بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٥٦

الرّابع : (يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ)(١).

الخامس : (وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ)(٢).

السادس : فى إشارة يوسف بالزّرع : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ)(٣).

السابع : فى سورة من القرآن : (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي)(٤).

الثامن : فى عدد أصحاب الكهف : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)(٥).

التاسع : فى خلق السّماوات : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ)(٦).

العاشر : فى طبقتها (٧) : (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(٨).

الحادى عشر : فى الرّحمة والغفران : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً)(٩)

الثانى عشر : فى نقباء : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)(١٠).

وسبغ سبوغا : طال إلى الأرض ، والنعمة : اتّسعت.

وقوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(١١) ، أى دروعا تامّات طويلات.

وقوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ)(١٢) ، أى أتمّها وأكملها. وأسبغ الوضوء : أبلغه مواضعه ووفّى كلّ عضو حقّه.

__________________

(١) الآية ٤٣ سورة يوسف.

(٢) الآية ٤٣ سورة يوسف.

(٣) الآية ٤٧ سورة يوسف.

(٤) الآية ٨٧ سورة الحجر.

(٥) الآية ٢٢ سورة الكهف.

(٦) الآية ١٢ سورة الطلاق.

(٧) ب : «طريقها».

(٨) الآية ٣ سورة الملك.

(٩) الآية ٨٠ سورة التوبة.

(١٠) الآية ١٥٥ سورة الأعراف.

(١١) الآية ١١ سورة سبأ.

(١٢) الآية ٢٠ سورة لقمان.

١٨١

٦ ـ / بصيرة فى السبق

سبقه يسبقه ويسبقه : تقدّمه فى السّير. وقوله تعالى : (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً)(١) يعنى الملائكة تسبق الجنّ باستماع الوحى.

والاستباق والتسابق بمعنى. ثمّ يتجوّز به (٢) فى غيره من التّقدّم ، قال تعالى : (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ)(٣) ، وقوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ)(٤) أى نفذت وتقدّمت.

ويستعار السّبق لإحراز الفضل ، وعلى ذلك قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)(٥) ، أى المتقدّمون إلى رتبهم (٦) ، ثواب الله تعالى وجنّته ، بالأعمال الصّالحة ؛ نحو قوله : (يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ)(٧) ، وقوله : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ)(٨).

وقوله : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)(٩) أى لا يفوتوننا. وقوله تعالى : (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ)(١٠) تنبيه أنّهم لا يفوتونه.

__________________

(١) الآية ٤ سورة النازعات.

(٢) أى بالسبق وما تصرف منه.

(٣) الآية ١١ سورة الأحقاف.

(٤) الآية ١٢٩ سورة طه ، والآية ٤٥ سورة فصلت.

(٥) الآية ١٠ سورة الواقعة.

(٦) كذا فى ب. وفى أ : «ربهم» ، وقد سقطت هذه العبارة فى الراغب. وقوله : «ثواب الله ..» بدل من «رتبهم».

(٧) الآية ٩٠ سورة الأنبياء.

(٨) الآية ٦١ سورة المؤمنين.

(٩) الآية ٦٠ سورة الواقعة ، والآية ٤١ سورة المعارج.

(١٠) الآية ٣٩ سورة العنكبوت.

١٨٢

وفى الصّحيح (١) : «سيروا ، سبق المفرّدون. قيل : من هم يا رسول الله؟ قال : الّذين اهتزّوا بذكر الله عزوجل».

وقيل ورد السّبق فى القرآن على ستّة أوجه :

الأول : بمعنى الوجوب : (سَبَقَتْ كَلِمَتُنا)(٢) أى وجبت.

الثّانى : بمعنى الاصطياد : (إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ)(٣) أى نصطاد.

الثالث : بمعنى التقدّم على عزم الهروب : (وَاسْتَبَقَا الْبابَ)(٤).

الرابع : بمعنى الفوت : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا)(٥) أى يفوتونا.

