بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٥٦

نفسه وهواها ، وقول مقلّده وشيخه وطائفته. وهاهنا توحشك النّاس كلّهم إلّا الغرباء فى العالم. فإيّاك أن تستوحش من الاغتراب والتفرّد ، فإنّه ـ والله ـ عين العزّ والصّحبة مع الله تعالى ورسوله ، وروح الأنس به ، والرضا به ربّا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا. بل الصّادق كلّما وجد سرّ الاغتراب وذاق حلاوته وتنسّم روحه قال : اللهم زدنى اغترابا أو وحشة فى العالم وأنسا بك. وكلّما ذاق حلاوة هذا الاغتراب والتفرّد رأى الوحشة عين الأنس بالنّاس ، والذلّ عين العزّ بهم ، والجهل عين الوقوف مع آرائهم وزبالة (١) أذهانهم ، والانقطاع عين التعبّد برسومهم وأوضاعهم ، فلم يؤثر بنصيبه من الله أحدا من الخلق ، ولم يبع حظّه من الله بموافقتهم فيما لا يجدى عليه إلّا الحرمان. وغايته مودّة بينهم فى الحياة الدّنيا. فإذا انقطعت الأسباب ، وحقّت الحقائق ، وبعثر ما فى القبور ، وحصّل ما فى الصّدور ، تبيّن له حدّ مواقع الرّبح من الخسران. والله المستعان.

والتحقيق فى المسألة : أنّ الرّضا كسبىّ باعتبار سببه ، وهبىّ باعتبار حقيقته ، فيمكن أن يقال بالكسب لأسبابه ، فإذا تمكّن فى أسبابه وغرس شجرته اجتنى منها ثمرة الرّضا ، فإن الرّضا أخو التّوكّل. فمن رسخ قدمه فى التوكّل والتسليم والتفويض حصل له الرّضا ولا بدّ ، ولكن لعزّته وعدم إجابة أكثر النّفوس له وصعوبته عليها لم يوجبه (٢) الله على خلقه رحمة

__________________

(١) الزبالة : الشىء اليسير ، يقال : ما فى البئر زبالة ، وقد يكون : زبالة أى كثافة أذهانهم وجزالتها. والزبالة فى الأصل : كثرة اللحم.

(٢) فى الأصلين : «يوجب»

٨١

بهم وتخفيفا عنهم ، لكن ندبهم إليه وأثنى على أهله ، وأخبر أنّ ثوابه رضاه عنهم الّذى هو أعظم وأكبر وأجلّ من الجنّات وما فيها (١) ، فمن رضى عن ربه رضى الله عنه. بل رضا العبد عن الله علامة رضا الله عنه ومن نتائجه ، فهو محفوف بنوعين من رضا الله عن عبده : رضا قبله أوجب له أن يرضى عنه ، ورضا بعده وهو ثمرة رضاه عنه ، ولذلك كان الرّضا باب الله الأعظم ، وجنّة الدّنيا ، ومحلّ راحة العارفين ، وحياة المحبّين ، ونعيم العابدين ، وقرّة عين المشتاقين.

ومن أعظم أسباب حصول الرّضا أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه ، فإنّه يوصّله إلى مقام الرضا ولا بدّ. قيل ليحيى بن معاذ رحمه‌الله : متى يبلغ العبد مقام الرضا؟ قال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربّه ، فيقول : إن أعطيتنى قبلت ، وإن منعتنى رضيت ، وإن تركتنى عبدت ، وإن دعوتنى أجبت. وليس الرّضا والمحبة كالرجاء والخوف ، فإن الرضا والمحبة حالان من أحوال أهل الجنة ، لا يفارقان فى الدّنيا ولا فى البرزخ ولا فى الآخرة ، بخلاف الخوف والرّجاء فإنهما يفارقان أهل الجنّة لحصول ما كانوا يرجونه ، وأمنهم ممّا كانوا يخافونه. وإن كان رجاؤهم لما ينالون من كراماته دائما ، لكنّه ليس رجاء مشوبا بشكّ ، بل رجاء واثق بوعد صادق من حبيب قادر. فهذا لون ، ورجاؤهم فى الدنيا لون.

__________________

(١) فى الأصلين «فيهما».

٨٢

واعلم أنّه ليس من شروط (١) الرّضا ألّا يحسّ بالألم (٢) والمكاره ، بل ألّا يعترض على الحكم ولا يسخط ؛ فإن وجود التّألّم وكراهة النّفس لا ينافى الرّضا ، كرضا المريض بشرب الدّواء الكريه ، ورضا الصّائم فى اليوم الشديد الحرّ بما يناله من ألم الجوع والظمإ.

