بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٨

قوله : (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) تأكيد أيضا. وقيل : الأوّل قبل الدّخول ، والثانى بعد الدّخول. ولهذا قال بعده : (عَيْنَ الْيَقِينِ) أى عيانا ، لستم عنها بغائبين. وقيل : الأوّل من رؤية العين ، والثانى من رؤية القلب.

فضل السورة

فيه أحاديث ساقطة : من قرأها لم يحاسبه الله بالنّعم التى أنعم عليه فى الدّنيا ، وأعطى من الأجر كأنّما قرأ ألف آية ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها فكأنّما ذبح ألف بدنة فيما بين الرّكن والمقام ، وله بكلّ آية وحرف درجة فى الجنّة ، وكتب عند الله من الخاشعين ، وله بكلّ آية قرأها ثواب المرابطين.

٥٤١

١٠٣ ـ بصيرة فى والعصر ..

السّورة مكّيّة. آياتها ثلاث. وكلماتها أربع عشرة. وحروفها ثمان وستون المختلف فيها آيتان : (وَالْعَصْرِ) (بِالْحَقِّ). وفواصلها على الرّاء. سمّيت بو العصر ؛ لمفتتحها.

مقصود السّورة : بيان خسران الكفّار والفجّار ، وذكر سعادة المؤمنين الأبرار ، وشرح حال المسلم الشكور الصبّار ، فى قوله : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ). السّورة محكمة. وقيل : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) منسوخ بالاستثناء.

المتشابهات :

قوله : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) كرّر لاختلاف المفعولين ، وهما (بِالْحَقِّ) و (بِالصَّبْرِ) وقيل : لاختلاف الفاعلين ؛ فقد جاء مرفوعا أنّ الإنسان فى قوله : (وَالْعَصْرِ) أنّه أبو جهل (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) أبو بكر (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) عمر (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ) عثمان (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) علىّ رضى الله عن الخلفاء (الأربع) (١) ولعن أبا جهل.

فضل السّورة

فيه أحاديث منكرة : حديث أبىّ : من قرأها ختم الله له بالصّبر ، وكان من أصحاب الحقّ يوم القيامة ، وحديث على : يا علىّ من قرأها فكأنّما ألجم ألف فرس فى سبيل الله وأعطاه الله بكلّ آية قرأها تاجا من الجوهر.

__________________

(١) سقط فى ب

٥٤٢

١٠٤ ـ بصيرة فى

ويل لكل همزة ..

السّورة مكّيّة. آياتها تسع إجماعا. وكلماتها ثلاث وثلاثون. وحروفها مائة وثلاثون. فواصل آياتها على الهاء. سمّيت سورة الهمزة ، لمفتتحها ، وسورة الحطمة ؛ لذكرها فيها.

معظم مقصود السّورة : عقوبة العيّاب المغتاب ، وذمّ جمع الدّنيا ومنعه (١) وبيان صعوبة العقوبة فى قوله : (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ).

السّورة محكمة.

ومن (المتشابه) : (الَّذِي جَمَعَ) فيه اشتباه (٢) ويحسن الوقف على (لُمَزَةٍ) حيث لم يصلح أن يكون (الَّذِي) وصفا له ، ولا بدلا عنه. ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء (يَحْسَبُ) خبره ، ويجوز أن يرفع بالخبر أى هو الذى جمع. ويجوز أن يكون نصبا على الذمّ ، بإضمار أعنى. ويجوز أن يكون جرّا (٣) بالبدل من قوله : (لِكُلِّ).

فضل السّورة

فيه أحاديث ضعيفة. منها حديث أبىّ : من قرأها أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وأصحابه ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها فكأنّما تصدّق بوزن جبل أحد ذهبا فى طاعة الله ، وأعطاه الله بكلّ آية قرأها ستّمائة حسنة.

__________________

(١) يريد منع الدنيا ، وذكر الضمير باعتبار المال.

(٢) أ ، ب : «استثناه» وظاهر أنه محرف عما أثبت.

(٣) ا ، ب : «خبرا» والوجه ما أثبت

٥٤٣

١٠٥ ـ بصيرة فى ألم تر كيف ..