الخامس : بمعنى إيصال ملائكة الرّحمة أرواح المؤمنين إلى الجنّة ، وملائكة العذاب أرواح الكافرين إلى جهنّم : (فَالسَّابِقاتِ (٦) سَبْقاً)(٧).

السّادس : سبق المؤمنين إلى الجنّة : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)(٨).

السابع : سبق العجز والإهانة : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ)(٩)

الثامن : سبق التوحيد والشهادة : (سَبَقُونا بِالْإِيمانِ)(١٠).

__________________

(١) فى التاج أنه جاء فى صحيح مسلم ، وأن هناك روايات أخرى فى الحديث.

(٢) الآية ١٧١ سورة الصافات.

(٣) الآية ١٧ سورة يوسف.

(٤) الآية ٢٥ سورة يوسف.

(٥) الآية ٤ سورة العنكبوت.

(٧) الآية ٤ سورة النازعات.

(٨) الآية ١٠ سورة الواقعة.

(٩) الآية ١٧١ سورة الصافات. والعجز والاهانة لأعدائهم.

(١٠) الآية ١٠ سورة الحشر.

١٨٣

التّاسع : سبق الخير والطّاعة : (يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ)(١).

العاشر : سبق العفو والمغفرة : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)(٢).

الحادى عشر : سبق الجهاد والهجرة : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ)(٣).

الثانى عشر : سبق الفضل والعناية : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى)(٤).

__________________

(١) الآية ٦١ سورة المؤمنين

(٢) الآية ٢١ سورة الحديد

(٣) الآية ١٠٠ سورة التوبة

(٤) الآية ١٠١ سورة الأنبياء

١٨٤

٧ ـ بصيرة فى السبيل

وهو الطّريق السّهل ، جمعه سبل وسبل. يذكّر ويؤنّث. قال تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)(١) ، وقال جلّ ذكره : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(٢) أى محجّتى وسنّتى وطريقى. وقوله تعالى : (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)(٣) ، أى سببا ووصلة. قال جرير :

أفبعد مقتلكم خليل محمّد

ترجو القيون مع الرّسول سبيلا (٤)

أى سببا ووصلة ، أى يا ليتنى سلكت قصده ومذهبه.

وقوله تعالى : (وَابْنَ السَّبِيلِ)(٥) ، قال ابن عرفة : هو الضّيف المنقطع به ، يعطى قدر ما يتبلّغ به إلى وطنه. وقيل : ابن السّبيل : المسافر البعيد عن منزله ، ونسب إلى السّبيل لممارسته إيّاه. وقوله تعالى : (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)(٦) أى طريق واضح بيّن ، يعنى مدائن قوم لوط.

وقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)(٧) ، كان أهل الكتاب إذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض : ليس للأميين ـ يعنى العرب ـ حرمة أهل ديننا ، وأموالهم تحلّ لنا.

__________________

(١) الآية ١٤٦ سورة الأعراف.

(٢) الآية ١٠٨ سورة يوسف.

(٣) الآية ٢٧ سورة الفرقان.

(٤) من قصيدة يهجو فيها الفرزدق ويعير قومه ـ وهم القيون لأن أحد أجداد الفرزدق كان قينا أى حدادا ـ بأنهم لم يحموا الزبير رضى الله عنه ، وكان قد استجار بهم عقب وقعة الجمل ، وهو المعنى بخليل محمد. وفى رواية الديوان «مترككم» فى مكان «مقتلكم».

(٥) الآية ١٧٧ سورة البقرة ، وورد فى مواطن أخر.

(٦) الآية ٧٦ سورة الحجر.

(٧) الآية ٧٥ سورة آل عمران.

١٨٥

وقوله تعالى : (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ)(١) ، يعنى سبيل الولد. وقيل : تعرضون للنّاس فى الطريق لطلب / الفاحشة. قال ابن عباد : السّبيلة : السبيل ، والسابلة : أبناء السّبيل المختلفون فى الطّرقات ، جمع سابل ، وهو سالك السّبيل. وقوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ)(٢) يعنى به طريق الحقّ ، لأنّ اسم الجنس إذا أطلق يختصّ بما هو الحقّ ، وعلى ذلك : (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)(٣).

