بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ٢

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٢٣

الرّابع : بشارة المتّقين بالفوز والحماية : (الَّذِينَ آمَنُوا (١) وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى).

الخامس : بشارة الخائفين بالمغفرة ، والوقاية : (إِنَّما تُنْذِرُ (٢) مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) إلى قوله : (فَبَشِّرْهُ).

السّادس : بشارة المجاهدين بالرّضا والعناية : (الَّذِينَ آمَنُوا (٣) وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا) إلى قوله : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ).

السّابع : بشارة العاصين بالرّحمة والكفاية : (نَبِّئْ (٤) عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) إلى قوله. (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ).

الثامن : بشارة المطيعين بالجنّة والسّعادة : (وَبَشِّرِ (٥) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ).

التاسع : بشارة المؤمنين بالعطاء والشّفاعة : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ (٦) آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ).

العاشر : بشارة المنكرين بالعذاب والعقوبة (بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ (٧) عَذاباً أَلِيماً) (فَبَشِّرْهُمْ (٨) بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وهذه استعارة ولكن تنبيه أنّ أسرّ (٩) ما يسمعونه الخبر (١٠) بما ينالهم من العذاب. وذلك نحو قول الشّاعر :

* تحيّة (١١) بينهم ضرب وجيع*

__________________

(١) الآيتان ٦٣ ، ٦٤ سورة يونس.

(٢) الآية ١١ سورة يس.

(٣) الآيتان ٢٠ ، ٢١ سورة التوبة.

(٤) الآيات ٤٩ ـ ٥٦ سورة الحجر.

(٥) الآية ٢٥ سورة البقرة.

(٦) الآية ٢ سورة يونس.

(٧) الآية ١٣٨ سورة النساء.

(٨) الآية ٢١ سورة آل عمران.

(٩) ا ، ب : «أبشر» وما أثبت عن الراغب.

(١٠) ا ، ب : «من الخبر مما» وما أثبت عن الراغب.

(١١) صدره

وخيل قد دلفت لها بخيل.

وهو من قصيدة لعمرو بن معد يكرب. وانظر الخزانة ٤ / ٥٣

٢٠١

ويصلح أن يكون ذلك مثل قوله : (تَمَتَّعُوا (١) فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ).

الحادى عشر : بشارة الصّابرين بالصّلوات والرّحمة : (وَبَشِّرِ (٢) الصَّابِرِينَ) إلى قوله : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ).

الثانى عشر : بشارة العارفين باللقاء والرّؤية : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٣) بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً).

__________________

(١) الآية ٣٠ سورة ابراهيم.

(٢) الآية ١٥٥ سورة البقرة.

(٣) الآية ٤٧ سورة الأحزاب.

٢٠٢

٥ ـ بصيرة فى البشر

وهو جمع البشرة ، وهى ظاهر الجلد. والأدمة : باطنه. ويجمع على أبشار أيضا. وعبّر عن الإنسان بالبشر ؛ اعتبارا بظهور جلده من الشعر ؛ بخلاف الحيوانات الّتى عليها الصّوف ، أو الشعر ، أو الوبر. ويستوى (١) فى لفظ البشر الواحد والجمع ، وثنّى فقال ـ تعالى ـ : (أَنُؤْمِنُ (٢) لِبَشَرَيْنِ).

وقد ورد فى القرآن على ثلاثة عشر وجها :

الأوّل : بمعنى أبينا آدم الصّفىّ : (إِنِّي خالِقٌ (٣) بَشَراً مِنْ طِينٍ) (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً (٤) مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ).

الثانى : بمعنى شيخ المرسلين نوح : (ما هذا إِلَّا (٥) بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ).

الثالث : بمعنى صالح النبىّ : (أَبَشَراً (٦) مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ).

الرّابع : بمعنى يوسف الصّديق : (ما هذا (٧) بَشَراً).

الخامس : بمعنى موسى وهارون : (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ (٨) لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا).

__________________

(١) فى الراغب : «استوى» وهو المناسب لما بعده.

(٢) الآية ٤٧ سورة المؤمنين.

(٣) الآية ٧١ سورة ص.

(٤) الآية ٢٨ سورة الحجر.

