بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٨

٤٣ ـ بصيرة فى

حم. والكتاب المبين. إنا جعلناه ..

السّورة مكّيّة إجماعا. عدد آياتها [ثمان (١) وثمانون] عند الشّاميّين ، وتسع عند الباقين. وكلماتها ثمانمائة وثلاث وثلاثون. وحروفها ثلاثة آلاف وأربعمائة. الآيات المختلف فيها اثنتان : حم ، مهين (٢). مجموع فواصل آياتها (ملن) تسمّى سورة الزّخرف ؛ لقوله (عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً).(٣)

معظم مقصود السّورة : بيان إثبات القرآن فى اللّوح المحفوظ ، وإثبات الحجّة والبرهان على وجود الصانع ، والرد على عبّاد الأصنام الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، والمنّة على الخليل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بإبقاء كلمة التوحيد فى عقبه ، وبيان قسمة الأرزاق ، والإخبار عن حسرة الكفار ، وندامتهم يوم القيامة ، ومناظرة فرعون ، وموسى ومجادلة المؤمنين مع ابن (٤) الزّبعرى بحديث عيسى ، وبيان شرف الموحّدين فى القيامة وعجز الكفّار فى جهنّم ، وإثبات إلهيّة الحقّ فى السماء والأرض ، وأمر الرّسول بالإعراض عن مكافأة الكفّار فى قوله : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ).

__________________

(١) زيادة لا بد منها ، عن شرح ناظمة الزهر.

(٢) الآية ٥٢.

(٣) الآيتان ٣٤ ، ٣٥.

(٤) هو عبد الله بن الزبعرى. وقد أسلم بعد. ومن مجادلته أنه كان يقول أن النصارى أهل كتاب وقد عبدوا عيسى ابن الله ، والملائكة بنات الله فهم أحقاء بالعبادة كعيسى. والمؤلف يشير الى قوله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) فقد جاء فى التفسير أنه ضارب المثل بعيسى عليه‌السلام.

٤٢١

الناسخ والمنسوخ :

فيها من المنسوخ آيتان (فَذَرْهُمْ (١) يَخُوضُوا) وقوله : (فَاصْفَحْ (٢) عَنْهُمْ) م آية السّيف ن

المتشابهات :

قوله تعالى : (ما لَهُمْ (٣) بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ، وفى الجاثية : (إِنْ هُمْ (٤) إِلَّا يَظُنُّونَ) ، لأنّ [ما] فى هذه السّورة متّصل بقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ) [الآية](٥) والمعنى أنّهم قالوا : الملائكة بنات الله ، وإنّ الله قد شاء منا عبادتنا إيّاهم. وهذا جهل منهم وكذب. فقال ـ سبحانه ـ : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أى يكذبون. وفى الجاثية خلطوا الصّدق بالكذب ؛ فإن قولهم : نموت ونحيا صدق ؛ فإن المعنى :

يموت السّلف ويحيا الخلف ، وهو كذلك إلى أن تقوم السّاعة. وكذبوا فى إنكارهم البعث ، وقولهم : ما يهلكنا إلّا الدّهر. ولهذا قال : (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) أى هم شاكّون فيما يقولون.

قوله : (وَإِنَّا (٦) عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ، وبعده : (مُقْتَدُونَ) خصّ الأول بالاهتداء ؛ لأنه كلام العرب فى محاجّتهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وادّعائهم أن آباءهم كانوا مهتدين فنحن مهتدون. ولهذا قال عقيبه : (قالَ (٧) أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى). والثانى حكاية عمّن كان قبلهم من الكفّار ،

__________________

(١) الآية ٨٣.

(٢) آخر السورة.

(٣) الآية ٢٠.

(٤) الآية ٢٤.

(٥) زيادة من الكرمانى.

(٦) الآية ٢٢

(٧) الآية ٢٤. وقد أورد المؤلف الآية بقراءة غير ابن عامر وحفص (قل) بصيغة الأمر أما هما فعندهما (قالَ) بصيغة الماضى. وانظر الاتحاف.

٤٢٢

وادّعوا الاقتداء بالآباء دون الاهتداء ، فاقتضت كلّ آية ما ختمت به.

