بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٢٣

٥٥ ـ بصيرة فى البال

وهو الحال الّتى تكترث (١) بها. ولذلك يقال : ما باليت بكذا بالة أى ما اكترثت. ويعبّر به عن الحال الّذى ينطوى عليه الإنسان. وقوله ـ تعالى ـ (فَما بالُ (٢) الْقُرُونِ الْأُولى) : أى حالهم وخبرهم. والبال : الخاطر والقلب ، يقال : ما خطر ببالى كذا.

__________________

(١) فى الراغب : «يكترث».

(٢) الآية ٥١ سورة طه.

٢٨١

٥٦ ـ بصيرة فى البواء

وأصله : مساواة الأجزاء فى المكان ، خلاف النبوّ الّذى هو منافاة الأجزاء. ويقال : مكان بواء : إذا لم يكن نابيا بنازله. وبوّأت له مكانا : سوّيته. وتبوّأ المكان : حلّه ، وأقام به. قال ـ تعالى ـ : (تَبَوَّؤُا (١) الدَّارَ وَالْإِيمانَ) وفى الحديث : (من كذب (٢) على متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار) ويستعمل البواء فى مراعاة التكافؤ فى المصاهرة ، والقصاص ، فيقال : فلان بواء بفلان : إذا ساواه.

وقوله ـ تعالى ـ : (وَباؤُ بِغَضَبٍ (٣) مِنَ اللهِ) أى حلّوا متبوّأ ، ومعهم غضب الله ، أى عقوبته. وقوله : (بِغَضَبٍ) فى موضع الحال ، نحو خرج بسيفه ، لا مفعول ، نحو مرّ بزيد. واستعمال (باء) تنبيه أنّ مكانه الموافق يلزمه فيه غضب الله ، فكيف غيره من الأمكنة. وذلك على حدّ ما ذكره (٤) فى (فَبَشِّرْهُ (٥) بِعَذابٍ أَلِيمٍ). وقوله : (إِنِّي أُرِيدُ (٦) أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) أى تقيم بهذه الحالة.

__________________

(١) الآية ٩ سورة الحشر.

(٢) الحديث رواه الشيخان وغيرهما ، كما فى الجامع الصغير.

(٣) الآية ١١٢ سورة آل عمران.

(٤) فى الراغب : «ذكر» وهى أولى.

(٥) الآية ٧ سورة لقمان.

(٦) الآية ٢٩ سورة المائدة.

٢٨٢

الباب الرابع

فى وجوه الكلمات (١) المفتتحة بحرف التاء

التّاء ، التسبيح ، التّابوت ، التّأويل ، التبّ ، التبر ، التتبع ، تبارك ، التترى ، التّجارة ، التراب ، التّرك ، التقوى ، التوبة ، التّوكّل ، التذكّر ، التبتّل ، التفويض ، التسليم ، التسكين ، التسخين ، التبديل ، التنبت ، تحت ، الترف ، التعوّذ (٢) التل ، التلاوة ، التميّز ، التّام ، التّوراة ، التّوفيق ، التوفى ، التّين ، التّيه ، التّربّص ، التفصيل.

١ ـ بصيرة فى التاء

هو حرف هجاء ، لثوىّ ، من جوار مخرج الطّاء. ويمدّ ويقصر. والنسبة إلى الممدود : تائىّ ، وإلى المقصور : تاوىّ (٣). وجمعه أتواء ؛ كداء وأدواء. وقصيدة تائيّة ، وتيويّة ، وتيّيت تاء حسنة.

والتّاء المفردة محرّكة فى أوائل الأسماء وفى أواخرها ، وفى أواخر الأفعال ، [ومسكنة (٤) فى أواخرها].

والمحرّكة فى أوائل الأسماء حرف جرّ للقسم. وتختصّ بالتعجب ، وباسم

__________________

(١) لم يذكر فى التفصيل كل ما ذكره فى هذا الاجمال.

(٢) ا ، ب : «التعوذة».

(٣) كذا وقياس النحو أن يكون هذا أيضا نسبة الى الممدود. فأما المقصور فالنسبة اليه تؤوى أو تيوى.

(٤) زيادة من القاموس.

