بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي

بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي


المحقق: محمد علي النجار
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥٧٨

والقول الثانى أن يكون لغة بمعنى الرفع والإزالة. يقال : نسخت الشّمس الظلّ إذا أبطلته ، ونسخت الريح الأثر إذا أذهبته (١). وعلى هذا قيل لرفع حكم بحكم آخر : نسخ ، لأنه إبطال حكم ، وإثبات حكم مكانه ، كالشّمس مكان الظّل.

وأمّا الحكمة فى (٢) النسخ فذكروا فيها وجوها.

أوّلها وأجلّها إظهار الرّبوبيّة ، فإنّ بالنّسخ يتحقّق أن التّصرّف فى الأعيان إنّما هو له تعالى : يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد.

الثّانى بيان لكمال العبوديّة ، كأنّه منتظر لإشارة السيّد ، كيفما وردت وبأىّ وجه صدرت. وإنّما يظهر طاعة العبيد بكمال الخضوع ، والانقياد.

والثالث امتحان الحرّيّة ، ليمتاز من المتمرّد من المنقاد ، وأهل الطّاعة من أهل العناد فالدار دار الامتحان ، والذهب يجرّب بالذوبان ، والعبد الصّالح بالابتلاء والهوان.

الرّابع إظهار آثار كلفة الطّاعة ، على قدر الطّاقة ، (لا يُكَلِّفُ (٣) اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها).

الخامس التيسير ، ورفع المشقّة عن العباد ، برعاية المصالح (ما يُرِيدُ (٤) اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ).

السادس نقل الضعفاء من درجة العسر إلى درجة اليسر (يُرِيدُ (٥) اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).

__________________

(١) أ : «هبته»

(٢) ب : «من»

(٣) الآية ٢٨٦ سورة البقرة

(٤) الآية ٦ سورة المائدة

(٥) الآية ١٨٥ سورة البقرة

١٢١

وأمّا أنّ النسخ فيما ذا يجوز فالصّحيح أنّ النسخ يتعلق بالأمر والنّهى فقط. وأمّا الأخبار فمصونة عن النسخ ، لأنّ المخبر الصادق يصير بنسخ خبره كاذبا. وقيل : النّسخ فى الأمر ، والنّهى ، وفى كل حبر يكون بمعنى الأمر والنّهى. فالنّهى مثل قوله تعالى : (الزَّانِي (١) لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً). والأمر مثل قوله : (تَزْرَعُونَ (٢) سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) أى ازرعوا. وشذّ قوم أجازوا النسخ فى الأخبار مطلقا.

وأمّا سبب نزول آية النّسخ فهو أنّ كفّار مكّة ويهود المدينة لمّا صرّحوا بتكذيب النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : إنّ هذا الكلام مختلق ، لأنّه يأمر بأمر ، ثم ينهى عنه ، ويقرّر شرعا ، ثمّ يرجع عنه ، فما هو إلّا من تلقاء نفسه ، فنزلت (وَإِذا (٣) بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ووردت الإشارة إلى النسخ فى الآية الأخرى (ما نَنْسَخْ (٤) مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أى قادر على إنفاذ قضائه وقدره ، فيقدّم من أحكامه ما أراد ، ويؤخّر منها ما أراد ، ويثقّل الحكم على من شاء ، ويخفّفه عمّن شاء ، وإليه التّيسير والتعسير ، وبيده التقدير والتقرير ، ولا ينسب فى شىء إلى العجز والتقصير (٥) ، ولا مجال لأحد فى اعتراض وتغيير ، إنّه حكيم خبير ، وبيده التصريف والتدبير ، ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربّ العالمين.

__________________

(١) الآية ٣ سورة النور.

(٢) الآية ٤٧ سورة يوسف.

(٣) الآية ١٠١ سورة النحل.

(٤) الآية ١٠٦ سورة البقرة.

(٥) أ : «التعسير».

١٢٢

وأمّا وجوب معرفة النّاسخ والمنسوخ فقال ابن عبّاس : من لم يعرف النّاسخ من المنسوخ خلط الحلال بالحرام. وعن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّ محرّم الحلال الح (١) وقال أيضا (ما آمن (٢) بالقرآن من استحلّ محارمه) ولمّا رأى علىّ رضى الله عنه عبد الله (٣) بن دأب فى مسجد الكوفة وهو يجيب عن المسائل ، فقال له : هل تعرف النّاسخ من المنسوخ قال : لا ؛ قال : فما كنيتك؟ قال أبو يحيى. قال : أنت أبو اعرفونى بالجهل. ثمّ أخذ بأذنه ، وأقامه عن مجلسه. فقال : لا يحلّ لك رواية الحديث فى هذا المسجد ، ولا الجلوس فى مثل هذا المجلس حتّى تعلم النّاسخ من المنسوخ.

وأمّا أنواع منسوخات القرآن فثلاثة (٤).

أحدها ما نسخ كتابته وقراءته. قال أنس كانت (٥) سورة طويلة تقارب سورة براءة ، كنّا نقرؤها على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنسخت بكلّيتها ، لم يبق بين المسلمين منها شىء ، سوى هذه الآية : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ، ولو كان (٦) ثالثا

__________________

(١) كذا فى الأصلين ، ولم يبن لى وجهه. وقد يكون : الخ أى الى نهاية الحديث. وقد يكون الأصل : ما أفلح.

