بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٣

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٥٦

الباب الثالث عشر

فى وجوه الكلمات المفتتحة بحرف السين

وهى السّؤال ، والسّبب ، والسبت ، والسّبح ، والسبخ ، والسبط ، والسّبع ، والسّبغ ، والسّبق ، والسّبيل ، والستر ، والسّجد ، والسجر ، والسّجل ، والسجو ، والسّجن ، والسّحب ، والسّحت ، والسّحر ، والسّحق ، والسّحل ، والسّخر ، والسدّ ، والسرّ ، والسّرب ، والسّراج ، والسّرح ، والسّرعة ، والسّرف ، والسّرقة ، والسّرى ، والسّطح ، والسّطر ، والسّطوة ، والسّعادة ، والسّعر ، والسّفن ، والسّفه ، والسّقوط ، والسّقم ، والسّعى ، والسّكب ، والسّكت ، والسّكر ، والسّكون ، والسّلب ، والسّيح ، والسّلاطة ، والسّلف ، والسّلق ، والسّلوك ، والسّلامة ، والسّلوى ، والسّمّ ، والسّمرة ، والسّمع ، والسّماء ، والسّنن ، والسّود ، والسّور ، والسّوط ، والسّاعة ، والسّوء ، وسوف ، والسّوق ، والسّوم ، والسّوى.

١٦١

١ ـ بصيرة فى السؤل (١)

وهو ما يسأله الإنسان. قال الله تعالى : (قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)(٢).

والسّؤال : استدعاء معرفة أو ما يؤدّى إلى المعرفة ، واستدعاء مال ، أو ما يؤدّى إلى المال. فاستدعاء المعرفة جوابه باللسان ، واليد خليفة له بالكتابة ، أو الإشارة. واستدعاء المال جوابه باليد ، واللسان خليفة لها إمّا بوعد ، أو بردّ. تقول : سألته عن الشىء سؤالا ، ومسألة. وقال الأخفش : يقال : خرجنا نسأل عن فلان وبفلان.

وقد تخفّف همزته فيقال سال يَسال. وقرأ أبو جعفر (٣) : (سال سائل (٤)) بتخفيف الهمزة. قال :

ومرهق سال إمتاعا بأصدته

لم يستعن وحوامى الموت تغشاه (٥)

والأمر منه سل بحركة الحرف الثانى من المستقبل ، ومن الأوّل اسأل (٦)

__________________

(١) لم يتكلم كعادته على حرف السين

(٢) الآية ٣٦ سورة طه

(٣) هى أيضا قراءة نافع وابن عامر ، كما فى الاتحاف

(٤) أول سورة المعارج

(٥) الأصدة : ثوب قصير يلبس تحت الثياب. لم يستعن : لم يحلق عانته. وحوامى الموت : حوائمه وأسبابه. يريد رجلا أشرف على الهلاك سأل قرنه أن يمتعه بثوبه ولا يسلبه اياه ، وأنه لا يستطيع أن يحلق عانته .. له تكملة فى بيت بعده : انظر اللسان (رهق)

(٦) ويقال أيضا فيه سل ، على طريقة تخفيف الهمزة بنقل حركتها وحذفها

١٦٢

وقوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)(١) ، يقال : إنّه خوطب به ليلة أسرى به ، فجمع بينه وبين الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ فأمّهم ، وصلّى بهم ، فقيل له : فسلهم. وقيل : معناه : سل أمم من أرسلنا ، فيكون السّؤال هاهنا على جهة التقرير. وقيل : الخطاب للنبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمراد به الأمّة ، أى وسلوا ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(٢).

وقوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(٣) أى لا يسأل سؤال استعلام ، لكن سؤال تقرير وإيجاب للحجّة عليهم. وقوله تعالى : (وَعْداً مَسْؤُلاً)(٤) هو قول الملائكة : / (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ)(٥) وقوله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ)(٦) أى دعا داع ، يعنى قول نضر بن الحارث (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ)(٧) الآية. والباء فى (بِعَذابٍ) بمعنى عن ، أى عن عذاب.

