أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

هلال بن بدر

المتوفى ١٣٨٥

روع الكون وادلهم السماء

يوم ضجت بخطبها كربلاء

يالخطب من دونه كل خطب

ومصاب قد عز فيه العزاء

لبس الدهر فيه ثوب حداد

فهو والدهر ما له انضاء

ليت شعري وهل يبلغني الشعر

مقاما يجود فيه الرثاء

انما غايتي رثاء امام

يقصر الشعر عنه والشعراء

سبط خير الانام والصفوة الكبرى

أبوه وأمه الزهراء

كنز سر العلوم مذ لقنته

وهو في المهد سرها الانبياء

بطل حازم أبي كمي

أريحي منزه وضاء

خذلته العراق لما استبانت

آية الحق وهي منها براء

وبكته من بعد ذاك طويلا

بعد غيض الدموع منها الدماء

موقف للحسين جل عن الوصف

ولم ترو مثله الامناء

سار نحو العراق يزحف نحو

الموت تحدوه عزة قعساء

ضربت حوله العداة نطاقا

مزقته بعزمها الخلصاء

قادة حرب ان لظى الحرب شبت

ولدى السلم ساسة خطباء

لهف نفسي على ليوث تصدت

لعديد ما ان له احصاء

ثبتت في مواقف الموت حتى

فنيت ، والفناء منها وفاء

جدد الحرب بعد ذاك أخو الحرب

وما كل عزمه المضاء

أم نحو الصفوف ظمآن صاد

ويل أم العدو لولا الظماء

وقضى بينها فخر صريعا

وعليه من الجلال رداء

٢٠١

ان صرعى الطفوف لا شك عندي

أنهم عند ربهم أحياء

عجبا يقتل الحسين وتبقى

في هناء من بعده الاشقياء

وتضام الاباة ان طلبوا الحق

وتسبى من الخدور النساء

النساء المطهرات من العيب

اللواتي شعارهن الحياء

لا رعى الله يا حسين زمانا

أخذت فيه ثارها الاعداء

قاتل الله من أمية فردا

كمنت في ضميره الشحناء

بأبي الطاهر الزكي ونفسي

وبيوم طالبت به الظلماء

فصلاة من الاله عليه

وسلام ورحمة وثناء

الشاعر هلال بن بدر البوسعيدي ، ولد في مدينة مسقط ١٣١٤ ه‍ وتلقى علومه على يد علمائها الاباظيين. وتدرج في المناصب من سكرتير والي الى أن أصبح رئيسا لاول بلدية انشئت في مسقط عام ١٣٧٤ ه‍ ثم انتقل في مناصب اخرى حتى أصبح سكرتيرا خاصا للسلطان سعيد بن تيمور ، ثم اعتزل العمل وتقاعد حتى وافاه الموت في ٦ شهر رمضان عام ١٣٨٥ ه‍. له جملة قصائد غير أنها لم تجمع في مجموع خاص ، وانه اتلف الكثير منها.

٢٠٢

الشيخ محمد رضا الشبيبي

المتوفى ١٣٨٥

قال : ينحو باللائمة على أحد قتلة الحسين بن علي عليه‌السلام ، ذلك هو بجدل بن سليم الكلبي الذي حارب الامام الحسين (ع) وجاء اليه بعد قتله لينال من سلبه شيئا فلم يجد حيث سلبه القوم جميع ثيابه ، لكن رأى خاتمه في خنصره حاول انتزاعه فلم يقدر لجمود الدم عليه فتناول قطعة سيف وجعل يحز الخنصر حتى قطعه وأخذ الخاتم ، فقال شيخنا الشبيبي :

ما بال بجدل لا بلت مضاجعه

قد حز اصبعه في مخذم ذرب

لو كان يطلب منه بذل خاتمه

لقال هاك ، وهذا قبل فعل أبي

أشهر أعلام الادب ووجه العراق الناصع هو الشيخ محمد رضا ابن الشيخ جواد ابن الشيخ محمد بن شبيب بن ابراهيم صقر البطائحي النجفي ، ولد في النجف ٦ شهر رمضان عام ١٣٠٦ ه‍ ونشأ على والده الجليل نشأة سامية ، تعلم المبادئ وقرأ المقدمات وقرض الشعر فأجاد فيه من بداية عهده وحضر في الفقه والاصول على علماء وقته كالشيخ محمد كاظم الخراساني وغيره ، ولخصوبة ذهنه وسعة آفاقه الفكرية لم يقتصر على العلوم القديمة بل شارك في فنون اخرى فبرع في البلاغة والفلسفة حتى نبغ في سن مبكرة واشترك مع شيوخ الادب يومذاك وجال في ميادينه بين النابهين من رجاله وهو في طليعة حاملي مشعل الحركة الفكرية