(٢) رواه الترمذى عن صهيب ، كما فى الجامع الصغير.

(٣) عن هبة الله بن سلامة فى كتابه «الناسخ والمنسوخ» انه عبد الرحمن بن دأب. وفى القاموس : «عبد الرحمن بن دأب م» أى معروف ولم يذكر عبد الله. وانظر تعليقات كتاب النحاس ص ٥.

(٤) سقط فى أ.

(٥) جاء هذا حديثا فى مسلم فى كتاب الزكاة. ونصه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ، ويتوب الله على من تاب».

(٦) فى المنقول عن ابن سلامة : «أن له» انظر كتاب النحاس ص ١٠.

١٢٣

لابتغى رابعا. ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ، ويتوب الله على من تاب. وقال ابن مسعود : لقّننى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم آية حفظتها وأثبتّها فى المصحف ، فأردت فى بعض اللّيالى أن أقرأها ، فلم أذكرها ، فرجعت إلى المصحف فوجدت مكانها أبيض ، فأتيت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأخبرته بذلك ، فقال : يا عبد الله ، قد (١) نسخت تلك الآية. فحزن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حيث لم يذكرها ، فنزل جبريل بقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ (٢) فَلا تَنْسى) وقيّده بالمشيئة لئلا يأمن بالكلّية فنزلت (إِلَّا ما شاءَ اللهُ).

الثّانى ما نسخ خطّه ، وكتابته ، وحكمه باق ؛ مثل (الشيخ (٣) والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم).

الثالث ما نسخ حكمه وخطّه ثابت. وذلك فى ثلاثة (٤) وستين سورة. وسيأتى ترتيبه إن شاء الله.

وأمّا ترتيب المنسوخات فأوّلها الصّلوات الّتى صارت من خمسين إلى خمس. ثمّ تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ (٥) قِبْلَةً تَرْضاها) ثم صوم يوم عاشوراء ، ثم صوم ثلاثة أيام من كلّ شهر ، نسخا بفرض صيام رمضان ، ثم حكم الزكاة إلى ربع العشر بعد أن كان الفاضل عن قوت العيال ، صدقة ، وزكاة ، ثمّ الإعراض عن المشركين والصّفح

__________________

(١) أ : «فقد»

(٢) الآية سورة الأعلى

(٣) رواه البخارى فى صحيحه معلقا. انظر البرهان ٢ / ٣٥

(٤) كذا ، والمناسب : ثلاث

(٥) الآية ١٤٤ سورة البقرة

١٢٤

عنهم نسخ بآية السّيف : (وَقاتِلُوا (١) الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) ، ثم الأمر الخاصّ بقتال أهل الكتاب (قاتِلُوا (٢) الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) الى قوله (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) ، ثمّ نسخ ميراث الولاء بتوريث ذوى الأرحام ، ونسخ ميراث ذوى الأرحام بالوصيّة ، ثمّ نسخ الوصيّة بآية المواريث وهى قوله (يُوصِيكُمُ (٣) اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) ثمّ نفى (٤) المشركين من الحرم والمسجد الحرام (فَلا يَقْرَبُوا (٥) الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) ثمّ نسخ عهد كان بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين المشركين ردّه عليهم على لسان علىّ يوم عرفة فى أوّل سورة براءة (فَسِيحُوا (٦) فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) إلى قوله (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ).

فهذا ترتيب المنسوخات الأوّل فالأوّل.

وأمّا تفصيل السّور (التى فيها الناسخ والمنسوخ والتى ما فيها [نسخ].

فالسور الخالية عن الناسخ (٧) والمنسوخ) ثلاثة (٨) وأربعون سورة : فاتحة الكتاب ، سورة يوسف ، يس ، الحجرات ، الرّحمن ، الحديد ، الصّف ، الجمعة ، المتحرّم (٩) ، الملك ، الحاقّة ، سورة نوح ، المرسلات (١٠) ، سورة

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة التوبة

(٢) الآية ٢٩ سورة التوبة

(٣) الآية ١١ سورة النساء

(٤) هذا ناسخ لا منسوخ ، واسلوب الكلام على تعداد المنسوخ. وكان هذا نسخ اقرارهم فى الحرم.

(٥) الآية ٢٨ سورة التوبة

(٦) الآية ٢ سورة التوبة

(٧) سقط ما بين القوسين فى أ.

(٨) كذا ، والمناسب : ثلاث

(٩) هى سورة التحريم

(١٠) فى البرهان ٢ / ٣٣ تأخير هذه السورة عن (سورة الجن) وهو المناسب لترتيب المصحف.

١٢٥

الجنّ ، النبأ ، والنّازعات ، الانفطار ، التطفيف ، الانشقاق ، البروج ، والفجر ، البلد ، والشمس ، واللّيل ، والضحى ، ألم نشرح ، القلم (١) ، القدر ، لم يكن ، زلزلت ، والعاديات ، القارعة ، التكاثر ، الهمزة ، الفيل ، لإيلاف ، أرأيت ، الكوثر ، النصر ، تبّت ، الإخلاص ، الفلق ، النّاس.

والسّور (٢) الّتى فيها الناسخ وليس فيها المنسوخ ستّ : سورة الفتح ، الحشر ، المنافقون ، التّغابن ، الطّلاق ، الأعلى.

