الهداية في الأصول - ج ٢

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني

الهداية في الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني


المحقق: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣١

وهو لا يشار إلى لفظ «المشار إليه» بما هو لفظ ، بل يشار إلى معناه ، كما أنّ الضمير لا يرجع إلى لفظ المرجع ، بل يرجع إلى ما يراد منه وما بمعناه ، فإذا كان كذلك ، فالضمير الراجع إلى معنى بحسب ظهور الكلام يعيّن ما أريد من مرجعه ، ويكون قرينة عليه ، كما أنّ اسم الإشارة كذلك يشير إلى ما يراد من المشار إليه ويعيّن المراد منه ، مثلا : في مثل «رأيت أسدا وضربته» يكون لفظ «الأسد» ظاهرا في أنّ المراد منه هو الحيوان المفترس بحسب الوضع ، ولفظ «ضربته» ظاهرا في أن المراد من ضميره هو الرّجل الشجاع بحسب الانصراف ، وأنّه هو المراد من مرجعه ، فيقدّم الظهور الثاني ـ وهو ظهور الضمير في اتّحاد ما يراد منه مع ما أريد من مرجعه ـ على الظهور الأوّل ، وهو : ظهور العامّ في العموم ، فنحكم بالتخصيص ، وأنّ المراد الجدّيّ من العامّ هو الخصوص وإن كان ظاهرا في العموم واستعمل فيه.

وليعلم أنّ الحكم بالتخصيص ليس من جهة تقديم أصالة عدم الاستخدام على أصالة العموم حتى يقال : إنّها ليست بحجّة فيما إذا كان المراد معلوما ، بل من جهة أقوائيّة ظهور الضمير في اتّحاد ما يراد منه مع ما يراد من مرجعه على ظهور العامّ في العموم عرفا. هذا كلّه بحسب الكبرى.

أمّا الآية المباركة : فالظاهر أنّها ليست من صغريات تلك الكبرى ، فإنّ الضمير في (بعولتهن) راجع إلى جميع أفراد العامّ ، وإنّما التخصيص بالرجعيّات استفيد من الدليل الخارج ، والكلام فيما إذا كان المراد من الضمير هو الخاصّ بحسب ظهور الكلام وبحسب الإرادة الاستعماليّة ، لا فيما إذا كان المراد من الضمير بحسب الإرادة الاستعماليّة هو العامّ ، وإنّما خصّص المراد الجدّيّ منه ببعض أفراد العامّ ، كما في المقام ، فإنّ (بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)

٣٦١

ظاهر في أنّ بعولة جميع المطلّقات محكومون بحكم الأحقّيّة بالردّ ، ولو لا الأدلّة الخارجيّة الدالّة على أنّه لا رجوع للبائنات ، لكنّا نتمسّك بعمومه ، ونحكم بأنّ كلّ مطلّقة سواء كانت بائنة أو رجعيّة حكمها كذا.

فتلخّص ممّا ذكرنا : أنّ تعقّب العامّ بضمير راجع إلى بعض أفراد العامّ ـ بمقتضى الظهور العرفي الاستعمالي ـ قرينة عرفيّة على إرادة ذلك البعض من العامّ ، ولكنّ الآية المباركة لا تكون من هذا القبيل.

* * *

٣٦٢

فصل :

اختلفوا في جواز تخصيص العامّ بمفهوم المخالفة بعد إطباقهم على جوازه بمفهوم الموافقة. والكلام يقع في مقامين :

الأوّل : في مفهوم الموافق ، ونعني به ما يوافق المنطوق في الإيجاب والسلب ، وبالمخالف ما يخالف المنطوق في ذلك.

فنقول : المفهوم الموافق على قسمين : أحدهما : ما يكون بالأولوية ، كما في (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) والآخر : ما يكون بالمساواة ، كما في «إنّما حرّمت الخمر لا لاسمه بل لإسكاره» فإنّ دلالة حرمة التأفيف على حرمة الضرب والشتم وسائر أنواع الأذى تكون بالطريق الأولى ، ودلالة حرمة الخمر ـ المنصوص علّتها ، أيّ : الإسكار ـ على كلّ مورد وجدت هذه العلّة فيه ـ كالنبيذ ـ تكون بالمساواة.