السّورة مكّية آياتها خمس إجماعا. وكلماتها ثلاث وعشرون. وحروفها ثلاث وتسعون.

فواصل آياتها على اللّام. سمّيت سورة الفيل ؛ لقوله : (بِأَصْحابِ الْفِيلِ).

معظم مقصود السّورة : بيان جزاء الأجانب ، ومكرهم ، وردّ كيدهم فى نحرهم ، وتسليط أنواع العقوبة على العصاة والمجرمين ، وسوء عاقبتهم بعد حين فى قوله : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ).

السّورة محكمة.

متشابهات :

قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ) أتى فى مواضع وهذا آخرها. ومفعولاه محذوفان و (كَيْفَ) مفعول (فَعَلَ) لا يعمل فيه ما قبله ؛ لأنه استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.

فضل السّورة

فيه عن أبىّ : من قرأ سورة الفيل عافاه الله أيّام حياته فى الدّنيا من القذف والمسخ ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها فكأنّما تصدّق بوزنه ذهبا ، وله بكلّ آية قرأها شربة يشربها إذا خرج من قبره ، وأعطاه الله ثواب الصدّيقين.

٥٤٤

١٠٦ ـ بصيرة فى

لإيلاف قريش ..

السّورة مكّيّة. آياتها خمس فى عدّ الحجاز ، وأربع فى عدّ الباقين. وكلماتها تسع عشرة. وحروفها ثلاث وسبعون. المختلف فيها آية : (مِنْ جُوعٍ) فواصل آياتها (شفت). سمّيت سورة قريش ؛ لذكر ألفتهم فيها.

معظم مقصود السّورة : ذكر المنّة على قريش ، وتحضيضهم على العبادة ، وشكر الإحسان ، ومعرفة قدر النّعمة والعاقبة والأمان ، فى قوله : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ).

المتشابهات :

قوله : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ) كرّر ؛ لأنّ الثّانى بدل من الأوّل أفاد بيان المفعول ، وهو (رِحْلَةَ الشِّتاءِ.) وعن الكسائى وغيره ترك التسمية بين السّورتين ، على أنّ اللّام فى (لِإِيلافِ) متّصل بآخر السّورة التى قبلها.

فضل السّورة

فيه من الأحاديث الضعيفة : من قرأها (أعطى من الأجر عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها) ، وحديث على : يا علىّ من قرأها فكأنّما قرأ ثلث القرآن ، وكتب الله له بكلّ آية مائة حسنة.

٥٤٥

١٠٧ ـ بصيرة فى أرأيت ..

السّورة مكّيّة. آياتها سبع فى عدّ العراقى ، وستّ عند الباقين. وكلماتها خمس وعشرون (وحروفها (١) مائة وخمس وعشرون). المختلف فيها آية (يُراؤُنَ) فواصل آياتها على النون. سمّيت سورة الماعون ، لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : الشكاية من الجافين على الأيتام والمساكين ، وذمّ المقصّرين والمرائين ، وما نعى نفع المعونة عن الخيرات والمساكين ، فى قوله : (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ).

السّورة محكمة.

المتشابهات :

قوله : (الَّذِينَ هُمْ) كرّره ولم يقتصر على مرّة واحدة ؛ لامتناع عطف الفعل على الاسم. ولم يقل : الّذين هم يمنعون ؛ لأنّه فعل ، فحسن العطف على الفعل.

فضل السّورة

فيه حديثان ضعيفان : من قرأها غفر الله له إن كان للزّكاة مؤدّيا ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها جعل الله قبره روضة من رياض الجنّة ، وله بكلّ آية قرأها ثواب حجّة وعمرة.

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى ا

٥٤٦

١٠٨ ـ بصيرة فى

إنا أعطيناك الكوثر ..

السّورة مكّيّة. آياتها ثلاث بالإجماع. وكلماتها عشر. وحروفها ثنتان وأربعون. فواصل آياتها على الرّاء. سمّيت سورة الكوثر ؛ لذكره فيها.

معظم مقصود السّورة : بيان المنّة على سيّد المرسلين ، وأمره بالصّلاة والقربان ، وإخباره بإهلاك أعدائه أهل الخيبة والخذلان.