(٥) الآية ٢٤ سورة المؤمنين.

(٦) الآية ٢٤ سورة القمر.

(٧) الآية ٣١ سورة يوسف.

(٨) الآية ٤٧ سورة المؤمنين.

٢٠٣

السّادس : بمعنى جبريل : (فَتَمَثَّلَ لَها (١) بَشَراً سَوِيًّا). أى ملكا. ونبّه أنه تشبّح (٢) لها بصورة بشر.

السّابع : بمعنى ابن (٣) ماثان : (لَمْ يَمْسَسْنِي (٤) بَشَرٌ).

الثامن : بمعنى شخص من الإسرائيليين : (فَإِمَّا تَرَيِنَ (٥) مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) أى من بنى إسرائيل.

التّاسع : بمعنى الغلامين العجميّين اللذين قال كفّار مكّة : إنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتعلّم القرآن وأخبار الماضين منهما : (يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ (٦) بَشَرٌ) إنما يعنون جبرا ويسارا.

العاشر : بمعنى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ (٧) مِثْلُكُمْ) وفيه تنبيه أنّ الناس يتساوون فى البشريّة ، وإنّما يتفاضلون بما يختصون به من المعارف الجليلة ، والأعمال الجميلة. ولذلك قال بعده : (يُوحى إِلَيَّ) تنبيها أنّى بذلك تميّزت عنكم.

الحادى عشر : بمعنى جملة المرسلين : (فَقالُوا أَبَشَرٌ (٨)(يَهْدُونَنا).

الثانى عشر : بمعنى جمع البشرة : (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ)(٩).

الثالث عشر : بمعنى جملة الآدميّين : (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ (١٠) بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) ولها نظائر.

__________________

(١) الآية ١٧ سورة مريم.

(٢) أى انتصب وتمثل من قولهم : تشبح الحرباء على العود : انتصب وامتد.

(٣) كذا والمعروف أن ابن ماثان هو أبوها عمران.

(٤) الآية ٢٠ سورة مريم.

(٥) الآية ٢٦ سورة مريم.

(٦) الآية ١٠٣ سورة النحل.

(٧) الآية ٦ سورة فصلت.

(٨) الآية ٦ سورة التغابن.

(٩) الآية ٢٩ سورة المدثر.

(١٠) الآية ٢٠ سورة الروم.

٢٠٤

٦ ـ بصيرة فى البشير ، والبشرى ، والمبشر

يروى أنّه ـ تعالى ـ أوحى إلى داود : يا داود بشّر المذنبين ، وأنذر الصّديقين. فقال : يا ربّ : وكيف ذلك؟ فقال : بشّر المذنبين إذا تابوا ، وأنذر الصّدّيقين إذا أعجبوا. وفى لفظ : بشّر المذنبين بأنى غفور ، وأنذر الصّدّيقين بأنى غيور. وقال :

ورد البشير مبشّرا بقدومه

فملئت من قول البشير سرورا

فكأننى (١) يعقوب من فرحى به

إذ عاد من شمّ القميص بصيرا

والله لو قنع البشير بمهجتى

أعطيته ورأيت ذاك يسيرا

لو قال هب لى ناظريك لقلتها

خذ ناظرىّ فما سألت كثيرا

وقد ورد البشير ، والبشرى ، (والتبشير) والمبشّر فى القرآن على أوجه : [فالبشير فى ثلاثة مواضع] :

الأوّل : فى حقّ القرآن المجيد : (بَشِيراً (٢) وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ)

الثانى : فى يهوذا : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ (٣) الْبَشِيرُ).

الثالث : بمعنى سيّد المرسلين : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا (٤) كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً).

وبشرى فى ثلاثة :

الأوّل : بشرى فى مالك بن دعر لغلامه بأحسن الحسان : (يا بُشْرى (٥) هذا غُلامٌ).

__________________

(١) ا ، ب : «وكأننى» والمناسب ما أثبت.

(٢) الآية ٤ سورة فصلت.

(٣) الآية ٩٦ سورة يوسف.

(٤) الآية ٢٨ سورة سبأ.

(٥) الآية ١٩ سورة يوسف.