قوله : (وَإِنَّا إِلى (١) رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) وفى الشعراء : (إِنَّا (٢) إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) ، لأنّ ما فى هذه السّورة عامّ لمن ركب سفينة أو دابّة. وقيل : معناه (إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ)(٣) على مركب آخر ، وهو الجنازة ، فحسن إدخال اللّام على الخبر للعموم. وما فى الشعراء كلام السّحرة حين آمنوا ولم يكن فيه عموم.

فضل السّورة

فيه حديث ضعيف (٤) : من قرأ الزّخرف كان ممّن يقال لهم يوم القيامة : يا عبادى لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ، وادخلوا الجنّة بغير حساب.

__________________

(١) الآية ١٤.

(٢) الآية ٥٠.

(٣) سقط ما بين القوسين فى ب.

(٤) قال فيه الشهاب : «حديث موضوع ورائحة الوضع منه فائحة».

٤٢٣

٤٤ ـ بصيرة فى

حم. والكتاب المبين

إنا أنزلناه فى ليلة مباركة ..

السّورة مكّيّة إجماعا. آياتها تسع وخمسون فى عدّ الكوفة ، وسبع فى عدّ البصرة ، وستّ للباقين (١). كلماتها ثلاثمائة وست وأربعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأحد وثلاثون. المختلف فيها من الآى أربع : (حم) ، (إِنَّ هؤُلاءِ (٢) لَيَقُولُونَ)،(شَجَرَةَ (٣) الزَّقُّومِ) ، (فِي (٤) الْبُطُونِ). فواصل آياتها كلّها (٥) (من) سمّيت سورة الدّخان لقوله فيها : (يَوْمَ تَأْتِي (٦) السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ).

معظم مقصود السورة : نزول القرآن فى ليلة القدر ، وآيات التوحيد ، والشكاية من الكفّار ، وحديث موسى وبنى إسرائيل وفرعون ، والرّد على منكرى البعث ، وذلّ الكفار فى العقوبة ، وعزّ المؤمنين فى الجنّة ، والمنّة على الرّسول بتيسير القرآن على لسانه فى قوله : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ).

الناسخ والمنسوخ (٧) :

فيها آية منسوخة : (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ (٨) مُرْتَقِبُونَ) م آية السيف ن).

__________________

(١) ب : «فى عد الباقين».

(٢) الآية ٣٤.

(٣) الآية ٤٣.

(٤) الآية ٤٥.

(٥) سقط فى ب.

(٦) الآية ١٠.

(٧) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٨) آخر السورة.

٤٢٤

المتشابهات :

قوله : (إِنْ هِيَ (١) إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) مرفوع. وفى الصّافات (٢) منصوب. ذكر فى المتشابه ، وليس منه ؛ لأنّ ما فى هذه السّورة مبتدأ وخبر ، وما فى الصّافّات استثناء.

قوله : (وَلَقَدِ (٣) اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) أى على علم منّا. ولم يقل فى الجاثية : فضّلناهم (٤) على علم لأنه ذكر فيه : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) قوله : (وَما خَلَقْنَا (٥) السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بالجمع ؛ لموافقة أوّل السّورة : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

فضل السّورة

عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من (٦) قرأ حم الّتى يذكر فيها الدّخان فى ليلة الجمعة أصبح مغفورا له.

__________________

(١) الآية ٣٥.

(٢) الآية ٥٩.

(٣) الآية ٣٢.

(٤) الآية ١٦.

(٥) الآية ٤٣.

(٦) فى شهاب البيضاوى ٨ / ١٤ «الحديث أخرجه الترمذى وليس موضوعا».

٤٢٥

٤٥ ـ بصيرة فى

حم. تنزيل الكتاب

من الله العزيز الحكيم ..

السّورة مكّيّة بالإجماع. آياتها سبع وثلاثون فى الكوفة ، وست فى الباقين. كلماتها أربعمائة وثمانون. وحروفها ألفان ومائة وتسعون. مجموع فواصل آياتها (من) ولها اسمان : سورة الجاثية ؛ لقوله : (وَتَرى (١) كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) ، وسورة الشريعة ؛ لقوله (ثُمَ (٢) جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ).