المتشابهات :

قوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) وبعده : (إِنَّ شانِئَكَ) قيد الخبرين بإنّ ، والخبر إذا قيّد (١) بإنّ قارب الاسم.

فضل السّورة

فيه حديثان متروكان : من قرأها سقاه الله من أنهار الجنّة ، وأعطى من الأجر عشر حسنات بعدد كلّ قربان قربه العباد فى يوم عيد ، ويقرّبون من أهل الكتاب والمشركين ، وحديث على : يا علىّ من قرأ (إنا أعطيناك الكوثر) أعطاه الله ثواب حملة القرآن ، وله بكلّ آية قرأها ثواب الذاكرين لله على كلّ حال.

__________________

(١) فى الكرمانى : «أكد».

٥٤٧

١٠٩ ـ بصيرة فى

قل يا أيها الكافرون ..

السّورة مكّيّة. آياتها ستّ بالإجماع. وكلماتها ثمان وعشرون. وحروفها أربع وتسعون. فواصل آياتها على النّون. سمّيت سورة (الكافرون) ، لمفتتحها ، وسورة الدّين ، لقوله : (وَلِيَ دِينِ). والمقشقشة. قال أبو عبيدة : سورتان من القرآن يقال لهما المقشقشتان : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) تقشقشان (١) الذنوب كما يقشقش الهناء (٢) الجرب.

معظم مقصود السّورة : يأس الكافرين من موافقة النبىّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالإسلام والأعمال ، فى الماضى ، والمستقبل ، والحال ، وبيان أن كلّ أحد مأخوذ بماله عليه إقبال ، وعليه اشتغال.

المنسوخ منها (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) م آية السّيف ن

من المتشابهات :

قوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) فى تكراره أقوال خمسة ، ومعان كثيرة ، ذكرت فى التفاسير. وقال محمود بن حمزة الكرمانىّ : هذا التكرار اختصار وإيجاز ، هو إعجاز ، لأنه نفى عن نبيّه عبادة الأصنام فى الماضى ، والحال ، والاستقبال ، ونفى عن الكفار المذكورين عبادة الله فى. الأزمنة الثلاثة أيضا. فاقتضى القياس تكرار هذه اللفظة ستّ مرّات فذكر لفظ (٣) الحال ،

__________________

(١) الهناء : القطران يطلى به.

(٢) الهناء : القطران يطلى به وتقشقشان : تهيئان للبرء والصحة بعد الاعتلال

(٣) ب : «لفظى»

٥٤٨

لأنّ الحال هو الزّمان الموجود ، واسم الفاعل واقع موقع الحال ، وهو صالح للأزمنة. واقتصر من الماضى على المسند إليهم ، فقال : (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) ولأنّ اسم الفاعل بمعنى الماضى فعل (١) على مذهب الكوفيّين. فاقتصر من (٢) المستقبل على المسند إليه فقال : (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) وكان اسم (٣) الفاعلين بمعنى المستقبل. وهذا معجزة للقرآن وبرهان.

فضل السّورة

فيه أحاديث : من قرأها فكأنّما قرأ ربع القرآن ، وتباعدت منه مردة الشّياطين ، وبرئ من الشرك وتعافى من الفزع الأكبر. ويروى أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لرجل : اقرأ عند لبس ثيابك : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ؛ فإنها براءة من الشّرك. وقد سمّاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مقشقشة أى مبرئة من النّفاق. وفيه حديث علىّ الضعيف أيضا : يا علىّ من قرأها أنجاه الله من شدّة يوم القيامة ، وله بكلّ آية قرأها ثواب المستغفرين بالأسحار.

__________________

(١) أ ، ب : «فعمل» وهو محرف عما أثبت

(٢) فى الكرمانى : «واقتصر» وهو أولى

(٣) فى الكرمانى : «أسماء»

٥٤٩

١١٠ ـ بصيرة فى إذا جاء ..

السّورة مدنيّة. وآياتها ثلاث. وكلماتها ستّ وعشرون. وحروفها أربع وسبعون. فواصل آياتها على الحاء والألف. وليس فى القرآن آية على الحاء غير الفتح. سمّيت سورة النّصر ؛ لقوله : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) ، وسورة التّوديع ، لما (١) فيه من بيان نعى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

معظم مقصود السّورة : بيان نعيه ، وذكر تمام نصرة أهل الإسلام ، ورغبة الخلق فى الإقبال على دين الهدى ، وبيان وظيفة التسبيح والاستغفار ، والأمر بالتّوبة فى آخر الحال بقوله : (وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).