والّتى فيها المنسوخ وليس فيها ناسخ أربعون سورة : الأنعام ، الأعراف ، يونس ، هود ، الرّعد ، الحجر ، النحل ، إسرائيل ، الكهف ، طه ، المؤمنون ، النّمل ، القصص ، العنكبوت ، الرّوم ، لقمان ، المضاجع (٣) ، الملائكة ، الصّافّات ، ص ، الزّمر ، المصابيح (٤) ، الزّخرف ، الدّخان ، الجاثية ، الأحقاف ، سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، (٥) ق ، والنّجم ، القمر ، الممتحنة ، (٦) ن ، المعارج ، القيامة ، الإنسان ، عبس ، الطّارق ، الغاشية ، والتّين ، الكافرون.

والسّور الّتى اجتمع فيها النّاسخ والمنسوخ خمس وعشرون سورة : البقرة ، آل عمران ، النّساء ، المائدة ، (٧) الأنفال ، التّوبة ، إبراهيم ، مريم ، الأنبياء ، الحجّ ، النور ، الفرقان ، الشعراء ، الأحزاب ، سبأ ،

__________________

(١) يريد سورة العلق لا سورة ن. وقد جاءت التسمية بالعلق فى ناسخ ابن خزيمة المطبوع مع كتاب النحاس ص ٢٦٧

(٢) أ ، ب : «السورة»

(٣) هى سورة السجدة

(٤) هى سورة فصلت

(٥) زيادة من ناسخ ابن حزم المطبوع على هامش تفسير ابن عباس ص ٣١٦.

١٢٦

المؤمن ، الشورى ، والذّاريات ، والطّور ، الواقعة ، المجادلة ، المزّمل ، المدثر ، التكوير ، والعصر.

وجملة الآيات مائتا آية وأربع آيات على التفصيل الّذى ذكرناه (١).

هذه الجملة الّتى لا بدّ من معرفتها من أمر الناسخ والمنسوخ.

* * *

الطرف الثانى من هذا الباب فى المقاصد المشتملة على جميع سور (٢) القرآن من أوّله إلى آخره.

كلّ سورة تشتمل على ثمانية (٣) متعلّقة بالسّورة. الأول موضع نزولها. الثانى عدد آياتها ، وكلماتها ، وحروفها ، والآيات المختلف (٤) فيها. الثالث بيان مجموع فواصلها. الرّابع ذكر اسمها ، أو أسمائها. الخامس بيان المقصود من السّورة ، وما تتضمّنه مجملا. السّادس بيان ناسخها ومنسوخها. السّابع فى متشابها. الثامن فى فضلها وشرفها.

__________________

(١) كذا وهو سيذكرها بالتفصيل

(٢) أ : «السور»

(٣) يريد ثمانية مباحث

(٤) ب : «المختلفة»

١٢٧

١ ـ (بصيرة فى الحمد) (١)

اختلف العلماء فى موضع نزولها. فقيل : نزلت بمكّة وهو الصحيح. لأنّه لا يعرف فى الإسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب. وقيل : نزلت بالمدينة مرّة ، وبمكة مرّة. ولهذا قيل لها : السّبع المثانى ؛ لأنها ثنيت فى النّزول.

وأمّا عدد الآيات فسبع بالإجماع ؛ غير أنّ منهم من عدّ (٢) (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) دون البسملة ؛ ومنهم من عكس. وشذّ قوم وقالوا : ثمان آيات. وشذّ آخرون فجعلوها ستّ آيات.

عدد كلماتها خمس وعشرون.

عدد حروفها مائة وثلاثة وعشرون. وفواصل الآيات (م ن).

أسماؤها قريبة من ثلاثين : الفاتحة ، فاتحة (٣) الكتاب ، الحمد ، سورة الحمد ، الشافية ، الشفاء ، سورة الشفاء ، الأساس ، أساس القرآن ، أمّ القرآن ، أمّ الكتاب ، الوافية ، الكافية ، الصّلاة ، سورة الصّلاة ، قال (٤) الله تعالى (قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين) الحديث.

__________________

(١) ب : «الفاتحة»

(٢) أ : «عدد»

(٣) سقط فى أ.

(٤) أى فى الحديث القدسى. وفى القرطبى / ١٠٨ روى الحديث : «ما انزل الله فى التوراة ولا فى الانجيل مثل أم القرآن وهى السبع المثانى ، وهى مقسومة بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل» وذكر أن الترمذى رواه عن أبى بن كعب. وفى ص ١١١ ذكر الحديث : «قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين» وأحاله على الحديث السابق وذلك يشعر أن هذا فى بعض روايات الحديث. وجاء الحديث فى رواية مسلم كما فى الترغيب والترهيب.

١٢٨

يعنى فاتحة الكتاب ، السّبع المثانى ؛ لانها تثنى (١) فى كل صلاة ، أو لاشتمالها على الثّناء على الله تعالى ، أو لتثنية نزولها ، سورة الفاتحة ، سورة الثناء ، سورة أمّ القرآن ، سورة أم الكتاب ، سورة الأساس ، الرّقية ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (وما (٢) أدراك أنّها رقية).

