بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٥٦

السّارية ، الجبل المرتفع جدّا كأنّه علم. والأسود : العلم.

والصّمد أيضا : الرّفيع من كلّ شىء. وقال الحسن : الصّمد : الدّائم الباقى. وقال ميسرة : الصّمد : المصمت الذى لا جوف له. وقيل الصّمد : الذى ينتهى إليه السؤدد. والصّمد : القوم الّذين ليس لهم حرفة ولا شىء يعيشون به.

وبيت مصمّد كمحمّد ، أى مقصود. قال طرفة بن العبد :

وإن يلتق الحىّ الجميع تلاقنى

إلى ذروة القرم الكريم المصمّد (١)

واعلم أن الذى لا جوف له شيئان : أحدهما لكونه أدون من الإنسان ؛ مثل الجمادات ، والثّانى أعلى منه ، وهو البارئ تعالى والملائكة. والقصد بقوله : (اللهُ الصَّمَدُ)(٢) تنبيه أنّه بخلاف من أثبتوا له الألوهيّة ، وإلى نحو هذا أشار بقوله : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)(٣). والصّمد (٤) أيضا : المشدّد. قال طرفة بن العبد يصف قلب ناقته :

وأروع نبّاض أحذّ ململم

كمرداة صخر من صفيح مصمّد (٥)

__________________

(١) هذا البيت هو السابع والأربعون من معلقته. وفى المعلقة : «البيت» فى مكان «القرم»

(٢) الآية ٢ سورة الاخلاص

(٣) الآية ٧٥ سورة المائدة

(٤) كذا فى الأصلين. والمناسب : «الصمد» كما فى بيت طرفة

(٥) نباض : يضرب من الفزع ، والأحذ : الذكى الخفيف. والململم. المجتمع. والمرداة : صخرة تدق بها الصخور. والصفيح من الحجارة : العريض. والبيت من المعلقة

٤٤١

٢٥ ـ بصيرة فى صمع وصنع

يقال : هو أصمع القلب : إذا كان متيقّظا ذكيّا. والأصمعان : القلب الذكىّ والرّأى الحازم. والأصمع : الصّغير الأذن. والصّمعاء من النبت : ما كان مدقّقا مدملكا. وقيل : كلّ برعومة ما دامت مجتمعة منضمّة لم تتفتّح فهى صمعاء.

وصومعة النّصارى سمّيت صومعة لأنّها دقيقة الرّأس. وقال ابن عبّاد : يقال : صومع أيضا ويقال للعقاب : صومعة لأنّها أبدا مرتفعة منتصبة على شرف. والصّوامع : البرانس وصومعة الثريد : ذروتها.

وظبى مصمّع ، أى مؤلّل (١). وثريدة مصمّعة ، أى مدقّقة الرأس محدّدته. وصومع الثريدة : دقّقها وحدّد رأسها.

والصّنع ـ بالضمّ ـ : مصدر قولك : صنع إليه معروفا. وصنع به صنيعا قبيحا ، أى فعل. وقول النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن من كلام النبوّة الأولى إذا لم تستحى فاصنع ما شئت (٢)» ، أى اصنع ما شئت فإنّ الله مجازيك. قال ثعلب : وهذا على الوعيد ، كقوله تعالى : (فَمَنْ شاءَ

__________________

(١) أى محدد القرنين

(٢) ورد فى الجامع الصغير عن مسند ابن حنبل وغيره. واللفظ فيه. «ان مما أدرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستح فاصنع ما شئت» وفسر فى الشرح الناس بأهل الجاهلية ، والنبوة الأولى بنبوة آدم عليه‌السلام.

