بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٨

٨٠ ـ بصيرة فى عبس وتولى ..

السّورة مكّيّة. وآياتها ثنتان وأربعون فى الحجاز ، والكوفة ، وواحدة (١) فى البصرة ، وأربعون فى الشأم. وكلماتها مائتان وثلاث وثلاثون. وحروفها خمسمائة وثلاث وثلاثون. والمختلف فيها من الآى ثلاث : (وَلِأَنْعامِكُمْ)(٢)(طَعامِهِ)(٣)(الصَّاخَّةُ)(٤). فواصل آياتها (هما) وعلى الميم آية : (وَلِأَنْعامِكُمْ)(٥) وسمّيت عبس لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : بيان حال الأعمى ، وذكر شرف القرآن ، والشّكاية من أبى (٦) جهل ، وإنكاره البعث والقيامة ، وإقامة البرهان من حال النبات على البعث ، وإحياء الموتى ، وشغل الخلق فى العرصات ، وتفاوت حال أهل الدّرجات والدّركات ، فى قوله : (وُجُوهٌ) إلى آخرها.

المنسوخ فيها آية واحدة : (فَمَنْ شاءَ (٧) ذَكَرَهُ) م آية السّيف (٨) ن

المتشابه

قوله : (الصَّاخَّةُ) سبق فى النّازعات.

__________________

(١) أ ، ب : «واحد».

(٢) الآية ٣٢.

(٣) الآية ٢٤.

(٤) الآية ٣٣.

(٥) الآية ٣٢.

(٦) أشير اليه فى قوله تعالى : (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى ..)

(٧) الآية ١٢.

(٨) الآية ٥ سورة التوبة.

٥٠١

فضل السّورة

فيه حديث أبىّ الشّاذّ : من قرأها جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها جاء يوم القيامة ووجهه يتلألأ ، وله بكلّ آية قرأها ثواب (المتشحّط (١) فى دمه).

__________________

(١) فى أ : «المسخط فى ذمه» وفى ب «المسخط فى ذمته» ويبدو أن كليهما تحريف عما أثبت. والمتشحط فى دمه المتضرج به ، والمراد المقتول فى سبيل الله.

٥٠٢

٨١ ـ بصيرة فى

إذا الشمس كورت ..

السّورة مكّيّة. وآياتها تسع وعشرون فى عدّ الجميع ، وثمان فى عدّ أبى جعفر ، أسقط أبو جعفر (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ)(١) وكلماتها مائة وأربعون. وحروفها خمسمائة وثلاث وثلاثون. فواصل آياتها (تسنّم). تسمّى سورة كوّرت ، وسورة التكوير ؛ لمفتتحها.

مقصود السّورة : بيان أحوال القيامة ، وأهوالها ، وذكر القسم بأنّ (٢) جبريل أمين على الوحى ، مكين عند ربّه ، وأنّ محمّدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) ـ لا منهم ولا بخيل بقول الحقّ ، وبيان حقيقة المشيئة والإرادة فى قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).

المنسوخ فيها آية واحدة : (لِمَنْ شاءَ (٤) مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) [م](وَما تَشاؤُنَ) ن

المتشابهات

قوله : (وَإِذَا الْبِحارُ (٥) سُجِّرَتْ) ، وفى الانفطار : (وَإِذَا الْبِحارُ (٦) فُجِّرَتْ) ؛ لأنّ معنى (سُجِّرَتْ) عند أكثر المفسّرين : أوقدت ، فصارت نارا ، من قولهم : سجّرت التنّورة (٧). وقيل : بحار جهنّم تملأ حميما ، فيعذّب

__________________

(١) الآية ٢٦.

(٢) الأولى : «على أن جبريل».

(٣) ب : «غير».

(٤) الآيتان ٢٨ ، ٢٩. والنسخ فيهما غير ظاهر لانهما خبران.

(٥) الآية ٦.

(٦) الآية ٣.

(٧) كذا فى أ ، ب. وفى الكرمانى : «التنور» وهو المعروف فى اللغة.