المقصود من نزول هذه السّورة تعليم العباد التيمّن والتبرّك باسم الله الرحمن الرحيم فى ابتداء الأمور ، والتّلقين بشكر (٣) نعم المنعم ؛ والتوكّل عليه فى باب الرّزق المقسوم ، وتقوية رجاء العبد برحمة الله تعالى ، والتّنبيه على ترقّب العبد الحساب والجزاء يوم القيامة ، وإخلاص العبوديّة عن الشرك ، وطلب التوفيق والعصمة من الله ، والاستعانة والاستمداد فى أداء العبادات ، وطلب الثبات والاستقامة على طريق خواصّ عباد الله ، والرّغبة فى سلوك مسالكهم ، وطلب الأمان من الغضب ، والضلال فى جميع الأحوال ، والأفعال ، وختم الجميع بكلمة آمين ، فإنها استجابة للدعاء ، واستنزال للرّحمة ، وهى خاتم الرّحمة الّتى ختم بها فاتحة كتابه.

وأمّا النّاسخ والمنسوخ فليس فيها شيء منهما.

وأمّا المتشابهات فقوله (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ) فيمن جعل البسملة منها ، وفى تكراره أقوال. قيل : كرّر للتّأكيد. وقيل : كرّر لأن المعنى : وجب الحمد لله لأنه الرّحمن الرّحيم. وقيل : إنما كرّر لأن الرحمة هى الإنعام على المحتاج

__________________

(١) أى تكرر.

(٢) فى القرطبى ١ / ١١٣ : «ثبت ذلك من حديث أبى سعيد الخدرى وفيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال للرجل الذى رقى سيد الحى : ما أدراك أنها رقية؟ فقال يا رسول الله شىء ألقى فى روعى. أخرجه الأئمة»

(٣) كذا. والمناسب : «لشكر المنعم» وكأنه ضمن التلقين معنى التعريف.

١٢٩

وذكر فى الآية الأولى المنعم ولم يذكر المنعم عليهم. فأعادها مع ذكرهم ، وقال : ربّ العالمين ، الرحمن بهم أجمعين (١) الرحيم بالمؤمنين خاصّة يوم الدين ، ينعم عليهم ويغفر لهم. وقيل : لمّا أراد ذكر يوم الدين لأنه ملكه ومالكه ، وفيه يقع الجزاء ، والعقاب ، والثواب وفى ذكره يحصل للمؤمن ما لا مزيد عليه : من الرعب (٢) والخشية ، والخوف ، والهيبة قدّم عليه ذكر الرّحمن الرحيم تطمينا (٣) له ، وتأمينا ، وتطييبا لقلبه ، وتسكينا ، وإشعارا بأن الرّحمة سابقة غالبة ، فلا ييأس ولا يأسى (٤) فإن (٥) ذلك اليوم ـ وإن كان عظيما عسيرا ـ فإنما (٦) عسره وشدّته على الكافرين ؛ وأمّا المؤمن فبين صفتى الرّحمن الرّحيم من الآمنين.

ومنها قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كرّر (إِيَّاكَ) ولم يقتصر على ذكره مرّة كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين فى (ما (٧) وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) وفى آيات كثيرة ؛ لأن فى التقديم فائدة وهى قطع الاشتراك (٨) ، ولو حذف لم يدلّ على التقدّم (٩) ؛ لأنك لو قلت : إيّاك نعبد ونستعين لم يظهر أن التّقدير : إياك نعبد وإيّاك نستعين. وكرّر (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) لأنّه يقرب ممّا ذكرنا فى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). وذلك بأن الصّراط هو المكان المهيّأ للسّلوك ، فذكر فى الأوّل المكان ولم يذكر السّالكين ، فأعاده

__________________

(١) سقط فى ب

(٢) سقط فى أ

(٣) كذا ولم أقف فى اللغة على التطمين. وانما هو الطمأنة

(٤) من الأسى ، وهو الحزن. وفى أ ، ب : «ياس» ولا يظهر الا على جعل (لا) ناهية ، وهو بعيد فى المعنى.

(٥) أ : «بأن»

(٦) ب : «فان»

(٧) الآية ٣ سورة الضحى

(٨) كذا. وقد يكون : «الاشراك».

(٩) ب : «التقديم»

١٣٠

مع ذكرهم ، فقال : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وهم النبيّون والمؤمنون. ولهذا كرّر أيضا فى قوله (إِلى (١) صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللهِ) لأنّه ذكر المكان المهيّأ (٢) وقوله ليس بتكرار لأنّ كلّ واحد منهما متّصل بفعل غير الآخر ، وهو الإنعام والغضب ، وكلّ واحد منهما يقتضيه ، وما كان هذا سبيليه فليس بتكرار ، ولا من المتشابه. والله أعلم.

وأمّا فضلها وشرفها فعن حذيفة يرفعه إلى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (إنّ (٣) القوم ليبعث الله عزوجل عليهم العذاب حتما مقضيّا (٤) فيقرأ صبىّ من صبيانهم فى الكتّاب : الحمد لله ربّ العالمين ، فيسمعه الله عزوجل ، فيرفع عنهم بذلك (٥) العذاب أربعين سنة) وروى عن (٦) الحسن (٧) أنه قال : أنزل الله مائة وأربعة كتب من السّماء ، أودع علومها أربعة منها : التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ، ثمّ أودع علوم القرآن المفصّل ، ثم أودع علوم (٨) المفصّل فاتحة الكتاب. فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير كتب الله المنزّلة. ومن قرأها فكأنّما قرأ التّوراة ، والإنجيل ، والزّبور ، والفرقان. وقال جبرئيل عند نزوله بهذه السّورة : يا محمّد ، ما زلت خائفا على أمّتك حتّى نزلت بفاتحة الكتاب ؛ فأمنت

__________________

(١) الآيتان ٥٢ ، ٥٣ سورة الشورى

(٢) يظهر أن فى الكلام سقطا والأصل : لأنه ذكر المكان المهيأ ولم بذكر من هيأه وعبده.

