بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٨

ومما يدخل فى هذا الفصل أنه كان يحبّ الانتساب إلى الحرم المكّىّ : لإقامته فيه مرارا ، كما سبق. فكان يكتب : «الملتجئ إلى حرم الله تعالى». وفى تاج العروس فى آخره أنه وجد فى بعض النسخ : «قال مؤلفه الملتجئ إلى حرم الله محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ...» ويقول السخاوى وغيره : إنه كان يقتدى فى هذا بالصاغانى الحسن بن محمد المتوفى فى بغداد سنة ٦٥٠ ، أى قبل سقوط بغداد واستيلاء التتار عليها بست سنوات. وقد كان المجد يقتدى بالصاغانى ، ويعتمد عليه فى اللغة وغيرها. ونرى أن الصاغانىّ الذى قدّرت وفاته فى بغداد كان أوصى أن يدفن فى مكة ، فنقل إليها تنفيذا لوصيّته.

وفاة المجد :

كانت وفاته فى ليلة الثلاثاء العشرين من شوال سنة ٨١٧ ه‍ (أول يناير سنة ١٤١٥). ويقول الفاسى : «وما ذكرناه من تاريخ ليلة موته موافق لرؤية أهل زبيد لهلال شوّال. وعلى رؤية أهل عدن وغيرهم يكون موته فى ليلة تاسع عشر شوّال» يريد أن أول شوّال كان عند أهل زبيد يوم الخميس ، وعند غيرهم يوم الجمعة ، وهو الموافق لما فى التوفيقات الإلهامية.

وقد مات ممتّعا بسمعه وبصره ، فقد قرأ خطّا (١) دقيقا قبل موته بيسير ، ودفن بمقبرة الشيخ إسماعيل الجبرتى فى زبيد.

__________________

(١) العقد الثمين ٢ / ٤٠٠

٢١

مؤلفات المجد وآثاره :

إن ثبت مؤلفاته طويل ، وكلها فى التفسير والحديث والتاريخ ، وما يتصل بهذه الأمور. وقد فقد معظمها. وهاك هذا الثبت ، وهو ليس حاصرا ، وكان يختار لكتبه أسماء حسنة ، يلتزم فيها السجع.

١ ـ بصائر ذوى التمييز ، فى لطائف الكتاب العزيز.

وهو الكتاب الذى نقدمه

٢ ـ تنوير المقباس ، فى تفسير ابن عباس. طبع فى مصر والهند

٣ ـ تيسير فاتحة (١) الإهاب ، فى تفسير فاتحة الكتاب.

٤ ـ الدرّ النظيم ، المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم.

٥ ـ حاصل كورة الخلاص ، فى فضائل سورة الإخلاص.

٦ ـ قطبة الخشّاف ، شرح خطبة الكشّاف (الخشّاف : الماضى فى السير)

٧ ـ شوارق الأسرار العليّة ، فى شرح مشارق الأنوار النبويّة. (ومشارق الأنوار فى الحديث للصاغانى).

٨ ـ منح البارى بالسيح الفسيح الجارى ، فى شرح صحيح البخارى.

كمل منه عشرون مجلدة. وكان يقدّر تمامه فى أربعين مجلدة.

٩ ـ عدّة الحكّام ، فى شرح عمدة الأحكام. وعمدة الأحكام كتاب فى أحاديث الأحكام الشرعية للجماعيلى عبد الغنى بن عبد الواحد المتوفى سنة ٦٠٠ ه‍ ، كما فى كشف الظنون.

__________________

(١) فى أزهار الرياض : «فائحة الاهاب».

٢٢

١٠ ـ امتصاص الشّهاد ، فى افتراض الجهاد (وفى الضوء اللامع وكشف الظنون : امتضاض السهاد) وما هنا عن العقد الثمين.

١١ ـ الإسعاد ، بالإصعاد ، إلى مرتبة الاجتهاد.

١٢ ـ النفحة العنبرية ، فى مولد خير البريّة.

١٣ ـ الصّلات والبشر ، فى الصلاة على خير البشر.

١٤ ـ الوصل والمنى ، فى فضائل منى.

١٥ ـ المغانم المطابة ، فى فضائل طابة (وطابة هى المدينة المنورة).

١٦ ـ مهيّج الغرام ، إلى البلد الحرام.

١٧ ـ إثارة الحجون ، إلى زيارة الحجون (الحجون الأول : الكسلان ، والأخير : جبل بأعلى مكة).