ويستعمل السّبيل لكلّ ما يتوصّل به إلى شىء خيرا كان أو شرّا.

وقوله تعالى : (مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)(٤) يعنى طريق الجنّة قال الشاعر :

إذا لم يعنك الله فيما تريده

فليس لمخلوق إليه سبيل

وقال :

سبيل الموت منهج كلّ حىّ

وداعيه لأهل الأرض داعى (٥)

وقال :

الموت لا والدا يبقى ولا ولدا

هذا السّبيل إلى ألّا ترى أحدا

وقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ)(٦) أى فى طاعته ، ومثله

__________________

(١) الآية ٢٩ سورة العنكبوت

(٢) الآية ٣٧ سورة الزخرف

(٣) الآية ٢٠ سورة عبس

(٤) الآية ١٦ سورة المائدة

(٥) البيت لقطرى بن الفجاءة. الحماسة ١ / ٢١ (ط. الرافعى) برواية : غاية كل حى.

(٦) الآية ١٩٥ سورة البقرة ، وورد فى مواطن أخر

١٨٦

(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ)(١) ، وقوله : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢) أى زادا وراحلة. وقوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)(٣) أى مخرجا إلى فضاء الأنس من حبس الوحشة. وقوله تعالى : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً)(٤) ، (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً)(٥) أى ممرّه. وقوله تعالى : (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)(٦) أى عذرا وعلّة. وقوله تعالى : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)(٧) أى دينهم وملّتهم ، ومثله : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ)(٨) وقوله : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)(٩) أى طريق هداية. وقوله : (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً)(١٠) أى حجّة. وقوله : (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(١١) أى عن طريق الحقّ. وقوله : (فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)(١٢) أى ملامة. وقوله : (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)(١٣) أى المخرج من رحم الأمّ حال الولادة. وقوله : (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ)(١٤) ، (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)(١٥) أى إثم ومعصية.

وأسبل الستر : أرخاه ، والمطر : نزل.

__________________

(١) الآية ٢٦٢ سورة البقرة. وورد فى مواطن أخر.

(٢) الآية ٩٧ سورة آل عمران.

(٣) الآية ١٥ سورة النساء.

(٤) الآية ٦١ سورة الكهف.

(٥) الآية ٦٣ سورة الكهف.

(٦) الآية ٣٤ سورة النساء.

(٧) الآية ١١٥ سورة النساء.

(٨) الآية ١٢٥ سورة النحل.

(٩) الآية ٨٨ سورة النساء.

(١٠) الآية ٩٠ سورة النساء.

(١١) الآية ١٢ سورة المائدة.

(١٢) الآية ٤١ سورة الشورى.

(١٣) الآية ٣٠ سورة عبس. وقد حمل السبيل فيما سبق له على الطريق الحق.

(١٤) الآية ٩١ سورة التوبة.

(١٥) الآية ٧٥ سورة آل عمران.

١٨٧

٨ ـ بصيرة فى السجود

وأصله التّطامن والتذلّل. وجعل ذلك عبارة عن التذلّل لله وعبادته ، وهو عامّ فى الإنسان ، والحيوانات ، والجمادات ، وذلك ضربان :

سجود باختيار ، وليس ذلك إلّا للإنسان ، وبه يستحق الثّواب ، قال تعالى : (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)(١) أى تذلّلوا له

وسجود بتسخير ، وهو للإنسان ، والحيوانات ، والنباتات (٢) ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٣) ، وقوله تعالى : (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ)(٤) ، فهو الدّلالة الصّامتة والنّاطقة المنبّهة على كونها مخلوقة ، وأنّها خلق فاعل حكيم

وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(٥) ينطوى على النّوعين من السجود بالتسخير والاختيار. وقوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)(٦) ، هو على سبيل التسخير. وقوله : (اسْجُدُوا لِآدَمَ)(٧) قيل : أمروا بأن يتّخذوه قبلة ، وقيل : أمروا بالتذلّل له ، والقيام بمصالحه ومصالح أولاده ، فأتمروا

__________________

(١) الآية ٦٢ سورة النجم.

