بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٢٣

١٧ ـ بصيرة فى الاكل

الأكل تناول المطعم. وعلى طريق التشبيه [به](١) يقال : أكلت النار الحطب. والأكل ـ بالضمّ [وبضمّتين (٢)] ـ : اسم لما يؤكل. والأكلة للمرة. والأكلة ـ بالضمّ ـ : اللقمة. وأكيلة الأسد : فريسته. وفلان ذو أكل من الزّمان : ذو نصيب وحظّ. واستوفى أكله : كناية عن بلوغ الأجل وأكل فلانا : اغتابه.

وقد ورد فى نصّ القرآن على تسعة أوجه.

الأوّل : بمعنى الفواكه والثمرات (كِلْتَا (٣) الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها).

الثانى : بمعنى تناول المطعم : (وَكُلا (٤) مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما).

الثالث : بمعنى الإحراق : (حَتَّى يَأْتِيَنا (٥) بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ).

الرّابع : بمعنى الابتلاع : (يَأْكُلُهُنَ (٦) سَبْعٌ عِجافٌ) أى يبتلعهنّ.

الخامس : بمعنى الإبطال : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ (٧) بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ).

السّادس : بمعنى الافتراس : (وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ (٨) الذِّئْبُ) أى يفترسه

__________________

(١) زيادة من الراغب

(٢) زيادة من القاموس

(٣) الآية ٣٣ سورة الكهف

(٤) الآية ٣٥ سورة البقرة

(٥) الآية ١٨٣ سورة آل عمران

(٦) الآيتان ٤٣ ، ٤٦ سورة يوسف

(٧) الآية ٤٨ سورة يوسف

(٨) الآية ١٣ سورة يوسف

٨١

السّابع : بمعنى الانتفاع بالمأكول والمشروب والملبوس : (كُلُوا (١) مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (كُلُوا (٢) مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).

الثامن : بمعنى أخذ الأموال بالباطل : (وَلا تَأْكُلُوا (٣) أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (إِنَّ الَّذِينَ (٤) يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً).

التاسع : بمعنى الرّزق المأكول : (لَأَكَلُوا (٥) مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) أى لجاءتهم الأمطار من السّماء ، والثمار من الأرض.

وقد يعبّر بالأكل عن الفساد ؛ (كَعَصْفٍ (٦) مَأْكُولٍ) وتأكّل الشيء : فسد ، وأصابه أكال فى رأسه وتأكّل أى فساد. وكذا فى أسنانه. وهم أكلة رأس : عبارة عن ناس من قلّتهم يشبعهم رأس مشوىّ.

__________________

(١) الآية ١٦٨ سورة البقرة

(٢) الآية ١٧٢ سورة البقرة

(٣) الآية ١٨٨ سورة البقرة

(٤) الآية ١٠ سورة النساء

(٥) الآية ٦٦ سورة المائدة

(٦) الآية ٥ سورة الفيل

٨٢

١٨ ـ بصيرة فى الاهل

أهل الرّجل : من يجمعه وإيّاهم نسب ، أو دين ، أو ما يجرى مجراهما : من صناعة. وبيت ، وبلد ، (وصنعة (١)). فأهل الرّجل [فى الأصل (٢)] من يجمعه وإيّاهم مسكن واحد ثمّ تجوّز به (وقيل (٣)) أهل بيت الرّجل لمن يجمعه وإياهم [نسب] وتعورف فى أسرة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم مطلقا (٤) وعبّر بأهل الرّجل عن امرأته.

ولمّا كانت الشريعة حكمت برفع النّسب فى كثير من الأحكام بين المسلم والكافر قال تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ (٥) أَهْلِكَ) وفى المثل : الأهل إلى الأهل أسرع من السيل إلى السّهل. وفى خبر بلا زمام (٦) : إن لله ملكا فى السّماء السّابعة تسبيحه : سبحان من يسوق الأهل إلى الأهل. وقال الشاعر (٧) :

لا يمنعنّك خفض العيش فى دعة

نزوع نفس إلى أهل وأوطان

تلقى بكلّ بلاد إن حللت بها

أهلا بأهل وجيرانا بجيران

والأهل فى نصّ التنزيل ورد على عشرة أوجه :

__________________

(١) سقطت هذه العبارة فى الراغب ، وهو أولى فانها تتكرر مع (صناعة) وقد يكون : (وضيعة).