٥٠٣

بها أهل النّار. فخصّت هذه السّورة بسجّرت ؛ موافقة لقوله تعالى (سُعِّرَتْ) ليقع الوعيد بتسعير النار وتسجير البحار ، وفى الانفطار وافق قوله : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) أى تساقطت (وَإِذَا الْبِحارُ (١) فُجِّرَتْ) أى سالت مياهها ففاضت على وجه الأرض ، (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) : قلبت وأثيرت. وهذه أشياء كلّها زالت [عن] أماكنها ، فلاقت كلّ واحدة قرائنها.

قوله : (عَلِمَتْ (٢) نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) ، وفى الانفطار (قَدَّمَتْ)(٣)(وَأَخَّرَتْ) ، لأنّ ما فى هذه السّورة متّصل بقوله : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) فقرأها أربابها ، فعلمت ما أحضرت ، وفى الانفطار متّصل بقوله : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) والقبور كانت فى الدنيا فتتذكر ما قدّمت فى الدّنيا ، وما أخّرت فى العقبى ، وكلّ (٤) خاتمة لائقة بمكانها. وهذه السّورة من أوّلها إلى آخرها شرط وجزاء ، وقسم وجواب.

فضل السّورة

فيه من الأحاديث الواهية حديث أبىّ : من أحبّ أن ينظر إلى يوم القيامة فليقرأ (إذا الشمس كورت) ، ومن قرأها أعاذه الله أن يفضحه حين ينشر صحيفته ، وحديث على : يا علىّ من قرأها أعطاه الله ثواب الصّالحين ، وله بكلّ آية ثواب عتق رقبة ، ووجدت فى بعض الحواشى عن بعض المفسرين : من لدغته العقرب يقرأ ثلاث مرّات (إذا الشمس كورت) ، وينفخها فى ماء ، ثمّ يشربه ، يسكن فى الحال.

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٢) الآية ١٤.

(٣) الآية ٥.

(٤) الاولى : فكل.

٥٠٤

٨٢ ـ بصيرة فى

إذا السماء انفطرت ..

السّورة مكّيّة. وآياتها تسع عشرة. وكلماتها مائة. وحروفها ثلاثمائة وتسع عشرة. فواصل آياته (مكنه). على الهاء آخر السّورة. تسمّى سورة (انفطرت) وسورة (الانفطار) ؛ لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : الخبر عن حال السّماء ونجومها فى آخر الزّمان ، وبيان غفلة الإنسان ، وذكر الملائكة الموكّلين بما يصدر من اللسان والأركان ، وبيان إيجاد الحقّ ـ تعالى ـ الحكم يوم يحشر الإنس والجان.

السورة محكمة.

وسبق ما فيها من المتشابه. وقوله : (وَما أَدْراكَ (١) ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) تكرار أفاد التعظيم ليوم الدّين. وقيل : أحدهما للمؤمنين ، والثّانى للكافرين.

فضل السّورة

فيه عن أبىّ : من قرأها أعطاه الله من الأجر بعدد كلّ قبر حسنة ، وبعدد كلّ قطرة ماء حسنة ، وأصلح الله شأنه يوم القيامة. وعن على : يا علىّ من قرأها جعل الله كلّ آية فى ميزانه أثقل من السّماوات ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب الّذين عمروا بيت المقدس.

__________________

(١) الآيتان ١٧ ، ١٨.

٥٠٥

٨٣ ـ بصيرة فى

ويل للمطففين الذين ..

السّورة مكّيّة. وآياتها ستّ وثلاثون. وكلماتها مائة وتسع. وحروفها أربعمائة وثلاثون. وفواصل آياتها (من) سمّيت (المطفّفين) (١) لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : تمام الكيل والميزان ، والاحتراز عن البخس والنّقصان ، وذكر السّجّين لأهل العصيان ، وذكر العلّيّين لأهل الإيمان ، ودلال المؤمنين والمطيعين فى نعيم الجنان ، وذلّ العصيان (٢) فى عذاب النّيران ، ومكافأتهم على وفق الجرم (والكفران (٣) فى قوله (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).

السّورة محكمة بتمامها.