وطريق الرّضا طريق مختصرة قريبة جدّا موصلة إلى أجلّ غاية ، ولكن فيها مشقة ، ومع ذلك فليست مشقّتها بأصعب من مشقّة طريق المجاهدة ، ولا فيها من المفاوز (٣) والعقبات ما فيها ، إنما عقبتها همّة عالية ونفس زكيّة ، وتوطين النفس على كلّ ما يرد عليها من الله ، ويسهّل ذلك على العبد علمه بضعفه وعجزه ، ورحمة ربّه وبرّه به. فإذا شهد هذا وهذا ولم يطرح نفسه بين يديه ، ويرض به وعنه ، وينجذب (٤) دواعى حبّة ورضاه كلّها إليه ، فنفسه نفس مطرودة عن الله ، بعيدة عنه ، غير مؤهّلة لقربه وموالاته ، أو نفس ممتحنة مبتلاة بأصناف البلايا والمحن. فطريق الرضا والمحبّة تسيّر العبد وهو مستلق على فراشه ، فيصبح أمام الرّكب بمراحل. وثمرة الرّضا الفرح والسّرور بالله تعالى.

وقال الواسطى : استعمل الرضا جهدك ، ولا تدع الرّضا يستعملك فتكون محجوبا بلذّته ورؤيته عن حقيقته. وهذا الّذى أشار إليه عقبة

__________________

(١) ب : «شرط».

(٢) فى الأصلين. «بالاثم».

(٣) المفاوز : جمع مفازة وهى الصحراء.

(٤) فى الأصلين : «يتحدث» ، وظاهر أنه محرف عما أثبت.

٨٣

عظيمة عند القوم ، ومقطع لهم ؛ فإن السّكون إلى الأحوال والوقوف عندها استلذاذا ومحبّة حجاب بينهم وبين ربهم ، وهى عقبة لا يقطعها إلّا أولو العزائم. ومن كلامه : إيّاكم واستحلاء الطّاعات فإنها سموم قاتلة. فهذا معنى قوله : استعمل الرّضا ولا تدع الرّضا يستعملك ، أى لا يكون عملك لأجل حصول حلاوة الرّضا ، بحيث تكون هى الباعثة لك عليه ، بل اجعله آلة لك وسببا موصّلا إلى مقصودك ومطلوبك ، وهذا لا يختصّ بالرّضا ، بل هو عامّ فى جميع الأحوال والمقامات القلبيّة الّتى يسكن إليها القلب.

وسئل أبو عثمان عن قول النّبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أسألك الرّضا بعد القضاء» : فقال : لأن الرضاء قبل القضاء عزم على الرّضا ، والرّضا بعد القضاء هو الرضا. وقيل : الرضا : ارتفاع الجزع فى أىّ حكم كان. وقيل : رفع / الاختيار. وقيل : استقبال الأحكام بالفرح. وقيل : سكون القلب تحت مجارى الأحكام. وقيل : نظر العبد إلى قدم اختيار الله تعالى للعبد.

وقيل للحسين بن على رضى الله عنهما : إن أبا ذرّ يقول : الفقر أحبّ إلىّ من الغنى ، والسّقم أحبّ إلىّ من الصحّة. فقال : رحم الله أبا ذر ، أمّا أنا فأقول : من اتّكل على حسن اختيار الله له لم يحبّ غير ما اختاره الله له.

٨٤

وكتب عمر بن الخطّاب رضى الله عنه إلى أبى موسى الأشعرىّ : أمّا بعد ، فإن الخير كلّه فى الرضا ، فإن استطعت أن ترضى وإلّا فاصبر.

والرّضا ثلاثة أقسام : رضا العوامّ بما قسمه الله ، ورضا الخواصّ بما قدّره الله وقضاه ، ورضا خواصّ الخواصّ به بدلا عن كلّ ما سواه. والله أعلم.

٨٥

١٩ ـ بصيرة فى الرطب والرعب والرعد

الرّطب : ضدّ اليابس ، ومن الغصن والرّيش وغيره : النّاعم منه. رطب ورطب ـ ككرم وسمع ـ رطوبة ورطابة فهو رطيب. والرطب ـ كصرد ـ : نضيج البسر ، واحدته رطبة ، والجمع أرطاب ، قال تعالى : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً)(١) وأرطب النّخل : حان أوان رطبه. ورطب القوم ورطّبهم : أطعمهم الرّطب قال :

توكّل على الرّحمن فى كل حالة

ولا تترك الخلّان فى كثرة الطّلب

ألم تر أنّ الله قال لمريم

وهزّى إليك الجذع تسّاقط الرّطب (٢)

والرّعب ـ بضمّة وبضمتين ـ : الفزع ، وقيل : الانقطاع من امتلاء الخوف. رعبه كمنعه : خوّفه ، فهو مرعوب ورعيب. وكذا رعّبه ترعيبا وترعابا (٣) فرعب هو رعبا وارتعب. والترعابة ـ بالكسر ـ : الفروقة (٤).