السّورة محكمة.

وجواب إذا مضمر تقديره : إذا جاء نصر الله إيّاك ، على من ناواك ، حضر أجلك. وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : لمّا نزلت هذه السّورة : نعى الله ـ تعالى ـ إلىّ نفسى.

فضل السّورة

فيه أحاديث واهية. منها حديث أبىّ من قرأها فكأنّما شهد مع محمّد فتح مكّة ، وحديث علىّ : يا على من قرأها أنجاه الله من شدّة يوم القيامة ، وله بكلّ آية قرأها ثواب المستغفرين بالأسحار. يا علىّ من قرأها كان

__________________

(١) ا : «بما»

٥٥٠

فى الدّنيا فى حرز الله ، وكان آمنا فى الآخرة من العذاب ، وإذا جاءه ملك الموت قال الله تعالى له : أقرئ عبدى منى السّلام ، وقل له : عليك السّلام. وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب من أحسن إلى ما ملكت يمينه.

٥٥١

١١١ ـ بصيرة فى تبّت ..

السّورة مكّيّة. وآياتها خمس بالإجماع. وكلماتها ثلاث وعشرون. وحروفها سبع وسبعون. فواصل آياتها (دبّ) وتسمّى سورة تبّت ، وسورة أبى لهب ، وسورة المسد ؛ لذكرها فيها.

مقصود السّورة : تهديد أبى لهب على الجفاء والإعراض ، وضياع كسبه وأمره ، وبيان ابتلائه يوم القيامة ، وذمّ زوجه فى إيذاء النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبيان ما هو مدّخر لها من سوء العاقبة.

السّورة محكمة.

ومن المتشابه (١) :

قوله تعالى : (تَبَّتْ) وبعده : (وَتَبَّ) هذا ليس بتكرار ؛ لأنّ الأوّل جرى مجرى الدّعاء ، والثّانى خبر ، أى وقد تبّ. وقيل تبت يدا أبى لهب أعمله ، وتبّ أبو لهب. وقال مجاهد : وتبّ ابنه (وتبّ (٢) ابنه).

فضل السّورة

فيه حديثان ضعيفان : من (٣) قرأها رجوت ألا يجمع الله بينه وبين أبى لهب فى دار واحدة ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها أعطاه الله ثواب الصّالحين ، وله بكلّ آية قرأها ثواب عتق رقبة.

__________________

(١) ب : «المتشابهات»

(٢) سقط ما بين القوسين فى الكرمانى

(٣) قال الشهاب فى كتابته على البيضاوى : «حديث موضوع»

٥٥٢

١١٢ ـ بصيرة فى

قل هو الله أحد ..

السّورة مكّيّة. وآياتها خمس فى عدّ المكّيّين ، والشّاميّين ، وأربع عند الباقين. وكلماتها إحدى عشرة وحروفها سبع وأربعون. المختلف فيها آية (لَمْ يَلِدْ). فواصل آياتها على الدال. ولها عشرون اسما : سورة التوحيد ، وسورة التفريد ، وسورة التجريد ، وسورة الإخلاص ، وسورة النجاة ، وسورة الولاية ، السّابع نسبة الرّب ، لقوله (لكل (١) شىء نسبة ونسبة [الرّب] قل هو). الثامن سورة المعرفة. التّاسع سورة الجمال. العاشر المقشقشة. وقد سبق فى (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) الحادى عشرة : المعوّذة. الثّانى عشر سورة الصّمد. الثّالث عشر الأساس. الرّابع عشر المانعة. الخامس عشر المحضرة ؛ لأنّ الملائكة تحضر لاستماعها من القارئ. السّادس عشر المنفّرة ، لأنّها تنفّر الشّيطان. السّابع عشر البراءة ، أى من النّفاق. الثامن عشر المذكّرة. التّاسع عشر الشافية. العشرون سورة النور ؛ لما فى الخبر : إنّ لكلّ شىء نورا ، ونور القرآن (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).