٢٠٥

الثانى : بشارة المطيعين بخلود الجنان : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ (١) جَنَّاتٌ).

الثالث : منع الملائكة البشرى عن المجرمين والكفار : (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ).

والتبشير (٣) فى أربعة مواضع :

الأول : فى حال ولادة البنات (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ (٤) بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا).

الثانى : لإبراهيم الخليل بإسحاق (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ)(٥) ، وبأولاد آخرين (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ)(٦) يعنى إسماعيل ، (وَبَشَّرُوهُ (٧) بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (قالُوا بَشَّرْناكَ (٨) بِالْحَقِّ).

الثالث : لزكريّا بيحيى : (أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ (٩) بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً).

الرّابع : لمريم بعيسى : (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ (١٠) بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ).

والمبشّر فى ثلاثة مواضع :

الأوّل عامّة الرّسل : (رُسُلاً (١١) مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ).

الثانى : تبشير عيسى بمقدم سيّد المرسلين : (وَمُبَشِّراً (١٢) بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).

__________________

(١) الآية ١٢ سورة الحديد.

(٢) الآية ٢٢ سورة الفرقان.

(٣) ا ، ب «المبشر» والوجه ما أثبت.

(٤) الآية ٥٨ سورة النحل.

(٥) الآية ١١٢ سورة الصافات.

(٦) الآية ١٠١ سورة الصافات.

(٧) الآية ٢٨ سورة الذاريات.

(٨) الآية ٥٥ سورة الحجر.

(٩) الآية ٣٩ سورة آل عمران.

(١٠) الآية ٤٥ سورة آل عمران.

(١١) الآية ١٦٥ سورة النساء.

(١٢) الآية ٦ سورة الصف.

٢٠٦

الثالث : تبشير النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم للعاصين برحمة أرحم الرّاحمين : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ (١) شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً).

ويقال : أبشر الرّجل أى وجد بشارة ؛ نحو أبقل ، وأمحل : (وَأَبْشِرُوا (٢) بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

وقول ابن مسعود : من أحبّ القرآن فليبشر (أى (٣) فليسرّ) يقال بشرته فبشر ؛ نحو جبرته فجبر (٤). وقال سيبويه : فأبشر (٥) (وقال ابن قتيبة (٦) : هو من بشرت الأديم إذا رقّقت وجهه. قال ومعناه : فليضمّر نفسه ؛ كما روى : إن وراءنا عقبة كئودا لا يقطعها إلّا الضّمّر من الرّجال.

وتباشير الوجه : ما يبدو من سروره. وتباشير النخل : ما يبدو من رطبه ، ومن الصّبح : ما يبدو من أوائله. ويسمّى ما يعطى المبشّر البشرى ، والبشارة بالضم.

__________________

(١) الآية ٤٥ سورة الأحزاب.

(٢) الآية ٣٠ سورة فصلت.

(٣) سقط ما بن القوسين فى ا ، وفى ب «فليبشر» والتصحيح من الراغب.

(٤) هذا التنظير غير كامل. فالمطاوع فى بشرته فبشر مكسور العين ، وفى جيرته فجبر مفتوح العين.

(٥) يريد أن مطاوع (بشرته) عند سيبويه (أبشر) كما يقال : كببته فأكب. ولكن الذى عند سيبويه أن أبشر مطاوع بشر من التبشير. وانظر كتاب سيبويه ٢ / ٢٣٥.

(٦) كلام ابن قتيبة على رواية الضم فى (فليبشر) وانظر اللسان والنهاية.

٢٠٧

٧ ـ بصيرة فى البركات

وقد وردت البركة فى القرآن فى أربعة عشر شيئا :

الأوّل : فى الكعبة الّتى هى قبلة العالمين : (لَلَّذِي (١) بِبَكَّةَ مُبارَكاً).

الثانى : فى المطر الّذى به حياة المتنفّسين : (وَنَزَّلْنا (٢) مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً).

الثالث : فى السّلام الذى هو شعار المسلمين : (تَحِيَّةً (٣) مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً).

الرابع : فى أولاد إبراهيم خليل ربّ العالمين : (وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى (٤) إِسْحاقَ) (رَحْمَتُ (٥) اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ).