معظم مقصود السّورة : بيان حجّة التّوحيد ، والشكاية من الكفار والمتكبرين (٣) ، وبيان النفع ، والضرّ والإساءة ، والإحسان ، وبيان شريعة الإسلام والإيمان ، وتهديد العصاة والخائنين من أهل الإيمان ، وذمّ متابعى الهوى ، وذلّ الناس فى المحشر ، ونسخ كتب الأعمال من اللّوح المحفوظ ، وتأبيد الكفّار فى النّار ، وتحميد الرّب المتعال بأوجز لفظ ، وأفصح مقال ، فى قوله : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ) الى آخر السورة.

المنسوخ فيها آية واحدة : (قُلْ لِلَّذِينَ (٤) آمَنُوا يَغْفِرُوا) م آية السّيف ن

المتشابهات :

(وَآتَيْناهُمْ (٥) بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) نزلت فى اليهود. وقد سبق.

__________________

(١) الآية ٣٨.

(٢) الآية ١٨.

(٣) ب : «المنكرين».

(٤) الآية ١٤.

(٥) الآية ١٧.

٤٢٦

قوله : (نَمُوتُ (١) وَنَحْيا) سبق. وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أى نحيا ونموت. وقيل : يحيا بعض ، ويموت بعض. وقيل : هذا كلام من يقول بالتناسخ (٢).

قوله : (وَلِتُجْزى (٣) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) بالباء موافقة لقوله : (لِيَجْزِيَ (٤) قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).

قوله : (سَيِّئاتُ (٥) ما عَمِلُوا) لتقدّم (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) و (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قوله : (ذلِكَ (٦) هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) تعظيما لإدخال الله المؤمنين فى رحمته.

فضل السّورة

فيه حديث ضعيف : من قرأ سورة الجاثية كان له بكلّ حرف عشر حسنات ، ومحو عشر سيئات ، ورفع عشر درجات.

__________________

(١) الآية ٢٤.

(٢) هو عقيدة تقوم على القول بانتقال الأرواح وأن لا بعث.

(٣) الآية ٢٢.

(٤) الآية ١٤.

(٥) الآية ٣٣.

(٦) الآية ٣٠.

٤٢٧

٤٦ ـ بصيرة فى حم. الأحقاف ..

السّورة مكّيّة بالاتّفاق. آياتها خمس وثلاثون فى الكوفيّين ، وأربع فى الباقين .. كلماتها ثلاثمائة وأربع وأربعون. وحروفها ألفان وخمسمائة وخمس وتسعون. المختلف فيها آية واحدة : حم. فواصل آياتها (من) سمّيت سورة الأحقاف ، لقوله فيها : (إِذْ أَنْذَرَ (١) قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ).

معظم مقصود السّورة : إلزام الحجّة على عبادة الأصنام ، والإخبار عن تناقض كلام المتكبّرين (٢) ، وبيان نبوّة سيّد المرسلين ، وتأكيد ذلك بحديث موسى ، والوصيّة بتعظيم الوالدين ، وتهديد المتنعّمين ، والمترفّهين (٣) ، والإشادة (٤) بإهلاك عاد العادين ، والإشارة إلى الدّعوة ، وإسلام الجنّيين ، وإتيان يوم القيامة فجأة ، واستقلال لبث اللابثين فى قوله : (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ).

الناسخ والمنسوخ :

فيها من المنسوخ آيتان (وَما أَدْرِي(٥) ما يُفْعَلُ بِي) م (لِيَغْفِرَ (٦) لَكَ اللهُ) ن (كَما صَبَرَ أُولُوا (٧) الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) م آية السيف ن.

__________________

(١) الآية ٢١.

(٢) ب : «المنكرين».

(٣) ب : «المتروفين». وأصله «المترفين»

(٤) أ ، ب : «الاشارة». وظاهر أنه محرف عما أثبت. يقال أشاد بذكره : رفعه.

(٥) الآية ٩.

(٦) الآية ٢ سورة الفتح.

(٧) الآية ٣٥.

٤٢٨

ما فى هذه السّورة من المتشابه سبق وذكر [فى المتشابه](١)(أَوْلِياءُ (٢) أُولئِكَ) [أى](٣) لم يجتمع فى القرآن همزتان مضمومتان غيرهما.