ورجل سؤلة ـ مثال تؤدة ـ : كثير السّؤال. وأسألته سؤلته ومسألته : أى قضيت حاجته. وتساءلوا ، أى سأل بعضهم بعضا. وقرأ الكوفيون (٨)

__________________

(١) الآية ٤٥ سورة الزخرف

(٢) أول سورة الطلاق

(٣) الآية ٣٩ سورة الرحمن

(٤) الآية ١٦ سورة الفرقان

(٥) الآية ٨ سورة غافر

(٦) أول سورة المعارج

(٧) الآية ٣٢ سورة الأنفال

(٨) هم عاصم وحمزة والكسائى

١٦٣

(تَسائَلُونَ)(١) بالتخفيف (٢) ، والباقون بالتّشديد (٣) أى تتساءلون ، أى الّذى تطلبون به حقوقكم ، وهو كقولك ، نشدتك بالله أى سألتك بالله.

فإن قلت : كيف يصحّ أن يقال : السّؤال استدعاء المعرفة ، ومعلوم أنّ الله تعالى يسأل عباده؟.

قيل : إنّ ذلك سؤال لتعريف القوم وتبكيتهم ، لا لتعريف الله تعالى ؛ فإنّه علّام الغيوب ، فليس يخرج من كونه سؤال المعرفة ، والسؤال للمعرفة قد يكون تارة للاستعلام ، وتارة للتبكيت ، وتارة لتعريف المسئول وتنبيهه ، لا ليخبر ويعلم ، وهذا ظاهر. وعلى التبكيت قوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ)(٤).

والسّؤال إذا كان للتعريف تعدّى إلى المفعول الثّانى تارة بنفسه ، وتارة بالجارّ ، نحو [سألته كذا ، و (٥)] سألته عن كذا ، وبكذا ، وبعن أكثر نحو : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ)(٦).

وأمّا إذا كان السّؤال لاستدعاء مال فإنّه يتعدّى بنفسه ، وبمن ؛ نحو قوله تعالى : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً)(٧) ، وقوله : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)(٨).

__________________

(١) الآية الأولى من سورة النساء

(٢) أى بحذف إحدى التاءين

(٣) أى بابدال التاء الثانية سينا وإدغامها فى السين

(٤) الآية ٨ سورة التكوير

(٥) زيادة من الراغب

(٦) الآية ٨٥ سورة الاسراء

(٧) الآية ٥٣ سورة الأحزاب

(٨) الآية ٣٢ سورة النساء

١٦٤

ويعبّر عن الفقير إذا كان مستدعيا لشيء بالسّائل ، نحو قوله : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(١).

والسّؤال ورد فى القرآن على عشرين وجها :

الأوّل : سؤال التعجّب : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً)(٢).

الثانى : سؤال الاسترشاد : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)(٣) ، (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ)(٤).

الثّالث : سؤال الاقتباس (٥) : (ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ)(٦).

الرّابع : سؤال الانبساط : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)(٧).

الخامس : سؤال العطاء والهبة : (رَبِّ هَبْ لِي)(٨).

السّادس : سؤال العون والنّصرة : (مَتى نَصْرُ اللهِ)(٩).

السابع : سؤال الاستغاثة : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ)(١٠).

الثامن : سؤال الشفاء والنّجاة : (مَسَّنِيَ الضُّرُّ)(١١).

__________________

(١) الآية ١٠ سورة الضحى

(٢) الآية ٨٢ سورة المؤمنين. وورد فى مواطن أخرى.

(٣) الآية ٧ سورة الأنبياء

(٤) الآية ٤٥ سورة الزخرف

(٥) كأن المراد أن هذا السؤال يقتبس منه كيف يدعو العبد ربه فيقول : يا رب ما تصنع بعذابى ، فانى أدعوك أن تغفر لى.

(٦) الآية ٧٧ سورة الفرقان

(٧) الآية ١٧ سورة طه

(٨) الآية ٣٨ سورة آل عمران. وورد فى مواطن أخرى

(٩) الآية ٢١٤ سورة البقرة

(١٠) الآية ٩ سورة الأنفال

(١١) الآية ٨٣ سورة الأنبياء

١٦٥

التّاسع : سؤال الاستعانة : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً)(١).