وليعلم أنّ الدلالة على المفهوم بالأولويّة أو المساواة سواء كانت بالملازمة العقليّة أو العرفيّة إنّما تكون من الدلالات اللفظيّة العرفية ، كما أنّ دلالة الجملة الشرطيّة ـ مثلا ـ على المفهوم المخالف أيضا تكون من الدلالات اللفظيّة العرفيّة ، فالمفهوم مطلقا هو ما يفهمه العرف من اللفظ من جهة الملازمة العقليّة أو العرفيّة بين المنطوق والمفهوم ، فلا وجه لما أفاده شيخنا الأستاذ من أنّ الأولويّة إذا كانت عرفيّة ـ كما في آية «الأفّ» ـ تخرج عن المفهوم ، وتدخل في

__________________

(١) الإسراء : ٢٣.

٣٦٣

المداليل اللفظيّة (١).

وكيف كان ، فلو وقع التعارض بين العامّ وما له المفهوم من الكلام ، فلا بدّ أن ينظر في منطوق هذا المفهوم ، فإن كان بينه وبين العامّ عموم مطلق ، كما في «لا تكرم الفسّاق» وأكرم فسّاق خدام العلماء» الّذي يدلّ بمفهومه على وجوب إكرام عدول خدّام العلماء وهكذا أنفسهم ، فيقدّم المفهوم على العموم ، وذلك من جهة أنّ المفهوم من لوازم المنطوق ومن توابعه ، ولا يعقل أن يتصرّف في المفهوم من دون أن يتصرّف في منطوقه ، ففي الحقيقة يقع التعارض بين المنطوقين ، فلو كان المنطوق أخصّ مطلقا من العموم ، فلأقوائيّته يخصّص العامّ به ، ويحكم بحرمة إكرام الفسّاق إلّا العلماء وخدّامهم ، فإنّهم يجب إكرامهم مطلقا ، سواء كانوا فاسقين أو عادلين بمقتضى دليل «أكرم فسّاق خدّام العلماء».

وإن كان بينهما عموم من وجه كما إذا ورد «لا تكرم الفسّاق» ثمّ ورد «أكرم خدّام العلماء» الّذي يدلّ بمفهومه على وجوب إكرام العلماء بالطريق الأولى ، فلو قدّم العموم على المنطوق في مورد التعارض ، يختصّ وجوب الإكرام ـ الثابت في المنطوق ـ بخصوص العدول من الخدّام ، ولازمه اختصاص وجوب الإكرام ـ الثابت في المفهوم ـ بخصوص العدول من العلماء ، ولو قدّم المنطوق على العموم ، فيعمّ وجوب الإكرام ـ الثابت في المنطوق ـ للفسّاق والعدول من خدّام العلماء ، ويثبت بتبعه وجوب الإكرام للعلماء ـ ولو كانوا فاسقين ـ بالأولويّة القطعيّة.

والحاصل : أنّ المفهوم تابع للمنطوق في السعة والضيق ، فلو قدّم

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ٤٩٨.

٣٦٤

المنطوق على العموم لأخصّيّته أو لوجه آخر وبقي على حاله ولم تضيّق دائرته ، فالمفهوم أيضا يبقى على حاله ، ولو ضيّقت دائرة المنطوق لجهة من الجهات ، فتضيّق دائرة المفهوم أيضا ، ولا يفرّق في ذلك بين أن تكون الدلالة على المفهوم بالأولويّة أو بالمساواة ، كما لا يخفى.

هذا كلّه في المفهوم الموافق ، أمّا المفهوم المخالف : فحاصل ما أفاده في الكفاية (١) أنّه إن كان دلالة العامّ على العموم وما له المفهوم على المفهوم كلاهما بالإطلاق ـ كما هو المختار عنده ـ أو بالوضع ، فلا يكون هناك عموم ولا مفهوم ، لتزاحم الظهورين الإطلاقيّين أو الوضعيّين ، فإن كان أحدهما أقوى ، يؤخذ به ، وإلّا يصير كلّ منهما مجملا مع الاتّصال ، وفي حكم المجمل مع الانفصال ، وانعقاد الظهور لكلّ منهما.