٢٨٣

الله تعالى. وربّما قالوا : تربّى ، وتربّ الكعبة ، وتالرحمن. والمحرّكة فى أواخرها حرف خطاب ؛ كأنت.

والمحرّكة فى أواخر الأفعال ضمير ؛ كقمت. والسّاكنة فى أواخرها علامة للتّأنيث : كقامت.

وربّما وصلت بثم وربّ ، والأكثر تحريكها معهما بالفتح.

و «تا» اسم يشار به إلى المؤنث [مثل](١) «ذا» ، و «ته» مثل ذه ، وتان للتثنية ، وأولاء للجمع. وتصغير «تا» : تيّا ، وتيّاك ، وتيّالك. وتدخل عليها ها ، فيقال هاتا. فإن خوطب بها جاء الكاف ، فقيل : تيك ، وتاك ، وتلك ، وتلك بالكسر والفتح ، وهى رديئة. وللتثنية تانك ، وتانّك [تخفف] وتشدّد ، والجمع أولئك وألاك وأولالك ، وتدخل الهاء (٢) على تيك ، وتاك ، فيقال : هاتيك ، وهاتاك.

والتاء فى حساب الجمّل أربعمائة. والتاء المبدلة من الواو كالتراث والوراث ، والتجاه والوجاه (وَتَأْكُلُونَ (٣) التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا). وأصله الوراث

ومنها التّاء المبدلة من السّين فى الطّست والطسّ.

__________________

(١) زيادة من القاموس.

(٢) كذا. والأولى : «ها».

(٣) الآية ١٩ سورة الفجر.

٢٨٤

٢ ـ بصيرة فى التسبيح

وهو تنزيه الله تعالى. وأصله المرّ السّريع فى عبادة الله. وجعل ذلك فى فعل الخير ؛ كما جعل الإبعاد فى الشرّ ، فقيل : أبعده الله. وجعل التّسبيح عامّا فى العبادات ، قولا كان ، أو فعلا ، أو نيّة. وقوله ـ تعالى ـ : (فَلَوْ لا (١) أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) قيل : من المصلّين. والأولى أن يحمل على ثلاثها (٢)

والتّسبيح ورد فى القرآن على نحو من ثلاثين وجها. ستّة منها للملائكة ، وتسعة لنبيّنا محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأربعة لغيره من الأنبياء ، وثلاثة للحيوانات والجمادات ، وثلاثة للمؤمنين خاصّة ، وستّة لجميع الموجودات.

أما الّتى للملائكة فدعوى جبريل فى صفّ العبادة : (وَإِنَّا (٣) لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ).

الثانى : دعوى الملائكة فى حال الخصومة : (وَنَحْنُ (٤) نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).

الثالث : تسبيحهم الدّائم من غير سآمة : (يُسَبِّحُونَ (٥) لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ).

الرابع : تسبيحهم المعرّى عن الكسل ، والفترة : (يُسَبِّحُونَ (٦) اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ).

__________________

(١) الآية ١٤٣ سورة الصافات.

(٢) فى الراغب : «ثلاثتها» يريد أنواع العبادة : القول والفعل والنية وهنا يريد خصالها.

(٣) الآية ١٦٦ سورة الصافات.

(٤) الآية ٣٠ سورة البقرة.

(٥) الآية ٣٨ سورة فصلت.

(٦) الآية ٢٠ سورة الأنبياء.

٢٨٥

الخامس : تسبيحهم المقترن بالسجدة : (وَيُسَبِّحُونَهُ (١) وَلَهُ يَسْجُدُونَ)

السادس : تسبيحهم مقترنا بتسبيح الرّعد على سبيل السياسة والهيبة (وَيُسَبِّحُ (٢) الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ).

وأمّا التسعة الّتى لنبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فالأول : تسبيح مقترن بسجدة اليقين ، والعبادة : (فَسَبِّحْ (٣) بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ).

الثانى : تسبيح فى طرفى النّهار ، مقترن بالاستغفار من الزلّة : (وَاسْتَغْفِرْ (٤) لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).

الثالث تسبيح فى بطون الدياجر (٥) ، والخلوة : (وَمِنَ (٦) اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً).