١٨ ـ أحاسن اللطائف ، فى محاسن الطائف.

١٩ ـ فصل الدرّة من الخرزة ، فى فضل السلامة على الخبزة (والسلامة والخبزة : قريتان بالطائف).

٢٠ ـ روضة الناظر ، فى ترجمة الشيخ عبد القادر (والظاهر أن المراد الشيخ عبد القادر الجيلانى).

٢١ ـ المرقاة الوفية ، فى طبقات الحنفية.

٢٢ ـ المرقاة الأرفعيّة ، فى طبقات الشافعية.

٢٣ ـ البلغة ، فى تراجم أئمة النحاة واللغة.

٢٤ ـ الفضل الوفى ، فى العدل الأشرفى (الأشرف اسماعيل الرسولى).

٢٥ ـ نزهة الأذهان ، فى تاريخ أصبهان.

٢٣

٢٦ ـ تعيين الغرفات ، للمعين على عين عرفات.

٢٧ ـ منية السول ، فى دعوات الرسول.

٢٨ ـ التجاريح ، فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح ـ والمصابيح للبغوى

٢٩ ـ تسهيل طريق الوصول ، إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول.

وجامع الأصول لابن الأثير.

٣٠ ـ الأحاديث الضعيفة.

٣١ ـ الدرّ الغالى ، فى الأحاديث العوالى.

٣٢ ـ سفر السعادة ـ وهو مطبوع.

٣٣ ـ المتفق وضعا ، والمختلف صقعا

٣٤ ـ اللامع المعلم العجاب ، الجامع بين المحكم والعباب ـ كمل منه خمس مجلدات. وكان يقدر تمامه فى ستين سفرا.

٣٥ ـ القاموس المحيط.

٣٦ ـ مقصود ذوى الألباب ، فى علم الإعراب.

٣٧ ـ تحبير الموسين ، فيما يقال بالسين والشين. طبع فى الجزائر سنة ١٣٢٧ ه‍.

٣٨ ـ المثلث الكبير.

٣٩ ـ المثلث الصغير.

٤٠ ـ تحفة القماعيل ، فيمن تسمّى من الملائكة والناس إسماعيل (القماعيل جمع قمعال ، وهو سيد القوم).

٤١ ـ الدرر المبثّثة ، فى الغرر المثلثة.

٢٤

٤٢ ـ أسماء السراح (١) فى أسماء النكاح.

٤٣ ـ أسماء الغادة ، فى أسماء العادة.

٤٤ ـ الجليس الأنيس ، فى أسماء الخندريس.

٤٥ ـ أنواء الغيث ، فى أسماء الليث.

٤٦ ـ ترقيق الأسل ، فى أسماء الليث.

٤٧ ـ زاد المعاد ، فى وزن بانت سعاد.

٤٨ ـ النخب الطرائف ، فى النكت الشرائف.

بصائر ذوى التمييز ، فى لطائف الكتاب العزيز

هذا هو الكتاب الذى أقدّمه للقراء. وهو كما يظهر من اسمه يبحث فى أشياء تتعلق بالقرآن الكريم الذى لا تنفد عجائبه ، ولا تنتهى لطائفه

خطبة الكتاب :

إن القارئ لخطبة الكتاب يرى أن المؤلّف يقدّم كتابا جامعا لمقاصد العلوم والمعارف فى عصره ، حتى العلوم المدنية التى لم يكن للمؤلف يد فيها ولا بصر بها ، كالهندسة والموسيقى والمرايا المحرقة.

ويذكر فى الخطبة أن الكتاب مرتّب على مقدمة وستين مقصدا. والمقاصد الستون فى علوم العصر ، كل مقصد فى علم منها.

ونراه فى الخطبة يسرد عنوانات المقاصد ؛ ليكون ذلك فهرسا إجماليّا للكتاب. فالمقصد الأول فى لطائف تفسير القرآن. والثانى فى علم الحديث

__________________

(١) فى العقد الثمين : البراح.