٢٠٣

والنهضة الوطنية في العراق ، فقد جاهد في احياء الثقافة والآداب العربية على عهد الاتراك يوم كانت معالم اللغة مطموسة ، وطرق جميع الفنون فنظم في التربية والسياسة والوصف والغزل والوجدانيات والوطنيات ، وحسبك ما نشرته الصحف والمجلات ، وله في البلاغة والبيان ملكة نادرة حيث لا يقل نثره عن شعره وبحوثه الممتعة الطافحة بالمادة ترويها امهات المجلات وهو بالاضافة الى محاسنه الكثيرة لغوي كبير ومن الخبراء المتضلعين. قام أيام الثورة العراقية بخدمات جليلة ومهام خطيرة وانتدب من قبل وجوه العراق من علماء وزعماء واحرار فأوفد الى الحجاز لمقابلة الملك حسين وتسليمه المضابط التي نظمها العراقيون ووقعوا عليها وذلك عام ١٣٣٧ ه‍ سافر الشيخ فوصل الحجاز بعد عناء شديد واجتمع بالشريف وأطلعه على الحال فأرسلها الشريف الى نجله الامير فيصل في باريس ، ولم يعد المترجم له حتى تم تعيين فيصل ملكا على العراق فجاء معه هو وجملة من الزعماء.

والشبيبي شخصية متعددة الجوانب وقد تقلب في المناصب وهي تزدهي به وتفتخر بكماله وببزته الروحية وكأنه زان المناصب ولم تزنه.

رشح لعضوية نادي القلم البريطاني في سنة ١٣٥٦ وشغل وزارة المعارف عدة مرات ، ومنحته مصر شهادة الدكتوراه في الآداب دون أن يطلبها ، وترأس المجمع العلمي العراقي ، وكان عضو المجمع العلمي العربي بدمشق ، وعضو المجمعين العلمي واللغوي بمصر وغير ذلك.

وله آثارعلمية وأدبية وفلسفية وتأريخية منها ( تاريخ الفلسفة ) من أقدم عصورها ومنها ( أدب النظر ) في فن المناظرة و ( التذكرة ) في بعث ما عثر عليه من الكتب والآثار النادرة وديوان شعر طبع سنة ١٣٥٩ و ( فلاسفة اليهود في الاسلام ) و ( المأنوس في لغة القاموس ) ويقصد بالمأنوس ما كان مألوفا عند فصحاء العرب وفي المختار من كلامهم. ويقابله الغريب الذي يستهجن استعماله ويعد من عيوب فصاحة الكلام و ( المسألة العراقية )

٢٠٤

وهو تاريخ مطول لبلدة النجف الاشرف مع تطور العلم والآداب فيها و ( مؤرخ العراق ابن الفوطي ) في اجزاء طبع الاول في سنة ١٣٧٠ قام بنشره المجمع العلمي العراقي وقد ذكر أغلب هذه الآثار روفائيل بطي في كتابه ( الادب العصري ) وهذه بعض روائعه :