السّادس : فى أولاد نوح شيخ المرسلين : (يا نُوحُ اهْبِطْ (٦) بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ).

السّابع : فى الأرض التى هى مقرّ الآدميين : (وَبارَكَ فِيها (٧) وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها).

الثامن : فى البقعة الّتى هى محلّ موسى [حيث ناداه](٨) ربّ العالمين : (فِي الْبُقْعَةِ (٩) الْمُبارَكَةِ).

__________________

(١) الآية ٩٦ سورة آل عمران.

(٢) الآية ٩ سورة ق.

(٣) الآية ٦١ سورة النور.

(٤) الآية ١١٣ سورة الصافات.

(٥) الآية ٧٣ سورة هود.

(٦) الآية ٤٨ سورة هود.

(٧) الآية ١٠ سورة فصلت.

(٨) زيادة اقتضاها السياق.

(٩) الآية ٣٠ سورة القصص.

٢٠٨

التّاسع : (فى نار موسى ليلة طور سينين (أَنْ بُورِكَ (١) مَنْ فِي النَّارِ) أى فى طلب النار.

العاشر : فى شجرة الزّيتون ، الممثّل (٢) بنور معرفة العارفين : (يُوقَدُ (٣) مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ).

الحادى عشر : فى المسجد الأقصى الّذى هو ممرّ سيّد الرّسل إلى أعلى علّيّين : (إِلَى الْمَسْجِدِ (٤) الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ).

الثّانى عشر : فى ليلة القدر التى هى موسم الرّحمة والغفران للعاصين والمذنبين (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ (٥) مُبارَكَةٍ).

الثالث عشر : فى القرآن الذى هو أعظم معجزات البشر : (وَهذا ذِكْرٌ (٦) مُبارَكٌ).

الرابع عشر : فى المنزل الّذى قصد ، لا على التعيين : (رَبِّ أَنْزِلْنِي (٧) مُنْزَلاً مُبارَكاً) أى حيث يوجد الخير الإلهى.

والبركة معناها ثبوت الخير الإلهى فى الشىء. والمادّة موضوعة للزوم والثبوت. وقوله ـ تعالى ـ (لَفَتَحْنا (٨) عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) سمّى بذلك لثبوت الخير (فيه (٩) ثبوت الماء فى البركة. والمبارك ما فيه ذلك الخير) وقوله ـ تعالى ـ : (هذا ذِكْرٌ (١٠) مُبارَكٌ) تنبيه على ما يفيض من الحياة الإلهية. ولمّا كان الخير الإلهىّ يصدر من حيث لا يحسّ ، وعلى وجه

__________________

(١) الآية ٨ سورة النمل.

(٢) ا : «المتمثل». والمراد : الممثل به.

(٣) الآية ٣٥ سورة النور.

(٤) الآية ١ سورة الاسراء.

(٥) الآية ٣ سورة الدخان.

(٦) الآية ٥٠ سورة الأنبياء.

(٧) الآية ٢٩ سورة المؤمنين.

(٨) الآية ٩٦ سورة الأعراف.

(٩) سقط ما بين القوسين فى ا.

(١٠) الآية ٥٠ سورة الأنبياء.

٢٠٩

لا يحصى ولا يحصر ، قيل لكلّ ما يشاهد منه زيادة غير محسوسة : هو مبارك ، وفيه بركة. وإلى هذه الزّيادة أشير بما روى (لا ينقص (١) مال من صدقة) لا إلى النّقصان المحسوس ، حيث ما قال بعض الملاحدة الخاسرين حيث قيل له ذلك ، فقال له : بينى وبينك الميزان. على أنّ عمّى ـ وكان من أكابر الصّالحين ـ أخبرنى أنّه كال كدسا (٢) من الطعام ، ثمّ أخرج منه الزكاة ، ثمّ إنّه كاله ثانية عند النقل إلى المنزل ، فوجده لم ينقص شيئا من الكيل الأوّل.

__________________

(١) ورد معناه فى الحديث الصحيح : ما نقصت صدقة من مال» رواه مسلم والترمذى عن أبى هريرة ورواه مالك مرسلا ، كما فى الترغيب والترهيب فى كتاب الصدقات.