٢٥

النبوى ، ويستمر هكذا فى السّرد ، حتى يصل الى المقصد الخامس والخمسين فى علم قوانين الكتابة. ثم نرى : «المقصد السادس والخمسون فى علم ...» ولا نرى ما يضاف اليه (علم) ولا بقيّة المقاصد الستين؟ فهل هذا النقص من النساخ لما بين أيدينا من النسخ؟

وهو يذكر أن الذى رسم بتأليف الكتاب على هذا النحو الجامع السلطان الأشرف إسماعيل بن العباس الذى دعاه إلى حضرته بزبيد ، وولّاه قضاء الأقضية ، كما سبق الكلام عليه. ونراه يقول : «قصد بذلك ـ نصره الله ـ جمع أشتات العلوم وضمّ أنواعها ـ على تباين أصنافها ـ فى كتاب مفرد ؛ تسهيلا لمن أراد الاستمتاع برائع أزهارها ، ويانع أثمارها الغضّ المصون ، فيستغنى الحائز له ، الفائز به ، عن حمل الأسفار ، فى الأسفار ...»

وقد كان السلطان الأشرف مضطلعا بالعلوم ، كما وصفه من عاصره وكان يبعث العلماء على التصنيف.

وقد يضع منهج الكتاب وخطّته ، ويكل إتمامه إلى بعض العلماء. ويذكر السخاوىّ فى الضوء اللامع فى ترجمته «أنه كان يضع وضعا ، ويحدّ حدّا ، ثم يأمر من يتمّه على ذلك الوضع ، ويعرض عليه. فما ارتضاه أثبته ، وما شذّ عن مقصوده حذفه ، وما وجده ناقصا أتمّه».

وبعد هذا لا يعجب من وقف على حياة المجد واقتصاره على علوم الرواية ، من تعرضّه للعلوم الفلسفيّة والمدنيّة ، ووضع منهج الكتاب على أن يذكر مقاصدها. فإن الواضع للخطّة الأشرف إسماعيل ، وقد كان واسع المعرفة. ومما ذكر من العلوم التى كان يتقنها الحساب ، وقد يكون عارفا

٢٦

بما هو من باب الحساب ، كالهندسة والمرايا المحرقة ، وما إلى ذلك. وكان الملك والعمران يقتضى هذه العلوم ، بالإضافة إلى العلوم الدينية والعربية.

ولكن كيف يكل الأشرف إعداد هذا المنهج الواسع إلى الفيروزآبادي قاضى الأقضية ، وهو لا يحسن تلك العلوم التى كانوا يسمّونها علوم الأوائل؟.

الظاهر أنه كلّفه هذا على أن يستعين فيما لا يعرفه من يعرفه من أهل الاختصاص ؛ وله من خبرته ومنصبه ما يعينه على ذلك.

وبعد هذا لا نرى من آثار هذا المنهج العام إلا المقدّمة التى تتعلق بفضل العلم وتمييز العلوم ، ثم المقصد الأول ، وهو لطائف التفسير الذى سمى فيما بعد : بصائر ذوى التمييز. فهذا الوضع الجامع لم يقدّر للمجد أن يتمّه وحده ، أو مستعينا غيره.

والظاهر أن الأشرف مات بعد تمام المقصد الأول ، ففترت همّة المجد فى عهد ولده الناصر ؛ إذ كان لا يلقى من البرّ والكرم ، ما كان يلقاه فى عهد صهره السلطان الأشرف ، ولم يجد من المال ما يجزى به من يشتغل فى هذا العمل الوساع الجليل ، وهذا مع أنه قد علته كبرة ، وأدركه فتور الشيخوخة.

عود الى بصائر ذوى التمييز ، فى لطائف الكتاب العزيز :

لا نرى هذا العنوان فى الكتاب. إنما العنوان فى الكتاب فى الإجمال والتفصيل : «المقصد الأول فى لطائف تفسير القرآن العظيم». وقد أصبح

٢٧

هذا العنوان لامكان له بعد عدول المجد عن بقية المقاصد ، فكان من المستحسن أن يكون له اسم يشعر باستقلاله ، وأنه ليس جزءا من كتاب جامع. وكان المؤلف جعل عنوان كل بحث فى هذا المقصد : «بصيرة» فأصبح الكتاب جملة بصائر ، ومن هذا استمدّ الاسم الجديد : «بصائر ذوى التمييز ، فى لطائف الكتاب العزيز». وتراه غيّر «العظيم» بالعزيز ليسجّع مع العبارة التى اجتلبها.

وقد كان يحسن به أن يعدل عن خطبة الكتاب الجامع ، ويستأنف خطبة خاصة بهذا الكتاب. وكأنه كان يرجو أن يقدّر له يوما إنجاز ما اعتزمه من المقاصد الستين ، فأبقى الخطبة على حالها الأول.