فتنة الناس ـ وقينا الفتنا ـ

باطل الحمد ومكذوب الثنا

رب جهم حولاه قمرا

وقبيح صيراه حسنا

أيها المصلح من أخلاقنا

أيها المصلح الداء هنا

كلنا يطلب ما ليس له

كلنا يطلب ذا حتى أنا

ربما تعجبنا مخضرة

أربع بالامس كانت دمنا

لم تزل ـ ويحك يا عصر أفق

عصر ألقاب كبار وكنى

حكم الناس على الناس بما

سمعوا عنهم وغضوا الاعينا

فاستحالت وأنا من بينهم

أذني عينا وعيني أذنا

اننا نجني على أنفسنا

حين نجني ، ثم ندعو : من جنى

بلغ الناس الاماني حقه

وبلغناها ولكن بالمنى

أخطأ الحق فريق بائس

لم يلومونا ولاموا الزمنا

خسرت صفقتكم من معشر

شروا العار وباعوا الوطنا

أرخصوه ولو اعتاضوا به

هذه الدنيا لقلت ثمنا

يا عبيد المال خير منكم

جهلاء يعبدون الوثنا

انني ذاك العراقي الذي

ذكر الشام وناجى اليمنا

انني اعتد نجدا روضتي

وأرى جنة عدني عدنا

ايها الجيل اكتشف لي حاضرا

كلما خرب ماضيك بنى

ينهض الشعب فيمشي قدما

لو مشى الدهر اليه ما انثنى

غير راقي النفس والروح فتى

وضع الروح ورقى البدنا

حالة النفس التي تسعدها

وتريها كل صعب هينا

ففقير من غناه طمع

وغني من يرى الفقر غنى (١)

وقوله وعنوانها : رجال الغد :

__________________

١ ـ الى ولدي للمؤلف طبع النجف ١٣٧٣ ه‍.

٢٠٥

انتم متعتم بالسؤدد

يا شباب اليوم ـ أشياخ الغد

يا شبابا درسوا فاجتهدوا

لينالوا غاية المجتهد

وعد الله بكم أوطانكم

ولقد آن نجاز الموعد

أنتم جيل جديد خلقوا

لعصور مقبلات جدد

كونوا الوحدة لا تفسخها

نزعات الرأي والمعتقد

أنا بايعت على أن لا أرى

فرقة ، هاكم على هذا يدي

عقد العالم شتى فاحصروا

همكم في حل تلك العقد

لتكن آمالكم واضعة

نصب عينيها حياة الابد

لتعش افكاركم مبدعة

دأبها ايجاد ما لم تجد

لا ينال الضيم منكم جانبا

غير ميسور منال الفرقد

أو تخلون ـ وأنتم سادة

لاعاديكم ـ مكان السيد

الوفا حفظم أو رعيكم

ـ بعدعهد الله ـ عهد البلد

لا تمدوها يدا واهية

ليد مفرغة في الزرد

تشبه الارض التي تحمونها

عبث الاعداء غاب الاسد

دبروا الارواح في أجسادها

فاق داء الروح داء الجسد

ان عقبى العلم من غير هدى

هذه العقبى التي لم تحمد

من أتانا بالهدى من حيث لم

يتأدب حائر لم يهتد

غير مجد ـ ان جهلتم قدركم

عدد العلم وعلم العدد

واذا لم ترصدوا أحوالكم

لم تفدكم درجات الرصد

واذا لم تستقم أخلاقكم

ذهب العلم ذهاب الزبد

عد عنك الروض لا أرتاد لي

غير أخلاق هي الروض الندي

* * *

بوركت ناشئة ميمونة

نشأت في ظل هذا المعهد

من جنى من علمه فائدة

غير من عاش فلم يستفد

ما يرجى ـ ليت شعري ـ والد

أهمل التعليم عند الولد

سيرة الآباء فينا قدوة

كل طفل بأبيه يقتدي

ليس هذا الشعر ما تروونه

ان هذي قطع من كبدي (١)

__________________

١ ـ الى ولدي للمؤلف طبع بالنجف الاشرف ١٣٧٣ ه‍.

٢٠٦

ومن منظومه الذي جرى مجرى المثل ولا زال الادباء يستشهدون بها قوله :

ما العبقري الفذ الا فكرة

ان مات عاش بها الرميم الهامد

لا بد من نقد الزمان فانما

نحن المعادن ، والزمان الناقد

وقوله :

خيرا لك أن أخاف وتأمني

يا نفس ، من أن تأمني لتخافي

لي نية في الدهر فيها نية

والحكم للمستقبل الكشاف

وقوله :

الشعر شيء ناطق في ذاته

أو قوة في نفسها تتكلم

ولربما روت الطبيعة شعرها

خرساء لا ثغر هناك ولا فم

وقوله :

قالوا : أتكره نقد الناس قلت لهم

اذا استعار عدوي ثوب منتقد

قالوا : فناظر ، وصوت الحق مرتفع

فقلت ، هذا قياس غير مطرد

وقوله :

ولربما عرف المحبون التي

تجني الشقاء فأصبحوا عشاقها

شأن الفراشة واللهيب فانها

تغشاه وهو مسبب احراقها

وقوله :