(٢) زيادة من الراغب.

(٣) عبارة الراغب : «فقيل» وهى أولى.

(٤) فى الراغب بعد زيادة : «اذا قيل أهل البيت».

(٥) الآية ٤٦ سورة هود.

(٦) أى بلا اسناد.

(٧) هذان البيتان فى الحماسة غير منسوبين. وانظر الحماسية ٨٢ بشرح المرزوقى.

٨٣

الأول : بمعنى سكّان القرى : (أَفَأَمِنَ (١) أَهْلُ الْقُرى).

الثانى : بمعنى قرّاء التوراة والإنجيل : (يا أَهْلَ الْكِتابِ) وله نظائر.

الثالث : بمعنى أصحاب الأموال وأرباب الأملاك : (إِنَّ اللهَ (٢) يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) أى أربابها.

الرّابع : بمعنى العيال والأولاد : (وَسارَ (٣) بِأَهْلِهِ) أى بزوجه وولده.

الخامس : بمعنى القوم ، وذوى القرابة : (فَابْعَثُوا (٤) حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها).

السادس : بمعنى المختار ، والخليق ، والجدير : (كانُوا (٥) أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها).

السّابع : بمعنى الأمّة ، وأهل الملّة : (وَكانَ (٦) يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ).

الثّامن : المستوجب المستحقّ للشيء : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى (٧) وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ).

التّاسع : بمعنى العترة ، والعشيرة ، والأولاد ، والأحفاد ، والأزواج ، والذريات : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ (٨) بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) ، (إِنَّما يُرِيدُ (٩) اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ).

العاشر : بمعنى الأولاد ، وأولاد أولاد الخليل : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ (١٠) أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

__________________

(١) الآية ٩٧ سورة الأعراف

(٢) الآية ٥٨ سورة النساء

(٣) الآية ٢٩ سورة القصص

(٤) الآية ٣٥ سورة النساء

(٥) الآية ٢٦ سورة الفتح

(٦) الآية ٥٥ سورة مريم

(٧) الآية ٥٦ سورة المدثر

(٨) الآية ١٣٢ سورة طه

(٩) الآية ٣٣ سورة الأحزاب

(١٠) الآية ٧٣ سورة هود

٨٤

وأهلك الله فى الجنّة أى زوّجك. وجعل لك فيها أهلا يجمعك وإياهم. وجمع الأهل أهلون وآهال وأهلات. وفى الحديث (١) : اصنع المعروف إلى من هو أهله ، وإلى من ليس أهله. فإن أصبت أهله فهو أهله ، وإن لم تصب أهله فأنت من أهله.

__________________

(١) ورد فى تمييز الطيب من الخبيث وقال : «أخرجه القضاعى عن طريق سعيد بن مسلمه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده. رفعه بهذا وهو مرسل». وورد فى الجامع الصغير وفى الشرح أنه حديث ضعيف.

٨٥

١٩ ـ بصيرة فى الاول ، والاولى

وقد ورد الأوّل فى نصّ القرآن على اثنى عشر وجها :

الأوّل : بمعنى بيت الله الحرام : (إِنَ (١) أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ).

الثانى : بمعنى الكليم موسى عليه‌السلام : (تُبْتُ (٢) إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ).

الثالث : بمعنى الكفّار من اليهود : (وَلا تَكُونُوا (٣) أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ).

الرّابع : بمعنى سيّد المرسلين : (فَأَنَا (٤) أَوَّلُ الْعابِدِينَ) ، (وَأُمِرْتُ (٥) لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ).

الخامس : بمعنى سحرة فرعون : (أَنْ كُنَّا (٦) أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ).

السّادس : بمعنى قوم عيسى وقت نزول المائدة : (تَكُونُ (٧) لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا).

السّابع : بمعنى أهل العقوبة فى النّار : (وَقالَتْ (٨) أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ).