ولتصوّر الامتلاء منه قيل : رعبت الحوض أى ملأته ، وسيل راعب : يملأ الوادى. ولتصوّر الانقطاع قيل : رعب السّنام وغيره : إذا قطعه ، والترعيبة ـ بالكسر ـ : القطعة منه.

__________________

(١) الآية ٢٥ سورة مريم

(٢) انظر المستطرف ١ / ٧١ ورواية الشطر الثانى من البيت الاول :

ولا ترغبن فى العجز يوما عن الطلب

(٣) فى الاصلين. «رعابا» وما اثبت فى القاموس.

(٤) هو الشديد الفزع والخوف

٨٦

وجارية رعبوبة ورعبوب ورعبيب : شطبة (١) تارة (٢) ، أو بيضاء حسنة رطبة حلوة ناعمة (٣).

والرّعد : صوت السّحاب ، أو صوت (٤) ملك يسوق السّحاب. وقد رعدت (٥) السماء وبرقت ، وأرعدت وأبرقت. ويكنى بهما عن التهدّد. وقولهم : صلف تحت راعدة (٦) ، يقولون ذلك لمن يقول ولا يحقّق (٧)

__________________

(١) هى الحسنة الغضة الطويلة.

(٢) هى الممتلئة الجسم

(٣) جاء من مادة الرعب فى الكتاب قوله تعالى : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) فى الآية ١٥١ سورة آل عمران

(٤) فى القاموس أنه اسم ملك يسوق السحاب كما يسوق الحادى الابل بحدائه. وكذا فى الراغب.

(٥) من بابى منع ونصر ، كما فى القاموس

(٦) فى القاموس : «الراعدة» وقد تبع الراغب.

(٧) جاء من مادة الرعد فى الكتاب قوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) فى الآية ١٩ سورة البقرة ، وقوله تعالى : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ، وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) فى الآية ١٣ سورة الرعد.

٨٧

٢٠ ـ بصيرة فى الرعن والرعى والرغبة

والرغد والرغم

الرّعونة : الحمق. والأرعن : الأهوج فى منطقه ، الأحمق المسترخى. وقد رعن ـ مثلثة العين ـ رعونة ورعانة ورعنا.

وقوله تعالى : (لا تَقُولُوا راعِنا)(١) كان ذلك قولا كانوا يقولونه للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تهكّما ، يقصدون به رميه بالرّعونة ، ويوهمون أنّهم يقولون : راعنا أى احفظنا ، من قولهم : رعن رعونة : حمق.

والرّعناء : المرأة المتغنّجة فى مشيها وكلامها ، واسم للبصرة لما فى هوائها من تكسّر وتغيّر. قال (٢) :

لو لا ابن عتبة عمرو والرّجاء له

ما كانت البصرة الرّعناء لى وطنا

والرّعى ـ بالكسر ـ : الكلأ ، والجمع أرعاء. والرّعى المصدر. وهو فى الأصل حفظ الحيوان إمّا بغذائه الحافظ لحياته ، أو بذبّ العدوّ عنه. رعيته أى حفظته. وأرعيته : جعلت له ما يرعى. والمرعى : الرّعى ، والمصدر ، والموضع كالمرعاة. والرّاعى : كلّ من ولى أمر قوم ، والجمع رعاة ورعيان ورعاء ورعاء ، قال تعالى : (فَما رَعَوْها / حَقَّ رِعايَتِها)(٣) أى ما حافظوا عليها حقّ المحافظة ، فيسمّى كلّ سائس لنفسه أو لغيره راعيا.

__________________

(١) الآية ١٠٤ سورة البقرة

(٢) أى الفرزدق. والبيت فى معجم البلدان :

لو لا أبو مالك المرجو نائله

ما كانت البصرة الرعناء لى وطنا

(٣) الآية ٢٧ سورة الحديد

٨٨

وفى الصّحيح : «كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته (١)».

ومراعاة الإنسان الأمر : مراقبته إلى ما ذا يصير وما ذا منه يكون. ومنه راعيت النّجوم. وقال : (لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا)(٢).