الرّابع تسبيح فى الابتداء ، والانتهاء ، حال العبادة : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ (٧) حِينَ تَقُومُ. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ).

الخامس تسبيح مقترن بالطّلوع ، والغروب لأجل الشّهادة (وَسَبِّحْ (٨) بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ (٩) السُّجُودِ).

__________________

(١) الآية ٢٠٦ سورة الاعراف.

(٢) الآية ١٣ سورة الرعد.

(٣) الآيتان ٩٨ ، ٩٩ سورة الحجر.

(٤) الآية ٥٥ سورة غافر.

(٥) الاولى الدياجير لانه جمع الديجور ، وهو الظلام.

(٦) الآية ٢٦ سورة الانسان.

(٧) الآيتان ٤٨ ، ٤٩ سورة الطور.

(٨) الآية ١٣٠ سورة طه.

(٩) الآية ٤٠ سورة ق.

٢٨٦

السّادس تسبيح دائم لأجل الرّضا والكرامة (فَسَبِّحْ (١) وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى).

السّابع : تسبيح مقترن بذكر العظمة : (فَسَبِّحْ (٢) بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ).

الثّامن : تسبيح بشكر النعمة : (سَبِّحِ (٣) اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى).

التّاسع : تسبيح لطلب المغفرة : (فَسَبِّحْ (٤) بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ) قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أوحى إلىّ أن اجمع المال وكن من التاجرين ، ولكن أوحى إلى أن سبّح بحمد ربّك وكن من السّاجدين ، واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين.

وأمّا الأربعة التى للأنبياء فالأوّل لزكريّا علامة على ولادة يحيى : (قالَ (٥) رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) إلى قوله : (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).

الثّانى : فى وصيّته لقومه على محافظة وظيفة التسبيح : (فَأَوْحى (٦) إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا).

الثالث : فى موافقة الجبال ، والظباء ، والحيتان ، والطيور لداود فى التسبيح : (يُسَبِّحْنَ (٧) بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ).

الرّابع : فى نجاة يونس من ظلمات البحر وبطن الحوت ببركة التسبيح (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ)(٨).

__________________

(١) الآية ١٣٠ سورة طه

(٢) الآية ٧٤ سورة الواقعة

(٣) الآيتان ١ ، ٢ سورة الأعلى

(٤) الآية ٣ سورة النصر

(٥) الآية ٤١ سورة آل عمران

(٦) الآية ١١ سورة مريم

(٧) الآية ١٨ سورة ص

(٨) الآية ١٤٣ سورة الصافات

٢٨٧

وأمّا الثلاثة التى لخواصّ المؤمنين ، فالأوّل فى أمر الله تعالى لهم بالجمع بين الذكر والتسبيح دائما : (اذْكُرُوا (١) اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً).

الثانى : فى ثناء الحقّ تعالى على قوم إذا ذكر الله عندهم سجدوا له وسبّحوا : (خَرُّوا (٢) سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ).

الثالث : فى أناس يختلون فى المساجد ، ويواظبون على التسبيح والذكر ، (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٣).

وأمّا الثلاثة الّتى فى الحيوانات ، والجمادات ، فالأوّل : فى أنّ كلّ نوع من الموجودات مشتغل (٤) (بنوع من التسبيحات : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ (٥) إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).

الثانى) (٦) : فى أنّ الطّيور فى الهواء مصطفّة لأداء ورد التسبيح : (وَالطَّيْرُ (٧) صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ).

الثّالث : أنّ حملة العرش والكرسىّ فى حال الطواف بالعرش والكرسىّ مستغرقون فى التسبيح والاستغفار : (الَّذِينَ (٨) يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) ، (وَتَرَى (٩) الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ).

__________________

(١) الآيتان ٤١ ، ٤٢ سورة الاحزاب.

(٢) الآية ١٥ سورة السجدة.

(٣) الآيتان ٣٦ ، ٣٧ سورة النور.

(٤) (٤ ـ ٤) سقط ما بين الرقمين فى ا.

(٥) الآية ٤٤ سورة الاسراء.

(٦) (٤ ـ ٤) سقط ما بين الرقمين فى ا.