(٢) هو الحب المحصود.

٢١٠

٨ ـ بصيرة فى البر ، والبر

وقد ورد فى القرآن على أربعة عشر وجها :

الأوّل : ـ أعنى البرّ ـ بالفتح ـ خمس.

الأوّل (١) : بمعنى الحقّ ـ جلّ اسمه وعلا ـ (إِنَّهُ هُوَ (٢) الْبَرُّ الرَّحِيمُ).

الثّانى : بمعنى الصّحراء ضدّ البحر : (ظَهَرَ (٣) الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).

(وَحَمَلْناهُمْ (٤) فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ، (فَلَمَّا (٥) نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ).

الثالث : فى مدح يحيى بن زكريا (وَبَرًّا (٦) بِوالِدَيْهِ).

الرّابع : فى المسيح عيسى : (وَبَرًّا (٧) بِوالِدَتِي).

الخامس : فى ساكنى ملكوت السّماء : (بِأَيْدِي (٨) سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ).

وأما البرّ ـ بالكسر ـ فأربعة :

الأوّل : بمعنى البارّ : (وَلكِنَ (٩) الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أى البارّ.

الثانى : بمعنى الخير : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ (١٠) حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).

الثّالث : بمعنى الطّاعة : (أَتَأْمُرُونَ (١١) النَّاسَ بِالْبِرِّ).

__________________

(١) ب : «أولها».

(٢) الآية ٢٨ سورة الطور.

(٣) الآية ٤١ سورة الروم.

(٤) الآية ٧٠ سورة الاسراء.

(٥) الآية ٦٥ سورة العنكبوت.

(٦) الآية ١٤ سورة مريم.

(٧) الآية ٣٢ سورة مريم.

(٨) الآيتان : ١٥ ، ١٦ سورة عبس.

(٩) الآية ١٧٧ سورة البقرة.

(١٠) الآية ٩٢ سورة آل عمران.

(١١) الآية ٤٤ سورة البقرة.

٢١١

الرّابع : بمعنى تصديق اليمين : (وَلا تَجْعَلُوا (١) اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا).

وقد جاء بمعنى صلة الرّحم (لا يَنْهاكُمُ اللهُ (٢) عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ) أى تصلوا أرحامكم.

والأبرار مذكور فى خمسة مواضع :

الأوّل : فى صفة الأخيار ، فى جوار الغفّار : (كَلَّا (٣) إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ).

الثانى : فى صفة نظارتهم (٤) على غرف دار القرار : (إِنَ (٥) الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ).

الثالث : فى مجلس أنسهم ، ومجاورة المصطفى ، وصحابته الأخيار : (إِنَّ الْأَبْرارَ (٦) يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً).

الرّابع : فى تقريرهم (٧) فى قبّة القربة من الله الكريم الستّار : (وَما (٨) عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ).

الخامس (٩) : فى مرافقة بعضهم بعضا يوم الرحيل إلى دار القرار (وَتَوَفَّنا مَعَ (١٠) الْأَبْرارِ)(١١).

__________________

(١) الآية ٢٢٤ سورة البقرة.

(٢) الآية ٨ سورة الممتحنة.

(٣) الآية ١٨ سورة المطففين.

(٤) كذا. وكأنه يريد بالنظارة أن ينظر بعضهم إلى بعض كما جاء فى تفسير الآية أو أن ينظروا الى أهل النار. ولم أقف على هذا المصدر وقد يريد بالنظارة التنزه ، ويقول المؤلف فى القاموس ان النظارة ـ بالتخفيف ـ بمعنى التنزه لحن يستعمله بعض الفقهاء ويقول الشارح : ان الصواب التشديد ، ولا أدرى وجه هذا.

(٥) الآيتان ٢١ ، ٢٢ سورة المطففين.

(٦) الآية ٥ سورة الانسان.

(٧) كذا. وقد يكون : «تقريبهم».

(٨) الآية ١٩٨ سورة آل عمران.

(٩) (٩ ـ ٩) سقط ما بين الرقمين فى ا.

(١٠) الآية ١٩٣ سورة آل عمران.

(١١) (٩ ـ ٩) سقط ما بين الرقمين فى ا.