معظم مقصود السّورة : بيان الوحدانيّة ، وذكر الصّمد ، وتنزيه الحقّ من الولد والوالد والولادة ، والبراءة من الشركة والشريك فى المملكة.

__________________

(١) لم أقف على هذا الحديث. وقد ورد فى أسباب النزول للسيوطى أن المشركين قالوا لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أنسب لنا ربك! فانزل الله «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» الى آخرها ، وذكر أن الترمذى والحاكم وابن خزيمة أخرجوا هذا الحديث ، وذكر أحاديث أخر فى هذا المعنى

٥٥٣

السّورة محكمة.

ومن المتشابه (١) : قوله تعالى : (اللهُ الصَّمَدُ) كرّر ليكون كلّ جملة بها مستقلّة بذاتها ، غير محتاجة إلى ما قبلها. ثمّ نفى عنه سبحانه الولد بقوله : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) ، والصّاحبة بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

فضل السّورة

صحّ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : (قل هو الله أحد (٢) يعدل ثلث القرآن) ، وصحّ أنّ بعض الصّحابة كان إذا صلّى أضاف (٣)(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) إلى السّورة الّتى يقرؤها بعد الفاتحة ، فسأله النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن سبب ذلك فقال : إنى أحبّها يا رسول الله ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : حبّك إيّاها أدخلك الجنّة. وفيه من الضّعيف حديث أبىّ : من قرأ هذه السّورة حين يدخل منزله نفى الفقر عن منزله. وقال : من قرأها مرّة بورك عليه ، ومن قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهل بيته ، ومن قرأها ثلاثا بورك عليه (٤) وأهله وماله ، ومن قرأها اثنتى عشرة مرّة بنى له بكلّ مرّة قصر فى الجنّة ، ومن قرأها مائة مرّة كفّر عنه ذنب خمس وعشرين سنة ، ومن قرأها أربعمائة مرّة كفّر عنه جميع ذنوبه ـ ما خلا الدّماء والأموال ، ومن قرأها ألف مرّة لم يمت حتى يرى مكانه فى الجنّة.

__________________

(١) ا ، ب : المتشابهات

(٢) روى هذا الحديث مسلم ، كما فى الترغيب والترهيب.

(٣) الحديث رواه البخارى ومسلم وغيرهما كما فى الترغيب والترهيب

(٤) كذا وفيه العطف على الضمير المجرد من غير اعادة الجار. وقد أجازه بعض النحويين

٥٥٤

وقال جبريل : ما زلت خائفا على أمّتك حتى نزلت (قل هو الله أحد) فأمنت عليهم. وقال : رأيت ليلة أسرى بى ملائكة يبنون قصرا فى الجنّة ، فأمسكوا عن البناء ، فقلت لما ذا أمسكتم؟ فقالوا نفدت النفقة. فقلت وما النفقة؟ قالوا قراءة (قل هو الله أحد) فإذا أمسكوا عن القراءة أمسكنا عن البناء. وفيه حديث علىّ : يا علىّ من قرأها ضحك الله إليه يوم يلقاه ، ويدخله الجنّة آمنا ، وأعطاه الله بكلّ آية قرأها ثواب نبىّ.

٥٥٥

١١٣ ـ بصيرة فى

قل أعوذ برب الفلق ..

السّورة مدنيّة. وآياتها خمس بالإجماع. وكلماتها ثلاث وعشرون. وحروفها أربع وسبعون. وفواصل آياتها (دبق). سمّيت سورة الفلق ؛ لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : الاستعاذة من الشرور ، ومن مخافة اللّيل الدّيجور ، ومن آفات الماكرين والحاسدين فى قوله : (إِذا حَسَدَ).

السورة محكمة.

ومن المتشابهات : قوله تعالى : (قُلْ) نزلت فى ابتداء خمس (١) سور ، وصار متلوّا بها ؛ لأنّها نزلت جوابا ، وكرّر قوله : (مِنْ شَرِّ) أربع مرّات ؛ لأنّ شرّ كلّ واحد منها غير شرّ الآخر.