وأرعيته [سمعى (٣)] : استمعت لمقالته. وأرعنى سمعك ، وراعنى [سمعك (٤)] : استمع لمقالى. ويقال : أرع على كذا ـ معدّى بعلى ـ أى أبق عليه ، وحقيقته : أرعه متطلّعا عليه.

والرغبة والرّغب فى الشىء : إرادته ، يقال : رغب فيه رغبا ورغبة : أراده ، ورغب عنه : لم يرده ، ورغب إليه رغبا. وقيل : توسّع فى إرادته ، اعتبارا بأن أصل الرغبة السّعة فى الشىء ، ومنه حوض رغيب ، ورجل رغيب الجوف.

ورغب إليه رغبا ورغبى ورغبى ورغباء ورغبوتا ورغبوتى ورغبة بالضّم ـ ورغبة ـ بالتّحريك ـ ورغبانا : ابتهل ، وقيل : هو الضراعة والمسألة ، قال تعالى : (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ)(٥). وإذا قيل : رغب عنه اقتضى الزّهد فيه ، قال : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ)(٦).

__________________

(١) ورد فى الجامع الصغير عن الشيخين وغيرهما

(٢) الآية ١٠٤ سورة البقرة

(٣) زيادة من الراغب

(٤) زيادة من القاموس

(٥) الآية ٥٩ سورة التوبة

(٦) الآية ١٣٠ سورة البقرة

٨٩

وعيش رغد ورغيد : واسع. وأرغدوا : حصلوا فى رغيد من العيش (١)

والرّغم والرّغام : التّراب ، وقيل : الدّقيق منه. ورغم أنفى لله ـ بفتح الغين وضمّها وكسرها ـ : ذلّ عن كره. والرّغم ـ مثلثة ـ والمرغمة : الكره ، وأرغمه غيره. ويعبّر بذلك عن السّخط كقول الشاعر :

إذا رغمت تلك الأنوف لم ارضها

ولم أطلب العتبى ولكن أزيدها

فمقابلته بالإرضاء تدلّ على الإسخاط ، وعلى هذا قيل : أرغم الله أنفه وأدغمه ـ بالدال ـ أى سوّده. وأرغمه : أسخطه. وراغمه : ساخطه.

وقوله تعالى : (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً)(٢) أى مذهبا يذهب إليه إذا رأى منكرا يلزمه أن يغضب منه. والمراغم أيضا : المهرب ، والحصن ، والمضطرب.

__________________

(١) جاء من مادة الرغد فى الكتاب قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) فى الآية ٣٥ سورة البقرة

(٢) الآية ١٠٠ سورة النساء

٩٠

٢١ ـ بصيرة فى الرف والرفت والرفث

والرفد والرفع والرق

الرّفّ : الّذى يتّخذ فى البيوت يجعل عليه طرائف البيت ، عربىّ معروف. وفى حديث عائشة رضى الله عنها : «لقد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما فى رفّي إلّا شطر شعير (١)».

والرّفرف : الرفّ. والرفرف أيضا : ثياب خضر يتّخذ منها المحابس ، الواحدة رفرفة ، وبعضهم يجعله واحدا ، قال تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ)(٢) ، وقرئ (رفارف خضر). وقيل : الرّفرف : فضول المحابس (٣). وقال أبو عبيدة : الرّفرف : الفرش. وقيل : الرّفرف : ما فضل فثنى. وفى حديث ابن مسعود رضى الله عنه أنّه قال فى قوله تعالى : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى)(٤) : رأى رفرفا أخضر سدّ الأفق ، أى بساطا. ورفرف الدّرع : ما فضل من ذيلها. ورفرف الأيكة : ما تهدّل من أغصانها.

والرّفت : الكسر والدّق ، رفته يرفته ويرفته : كسره ودقّه ، وانكسر واندقّ لازم متعدّ ، وانقطع كارفتّ ارفتاتا. والرّفات : الحطام والفتات ، وما تكسّر وتفرّق من التّبن ونحوه (٥).

__________________

(١) ورد فى رياض الصالحين فى «فضل الزهد والفقر فى الدنيا» ببعض اختلاف.

(٢) الآية ٧٦ سورة الرحمن

(٣) جمع محبس ـ كمنبر ـ وهو ما يحبس به الفراش. وكأنه ما يغطى به الفراش ويوقى.