٤٤٢

فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)(١) قيل : هذا أمر معناه الخبر ، كأنّه قال : من لم يستحى صنع ما شاء. وقيل : معناه أن يريد الرّجل أن يعمل الخير فيدعه حياء من النّاس ، كأنّه يخاف مذهب الرّياء ، أى لا يمنعك الحياء من المضىّ لما أردت. وهذا معنى صحيح يشبهه حديثه الآخر : «إذا جاءك الشيطان وأنت تصلّى فقال : إنّك ترائى فزدها طولا». قال :

إذا لم تخش عاقبة اللّيالى

ولم تستحى فاصنع ما تشاء

وقوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)(٢) ، قال الزّجّاج : القراءة بالنصب ، ويجوز الرّفع ، فمن نصب فعلى المصدر. وقوله تعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) دليل على الصّنعة ، كأنّه قال : صنع الله ذلك صنعا. ومن قرأ بالضمّ فعلى معنى : ذلك صنع الله.

والمصنعة كالحوض يجمع فيها ماء المطر ، وكذلك الصّنع ، قال الله تعالى : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ)(٣). والمصانع : المبانى من القصور والحصون. قال لبيد رضى الله عنه :

بلينا وما تبلى النّجوم الطوالع

وتبقى الجبال بعدنا والمصانع

وقال الأصمعى : العرب تسمّى القرى مصانع ، وأنشد لتميم بن أبىّ ابن مقبل :

__________________

(١) الآية ٢٩ سورة الكهف.

(٢) الآية ٨٨ سورة النمل

(٣) الآية ١٢٩ سورة الشعراء

٤٤٣

كأنّ أصوات أبكار الحمام به

فى كلّ محنية منه يغنّينا

أصوات نسوان أنباط بمصنعة

بجّدن للنّوح واجتبن التبابينا (١)

بجّدن : لبسن البجد (٢). ويروى الأتابينا : جمع (إتاب ، جمع إتب (٣)). واصطنعت عند فلان صنيعة واصطنعت فلانا لنفسى ، قال الله تعالى : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)(٤) ، أى اخترتك لخاصّة أمر أستكفيكه (٥). وقيل الاصطناع : المبالغة فى إصلاح الشىء.

وقوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي)(٦) إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء : إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبدا تفقّده كما يتفقّد الصديق صديقه. والتصنّع : تكلّف حسن السّمت. والمصانعة : الرّشوة ، والمداراة أيضا. قال زهير بن أبى سلمى :

ومن لم يصانع فى أمور كثيرة

يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم (٧)

أى من لم يدار النّاس غلبوه وقهروه وأذلّوه.

__________________

(١) التبابين : جمع التبان ، وهو السراويل الصغيرة. واجتبن. شققن

(٢) البجد. جمع البجاد. وهو كساء مخطط

(٣) من معانى الاتب القميص بلا كمين. ومن جموعه اتاب ككتاب. وجمع اتاب على اتابين لا يظهر إلّا بتقدير جمع اتاب على اتبان ، ثم يجمع اتبان على أتابين. وجمع أتاب على اتبان كجمع صوار للقطيع من بقر الوحش على صيران.

(٤) الآية ٤١ سورة طه

(٥) وهو اخراج بنى اسرائيل من مصر وانجاؤهم من ظلم فرعون وملئه

(٦) الآية ٣٩ سورة طه

(٧) هذا فى معلقته

٤٤٤

٢٦ ـ بصيرة فى صنم وصنو

الصّنم : كلّ جثّة متخذة من فضّة أو نحاس ، كانوا يعبدونها متقرّبين بها إلى الله تعالى. وجمعه : أصنام. وقيل : كلّ ما عبد من دون الله تعالى. بل كلّ ما شغل عن الله تعالى يقال له : صنم. وعلى هذا الوجه قال إبراهيم الخليل عليه‌السلام : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)(١) ، ومعلوم أنّ إبراهيم عليه‌السلام مع تحقّقه بمعرفة الله تعالى واطّلاعه على حكمته لم يكن ممّن يخاف أن يعود إلى عبادة تلك الجثث التى كانوا يعبدونها ، وكأنّه قال : اجنبنى عن الاشتغال بغيرك.