وسكت ـ قدس‌سره ـ عن حكم تعارض العموم والمفهوم إذا كان أحدهما بالوضع والآخر بالإطلاق.

والتحقيق في المقام أن يقال : قد عرفت في بحث المفهوم أنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم وضعيّة ، وأنّه لا ريب في ظهور الجملة ـ لو لم نقل بصراحتها ـ في أنّ القيد راجع إلى الحكم لا المتعلّق والموضوع.

مثلا : لو قال المولى : «لو توضّأت فصلّ» ينفهم منه عرفا بلا ريب ولا ارتياب أنّ التوضّؤ قيد لوجوب الصلاة ، لا أنّه قيد للمتعلّق ، ولو كان قيدا له ، لكان حقّ العبارة أن يقال : صلّ عن وضوء أو عن طهارة.

نعم ، دلالة الجملة على كون القيد منحصرا في المذكور لا تكون بالوضع ، بل تكون بالإطلاق ومقدّمات الحكمة ، وعلى ذلك فإمّا أن تكون

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

٣٦٥

النسبة بين العموم والمفهوم عموما من وجه ، وحينئذ لو كانت دلالة العامّ على العموم بالوضع ـ بأن كان مدخولا للفظ «كلّ» أو جمعا محلّى باللام ـ كما إذا ورد «كلّ ماء جار لا ينجّسه شيء» وورد أيضا ـ كما ورد ـ «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (١) فإنّ مفهومه «إذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء» فحينئذ يقدّم العموم على المفهوم ، إذ دلالة الشرطية على المفهوم وإن كانت بالوضع إلّا أنّ دلالتها على انحصار سبب الاعتصام وعدم انفعال الماء بالكرّيّة وعدم وجود عدل لها تكون بالإطلاق ، فلا يصلح لأن يعارض مع ما يدلّ على وجود عدل لها بالوضع ، فيقيّد المنطوق ، ويكون المتحصّل منه أنّه «إذا كان الماء قدر كرّ أو جاريا لا ينجّسه شيء» ومفهومه أنّه «إذا لم يكن الماء قدر كرّ ولم يكن جاريا فينجّسه شيء».

ولو كانت دلالة العامّ على العموم بالإطلاق ، كما في المفرد المحلّى باللام ، ومثاله «الماء الجاري يطهّر بعضه بعضا» مع مفهوم «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» فيصير العامّ وما له المفهوم مجملا أو في حكمه ، كما أفاده في الكفاية (٢) ، لما أفاده من عدم تماميّة مقدّمات الحكمة في واحد منهما.

أو تكون النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا ، بأن يكون المفهوم ـ مثلا ـ أخصّ مطلقا ممّا يدلّ على العموم ، كما في «خلق الله الماء طهورا لا ينجّسه شيء» (٣) ومفهوم «إذا بلغ الماء» إلى آخره.

وفي هذه الصورة يقدّم المفهوم على العموم مطلقا ، سواء كانت دلالة

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ١٠٧ ، الاستبصار ١ : ٦ ـ ١ ، الوسائل ١ : ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.

(٢) كفاية الأصول : ٢٧٣.

(٣) المعتبر ١ : ٤٠ ، الوسائل ١ : ١٣٥ ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٩.

٣٦٦

العام على العموم بالوضع أو بالإطلاق.

والسرّ في ذلك أنّ الكلام ـ بعد ما انعقد له ظهور في المفهوم وكان أخصّ مطلقا ممّا يدلّ على العموم ـ لا يكون معارضا للعموم ، بل يكون قرينة عرفيّة على عدم استعمال العامّ في العموم أو عدم إرادته منه ولو كانت دلالة ما له المفهوم على المفهوم بالإطلاق وكانت أضعف بمراتب من دلالة العامّ على العموم ، ولذا يكون لفظ «يرمي» في «رأيت أسدا يرمي» ـ مع عدم دلالته على الرمي بالنبل بالوضع بل بالانصراف ـ قرينة على إرادة الرّجل الشجاع من الأسد مع أنّ دلالته على الحيوان المفترس بالوضع. وهذا واضح لا سترة عليه.