تفاهمتا عيني وعينك لحظة

وأدركتا أن القلوب شواهد

مشت نظرة بيني وبينك وانبرى

من القلب مدلول على القلب رائد

أحاديث لم تلفظ ، وللنفس منطق

وجيز ، وألفاظ اللسان زوائد

دواوين أهل الحب تفنى وللهوى

هوى الروح ، ديوان من الشعر خالد

٢٠٧

وقوله :

أضاع صوابا عامل غير عالم

سيسأل عنه عالم غير عامل

أحب الى الديان من علم عالم

اذا هو لم ينفع به جهل جاهل

وقوله :

لا تملأوا لي أقداحا فقد ملئت

الى الرؤوس سقاة الحي أقداحي

أولى الخمارين بي ما كان منبعثا

عن سورة الشوق لا عن سورة الراح

٢٠٨

الشيخ حسن صادق

المتوفى ١٣٨٦

يا ال بيت محمد أنا عبدكم

قرت بذلك ـ ان قبلت ـ عيوني

بل عبد عبدكم وكل مشايع

لكم تولاكم ولاء يقين

اني فطرت على محبتكم وقد

شابت بحمد الله فيه قروني

ما ان ذكرت مصابكم وذكرت

تنعاب الغراب على ربى جيرون

وترنم الطاغي يزيد بقوله

فلقد قضيت من النبي ديوني

الا وجللني الاسى وتقرحت

مني العيون وجن فيه جنوني

أتعاقب الايام تنسيني وقوف عقائل

للوحي بين يدي أخس لعين

حسرى كما شاء العدو قد ارتدت

ثوب المذلة ضافيا والهون (١)

حسن ابن العلامة الكبير الشاعر الشهير الشيخ عبد الحسين الذي تقدمت ترجمته وشعره وهو ابن الشيخ ابراهيم ابن الشيخ صادق.

ولد في النجف الاشرف سنة ١٣٠٦ وتدرج على العلم والادب كسيرة آبائه يتوارثون العلم والفضيلة أبا عن جد ، وما ظنك بمن أبوه الشيخ عبد الحسين ذلك الفطحل. اشتهر المترجم له بين أخدانه بالفهم والذكاء وسرعة البديهة وحسن الخلق بهي الصورة جميل الشكل. اتقن مبادئ العلوم وهو في سن مبكرة ودرس الفقه والاصول دراسة وافية وأساتذته امثال شيخ الشريعة الاصفهاني النجفي والسيد كاظم اليزدي وغيرهما ، هاجر الى لبنان موطن آبائه وأجداده فرشحته الحكومة اللبنانية للافتاء

__________________

١ ـ ديوانه المطبوع في بيروت ـ دار الحياة.

٢٠٩

هناك. وهو في السن أكبر من أخيه العلامة الشيخ محمد تقي واشعر منه لكنه لم يكن أفقه منه كتب عنه الكثير وقالوا : كان قوي النظم سريع البديهة يأتي بالشعر المنسجم والقافية المحبوكة طرق ابواب الشعر فأجاد وحفظ الادباء له من أنواع النظم عدة قصائد من وطنيات ووجدانيات وسياسيات فمن شعره قصيدته التي جاء فيها وقد نظمها سنة ١٣٦٦ :

حاضر الامر وماضيه سواء

بالاهازيج وهذا الخيلاء

نجتلي عيد جلاء رائعا

فمتى من صدء القلب جلاء

ويقول فيها :

مهبط الايحاء كم سال على

سفح مغناك دموع ودماء

فيك كم طل دم من مصلح

بكت الارض عليه والسماء

كالاولى بالطف من عمرو العلى

هاشم المجد لها نفسي الفداء

أنجم مطلعها من يثرب

ولها كانت مغيبا كربلاء

جاء في مقدمة ديوانه المطبوع في لبنان والذي أسماه ( سفينة الحق ) انه درس في النجف عشرين سنة وحضر على الفطاحل من اساتذة الفقه والاصول وعلم الكلام ، اما ديوانه فيحتوي على مجموعة كبيرة من الشعر في النبي وآله عليهم الصلاة والسلام ، وقصائد مرصوصة في الوطنيات والوجدانيات والتغزل والرثاء ويتضمن جملة من خواطره.