منهج بصائر ذوى التمييز :

يحتوى هذا الكتاب مقدمة فيها فضل القرآن ، وشىء من المباحث العامة المتعلقة به ؛ كالنسخ ، ووجوه مخاطباته ، ثم يأخذ فى ذكر مباحث تتعلق بالقرآن سورة سورة ، على ترتيبها المعروف فى المصحف .. فيذكر فى كل سورة مباحث تسعة ١ ـ موضع النزول ٢ ـ عدد الآيات والحروف والكلمات ٣ ـ اختلاف القراء فى عدد الآيات ٤ ـ مجموع فواصل السورة ٥ ـ اسم السورة أو أسماؤها ٦ ـ مقصود السورة ، وما هى متضمّنة له ٧ ـ الناسخ والمنسوخ من السورة ٨ ـ المتشابه منها ٩ ـ فضل السورة.

وبعد هذا يعقد بحثا إجماليا فى عدد آيات القرآن ، وعدد كلماته وحروفه ، وما يجرى هذا المجرى ؛ كعدد كل حرف من الحروف الهجائية فيه ، فيذكر مثلا أن عدد اللامات فيه كذا.

٢٨

ثم يعرض لتفسير مفردات القرآن على نحو عمل الراغب فى مفرداته. ويصنّفها باعتبار الحرف الأول من الكلمة ، فالمبدو بحرف الألف فى حرف الألف ، وهكذا. ويصدّر مباحث كل حرف بالكلام على وصف الحرف ومعناه لغة ، والنسبة إليه ونحو ذلك. ونراه قد يراعى الحرف الزائد فى الكلمة ، فنرى الإنزال فى حرف الألف. ويأتى هذا القسم فى تسعة وعشرين بابا على عدد حروف الهجاء.

ثم يأتى الباب الثلاثون ، فيذكر فيه الأنبياء المذكورين فى القرآن ، وأعداءهم وقصصهم ، وما يدخل فى هذا الباب ، وبهذا ينتهى الكتاب.

أصول الكتاب :

اعتمدت فى نشر الكتاب على أصلين (١) مخطوطين :

١ ـ نسخة كتبت بخطّ نسخى جميل ، أولها منقوش بالذهب والألوان. وهى مجدولة بالمداد الذهبى ، وباللونين الأحمر والأزرق ، وعناوين المطالب مكتوبة بالحمرة. تقع فى ٤١٣ ورقة ، وفى الصفحة ٣٣ سطرا. وهى ١٣* ٢١ سنتيمترا. وقد كتبها حسين بن عمر فى سنة ١١٧٢ ه‍. وهى فى دار الكتب. وتحمل رقم ٢٢٩ تفسير تيمور.

وقد رمزت لها بالحرف ـ ا ـ.

٢ ـ نسخة بخطوط مختلفة ، وأكثرها بقلم تعليق دقيق ، وبعضها بقلم النسخ. وعناوين المطالب مكتوبة بالحمرة. وقد قوبلت على نسخة

__________________

(١) اعتمدت فى وصف النسختين على الصديق الأستاذ فؤاد سيد رئيس قسم المخطوطات بدار الكتب.

٢٩

أخرى ، وفى حواشيها تصويبات وتعليقات كثيرة ، ولا تحمل تاريخ كتابتها ...

وتقع فى ٣٦١ صفحة ، ومتوسط سطور الصفحة ٤٠. وهى فى دار الكتب وتحمل رقم ٢٥٩ تفسير تيمور.

وقد رمزت لها بالحرف ـ ب ـ.

عملى فى التحقيق :

إن الأصلين فيهما كثير من التحريف ، وقد يقع فى أحدهما سقط يختلّ به الكلام. فقمت بتقويم النص وردّ المحرف إلى أصله ، بقدر استطاعتى ، وإكمال الناقص. ورجعت فى ذلك إلى ما تيسّر لى من أصول الكتاب ، كما يرى القارئ إن شاء الله فى التعليقات.

وقد أوردت فى التعليقات أرقام الآيات وبيان سورها ، وقمت بتخريج ما فيه من الأحاديث والشواهد الشعرية ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

وأسأل الله الهداية والتوفيق :

محمد على النجار

٣٠

بصائر ذوى التّمييز

لطائف الكتاب العزيز

تأليف

مجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي

المتوفى سنة ٨١٧ ه

٣١
٣٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذى وقف دون إدراك كنه عظمنه العلماء الرّاسخون ، وأصبح العلماء الشّهماء (١) عند حقيقة كمال كبريائه وهم متحيّرون. أبدى شوارق (٢) مصنوعاته فى عنان الظلمة (٣) ، فبها إلى وحدانيّته يهتدون. العظيم الّذى لا يحوم حول أذيال جلاله الأفكار والظنون ، الحىّ القيّوم المنزّه ساحة حياته عن تطرّق ريب المنون.

وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، شهادة تسرّ منّا القلوب وتقرّ منّا العيون ، وأشهد أنّ محمّدا عبده (ورسوله) (٤) وصفيّه المبشّر فى (نون (٥)) بأجر غير ممنون. المرفوع إلى المصعد (٦) الأعلى والملائكة المقرّبون حول ركابه يسيرون. النور الباهر الذى تلاشت عند ظهور براهينه وآياته المبطلون ، وامّحقت

__________________

(١) كذا فى ب. وفى ا : «السهماء» وهو تصحيف. والشهماء جمع شهيم وصف من شهم. ولم يرد هذا الوصف فى اللغة وانما هو شهم للذكى الفؤاد المتوقد وجمعه شهام وللسيد النافذ الحكم وجمعه شهوم ، كما فى القاموس

(٢) فى أ : «سوارق» تصحيف.

(٣) فى أ : «العظمة» والعنان : ما ظهر فى السحاب واعترض ، استعاره لما ظهر من ظلمة المعرفة.

(٤) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٥) اشارة الى الآية الثالثة من سورة نون (القلم): (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ).

(٦) ان قرئ بفتح الميم فهو مكان الصعود. وان قرئ بكسر الميم فالمراد به المعراج. وهو اشارة الى قصة المعراج

٣٣

عند ظهور (١) معجزاته المشبّهة والمعطّلون (٢). صلّى الله وسلّم عليه وعلى آله وأصحابه الذين أئمّة الهدى بهم (٣) يهتدون ، وأزمّة القدى (٤) بهم يقتدون.

وبعد : فهذا كتاب جليل ، ومصنّف حفيل ، ايتمرت بتأليفه الأوامر الشريفة ، العالية المولية الإماميّة السّلطانيّة العلّاميّة الهماميّة الصّمصاميّة الأعدليّة الأفضليّة السّعيديّة الأجلّيّة الملكيّة الأشرفية ، ممهّد الدّنيا والدّين ، خليفة الله فى العالمين ، أبو العبّاس إسماعيل بن العبّاس بن على بن داود ابن يوسف بن (٥) عمر بن على (٦) بن رسول. خلّد الله سلطانه ، أنار فى الخافقين برهانه. قصد بذلك ـ نصره الله ـ جمع أشتات العلوم ، وضمّ أنواعها ، على تباين أصنافها ، فى كتاب مفرد ؛ تسهيلا لمن رام سرح (٧) النّظر فى أزاهير أفنان الفنون ، وتيسيرا لمن أراد الاستمتاع برائع أزهارها ، ويانع ثمارها الغضّ المصون ، وإعانة لمن قصد افتراع (٨) خرائدها اللاتى كأنهنّ بيض مكنون. فيستغنى الحائز (له الفائز (٩)) به عن حمل الأسفار ، فى الأسفار (١٠) حيث يجتمع له خزائن العلوم فى سفر مخزون ، ومجموعة (١١)

__________________

(١) سقط فى أ.

(٢) المشبهة الذين يجرون مثل اليد والوجه مما أسند الى الله على ظاهره. والمعطلة الذين ينفون صفات المعانى ، كالقدرة والارادة عن الله سبحانه ، وهم المعتزلة

(٣) سقط فى أ.

(٤) جمع القدوة

(٥) سقط فى أ.

(٦) سقط فى أ.

(٧) فى ب : «شرح» تصحيف.

(٨) فى أ : «اقتراع» تصحيف

(٩) سقط ما بين القوسين فى ا

(١٠) سقط ما بين القوسين فى ا. والأسفار جمع سفر كسبب ، وما قبله جمع سفر كحمل

(١١) بالجر. وهو عطف على «سفر مخزون» أو «كتاب مفرد»

٣٤

يتحلّى (١) من أغاريد مسمعاتها (٢) القلب المحزون ، ويمتلئ من أطراق (٣) أطيابها الطّبع المودون (٤).