والصّنم أيضا : خبث الرائحة. والصّنم أيضا : قوّة العبد. والصّنم (٢) أيضا : العبد القوىّ. وصنّم : صوّر (٣).

والصّنو ـ بالفتح ـ : العود الخسيس بين جبلين ، أو الماء القليل بينهما ، أو الحجر يكون بينهما. والجمع : صنوّ كنحو ونحوّ.

__________________

(١) الآية ٣٥ سورة ابراهيم

(٢) الذى فى القاموس أن العبد صنم ككتف بكسر النون.

(٣) فى بعض نسخ القاموس : «صوّت»

٤٤٥

والصنو ـ بالكسر ـ الحفر (١) المعطّل ، والأخ الشّقيق ، والابن ، والعمّ. والجمع : أصناء وصنوان. وهى صنوة.

والنّخلتان فما زاد فى الأصل الواحد ، كلّ واحد (٢) منها صنو وصنو. وقيل عامّ فى جميع الشجر ، وهما صنوان وصنوان وصنوان وصنيان وصنيان وصنيان ، قال تعالى : (صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ)(٣).

__________________

(١) الحفر : البئر الواسعة. والمعطل : غائر الماء ، أو ليس له من يستقى منه

(٢) فى شرح القاموس أن الأولى : «واحدة» أى من النخلتين فما زاد.

(٣) الآية ٤ سورة الرعد

٤٤٦

٢٧ ـ بصيرة فى صوب

صاب المطر بمكان كذا ، وصاب أرضهم يصوبها ، كقولك : مطرها وجادها. وسقاهم صوب السّماء وصيّبها ، قال تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ)(١). وسحاب صيّب ، وغيث صيّب.

وأصابته مصيبة ، ومصاب ، ومصيبات ومصائب ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ)(٢). وسهم صائب ومصيب. وصاب السّهم نحو الرّميّة وهو يصوب نحوه. ورمى فأصاب. وأصاب فى رأيه. ورأى مصيب وصائب. وأصاب الصّواب ، وصوّبت رأيه. وقال تعالى : (رُخاءً حَيْثُ أَصابَ)(٣).

والصّواب يقال على وجهين : أحدهما باعتبار الشىء فى نفسه ، يقال : هذا صواب : إذا كان محمودا أو مرضيّا فى العقل والشرع ؛ نحو قوله : تحرّى العدل صواب ، (والكرم صواب (٤)). والثانى باعتبار الفاعل إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده ، فيقال : أصاب كذا ، أى وجد ما طلب ، (كقولك : أصابه بالسهم (٥)) وذلك على أضرب :

__________________

(١) الآية ١٩ سورة البقرة

(٢) الآية ١٥٦ سورة البقرة

(٣) الآية ٣٦ سورة ص

(٤) سقط فى ب

(٥) فى ا : «السهم» وما أثبت من الراغب

٤٤٧

الأوّل : أن يقصد ما يحسن قصده وفعله فيفعله ، وذلك هو الصّواب التّامّ المحمود عليه.

والثانى : أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتّى منه غيره ؛ لتقديره بعد بذل جهده أنه صواب. وذلك هو المراد بما يروى : كلّ مجتهد مصيب. ومنه : من اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر.

والثالث : أن يقصد صوابا فيتأتّى منه خطأ لعارض (من خارج (١)) ؛ نحو من يقصد رمى صيد فأصاب إنسانا ، فهذا معذور.

والرّابع : أن يقصد ما يقبح فعله ، ولكن يقع منه خلاف ما يقصده ، فيقال : أخطأ فى قصده فأصاب الذى قصده ، (أى وجده (٢)).

والصوب : الإصابة ، يقال : صابه وأصابه. وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينفع ، وإلى هذا القدر من المطر أشار تعالى بقوله : (أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ)(٣). قال الشاعر (٤).

فسقى ديارك غير مفسدها

صوب الرّبيع وديمة تهمى

__________________

(١) ب : «خارجى».