فيها من المتشابه قوله : (كَلَّا (٤) إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ) وبعده : (كَلَّا (٥) إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ) التقدير فيها : إنّ كتاب الفجّار لكتاب مرقوم فى سجّين ، وإنّ كتاب الأبرار لكتاب مرقوم فى عليّين. ثمّ ختم

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى ب.

(٢) كذا والمناسب : «العصاة».

(٣) فى الأصلين : «القرآن» والظاهر أنه محرف عما أثبت.

(٤) الآيات ٧ ـ ٩.

(٥) الآيات ١٨ ـ ٢٠.

٥٠٦

الأوّل بقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ، لأنه فى حق الكفّار (١) ، وختم الثّانى بقوله : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) فختم كلّ واحد بما لا يصلح سواه مكانه.

فضل السّورة

فيه الحديثان الضّعيفان : عن أبىّ : من قرأها سقاه الله من الرّحيق المختوم يوم القيامة ، وعن علىّ : يا علىّ من قرأها كان فى الجنّة رفيق خضر ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب العادلين (٢) بالحقّ.

__________________

(١) كذا فى أ ، ب. وفى الكرمانى : «الفجار» وهو أنسب.

(٢) أ ، ب : «خضر العادلى» وظاهر أن (خضر) مقحمة. أو الاصل : «خضر والعادلين».

٥٠٧

٨٤ ـ بصيرة فى

إذا السماء انشقت ..

السّورة مكّيّة. وآياتها ثلاث وعشرون عند الشّامى والبصرىّ ، وخمس عند الباقين. وكلماتها مائة وسبع. وحروفها أربعمائة وثلاث وثلاثون. والمختلف فيها اثنان (١)(بِيَمِينِهِ)(٢)(وَراءَ ظَهْرِهِ).(٣) فواصل آياتها (قهرتمان) على الرّاء (يَحُورَ)(٤) وعلى الميم (أَلِيمٍ).(٥) وتسمّى سورة (انشقت) وسورة الانشقاق ؛ لافتتاحها.

مقصود السّورة : بيان حال الأرض والسّماء فى طاعة الخالق ـ تعالى ـ وإخراج الأموات للبعث ، والاشتغال بالبرّ والإحسان ، وبيان سهولة الحساب للمطيعين ، والإخبار عن فرحهم وسرورهم بنعيم الجنان ، وبكاء العاصين والكافرين ، وويلهم بالثبوت فى دركات النيران ، والقسم بتشقّق القمر ، واطّلاع الحقّ على الإسرار والإعلان ، وجزاء المطيعين من غير امتنان ، فى قوله : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ).

السّورة محكمة بتمامها.

__________________

(١) كذا فى أ ، ب. والتذكير باعتبار الآيتين لفظين. والظاهر أن هذا تغيير من الناسخ ، والأصل : اثنتان.

(٢) الآية ٧.

(٣) الآية ١٠.

(٤) الآية ١٤.

(٥) الآية ٢٤.

٥٠٨

متشابه سورة انشقت

قوله : (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) مرتين ، لأنّ الأوّل متصل بالسماء ، والثانى متصل بالأرض. ومعنى أذنت : سمعت وانقادت ، وحق لها أن تسمع وتطيع ، وإذا اتصل واحد بغير ما اتصل به الآخر لا يكون تكرارا.

قوله : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) وفى البروج (فِي تَكْذِيبٍ) راعى فواصل الآى ، مع صحة اللفظ وجودة المعنى.

فضل السّورة

فيه من الأحاديث المتروكة حديث أبىّ : من قرأها أعاذه الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها كتب الله له بعدد أوراق الأشجار ، ونبات الأرض حسنات ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب أولياء الله.

٥٠٩

٨٥ ـ بصيرة

فى والسماء ذات البروج ..

السّورة مكّيّة. وآياتها اثنتان وعشرون. وكلماتها مائة وتسع. وحروفها أربعمائة وثمان وخمسون. وفواصل آياتها (قرط ظب جدّ). سمّيت سورة البروج ؛ لذكرها فى أوّلها.