فاستعنت بتوفيق الله وتأييده ورتّبته على مقدّمة وستين مقصدا :

المقدمة فى تشويق العالم إلى استزادة العلم الّذى طلبه فرض ، وتمييز العلوم بعضها من (٥) بعض.

المقصد الأول : فى لطائف تفسير القرآن العظيم.

المقصد الثانى : فى علم الحديث النبوىّ وتوابعه.

المقصد الثالث : فى علوم (٦) المعارف والحقائق.

المقصد الرابع : فى علم الفقه.

المقصد الخامس : فى علم أصول الفقه.

المقصد السادس : فى علم (٧) الجدل.

المقصد السابع : فى علم اللغة.

__________________

(١) كذا فى ا ، ب. وقد يكون «ينجلى» ليناسب «يمتلئ» فاذا صح «يتحلى» فالأظهر فى الآتى «يتملى»

(٢) جمع مسمعة ، وهى المغنية.

(٣) كذا فى ا ، ب. وكان الأطراق جمع طرق ـ بزنة حمل ـ للشحم والقوة ، يريد ذكاء الطيب وقوة رائحته.

(٤) فى ا : «المورون» وفى ب «الموذون» والظاهر أن كليهما تحريف عما أثبت. والمودون : القصير الناقص الخلق. يريد الطبع السيئ غير الطيب.

(٥) فى ب : «عن»

(٦) ب : «علم» وعلم المعارف والحقائق هو علم التصوف

(٧) هو ما يعرف بآداب البحث والمناظرة. وفى مقدمة ابن خلدون فى مبحث (أصول الفقه) «بأنه معرفة بالقواعد من الحدود والآداب فى الاستدلال التى يتوصل بها الى حفظ رأى أو هدمه. كان ذلك الرأى من الفقه أو غيره» وأكثر ما يستعمل الجدل فى خلافيات الفقه. وسيأتى فى المقصد الحادى والثلاثين علم المناظرة ، وهو عام ، وأكثر ما يستعمل فى العلوم العقلية.

٣٥

المقصد الثامن : فى علم النحو.

المقصد التّاسع : فى علم الصّرف.

المقصد العاشر : فى علم المعانى.

المقصد الحادى عشر : فى علم البيان.

المقصد الثانى عشر : فى علم البديع.

المقصد الثالث عشر : (فى علم) (١) العروض.

المقصد الرابع عشر : فى علم القوافى.

المقصد الخامس عشر : فى علم الطبيعيّات (٢).

المقصد السادس عشر : فى علم الطبّ.

المقصد السابع عشر : (فى علم) (٣) الفراسة.

المقصد الثامن عشر : (فى علم) (٤) البيزرة (٥) والبيطرة (٦).

المقصد التّاسع عشر : فى علم تعبير الرؤيا.

المقصد العشرون : فى المحاضرات والمحاورات وما يجرى مجراها.

المقصد الحادى والعشرون : فى أحكام النّجوم.

المقصد الثانى والعشرون : فى علم السّحر.

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى ب

(٢) ب : «الطبيعات»

(٣) فى أ ، ب : «السريرة» وهى تحريف عما أثبت والبيزرة مأخوذة من البيزار معرب بازدار ، وبازيار اى حافظ الباز وصاحبه. وعلم البيزرة ـ كما فى كشف الظنون ـ يبحث فيه عن أحوال الجوارح من حيث حفظ صحتها وازالة مرضها ، ومعرفة العلامات الدالة على قوتها فى الصيد وضعفها. وعلم البيطرة يبحث فيه عن أحوال الخيل من جهة ما يصح وما يمرض. وهى فى الخيل بمنزلة الطب فى الانسان

٣٦

المقصد الثالث والعشرون : فى الطّلّسمات (١).

المقصد الرابع والعشرون : فى السّيمياء (٢).

المقصد الخامس والعشرون : فى الكيمياء (٣).

المقصد السادس والعشرون : فى الفلاحة.

المقصد السّابع والعشرون : فى علم التاريخ.

المقصد الثّامن والعشرون : فى الملل والنّحل والمذاهب المختلفة.

المقصد التاسع والعشرون : فى الهندسة.

المقصد الثلاثون : فى علم عقود الأبنية.