(٧) الآية ٤١ سورة النور.

(٨) الآية ٧ سورة غافر.

(٩) الآية ٧٥ سورة الزمر. هذا وتسبيح حملة العرش داخل فى تسبيح الملائكة وقد سبق. وتراه أدرجه فى تسبيح الحيوانات والجمادات ، وهذا منه عجيب.

٢٨٨

وأمّا الستّة الّتى للعامّة فالأوّل : على العموم فى تسبيح الحقّ على الإحياء والإماتة : (سَبَّحَ (١) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلى قوله : (يُحْيِي وَيُمِيتُ).

الثانى : فى أنّ كلّ شىء فى تسبيح الحقّ على إخراج أهل الكفر ، وإزعاجهم (سَبَّحَ (٢) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) إلى قوله : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ).

الثّالث : أنّ الكلّ فى التسبيح ، ومن خالف قوله فعله مستحقّ للذمّ والشكاية : (سَبَّحَ (٣) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) إلى قوله : (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ).

الرّابع : فى أنّ الكلّ فى التسبيح للقدس والطّهارة : (يُسَبِّحُ (٤) لِلَّهِ) إلى قوله : (الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ).

الخامس : فى أنّ الكلّ فى التسبيح على تحسين الخلقة والصّورة : (يُسَبِّحُ (٥) لِلَّهِ) إلى قوله : (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ).

السادس : فى الملامة والتعيير من أصحاب ذلك النسيان بعضهم لبعض من جهة التقصير فى تسبيح الحقّ ـ تعالى ـ : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ (٦) لَوْ لا تُسَبِّحُونَ)

الحادى والثلاثون : خاصّ بالنبىّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فى الأمر بالجمع بين التوكّل والتسبيح : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي (٧) لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ).

__________________

(١) أول سورة الحديد

(٢) أول سورة الحشر

(٣) أول سورة الصف

(٤) أول سورة الجمعة

(٥) أول سورة التغابن

(٦) الآية ٢٨ سورة القلم

(٧) الآية ٥٨ سورة الفرقان

٢٨٩

٣ ـ بصيرة فى التابوت

وهو شبه صندوق ينحت من خشب. وأصله تابوة كترقوة ، سكّنت الواو ، فانقلب هاء التأنيث تاء. والتّبوت كزبور : لغة فى التّابوت.

وقد ورد فى القرآن على وجهين :

الأوّل : بمعنى الصّندوق الّذى وضعت أمّ موسى ولدها فيه ، ورمته فى البحر : (أَنِ اقْذِفِيهِ (١) فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ).

الثّانى : بمعنى الصّندوق الّذى ورثه الأنبياء من آدم عليه‌السلام : (أَنْ يَأْتِيَكُمُ (٢) التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ).

وأمّا التابوت الّذى يجعل فيه الميّت فمستعار من هذا. وقيل : التّابوت عبارة عن القلب ، والسّكينة عمّا فيه من العلم. ويسمّى القلب سفط العلم ، وبيت الحكمة ، وتابوته ، ووعاءه ، وصندوقه.

__________________

(١) الآية ٣٩ سورة طه.

(٢) الآية ٢٤٨ سورة البقرة.

٢٩٠

٤ ـ بصيرة فى التأويل

وجاء فى القرآن على خمسة أوجه :

الأوّل : بمعنى الملك (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)(١) أى ملك محمّد (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) أى نهاية ملكه. فزعم اليهود أنّهم أخذوه من حساب الجمّل.

الثّانى : بمعنى العاقبة ، ومآل الخير والشّرّ الّذى وعد به الخلق : (هَلْ (٢) يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) أى عاقبته ، (وَأَحْسَنُ (٣) تَأْوِيلاً) أى عاقبة (ذلِكَ تَأْوِيلُ (٤) ما لَمْ تَسْطِعْ) أى عاقبته.

الثالث : بمعنى تعبير الرّؤيا : (وَعَلَّمْتَنِي (٥) مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) أى تعبير الرّؤيا.

الرابع : بمعنى التحقيق والتفسير : (هذا (٦) تَأْوِيلُ رُءْيايَ) أى تحقيقها وتفسيرها.