الثامن : بمعنى المظلومين من بنى إسرائيل : (فَإِذا (٩) جاءَ وَعْدُ أُولاهُما).

التاسع : فى تشبيه سيّد المرسلين بالأنبياء والرّسل الماضين : (كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ). (١٠)

__________________

(١) الآية ٩٦ سورة آل عمران

(٢) الآية ١٤٣ سورة الأعراف

(٣) الآية ٤١ سورة البقرة

(٤) الآية ٨١ سورة الزخرف

(٥) الآية ١٢ سورة الزمر

(٦) الآية ٥١ سورة الشعراء

(٧) الآية ١١٤ سورة المائدة

(٨) الآية ٣٩ سورة الأعراف

(٩) الآية ٥ سورة الاسراء

(١٠) الآية ٥ سورة الأنبياء

٨٦

العاشر : بمعنى مجمع الخلائق فى معسكر المآبر (١) : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ (٢)وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ).

الحادى عشر فى خضوع سيّد المرسلين وخشوعه ، وانقياده حال الصّلاة : (وَبِذلِكَ (٣) أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).

الثانى عشر : فى الجمع بين صفتى الأوّليّة والآخريّة (٤) للحقّ تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ (٥) وَالْآخِرُ).

وأمّا من طريق المعنى فإنّه يأتى على ستّة أوجه : إمّا على سبيل التقريب ؛ كالفعل والفاعل. وإمّا على حكم الترتيب ، كالتشبيه والجسميّة. وإمّا من طريق التركيب ؛ كالفرد والبسيط مع المركّبات. وإمّا بحسب العقل ؛ كالبديهيّات مع الاستدلاليات. وإمّا بطريق الحسّ : كالضّروريّات مع القضايا. وإمّا على حكم المجاورة ؛ كالدنيا مع الآخرة.

وأصل الأوّل أوأل. وقيل : ووأل. والجمع الأوائل ، والأوالى على القلب ، والأوّلون. وتأنيثه الأولى ، والجمع الأول.

وإذا جعلته صفة منعته من الصّرف ، وإلّا فصرفته (٦). تقول : لقيته عاما أوّل ، وعاما أوّلا ، وعام الأوّل مردود أو قليل. وتقول : ما رأيته مذ عام أوّل ، ترفعه على الوصف ، وتنصبه على الظّرف. وابدأ به أوّل يضمّ على الغاية ، كفعلته قبل ، وأوّل كلّ شيء بالنصب. وتقول : ما رأيته مذ أوّل من أوّل من أمس ، ولا يجاوز ذلك.

__________________

(١) كذا وقد يكون (المنابر) أو (المآزق).

(٢) الآيتان ٤٩ ، ٥٠ سورة الواقعة.

(٣) الآية ١٦٣ سورة الأنعام.

(٤) ا ، ب : «الآخرة».

(٥) الآية ٣ سورة الحديد.

(٦) كذا ، والوجه ترك الفاء.

٨٧

وقال الخليل : تأسيس الأوّل من همزة وواو ولام. قال (١) : وقد قيل : من واوين ولام. والأوّل أصحّ ؛ لقلّة وجود ما فاؤه وعينه حرف واحد ؛ كددن. فعلى الأوّل يكون من آل يئول. وأصله آول ، فأدغمت المدّة (٢) ؛ لكثرة الكلمة. وهو فى الأصل صفة لقولهم فى مؤنّثه : أولى.

قال أبو القاسم (٣) الأصبهانى : الأوّل يستعمل على أوجه :

الأوّل : المقدّم بالزمان ؛ كقولك : عبد الملك أوّلا ، ثم منصور.

الثّانى : المتقدّم بالرّئاسة فى الشىء ، وكون غيره محتذيا به ؛ نحو الأمير أوّلا [ثم] الوزير.

الثالث : المتقدّم بالوضع والنسبة ؛ كقولك للخارج من العراق إلى مكة : القادسيّة أوّلا ، ثمّ فيد. وتقول للخارج من مكّة : فيد أوّلا ثمّ القادسيّة.