* * *

٣٦٧
٣٦٨

فصل

إذا تعقّب الاستثناء جملا متعدّدة ، فلا ريب في رجوعه إلى الأخيرة وأنّه المتيقّن ، وإنّما الكلام في أنّه هل يشترك غير الأخيرة معها في رجوع الاستثناء إليه أو تختصّ الأخيرة بذلك؟ ويقع الكلام في مقامين :

الأوّل : أنّه هل يمكن رجوعه إلى الجميع في مقام الثبوت أو لا يمكن؟ والثاني : أنّه هل هو ظاهر في مقام الإثبات والدلالة في الرجوع إلى الأخيرة فقط أو الجميع ، أو لا يكون ظاهرا في شيء منهما؟

أمّا المقام الأوّل : فالحقّ فيه أنّه لا ينبغي التوهّم في إمكان الرجوع إلى الجميع وإن كان يظهر من صاحب المعالم أنّه محلّ الإشكال ، حيث إنّه ـ قدس‌سره ـ أتعب نفسه الزكيّة ومهّد مقدّمة لإثبات أنّ وضع أداة الاستثناء عامّ والموضوع له فيها خاصّ ، وبيّن فيها أقسام الوضع (١) ، فكأنّه ادّعى مدّع وتوهّم متوهّم استحالة ذلك ، وهو أثبت إمكانه.

ولكن لا حاجة إلى هذه المقدّمة وإن كان أصل الدعوى ـ كما أفاده صاحب الكفاية (٢) ـ دعوى تامّة ، فإنّه لا موجب لتوهّم ذلك إلّا توهّم استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد ، المستحيل بزعمه وإن قلنا بجوازه في محلّه ، إذ لا شكّ في أنّ لفظ «إلّا» مثلا له معنى واحد ، وهو الإخراج ، واستعمل في هذا المعنى الواحد ، والتعدّد في ناحية طرف الإخراج لا نفس الإخراج ،

__________________

(١) المعالم : ٢٩٣ وما بعدها.

(٢) كفاية الأصول : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.

٣٦٩

وكون المخرج عنه والمستثنى ـ المخرج ـ متعدّدا لا يوجب تعدّد الإخراج والاستثناء ، ولذا لا يتوهّم أحد أنّ تعدّد المستثنين يستلزم استعمال لفظ «إلّا» في أكثر من معنى واحد ، فأداة الاستثناء ـ سواء قلنا بأنّ وضعها عامّ والموضوع له فيها خاصّ ، أو قلنا بأنّ الموضوع له فيها أيضا عامّ ، كما هو مختار صاحب الكفاية (١) ـ لا تستعمل إلّا في معنى واحد ، وهو الإخراج.

أمّا المقام الثاني : فالذي ينبغي أن يقال فيه هو : أنّ تعدّد الجمل إمّا من ناحية تعدّد الموضوعات فيها فقط مع اتّحاد محمولاتها ، أو من جهة تعدّد المحمولات فقط مع اتّحاد موضوعاتها ، أو من قبل الموضوعات والمحمولات معا.

فلو كانت الجمل المتعدّدة من قبيل الأوّل أو الثاني ، فتارة يكرّر الموضوع المتّحد في جميعها أو المحمول كذلك ، وأخرى لا ، فإن لم يكرّر سواء تعدّدت الموضوعات أو المحمولات ، فالظاهر رجوع الاستثناء إلى الجميع ، إذ الجمل وإن كانت متعدّدة بحسب الصورة إلّا أنّها في الواقع تكون جملة واحدة.

ففي مثل «أكرم العلماء والأشراف والشيبة (٢) إلّا الفسّاق منهم» الّذي يكون الموضوع [فيه] متعدّدا والمحمول واحدا وإن كان الموضوع في هذه الجمل متعدّدا ظاهرا وبه صارت الجمل متعدّدة إلّا أنّه في الحقيقة واحد ، كأنّه قال : «أكرم هؤلاء المذكورين إلّا الفسّاق منهم» فمقتضى الظهور العرفي رجوع الاستثناء إلى الجميع.