فضل السّورة

فيه حديث أبىّ المردود صحة (٤) : من قرأ الأحقاف أعطى من الأجر بعدد كلّ رجل فى الدّنيا عشر حسنات ، ومحى عنه عشر سيئات.

__________________

(١) زيادة من الكرمانى.

(٢) الآية ٣٢.

(٣) زيادة من الكرمانى.

(٤) ب : «صحته».

٤٢٩

٤٧ ـ بصيرة فى

الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ..

السّورة مدنيّة بالاتّفاق. وآياتها أربعون فى البصرة ، وثمان (١) فى الكوفة وتسع وثلاثون عند الباقين. وكلماتها خمسمائة وتسع وثلاثون. وحروفها ألفان وثلاثمائة وتسع وأربعون. المختلف فيها آيتان : أوزارها ، (٢) للشاربين (٣). فواصل آياتها (ما) ولها اسمان : سورة محمّد ؛ لقوله فيها : (نُزِّلَ (٤) عَلى مُحَمَّدٍ) ، وسورة القتال ؛ لقوله (وَذُكِرَ فِيهَا (٥) الْقِتالُ).

معظم مقصود السّورة : الشكاية من الكفّار فى إعراضهم عن الحقّ ، وذكر آداب الحرب والأسرى وحكمهم ، والأمر بالنّصرة والإيمان ، وابتلاء الكفّار فى العذاب ، وذكر أنهار الجنة : من ماء ، ولبن ، وخمر ، وعسل ، وذكر طعام الكفّار وشرابهم ، وظهور علامة القيامة ، وتخصيص الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بأمره بالخوض فى بحر التوحيد ، والشكاية من المنافقين ، وتفصيل ذميمات خصالهم ، وأمر المؤمنين بالطاعة والإحسان ، وذمّ البخلاء فى الإنفاق ، وبيان استغناء الحقّ تعالى ، وفقر الخلق فى قوله : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ).

__________________

(١) ب : «ثمانون» وهو خطأ فى النسخ.

(٢) الآية ٤.

(٣) الآية ١٥.

(٤) الآية ٢.

(٥) الآية ٢٠.

٤٣٠

فيها من المنسوخ آية واحدة : (فَإِمَّا (١) مَنًّا بَعْدُ) م آية (٢) السّيف ن.

المتشابهات :

قوله : (لَوْ لا (٣) نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) نزّل وأنزل كلاهما متعدّ. وقيل : نزّل للتعدّى والمبالغة ، وأنزل للتّعدّى. وقيل : نزّل (٤) دفعة مجموعا وأنزل متفرّقا ، وخصّ الأولى بنزّلت ؛ لأنّه من كلام المؤمنين ، وذكر بلفظ المبالغة ، وكانوا يأنسون لنزول الوحى ، ويستوحشون لإبطائه. والثّانى من كلام الله تعالى ، ولأنّ فى أوّل السّورة (نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ) وبعده : (أَنْزَلَ اللهُ) وكذلك فى هذه الآية قال : (نُزِّلَتْ) ثم (أُنْزِلَتْ).

قوله : (مِنْ (٥) بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) نزلت فى اليهود ، وبعده : (مِنْ (٦) بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) نزلت فى قوم ارتدّوا. وليس بتكرار.

فضل السّورة

فيه حديث أبى الضّعيف : من قرأ سورة محمّد كان حقّا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأ هذه السّورة وجبت له شفاعتى ، وشفّع فى مائة ألف بيت ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب خديجة.

__________________

(١) الآية ٤.

(٢) الآية ٥ سورة التوبة.

(٣) الآية ٢٠

(٤) كذا والمعروف العكس ، فالانزال لما جاء دفعة واحدة ، والتنزيل لما جاء متفرقا. هذا ، والاولى أن يقول : «نزل لما نزل دفعة مجموعا ، وأنزل لما نزل متفرقا».

(٥) الآية ٢٥.

(٦) الآية ٣٢.

٤٣١

٤٨ ـ بصيرة فى

إنا فتحنا لك فتحا مبينا ..

السّورة مدنيّة إجماعا. آياتها تسع وعشرون. وكلماتها خمسمائة وستّون. وحروفها ألفان وأربعمائة وثمان وثلاثون. وفواصل آياتها على الألف. وسميت سورة الفتح ؛ لقوله : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً).