٢١٢

وأصل الكلمة ومادّتها ـ أعنى (ب ر ر) ـ موضوعة (لخلاف (١) البحر) ، وتصوّر منه التوسّع ، فاشتقّ منه البرّ أى التوسّع فى فعل الخير. وينسب ذلك تارة إلى الله تعالى فى نحو (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) ، وإلى العبد تارة ، فيقال : برّ العبد ربّه ، أى توسّع فى طاعته. فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة. وذلك ضربان : ضرب فى الاعتقاد ، وضرب فى الأعمال. وقد اشتمل عليهما قوله تعالى (لَيْسَ ٢) الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) الآية (وعلى هذا ما روى أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم سئل عن البرّ فتلا هذه الآية (٣)) فإن الآية متضمّنة للاعتقاد ، ولأعمال الفرائض ، والنّوافل. وبرّ الوالدين : التّوسّع فى الإحسان إليهما. ويستعمل البرّ فى الصدق لكونه بعض الخير. يقال : برّ فى قوله ، وفى يمينه ، وحجّ مبرور : مقبول. وجمع البارّ أبرار ، وبررة. وخصّ الملائكة بالبررة من حيث إنّه أبلغ من الأبرار ؛ فإنه جمع برّ. والأبرار جمع بارّ ، وبرّ أبلغ من بارّ ؛ كما أنّ عدلا أبلغ من عادل. والبرّ معروف وتسميته بذلك لكونه أوسع ما يحتاج إليه فى الغذاء.

__________________

(١) فى ا كتب (لخلاف) فوق (البحر) وفى ب : «للبحر». وما أثبت عن الراغب.

(٢) الآية ١٧٧ سورة البقرة.

(٣) سقط ما بين القوسين فى ا.

٢١٣

٩ ـ بصيرة فى البعث

وقد ورد فى القرآن على ثمانية معان :

الأوّل : بمعنى الإلهام : (فَبَعَثَ (١) اللهُ غُراباً يَبْحَثُ) أى ألهم.

الثانى : بمعنى إحياء الموتى فى الدنيا : (ثُمَ (٢) بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) ، (فَأَماتَهُ اللهُ (٣) مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) ، (وَكَذلِكَ (٤) بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) أى أحييناهم.

الثالث : بمعنى الاستيقاظ من النوم : (وَهُوَ الَّذِي (٥) يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ) أى من النّوم ، (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ (٦) أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى).

الرابع : بمعنى التسليط (بَعَثْنا (٧) عَلَيْكُمْ عِباداً).

الخامس : بمعنى نصب القيّم والحاكم : (فَابْعَثُوا (٨) حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها).

السّادس : بمعنى التعيين : (ابْعَثْ لَنا (٩) مَلِكاً) أى عيّن وبيّن ، (قَدْ بَعَثَ (١٠) لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً) أى قد عيّن وبيّن.

__________________

(١) الآية ٣١ سورة المائدة.

(٢) الآية ٥٦ سورة البقرة.

(٣) الآية ٢٥٩ سورة البقرة.

(٤) الآية ١٩ سورة الكهف.

(٥) الآية ٦٠ سورة الانعام.

(٦) الآية ١٢ سورة الكهف.

(٧) الآية ٥ سورة الاسراء.

(٨) الآية ٣٥ سورة النساء.

(٩) الآية ٢٤٦ سورة البقرة.

(١٠) الآية ٢٤٧ سورة البقرة.

٢١٤

السابع : بمعنى الإخراج من القبور للحشر : (وَأَنَّ اللهَ (١) يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ).

الثامن : بمعنى الإرسال : (فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ (٢) بِوَرِقِكُمْ) ، (هُوَ الَّذِي (٣) بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً) أى أرسل.

وأصل البعث إثارة الشىء وتوجيهه. يقال : بعثته فانبعث.

ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علّق به. فالبعث ضربان : بشرىّ ؛ كبعث (٤) البعير ، وبعث الإنسان فى حاجة ، وإلهى ، وذلك ضربان : أحدهما إيجاد الأعيان ، والأجناس ، والأنواع عن ليس (٥) وذلك يختص به البارئ ـ تعالى ـ ولم يقدر عليه أحدا من خلقه.