٢١٠

الشيخ محمد رضا فرج الله

المتوفى ١٣٨٦

أقم للحزن يا شيعي مأتم

ودع عنك الهنا هل المحرم

ودخل الدمع من عينيك يهمي

ففاطم دمعها فيه همى دم

الشيخ محمد رضا ابن الشيخ طاهر بن فرج الله بن محمد رضا بن عبد الشيخ ابن محاسن ـ ينتهي نسبه الى الاحلاف ، قبيلة في جنوب العراق ، من رجال الفضل والكمال بحاثة ذواقة ولد في النجف يوم عيد الفطر سنة ١٣١٩ ه‍ ونشأ بها في حجر والده درس المبادئ وقرأ العربية والمنطق ومقدمات العلوم ثم درس السطوح على أخيه الشيخ محمد طه والشيخ عبد الحسين الحلي والسيد هادي الميلاني والشيخ كاظم الشيرازي وغيرهم ، ثم حضر الخارج في الفقه والاصول على الشيخ احمد كاشف الغطاء والسيد أبي الحسن الاصفهاني والسيد محمد تقي البغدادي والشيخ ضياء العراقي والشيخ عبد الله المامقاني والميرزا فتاح والشيخ محمد رضا آل ياسين له مكتبة نفيسة تجمع النوادر من المخطوطات والمطبوعات له من الآثار ( الاعتقاد الصحيح ) في أصول الدين و ( الغدير في الاسلام ) طبع في النجف سنة ١٣٦٢ و ( المعلم والتلميذ ) و ( علي والامامة ) ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر طائفة من أشعاره في المدح والرثاء والغزل والمراسلات وتفضل ولده الاستاذ حميد فرج الله بمجموعة من قصائده في رثاء الحسين عليه‌السلام وفي الغزل والمراسلات.

٢١١

حسين بستانة

المتوفى ١٣٨٧ ه‍

١٩٦٨ م

« نهضة الحسين »

قد ثار للحق لم تقعد به السبل

ولا ثنت عزمه العسالة الذبل

وطالب الحق لا يرضى به بدلا

ولو تواشج في أشلائه الاسل

كيف السكوت وشرع الله مهتضم

يجور فيه وفي احكامه ثمل

تجلبب الخزي لم يبرح غوايته

لا الدين يمنعه عنها والخجل

خليفة الله هذا ما يدين به

الكاس والطاس والندمان والغزل

نال الخلافة عن مكر وعن دجل

حتى تجسد فيه المكر والدجل

يا بئس ما فعلوا اذ زملوه بها

فاي رجس بثوب المصطفى زملوا

سار الحسين لدين الله ينصره

وليس الا الهدى في الركب والامل

وفتية كليوث الغاب ان عرضت

أولى الطرائد آساد اذا بسلوا

مطهرون شذيات عوارفهم

هي المكارم ان صالوا وان وصلوا

لا ينجلي النقع الا عن نواظرهم

كأنها في ميادين الوغى شعل

٢١٢

تجري بهم سابحات شزب عرب

تجري الرياح بمجراها اذا حملوا

توري الصفاة متى اصطكت سنابكها

كما تقادح من ربد الدجى مقل

طوع القياد نجيبات معودة

ان لا تحيد اذا ما هابها البطل

يرتاع خصمهم اما انتحوه بها

حتى يبين على أنفاسه الوجل

يخيم كل شجاع عند نخوتهم

كما يخيم لصوت الاجدل الحجل

الصائلون كما صالت أوائلهم

والفاعلون على اسم الله ما فعلوا

والموردون العوالي كل فاهقة

كيما تعل صواديها وتنتهل

والشاهرون غداة الروع مرهفة

عضبا يسيل على شفرائها الاجل

لا يعرف البأس الا في وجوههم

ولا الشجاعة الا حيثما نزلوا

هم الفوارس ما ذلت رقابهم

لله ما أرخصوا منها وما بذلوا

صالوا وقد حال دون القصد حينهم

ما كان أغلبهم لو أنهم مهلوا

عز النصير لهم والبغي محتدم

ضار تساور في أنيابه الغيل

تعاورتهم ذئاب لا ذمام لها

يقودها الافك والتدليس والحيل

فمزقوا الادم الزاكي بلا ترة

وروعوا كبد الزهرا وما حفلوا

ها هم بنوها على الرمضا مقبلهم

هذا ذبيح وهذا في الثرى رمل

وذا يمج على الغبراء مهجته

وساجد القوم تبري جسمه العلل

حتى الرضيع الذي جفت حشاشته

قد أنهلوه بما راشوا وما نبلوا

لم يبق منهم سوى حوراء نادبة

حرى الفؤاد بجمر الحزن تأتكل

تصيح بين صبيات مروعة

« بالامس كانوا معي واليوم قد رحلوا »