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٥.

(٢) كذا.

٣٧٠

وهكذا في مثل «أكرم العلماء وقلّدهم وأضفهم إلّا الفسّاق منهم» الّذي يكون المحمول فيه متعدّدا وإن كان صورة جمل متعدّدة إلّا أنّه في الواقع جملة واحدة ، كأنّه قال : «العلماء محكومون بهذه الأحكام إلّا الفسّاق منهم» فإنّهم لا يحكمون بهذه الأحكام.

هذا كلّه فيما لم يكرّر ما هو متّحد في جميعها ، وإن كرّر ذلك ، مثل أن قال : «أكرم العلماء والأشراف ، وأكرم الشيبة إلّا الفسّاق منهم» أو قال : «أكرم العلماء وأضفهم ، وقلّد العلماء إلّا الفسّاق منهم» ففي كلا القسمين كان ظاهرا في رجوعه إلى الأخيرة ، بمعنى أنّه ظاهر في رجوعه إلى جملة كرّر فيها الموضوع أو المحمول لو كانت أخيرة ، أو هي وما بعدها لو كان شيء بعدها ، وذلك لأنّ العرف يرون هذه الجملة منقطعة عمّا قبلها لا ربط لها به أصلا ، فتكرار الحكم أو الموضوع مع كونه واحدا قرينة عرفيّة على رجوع الاستثناء إلى هذه الجملة المكرّر فيها الحكم الواحد أو الموضوع الواحد.

والحاصل : أنّ الميزان في ظهور الاستثناء في الرجوع إلى الجميع هو كون الجمل المتعدّدة عند العرف جملة واحدة. وبعبارة أخرى : كونها بحيث لو كان لفظا جامعا دالّا على جميع الموضوعات أو شاملا لجميع المحمولات يعبّر المتكلّم بهذا اللفظ. والميزان في رجوعه إلى الأخيرة أن لا يكون كذلك ، ومع التكرار ينقطع الكلام عمّا قبله بنظر العرف ، فكأنّه تمّ وخلص وأتى بكلام مستأنف ، فيأخذ الاستثناء محلّه ، وهو الجملة الأخيرة ـ لو كانت هي ما كرّر فيها الموضوع أو المحمول أو ما يكون كذلك وما بعده من الجمل المعطوفة عليه ـ وبعد أخذه محلّه لا وجه لرجوعه إلى الجميع ، كما لا يخفى.

بقي الكلام فيما إذا كان تعدّد الجمل بتعدّد موضوعاتها ومحمولاتها معا ،

٣٧١

كما إذا قال : «أكرم العلماء ، وجالس الفقراء ، واحترم الشيبة إلّا الفسّاق منهم» ولعلّه هو محلّ الكلام بين الأعلام.

فنقول : تارة يكون العموم بالوضع ، وأخرى بقرينة الحكمة ، فإن كان بالوضع ، فلا ريب في عدم رجوع الاستثناء إلى الجميع ، بل يرجع إلى الأخيرة ، فإنّه المسلّم والمتيقّن. وأمّا رجوعه إلى غيرها فهو وإن كان ممكنا بحسب مقام الثبوت والواقع إلّا أنّه بحسب مقام الإثبات والدلالة لا وجه له ، فإنّ العامّ ـ بمقتضى تعهّد المتكلّم بأنّه متى أتى بلفظ «العلماء» مثلا أراد منه إسراء الحكم إلى كلّ فرد من أفراد العالم ـ يدلّ على العموم وظاهر فيه ما لم ينصب المتكلّم قرينة ظاهرة بحسب الفهم العرفي على خلافه ، والاستثناء قرينيّته للأخيرة مسلّمة ، وأمّا بالنسبة إلى غيرها فلا ظهور له عرفا في ذلك ، وما لا ظهور له عرفا في كونه قرينة صارفة لظهور الكلام لا يمكن ولا يصلح لأن يتّكل عليه المتكلّم في مقام المحاورة ، فلا يرفع اليد عن ظهور العامّ في العموم.