الرّابع : المتقدّم بالنظام الصّناعى ؛ نحو أن يقال : الأساس أوّلا ، ثمّ البناء. وإذا قيل فى صفة الله تعالى : هو الأوّل فمعناه الّذى لم يسبقه فى الوجود شىء. وإلى هذا يرجع من قال : هو الّذى لا يحتاج إلى غيره ، ومن قال : هو المستغنى بنفسه. وقوله : أنا أوّل المسلمين وأنا أول المؤمنين معناه أنا المقتدى بى (فى) (٤) الإسلام ، والإيمان. (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) أى ممّن يقتدى بكم فى الكفر والله أعلم.

__________________

(١) انظر من القائل. ومقتضى السياق أنه الخليل. والظاهر أنه من كتاب العين. ونسبته الى الخليل موضع شك.

(٢) أى بعد قلبها واوا

(٣) هو الراغب فى المفردات

(٤) زيادة من الراغب

٨٨

٢٠ ـ بصيرة فى الآخرة ، والآخر ، والاخرى

الآخر : اسم يقابل به الأوّل ، موضوع للنّهاية ؛ كما أن مقابله للبداية (١) ، مشتقّ من أخر يأخر كضرب يضرب ، أخورا ، فهو آخر ، وهما آخران وهم آخرون. وفى المؤنّث : آخرة ، وآخرتان ، وآخرات ، وأواخر.

وآخر ـ بفتح الخاء ـ يقابل به الواحد. وهما آخران ، وهم آخرون ، وفى المؤنّث تقول : أخرى ، وأخريان ، وأخر.

والأخير والأخيرة بمعنى الآخر ، والآخرة. وأخر الأمر : آخره. وأخرى اللّيالى : آخر الدّهر.

ويعبّر بالدّار الآخرة عن النّشأة الثانية ؛ كما يعبّر بالدّار الدّنيا عن النشأة الأولى : (وَإِنَّ الدَّارَ (٢) الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ). وربّما ترك ذكر الدّار ؛ كقوله : (لَيْسَ لَهُمْ (٣) فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ). وقد يوصف الدّار بالآخرة تارة ، ويضاف إليها أخرى ؛ نحو (وَالدَّارُ (٤) الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ، (وَلَدارُ (٥) الْآخِرَةِ خَيْرٌ) والتقدير هنا : دار الحياة الآخرة.

وذكرت هذه الألفاظ فى نصّ القرآن على ثلاثة عشر وجها.

الأوّل : بمعنى أهل المعصية والطّاعة ؛ (وَآخَرُونَ (٦) اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ).

__________________

(١) قال الصاغانى فى العباب : «قول العامة : البداية موازاة للنهاية لحن. ولا يقاس على الغدايا والعشايا ، فانها مسموعة بخلاف البداية» يريد أنها لا تجرى على أصل الازدواج لأنه يقتصر فيه على المسموع.

(٢) الآية ٦٤ سورة العنكبوت

(٣) الآية ١٦ سورة هود

(٤) الآية ١٦٩ سورة الأعراف

(٥) الآية ١٠٩ سورة يوسف

(٦) الآية ١٠٢ سورة التوبة

٨٩

الثانى : آخر بمعنى العذاب والعقوبة : (وَآخَرُ مِنْ (١) شَكْلِهِ أَزْواجٌ).

الثّالث : أخرى بمعنى أهل النّار فى حال التوبيخ والتعيير (قالَتْ (٢) أُخْراهُمْ).

الرابع : أخرى بمعنى إحياء الخلق يوم القيامة. (وَمِنْها (٣) نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى).

الخامس : الآخرة بمعنى يوم القيامة : (وَإِنَّ الَّذِينَ (٤) لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ).

السّادس : بمعنى الجنّة خاصّة : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ (٥) اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) أى فى الجنّة.

السّابع : بمعنى الجحيم خاصّة (ساجِداً (٦) وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) بمعنى النار.

الثامن : بمعنى الأخير فى المدّة : (ما سَمِعْنا (٧) بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) أى الأخيرة (٨).

التاسع : بمعنى القبر : (بِالْقَوْلِ (٩) الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) أى فى القبر.

العاشر : أهل النفاق : (سَمَّاعُونَ (١٠) لِقَوْمٍ آخَرِينَ).