العاشر : سؤال القربة : (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ)(٢).

الحادى عشر : سؤال العذاب والهلاك : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ)(٣).

الثانى عشر : سؤال المغفرة : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي)(٤).

الثالث عشر : سؤال الاستماع للسائل والمحروم : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ)(٥)

الرابع عشر : سؤال (٦) المعاودة والمراجعة لنوح : (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٧) ، ولمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تَسأل عن أصحاب الجحيم (٨) ، وللصّحابة : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(٩).

الخامس عشر : سؤال الطّلب وعرض الحاجة : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١٠) ، (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)(١١).

السادس عشر : سؤال المحاسبة والمناقشة : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ)(١٢) ، (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ)(١٣).

__________________

(١) الآية ٨٩ سورة الأنبياء

(٢) الآية ١١ سورة التحريم

(٣) الآية ٢٦ سورة نوح

(٤) الآية ٤١ سورة ابراهيم ، وورد فى مواطن أخرى

(٥) الآية ١٠ سورة الضحى

(٦) كان المراد سؤال ترك المعاودة

(٧) الآية ٤٦ سورة هود

(٨) الآية ١١٩ سورة البقرة ، وهو يريد قراءة نافع ويعقوب بفتح التاء وجزم اللام على أن (لا) ناهية. وقراءة الباقين بضم التاء ورفع اللام ولا نافية. وانظر الاتحاف

(٩) الآية ١٠١ سورة المائدة

(١٠) الآية ٢٩ سورة الرحمن

(١١) الآية ٣٢ سورة النساء

(١٢) الآية ٩٢ سورة الحجر

(١٣) الآية ٦ سورة الأعراف

١٦٦

السّابع عشر : سؤال المخاصمة : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)(١) ، (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ)(٢) أى يتخاصمون.

الثامن عشر : سؤال الإجابة والاستجابة : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي)(٣).

التّاسع عشر : سؤال التعنّت : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ)(٤).

العشرون : سؤال الاستفتاء والمصلحة ، وذلك على وجوه / مختلفة :

تارة من (٥) حيض العيال (٦) : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ)(٧).

وتارة من (٨) نفقة الأموال : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ)(٩).

وتارة عن حكم الهلال : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ)(١٠).

وتارة عن القيامة وما فيها من الأهوال : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ)(١١).

وتارة عن حال الجبال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ)(١٢).

وتارة عن الحرب والقتال : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ)(١٣).

وتارة عن الحرام والحلال : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ)(١٤) ، (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)(١٥).

__________________

(١) أول سورة النبأ

(٢) الآية ٢٧ سورة الصافات

(٣) الآية ١٨٦ سورة البقرة

(٤) الآية ٨٥ سورة الاسراء

(٥) كذا فى الأصلين. والأولى : عن

(٦) العيال : جمع عيل ، هو من تتكفل به ، وأراد به النساء

(٧) الآية ٢٢٢ سورة البقرة

(٨) كذا فى الأصلين. والأولى : عن

(٩) الآية ٢١٥ سورة البقرة

(١٠) الآية ١٨٩ سورة البقرة

(١١) الآية ١٨٧ سورة الأعراف

(١٢) الآية ١٠٥ سورة طه

(١٣) الآية ٢١٧ سورة البقرة

(١٤) الآية ٤ سورة المائدة

(١٥) الآية ٢١٩ سورة البقرة

١٦٧

وتارة عن اليتيم وإصلاح ما له من المال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى)(١).

وتارة عن الغنائم : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ)(٢).

وتارة عن العذاب والنكال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ)(٣).

وتارة عن العاقبة والمآل : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)(٤).

وتارة عن المبالغة فى الجدال (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها)(٥).