يا لهف نفسي لهم اذ ريع سربهم

وهتكت عن بنات المصطفى الحلل

أقول والحزن جياش بجانحتي

نفسي الفداء لمن بالطف قد قتلوا

واليكم القصيدة التي ألقاها الاستاذ حسين بستانة معاون مدير التسوية في لواء الديوانية وأولها :

وتر النبي وروع الاسلام

وابيح بيت الله وهو حرام

٢١٣

الاستاذ حسين بن علي بن حسين الكروي المعروفين بآل بستانة من عشيرة الكروية من قبائل قيس عيلان من فخذ المصاليخ ، ولد في بغداد سنة ١٣٢٥ ه‍ والموافق ١٩٠٧ درس القرآن الكريم في الكتاب وفي سنة ١٩١٨ حيث فتحت المدارس قبل في الصف الثالث ، وعند اكماله الصف الرابع دخل كلية الامام الاعظم ، فبلغ فيها السنة الدراسية الرابعة ، وانقطع الى الدراسات الخاصة والبلاغة والمنطق والرياضيات وعلوم الطبيعة والاحياء ، وفي سنة ١٩٢٥ التحق بجامعة آل البيت ، ونجح مطردا بامتياز في سنيها الثلاث فعين مدرسا ، وبعد سنتين انتدب في بعثة الى دار العلوم العليا بمصر للتخصص باللغة العربية والتربية ، وعند عودته عين مدرسا ثم مديرا ونقل بعدها الى وظائف متعددة. لقد ولع بجيد الكلام منثورة ومنظومة وحفظ في كليهما ما وعى وأثرى فروى ، وكانت أول قصيدة ألقاها في القنصلية العراقية بمصر سنة ١٩٣١ يستعدي فيها الوفد المصري على معاهدة نوري السعيد والتي أبرمت عام ١٩٣٢ وله من المؤلفات كتاب ( المنتخبات الادبية ). انتهى عن اعلام العراق الحديث.

٢١٤

الشيخ علي البازي

المتوفى ١٣٨٧

الحق في كربلا والباطل اصطدما

كل يحاول أن يحظى بما رسما

يا غربة الحق اما عز ناصره

على مناوئه ان جار أو ظلما

ولا محام به تسمو حفيظته

يحمي حماه ويوليه يدا وفما

بمن وفيمن تراه يستغيث سوى

الصيد الاباة فهم للخائفين حمى

هم أظهروه على الطغيان حين طغى

وركزوا باسمه فوق السهى علما

هم الغياث اذا ما أزمة أزمت

أو عم جدب وبحر النائبات طمى

وجاهدوا دونه بالطف حين رأوا

وجودهم بعده بين الملا عدما

نفسى الفداء لمن ضحى باسرته

والصحب دون الهدى في قادة كرما

لله فردا أعز الدين صارمه

وقد أذل طغاة تعبد الصنما

وأحدقوا فيه والطفل الرضيع قضى

في حجره مذ له سهم العدى فطما

وفوجئ العالم العلوي في جلل

ابكى السماوات والاملاك والقلما

ويوم نادى حسين وهو منجدل

هيا اقصدوني بنفسي واتركوا الحرما

أبكى السماء دما لما قضى عطشا

لما قضى عطشا أبكى السماء دما

والفاطميات فرت من مخيمها

في يوم صاح ابن سعد احرقوا الخيما

الشيخ علي البازي ابن حسين بن جاسم اشتهر بالبازي اذ هو لقب لجده الاعلى ، اديب لو ذعي وشاعر شهير ومؤرخ كبير امتاز بنظم التاريخ الابجدي ، ولد المترجم له في النجف في شهر شوال سنة ١٣٠٥ ه‍ وتدرج على الكتابة والقراءة في الكتاتيب ودرس

٢١٥

النحو والصرف وقسما من علم المنطق وتتلمذ على مجاس آل القزويني في قضاء الهندية يوم كانت هذه الاندية تغني عن مدرسة وتدرج على الخطابة الحسينية واشتهر بها.