معظم مقصود السّورة : القسم على أصحاب الأخدود ، وكمال ملكة الملك المعبود ، وثواب المؤمنين فى جوار المقام المحمود ، وعذاب الكافرين فى الجحيم المورود ، وما للمطيع والعاصى من كرم الغفور الودود ، والإشارة إلى هلاك فرعون وثمود.

والسّورة محكمة بكمالها.

متشابه سورة البروج (١) :

قوله : (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (ذلك) مبتدأ ، و (الفوز) خبره. و (الكبير) صفته. وليس فى القرآن نظيره.

فضل السّورة

فيه حديث أبى : من قرأها فله (بكلّ (٢) يوم الجمعة وكل يوم عرفة)

__________________

(١) هذا الكلام غير موجود فى البصائر وهو منقول عن الكرمانى.

(٢) فى البيضاوى : «بعدد كل جمعة وكل عرفة».

٥١٠

يكون فى دار الدّنيا عشر حسنات ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها كتب الله له بكلّ نجم فى السّماء عشر حسنات ، ورفع له عشر درجات ، وكأنّما صام بكل آية قرأها عشرة أيّام.

٥١١

٨٦ ـ بصيرة فى والسماء والطارق ..

السّورة مكّيّة. وآياتها سبع عشرة فى عدّ الجميع ، غير أبى جعفر ؛ فإنّها عنده ستّ عشرة. أسقط (يَكِيدُونَ كَيْداً) ، وعدّها الباقون. وكلماتها إحدى وستّون. وحروفها مائتان وتسع وثلاثون. فواصل آياتها (ظلّ بق عار). سمّيت بأوّلها الطارق.

مقصود السّورة : القسم على حفظ أحوال الإنسان ، والخبر عن حاله فى الابتداء والانتهاء ، وكشف الأسرار فى يوم الجزاء ، والقسم على أنّ كلمات القرآن جزل ، غير هزل ، من غير امتراء ، وشفاعة حضرة الكبرياء إلى سيّد الأنبياء بإمهال الكافرين ، فى العذاب والبلاء ، فى قوله : (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً).

المنسوخ فيها آية واحدة : م (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ)(١) ن آية السّيف (٢).

ومن المتشابه (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) وهذا تكرار ، وتقديره : مهّل مهّل مهّل ؛ لكنّه عدل فى الثّانى إلى (أمهل) ؛ لأنّه من أصله ، وبمعناه : كراهة التكرار ، وعدل فى الثالث إلى قوله : (رُوَيْداً) ؛ لأنّه بمعناه ، أى أرودهم إروادا. ثمّ صغّر (إروادا) تصغير التّرخيم ، فصار : رويدا. وقيل : (رُوَيْداً) صفة مصدر محذوف ، أى إمهالا رويدا ، فيكون التكرار مرّتين. وهذه أعجوبة.

__________________

(١) الآية ١٧

(٢) الآية ٥ سورة التوبة

٥١٢

فضل السّورة

فيه حديثان ضعيفان : عن أبىّ : من قرأها أعطاه الله من الأجر بعدد كلّ نجم فى السّماء عشر حسنات. وقال : يا علىّ من قرأها فكأنّما قرأ ثلثى القرآن ، وله بكلّ آية قرأها ثواب من يأمر بالمعروف ، وينهى عن عن المنكر.

٥١٣

٨٧ ـ بصيرة فى

سبح اسم ربك الأعلى ..

السّورة مكّيّة. آياتها تسع عشرة بالإجماع. وكلماتها ثمان وسبعون. وحروفها مائتان وإحدى وسبعون. فواصل آياتها على الألف. سمّيت سورة الأعلى ؛ لمفتتحها.

مقصود السّورة : بيان علوّ الذات ، والصّفات ، وذكر الخلقة ، وتربية الحيوانات ، والإشادة بالثمار ، والنبات ، والأمن من نسخ الآيات ، وبيان سهولة الطاعات ، وذل الكفّار فى قعر الدّركات ، والتحضيض على الصّلاة والزّكاة (١) ، وفى الدّنيا بقاء الخيرات ، وفى الآخرة بقاء الدّرجات ، فى قوله : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى).

السورة محكمة.