وتارة عن كرم ذى الجلال : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ)(٦). قال الشاعر :

إذا كنت فى بلد قاطنا

وللعلم مقتبسا (٧) فاسأل

فإن السّؤال شفاء العباد

كما قيل فى الزّمن الأوّل

__________________

(١) الآية ٢٢٠ سورة البقرة

(٢) أول سورة الأنفال

(٣) أول سورة المعارج

(٤) الآية ٨ سورة التكاثر

(٥) الآية ١٨٧ سورة الأعراف

(٦) الآية ١٨٦ سورة البقرة

(٧) فى الأصلين : «مقتبس»

١٦٨

٢ ـ بصيرة فى السبب

وهو الحبل ، وما يتوصّل به إلى غيره ، واعتلاق قرابة. والجمع : أسباب. وأسباب السّماء : مراقيها ونواحيها أو أبوابها. وقطع الله به السّبب أى الحياة.

وقوله تعالى : (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ)(١) إشارة إلى قوله : (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ)(٢). وقوله : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً)(٣) فالمعنى : آتاه الله من كلّ شىء معرفة وذريعة يتوصّل بها فأتبع واحدا من تلك الأسباب ، وعلى ذلك قوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ)(٤) أى لعلّى أبلغ الأسباب (٥) والذرائع الحادثة فى السماء فأتوصّل بها إلى معرفة ما يدّعيه موسى.

وسمّى العمامة والخمار والوتد وكلّ شقّة رقيقة سببا (٦) تشبيها بالحبل فى الطّول.

والسّبّ : الشتم ، وقد سبّه سبّا وسبّيبى. وقوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً)(٧) فسبّهم الله ليس أنّهم

__________________

(١) الآية ١٠ سورة ص

(٢) الآية ٣٨ سورة الطور

(٣) الآيتان ٨٤ و ٨٥ سورة الكهف

(٤) الآيتان ٣٦ ، ٣٧ سورة غافر

(٥) نحا فى هذا الى تفسير الأسباب بغير التفسير السابق ، وهو مراقى السماء ونواحيها

(٦) كذا فى الأصلين. وقد تبع فى هذا الراغب. والذى فى اللسان والقاموس أن الخمار والعمامة يقال لهما سبّ لا سبب

(٧) الآية ١٠٨ سورة الأنعام

١٦٩

يسبّون الله صريحا ، ولكن يخوضون فى ذكره ، فيذكرونه بما لا يليق ، ويتمادون فى ذلك بالمجادلة ، ويزدادون فى ذكره بما تنزّه عنه تعالى.

وسبيبك وسبّك : من يسابّك. وبينهم أسبوبة يتسابّون بها.

والسّبيب من الفرس : شعر الذنب والعرف والناصية ، والخصلة من الشعر.

وسبسب الماء : أساله ، وأجراه ، فتسبسب.

والسّبسب : المفازة ، أو الأرض المستوية البعيدة.

والسّبّة ـ بالضمّ ـ : العار ، ومن يكثر النّاس سبّه.

والسّبّة ـ بالكسر ـ : الإصبع السّبّابة (١) ، سمّيت بها للإشارة بها عند السبّ

__________________

(١) وهى التى تلى الابهام

١٧٠

٣ ـ بصيرة فى السبت

السّبت : الراحة ، والقطع ، والدّهر ، وحلق الرّأس ، وإرسال الشّعر عن العقص ، وسير للإبل ، والحيرة ، والفرس الجواد ، والغلام العارم الجريء ، وضرب العنق ، ويوم من الأسبوع ، والرّجل الكثير النّوم ، والرجل الدّاهية ، كالسّبات ، وقيام اليهود بأمر السبت ، وقد سبتوا يسبتون ويسبتون. قيل : سمّى سبتا لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السّماوات والأرض / يوم الأحد فخلقها فى ستّة أيّام كما ذكره (١) ، فقطع عمله يوم السّبت فسمّى بذلك.

فقوله تعالى : (يَوْمَ سَبْتِهِمْ)(٢) ، قيل : يوم قطعهم للعمل ، و (يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ)(٣) قيل : معناه لا يقطعون العمل ، وقيل : يوم لا يكونون فى السّبت ، وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة. وقوله : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ)(٤) أى ترك العمل فيه. وقوله (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً)(٥) أى قطعا للعمل ، وفيه إشارة إلى ما فى قوله فى صفة اللّيل (لِتَسْكُنُوا فِيهِ)(٦). وقيل السّبات : النّوم ، وقيل : النّوم الخفيف ، وقيل : نوم يكون ابتداؤه فى الرّأس حتى يبلغ القلب.