الحادى عشر : بمعنى المتأخّرين عن الغزو : (وَآخَرُونَ (١١) مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).

الثانى عشر : بمعنى طبّاخ مالك بن الرّيان فى حال الحبس : (وَقالَ الْآخَرُ (١٢)إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ).

الثالث عشر : بمعنى الأزلىّ الّذى لا بداية له ولا نهاية : (هُوَ الْأَوَّلُ (١٣) وَالْآخِرُ)

__________________

(١) الآية ٥٨ سورة ص

(٢) الآية ٣٨ سورة الأعراف

(٣) الآية ٥٥ سورة طه

(٤) الآية ٧٤ سورة المؤمنين

(٥) الآية ١٠٢ سورة البقرة

(٦) الآية ٩ سورة الزمر

(٧) الآية ٧ سورة ص

(٨) ا ، ب : «الآخرة»

(٩) الآية ٢٧ سورة ابراهيم

(١٠) الآية ٤١ سورة المائدة

(١١) الآية ١٠٦ سورة التوبة

(١٢) الآية ٣٦ سورة يوسف

(١٣) الآية ٣ سورة الحديد

٩٠

٢١ ـ بصيرة فى الاحد

وهى كلمة تستعمل على ضربين. أحدهما فى النفى فقط ؛ والثانى فى الإثبات.

فأمّا المختصّ بالنفى فلاستغراق جنس الناطقين. ويتناول القليل ، والكثير ، على طريق الاجتماع ، والافتراق ، نحو ما فى الدّار أحد أى لا واحد ، ولا اثنان فصاعدا ، لا مجتمعين ولا مفترقين. ولهذا المعنى لا يصحّ استعماله فى الإثبات ؛ لأنّ نفى المتضادّين يصحّ ، وإثباتهما لا يصحّ. فلو قال : فى الدّار أحد لكان فيه إثبات واحد منفرد ، مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ، ومفترقين ، وذلك ظاهر الإحالة. ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصحّ أن يقال : ما من أحد فاضلين ، كقوله : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ (١) عَنْهُ حاجِزِينَ).

وأمّا المستعمل فى الإثبات فعلى ثلاثة أوجه.

الأوّل : فى الواحد المضموم إلى العشرات ؛ نحو أحد عشر ، وأحد وعشرين. والثانى أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه ، كقوله تعالى : (أَمَّا (٢) أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) ، وقولهم : يوم الأحد أى يوم الأوّل ، ويوم الاثنين.

الثالث : أن يستعمل مطلقا وصفا ، وليس ذلك (٣) إلّا فى وصف الله تعالى.

__________________

(١) الآية ٤٧ سورة الحاقة

(٢) الآية ٤١ سورة يوسف

(٣) أى الأحد المعرف ، كما فى التاج

٩١

وأصله وحد ، أبدلوا الواو همزة ، على عادتهم فى الواوات الواقعة فى أوائل الكلم ؛ كما فى أجوه ووجوه ، وإشاح ووشاح ، وامرأة أناة ووناة.

وورد فى النصّ على عشرة أوجه :

الأوّل : بمعنى سيّد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (إِذْ تُصْعِدُونَ (١) وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) (وَلا نُطِيعُ (٢) فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً) يعنى أحمد.

الثانى : بمعنى بلال بن رباح : (وَما لِأَحَدٍ (٣) عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) أى لبلال.

الثالث : بمعنى يمليخا أحد فتية الكهف : (فَابْعَثُوا (٤) أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ).

الرّابع : بمعنى زيد بن حارثة مولى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (ما كانَ (٥) مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ).

الخامس : بمعنى فرد من الخلق من أهل الأرض ، والسّماء ، من الملك ، والإنس والجنّ والشيطان (وَلا يُشْرِكْ (٦) بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).

السّادس : بمعنى دقيانوس (وَلا يُشْعِرَنَ (٧) بِكُمْ أَحَداً).

السّابع : بمعنى إبليس : (وَلَنْ نُشْرِكَ (٨) بِرَبِّنا أَحَداً).