(٣) فى الشهاب على البيضاوى ١ / ١٥٢ : «وهذا الحديث أسنده الثعلبى ، وقال العراقى انه موضوع. وقيل : انه ضعيف».

(٤) أ ، ب : «مقتضيا»

(٥) سقط فى ب

(٦) سقط فى ب

(٧) هو الحسن البصرى من سادات التابعين ، واشتهر بالوعظ والفصاحة. كانت وفاته سنة ١١٠ ه‍. وانظر ابن خلكان.

(٨) سقط فى ب

١٣١

بها عليهم. وقال مجاهد (١) سمعت ابن عبّاس يقول : أنّ إبليس أربع أنّات : حين لعن ، وحين أهبط من الجنّة ، وحين بعث محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحين أنزلت فاتحة الكتاب. وعن أبى هريرة ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن الرّبّ تبارك وتعالى ، أنه قال : (إذا (٢) قال العبد بسم الله الرحمن الرّحيم يقول الله تعالى : سمّانى عبدى. وإذا قال : الحمد لله ربّ العالمين يقول الله : حمدنى عبدى. وإذا قال : الرّحمن الرّحيم يقول الله : أثنى علىّ عبدى. وإذا قال : مالك يوم الدّين يقول الله مجّدنى عبدى. وإذا قال : إيّاك نعبد وإيّاك نستعين يقول الله : هذا بينى وبين عبدى نصفين. وإذا قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) إلى آخر السّورة يقول الله : هذا لعبدى ولعبدى ما سأل. وروى علىّ رضى الله عنه. عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم انّه قال : يا علىّ (٣) من قرأ فاتحة الكتاب فكأنّما قرأ التوراة ، والإنجيل ، والزّبور ، والفرقان ؛ وكأنّما تصدّق بكل آية قرأها ملء الأرض ذهبا فى سبيل الله ، وحرم الله جسده على النار ، ولا يدخل الجنّة بعد الأنبياء أحد أغنى منه (٤)

__________________

(١) هو ابن جبر المفسر عن ابن عباس قال : عرضت القرآن عليه ثلاثين مرة. مات بمكة سنة ١٣٢ ه‍. عن الخلاصة.

(٢) جاء الحديث فى مسلم مع اختلاف فى الترتيب فقد ابتدأ بقوله : قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين .. وانظر الترغيب والترهيب للمنذرى فى كتاب قراءة القرآن.

(٣) يشبه هذا الحديث الموضوع فى فضائل السور المزعوم روايته عن أبى.

(٤) سقط فى أ

١٣٢

٢ ـ بصيرة فى

الم. ذلك الكتاب ..

هذه السّورة مدنيّة. وهى أول سورة نزلت بعد هجرة النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى (١) المدينة.

وعدد آياتها مائتان وست وثمانون آية (فى عدّ (٢)) الكوفيّين ، وسبع (٣) (فى عدّ (٤)) البصريّين ، وخمس (فى عدّ (٥)) الحجاز ، وأربع (فى عدّ (٦)) الشاميّين. وأعلى الرّوايات وأصحّها العدّ الكوفىّ ، فإنّ إسناده متّصل بعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنه.

وعدد كلماته (٧) ستّة آلاف كلمة ، ومائة وإحدى (٨) وعشرون كلمة.

وحروفها خمس (٩) وعشرون ألفا وخمسمائة حرف.

وآياتها المختلف فيها اثنتا (١٠) عشرة آية : الم ، (عَذابٌ (١١) أَلِيمٌ) ، مُصْلِحُونَ (١٢) ، خائِفِينَ (١٣) ، و (١٤) (قَوْلاً (١٥) مَعْرُوفاً) ، (ما ذا (١٦) يُنْفِقُونَ) ، (تَتَفَكَّرُونَ) (١٧) ،

__________________

(١) سقط فى : أ

(٢) ب : «عند»

(٣) أ ، ب : «سبعون» وهو خطأ فى النسخ أى مائتان وسبع وثمانون. وما ذكره فى العد يخالف ما فى ناظمة الزهر للشاطبى. وذلك أن الروايات متعددة ، ففيها أنها عند الكوفيين مائتان وخمس وثمانون وعند الشاميين مائتان وست وثمانون.

(٤) ب : «عند»

(٥) ب : «عند»

(٦) ب : «عند»

(٧) كذا فى أ ، ب : وذكر السورة باعتبار أنها قرآن

(٨) أ ، ب : «أحد»

(٩) كذا فى أ ، ب : والحرف يذكر ويؤنث.

(١٠) أ : خمس عشرة.

(١١) فى الآية ١٠ يريد أن بعض القراء عدها آية ، وهم أهل الشام.

(١٢) أ : «مستعجلون» يريد «مصلحون» فى الآية ١١ لم يعدها بعضهم وعدها الآخرون.

(١٣) فى الآية ١١٤

(١٤) سقط الواو فى ب

(١٥) فى الآية ٢٣٥

(١٦) فى الآية ٢١٩

(١٧) فى الآية ٢١٩

١٣٣

خَلاقٍ (١) ، (يا أُولِي (٢) الْأَلْبابِ) ، (الْحَيُ (٣) الْقَيُّومُ) ، (مِنَ الظُّلُماتِ (٤) إِلَى النُّورِ) ، (وَلا شَهِيدٌ) (٥).

