيد المحدث الجزائري والمجاز منه مدبّجا سنة ١٠٩٠ ، وصورة تلك الإجازة عندي في كتابي المخطوط «إجازات الرواية والوراثة في القرون الأخيرة الثلاثة».

وقد ترجمه الشيخ الحرّ في «الأمل» فقال : انه عالم فاضل فقيه معاصر ، له «شرح القواعد» للعلامة وكتاب في الفقه وكتاب في الطّب وديوان شعر ، وغير ذلك ، وهو يروي عن أبيه الشيخ محي الدين عن أبيه الشيخ عبد اللطيف عن الشيخ البهائي (انتهى).

وأما الشيخ علي بن الحسين بن محي الدين ، مؤلف هذا التفسير «الوجيز» فقد أشرنا إلى جناية التاريخ عليه لكن الشمس الطالعة لا يحجبها السّحاب المتراكم ، وقد استفدنا كثيرا من أحواله من كلمة واحدة صدرت في حقه من العلامة السيد عبد الله الجزائري قالها في آخر اجازته الكبيرة التي ذكر في آخرها : «معدودا من رجالات العلم الذين فاز بالتشرف بخدمتهم والاستفادة من علومهم ومعارفهم دون غيرهم من معاصريه» وكان أحد المعدودين الشيخ حسن أخو الشيخ علي هذا. الذي كان أصغر منه سنّا وأدون رتبة وعلما ، لأنه تلمّذ عليه وأخذ العلم منه ، ويروي الحديث عنه ، وكان أقصر منه عمرا لأنه توفي سنة ١١٣٠ مع كونه أصغر ، وبقي الشيخ علي كما في ظاهر عبارة الإجازة الى سنة ١١٦٨ التي كتب الجزائري الإجازة فيها. حيث قال في وصف الشيخ حسن : انه كان عالما فاضلا أديبا جامعا للفنون مهذبا وقورا كثير الصمت لينا هيّنا يروي عن أبيه الشيخ حسين وعن أخيه الشيخ علي الساكن ببلدة «خلف آباد» كان يقدم علينا «الحويزة» مرارا وكنت الازمه ليلا ونهارا الى قوله : يلاطفني ملاطفة الوالد الشفيق على الولد البارّ ، توفي سنة الثلاثين من المائة

٣٦

الثالثة عشر (انتهى).

فدلنا الجزائري بقوله عنه وعن أخيه الشيخ علي ، على أنّ صاحب هذه الأوصاف الكثيرة المذكورة تلميذ لهذه الشخصية الفذّة ، وكان أخاه الأصغر منه والآخذ عنه فكيف به نفسه ، وقوله : الساكن ببلدة «خلف آباد» تصريح بأنه كان في تاريخ الاجازة من الساكنين بتلك البلدة ، وكان قائما في مقام آبائه بمنصب شيخ الإسلام وبما علمنا أنه كان بدء سنة تأليفاته سنة ١٠٩٠ أو قبلها بقليل فتكون ولادته تقريبا حدود سنة ١٠٧٠ وعلى هذا الفرض فبقاؤه الى سنة تأليف الإجازة ١١٦٨ وان كان ممكنا لكنه في غاية البعد فمن المحتمل انه استعمل (المشتق) في المنقضي عنه المبدء مجازا ، بقرينة شهرة موته قبل ذلك التاريخ بسنين والله العالم.

وبالجملة ، انّا قد علمنا من إشارة السيد عبد الله أنّه في سنة تاريخ الإجازة أو قبلها بسنتين كان من العلماء القائمين بالوظائف الشرعية وشيخوخة الإسلام في سنين من عمره الشريف في بلدة «خلف آباد» في مقام آبائه ، وله الرواية عن أبيه الحسين ، عن جده محي الدين ، عن والده عبد اللطيف ، عن الشيخ البهائي ، ويروي عنه تلميذه الشيخ جعفر بن عبد الله كما يأتي ، وأخواه الأصغران منه ، وهما : الشيخ حسن المذكور المتوفى سنة ١١٣٠ والشيخ محي الدين الثاني الذي كان شيخ إجازة الميرزا ابراهيم بن غياث الدين القاضي الاصفهاني على ما ذكره هذا القاضي في إجازته للسيد نصر الله المدرس الحائري الموجودة صورتها.