الثامن : بمعنى ساقى مالك بن الرّيّان :

__________________

(١) الآية ١٥٣ سورة آل عمران

(٢) الآية ١١ سورة الحشر

(٣) الآية ١٩ سورة الليل

(٤) الآية ١٩ سورة الكهف ، وفى تنوير المقباس «تمليخا»

(٥) الآية ٤٠ سورة الأحزاب

(٦) الآية ١١٠ سورة الكهف

(٧) الآية ١٩ سورة الكهف

(٨) الآية ٢ سورة الجن

٩٢

(قالَ أَحَدُهُما (١) إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً).

التّاسع : بمعنى الصّنم ، والوثن : (وَلا أُشْرِكُ (٢) بِرَبِّي أَحَداً) ، (قُلْ إِنِّي لَنْ (٣) يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ).

العاشر : بمعنى الحقّ الواحد ، الصّمد تعالى : (أَيَحْسَبُ (٤) أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة يوسف

(٢) الآية ٣٨ سورة الكهف

(٣) الآية ٢٢ سورة الجن

(٤) الآية ٥ سورة البلد

٩٣

٢٢ ـ بصيرة فى الاثنين

وهو اسم للعدد الكائن بين الواحد والثلاث (١) كأنّه ثنى الواحد ثنيا. وقال بعضهم : هو أقلّ الجمع. وقال الجمهور : أقلّ الجمع ثلاث. والصّواب أن يقال : هذا أقل جمع الفرد ، وذلك أقل جمع الزّوج. حكاه الشيخ أبو عبد الله الخاتمى عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعض مرائيه. واثنان ، واثنتان أصلهما ثنيان ، وثنتيان ؛ حذفوا الياء منهما ، بقى ثنان ، وثنتان. ولمّا كان (ثنان) ناقصا فى العدد ألحقوا بها همزة ، وسكّنوا ثاءها ، ثمّ زادوا على (ثنتان) أيضا همزة (للمجانسة (٢) والموافقة فقالوا اثنان واثنتان) ويستعمل اثنتان بغير الهمزة أيضا ؛ يقال : ثنتان ، ولا يقال : ثنان.

وقد ورد فى القرآن على عشرة أوجه :

الأوّل : بمعنى الوارثات من البنات : (فَإِنْ كُنَ (٣) نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ).

الثانى : بمعنى الكلالة من الإخوة والأخوات : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ).

الثالث بمعنى النّعم من الحيوانات : (مِنَ الضَّأْنِ (٥) اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) (وَمِنَ الْإِبِلِ (٦) اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ).

الرّابع : بمعنى النّهى عن اعتقاد تثنية إلهين : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ (٧) اثْنَيْنِ).

__________________

(١) كذا والأصل فى العدد التأنيث فالمناسب : الثلاثة

(٢) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٣) الآية ١١ سورة النساء

(٤) الآية ١٧٦ سورة النساء

(٥) الآية ١٤٣ سورة الأنعام

(٦) الآية ١٤٤ سورة الأنعام

(٧) الآية ٥١ سورة النحل

٩٤

الخامس : بمعنى الجمع بين الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم والصدّيق فى حالات الخلوات : (ثانِيَ (١) اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ).

السّادس : فى تقرير شرع الأحكام بشاهدين عدلين : (اثْنانِ (٢) ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ).

السّابع : فى الإشارة إلى الأعين الّتى انفجرت من الحجر ساعة إظهار المعجزة : (فَانْفَجَرَتْ (٣) مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً).

الثامن : تفريق قوم موسى على عدّة أسباط (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ (٤) عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً).

التّاسع : بعث بنى إسرائيل الذين ساروا نحو العمالقة : (وَبَعَثْنا (٥) مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً).

العاشر : عدد الأشهر فى العام : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ (٦) عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً).

__________________

(١) الآية ٤٠ سورة التوبة

(٢) الآية ١٠٦ سورة المائدة

(٣) الآية ٦٠ سورة البقرة

(٤) الآية ١٦٠ سورة الأعراف

(٥) الآية ١٢ سورة المائدة

(٦) الآية ٣٦ سورة التوبة

٩٥

٢٣ ـ بصيرة فى الاربع والاربعين

والأربع : اسم للعدد الّذى يزيد على الثلاث ، وينقص عن الخمس. وسمّى أربعا ؛ لأنّ الشيء يصير به مربّعا. ورباع ومربع ، بمعنى أربعة أربعة وجاء فى القرآن بمعنيين : الأول إشارة إلى عدد (أجنحة) الملائكة : (أُولِي (١) أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).