(٢) سقط ما بين القوسين فى ب ، وهو فى أ : «الى وجه» والتصويب من الراغب.

(٣) الآية ١٨ سورة المؤمنين.

(٤) هو طرفة بن العبد. والبيت من قصيدة يمدح فيها قتادة بن سلمة الحنفى. وانظر معاهد التنصيص فى أواخر شواهد المعانى.

٤٤٨

وقيل : الصّيّب : السّحاب المختصّ بالصّوب ، وهو فيعل من صاب يصوب ، وقيل : هو السّحاب. وقيل : هو المطر (١) ، وقيل : هو الغيم ذو المطر. وأصله صيوب فأبدل وأدغم. وقال ابن دريد : أصله صويب (٢) ، على فعيل.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يرد الله به خيرا يصب منه» ، أى من أراد به خيرا ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها. يقال : مصيبة ومصابة.

وقد أجمعت العرب على همز المصائب وأصلها الواو ، كأنّهم شبّهوا الأصل بالزائد. ويجمع أيضا على مصاوب على الأصل. وقال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(٣).

وأصاب جاء فى الخير والشرّ ، قال تعالى : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ)(٤). وقال بعضهم : الإصابة فى الخير اعتبارا بالصوب ، أى المطر ، وفى الشرّ اعتبارا بإصابة السّهم.

__________________

(١) فى هامش أبعد هذا : «وتسميته به كتسميته السحاب .. وأصاب السهم اذا وصل الى المرمى بالصواب. والمصيبة أصلها فى الرمية».

(٢) المعروف أن هذا مذهب كوفى. وانظر المسألة ١١٥ من الانصاف.

(٣) الآية ٣٠ سورة الشورى.

(٤) الآية ٥٠ سورة التوبة.

٤٤٩

٢٨ ـ بصيرة فى صوت

الصّوت : هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين. وأمّا قول رويشد (١) ابن كثير الطّائىّ :

يا أيّها الرّاكب المزجى مطيّته

سائل بنى أسد ما هذه الصّوت

فإنّما أنّثه [لأنه](٢) أراد به الضوضاء به (٣) والجلبة والاستغاثة.

والصوت ضربان : ضرب مجرّد عن تنفس بشيء كالصوت الممتدّ ، ومتنفس (٤) بصورة ما (٥). وهو ضربان : ضرورىّ كما يكون من الجمادات ومن الحيوانات ، واختيارىّ كما يكون من الإنسان. وذلك ضربان : ضرب باليد كصوت العود ونحوه ، وضرب بالفم. وهو أيضا ضربان : نطق وغير نطق ، كصوت الناى. والنطق إمّا مفرد من الكلام ، وإمّا مركّب كأحد الأنواع من الكلام ، قال تعالى : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ)(٦) ، وتخصيص الصّوت بالنّهى لكونه أعمّ من النطق والكلام ، ويجوز أنّه خصّه لأنّ المكروه رفع الصّوت فوق صوته لا رفع الكلام.

__________________

(١) أ : «رشيد».

(٢) زيادة من اللسان.

(٣) كذا فى الأصلين. والأولى حذفها.

(٤) كذا فى الأصلين. وفى نسخة الراغب : «تنفس» ويريد بالمتنفس الصوت المرافق للنفس.

(٥) فى الأصلين : «بصورة» وما أثبت من الراغب.

(٦) الآية ٢ سورة الحجرات.

٤٥٠

٢٩ ـ بصيرة فى صور

الصّورة : ما ينتقش به الأعيان وتتميّز بها عن / غيرها. وذلك ضربان : ضرب محسوس يدركه الخاصّة والعامّة ، بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوانات ؛ كصورة الإنسان ، والفرس والحمار. والثّانى ، معقول يدركه الخاصّة دون العامّة ؛ كالصّورة التى اختصّ الإنسان بها : من العقل والرويّة (١) والمعانى التى ميّز بها. وإلى الصّورتين أشار تعالى بقوله : (خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ)(٢) ، (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)(٣) ، (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)(٤) ، (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ)(٥).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله خلق آدم على صورته (٦)». أراد بها ما خصّ الإنسان به من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة ، وبها فضّله على كثير من خلقه. وإضافته إلى الله تعالى على سبيل الملك لا على سبيل البعضيّة والتشبيه ، تعالى الله عن ذلك. وذلك على سبيل التشريف كما قيل : حرم الله ، وناقة الله ، ونحو ذلك قوله : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)(٧).