__________________

(١) كقوله تعالى فى الآية ٥٤ من سورة الأعراف : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ).

(٢) ١٦٣ سورة الأعراف

(٣) ١٦٣ سورة الأعراف

(٤) الآية ١٢٤ سورة النحل.

(٥) الآية ٩ سورة النبأ

(٦) الآية ٦٧ سورة يونس

١٧١

٤ ـ بصيرة فى السبح

وهو العوم ، سبح بالنّهر وفيه سبحا وسباحة ـ بالكسر ـ : عام. وهو سابح ، وسبوح من سبحاء ، وسبّاح من سبّاحين.

وقوله تعالى (وَالسَّابِحاتِ)(١) ، قيل : هى السّفن ، وقيل : أرواح المؤمنين ، وقيل : هى النجوم ، استعير السّبح لمرّها فى الفلك ؛ كقوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٢). واستعير لسرعة الذهاب فى العمل كقوله (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً)(٣).

والتسبيح : تنزيه الله تعالى ، وأصله المرّ السّريع فى العبادة. وجعل ذلك فى فعل الخير ، كما جعل الإبعاد فى الشرّ ، فقيل : أبعده الله. وجعل التّسبيح عامّا فى العبادات ، قولا كان أو فعلا أو نيّة ، وقوله تعالى : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ)(٤) قيل : من المصلّين ، والأولى أن يحمل على ثلاثتها (٥). وقوله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ)(٦) أى هلّا تعبدونه وتشكرونه ، وحمل ذلك على الاستثناء وهو أن يقول : إن شاء الله ، ويدل [على ذلك (٧)] قوله : (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ)(٨)

__________________

(١) الآية ٣ سورة النازعات.

(٢) (الآية ٣٣ سورة الأنبياء ، والآية ٤٠ سورة يس.

(٣) (الآية ٧ سورة المزمل.

(٤) (الآية ١٤٣ سورة الصافات.

(٥) (يريد العبادة القولية والفعلية والقلبية التى مناطها النية.

(٦) (الآية ٢٨ سورة القلم.

(٧) (زيادة من الراغب.

(٨) (الآيتان ١٧ ، ١٨ سورة القلم.

١٧٢

وقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(١) كقوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٢). [(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٣)]. وذلك يقتضى أن يكون سجودا على الحقيقة ، وتسبيحا (٤) له على وجه لا نفقهه ، بدلالة قوله (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ) ، ودلالة قوله : (وَمَنْ فِيهِنَ)(٥) بعد ذكر السّماوات والأرض. ولا يصحّ أن يكون تقديره : يسبّح له من فى السّماوات ، ويسبّح (٦) له من فى الأرض (٧) ؛ لأنّ هذا ممّا نفقهه ، ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره ، ثمّ يعطف عليه بقوله : (وَمَنْ فِيهِنَ).

والأشياء تسبّح وتسجد ، بعضها بالتّسخير وبعضها بالاختيار ، ولا خلاف أنّ السماوات والأرض والدّوابّ مسبّحات بالتسخير ، من حيث إنّ أحوالها تدلّ على حكمة الله تعالى ، وإنما الخلاف فى السماوات والأرض هل تسبّح باختيار ، والآية تقتضى ذلك.

وسبحان الله أى تنزيها لله من الصّاحبة والولد. وهى معرفة ونصبها على المصدر ، أى أبرئ الله من السّوء براءة ، أو معناه السرعة إليه والخفّة فى طاعته. وسبحان من كذا : تعجّب منه. وأنت أعلم بما فى سبحانك

__________________

(١) (الآية ٤٤ سورة الاسراء

(٢) (الآية ١٥ سورة الرعد

(٣) (ما بين القوسين زيادة من الراغب ، والآية ٤٩ سورة النحل

(٤) (فى الأصلين والراغب «تسبيحا على الحقيقة ، وسجودا له على وجه» والمناسب ما أثبت

(٥) (أى فى صدر آية الاسراء : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ)

(٦) (فى الأصلين والراغب : «يسجد» والمناسب ما أثبت.