معظم مقصود السّورة : وعد الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالفتح والغفران ، وإنزال السّكينة على أهل الإيمان ، وإيعاد المنافقين بعذاب الجحيم ، ووعد المؤمنين بنعيم الجنان ، والثناء على سيّد المرسلين ، وذكر العهد ، وبيعة الرّضوان ، وذكر ما للمنافقين من الخذلان ، وبيان عذر المعذورين ، والمنّة على الصّحابة بعدم الظفر عليهم من أهل مكة ذوى الطغيان ، وصدق رؤيا سيّد المرسلين على حقّيّة الرّسالة ، وشهادة الملك الدّيّان ، وتمثيل حال النبىّ والصّحابة بالزّرع والزّرّاع فى البهجة والنضارة وحسن الشان.

والسّورة خالية عن المنسوخ.

المتشابهات :

قوله : (وَلِلَّهِ (١) جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) وبعد : (عَزِيزاً (٢) حَكِيماً) لأنّ الأوّل متّصل بإنزال السّكينة ، وازدياد إيمان المؤمنين ،

__________________

(١) الآية ٤.

(٢) الآية ٧ والآية ١٩.

٤٣٢

(وكان) (١) الموضع موضع علم وحكمة. وقد تقدّم ما اقتضاه الفتح (٢) عند قوله : (وَيَنْصُرَكَ اللهُ) وأمّا الثانى والثالث الذى بعد فمتصلان بالعذاب والغضب وسلب الأموال والغنائم (وكان (٣) الموضع) موضع عزّ وغلبة وحكمة.

قوله : (قُلْ (٤) فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) ، وفى المائدة : (فَمَنْ (٥) يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ) زاد فى هذه السّورة (لَكُمْ) لأنّ ما فى هذه السّورة نزلت فى قوم بأعيانهم وهم المخلّفون ، وما فى المائدة عامّ لقوله : (أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً).

قوله : (كَذلِكُمْ (٦) قالَ اللهُ) بلفظ الجميع (٧) ، وليس له نظير. وهو خطاب للمضمرين فى قوله (لَنْ تَتَّبِعُونا).

فضل السّورة

عن ابن عبّاس : لمّا نزلت هذه السّورة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لقد (٨) أنزل علىّ سورة هى أحبّ إلىّ من الدنيا وما فيها. وفيه حديث

__________________

(١) فى الكرمانى : «فكان».

(٢) أ ، ب : «والفتح» وما أثبت عن الكرمانى وكأنه يريد أن قوله تعالى : (وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً) جاءت فيه العزة لان قبلها الفتح وهو يستدعى العزة والغلبة.

(٣) فى الكرمانى : «فكان».

(٤) الآية ١١.

(٥) الآية ١٧.

(٦) الآية ١٥.

(٧) ب والكرمانى : «الجمع».

(٨) رواه مسلم عن أنس ، كما فى كنز العمال ١ / ١٤٥.

٤٣٣

أبىّ السّاقط : من قرأ سورة الفتح فكأنّما كان مع من بايع رسول الله تحت الشجرة ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها دعته ثمانية أبواب الجنّة ، كلّ باب يقول : إلىّ إلىّ يا ولىّ الله ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب من يموت غريبا فى طاعة الله.

٤٣٤

٤٩ ـ بصيرة فى

يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا ..

السّورة مدنيّة. وآياتها ثمان عشرة. وكلماتها ثلاثمائة وثلاث وأربعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأربع وسبعون. مجموع فواصل آياتها (من) سمّيت سورة الحجرات لقوله فيها ؛ (يُنادُونَكَ (١) مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ).

معظم مقصود السورة : محافظة أمر الحقّ تعالى ، ومراعاة حرمة الأكابر ، والتّؤدة فى الأمور ، والاجتناب عن التّهور ، والكون فى إغاثة (٢) المظلوم ، والاحتراز عن السخرية بالخلق ، والحذر عن التجسّس والغيبة ، وترك الفخر بالأحساب والأنساب ، والتحاشى عن المنّة على الله بالطّاعة ، وإحالة علم الغيب إلى الله ـ تعالى ـ فى قوله : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

السّورة محكمة خالية عن النّاسخ والمنسوخ :

المتشابهات :

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) مذكور فى السّورة خمس مرات ، والمخاطبون المؤمنون (٣) ، والمخاطب به أمر ونهى ، وذكر فى السّادس (يا أَيُّهَا (٤)

__________________

(١) الآية ٤.