الخامس : بمعنى أنواع الأطعمة وألوانها : (لا يَأْتِيكُما (٧) طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) أى بألوانه وأنواعه.

والتأويل أصله من الأول ، وهو الرجوع. ومنه الموئل : للموضع الّذى

__________________

(١) الآية ٧ سورة آل عمران ، وقد ذهب فى تفسير الآية الى ما فى تنوير المقياس وغيره أن فريقا من اليهود أرادوا أن يعلموا مدة سلطان الامة المحمدية من الحروف المقطعة فى مبادئ السور وتأولوها بحساب الجمل. فالمراد بالتأويل تطلب عاقبة أمر هذه الامة

(٢) الآية ٥٣ سورة الاعراف

(٣) الآية ٥٩ سورة النساء

(٤) الآية ٨٢ سورة الكهف

(٥) الآية ١٠١ سورة يوسف

(٦) الآية ١٠٠ سورة يوسف

(٧) الآية ٣٧ سورة يوسف

٢٩١

يرجع إليه. وذلك هو ردّ الشىء إلى الغاية المرادة [منه](١) علما كان ، أو فعلا. ففى العلم نحو (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ)(٢) ، وفى الفعل كقول الشاعر :

* وللنوى قبل يوم البين تأويل*

وقوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ يَأْتِي (٣) تَأْوِيلُهُ) : أى غايته. وقد تقدّم. وقيل فى قوله ـ تعالى ـ : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(٤) : أى أحسن معنى وترجمة ، وقيل : أحسن ثوابا فى الآخرة.

٥ ـ بصيرة فى التب

وهو الخسران والنقص. وبمعناه التبب ، والتباب ، والتتبيب. وتبّا له ، وتبّا تتبيبا : مبالغة. وتبّبه : قال له ذلك. وتبّب فلانا : أهلكه. و (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) أى ضلّتا ، وخسرتا ، واستمرتا فى خسرانه (٥)(وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(٦) أى تخسير.

٦ ـ بصيرة فى التبر

وهو الكسر ، والإهلاك. يقال : تبره ، وتبّره. وقوله ـ تعالى ـ : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً)(٧) أى هلاكا.

__________________

(١) زيادة من الراغب

(٢) الآية ٧ سورة آل عمران.

(٣) الآية ٥٣ سورة الأعراف.

(٤) الآية ٣٥ سورة الاسراء.

(٥) كذا فى ا ، ب. والاولى : «خسران».

(٦) الآية ١٠١ سورة هود.

(٧) الآية ٢٨ سورة نوح.

٢٩٢

٧ ـ بصيرة فى التبع

تبعه تبعا وتباعة : مشى خلفه أو مرّ به ، فمضى معه. والتبع تارة يكون بالجسم ، وتارة بالارتسام ، والائتمار. وعلى ذلك قوله تعالى ـ : (فَمَنْ (١) تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) ويقال : أتبعه : إذا لحقه. ومنه قوله ـ تعالى ـ : (فَأَتْبَعَهُمْ (٢) فِرْعَوْنُ) أى لحقهم ، أو كاد يلحقهم. ومنه (فَأَتْبَعُوهُمْ (٣) مُشْرِقِينَ). ويقال أتبع فلان بمال على آخر : أى أحيل عليه. وتبّع كانوا (٤) رءوسا ؛ سمّوا بذلك لاتّباع بعضهم بعضا فى الرّئاسة ، والسّياسة. و «أتبع الفرس لجامها والنّاقة زمامها» يضرب عند الأمر باستكمال المعروف. والتّبع واحد ، ويجمع (٥). وقد يجمع على أتباع.

__________________

(١) الآية ٣٨ سورة البقرة

(٢) الآية ٩٠ سورة يونس

(٣) الآية ٦٠ سورة الشعراء

(٤) أراد بتبع الجنس فجمع ضميره

(٥) أى يدل على الجمع. والاولى : «وجمع»

٢٩٣

٨ ـ بصيرة فى تبارك

وقد ذكر فى ثمانية مواضع من القرآن :

الأوّل : عند بيان الخالقيّة : (فَتَبارَكَ (١) اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).