والبازي شخصية وطنية واكبت الحكم الوطني والثورة العراقية من بدايتها فقد رصد احداثها وأرخها بالشعر الفصيح ، وكان حديثه ملذا لا تفوته النكتة والظرافة ويكاد جليسه ينسى نفسه لخفة روح الشيخ البازي وعذوبة حديثه وشارك في الحلبات الادبية وساجل الادباء والشعراء فكان له القدح المعلى ، وقد قضى شطرا من عمره يسكن ( الكوفة ) وكان لسانها المدافع عن حقوقها في كل المواقف وممثلها في أكثر المناسبات ، أحبه كل من عرفه وامتزج بمختلف الطبقات ومن أشهر مخلفاته ديوان شعره ، ادب التاريخ هو وثيقة تاريخية تشير الى أكثر الحوادث العراقية وقد نشر الكثير منه في مجلة ( البيان ) النجفية كما انه يجيد النظم باللغة الدارجة فقد نشر جزئين في رثاء اهل البيت عليهم‌السلام من منظومة تحت عنوان ( وسيلة الدارين ) ومن أشهر شعره الفصيح ملحمته ملحمة الثورة العراقية الكبرى فقد استعرض مبادئ الثورة وأسرارها وذكر ابطالها ورجالها والمواقع التي التحم فيها القتال وبسالة الفرات الاوسط ومواقفه المدهشة ، وأولها :

قف بالرميثة واسأل ما جرى فيها

غداة ثارت بشوال ضواريها

٢١٦

ضياء الدخيلي

المتوفى ١٣٨٧

موكب سار في نحور البيد

يطبع العز أحرفا للخلود

في جلال يضم هول المنايا

بجناح يصيح بالارض ميدي

تنهل الترب في خطاه حياة

واكتسى الميت منه ايراق عود

تتوارى عن وجهه حجب الليل

ويمحى من فجره بعمود

فهو صبح الازمان قد فاض في

الوديان حتى طغى الهدى للنجود

موجة للرشاد سارت عليها

هالة من قداسة التوحيد

بامام فيه الهدى لنفوس

حائرات يبتن في تنكيد

هد صرح الضلال اذ اعوز

الصحب بعزم كفاه خفق البنود

قد اراد الطاغي ليلبسه الذل

وهيهات رضخه للقيود

كسر الغل ثائرا يملأ الكون

دويا وكان بطش الاسود

ها هنا أغضبت نفوس كرام

فتداعت لهدم حكم يزيد

زلزلته وخططت بدماها

صور الاحتجاج فوق الحديد

رددته الاجيال درسا بليغا

مذكيا كل ثورة بوقود

يا امام الاباة يا مثلا أعلى

جثت عنده منى مستزيد

ان يمت في القديم سقراط

اصرارا على مبدء وحفظ عهود

فلقد مت ميتة هزت الدهر

وجاوزته صلابة عود

نهشتك الخطوب ضارية

الفتك فصدت بعزة الجلمود

لم يزلزل خطاك هول ضحاياك

وسوق العدى سيول الجنود

بأبي عاريا كسته المواضي

من دما نحره بأزكى برود

كيف يرضى ابن فخر يعرب أن يضحى

ذليلا يساق سوق العبيد

يالرهط هانت عليه المنايا

ساخرا من ضرامها الموقود

٢١٧

زحفوا في الوغى ليوثا وماتوا

في جهاد العدو ميتة صيد

ثبتوا كالجبال ذودا عن الحق

لجيش قد سد وجه البيد

يا ابن حامي الديار خلدت للاجيال

درسا في يومك المشهود

ضياء الدين ابن الشيخ حسن آل الشيخ دخيل الحجامي ، أديب شاعر ، ولد في النجف الاشرف عام ١٣٣٠ ه‍ من أبوين عربيين ، ونشأ على أبيه الذي عني بتربيته فولع بدراسة مقدمات العلوم فأتقنها وحصل على مقدمات من الفقه والاصول وشاءت رغبته أن ينتقل الى الدراسة الحديثة فأنهى الدراسة الابتدائية والاعدادية والتحق بكلية الطب ببغداد واستمر لمدة اربع سنوات كان مثال الطالب المجد غير أن الصدف الملعونة دفعته الى مصادمة عميد الكلية مما أوجب فصله وحرمانه من الاستمرار وذهبت اتعابه سدى حين عاكسته الحياة وطوحت به وولدت في نفسه عقدة قوية وتبخرت آماله الطويلة العريضة. وقد كنت اذكره ينافس الادباء والشعراء ويقف خطيبا في كثير من حفلات الادب وقد نشر الكثير من شعره في الصحف والمجلات. ترجم له الباحث علي الخاقاني في ( شعراء الغري ) وذكر له روائع من أحاسيسه ومنها قصيدته التي أولها :