__________________

(١) فى الأصلين : «الرؤية» وما أثبت عن الراغب

(٢) الآية ١١ سورة الأعراف

(٣) الآية ٦٤ سورة غافر ، والآية ٣ سورة التغابن

(٤) الآية ٨ سورة الانفطار

(٥) الآية ٦ سورة آل عمران

(٦) ورد الحديث فى الجامع الصغير فى حرف الخاء ، أى بلفظ «خلق الله ..» وهو فى مسند أحمد وغيره

(٧) الآية ٢٩ سورة الحجر ، والآية ٧٢ سورة ص.

٤٥١

وقوله : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ)(١) ، هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله تعالى ذلك سببا لعود الأرواح إلى أجسامها. ويروى أنّ الصّور فيه صور النّاس كلهم.

وقوله : (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ)(٢) بضمّ (٣) الصّاد وكسرها (٤) أى اعطفهنّ وأملهنّ. وقيل : معناه قطّعهنّ صورة صورة. وقال بعضهم : (صرّهنّ (٥)) بضمّ الصّاد وتشديد الرّاء وفتحها من الصّرّ ، أى الشدّ. قال : وقرئ (فصِرّهنّ) بكسر الصّاد وبفتح الرّاء المشدّدة من الصّرير ، أى الصّوت ، أى صح بهنّ.

__________________

(١) الآية ٧٣ سورة الأنعام.

(٢) الآية ٢٦٠ سورة البقرة.

(٣) الضم لغير حمزة وأبى جعفر ورويس ـ راوى يعقوب ـ والكسر لهؤلاء كما فى الاتحاف

(٤) هذه القراءة وما بعدها من القراءات الشاذة.

٤٥٢

٣٠ ـ بصيرة فى صهر وصوع

الصّهر : الختن (١) ، وأهل بيت المرأة يقال لهم الأصهار. كذا قال الخليل. وقد يقال لأهل الزّوجين جميعا : هم أصهار. وبينهم صهر وصهورة. وأصهرت [إلى] آل بنى فلان ، وصاهرت إليهم : إذا تزوّجت إليهم. وقال ابن الأعرابىّ : الإصهار : التحرّم بجوار أو نسب أو تزوّج ، يقال : رجل مصهر : إذا كان له تحرّم من ذلك. قال تعالى : (نَسَباً وَصِهْراً)(٢).

والصّهر : إذابة الشيء قال تعالى : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ)(٣). وصهر الشحم. وأكل صهارته ، وهى ذوبه. وصهر رأسه : دهنه بالصهارة. وصهره باليمين (٤) صهرا : استحلفه على يمين شديدة.

الصّاع : الذى يكال به ، وهو أربعة أمداد .. والجمع : أصوع. وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة. وقد جمع [فى] القلة. وهو يذكّر ويؤنّث ، فمن أنّثه قال : ثلاث أصوع. وقرأ ابن مسعود : ولمن جاء بها (٥) على التأنيث. ومن ذكّره قال : أصواع ، مثل باب وأبواب. ويجمع أيضا

__________________

(١) الختن : من كان من قبل المرأة كأبيها وأخيها

(٢) الآية ٥٤ سورة الفرقان

(٣) الآية ٢٠ سورة الحج

(٤) فى الأصلين : «باليمنى» وما أثبت عن الأساس وغيره

(٥) فى الآية ٧٢ سورة يوسف. وقراءة الناس : «وَلِمَنْ جاءَ بِهِ».