ومن المتشابه قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ) ، وفى العلق : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) زاد فى هذه السّورة : (الْأَعْلَى) ؛ مراعاة للفواصل وفى هذه السّورة : (خَلَقَ فَسَوَّى) ، وفى العلق (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ)(٢)

فضل السّورة

فيه أحاديث لا يصحّ منها سوى ما رواه عقبة : لمّا نزل (فَسَبِّحْ (٣) بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اجعلوها فى ركوعكم (٤) ،

__________________

(١) رسمت بالتاء المفتوحة من أجل السجع

(٢) أى سبب الاختلاف هو مراعاة الفواصل أيضا

(٣) الآية ٧٤ سورة الواقعة

(٤) هو حديث صحيح رواه أبو داود وغيره من أصحاب السنن. انظر شهاب البيضاوى ٨ / ٣٤٩

٥١٤

ولمّا نزل (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اجعلوها فى سجودكم. ومن الضّعيف المتروك حديث أبىّ : من قرأها أعطاه الله من الأجر عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله على إبراهيم ، وموسى ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال : من قرأها أعطاه الله ثواب الشاكرين ، وله بكلّ آية قرأها ثواب الصّابرين (وكان (١) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يحب هذه السورة) ويقرأ بها فى صلاة الوتر ، ويروى أنّ أوّل من قال سبحان ربّى الأعلى ميكائيل ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبرنى عن ثواب من قالها فى صلاته أو غير صلاته ، فقال يا محمّد ما من مؤمن ، ولا مؤمنة يقولها فى سجوده ، أو فى غير سجوده ، إلّا كانت له فى ميزانه أثقل من العرش ، والكرسىّ ، وجبال الدّنيا ، ويقول الله ـ تعالى ـ : صدق عبدى ، أنا الأعلى ، دونى كلّ شيء ، أشهدوا ملائكتى أنّى قد غفرت لعبدى ، وأدخله فى جنتى ، وإذا مات زاره ميكائيل يوما ، يوما ، فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه ، فيوقفه بين يدى الله عزوجل فيقول : يا رب شفّعنى فيه ، فيقول : قد شفّعتك فيه ، اذهب به إلى الجنّة.

__________________

(١) ورد فى كنز العمال ١ / ٢٢٣. وفيه أنه مروى عن على رضى الله عنه. روى فى مسند احمد بن حنبل وغيره

٥١٥

٨٨ ـ بصيرة فى

هل أتاك حديث الغاشية ..

السّورة مكّيّة. وآياتها ستّ وعشرون. وكلماتها اثنتان وتسعون. وحروفها ثلاثمائة وأحد وثمانون. فواصل آياتها (عمرته). سمّيت سورة الغاشية ؛ لذكرها.

معظم مقصود السّورة : التخويف بظهور القيامة ، وبيان حال المستوجبين للعقوبة ، وذكر حال المستحقّين للمثوبة (وإقامة الحجة على (١) وجود الحقّ) ووعظ الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ للأمّة ، على سبيل الشّفقة ، وأن المرجع إلى الله تعالى فى العاقبة فى قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ).

المتشابه :

قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) وبعده : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) ليس بتكرار ؛ لأنّ الأوّل هم الكفّار ، والثّانى المؤمنون. وكان القياس أن يكون الثانى بالواو للعطف ؛ لكنّه جاء على وفاق الجمل قبلها ، وبعدها ، وليس معهنّ واو العطف البتّة.

قوله : (وَأَكْوابٌ (٢) مَوْضُوعَةٌ وَنَمارِقُ) كلّها قد سبق.

(وَإِلَى السَّماءِ) و (إِلَى الْجِبالِ) ليس من الجمل ، بل هى اتباع لما قبلها.

المنسوخ : فيها آية واحدة م (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)(٣) ن آية (٤) السّيف.

__________________

(١) أ ، ب : «على وجود الحق تعالى اقامة الحجة» وظاهر أنه مقلوب عما أثبت

(٢) الآيتان ١٤ و ١٥

(٣) الآية ٢٢

(٤) الآية ٥ سورة التوبة

٥١٦

فضل السّورة

فيه أحاديث ضعيفة : منها من قرأها حاسبه الله حسابا يسيرا ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها كتب الله له بعدد آيات القرآن حسنات ، وله بكلّ آية قرأها بيت من الزعفران فى وسط الجنّة.