(٧) (فى الأصلين : «السموات» وما أثبت عن الراغب.

١٧٣

أى بما فى نفسك. وسبّح تسبيحا : قال : سبحان الله. وسبّوح قدّوس ـ وقد يفتح أوّلهما ـ كسمّور (١) وتنّور ـ من صفات الله تعالى ؛ لأنّه يسبّح ويقدّس.

والسّبحة ـ بالضمّ ـ خرزات يسبّح بها. والسّبحات ـ بضمتين ـ : مواضع السجود. وسبحات وجه الله : أنواره. وقيل : سبحة الله : جلاله.

والتّسبيح : الصّلاة ، ومنه قوله تعالى : (كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ)(٢).

وفى بعض الأخبار أنّ تسبيح حملة العرش : سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر. وتسبيح ميكائيل مع الكروبيّين (٣) : سبحان المعبود بكلّ مكان ، سبحان المذكور بكلّ لسان.

وتسبيح جبريل مع الرّوحانيّين : سبحان الملك القدّوس ، سبّوح قدّوس ، ربّ الملائكة والرّوح.

وتسبيح الرّضوان (٤) : سبحان من فى السّماء عرشه ، سبحان من فى الأرض سلطانه ، سبحان من فى الجنّة فضله.

وتسبيح مالك خازن النّار : سبحان من فى البرّ بدائعه ، سبحان من فى البحر عجائبه ، سبحان من فى النّار عذابه.

__________________

(١) السمور : دابة يتخذ من جلودها فراء ثمينة.

(٢) الآية ١٤٣ سورة الصافات.

(٣) الكروبيون : سادة الملائكة.

(٤) يريد خازن الجنة من الملائكة ، والمشهور فيه : رضوان ، دون ال.

١٧٤

وتسبيح عزرائيل مع أعوانه : سبحان من تعزّز بالقدرة ، وقهر العباد بالموت.

وتسبيح آدم عليه‌السلام : سبحان ذى الملك والملكوت ، سبحان ذى القدرة والجبروت ، سبحان الحىّ الذى لا يموت.

وتسبيح نوح عليه‌السلام : سبحان ذى المجد والنّعم ، سبحان ذى القدرة والكرم ، سبحان ذى الجلال والإكرام.

وتسبيح إبراهيم : سبحان الأوّل المبدئ ، سبحان الباقى المغنى ، سبحان المسمّى قبل أن يسمّى ، سبحان العلىّ الأعلى ، سبحان الله وتعالى.

وتسبيح يعقوب : سبحان الّذى أحاط بكلّ شىء علما ، سبحان الّذى أحصى كلّ شىء عددا ، سبحان حافظ كلّ غائب ، ورادّ كل فائت.

وتسبيح يوسف : سبحان الذى تعطّف (١) بالعزّ وقال (٢) به ، سبحان الّذى لبس المجد وتكرّم به ، سبحان من لا ينبغى التسبيح إلّا له.

وتسبيح موسى : سبحان ذى العز الشامخ المنيف ، سبحان ذى الجلال الباذخ العظيم ، سبحان ذى الملك القاهر القديم ، سبحان من هو فى علوّه دان وفى دنوّه عال ، وفى إشراقه منير ، وفى سلطانه قوىّ ، وفى ملكه عزيز ، سبحان ربّى العظيم.

__________________

(١) تعطف : ارتدى ، من العطاف وهو الرداء. وتعطف الله سبحانه بالعز : اتصافه به.

(٢) قال به : أى أحبه واختاره ، كما يقال : فلان يقول بقول فلان ، أو حكم به. أو غلب به من القيل : الملك ، لأنه ينفذ قوله. أقوال فى تفسير الحديث ، وانظر النهاية.