وبعبارة أخرى : مورد احتفاف الكلام بما يصلح للقرينيّة ، الموجب للإجمال هو ما كان أصل القرينيّة شيئا محرزا ، وكان الشكّ في جهة إجمال القرينة ، كما في المخصّص المجمل المتّصل ، فإنّه يوجب إجمال العامّ ، لكونه قرينة عرفية على عدم إرادة العموم من العامّ ، فهو صالح لأنّ يتّكل عليه المتكلّم ، لا ما كان الشكّ في أصل وجود القرينة ، كما في المقام.

وبهذا يظهر حكم ما كان العموم مستفادا من قرينة الحكمة ، فإنّ الإطلاق باق على حاله بعد تماميّة مقدّمات الحكمة ما لم ينصب المتكلّم قرينة ظاهرة عرفية على الخلاف ، وقد عرفت عدم صلاحية الاستثناء المتعقّب للجمل للقرينيّة ، غاية الأمر أنّ هذا الظهور ممّا كان بالوضع ، فاتّضح أنّ الاستثناء ظاهر في رجوعه إلى الأخيرة بحسب المتفاهم العرفي ، ولا وجه لرجوعه إلى غيرها.

٣٧٢

فصل :

في جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد.

ولا يخفى أنّ هذا البحث بحث أصوليّ محض لا يترتّب عليه ثمرة عمليّة أصلا ، فإنّا إلى الآن لم نر ولم نسمع من أحد ممّن بنى على حجّيّة الخبر الواحد التوقّف في ذلك ، ومع ذلك ينبغي الكلام في بيان ما يدلّ على المرام والجواب عن الشبهات التي أوردت في المقام.

فنقول : إنّ لكلّ من العامّ الكتابي والخاصّ الخبري جهتين : جهة السند ، وجهة الدلالة ، ومن المعلوم أنّه لا معارضة بينهما من جهة الدلالة ، فإنّ المفروض أنّ الخاصّ يكون قرينة على التصرّف في العامّ ، وناظرا إليه من جهة كونه نصّا في مقام الدلالة ، أو تكون دلالته أظهر وأقوى من دلالة الكتاب بحيث لو فرضنا أنّ هذا الخاصّ كان أيضا من الكتاب ، كان مخصّصا له قطعا ، فكما أنّ مثل «لا ربا بين الوالدين» (١) لو كان آية من آيات الكتاب ، لكان مخصّصا ل (حَرَّمَ الرِّبا)(٢) قطعا ، وهكذا «نهى عن بيع الغرر» (٣) لو كان كذلك ، لكان مخصّصا ل (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٤) يقينا ولم يكن تعارض بينهما من جهة الدلالة ، كذلك لا تعارض بينهما لو لم يكن كذلك.

__________________

(١) الفقيه ٣ : ١٧٦ ـ ٧٩٢ ، الوسائل ١٨ : ١٣٦ ، الباب ٧ من أبواب الرّبا ، الحديث ٥.

(٢) البقرة : ٢٧٥.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ٢٥٤ ـ ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ ـ ١٢٣٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ ـ ٢١٩٤ و ٢١٩٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ١٥ ـ ٤٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٣٨.

(٤) البقرة : ٢٧٥.

٣٧٣

وهكذا من الواضح أنّه لا معارضة بين سنديهما أيضا ، بل المعارضة إنّما تكون بين سند الخبر ودلالة الكتاب ، فحينئذ إذا ثبت التعبّد بصدوره وصار بمقتضى أدلّة حجّيّته بمنزلة ما إذا سمعناه من الإمام عليه‌السلام ، ولم يبق مجال للتوقّف في صدوره ، فلا محالة يكون مخصّصا للكتاب وناظرا إليه وقرينة على التصرّف فيه ومقدّما عليه إمّا من جهة الحكومة أو الورود على الكلام ، كتقدّم الأصول اللفظية على الأصول العملية ، ولا يمكن بعد ذلك الأخذ بظهور الكتاب ، فإنّه لا يكون متعرّضا للخاصّ وناظرا إليه ، والبيان الّذي يجري في تقدّم الأصول اللفظيّة على الأصول العمليّة بعينه يجري في المقام وإن لم يكن من ذاك الباب ، فإنّه يقال : إنّ رفع اليد عن العموم من جهة كون الخاصّ قرينة عليه وناظرا إليه ومتعرّضا لحاله لا إشكال فيه.