الثانى : فى بيان الرّبوبيّة : (تَبارَكَ (٢) اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).

الثالث : فى بيان الكرم والجلالة : (تَبارَكَ (٣) اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).

الرّابع : فى بيان الملك : (وَتَبارَكَ (٤) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

الخامس : فى بيان القهر ، والقدرة : (تَبارَكَ الَّذِي (٥) بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

السّادس : عند إظهار عجائب صنع الملكوت : (تَبارَكَ (٦) الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً).

السابع : فى بيان نفاذ المشيئة والإرادة : (تَبارَكَ (٧) الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ).

الثامن : فى بيان عظمة القرآن ، وشرفه : (تَبارَكَ الَّذِي (٨) نَزَّلَ الْفُرْقانَ).

واختلف فى معناه ، فقيل : لم يزل ولا يزال. وقيل : تبارك تقدّس. وقيل : تعظّم. وقيل تعالى.

وكلّ موضع ذكر فيه (تبارك) فهو تنبيه على اختصاصه ـ تعالى ـ بالخيرات المذكورة مع تبارك. مثل قوله : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) ؛ فإنّه تنبيه على اختصاصه بما يفيضه علينا : من نعمه ، بوساطة هذه البروج.

__________________

(١) الآية ١٤ سورة المؤمنين

(٢) الآية ٥٤ سورة الاعراف

(٣) الآية ٧٨ سورة الرحمن

(٤) الآية ٨٥ سورة الزخرف

(٥) أول سورة الملك

(٦) الآية ٦١ سورة الفرقان

(٧) الآية ١٠ سورة الفرقان

(٨) أول سورة الفرقان

٢٩٤

٩ ـ بصيرة فى تترى

وهى فعلى من المواترة أى المتابعة وترا وترا. وأصلها واو ، فأبدلت تاء ؛ كتراث وتجاه. فمن صرفه جعل الألف زائدة لا للتأنيث. ومن [منع (١)] صرفه جعل ألفه للتأنيث. قال ـ تعالى ـ : (ثُمَّ أَرْسَلْنا (٢) رُسُلَنا تَتْرا) أى متواترين ، وقال الفرّاء : يقال : تتر فى الرّفع ، وتترا فى النّصب ، وتتر فى الجرّ. والألف فيه بدل من التنوين. وقال ثعلب : هى تفعل. وغلّطه أبو علىّ (٣) الفسوىّ ، وقال : ليس فى الصّفات تفعل.

١٠ ـ بصيرة فى التجارة

وقد ذكرها الله تعالى فى ستّة مواضع.

الأوّل : تجارة غزاة المجاهدين بالرّوح ، والنفس ، والمال : (هَلْ أَدُلُّكُمْ (٤) عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) إلى قوله : (بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ).

الثانى : تجارة المنافقين فى بيع الهدى بالضّلالة : (اشْتَرَوُا (٥) الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ).

الثالث : تجارة قراءة القرآن : (إِنَّ الَّذِينَ (٦) يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) إلى قوله : (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ).

__________________

(١) زيادة لا بد منها. وفى الراغب : «لم يصرفه» وهى ظاهرة

(٢) الآية ٤٤ سورة المؤمنين

(٣) هو أبو على الفارسى.

(٤) الآية ١٠ سورة الصف

(٥) الآية ١٦ سورة البقرة

(٦) الآية ٢٩ سورة فاطر

٢٩٥

الرّابع : تجارة عبّاد الدّنيا بتضييع الأعمار ، فى استزادة الدرهم (١) والدّينار : (وَإِذا رَأَوْا (٢) تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها).

الخامس : فى معاملة الخلق بالبيع والشّرى : (إِلَّا أَنْ (٣) تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ).

السّادس : تجارة خواصّ العباد بالإعراض عن كلّ تجارة دنيويّة : (رِجالٌ (٤) لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ).