(٢) ب : «النبات».

(٣) الآية ١٥ سورة الرعد.

(٤) الآية ٤٨ سورة النحل.

(٥) الآية ٤٩ سورة النحل.

(٦) الآية ٦ سورة الرحمن.

(٧) الآية ٣٤ سورة البقرة.

١٨٨

إلّا إبليس. وقوله : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)(١) أى ركّعا ، وقيل : متذلّلين منقادين. وقيل (٢) : إنّ السّجود على سبيل الخدمة فى ذلك الوقت كان جائزا.

وعلى وجهه سجّادة : أى أثر السّجود. وبسط سجّادته ومسجدته ، وبعض العرب يضمّ السّين (٣). وشجر ساجد وسواجد ، وشجرة ساجدة : مائلة. والسّفينة تسجد للرّياح / وتميل بميلها. وفلان ساجد المنخر : إذا كان ذليلا خاضعا. وسجد البعير وأسجد : طأطأ رأسه لراكبه. قال :

* وقلن له أسجد لليلى فأسجدا (٤) *

وكان كسرى يسجد للطّالع ، وهو السّهم الّذى يجاوز الهدف من أعلاه ، وكانوا يعدّونه كالمقرطس ، والمعنى أنّه كان يسلّم لراميه ويستسلم. الأزهرى : معناه : أنّه كان يخفض رأسه إذا شخص سهمه وارتفع عن الرّميّة ليتقوّم السّهم فيصيب الدّارة.

قيل : ورد السّجود فى القرآن على خمسة أوجه :

الأوّل : بمعنى الصّلاة : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ)(٥) ، أى يصلّى.

__________________

(١) الآية ٥٨ سورة البقرة

(٢) سقط هنا كلام فى الراغب به يلتئم الكلام وهو : «وقوله : وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أى متذللين. وقيل ....»

(٣) أى فى سجادة .. وهذا على ما سمعه الزمخشرى ، كما فى الأساس ، وهذا بعد عصر الاحتجاج

(٤) جاء هذا الشطر فى اللسان عن أبى عبيد

(٥) الآية ١٥ سورة الرعد

١٨٩

الثانى : ساجدين بمعنى الأنبياء : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)(١) أى فى أصلاب الآباء من الأنبياء.

الثالث : بمعنى الخضوع والانقياد : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)(٢) أى يخضعان.

الرابع : بمعنى الرّكوع : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)(٣) ، أى ركّعا.

الخامس : بمعنى سجود الصّلاة : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)(٤).

__________________

(١) الآية ٢١٩ سورة الشعراء.

(٢) الآية ٦ سورة الرحمن.

(٣) الآية ٥٨ سورة البقرة.

(٤) الآية ١٩ سورة العلق.

١٩٠

٩ ـ بصيرة فى السجر

وهو تهييج النار. وقد سجرت التنّور ، ومنه (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ)(١). وقوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ)(٢) أى أضرمت نارا ، عن الحسن البصرى ، وقيل غيضت مياهها ، وإنما يكون كذلك لتسخير النّار فيها. (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ)(٣) نحو (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ)(٤).

وسجرت النّاقة سجرا وسجّرت تسجيرا : مدّت حنينها فى أثر ولدها ، وملأت به فاها. ومنه قوله (٥) :

حنّت إلى برك فقلت لها قرى

بعض الحنين فإن سجرك شائقى

ومنه ساجرته مساجرة ، وهى المخالّة والمخالطة. وهو سجيرى ، وهم سجرائى ، لأنّ كلّ واحد منهما يسجر إلى صاحبه ، أى يحنّ. ومنه ماء أسجر ، وهو الّذى خالطته كدرة وحمرة من ماء السّماء ، وإنّ فيه لسجرة ، وإنه لأسجر. وقطرة سجراء ، وعين سجراء. قال حويدرة (٦) :

بغريض سارية أدرّته الصّبا

من ماء أسجر ، طيّب المستنقع

وعين سجراء : خالطت بياضها حمرة. والسّواجير : الأغلال.