وإلى الشيخ محي الدين الثاني ينتهي نسب «آل محي الدين» الموجودين في النجف وغيرها. ولنكتف بهذه الالمامة من أحواله ومشايخه وتلاميذه ، ولنعطف على ذكر آثاره القيّمة المخلّدة لذكره من منظوم ومنثور التي هي رمز لحياته الباقية ودلالات على نبوغه وإلمامه بالفنون ، وبرهان جلّي على عبقريته.

١ ـ الوجيز في التفسير الذي وفق الله بعض مخلصيه لطبعه ونشره لانتفاع سائر

٣٧

الناس وهو دليل على مهارته.

٢ ـ شرح أربعين حديثا ، في الطهارة مع التحقيق والبيان ويؤسف انه لم يتم ويوجد منه شرح إحدى وعشرين حديثا. والنسخة رأيتها بالخزانة الرضوية من موقوفات الحاج عماد الفهرسي تاريخ كتابتها ١١٢٩.

٣ ـ توقيف السائل على دلائل المسائل ، وهو من أنفس الكتب ودليل واضح على تبحّر هذا الحبر في الفقه ، ذكرناه في الجزء الرابع من كتابنا (الذريعة) صفحة ٥٠١ كما ذكرنا ان النسخة توجد في خزانة كتب العلامة الشيخ هادي كاشف الغطاء ، لكنها اليوم في مكتبة العلامة الشيخ قاسم محي الدين مع نسخة أخرى ناقصة.

٤ ـ الإفادة السّنيّة في مهم الصلوات اليومية ، فرغ من تأليفه اثنى عشر شعبان سنة ١١٠٦ فاستنسخ عنه تلميذه الشيخ جعفر بن عبد الله في سنة التأليف وقرأها على استاذه فكتب له عليها الإجازة وعلى النسخة حواشي كثيرة من المؤلف.

٥ ـ ارجوزة في أصول الفقه ، ذكرناها في «الذريعة» صفحة ٥٠٣.

٦ ـ أرجوزة في النحو ، ذكرنا بنفس الصحيفة وقد فرغ من نظمها سنة ١٠٩٥.

٧ ـ تحفة المبتدي ، في المنطق منظومة جميلة نظمها بأمر من والده وذلك سنة ١٠٩٠ وأمره والده بعد ذلك بشرحها فشرحها وكتب على الشرح حواشي.

٨ ـ ارشاد المتعلم إلى الطريق ـ رسالة في المنطق.

٩ ـ شرح حاشية المولى عبد الله الشاه آبادي على مبحث التصديقات ، رأيتها مع ما قبلها ضمن مجلد واحد في مكتبة العلامة الشيخ قاسم محي الدين ، ويقال أن له شرح التصورات أيضا لكني لم أعثر عليه.

١٠ ـ رسالة في أن النسبة ثلاثية أو رباعية.

١١ ـ ارجوزة في علم الفلك أسماها «تبصرة المبتدي» رأيت قطعة منها بخطه النسخ الجيد.

٣٨

فهذه التآليف من نظم ونثر تراث علمي وأثر باق يحتفظ بها ويحرص على جمعها العلامة المفضال الشيخ قاسم محي الدين في النجف الأشرف ، ولعل هناك ما لم نعثر عليه من مؤلفات هذا الحبر المتضلّع ، وفوق كل ذي علم عليم.

فجزى الله روحه الطيبة خير جزاء المحسنين ، وحشره وإيّانا مع الأئمة الطاهرين ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

وبعد ، فإن يك في صنيعي هذا ما يقرب من خير ، أو يعلى من درجة فثواب ذلك مهديّ إلى روح والدي وهي رهينة ربّها ، وإن لم أك أحسنت صنيعا فمعذرتي إلى الأعلام الذين أحسنوا بي الظن فساعدوني على نشره.

عبد الرزاق محي الدين

بغداد

٤ ـ ٩ ـ ١٣٧٣ ه‍ ١٩ ـ ٥ ـ ١٩٥٣ م

٣٩

مصورات النسخ الخطية

التي استفادمها الدكتور محيي الدين

٤٠