وهى لغة : التّصرّف فى رأس المال ؛ طلبا للرّبح. تجر يتجر فهو تاجر. والجمع تجر ـ كصاحب وصحب ـ وتجّار وتجار. وليس فى الكلام تاء بعده جيم غيرها. ويقال : هو تاجر بكذا : أى حاذق ، عارف لوجه المكتسب منه. ويقال : نصف البركة فى التجارة. وقيل ، نعم الشىء التجارة ، ولو فى الحجارة. ويروى فى الكلمات القدسيّة : من تاجرنى لم يخسر. وأوحى إلى بعض الأنبياء : قل لعبيدى : تاجرونى تربحوا علىّ ؛ فإنى خلقتكم لتربحوا علىّ لا لأربح عليكم. وفى الحديث : الرفق فى المعيشة خير من بعض التجارة. وقال الشاعر :

خذوا مال التجار وسوّفوهم

إلى وقت فإنهم لئام

وليس عليكم فى ذاك إثم

فإن جميع ما جمعوا حرام

__________________

(١) ا ، ب : «الدره ثمة» وهو تحريف عما أثبت

(٢) الآية ١١ سورة الجمعة

(٣) الآية ٢٩ سورة النساء

(٤) الآية ٣٧ سورة النور

٢٩٦

١١ ـ بصيرة فى التراب

وقد جاء فى القرآن على وجوه :

الأوّل : بمعنى العظام البالية ، الرّميمة : (أَإِذا مِتْنا (١) وَكُنَّا تُراباً).

الثّانى : بمعنى البهائم : (يا لَيْتَنِي)(٢)(كُنْتُ تُراباً) أى بهيمة من البهائم.

وقيل : هو بمعنى آدم عليه‌السلام. وهذا ممّا يقوله إبليس.

الثالث : بمعنى حقيقة التربة : (هُوَ)(٣)(الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ).

وفيه لغات : التّرب ، والتربة ، والتّرباء ، والتّيرب ، والتّيراب ، والتّورب ، والتوراب ، والتّريب. وجمع التّراب أتربة ، وتربان. ولم يسمع لسائر لغاته بجمع. قال بعض الشعراء :

خلقت بغير ذنب من تراب

فأرجع بالذنوب إلى التراب

ألا وجميع من فوق التراب

فداء تراب نعل أبى تراب (٤)

وترب ـ كفرح ـ : كثر ترابه ، وصار فى يده التراب ، ولزق بالتّراب ، وافتقر ، وخسر. وأترب : استغنى ، وقلّ ماله. فهو من الأضداد. وكذا ترّب تتريبا. وبارح ترب : ريح فيها تراب. والترائب : ضلوع الصّدر ، أو ما ولى الترقوتين منها ، أو ما بين الثديين والترقوتين ، أو أربع أضلاع من يمنة الصّدر ، وأربع من يسرته ، أو اليدان ، والرّجلان ، والعينان ، أو موضع القلادة. و (عِنْدَهُمْ (٥) قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) أى لدات نشأن معا ؛ تشبيها فى التساوى والتّماثل بضلوع الصّدر ، أو لوقوعهنّ معا على التّراب عند الولاد. والتّربة : الضّعفة.

__________________

(١) الآية ٨٢ سورة المؤمنين

(٢) الآية ٤٠ سورة النبأ

(٣) الآية ٦٧ سورة غافر

(٤) هو على رضى الله عنه

(٥) الآية ٥٢ سورة ص

٢٩٧

١٢ ـ بصيرة فى الترك

وهو رفض الشىء قصدا واختيارا ، أو (١) قهرا واضطرارا. تركه تركا ، وتركانا ، واتّركه : ودعه. والترك أيضا الجعل ؛ كقولك : تركته وقيذا ، كأنّه ضدّ. وقوله ـ تعالى ـ : (وَاتْرُكِ (٢) الْبَحْرَ رَهْواً) من القصد الاختيارى وقوله : (كَمْ (٣) تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ) من القهرىّ الاضطرارىّ. وقد يقال فى كلّ فعل ينتهى به إلى حالة ما : تركته كذا.

__________________

(١) أ ، ب : «و» وما أثبت عن الراغب.

(٢) الآية ٢٤ سورة الدخان.

(٣) الآية ٢٥ سورة الدخان.