__________________

(١) الآية ٦ سورة الطور.

(٢) الآية ٦ سورة التكوير.

(٣) الآية ٧٢ سورة غافر.

(٤) الآية ٢٤ سورة البقرة.

(٥) أى قول أبى زبيد الطائى فى الوليد بن عثمان بن عفان ، أو قول الحزين الكنانى ـ كما فى اللسان فى المادة. وفى اللسان : «برق» فى مكان برك. والبرك : جماعة الابل الكثيرة ، وقوله : «حنت» أى ناقته

(٦) ويقال فيه الحادرة. والبيت من قصيدة مفضلية. والغريض : الطرى. والسارية سحابة تسرى ليلا ، أى ماء حديث العهد بالمطر ، وأخذ من غدير طيب المستنقع ، وقد شبه بهذا الماء ريق محبوبته وعذوبته.

١٩١

١٠ ـ بصيرة فى السجل

وهو الدّلو العظيم (١) إذا كانت ملأى ماء ، والجمع سجال. والحرب بيننا سجال ، أى مرّة لنا ومرّة علينا. وفى حديث ابن مسعود «أنه افتتح سورة النساء فسجلها» ، أى قرأها قراءة متصلة ، من قولهم : سجل الماء سجلا : إذا صبّه صبّا متّصلا. وفى الحديث : «لا تسجلوا أنعامكم» أى لا تطلقوها فى زروع النّاس.

وقرأ ابن الحنفيّة. (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ)(٢) فقال (٣) : هى مسجلة للبرّ والفاجر ، أى مرسلة مطلقة فى الإحسان إلى كلّ أحد ، برّا كان أو فاجرا.

والسّجلّ : الكتاب الكبير ، وقيل : هو حجر كان يكتب فيه ، ثمّ سمّى كل ما يكتب فيه سجلّا ، قال تعالى : (كَطَيِّ السِّجِلِ)(٤) أى كطيّه لما كتب فيه حفظا له.

وساجله : فاخره ، مساجلة. وساجله : باراه فى الاستقاء ، قال (٥)

من يساجلنى يساجل ماجدا

يملأ الدلو إلى عقد الكرب

__________________

(١) كذا فى الأصلين والغالب فى الدلو التأنيث ، وتراه قال ملأى

(٢) الآية ٦٠ سورة الرحمن

(٣) فى الأصلين قبل هذه العبارة : «الى كل واحد برا كان أو فاجرا» وظاهر أن هذه العبارة مزيدة من الناسخ خطأ ، فأسقطتها.

(٤) الآية ١٠٤ سورة الأنبياء.

(٥) أى الفضل بن عباس بن عتبة بن أبى لهب ، كما فى اللسان. والكرب : الحبل يشد فى وسط عراقى الدلو. وعراقى الدلو فى نهايتها ، يريد : يملؤها الى غايتها وآخرها.

١٩٢

وله من المجد سجل سجيل ، أى ضخم. قال الحطيئة :

إذا قايسوه المجد أربى عليهم

بمستفرغ ماء الذناب سجيل

أى بذنوب (١) يسع ماء الأذنبة كلّها.

والسجّيل : حجر وطين ، معرّب من سنك وكل.

__________________

(١) الذنوب : الدلو ، والأذنبة جمعه

١٩٣

١١ ـ بصيرة فى السجن

وهو الحبس فى السّجن. وقوله تعالى : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَ)(١) قرئ بفتح (٢) السّين وكسرها.