والثانى : إحياء الموتى. وقد خصّ به بعض أوليائه ؛ كعيسى وغيره. ومنه (فَهذا(٦) يَوْمُ الْبَعْثِ) نحو يوم المحشر. وقوله : (وَلكِنْ كَرِهَ (٧) اللهُ انْبِعاثَهُمْ) أى توجّههم ومضيّهم.

__________________

(١) الآية ٧ سورة الحج

(٢) الآية ١٩ سورة الكهف

(٣) الآية ٢ سورة الجمعة

(٤) ا ، ب : «كبعثت» وما أثبت عن الراغب ليوافق ما بعده

(٥) يريد العدم استعمل فيه ليس التى هى للنفى. وقد قيل أن أصل «ليس» لا أيس ، والأيس الوجود. راجع المادة فى التاج واللسان

(٦) الآية ٥٦ سورة الروم

(٧) الآية ٤٦ سورة التوبة.

٢١٥

١٠ ـ بصيرة فى البدل

وهو الشّيء يكون مكان آخر. وهو أعمّ من العوض ، فإنّ العوض هو أن يصير لك الثانى بإعطاء الأوّل. والتّبديل ، والإبدال ، والاستبدال : جعل الشّىء مكان آخر.

وقد ورد فى القرآن على وجوه :

الأوّل : بمعنى الهلاك (وَإِذا شِئْنا (١) بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) ، (وَما نَحْنُ (٢) بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) أى نهلك.

الثانى : بمعنى نسخ الشريعة والآية : (وَإِذا (٣) بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ) أى نسخنا ، (أُبَدِّلَهُ (٤) مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي).

الثالث : بمعنى التغيير : (فَمَنْ (٥) بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) أى يغيّرونه ، (وَما بَدَّلُوا (٦) تَبْدِيلاً) ومنه قوله ـ تعالى ـ (فَأُوْلئِكَ (٧) يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) وقيل : هو أن يعملوا أعمالا صالحة تبطل ما قدّموه من الإساءة. وقيل : هو أن يعفو ـ تعالى ـ عن سيئاتهم ، ويحتسب بحسناتهم (يَوْمَ (٨) تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أى تغيّر عن حالها. وقوله : (ما يُبَدَّلُ (٩) الْقَوْلُ لَدَيَّ) أى لا يغيّر ما سبق فى اللّوح

__________________

(١) الآية ٢٨ سورة الانسان

(٢) الآيتان ٦٠ ، ٦١ سورة الواقعة

(٣) الآية ١٠١ سورة النحل

(٤) الآية ١٥ سورة يونس

(٥) الآية ١٨١ سورة البقرة

(٦) الآية ٢٣ سورة الأحزاب

(٧) الآية ٧٠ سورة الفرقان

(٨) الآية ٤٨ سورة ابراهيم

(٩) الآية ٢٩ سورة ق

٢١٦

المحفوظ ؛ تنبيها على أن ما علمه أن سيكون يكون على ما قد علمه ، لا يتغيّر عن حاله. وقيل : لا يقع فى قوله خلف. وعلى الوجهين قوله : (لا تَبْدِيلَ (١) لِكَلِماتِ اللهِ) (لا تَبْدِيلَ (٢) لِخَلْقِ اللهِ) وقيل : معناه : النهى عن الخصاء.

الرّابع : بمعنى تجديد الحالة : (بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً (٣) غَيْرَها) أى جدّدنا.

الخامس : بمعنى اختيار الكفر ، والنكرة (٤) على الإيمان (وَمَنْ (٥) يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ).

السّادس : بمعنى إبليس فى طريق الظلم والضلالة : (بِئْسَ (٦) لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً).

والأبدال : قوم صالحون ، يجعلهم الله تعالى مكان آخرين مثلهم ماضين. وحقيقته : قوم بدّلوا أحوالهم الذميمة (بأحوالهم (٧) الحميدة). قيل : وهم المشار إليهم بقوله : تعالى ـ (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ).