(٤) الآية ١٨ سورة النجم

(٥) جاء فى مادة الرفت فى الكتاب قوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) فى الآيتين ٤٩ ، ٩٨ سورة الاسراء

٩١

والرفث : كلام متضمّن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه. وقال ابن عبّاس : ما ووجه به النّساء من ذلك. وجعل كناية عن الجماع فى قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)(١) تنبيها على جواز دعائهن إلى ذلك ومكالمتهن. وعدّى بإلى لتضمّنه لمعنى الإفضاء.

وقوله : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ)(٢) يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطى الجماع ، وأن يكون / نهيا عن الحديث فى ذلك لأنّه من دواعيه ، والأوّل أصحّ (٣). يقال : رفث وأرفث ؛ فرفث فعل ، وأرفث صار ذا رفث ، وهما كالمتلازمين ، ولهذا يستعمل كلّ موضع الآخر.

والرفد : المعونة والعطيّة. والمرفد : ما يجعل فيه (٤) الرّفد من الطعام. رفدته رفدا : أنلته بالرّفد (٥). وأرفدته : جعلت له رفدا يتناوله شيئا فشيئا (٦).

والرّفع : ضدّ الوضع كالتّرفيع والارتفاع (٧). ورفع البعير رفعا ومرفوعا : بالغ فى سيره. ورفعته أنا ، لازم متعدّ. والرّفع يقال تارة فى

__________________

(١) الآية ١٨٧ سورة البقرة

(٢) الآية ١٩٧ سورة البقرة

(٣) فى الراغب بعده : «لما روى عن ابن عباس أنه أنشد فى الطواف :

فهن يمشين بنا هميسا

ان تصدق الطير ننك لميسا

(٤) فى الراغب بعده : «ولهذا فسر بالقدح» ، وكأن الراغب يريد تفسير المرفد بحسب الاشتقاق الأصلى ، وان كان اختص فى الاستعمال بقدح الشراب.

(٥) كذا فى الأصلين والراغب ، ولا داعى للباء فى (بالرفد) فلعل الأصل : «الرفد» وزيادة الباء من النساخ. الا أن يضمن (أنلته) معنى (أظفرته).

(٦) جاء من مادة الرفد فى الكتاب قوله تعالى : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) فى الآية ٩٩ سورة هود

(٧) يقال : ارتفعته. والارتفاع أيضا يكون لازما مطاوع رفعه.

٩٢

الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرّها ، وتارة فى البناء إذا طوّلته ، وتارة فى الذكر إذا نوّهته ، وتارة فى المنزلة إذا شرّفتها ؛ نحو : (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ)(١) ، (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ)(٢) ، (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(٣) ، (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ)(٤). وقوله : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ)(٥) ، [قيل] فيه : رفعه إلى السّماء ، و [قيل](٦) فيه : رفعه من حيث التّشريف. وقوله : (وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ)(٧) إشارة إلى المعنيين : إلى اعتلاء مكانها ، وإلى ما خصّ (٨) به من الفضيلة وشرف المنزلة. وقوله : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ)(٩) أى شريفة. وقوله : (أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ)(١٠) أى تشرّف.

والرّقّة كالدّقة ، لكن الدقة يقال اعتبارا بمراعاة جوانبه ، والرّقة اعتبارا بعمقه. فمتى كانت الرّقة فى جسم يضادّها الصفاقة ، نحو : ثوب رقيق وصفيق ، ومتى كانت فى النفس يضادّها الجفوة والقسوة ، نحو : رقيق القلب وقاسى القلب.

والرّقّ : ما يكتب فيه ، شبه كاغد وجلد مدبوغ.

والرّقّ : ملك العبيد. والرّقيق : المملوك منهم ، والجمع أرقّاء. واسترقّه : جعله رقيقا (١١).

__________________

(١) الآيتان ٦٣ ، ٩٣ سورة البقرة

(٢) الآية ١٢٧ سورة البقرة

(٣) الآية ٤ سورة الشرح

(٤) الآية ٣٢ سورة الزخرف

(٥) الآية ١٥٨ سورة النساء

(٦) زيادة يقتضيها السياق. وفى الراغب : «يحتمل رفعه الى السماء ، ورفعه من حيث التشريف»

(٧) الآية ١٨ سورة الغاشية

(٨) كذا فى الأصلين. والمناسب : «خصت» أى السماء

(٩) الآية ٣٤ سورة الواقعة

(١٠) الآية ٣٦ سورة النور

(١١) جاء من مادة الرق فى الكتاب قوله تعالى : (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) فى الآية ٣ سورة الطور.

٩٣

٢٢ ـ بصيرة فى الرقبة والرفد

والرقم والرقى والركب

الرّقيب : من أسماء الله عزوجل ، والحافظ ، والمنتظر ، والحارس ، وأمين أصحاب الميسر ، وابن العمّ ، ونوع من الحيّات.