١٧٥

وتسبيح عيسى : سبحان الواحد الأحد ، سبحان الباقى على الأبد (١) ، سبحان الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

وتسبيح نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه. قال النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قالها كلّ يوم سبعين مرّة حطّت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد (٢) البحر».

وتسبيح المؤمنين : سبحانك اللهمّ وبحمدك ، فى أوّل الصّلاة ، وسبحان ربّى العظيم ، فى الرّكوع ، وسبحان ربّى الأعلى ، فى السّجود.

وقد ذكر الله تعالى (سُبْحانَ) فى القرآن فى خمسة وعشرين موضعا ، فى ضمن كلّ واحد منها إثبات صفة من صفات المدح ، ونفى صفة من صفات الذّم ، وهى :

(سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا)(٣) ، (سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤)(سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ)(٥) ، (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍ)(٦) ، (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ)(٧). (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٨) ، (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ)(٩) ، (سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)(١٠) ، (سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُ)(١١) ، (وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ

__________________

(١) ب : «أبد»

(٢) زبد البحر : ما يطفو على وجهه كالرغوة

(٣) الآية ٣٢ سورة البقرة

(٤) الآية ١١٦ سورة البقرة

(٥) الآية ١٧١ سورة النساء

(٦) الآية ١١٦ سورة المائدة

(٧) الآية ١٠٠ سورة الأنعام

(٨) الآية ٤٣ سورة الطور

(٩) الآية ١٤٣ سورة الأعراف

(١٠) الآية ١٠ سورة يونس

(١١) الآية ٦٨ سورة يونس

١٧٦

الْمُشْرِكِينَ)(١) ، (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)(٢) ، (سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً)(٣) ، (سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(٤) ، (سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(٥) ، (سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ)(٦) ، (سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ)(٧) ، (وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(٨) ، (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(٩) ، (سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ)(١٠) ، (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها)(١١)(فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(١٢) ، (سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ)(١٣) ، (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا)(١٤) ، (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١٥) ، / ، (سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ)(١٦). (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ)(١٧).

وأمّا من جهة المعنى فقد ورد على سبعة وجوه :

الأوّل : بمعنى الصّلاة والخدمة : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ)(١٨) ، أى يصلّى.

الثانى : بمعنى التعجّب : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)(١٩).

__________________

(١) الآية ١٠٨ سورة يوسف

(٢) صدر سورة الاسراء

(٣) الآية ١٠٨ سورة الاسراء

(٤) الآية ٢٦ سورة الأنبياء

(٥) الآية ٨٧ سورة الأنبياء

(٦) الآية ١٦ سورة النور

(٧) الآية ١٨ سورة الفرقان

(٨) الآية ٨ سورة النمل

(٩) الآية ١٧ سورة الروم

(١٠) الآية ٤١ سورة سبأ

(١١) الآية ٣٦ سورة يس

(١٢) الآية ٨٣ سورة يس

(١٣) الآية ٤ سورة الزمر

(١٤) الآية ١٣ سورة الزخرف

(١٥) الآية ٨٢ سورة الزخرف

(١٦) الآية ٢٩ سورة القلم

(١٧) الآية ١٨٠ سورة الصافات

(١٨) صدر سورتى الجمعة والتغابن

(١٩) صدر سورة الاسراء

١٧٧

الثالث : بمعنى ذكر الحق : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ)(١).

الرّابع : بمعنى التّوبة : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ)(٢).

الخامس : بمعنى الاستثناء (٣) : (لَوْ لا تُسَبِّحُونَ)(٤) ، أى لو لا تستثنون.

السّادس : بمعنى تنزّه الحقّ تعالى من العيوب والآفات : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ)(٥).

السّابع : بمعنى التّنزيه والتّقديس : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)(٦).

__________________

(١) الآية ١٣ سورة الرعد

(٢) الآية ١٤٣ سورة الأعراف.

(٣) يراد به تعقيب الكلام بأن يقال : أن شاء الله.

(٤) الآية ٢٨ سورة القلم.

(٥) الآية ٨٣ سورة يس.