فضل السّورة

فيه حديث عقبة (٢) أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (ألّا أخبرك بأفضل ما تعوّذ به المتعوّذون؟ قال : قلت : بلى [قال] : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ). وقال يا عقبة ألا أعلمك سورتين هما أفضل القرآن ، أو من أفضل القرآن! قال قلت : بلى يا رسول الله [قال] : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) وقال : فعلّمنى المعوّذتين ، ثمّ قرأهما (٣) فى صلاة الغداة ، وقال لى : اقرأهما كلّما قمت ونمت.

__________________

(١) هى سور الجن ، والكافرين ، والاخلاص ، والمعوذتين.

(٢) الحديث رواه مسلم والترمذى والنسائى كما فى الترغيب والترهيب والألفاظ عندهم تختلف.

(٣) ب : «قرأتهما». والمراد قرأهما الرسول عليه الصلاة والسّلام

٥٥٦

١١٤ ـ بصيرة فى

قل أعوذ برب الناس ..

السّورة مدنيّة. وآياتها سبع عند المكّيّين ، والشّاميّين ، وستّ عند الباقين. المختلف فيها آية : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ). وكلماتها عشرون. وحروفها تسع وسبعون. وفواصلها على السين. وسمّيت سورة النّاس ؛ لتكرّره فيها خمس مرّات.

معظم مقصود السّورة : الاعتصام بحفظ الحقّ ـ تعالى ـ وحياطته ، والحذر والاحتراز من وسواس الشيطان ، ومن تعدّى الجنّ والإنسان ، فى قوله : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ).

ومن المتشابه قوله تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ثمّ كرّر (النَّاسِ) خمس مرّات. قيل : كرّر تبجيلا لهم على ما سبق. وقيل : كرّر لانفصال كلّ آية من الأخرى بعدم حرف العطف. وقيل : المراد بالأوّل الأطفال ومعنى الرّبوبيّة يدلّ عليه ، وبالثّانى الشّبّان ولفظ الملك يدلّ عليه ؛ لأنّه منبئ عن السّياسة ـ وبالثالث الشيوخ ـ ولفظ (إله) المنبئ عن العبادة يدلّ عليه ؛ وبالرابع الصّالحون والأبرار ـ والشيطان مولع بإغوائهم ، وبالخامس المفسدون والأشرار. وعطفه على المعوّذ منهم يدلّ عليه.

٥٥٧

١١٥ ـ بصيرة فى

مجملات السورة (١) وعددها وعدد الآى والكلمات والحروف والنقط

وكل حرف من حروف التهجى

اعلم أنّ عدد سور القرآن ـ بالاتّفاق ـ مائة وأربعة (٢) عشر سورة. وأمّا عدد الآيات فإن صدر الأمّة وأئمة السّلف من العلماء والقراء كانوا ذوى عناية شديدة فى باب القرآن وعلمه ؛ حتى لم يبق لفظ ومعنى إلّا بحثوا عنه ، حتى الآيات والكلمات والحروف ، فإنهم حصروها وعدّوها. وبين القرّاء فى ذلك اختلاف ؛ لكنّه لفظى لا حقيقىّ.

مثال ذلك أنّ قرّاء الكوفة عدّوا (٣) قوله (وَالْقُرْآنِ (٤) ذِي الذِّكْرِ) آية ، والباقون لم يعدّوها آية. وقراء الكوفة عدّوا (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) آية والباقون لم يعدّوها ، بل جعلوا آخر الآية (٥)(فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) ، و (لَأَمْلَأَنَ (٦) جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) وهكذا عدّ أهل مكّة والمدينة والكوفة والشّام آخر الآية (٧)(وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) ، وأهل البصرة جعلوا آخرها (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) ولا شكّ أنّ ما هذا سبيله اختلاف فى التّسمية لا اختلاف فى القرآن.

__________________

(١) كذا فى أ ، ب .. ويريد جنس السورة

(٢) كذا والصواب : أربع عشرة

(٣) ب : «عدوالى»

(٤) أول سورة ص

(٥) أى الأولى

(٦) أى هى آخر الآية الثانية ، وهى فى أواخر سورة ص

(٧) الآية ٣٧ سورة ص

٥٥٨

ومن هاهنا صار عند بعضهم آيات القرآن أكثر ، وعند بعضهم أقلّ ، لا أن بعضهم يزيد فيه ، وبعضهم ينقص ، فإنّ الزّيادة والنّقصان فى القرآن كفر ونفاق ؛ على أنّه غير مقدور للبشر ؛ قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ (١) نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).