والرّقبة : العنق ، وقيل : أصل مؤخّره ، والجمع ، رقاب ، ورقب ، وأرقب ورقبات. ثمّ جعل فى التعارف اسما للمماليك ، كما عبّر بالرّأس وبالظّهر عن المركوب ، يقال : فلان يربط كذا رأسا وكذا ظهرا. وقوله تعالى : (وَفِي الرِّقابِ)(١) أى المكاتبين منهم ، وهم الّذين يصرف إليهم الزّكاة. والمرقب : المكان العالى. وترقّب : انتظر واحترز راقبا ، قال تعالى : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ)(٢).

ورقبه رقبة ورقبانا ـ بكسرهما ـ ورقابة ورقوبة ورقبة ـ بفتح الكلّ ـ : انتظره ، كارتقبه ، والشىء : حرسه ، كراقبه مراقبة ورقابا. والرّقوب : المرأة ترقب موت بعلها ، والّتى لا يبقى لها ولد ، أو الّتى مات ولدها.

والرّقاد : المستطاب من النوم القليل (٣). رقد فهو راقد ، والجمع رقود ، قال تعالى : (وَهُمْ رُقُودٌ)(٤) ، وصفهم بالرّقود مع طول منامهم اعتبارا بحال الموت ، فإنه اعتقد فيهم أنّهم أموات ، وكان ذلك النوم قليلا فى جنب الموت.

__________________

(١) الآية ١٧٧ سورة البقرة ، والآية ٦٠ سورة التوبة

(٢) الآية ٢١ سورة القصص

(٣) تبع فى هذا التقييد الراغب ، ولم أجده لغيره

(٤) الآية ١٨ سورة الكهف

٩٤

والرّقم : الكتابة ، وقيل : الخطّ الغليظ. والرّقم أيضا : تعجيم (١) الكتاب وتبيينه. وقوله تعالى : (كِتابٌ مَرْقُومٌ)(٢) حمل على الوجهين. والمرقم : القلم. وهو يرقم فى الماء ، أى حاذق فى الأمور.

والرّقيم : قرية أصحاب الكهف ، وقيل : جبلهم ، وقيل : كلبهم ، وقيل : الوادى ، وقيل : لوح رصاص نقش فيه نسبهم وأسماؤهم ودينهم وممّ هربوا. والرّقيم أيضا : الدّواة واللّوح.

/ ورقى إليه كرضى رقيّا : صعد ، [كا] رتقى وترقّى. والمرقاة ـ وبكسر الميم ـ : الدّرجة. وارق على ظلعك : أى اصعد (٣) وإن كنت ظالعا.

والرّقية : العوذة ، والجمع رقى. ورقاه يرقيه رقيا ورقيا ورقية ، فهو رقّاء : نفث فى عوذته.

وقوله تعالى : (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ)(٤) أى لرقيتك (٥). وقوله : (وَقِيلَ

__________________

(١) تعجيم الكلام : نقطه

(٢) الآيتان ٩ ، ٢٠ سورة المطففين

(٣) فى التاج عن الصحاح : «أى اصعد وامش بقدر ما تطيق ، ولا تحمل على نفسك ما لا تطيق

(٤) الآية ٩٣ سورة الاسراء

(٥) تبع فى هذا الراغب ، ولم أر من المفسرين من ذهب هذا المذهب : وأنما الرقى فى الآية الصعود ، وهو متعلق بقوله قبله : «أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ». وكأن الذى حمل الراغب على هذا أنهم جعلوا من قبل رقيه فى السماء كافيا فى استجابتهم له ، فكيف ينقضون هذا بعد بقولهم : «وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ» ، فصرف الرقى الى الرقية ، ولا يلزم هذا ، فآخر الكلام يتمم ما قبله ويقيده ، فكأنهم قالوا. أو ترقى فى السماء ، مع انزال كتاب علينا نقرؤه.

٩٥

مَنْ راقٍ)(١) أى من يرقيه تنبيها أنّه لا راقى يرقيه ، وذلك إشارة إلى نحو ما قال (٢) :

وإذا المنيّة أنشبت أظفارها

ألفيت كلّ تميمة لا تنفع

وقال ابن عبّاس : معناه : من يرقى بروحه؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟

والترقوة : مقدّم الحلق فى أعلى الصّدر حيثما يترقّى فيه النفس (٣).