٢٩٨

١٣ ـ بصيرة (١) فى التقوى

وهى مشتقّة من الوقاية ، وهى حفظ الشىء ممّا يؤذيه ، ويضرّه. يقال : وقاه وقيا ووقاية وواقية : صانه. والتّوقية : الكلاءة ، والحفظ. وقيل : الأصل (٢) فيها وقاية النّساء الّتى تستر المرأة بها رأسها ، تقيها من غبار ، وحرّ ، وبرد. والوقاية : ما وقيت به شيئا. ومن ذلك فرس واق : إذا كان يهاب المشى من وجع يجده فى حافره. فأصل تقوى : وقوى (٣) ، أبدلت الواو تاء ؛ كتراث ، وتجاه. وكذلك اتّقى يتّقى أصله : اوتقى ، على افتعل. فقلبت الواو ياء ، لانكسار ما قبلها ، وأبدلت منها التّاء ، وأدغمت. فلمّا كثر استعماله على لفظ الافتعال توهّموا أنّ التّاء من نفس الكلمة ، فجعلوه تقى (٤) يتقى ، بفتح التّاء فيها. ثمّ لم يجدوا له مثالا فى كلامهم يحلقونه به ، فقالوا : تقى يتقى مثل قضى يقضى. وتقول فى الأمر : تق ، و (فى المؤنّث (٥)) تقى. ومنه قوله :

زيادتنا نعمان لا تقطعنها

تق الله فينا والكتاب الذى تتلو (٦)

__________________

(١) تقدم شىء من هذا فى بصيرة (الاتقاء) ص ١١٥.

(٢) فى الأصلين : «والأصل».

(٣) أى بعد ابدال الياء واوا فالأصل الأصيل : وقيا.

(٤) يرى أبو الحسن على بن سليمان الاخفش فى شرح نوادر أبى زيد ص ٤ أن أتقى حذف منها احدى التاءين وهمزة الوصل ، فصار تقى ، وجاء المضارع يتقى يحذف احدى التاءين. ويرى الأزهرى ـ كما فى التاج ـ أن المحذوف التاء المبدلة من الواو أى فاء الكلمة. وما ذكره المصنف رأى الجوهرى

(٥) ب : «للمؤنث».

(٦) البيت لعبد الله بن همام السلولى .. كما فى نوادر أبى زيد ص ٤.

٢٩٩

بنى الأمر على المخفّف ، فاستغنى عن الألف فيه بحركة الحرف الثانى فى المستقبل.

والتّقوى والتّقى واحد. والتّقاة : التقيّة. يقال : اتّقى تقيّة ، وتقاة. قال الله ـ تعالى ـ : (إِلَّا أَنْ (١) تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً).

والتّقىّ : المتّقى ، وهو من جعل بينه وبين المعاصى وقاية تحول بينه وبينها : من قوّة عزمه على تركها ، وتوطين قلبه على ذلك. فلذلك قيل له : متّق.

والتّقوى البالغة الجامعة : اجتناب كلّ ما فيه ضرر لأمر الدين ، وهو المعصية ، والفضول. فعلى ذلك ينقسم على فرض ، ونفل.

وقد ورد فى القرآن بخمسة معان :

الأوّل : بمعنى الخوف والخشية : (يا أَيُّهَا (٢) النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) ، وقال : (لَعَلَّهُمْ (٣) يَتَّقُونَ) ولهذا نظائر.

الثانى : بمعنى الطّاعة ، والعبادة : (أَفَغَيْرَ (٤) اللهِ تَتَّقُونَ).

الثالث : بمعنى ترك المعصية ، والزلّة : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ (٥) مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ) أى اتركوا خلاف أمره.

الرّابع : بمعنى التّوحيد والشّهادة : (اتَّقُوا (٦) اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً).

الخامس : بمعنى الإخلاص ، والمعرفة : (أُولئِكَ (٧) الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى).

__________________

(١) الآية ٢٨ سورة آل عمران

(٢) الآية أول سورة النساء وغيرها

(٣) الآية ١٨٧ سورة البقرة وغيرها

(٤) الآية ٥٢ سورة النحل

(٥) الآية ١٨٩ سورة البقرة

(٦) الآية ٧٠ سورة الأحزاب

(٧) الآية ٣ سورة الحجرات

٣٠٠