فإذا علمت هذه القاعدة فى الآيات ، فكذلك الأمر فى الكلمات والحروف ، فإنّ بعض القرّاء عدّ (فِي السَّماءِ) و (فِي الْأَرْضِ) و (فِي خَلْقِ) وأمثالها كلمتين ، على أنّ (فى) كلمة ، و (السّماء) كلمة ، وبعضهم عدّهما كلمة واحدة فمن ذلك حصل الاختلاف ؛ لأنّ من عدّ (فِي السَّماءِ) وأمثاله كلمتين كانت كلمات القرآن عنده أكثر.

وأما الحروف فإن بعض القراء عدّ الحرف المشدّد حرفين ، فيكون على هذا القرآن عنده أكثر.

فإذا فهمت ذلك فاعلم أنّ عدد آيات القرآن عند أهل الكوفة ستة آلاف ومائتان وستّ وثلاثون آية. هكذا مسند المشايخ من طريق الكسائى إلى علىّ بن أبى طالب. وقال سليم عن حمزة قال : هو عدد أبى عبد الرّحمن السّلمى. ولا شكّ فيه أنّه عن على ، إلا أنى أجبن عنه. وروى عبد الله بن وهب عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : آيات القرآن ستّة آلاف ومائتان وثمان عشرة آية. وحروفها ثلاثمائة ألف حرف وستمائة حرف وسبعون حرفا ، بكلّ حرف منها عشر حسنات لقارئ القرآن. وروينا عن الفضل بن عبد الحنّان قال : سمعت أبا معاذ النحوىّ يقول : القرآن ستّة آلاف آية ومائتان

__________________

(١) الآية ٩ سورة الحجر

٥٥٩

وسبع عشرة آية. وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائتان حرف. وقال : صاحب الإيضاح : عدد آيات القرآن فى قول (١) المدنىّ الأوّل ستّة آلاف ومائتان (وأربع عشرة آية (٢) ، وهو أحد وعشرون وألف. وهو العدد الذى رواه أهل الكوفة عن أهل المدينة ، قال : وفى قول المدنىّ الأخير (٣) ستة آلاف ومائتان) وسبع عشرة آية. وهو عدد شيبة بن نصاح قال : وفى عدد يزيد بن القعقاع : ستّة آلاف ومائتان وعشر آيات. قال : وعددها عند أهل مكّة ستة آلاف وعشر آيات. وفى بعض الرّوايات مائتان وخمس وفى بعضها مائتان وأربع. وعند أهل الشام ستة آلاف ومائتان وستّ (وعشرون (٤) آية. وروينا عن ابن عباس وابن سيرين أنه ستة آلاف ومائتان وست) عشرة آية وعن عطاء بن يسار أنّه ستّة آلاف ومائة وتسعون وسبع آيات. وعن قتادة مائتان وثمان عشرة آية.

هذه جملة الاختلاف فى عدّ الآى.

قلت : ومن هذه الجملة ألف آية وستمائة آية فى قصص الأنبياء ، وألف ومائتان فى شرائع الإيمان ، وألف وعشرون فى التوحيد والصّفات ، وألف فى ترتيب الولايات ، وأربعمائة فى الرّقية وتعويذ الآفات ، وأربعمائة فى أنواع المعاملات ، ومائة فى عذر جرم العصاة (٥) ، ومائة فى

__________________

(١) هو ما يرويه نافع عن شيخه أبى جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة بن نصاح ، انظر شرح ناظمة الزهر ١٧

(٢) سقط ما بين القوسين فى ا

(٣) هو ما يرويه إسماعيل بن جعفر عن سليمان بن جماز عن يزيد وشيبة ـ المرجع السابق ١٨

(٤) سقط ما بين القوسين فى ا

(٥) كتب بالتاء المفتوحة للازدواج مع باقى السجعات

٥٦٠