وأمّا رفع اليد عن الخبر بواسطة الكتاب ـ حيث لم يكن الكتاب كذلك ـ إمّا يكون بلا موجب وبلا جهة ، وإمّا يكون دوريّا لو كان من جهة دلالة الكتاب على العموم.

وذلك لأنّ دلالة الكتاب على العموم متوقّفة على عدم حجّيّة الخبر الواحد ، ضرورة أنّه لو كان حجّة ، لم يكن العامّ الكتابيّ باقيا على عمومه ، وعدم حجّيّة الخاصّ الخبريّ متوقّف على دلالة العامّ الكتابي على العموم ، وهذا دور واضح.

بقي الكلام في الشبهات التي أوردت في المقام ، وهي ثلاث :

الأولى : أنّه لو جاز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، لجاز نسخه به أيضا ، لأنّ النسخ أيضا نوع من التخصيص ، غاية الأمر أنّه تخصيص في الأزمان ، كما أنّ التخصيص المصطلح تخصيص في الأفراد ، والتالي باطل

٣٧٤

بالإجماع ، فالمقدّم مثله.

وجوابها : أنّا نمنع بطلان التالي ، ونلتزم به بشرطين :

أحدهما : أن لا يكون هناك مانع من ذلك ، كقيام الإجماع على عدم جواز النسخ بعد انقطاع الوحي.

والثاني : أن لا يكون الخاصّ الخبريّ ظاهرا في ثبوت الحكم في الشريعة من أوّل الأمر.

وبعبارة أخرى : لم يكن الخبر ظاهرا في أنّ المعصوم عليه‌السلام بيّن الحكم الثابت في الشريعة لا الحكم الثابت في هذا اليوم ولم يكن قبله.

وأمّا لو قام الإجماع على عدم جواز النسخ بعد انقطاع الوحي ، كما ادّعي ، أو كان ظاهر الروايات الواردة عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ـ كما هو الظاهر ـ أنّ ما نطقت به هو الحكم الثابت في الشريعة المقدّسة من أوّل الأمر ، لا أنّه الحكم الّذي كان من هذا اليوم ولم يكن قبله ، فلا يجوز النسخ لمانع في الأوّل ، ولعدم المقتضي له في الثاني ، لأنّ النسخ هو رفع الحكم من حين ، لا من أوّل الأمر.

الثانية : أنّ حجّيّة خبر الواحد حيث إنّ مدركها هو الإجماع وهو دليل لبّي ، فلا بدّ من العمل به بالمقدار المتيقّن ، وهو الخبر الّذي لم يكن العامّ الكتابيّ مخالفا له.

والجواب : أوّلا : بأنّ المدرك غير منحصر به ، بل يأتي إن شاء الله أنّه غير متحقّق ، وعمدة المدرك الأدلّة الأخر من السيرة القطعيّة المتّصلة بزمن المعصومين عليهم‌السلام ، والروايات المتضافرة بل المتواترة الواردة عنهم عليهم‌السلام.

وثانيا : بما ذكرنا في صدر المبحث من أنّ هذا البحث علميّ صرف

٣٧٥

وأصوليّ محض ، إذ لم نر ولم نسمع إلى الآن فيمن يرى حجيّة خبر الواحد أن يتوقّف في ذلك ، ولم يخصّص العامّ الكتابيّ بالخبر الواحد في مقام العمل.