__________________

(١) الآية ٦٤ سورة يونس

(٢) الآية ٣٠ سورة الروم

(٣) الآية ٥٦ سورة النساء

(٤) النكرة ـ بالتحريك ـ الانكار

(٥) الآية ١٠٨ سورة البقرة

(٦) الآية ٥٠ سورة الكهف

(٧) ا : «بأحوال لهم حميدة» وما أثبت عن ب والراغب

٢١٧

١١ ـ بصيرة فى البسط

وهو لغة : النّشر والتوسيع. فتارة يتصور منه الأمران ، وتارة يتصوّر منه أحدهما : بسط الثوب : نشره. ومنه البساط ، وهو اسم لكلّ مبسوط. والبساط ـ بالفتح ـ : الأرض المنبسطة ، والمستوية. والبسيطة : الأرض. واستعار قوم البسيط لكلّ شىء لا يتصوّر فيه تركيب ، وتأليف ، ونظم.

قوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ بَسَطَ (١) اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ) أى وسّعه ، (وَزادَهُ بَسْطَةً (٢) فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) أى سعة. قال بعضهم : بسطته فى العلم هو أن انتفع هو به ، ونفع غيره ، فصار له به بسطة أى جود. وبسط اليد : مدّها.

وبسط الكفّ يستعمل تارة للطّلب نحو (كَباسِطِ (٣) كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) ، وتارة للأخذ ؛ نحو (وَالْمَلائِكَةُ (٤) باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) ، وتارة للصّولة ، والضّرب ؛ نحو (وَيَبْسُطُوا (٥) إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) ، وتارة للبذل والإعطاء ؛ نحو (بَلْ (٦) يَداهُ مَبْسُوطَتانِ). ورجل بسيط الوجه : متهلّل ، وبسيط اليدين : منبسط. وانبسط النّهار : امتدّ ، وطال.

__________________

(١) الآية ٢٧ سورة الشورى

(٢) الآية ٢٤٧ سورة البقرة

(٣) الآية ١٤ سورة الرعد

(٤) الآية ٩٣ سورة الأنعام

(٥) الآية ٢ سورة الممتحنة

(٦) الآية ٦٤ سورة المائدة

٢١٨

والبسطة ـ بالضمّ (١) ـ : الفضيلة : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) والبسطة بالفتح : المرأة الحسنة الجسم. والبسط ـ بالكسر والضمّ ـ : النّاقة المتروكة مع ولدها ، لا تمنع. والجمع أبساط ، وبسط ، وبساط. وهذا من الجموع العزيزة.

__________________

(١) وفيها الفتح أيضا

٢١٩

١٢ ـ بصيرة فى البقية

وقد وردت على وجوه.

الأوّل : بمعنى المال الحلال : (بَقِيَّتُ اللهِ (١) خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

الثانى : الباقية بمعنى الصّلاة : (وَالْباقِياتُ (٢) الصَّالِحاتُ) أى الصّلوات الخمس.

الثالث : بمعنى ميراث الأموات : (وَبَقِيَّةٌ (٣) مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ).

الرّابع : بمعنى قلّة القوم والتّبع (فَلَوْ لا (٤) كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ) (فَهَلْ (٥) تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ).

وأصل البقاء : ثبات الشىء على الحالة الأولى. وهو يضادّ الفناء. وقد بقى يبقى بقاء ، وبقى ـ كرمى ـ لغة. وفى الحديث : بقينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أى انتظرناه ، ورصدنا (٦) له مدّة كثيرة.

والباقى ضربان : باق بنفسه لا إلى مدّة. وهو البارئ تعالى ، ولا يجوز عليه الفناء ، وباق بغيره ، وهو ما عداه ، ويصحّ عليه الفناء. والباقى بالله ضربان : باق بشخصه إلى أن يشاء الله أن يفنيه : كبقاء الأجرام السّماويّة ،

__________________

(١) الآية ٨٦ سورة هود

(٢) الآية ٤٦ سورة الكهف

(٣) الآية ٢٤٨ سورة البقرة

(٤) الآية ١١٦ سورة هود

(٥) الآية ٨ سورة الحاقة. والأولى عدم ذكر هذه فان الكلام فى البقية

(٦) فى الراغب : «ترصدنا»

٢٢٠