٤٥٣

على صيعان ، كقاع وقيعان. وقرأ أبو هريرة رضى الله عنه ، ومجاهد ، وأبو البرهسم (١) : قالوا نفقد صاع الملك (٢).

والصّواع ، والصّواع ، والصّوع بالضمّ ، والصّوع بالفتح ؛ لغات فى الصّاع. وقرأ أبو حيوة وابن قطيب : (صِواع الملك) بالكسر. وقرأ حسن البصرىّ ، وأبو رجاء ، وعون بن عبد الله ، وعبد الله بن ذكوان : (صُواعَ الْمَلِكِ) بالضمّ. وقرأ أبو رجاء أيضا : (صوع الملك) بالفتح. وقرأ بعضهم : (صوغ الملك) بالغين المعجمة ، يذهب به إلى أنه [كان] مصوغا من الذهب.

ويعبّر عن المكيل باسم ما يكال به فى قوله : صاع من برّ ، أو صاع من تمر.

__________________

(١) هو عمران بن عثمان الزبيدى الشامى ، ذو القراءات الشاذة. كما فى القاموس

(٢) فى الآية ٧٢ سورة يوسف

٤٥٤

٣١ ـ بصيرة فى صوف وصيف

الصوف للضّأن. والصّوفة أخصّ منه. وفى المثل : خرقاء (١) وجدت صوفا /. وأصله المرأة غير الصناع (٢) تصيب صوفا فلا تحذق غزله ، فتفسده. يضرب للأحمق يجد مالا فيضيّعه.

وأخذ بصوف رقبته وبظوفها وبظافها وبقوفها ، أى بجلد رقبته أو بقفاه أجمع : إذا أخذه قهرا.

والصّوفة : قوم كانوا يخدمون الكعبة ويجيزون الحجّ فى الجاهليّة. وهم بنو صوفة. وصوفة : أبو حىّ من مضر ، وهو الغوث بن مرّ بن أدّ ابن طابخة.

والصّيف : واحد فصول السنة ، والجمع : أصياف. والصّيفة أخصّ منه كالشتوة. قال الفرّاء : جمعها صيف كبدرة (٣) وبدر. وصيف صائف ، تأكيد كليل لائل.

والصيف : المطر الذى يجىء فى الصّيف. والصّيّف كسيّد : المطر يأتى بعد فصل الرّبيع. وصائفة القوم : ميرتهم.

__________________

(١) هى التى لا تحسن التصرف فى الأمور والحمقاء.

(٢) هى التى تحذق العمل باليدين.

(٣) البدرة : جلد السخلة ، وكيس فيه نقد دراهم أو دنانير اختلف فى قدرها.

٤٥٥

٣٢ ـ بصيرة فى صوم والصيصية

صام : سكت : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً)(١) ، أى سكوتا ، بدليل قوله : (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).

وصام الماء ، وقام ، ودام (٢) بمعنى. وصامت الرّيح : ركدت.

وقوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(٣) أى فليصم فيه. ورجل صوّام قوّام. وقوم صيام ، وصوم ، وصوّام ، وصيّم.

ويقال للفرس الممسك عن المسير والعلف : صائم. قال (٤).

* خيل صيام وخيل غير صائمة*

والصّيصية : شوكة الحائك يسوّى بها السدى واللّحمة ، وشوكة الدّيك ، وقرن البقر والظّباء ، والحصن المنيع ، وكلّ ما امتنع به. والجمع : صياص قال تعالى : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ)(٥).

__________________

(١) الآية ٢٦ سورة مريم

(٢) أى سكن ولم يجر

(٣) الآية ١٨٥ سورة البقرة

(٤) أى النابغة الذبيانى ، وعجزه :

* تحت العجاج وأخرى تعلك اللّجما*

كما فى التاج

(٥) الآية ٢٦ سورة الأحزاب

٤٥٦

الباب السّادس عشر

فى الكلمات المفتتحة بحرف الضّاد

وهى : الضّاد ، والضبح ، وضحك ، وضحى ، وضد ، وضرّ ، وضرب ، وضرع. وضعف ، وضغث ، وضغن ، وضلّ ، وضمّ ، وضمر ، وضنّ ، وضنك.