(٢) أ ، ب : «اعطائه» ويبدو أنه تحريف عما أثبت.

(٣) الآيات ١ ، ٢ ، ٦ ، ١١ ، ١٢.

(٤) الآية ١٣.

٤٣٥

النَّاسُ) فعمّ المؤمنين والكافرين ، والمخاطب به قوله (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) لأن النّاس كلّهم فى ذلك شرع سواء.

فضل السّورة

فيه حديث أبىّ الضّعيف جدّا : من قرأ سورة الحجرات أعطى من الأجر عشر حسنات ، بعدد من أطاع الله وعصاه ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها كان فى الجنّة رفيق سليمان بن داود ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب المحسنين إلى عيالهم.

٤٣٦

٥٠ ـ بصيرة فى

قـ والقرآن المجيد ..

السّورة مكّيّة (١) بالاتّفاق. وآياتها خمس وأربعون. وكلماتها ثلاثمائة وخمس وسبعون. وحروفها ألف وأربعمائة وأربع وسبعون. مجموع فواصل آياتها (صر جد ظب) سمّيت بقاف ، لافتتاحها بها.

مقصود السّورة : إثبات النبوّة للرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وبيان حجّة التّوحيد ، والإخبار عن إهلاك القرون الماضية ، وعلم الحقّ تعالى بضمائر الخلق وسرائرهم ، وذكر الملائكة الموكّلين على الخلق ، المشرفين على أقوالهم ، وذكر بعث القيامة ، وذلّ العاصين يومئذ ، ومناظرة المنكرين بعضهم بعضا فى ذلك اليوم ، وتغيّظ الجحيم على أهله ، وتشرّف الجنّة بأهلها ، والخبر عن تخليق السّماء والأرض ، وذكر نداء إسرافيل بنفخة الصّور ، ووعظ الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم الخلق بالقرآن المجيد فى قوله : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ).

الناسخ والمنسوخ :

فيها من المنسوخ آيتان (فَاصْبِرْ (٢) عَلى ما يَقُولُونَ)(وَما أَنْتَ (٣) عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) م آية السّيف ن.

__________________

(١) أ ، ب : «مدنية» ويبدو أن ذلك سهو من الناسخ ، فلم يقل أحد انها مدنية بالاتفاق. والمقول أنها مكية بالاجماع ، ويستثنى بعضهم آيات نزلت فى اليهود وهى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الى قوله (لُغُوبٍ) لأنها نزلت فى اليهود. وانظر شهاب البيضاوى ٨ / ١٤.

(٢) الآية ٣٩.

(٣) الآية ٤٥.

٤٣٧

المتشابهات :

قوله : (فَقالَ الْكافِرُونَ) بالفاء سبق.

قوله : (وَقالَ (١) قَرِينُهُ) وبعده : (قالَ (٢) قَرِينُهُ) لأن (٣) الأوّل (خطاب (٤) الإنسان) من قرينه ومتّصل بكلامه ، والثانى استئناف خطاب الله سبحانه من غير اتّصاله (٥) بالمخاطب الأوّل وهو قوله : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) ، وكذلك الجواب بغير واو ، وهو قوله : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) وكذلك (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) فجاء الكلّ على نسق واحد.

قوله : (قَبْلَ (٦) طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) وفى طه (٧) (وَقَبْلَ غُرُوبِها)(٨) لأنّ فى هذه السورة راعى الفواصل ، وفى طه) راعى القياس ، لأنّ الغروب للشّمس ؛ كما أنّ الطّلوع لها.

فضل السّورة

فيه الحديث (٩) الضعيف : من قرأ سورة ق هوّن الله عليه تارات (١٠) الموت وسكراته ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأها بشّره ملك الموت بالجنّة وجعل الله منكرا ونكيرا عليه رحيما (١١) ، ورفع الله له بكلّ آية قرأها درجة فى الجنّة.