والسّجّين ـ كسكّين ـ : اسم جهنّم / بإزاء علّيّين ، وزيد فى لفظه تنبيها على زيادة معناه. وقيل : هو اسم للأرض السّابعة. وضرب سجّين : يثبت المضروب مكانه ويحبسه. وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ)(٣) ، فقد قيل : إن كل شىء ذكره الله بقوله : (وَما أَدْراكَ) فسّره ، وكل ما ذكره بقوله : (وَما يُدْرِيكَ) تركه مبهما. وفى هذه المواضع ذكر : (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ) ، وكذا قوله : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ)(٤) ، ثمّ فسّر الكتاب (٥) لا السّجّين ولا العلّيّين ، ولا يكون ذلك إلّا للطيفة (٦) تقتضى ذلك. والله أعلم.

__________________

(١) الآية ٣٣ سورة يوسف.

(٢) القارئ بفتح السين هو يعقوب ، وقرأ الباقون بالكسر ، كما فى الاتحاف.

(٣) الآيتان ٨ ، ٩ سورة المطففين.

(٤) الآية ١٩ سورة المطففين

(٥) هذا كلام الراغب. وقد جرى المفسرون على أن التفسير للسجين والعليين فهما كتابان ومن يرى منهم أن السجين جهنم وعليين أعلى الجنة يقدر فى الموضعين مضافا ، أى موضع كتاب. وعلى ما ذهب اليه المفسرون لا تنخرم قاعدة ما أدراك وما يدريك. وتفسير الراغب والمؤلف أقرب وأدنى من تفسير المفسرين ، وأن انخرمت القاعدة

(٦) كأن اللطيفة أن الكتاب ومحله كالشىء الواحد ، فتفسير أحدهما تفسير للآخر. ويذهب بعض المفسرين الى أن الكلام على حذف مضاف ، أى وما أدراك ما كتاب سجين ، وما كتاب عليين.

١٩٤

١٢ ـ بصيرة فى السجو والسحب والسحت

السّجوّ : السّكون ، قال تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)(١) ، وهذا إشارة إلى ما قيل : هدأت الأرجل. وعين ساجية : فاترة الطّرف. وليل ساج ، وبحر ساج. قال :

يا حبّذا القمراء واللّيل السّاج

وطرق مثل ملاء النّسّاج (٢)

وريح سجواء : ساكنة. وناقة سجواء : تسكن حتى تحلب. وهو على سجيّة حميدة وسجيّات وسجايا ، وهى ما سجا عليه طبعه وثبت.

والسّحب : الجرّ ، كسحب الذيل والإنسان على الوجه. ومنه السّحاب لجرّه الماء ، أو لجرّ الرّيح له. ومطرتهم السّحابة والسّحاب والسّحائب والسّحب. قال تعالى : (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ)(٣) ، وقال : (يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ)(٤). وفلان يتسحّب على فلان ، كقولك يتبختر : إذا اقترح (٥) عليه.

والسّحاب : الغيم ، فيه ماء أو لا. ولهذا يقال : سحاب جهام (٦). وقد يذكر ويراد به الظلّ والظلمة على طريق التشبيه ؛ كقوله تعالى :

__________________

(١) الآية ٢ سورة الضحى.

(٢) نسب فى اللسان (سجا) الى الحارثى ، وجاء فى الكامل ٣ / ١٤٨ بشرح المرصفى غير معزو.

(٣) الآيتان ٧١ ، ٧٢ سورة غافر.

(٤) الآية ٤٨ سورة القمر.

(٥) أى تحكم. وفى الراغب : «افتخر».

(٦) هو السحاب لا ماء فيه أو سكب ماءه.

١٩٥

(أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ)(١).

والسّحت : القشر الذى يستأصل. وقد سحته وأسحته ، وقرئ بهما قوله تعالى : (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ)(٢) أى فيجهدكم به. ومنه السّحت للمحظور الّذى يلزم صاحبه العار كأنّه يستأصل دينه ومروءته.

وقوله تعالى : (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ)(٣) أى لما يسحت دينهم. وسمّيت الرّشوة سحتا ، وكسب الحجّام سحتا ، أى ساحتا للمروءة لا الدّين. ومال فلان سحت ، أى لا شىء على من استهلكه. ودمه سحت : لا شىء على من سفكه.