٥١٧

٨٩ ـ بصيرة فى والفجر ..

السّورة مكّيّة. وآياتها ثلاثون فى عدّ الشام ، والكوفة ، وتسع وعشرون (فى البصرة (١) ، واثنتان وثلاثون فى الحجاز. وكلماتها مائة وسبع وعشرون) وحروفها خمسمائة وتسع وتسعون. المختلف فيها أربع : نعّمه (٢) ، رزقه (٣) بجهنّم (٤) ، (فِي عِبادِي)(٥) فواصل آياتها (هاروت ندم). سمّيت سورة الفجر ، لمفتتحها.

السورة محكمة.

معظم مقصود السّورة : تشريف العيد ، وعرفة ، وعشر المحرّم ، والإشارة إلى هلاك عاد ، وثمود ، وأضرابهم ، وتفاوت حال الإنسان فى النعمة ، وحرصه على جمع الدّنيا ، والمال الكثير ، وبيان حال الأرض فى القيامة ، ومجىء الملائكة ، وتأسّف الإنسان يومئذ على التقصير ، والعصيان ، وأنّ مرجع المؤمن عند الموت إلى الرّحمة ، والرضوان ، ونعيم الجنان ، فى قوله : (وَادْخُلِي جَنَّتِي).

متشابه سورة والفجر

قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) وبعده : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) لأن التقدير فى الثانى أيضا : وأما الإنسان ، فاكتفى بذكره فى الأول ؛

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى أ

(٢) الآية ١٥

(٣) الآية ١٦

(٤) الآية ٢٣

(٥) الآية ٢٩

٥١٨

والفاء لازم بعده ؛ لأن المعنى : مهما يكن من شيء فالإنسان بهذه الصفة ، لكن الفاء أخّر ليكون على لفظ الشرط والجزاء.

فضل السّورة

فيه حديث أبىّ المنكر : من قرأها فى الليالى العشر غفر الله له ، ومن قرأها فى سائر الأيام كانت له نورا يوم القيامة ، وحديث علىّ : من قرأها أعطاه الله ثواب المصلّين ، وله بكلّ آية قرأها ثواب الحامدين له على كلّ حال.

٥١٩

٩٠ ـ بصيرة فى

لا أقسم بهذا البلد ..

السّورة مكّيّة. وآياتها عشرون. وكلماتها اثنتان وثمانون. وحروفها ثلاثمائة وإحدى وخمسون. فواصل آياتها (هدنا). سمّيت سورة البلد ؛ لمفتتحها ، وسورة العقبة ، لقوله : (فَلَا (١) اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ).

معظم مقصود السّورة : تشريف مكّة بحكم القسم بها ، وشدّة حال الأدنى (٢) ، والخبر من سرّه وعلانيته ، والمنّة عليه بالنعم المختلفة ، وتهويل عقبة الصّراط وبيان النجاة منها ، ومدح المؤمنين وصبرهم على البلاء ، ورحمة بعضهم بعضا ، وخلود الكفّار فى النّار فى قوله : (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ).

السّورة محكمة.

ومن المتشابهات قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) ثم قال (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) كرّره وجعله [فاصلا](٣) فى الآيتين. وقد سبق القول فى مثل هذا ، وممّا ذكر فى هذه السّورة على الخصوص أنّ التقدير : لا أقسم بهذا البلد وهو (٤) حرام وأنت حلّ بهذا البلد وهو حلال ؛ لأنّه أحلّت له مكّة حتى قيل فيها :

__________________

(١) الآية ١١

(٢) فى ا : «الأذى» وما أثبت عن هامش ب وكأنه يريد بالأدنى : الأحقر ، ونبز به رجلا كان يعتز بقوته ، ويعادى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو أبو الاشد بن كلدة ، فقد قيل : أنه المراد بالانسان فى قوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ).

(٣) زيادة من الكرمانى.

(٤) أب : «أنت» وما أثبت عن الكرمانى وشيخ الاسلام.

٥٢٠