__________________

(١) الآية ٢٣.

(٢) الآية ٢٧.

(٣) أ : «فان» وما أثبت عن ب والكرمانى.

(٤) فى شيخ الاسلام : «خطاب للانسان».

(٥) فى ب والكرمانى «اتصال»

(٦) الآية ٣٩.

(٧) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٨) الآية ١٣٠.

(٩) فى شهاب البيضاوى ٨ / ٩٤ : «حديث موضوع. وتارات جمع تارة ، وهى الحالة ، فيحتمل أن يريد بحالاته سكراته ، فعطف قوله : سكراته عليه عطف تفسير. وقيل المراد بتاراته ما فيه من الغشى والافاقة».

(١٠) ب : «مارات» وظاهر أنه تحريف عن (تارات) أو يكون الأصل : أمارات.

(١١) أفرد لانه أراد جعل كلا منهما رحيما ، والا قال : «رحيمين».

٤٣٨

٥١ ـ بصيرة فى والذاريات ..

السّورة مكّيّة ، عدد آياتها ستّون. وكلماتها ثلاثمائة وستّون. وحروفها ألف ومائتان وسبع وثمانون. مجموع فواصل آياتها (قفاك معن) سمّيت بالذّاريات لمفتتحها.

معظم مقصود السّورة : ذكر القسم بحقّيّة البعث والقيامة ، والإشارة إلى عذاب أهل الضّلالة ، وثواب أرباب الهداية ، وحجّة الوحدانيّة ، وكرامة إبراهيم فى باب الضّيافة ، وفى إسحاق له بالبشارة ، ولقوم لوط بالهلاكة (١) ، ولفرعون وأهله من الملامة ، ولعاد وثمود وقوم نوح من الدمار والخسارة ، وخلق السّماء والأرض للنّفع والإفادة ، وزوجيّة المخلوقات ؛ لأجل الدّلالة ، وتكذيب المشركين لما فيه للرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من التسلية ، وتخليق الخلق لأجل العبادة ، وتعجيل المنكرين بالعذاب والعقوبة فى قوله : (فَلا يَسْتَعْجِلُونِ)

الناسخ والمنسوخ :

فيها من المنسوخ آيتان (فَتَوَلَ (٢) عَنْهُمْ) م (وَذَكِّرْ (٣) فَإِنَّ الذِّكْرى) ن (وَفِي أَمْوالِهِمْ (٤) حَقٌّ) م (آية الزكاة) ن.

__________________

(١) لم أقف على هذا المصدر فى اللغة ، وكأنه حمله حب النسق فى ختام الفقرات فقال الهلاكة فى الهلاك.

(٢) الآية ٥٤.

(٣) الآية ٥٥.

(٤) الآية ١٩.

٤٣٩

المتشابهات :

قوله تعالى : (إِنَ (١) الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ) وفى الطّور (فِي (٢) جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فاكِهِينَ) ليس بتكرار ؛ لأن ما فى هذه السّورة متّصل بذكر ما به يصل الإنسان إليها ، وهو قوله (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ) ، وفى الطّور متّصل بما ينال الإنسان فيها إذا وصل إليها ، وهو قوله : (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا) الآيات.

قوله : (إِنِّي لَكُمْ)(٣)(مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وبعده : (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) ليس بتكرار ؛ لأنّ كلّ واحد منهما متعلق بغير ما يتعلّق به الآخر. فالأوّل متعلّق بترك الطّاعة إلى المعصية ، والثانى متعلق بالشرك بالله تعالى.

فضل السّورة

فيه من الأحاديث الضعيفة حديث أبىّ : من قرأ (والذاريات) أعطى من الأجر عشر حسنات ، بعدد كلّ ريح هبّت ، وجرت فى الدنيا ، وحديث علىّ : يا علىّ من قرأ (والذاريات) رضى الله عنه ويشمّ ريح الجنّة من مسيرة خمسمائة عام ، وله بكلّ آية قرأها مثل ثواب فاطمة.

__________________

(١) الآيتان ١٥ ، ١٦.

(٢) الآيتان ١٧ ، ١٨.

(٣) الآية ٥٠.

٤٤٠