الثانى : عبارة عن النّساء المحلّلة بعقد النكاح : (فَانْكِحُوا (٢) ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ).

وأمّا الربع فإنه ورد للدّرجة الأولى فى ميراث الزوجة من الزّوج : (وَلَهُنَ (٣) الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) (وللدرجة (٤) الثانية فى ميراث الزوج من الزوجة (٥)(فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ)(٦).

والأربع والأربعون ورد فى التّنزيل على اثنى عشر وجها.

الأوّل : بيان تربّص مدّة الإيلاء : (لِلَّذِينَ (٧) يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ).

الثانى : بيان عدّة الوفاة : (يَتَرَبَّصْنَ (٨) بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ).

الثالث : إظهار معجزة الخليل : (فَخُذْ (٩) أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ).

__________________

(١) الآية ١ سورة فاطر

(٢) الآية ٣ سورة النساء

(٣) الآية ١٢ سورة النساء

(٤) سقط ما بين القوسين فى ا

(٥) الآية ١٢ سورة النساء

(٦) الآية ١٢ سورة النساء

(٧) الآية ٢٢٦ سورة البقرة

(٨) الآية ٢٣٤ سورة البقرة

(٩) الآية ٢٦٠ سورة البقرة

٩٦

الرّابع : بيان أشهر الحرم (مِنْها (١) أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).

الخامس : تمهيد قاعدة شهادة الزناة (فَاسْتَشْهِدُوا (٢) عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ).

السّادس : بيان حكم اللّعان : (فَشَهادَةُ (٣) أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ).

السّابع : لدرء العذاب والعقوبة عن الملاعنة : (وَيَدْرَؤُا عَنْهَا (٤) الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ).

الثامن : لتهديد الخائضين فى قصّة الإفك : (لَوْ لا (٥) جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ).

التّاسع : بيان خلقة الحيوانات : (وَمِنْهُمْ (٦) مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ).

العاشر : بيان تقدير الأقوات ، والأوقات : (وَقَدَّرَ فِيها (٧) أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ).

الحادى عشر : الأربعون (٨) لبيان سنّ التّوبة والشكر : (وَبَلَغَ (٩) أَرْبَعِينَ سَنَةً).

الثانى عشر : ميقات موسى : (فَتَمَ (١٠) مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) (وَإِذْ واعَدْنا (١١) مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة التوبة

(٢) الآية ١٥ سورة النساء

(٣) الآية ٦ سورة النور

(٤) الآية ٨ سورة النور

(٥) الآية ١٣ سورة النور

(٦) الآية ٤٥ سورة النور

(٧) الآية ١٠ سورة فصلت

(٨) ا ، ب : «الأربعين»

(٩) الآية ١٥ سورة الأحقاف

(١٠) الآية ١٤٢ سورة الأعراف

(١١) الآية ٥١ سورة البقرة

٩٧

٢٤ ـ بصيرة فى الارسال

وقد ورد فى التنزيل على سبعة أوجه :

الأوّل : بمعنى التّسليط (أَرْسَلْنَا (١) الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ) (أُرْسِلُوا (٢) عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) أى سلّطوا.

الثّانى : بمعنى البعث والتّصديق : (وَأَرْسَلْناكَ (٣) لِلنَّاسِ رَسُولاً) (أَرْسَلْناكَ (٤) شاهِداً).

الثالث : بمعنى الفتح : (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ).(٥)

الرّابع : بمعنى الإخراج : (إِنَّا مُرْسِلُوا (٦) النَّاقَةِ) أى مخرجوها.

الخامس : بمعنى التّوجيه : (فَأَرْسَلَ (٧) فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) أى وجّه ، (أَرْسِلْهُ (٨) مَعَنا غَداً).

السّادس : بمعنى الإطلاق من العذاب : (أَرْسِلْ (٩) مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ).