مجموع فواصل آياتها (ق م ل ن د ب ر) ويجمعها (قم لندبّر). وعلى اللّام آية واحدة (فَقَدْ (٦) ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) ، وعلى القاف آية واحدة (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) آخر الآية المائتين.

وأمّا أسماؤها فأربعة : البقرة ، لاشتمالها على قصّة البقرة. وفى بعض الروايات عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : السورة التى تذكر فيها البقرة. الثّانى سورة الكرسىّ ، لاشتمالها على آية الكرسىّ التى هى أعظم آيات القرآن. الثالث سنام القرآن ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (إن (٧) لكل شىء سناما وسنام القرآن سورة البقرة). الرّابع الزّهراء ، لقوله (اقرءوا الزّهراوين (٨) البقرة وآل عمران).

وعلى الإجمال مقصود هذه السّورة مدح مؤمنى أهل الكتاب ، وذمّ الكفّار كفّار مكّة ، ومنافقى (٩) المدينة ، والرّدّ على منكرى النبوّة ، وقصة التخليق ، والتعليم ، وتلقين آدم ، وملامة علماء اليهود فى مواضع عدّة ، وقصّة موسى ، واستسقائه ، ومواعدته ربّه ، ومنّته على بنى إسرائيل ، وشكواه منهم ، وحديث البقرة ، وقصة سليمان ، وهاروت وماروت ،

__________________

(١) فى الآية ٢٠٠

(٢) فى الآية ١٩٧

(٣) فى الآية ٢٥٥

(٤) فى الآية ٢٥٧

(٥) فى الآية ٢٨٢

(٦) الآية ١٠٨

(٧) أخرجه ابن حبان وغيره ، كما فى الاتقان فى النوع ٧٢

(٨) ورد فى ضمن حديث أخرجه أحمد كما فى الاتقان فى الموطن السابق.

(٩) أ : «منافق»

١٣٤

والسحرة ، والرّدّ على النّصارى ، وابتلاء إبراهيم عليه‌السلام ، وبناء الكعبة ، ووصيّة يعقوب لأولاده ، وتحويل القبلة ، وبيان الصبر على المصيبة (١) وثوابه ، ووجوب السّعى بين الصفا والمروة ، وبيان حجّة التّوحيد ، وطلب الحلال ، وإباحة الميتة حال الضرورة ، وحكم القصاص ، والأمر بصيام رمضان ، والأمر باجتناب الحرام ، والأمر بقتال الكفار ، والأمر بالحجّ والعمرة ، وتعديد النعم على بنى إسرائيل ، وحكم القتال فى الأشهر الحرم ؛ والسؤال عن الخمر والميسر ومال الأيتام ؛ والحيض ؛ والطلاق ؛ والمناكحات ؛ وذكر العدّة ، والمحافظة على الصلوات ، وذكر الصّدقات والنّفقات ، وملك طالوت ؛ وقتل جالوت ؛ ومناظرة الخليل عليه‌السلام ؛ ونمرود ، وإحياء الموتى بدعاء إبراهيم ، وحكم الإخلاص فى (٢) النفقة ، وتحريم الربا (٣) وبيان (الزّانيات (٤)) ، وتخصيص الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة المعراج بالإيمان (٥) حيث قال : (آمَنَ الرَّسُولُ) إلى آخر السّورة.

هذا معظم مقاصد هذه السّورة الكريمة.

وأمّا بيان النّاسخ والمنسوخ ففى ستّ وعشرين آية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا (٦)

__________________

(١) أ : «المعصية»

(٢) ب : «و» بدل (فى). وقوله : (الربا) فى أ ، ب : «الزنى» ولا وجه له هنا ، فهو محرف عما أثبت. وقوله (الزانيات) لا مكان له هنا. وقد يكون (المداينات) اشارة الى آية الدين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ ..)

(٣) تبع فى هذا ، تنوير المقياس : أنه لما نزلت الآية السابقة وفيها : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) اشتد ذلك على المؤمنين ، فلما عرج به الى السماء سجد لربه ، فقال الله تعالى مدحا لنبيه : «آمَنَ الرَّسُولُ» الآية.

(٤) الآية ٦٢

١٣٥

وَالَّذِينَ هادُوا) م (١) (وَمَنْ (٢) يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) ن (٣) (وَقُولُوا (٤) لِلنَّاسِ حُسْناً) م (فَاقْتُلُوا (٥) الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ن وقيل : محكمة (٦) (فَاعْفُوا (٧) وَاصْفَحُوا) م (قاتِلُوا (٨) الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) إلى قوله (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) ن (فَأَيْنَما (٩) تُوَلُّوا) م (وَحَيْثُ (١٠) ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ن (إِنَ (١١) الَّذِينَ يَكْتُمُونَ) م (إِلَّا (١٢) الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا) ن (إِنَّما حَرَّمَ (١٣) عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ) م أحلّت لنا ميتتان ودمان ، من السّنة ناسخها) ن (الْحُرُّ (١٤) بِالْحُرِّ) م (أَنَّ النَّفْسَ (١٥) بِالنَّفْسِ) ن (الْوَصِيَّةُ (١٦) لِلْوالِدَيْنِ) م (آية (١٧) المواريث) ن (كَما كُتِبَ (١٨) عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ م أُحِلَ (١٩) لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ) ن (وَعَلَى الَّذِينَ (٢٠) يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) م (فَمَنْ (٢١) شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ن (وَلا (٢٢) تَعْتَدُوا) م (فَمَنِ اعْتَدى (٢٣) عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا) ن

__________________

(١) الرمز (م) للمنسوخ ، والرمز (ن) للناسخ.