__________________

(١) الطلسمات واحدها طلسم. وفى كشف الظنون أن معناه فى الأصل : عقد لا ينحل ، وفيه أنه قيل : انه مقلوب مسلط لتأثيره. وعلى هذا فأصله عربى. وفى معجم لاروس أنه من الاغريقية من كلمة بمعنى سنة العبادة والطلسم يقرب من معنى الحجاب فى لسان العامة ، وهو ما يكتب فيه نقوش أو حروف لها فعل سحرى ، ويراعى فيه مقارنات الكواكب ، ويصحب ببخور على طريقة مرسومة. وفى كشف الظنون أن علم الطلسمات يبحث عن كيفية تركيب القوى السماوية الفعالة مع القوى الأرضية المنفعلة فى الأزمان المناسبة للفعل والتأثير المقصود مع بخورات مقومة جالبة لروحانية الطلسم ، ليظهر من تلك الأمور فى عالم الكون والفساد أفعال غريبة. وانظر مقدمة ابن خلدون فى (علوم السحر والطلسمات)

(٢) هو نوع من خداع النظر. وفى كشف الظنون أنه يطلق على أحداث مثالات خيالية فى الجو لا وجود لها فى الحس. وقد يطلق على ايجاد صورها فى الحس ، فحينئذ يظهر بعض الصور فى جوهر الهواء فتزول سريعة لسرعة تغير جوهر الهواء .. وحاصله أن يركب الساحر اشياء من الخواص أو الأدهان أو المائعات أو كلمات خاصة توجب بعض تخيلات خاصة ، وفى مقدمة ابن خلدون أن السيميا فى عهده هى علم أسرار الحروف عند الصوفية

(٣) فى كشف الظنون أنه علم يعرف به طرق سلب الخواص من الجواهر المعدنية ، وجلب خاصة جديدة إليها. وقد قصد أصحابه تحويل الجوهر الخسيس الى الجوهر النفيس ، كتحويل الفضة الى الذهب والنحاس الى الفضة. والناس من قديم بين منكر له ومثبت. ولابن خلدون فصل طويل فى المقدمة فى الحديث عنه. فأما الكيمياء فى معناها الحديث فهى صحيحة وهى غير الكيمياء القديمة. هذا ، وقد سقط فى ا : (الكيمياء) وجعل مكانها (الفلاحة). وسقط فيها (السادس والعشرون)

٣٧

المقصد الحادى والثلاثون : فى علم المناظرة (١).

المقصد الثانى والثلاثون : فى علم المرايا (٢) المحرقة.

المقصد الثالث والثلاثون : فى علم مراكز (٣) الأثقال.

المقصد الرابع والثلاثون : فى علم البنكانات (٤).

المقصد الخامس والثلاثون : فى علم الآلات الحربيّة.

المقصد السادس والثلاثون : فى علم الآلات (٥) الروحانيّة.

المقصد السابع والثلاثون : فى علم الزيجات والتقاويم.

المقصد الثامن والثلاثون : فى علم المواقيت.

المقصد التاسع والثلاثون : فى علم كيفيّة الأرصاد.

المقصد الأربعون : فى علم سطح الكرة.

__________________

(١) كذا. والظاهر أنها المناظر. وفى كشف الظنون أنه فرع من علم الهندسة. ويعبر عنه فى الاصطلاح بعلم الضوء. فأما علم المناظرة فيدخل فى علم الجدل. وقد سبق

(٢) جمع المرآة. وفى كشف الظنون أن هذا العلم يتعرف منه أحوال الخطوط الشعاعية المنعطفة والمنكسرة والمنعكسة ومواقعها وزواياها ومراجعها ، وكيفية عمل المرايا المحرقة بانعكاس اشعة الشمس عنها ونصبها ومحاذاتها ، وأن منفعته بليغة فى محاصرات المدن والقلاع

(٣) فى كشف الظنون أنه علم يتعرف منه كيفية استخراج مركز ثقل الجسم المحمول. وأن منفعته معرفة كيفية معادلة الأجسام العظيمة بما دونها لتوسط المسافة

(٤) فى ب : «السكانات تصحيف. وعلم البنكانات (ويقال : البنكامات) هو علم الساعات. وفى كشف الظنون أنه علم يعرف به كيفية اتخاذ آلات يقدر بها الزمان. واللفظة فارسية معناها زجاج الساعات الرملية.