السّابع : بمعنى إنزال المطر : (يُرْسِلِ (١٠) السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً).

وأصل الرّسل الانبعاث على التؤدة ، ناقة رسلة (١١) : سهلة السّير ، وإبل مراسيل : منبعثة انبعاثا سهلا. وسيأتى فى باب الرّاء تمامه إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) الآية ٨٣ سورة مريم

(٢) الآية ٣٣ سورة المطففين

(٣) الآية ٧٩ سورة النساء

(٤) الآية ٤٥ سورة الأحزاب

(٥) الآية ٢ سورة فاطر

(٦) الآية ٢٧ سورة القمر

(٧) الآية ٥٣ سورة الشعراء

(٨) الآية ١٢ سورة يوسف

(٩) الآية ١٧ سورة الشعراء

(١٠) الآية ٥٢ سورة هود

(١١) أ ، ب «رسل» وما أثبت عن الراغب.

٩٨

٢٥ ـ بصيرة فى الاتباع

وقد ورد فى التّنزيل على سبعة أوجه :

الأوّل : بمعنى الصّحبة : (هَلْ أَتَّبِعُكَ (١) عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ) أى أصحبك ، (وَاتَّبَعَكَ (٢) الْأَرْذَلُونَ) أى صحبك.

الثانى : بمعنى الاقتداء والمتابعة : (اتَّبِعُوا مَنْ (٣) لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) : اقتدوا به الثّالث : بمعنى الثبات والاستقامة : (اتَّبِعْ مِلَّةَ (٤) إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) أى دم واثبت عليها.

الرّابع : بمعنى الاختيار والموافقة : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ (٥) سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ).

الخامس : بمعنى العمل : (وَاتَّبَعُوا (٦) ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) أى عملوا به.

السّادس : بمعنى التّوجّه إلى الكعبة ، أو إلى بيت المقدس فى الصّلاة (ما تَبِعُوا (٧) قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ).

السّابع : بمعنى الطاعة (لَاتَّبَعْتُمُ (٨) الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) أى لأطعتم.

والمادّة موضوعة للقفو ، تبعه واتّبعه أى قفا أثره. وذلك تارة بالجسم ،

__________________

(١) الآية ٦٦ سورة الكهف

(٢) الآية ١١١ سورة الشعراء

(٣) الآية ٢١ سورة يس

(٤) الآية ١٢٣ سورة النحل

(٥) الآية ١١٥ سورة النساء

(٦) الآية ١٠٢ سورة البقرة

(٧) الآية ١٤٥ سورة البقرة

(٨) الآية ٨٣ سورة النساء

٩٩

وتارة بالارتسام (١) والائتمار. وعلى ذلك قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ). (٢) ويقال أتبعه إذا لحقه ؛ كقوله ـ تعالى ـ (فَأَتْبَعُوهُمْ (٣) مُشْرِقِينَ) ويقال : أتبع فلان بمال (٤) أى أحيل عليه. وتبّع (٥) كانوا رءوسا ، سمّوا بذلك لاتّباع بعضهم بعضا فى الرّئاسة والسياسة. والتّبّع : الظّل. والمتبع من البهائم : التى يتبعها ولدها. والتّبيع خصّ بولد البقرة إذا اتّبع أمّه.

__________________

(١) أى قبول الرسم بمعنى الأمر وامتثاله ، يقال : رسم له كذا فارتسم.

(٢) الآية ٣٨ سورة البقرة

(٣) الآية ٦٠ سورة الشعراء

(٤) ا ، ب : «بمال» وكذا هو فى الراغب. ولا تستقيم العبارة مع التفسير ، (أحيل عليه) فأصلحتها كما رأيت ويكون اشارة الى الحديث : (واذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع) وورد أنه يقال أتبعه بفلان أو على فلان ، وذلك على ما غلب على ظنى أن (بمال) محرفة عن (بملىء) وهو تحريف قريب. وهناك احتمال آخر أن يكون الأصل : (أتبع فلان على فلان بمال) فسقط فى النسخ (على فلان)

(٥) يريد التبابعة حملة هذا اللقب.

١٠٠