وضوء ، وضهأ ، وضير ، وضيز ، وضيع ، وضيف ، وضيق.

٤٥٧

١ ـ بصيرة فى الضاد

وهى ترد فى القرآن وفى لغة العرب على وجوه :

١ ـ حرف من حروف الهجاء شجرىّ ، مخرجها من مفتتح الفم ، يذكّر ويؤنّث. ضوّدت ضادا حسنة وحسنا. ويجمع على أضواد ، وضادات.

٢ ـ الضّاد اسم لعدد الثّمانمائة فى حساب الجمّل.

٣ ـ الضّاد الكافية ؛ كما يكتفون عن ضماد ، وأضداد ، بذكر الضّاد.

قال الشاعر :

فهم فى الحىّ أحباب

وعند الملتقى ضاد

أى أضداد.

٤ ـ الضّاد المكرّرة فى : فضض ، وقضض.

٥ ـ الضّاد المدغمة فى مثل : رضّ ، وفضّ.

٦ ـ ضاد العجز والضّرورة ، فبعض النّاس ينطق بالضّاد على صيغة الدّال ، وأهل خراسان قاطبة على صيغة الزّاى.

٧ ـ الضّاد المشدّدة المبنيّة بالفتح ، تقول : ضادّه ، أى خالفه.

٤٥٨

٨ ـ الضّاد الأصل ، فى نحو : ضرب ، وحضر ، وفرض.

٩ ـ الضّاد المبدلة : إمّا من الصّاد كالنّصنصة والنّضنضة للحركة ، وإمّا من الظاء كما فى قول الشاعر :

إلى الله أشكو من خليل أودّه

ثلاث خلال كلّها لى غائض

أى غائظ.

١٠ ـ الضّاد اللّغوى. قال الخليل : الضاد عندهم : الهدهد الضعيف.

قال الشاعر :

كأنّى ضاد يوم فارقت مالكا

أنوء إذا رمت القيام فأكسل

٤٥٩

٢ ـ بصيرة فى ضبح وضحك

ضبح الخيل : صوت أنفاسها عند العدو. وجاءت الخيل / ضوابح. قال تعالى : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً)(١). ويقال : ما سمعت إلّا نباح الأكالب وضباح الثعالب. وقيل : الضّبح : العدو الخفيف. وقيل : الضّبح كالضبع. وهو مدّ الضبع (٢) فى العدو.

والضّحك : انبساط الوجه وتكشير (٣) الأسنان من سرور. ضحك ـ كعلم ـ ضحكا ـ بالفتح ـ وضحكا ـ بكسرتين ـ وضحكا ـ ككتف ـ وتضحّك وتضاحك ، فهو : ضاحك ، وضحّاك ، وضحكة كحزقّة ، وضحوك ، ومضحاك. وضحكة كهمزة : كثير الضّحك. وضحكة بالضمّ : يضحك منه. والضحّاك والضحكة ذمّ ، والضحكة أذمّ.

وجاء بأضحوكة وبأضاحيك. وتقول : ما أضاحيك (٤) إلّا أضاحيك.

وقد يستعمل الضحك للتعجّب المجرّد. وهذا المعنى قصد من قال : الضّحك يختصّ بالإنسان. وبهذا المعنى قال تعالى : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ

__________________

(١) أول سورة العاديات

(٢) الضبع : العضد

(٣) المعروف الكشر. وهو بدو الاسنان. وفى المفردات : «تكشر» ، وهو أيضا لم أقف عليه

(٤) (أضاحيك) الأولى هى (أضاحى) مضافة الى كاف الخطاب. والأضاحى : جمع الأضحية ، وهى الشاة يضحى بها. و (أضاحيك) الثانية جمع أضحوكة. وهذا من سجعات الأساس.

٤٦٠