(٥) هو علم يعين على صنع آلات غريبة تستروح إليها النفوس. ويذكر فى كشف الظنون أن هذه الآلات مبنية على ما تقرر من عدم الخلاء. وذكر من أمثلة هذه الآلات قدح العدل وقدح الجور. والأول اناء اذا امتلأ منه قدر معين يستقر فيه الشراب ، وان زيد عليه ولو بشيء يسير ينصب الماء بحيث لا يبقى منه قطرة فى الاناء. والثانى اناء يثبت الماء فيه اذا صب فيه بمقدار معين دون الملء ، واذا ملئ به الاناء ، ولا يثبت فيما بين المقدارين. ويذكر أنه متصل بعلوم الطبيعة والهندسة.

٣٨

المقصد الحادى والأربعون : فى علم العدد (١).

المقصد الثانى والأربعون : فى علم الجبر والمقابلة.

المقصد الثالث والأربعون : فى علم حساب الخطأين (٢).

المقصد الرابع والأربعون : فى علم الموسيقى.

المقصد الخامس والأربعون : فى علم حساب التخت (٣) والميل.

المقصد السادس والأربعون : فى علم حساب الدّور (٤) والوصايا.

المقصد السابع والأربعون : فى علم (٥) الدرهم والدينار.

المقصد الثامن والأربعون : فى علم السّياسة.

المقصد التاسع والأربعون : فى علم تدبير المنزل.

المقصد الخمسون : فى علم الحساب (٦) المفتوح.

المقصد الحادى والخمسون : فى علم الأزمنة والأمكنة.

__________________

(١) هو علم الحساب. وفيه فروع كثيرة.

(٢) فى ب : «الخزائن». وعلم الخطأين من فروع الجبر والمقابلة ، وفى كشف الظنون أنه علم يتعرف منه استخراج المجهولات العددية اذا أمكن صيرورتها أربعة أعداد متناسبة ، وانما سمى به لانه يفرض المطلوب شيئا ويختبر فان وافق فذاك والا حفظ ذلك الخطأ وفرض المطلوب شيئا آخر ، ويختبر فان وافق فذاك والا حفظ الخطأ الثانى ويستخرج المطلوب منهما.

(٣) فى أ ، ب : «البحث والمثل» ، تصحيف. وعلم التخت والميل ـ ويقال : التخت والتراب كما فى كشف الظنون ـ علم الارقام العددية كالأرقام الهندية والافرنجية ، فهو من فروع علم الحساب

(٤) هو ـ كما فى كشف الظنون ـ علم يتعرف منه مقدار ما يوصى به اذا تعلق بدور فى بادى النظر. مثاله : رجل وهب لعتيقه فى مرض موته مائة درهم ولا مال له غيرهما ، فقبضها ومات قبل سيده وخلف بنتا والسيد المذكور ، ثم مات السيد. فظاهر المسألة أن الهبة تمضى من المائة فى ثلثها ، فاذا مات المعتق رجع الى السيد نصف الجائز بالهبة فيزداد مال المعتق ، فيزداد مال السيد وهلم جرا. وبهذا العلم يتعين مقدار الجائز بالهبة.

(٥) هو علم يتعرف منه استخراج المجهولات العددية التى تزيد عدتها على المعادلات الجبرية. ولهذه الزيادة لقبوا تلك المجهولات بالدرهم والدينار والفلس. انظر كشف الظنون.

(٦) لم أقف على بيان لهذا الضرب من الحساب. وفى كشف الظنون من فنون الحساب حساب الهواء وعرف بما يرادف الحساب العقلى فى عصرنا ، ويبدو أنه الحساب المفتوح.

٣٩

المقصد الثانى والخمسون : فى علم المنطق.

وكان مقتضى الترتيب ذكره مع العلوم الآلية ، وإنما أخّرناه لاختلاف العلماء.

فمن قائل (بحرمة (١) الاشتغال به ، ومن قائل) بإباحته ، ومن قائل بوجوبه ، لكونه آلة تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ.

المقصد (٢) الثالث والخمسون : فى علم الحشائش والنباتات ومنافعها.

المقصد الرابع والخمسون : فى علم الحروف (٣) وخواصها.

المقصد الخامس والخمسون : فى علم قوانين الكتابة.

المقصد السادس والخمسون : فى علم (٤)

__________________

(١) سقط ما بين القوسين فى أ

(٢) كذا فى ب. وفى ا جعل هذا المقصد فى علم الحروف وخواصها ، وسقط المقصد الرابع والخمسون

(٣) فى كشف الظنون أنه علم يبحث عن خواص الحروف الهجائية ، ويستخدم فى الأقسام والعزائم وما ينتج عنها.

(٤) كذا فى ب. وسقط فى أ.

٤٠