الرّكوب فى الأصل : كون الإنسان على ظهر حيوان ، وقد يستعمل فى السّفينة وفى مباشرة بعض الأمور. ركب الذّنب : اقترفه ، وركب أمرا عظيما : باشره. والرّاكب اختصّ فى التعارف بممتطى البعير. جمعه : ركب ، وركبان ، وركوب ، وركّاب ، وركبة كفيلة. واختصّ الرّكاب بالمركوب. وقيل : الرّكب : ركبان الإبل ، اسم جمع ، وقيل : جمع وهم العشرة فصاعدا ، وقد يكون للخيل ، والجمع أركب وركوب

والرّكبة معروفة. وركبته : أصبت ركبته ، وركبته أيضا أصبته بركبتى ، [نحو](٤) عنته ويديته : أصبته بعينى وبيدى (٥)

__________________

(١) الآية ٢٧ سورة القيامة

(٢) أى أبو ذؤيب الهذلى. وانظر ديوان الهذليين ١ / ٨.

(٣) وقد ورد جمع الترقوة (التراقى) فى قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) فى الآية ٢٦ سورة القيامة.

(٤) زيادة من الراغب.

(٥) (جاء من مادة الركوب فى الكتاب قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها) فى الآية ٧١ سورة الكهف ، وقوله تعالى : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) فى الآية ٤٢ سورة الأنفال ، وقوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) فى الآية ٢٣٩ سورة البقرة وقوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) فى الآية ٦ سورة الحشر ، وقوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً) فى الآية ٩٩ سورة الأنعام.

٩٦

٢٣ ـ بصيرة فى الركد والركز والركس والركض

والركع والركم والركن والرم

الرّكود : السّكون ، يستعمل فى الماء والرّيح والسفينة (١).

والرّكز : الصّوت الخفىّ ، وسمّى المال المدفون ركازا لأنّه دفن فى خفاء ، وذلك قد يكون بفعل إنسان كالكنز ، أو بخلق إلهىّ كالمعدن ، والرّكاز يتناول الأمرين جميعا (٢).

والرّكس : قلب الشّىء على رأسه وردّ أوّله على آخره. أركسته فركس (٣) وارتكس. وقوله تعالى : (وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا)(٤) أى ردّهم إلى كفرهم.

والرّكض : تحريك الرّجل ، والدفع ، وتحرك (٥) الجناح ، واستحثاث الفرس للعدو. وقيل : إذا نسب إلى الراكب فهو إعداء (٦) مركوب ، وإذا نسب إلى ماش فهو وطء الأرض ، نحو قوله تعالى : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)(٧). وقوله : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا)(٨) نهى عن الانهزام.

__________________

(١) جاء من مادة الركود فى الكتاب قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) فى الآية ٣٣ سورة الشورى

(٢) جاء من مادة الركز فى الكتاب قوله تعالى : (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) فى الآية ٩٨ سورة مريم

(٣) تبع فى هذا الراغب ، ولم يأت فى القاموس ولا فى التاج (ركس) لازما

(٤) الآية ٨٨ سورة النساء

(٥) كذا فى ب ، وفى ا : «تحريك»

(٦) فى الراغب : «اغراء»

(٧) الآية ٤٢ سورة ص

(٨) الآية ١٣ سورة الأنبياء

٩٧

والركوع : الانحناء عبادة وتواضعا ونحوه. قال (١) :

أخبّر أخبار القرون الّتى مضت

أدبّ كأنى كلّما قمت راكع

والرّكم : جمع شىء فوق شىء آخر حتى يصير ركاما مركوما ، كركام الرّمل (٢) والسّحاب. والركم ـ بفتحتين ـ ، والركام : السّحاب المتراكم (٣).

والرّكن : الجانب الأقوى الّذى يسكن إليه. ويستعار للقوّة ، قال تعالى : (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)(٤). والركين : الرّجل الرّزين ، ومن الجبال : العالى الأركان. وركن إليه يركن كنصر ينصر وركن يركن ، كعلم يعلم ؛ وركن يركن ، كمنع يمنع ، ركونا : مال وسكن (٥).

والرّمّ ـ بالكسر ـ : ما يحمله الماء (٦) ، أو [ما] على وجه الأرض ، أو الشىء البالى. والرّمّة يختص بالعظم البالى ، والرّمّة ـ بالضمّ ـ يختصّ بالحبل البالى. وجاء بالطّمّ والرّمّ : بالبحر والثرى ، أو الرّطب واليابس ، أو التراب والماء ، أو بالمال الكثير (٧).