(٢) الآية ٨٥ سورة آل عمران

(٣) الرمز (م) للمنسوخ ، والرمز (ن) للناسخ.

(٤) الآية ٨٣

(٥) الآية ٥ سورة التوبة

(٦) والمراد بالآية لين القول وحسن المعاملة ومحالفة مكارم الأخلاق ، وهذا مطلوب مع البر والفاجر. وانظر قول الله تعالى لموسى فى مخاطبة فرعون : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)

(٧) الآية ١٠٩

(٨) الآية ٢٩ سورة التوبة

(٩) الآية ١١٥

(١٠) الآية ١٤٤ ، والآية ١٥٠

(١١) الآية ١٥٩

(١٢) الآية ١٦٠. وجعل هذه الآية وأمثالها ناسخة مبنى على القول بأن الاستثناء نسخ ، والمسألة خلافية.

(١٣) الآية ١٧٣

(١٤) الآية ١٧٨

(١٥) الآية ٤٥ سورة المائدة

(١٦) الآية ١٨٠

(١٧) مضمون الآية ١١ سورة النساء

(١٨) الآية ١٨٣

(١٩) الآية ١٨٧

(٢٠) الآية ١٨٤

(٢١) الآية ١٨٥

(٢٢) الآية ١٩٠

(٢٣) الآية ١٩٤ ، وكون هذه الآية ناسخة غير ظاهر فان الاعتداء المسموح به فيها جزاء الاعتداء المبدوء به ، وهو ليس اعتداء الا فى التسمية للمشاكلة على ضرب من التجوز ، كما هو معروف.

١٣٦

(وَقاتِلُوا (١) الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) ن (٢) (وَلا تُقاتِلُوهُمْ (٣) عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) م (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ (٤)) ن (فَإِنِ انْتَهَوْا (٥) فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) م بآية (٦) السّيف ن (وَلا (٧) تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) م (بِهِ أَذىً (٨) مِنْ رَأْسِهِ) ن (يَسْئَلُونَكَ (٩) ما ذا يُنْفِقُونَ) م (إِنَّمَا (١٠) الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) ن (يَسْئَلُونَكَ (١١) عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) م (فَاقْتُلُوا (١٢) الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ن (يَسْئَلُونَكَ (١٣) عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) م (١٤) (إِنَّمَا الْخَمْرُ (١٥) وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ن (١٦) (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) م (خُذْ (١٧) مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) ن (وَلا (١٨) تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) (م) (وَالْمُحْصَناتُ (١٩) مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (٢٠) ن (وَبُعُولَتُهُنَ (٢١) أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) (٢٢) م (الطَّلاقُ (٢٣) مَرَّتانِ) وقوله (فَإِنْ (٢٤) طَلَّقَها) ن (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ (٢٥)

__________________

(١) الآية ٣٦ سورة التوبة ، يريد أن هذه الآية أيضا ناسخة لقوله «وَلا تَعْتَدُوا» *.

(٢) ب : «م»

(٣) الآية ١٩١

(٤) تبع فى جعل هذه ناسخة ابن حزم وهذا غير ظاهر فانه بيان لقوله : «حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ». ومن يقول انها منسوخة يجعل الناسخ نحو قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).

(٥) الآية ١٩٢

(٦) هى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فى سورة التوبة.

(٧) الآية ١٩٦

(٨) الآية ١٩٦

(٩) الآية ٢١٥

(١٠) الآية ٦٠ سورة التوبة

(١١) الآية ٢١٧

(١٢) الآية ٥ سورة التوبة

(١٣) زيادة يقتضيها السياق

(١٤) الآية ٢١٩

(١٥) الآية ٩٠ سورة المائدة

(١٦) الآية ٢٦٩

(١٧) الآية ١٠٣ سورة التوبة

(١٨) الآية ٢٢١

(١٩) الآية ٥ سورة المائدة

(٢٠) ب : «م»

(٢١) الآية ٢٢٨

(٢٢) ب : «ن»

(٢٣) الآية ٢٢٩

(٢٤) الآية ٢٣٠

(٢٥) الآية ٢٢٩

١٣٧

تَأْخُذُوا) م (فَإِنْ (١) خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما) ن (وَالْوالِداتُ (٢) يُرْضِعْنَ) م (فَإِنْ (٣) أَرادا فِصالاً) ن (وَصِيَّةً (٤) لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) م (يَتَرَبَّصْنَ (٥) بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ن (لا إِكْراهَ (٦) فِي الدِّينِ) م آية (٧) السّيف ن (وَأَشْهِدُوا (٨) إِذا تَبايَعْتُمْ) م (فَإِنْ (٩) أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) ن (وَإِنْ تُبْدُوا (١٠) ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) م (لا يُكَلِّفُ (١١) اللهُ نَفْساً) وقوله (١٢) (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) ن

المتشابهات :

(الم) تكررت فى ستّ سور فهى من المتشابه لفظا. وذهب كثير من المفسّرين فى قوله : (وَأُخَرُ (١٣) مُتَشابِهاتٌ) إلى أنّها هذه الحروف الّتى فى أوائل السّور ، فهى من المتشابه لفظا ومعنى والموجب لذكره أوّل البقرة هو بعينه الموجب لذكره فى أوائل سائر السّور. وزاد فى الأعراف صادا لما جاء بعده (فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) ولهذا قال بعض المفسّرين : المص : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ). وقيل : معناه : المصوّر. وزاد فى الرعد راء لقوله بعده (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ).