__________________

(١) الآية ٤٠ سورة النور

(٢) الآية ٦١ سورة طه. قرأ حفص وحمزة والكسائى وخلف بضم وكسر الحاء من أسحت ، والباقون بفتح الياء والحاء من سحته ، كما فى الاتحاف

(٣) الآية ٤٢ سورة المائدة

١٩٦

١٣ ـ بصيرة فى السحر

قيل : هو مأخوذ من السّحر وهو طرف الحلقوم والرئة. قالت عائشة رضى الله عنها : «مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين سحرى ونحرى (١)» أى مستندا إلى صدرى وما يحاذى سحرى. وقيل : السحر ، ما لصق بالحلقوم من أعلى البطن. والسّحارة : ما ينزع من السّحر عند الذّبح فيرمى به. وجعل بناؤه بناء النّفاية والسّقاطة.

ويقال : انتفخ سحره ، وانتفخت مساحره : إذا ملّ (٢) وجبن. وانقطع منه سحرى ، أى يئست منه. وأنا منه غير (٣) صريم سحر : غير قانط. وبلغ سحر الأرض وأسحارها : أطرافها وأواخرها.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من البيان لسحرا (٤)» قيل : معناه : من البيان ما يكتسب به من الإثم ما يكتسبه السّاحر بسحره ، فيكون فى معرض الذمّ. ويجوز أن يكون فى معرض المدح ؛ لأنّه يستمال به القلوب ويرضّى به الساخط ، ويستنزل به الصّعب. والسّحر فى كلامهم : صرف الشيء عن وجهه.

__________________

(١) ورد هذا الخبر فى سيرة ابن هشام ٢ / ٣٧١ على هامش الروض الأنف.

(٢) كذا فى الأساس. وكأن الأصل «سلّ» أى أصابه السل ، فهو يأتى لإصابة السل وللجبن وفى التاج : «وفى الاساس انتفخ سحره ومساحره من وجل وجبن. وتبعه المصنف فى البصائر» قد يكون : «من وجل» صوابها وجل.

(٣) جاء فى القاموس فى (صرم) على الاثبات : «جاء صريم سحر أى خائبا آيسا».

(٤) رواه أبو داود ، كما فى الجامع الصغير.

١٩٧

والسّحر يقال على معان :

الأوّل : الخداع ، وتخييلات لا حقيقة لها ؛ نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عمّا يفعله بخفّة [يد](١) ، وما يفعله النمّام بقول مزخرف عائق للاستماع. وعلى ذلك قوله تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)(٢) وقوله : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)(٣) ، وبهذا النّظر سمّوا موسى صلوات الله عليه ساحرا ، فقالوا : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(٤).

الثّانى : استجلاب معاونة الشيطان بضرب من / التّقرّب إليه ، كقوله تعالى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(٥) وعلى ذلك قوله تعالى : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ)(٦) قال الشاعر (٧) :

فو الله ما أدرى وإنّى لصادق

أداء عرانى من جنابك أم سحر

فإن كان سحرا فاعذرينى على الهوى

وإن كان داء غيره فلك العذر

الثالث : ما يذهب إليه الأغتام (٨) ، وهو اسم لفعل يزعمون أنّه من قوّته يغيّر الصّور والطبائع ، فيجعل الإنسان حمارا. ولا حقيقة لذلك عند المحصّلين (٩).

__________________

(١) زيادة من الراغب.

(٢) الآية ١١٦ سورة الأعراف.

(٣) الآية ٦٦ سورة طه.

(٤) الآية ٤٩ سورة الزخرف.

(٥) الآيتان ٢٢١ ، ٢٢٢ سورة الشعراء.

(٦) الآية ١٠٢ سورة البقرة.

(٧) هو أبو عطاء السندى. وقوله : «من جنابك» هى رواية فى البيت ، والمشهور : «من حبابك» وانظر اللسان (حبب).