__________________

(١) أى لبيد ، وقد تكرر فى الكتاب ما اشتق من الركوع ، كقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) فى الآية ٤٨ سورة المرسلات ، وقوله تعالى : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) فى الآية ٢٩ سورة الفتح

(٢) فى ب «الابل»

(٣) جاء من مادة الركم فى الكتاب قوله تعالى (فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) فى الآية ٣٧ سورة الأنفال ، وقوله تعالى : (يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) فى الآية ٤٤ من سورة الطور ، وقوله تعالى : (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) فى الآية ٤٣ سورة النور

(٤) الآية ٨٠ سورة هود

(٥) مما جاء من مادة الركن فى الكتاب قوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) فى الآية ٧٤ سورة الاسراء.

(٦) فى التاج أن الصواب : «الريح» فأما ما يحمله الماء فهو الطم فى قولهم : جاء بالطم والرم.

(٧) جاء من مادة الرم فى الكتاب قوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فى الآية ٧٨ سورة يس ، وقوله تعالى : (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) فى الآية ٤٢ سورة الذاريات

٩٨

٢٤ بصيرة فى الرمح والرمد والرمز والرمض

والرمى والرهب والرهط

رمحه : أصابه بالرّمح. ورمحته الدّابة : رفسته تشبيها بذلك (١)

رماد رمدد (٢) وأرمد وأرمداء (٣). ويعبّر عن الهلاك بالرّمد كما يعبّر عنه بالهمود (٤).

والرّمز : الصّوت الخفى (٥) ، والغمز بالحاجب ، والإشارة بالشفة. ويعبّر عن كلّ كلام كإشارة بالرّمز ، كما عبّر عن السّعاية بالغمز.

والرّمض ـ بالتحريك ـ شدّة حرّ الشّمس على الرّمل وغيره. وقد رمض يومنا ـ كعلم ـ رمضا ـ بالتحريك ـ : اشتدّ حرّه. وقدمه : احترقت من الرّمضاء للأرض الشديدة الحرّ.

وشهر رمضان معروف. والجمع : رمضانات ، ورمضانون ، وأرمضة ، وأرمض شاذّ (٦).

__________________

(١) جاء من مادة الرمح فى الكتاب قوله تعالى : (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) فى الآية ٩٤ سورة المائدة.

(٢) اى كثير دقيق جدا

(٣) (ظاهر هذا انه يقال : رماد أرمداء فى المبالغة ، وفى شرح القاموس أنه اسم جمع للرماد ، وفى اللسان أنه الرماد.

(٤) جاء الرماد فى قوله تعالى : (أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) فى الآية ١٨ سورة ابراهيم

(٥) جاء الرمز فى قوله تعالى : (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) فى الآية ٤١ سورة آل عمران

(٦) جاء رمضان فى قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فى الآية ١٨٥ سورة البقرة

٩٩

والرّمى : الإلقاء. رمى الشىء ورمى [به] وأرمى : ألقاه ، فارتمى.

والرّمى فى المقال كناية عن الشتم والقذف ، (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ)(١) : يقذفونهن.

رهب ـ كعلم ـ رهبة ورهبا ورهبا ورهبانا ـ بالضم ـ ورهبانا ـ بالتّحريك ـ : خاف مع تحرّز واضطراب ، قال تعالى : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ)(٢) أى من الفزع. والاسم الرّهبى والرهبى ـ ويمدّان ـ والرّهبوتى. ورهبوت خير من رحموت : أى لأن ترهب خير من أن ترحم. وأرهبه واسترهبه : أخافه. وترهّبه : توعّده قال تعالى : (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)(٣) أى حملوهم على أى أن يرهبوا.

والرّهبانيّة : غلوّ فى تحمّل التعبّد من فرط الرهبة. والرّاهب : واحد رهبان النّصارى ، ومصدره الرّهبة والرّهبانيّة. وقيل : الرّهبان قد يكون واحدا ، والجمع : رهابين ، ورهابنة ، ورهبانون (٤).

والرّهط : العصابة ، وقوم الرّجل ، وقبيلته ، أو من ثلاثة أو من سبعة إلى عشرة. وقيل : ما دون العشرة وما فيهم امرأة. ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على أرهط ، وأراهط ، وأرهاط ، وأراهيط (٥).

__________________

(١) الآية ٤ سورة النور

(٢) الآية ٣٢ سورة القصص

(٣) الآية ١١٦ سورة الأعراف

(٤) جاء الرهبان فى قوله تعالى : (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) فى الآية ٣٤ سورة التوبة ، والرهبانية فى قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) فى الآية ٢٧ سورة الحديد

(٥) جاء الرهط فى قوله تعالى : (وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) فى الآية ٩١ سورة هود.

١٠٠