اليوم نمنح ذي البلاد جلالا

ونحطم الاصفاد والاغلالا

سنعيد دور الفاتحين ونمتطي

من ذروة المجد الاعز منالا

كتبت على وجه الزمان فعالنا

بدم لترشد بعدنا الاجيالا

ودع الحياة في سن السابعة والثمانين بعد الثلثمائة والالف من الهجرة.

٢١٨

الشيخ حسين القديحي

المتوفى ١٣٨٧

اي خطب عرى البتول وطاها

ونحى أعين الهدى فعماها

اي خطب أبكى النبيين جمعا

وله الاوصياء عز عزاها

لست أنساه في ثرى الطف أضحى

في رجال الهها زكاها

نزلوا منزلا على الماء لكن

لم يبلوا من الضرام شفاها

وقفوا وقفة لو أن الرواسي

وقفتها لزال منها ذراها

بأبي مالكي نفوس الاعادي

صرعتها العداة في بوغاها

وبنفسي ربائب الخدر أضحت

للعدى مغنما عقيب حماها

بعدما كن في الخدور بصون

سلبت لكن العفاف غطاها

لهف نفسي لها على النيب حسرى

لم تجد في السباء من يرعاها

ومن شعره ما أورده في مؤلفه ( رياض المدح والرثاء ) :

يا ابن الوصي المرتضى

لم لا حسامك ينتضى

طال انتظارك سيدي

نهضا فقد ضاق الفضا

حاشاك ـ لست أقول عن

ثارات جدك معرضا

يا حجة الله الذي

في طوعه أمر القضا

ماذا التصبر والحسين

بكربلا ظام قضى

قد ظل عار بالعرى

والجسم منه رضضا

والراس منه بالقنا

كالبدر لما ان أضا

٢١٩

الشيخ حسين البلادي البحراني

هو ابن الشيخ علي البلادي مؤلف كتاب ( انوار البدرين في تراجم علماء الاحساء والقطيف والبحرين ) ابن الشيخ حسن آل سليمان البلادي.

ولد في النجف الاشرف ١٨ شهر شعبان سنة ١٣٠٢ وأرخ مولده الشيخ فرج ابن ملا حسين آل عمران القطيفي بأبيات ، كانت التاريخ قوله :

وأشرق الزمان اذ

ارخت : نجم قد ظهر

كتب ولده العلامة الشيخ علي ابن الشيخ حسين المترجم له ترجمة والده في مقدمة كتاب ( منية الاديب وبغية الاريب ) المطبوع بالنجف بمطبعة النعمان سنة ١٣٨٢ ه‍ وذكر جملة من أشعاره في أهل البيت عليهم‌السلام وقال : له منظومة في ( الامامة ) وأخرى في الاصول الخمسة لم تتم ومنظومة في آداب الاكل والشرب. وقال : ان والدي رحمه‌الله قد غلب عليه الزهد والخشوع والخضوع لله والاعراض عن الدنيا ، ختم القرآن الشريف مع تعلم الكتابة في أربعة أشهر ، درس النحو على العلامة الشيخ محمد ابن الحاج ناصر آل نمر ودرس على والده الفقه والاصول. ومن مؤلفات الشيخ حسين كتابه الذي تقتنيه الخطباء المسمى ب‍ المجالس العاشورية. طبع بمطبع النعمان في النجف. كتب وألف فمن مؤلفاته كنز الدرر ومجمع الغرر وقد قرظه بالشعر جناب السيد رضا الهندي الذي أخذ عن الشيخ اجازة الرواية ، كما قرظه ايضا الخطيب الشيخ حسن سبتي ، والخطيب السيد محمد آل شديد ومن مؤلفاته كتاب ( نزهة الناظر ) يشبه الكشكول و ( كتاب سعادة الدارين في أحوال مولانا الحسين ) وغيرها في الادعية والزيارات ، وله رياض المدح والرثاء ، وقال في ( منية الاديب ) وقلت هذه الابيات لاعلقها في ضريح الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

٢٢٠