(٦) الآية ٣٠ سورة البقرة

١٧٨

٥ ـ بصيرة فى السبخ والسبط والسبع والسبغ

قرئ فى الشّاذّ (سبخا (١)). سبّخ الله عنه الحمّى تسبيخا أى نفّسها عنه.

والسّبيخة : قطعة من قطن أو صوف ممّا ليس له ثقل ولا اكتناز.

والسّبط ، والسّبط ـ بفتحتين ـ والسّبط ـ ككتف ـ : نقيض الجعد. وقد سبط ـ ككرم وعلم ـ سبطا وسبوطة وسباطة : انبسط فى سهولة. ورجل سبط اليدين : سخىّ.

والسّبط ـ بالكسر ـ : ولد الولد ، كأنّه امتداد الفروع ، والجمع : أسباط ، والقبيلة من اليهود ، والجمع : الأسباط أيضا. وقوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً)(٢) بدل (٣) لا تمييز.

والسّبع من العدد معروف. وهم سبعة رجال ، وسبع نسوة. وقوله تعالى : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً)(٤) يعنى السّماوات السبع. (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي)(٥) قيل : سورة الفاتحة ؛ لأنها سبع آيات ، والمثانى لأنّها نزلت مرّتين ، أو لأنّها تثنى فى كلّ صلاة عند من لا يعدّ

__________________

(١) الآية ٧ سورة المزمل. وقراءة (سبخا) بالخاء تعزى الى ابن يعمر وعكرمة وابن أبى عيلة. وانظر البحر المحيط ٨ / ٣٦٣. والمراد بالسبخ على تفسير المؤلف ، الخفة والنشاط ،

(٢) الآية ١٦٠ سورة الاعراف.

(٣) يريد أن (أَسْباطاً) فى الآية بدل لا تمييز ، لأن تمييز العدد المركب يكون مفردا لا جمعا.

(٤) الآية ١٢ سورة النبأ.

(٥) الآية ٨٧ سورة الحجر.

١٧٩

الرّكعة صلاة. وقيل غير ذلك. وقيل السّبع : الطول (١) وهى من البقرة إلى الأعراف (٢) ، وسمّى (٣) مثانى لأنّها تثنّى فيها القصص.

والسّبع والسّبع والسّبع سمّى به لتمام قوّته ، وذلك ؛ لأنّ السّبع من الأعداد التّامّة كأنه سبع حيوانات ، والجمع : سباع وأسبع. وأرض مسبعة : ذات سباع.

وسبع القوم كمنع : كان سابعهم أو أخذ سبع أموالهم. والأسبوع من الأيام ، والجمع : أسابيع. وطاف بالبيت أسبوعا وسبعا وسبوعا وأسبع القوم : صاروا سبعة ، أو وقع السّبع فى مواشيهم.

وورد السّبع وسبعون فى القرآن على وجوه :

الأوّل : ما ورد فى التمتع وصومه : (وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)(٤).

الثّانى : في تضعيف العطاء : (أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ)(٥).

الثالث : فى تعبير رؤيا للملك (٦) ريّان (٧) : (سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ)(٨).

__________________

(١) كذا فى ب. وفى أ «الطوال». والطول جمع الطولى ، والطوال جمع الطويلة.

(٢) كذا فى الأصلين. والصواب ـ كما فى القاموس فى (ثنى) ـ «الى براءة» على أن يعد الانفال وبراءة سورة واحدة ، ولذا لم يفصل بينهما بالبسملة ، كما ذكره فى التاج فى (سبع) ، وبهذا يكمل السبع ، فان السور من البقرة الى الاعراف ست لا سبع.

(٣) أى المذكور. والأولى : «سميت».

(٤) الآية ١٩٦ سورة البقرة.

(٥) الآية ٢٦١ سورة البقرة.

(٦) ب : «للسيد».

(٧) فى تاريخ الطبرى ١ / ٣٤٢ تحقيق الاستاذ محمد أبى الفضل ابراهيم : أنه الوليد بن الريان. وهذا ونحوه لم يأت به ثبت من الأخبار ، فالأولى الامساك عن تعيينه.

(٨) (الآية ٤٣ سورة يوسف.

١٨٠