(٨) الأغنام. الذين لا يفصحون ولا يبينون يقال : رجل أغتم ، وقوم غتم وأغتام.

(٩) فى الأصلين : «المخلصين».

١٩٨

وقد تصوّر من السّحر تارة حسنه ، فقيل : إنّ من البيان لسحرا ، وتارة دقّة فعله ، حتى قالت الأطبّاء : الطبيعة ساحرة. وسمّوا الغذاء سحرا من حيث إنّه يدقّ ويلطف تأثيره. قال تعالى : (بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)(١) أى مصروفون عن معرفتنا بالسّحر (٢) ، وعلى ذلك قوله : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)(٣) قيل ممّن جعل له سحر ، تنبيها أنّه يحتاج إلى الغذاء ؛ كقوله : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ)(٤) ، ونبّه أنّه كان بشرا ، وقيل : معناه : ممّن (٥) جعل له سحر يتوصّل بلطفه ودقّته إلى ما يأتى به ويدّعيه. وعلى الوجهين حمل قوله : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)(٦).

ولقيته سحرا ، وسحرة ، وبالسّحر ، وفى أعلى السّحرين ، وهما سحران : سحر مع الصّبح ، وسحر قبله ، كما يقال : الفجران : الكاذب والصّادق. وأسحرنا مثل (٧) أصبحنا. استحروا : خرجوا سحرا. وتسحّر : أكل السحور ، وسحّرنى فلان. وإنما سمّى السّحر استعارة لأنّه وقت إدبار الليل وإقبال النّهار ، فهو متنفّس الصّبح.

__________________

(١) الآية ١٥ سورة الحجر.

(٢) هذا متعلق بقوله : «مصروفون» أى مصروفون بالسحر عن معرفتنا وتعقلنا.

(٣) الآيتان ١٥٣ ، ١٨٥ سورة الشعراء.

(٤) الآية ٧ سورة الفرقان.

(٥) تبع فى هذا الراغب. والوجه الثانى فى اللسان أنه صرف عن حد الاستواء ، ومعنى ذلك أنه خبل عقله.

(٦) الآية ٤٧ سورة الاسراء ، والآية ٨ سورة الفرقان.

(٧) فى الأصلين : «منك» ، وما أثبت عن الأساس. يريد أن (أسحرنا) دخلنا فى السحر كما أن (أصبحنا) : دخلنا فى الصباح. فهذا معنى التماثل.

١٩٩

ويقال إنّ السّحر فى القرآن على سبعة أوجه :

الأوّل : بمعنى العلم ، والسّاحر بمعنى العالم الحاذق : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ)(١) أى يا أيها العالم.

الثانى : بمعنى الزّور والكذب : (وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)(٢) أى كذب وزور ، (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)(٣) ، أى كذب قوىّ تامّ.

الثالث : بمعنى ربط العيون : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ)(٤).

الرّابع : بمعنى الجنون ، والمسحور المجنون : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)(٥) ، (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً)(٦) ، أى مجنونا.

الخامس : بمعنى الصّرف عن الحقّ : (قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ)(٧) ، أى تصرفون.

السّادس : بمعنى الإحواج إلى الطعام والشراب : (إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ)(٨).

السّابع : بمعنى آخر اللّيل ومقدّمة الصّبح : (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)(٩)(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ)(١٠) ، (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(١١).

__________________

(١) الآية ٤٩ سورة الزخرف.

(٢) الآية ١١٦ سورة الأعراف.

(٣) الآية ٢ سورة القمر.

(٤) الآية ١١٦ سورة الأعراف.

(٥) الآية ٤٧ سورة الاسراء ، والآية ٨ سورة الفرقان.

(٦) الآية ١٠١ سورة الاسراء.

(٧) الآية ٨٩ سورة المؤمنين.

(٨) الآيتان ١٥٣ ، ١٨٥ سورة الشعراء.

(٩) الآية ٣٤ سورة القمر.

(١٠) الآية ١٧ سورة آل عمران.

(١١) الآية ١٨ سورة الذاريات.

٢٠٠