__________________

(١) الآية السابقة والنسخ فى آية واحدة غير مقبول

(٢) الآية ٢٣٣

(٣) الآية السابقة وكذلك قوله هنا : أن النسخ فى آية واحدة غير مقبول

(٤) الآية ٢٤٠

(٥) الآية ٢٣٤

(٦) الآية ٢٥٦

(٧) الآية ٥ سورة التوبة

(٨) الآية ٢٨٢

(٩) الآية ٢٨٣

(١٠) الآية ٢٨٤

(١١) الآية ٢٨٦

(١٢) الآية ١٨٥ سورة البقرة

(١٣) الآية ٧ سورة آل عمران

١٣٨

قوله (سَواءٌ (١) عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) وفى (٢) يس (وَسَواءٌ (٣) عَلَيْهِمْ) بزيادة واو ، لأن ما فى البقرة جملة هى خبر عن اسم إنّ ، وما فى يس جملة عطفت على جملة.

قوله (آمَنَّا (٤) بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ليس فى القرآن غيره [و] تكرار العامل مع حرف العطف لا يكون إلّا للتأكيد ، وهذا حكاية كلام المنافقين وهم أكّدوا كلامهم ، نفيا للريبة ، وإبعادا للتّهمة. فكانوا فى ذلك كما قيل : كاد المريب أن يقول خذونى. فنفى الله عنهم الإيمان بأوكد الألفاظ ، فقال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) ويكثر ذلك مع النفى. وقد (٥) جاء فى القرآن فى موضعين : فى النّساء (وَلا (٦) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، وفى التوبة (قاتِلُوا (٧) الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ).

قوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) (٨) ليس فى القرآن غيره ؛ لأنّ العبادة فى الآية التوحيد ، والتوحيد فى (٩) أول ما يلزم العبد من المعارف. وكان هذا أول خطاب خاطب الله به الناس ، ثم ذكر سائر المعارف ، وبنى عليه (١٠) العبادات فيما بعدها من السور والآيات.

قوله (فَأْتُوا (١١) بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) بزيادة (مِنْ) هنا ، وفى غير هذه السورة بدون (من) لأن (من) للتبعيض ، وهذه السورة سنام القرآن ،

__________________

(١) الآية ٦

(٢) سقط فى أ

(٣) الآية ١٠

(٤) الآية ٨

(٥) سقط فى أ

(٦) الآية ٣٨

(٧) الآية ٢٩

(٨) الآية ٢١

(٩) سقط هذا الحرف فى عبارة الكرمانى. وهو أولى.

(١٠) أ : «عليها»

(١١) الآية ٢٣

١٣٩

وأوّله بعد الفاتحة ، فحسن دخول (من) فيها ، ليعلم أن التحدّى واقع على جميع سور القرآن ، من أوله إلى آخره ، وغيرها من السور لو دخلها (من) لكان التحدى واقعا على بعض السور دون بعض. والهاء فى (مِثْلِهِ) يعود إلى القرآن ، وقيل : يعود إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أى فأتوا بسورة من إنسان مثله. وقيل : إلى الأنداد ، وليس (١) بشيء. وقيل : مثله التوراة ، والهاء يعود إلى القرآن ، والمعنى : فأتوا بسورة من التوراة التى هى مثل القرآن لتعلموا (٢) وفاقهما (٣).

قوله (فَسَجَدُوا (٤) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) ذكر هذه هاهنا جملة ، ثم ذكر (٥) فى سائر السور مفصّلا ، فقال فى الأعراف : (إِلَّا إِبْلِيسَ (٦) لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) وفى الحجر (إِلَّا إِبْلِيسَ (٧) أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) وفى سبحان (إِلَّا إِبْلِيسَ (٨) قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) وفى الكهف (إِلَّا إِبْلِيسَ (٩) كانَ مِنَ الْجِنِّ) وفى طه (إِلَّا إِبْلِيسَ (١٠) أَبى) وفى ص (إِلَّا إِبْلِيسَ (١١) اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ).

قوله (اسْكُنْ (١٢) أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا) بالواو ، وفى الأعراف (فَكُلا) (١٣) بالفاء. اسكن فى الآيتين ليس بأمر بالسّكون الذى ضده الحركة ، وإنما الذى فى لبقرة سكون بمعنى الإقامة ، فلم يصحّ إلا بالواو ؛

__________________

(١) فى الكرمانى : «لأن الأنداد جماعة والهاء للمفرد».

(٢) أ : «ليعلموا».

(٣) ب : «ما فاقهما».

(٤) الآية ٣٤ ،

(٥) كذا ، والمناسب : «ذكرها».

(٦) الآية ١١.

(٧) الآية ٣١.

(٨) الآية ٦١.

(٩) الآية ٥٠.

(١٠) الآية ١١٦.

(١١) الآية ٧٤.

(١٢) الآية ٣٥.

(١٣) فى الآية ١٩.

١٤٠