الثالثة ـ وهي العمدة ـ : ورود الروايات الكثيرة الدالّة بألسنتها المختلفة على أنّ «ماخالف كتاب الله باطل» (١) أو «زخرف» (٢) أو «لم نقله» (٣) أو «اضربوه على الجدار» (٤) وأمثال ذلك من التعابير بدعوى أنّ المخالفة بالعموم والخصوص أيضا نحو من المخالفة ، فتشملها هذه الأخبار.

وجوابها : أنّ هذه الأخبار منصرفة إلى المخالفة التي توجب تحيّر الناظر إليها ، ولا تشمل المخالفة بالعموم والخصوص أو الإطلاق والتقييد ممّا يكون أحد المتخالفين قرينة عرفية على التصرّف في الآخر.

والشاهد على ذلك : أنّا نعلم إجمالا علما قطعيّا ـ لا يشوبه شكّ ولا ريب ـ بورود روايات عنهم عليهم‌السلام مخالفة للكتاب بهذا النحو من المخالفة مع أنّ تلك الأخبار آبية عن التخصيص قطعا.

ويشهد على ذلك أيضا : الأخبار العلاجيّة التي وردت في باب تعارض الخبرين الدالّة على وجوب الأخذ بما وافق الكتاب (٥) ، فإنّها صريحة أو

__________________

(١) المحاسن : ٢٢١ ـ ١٢٩.

(٢) الكافي ١ : ٦٩ ـ ٣ و ٤ ، الوسائل ٢٧ : ١١٠ ـ ١١١ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢ و ١٤.

(٣) الكافي ١ : ٦٩ ـ ٥ ، الوسائل ٢٧ : ١١١ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٥.

(٤) لم نجده في مظانّه.

(٥) الكافي ١ : ٦٧ ـ ١٠ و ٦٩ ـ ١ ، و ٢ : ٢٢٢ ـ ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ ـ ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٦ و ١٠٩ ـ ١١٠ و ١١٢ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الأحاديث ١ و ١٠ و ١٨.

٣٧٦

كالصريح في ذلك ، بناء على أنّها وردت لترجيح حجّة على حجّة أخرى ، كما هو المختار وسيأتي إن شاء الله في محلّه ، لا أنّها وردت لتمييز الحجّة عن اللاحجّة ، كما اختاره صاحب الكفاية (١).

وذلك لأنّه في هذه الروايات حكم بوجوب الأخذ بالمشهور بين الأصحاب وأعدلهما وأوثقهما وإن خالف الكتاب ، وجعل وجوب الأخذ بما وافق الكتاب في طول الأخذ بما اشتهر بين الأصحاب ، وبأعدلهما ، فنفس هذه الأخبار تدلّ على وجوب العمل بالخبر المخالف بهذا النحو من المخالفة في صورة المعارضة ، فكيف في غيرها؟

ثمّ إنّ ما احتمله صاحب الكفاية قدس‌سره ـ من أنّها ناظرة إلى أنّهم عليهم‌السلام لا يقولون ما خالف قول الله ، الواقعيّ وإن كان مخالفا لكلامه الظاهريّ وما يكون بين الدفّتين ، نظرا إلى أنّ القول يطلق على الرّأي والاعتقاد ، يقال : قال فلان في كتابه كذا ، أي : رأيه كذا ، ومراده الجدّي من لفظه كذا ، لا أنّه مراده الاستعماليّ (٢) ـ ليس بشيء ، فإنّها وردت في مقام تعيين الميزان في صدق الخبر وكذبه ، لكثرة من يكذب عليهم في ذلك الزمان لأجل أنّ الناس لا يعتقدون بهم عليهم‌السلام ، ومن يفتري عليهم ما يخالف كتاب الله لأجل إسقاطهم عن عيون الناس وحطّ درجتهم عندهم.

وأيضا هو مخالف لصريح بعضها الآمر بعرض الأخبار على الكتاب ، والأخذ بما يوافقه وطرح ما يخالفه (٣) ، وواضح أنّه لا معنى للأمر بطرح ما يخالف قول الله تعالى واقعا ، فإنّه لا طريق إليه إلّا للراسخين في العلم.

__________________

(١) كفاية الأصول : ٥٠٦.

(٢) كفاية الأصول : ٢٧٦.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٠ ـ ٢١ ـ ٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ١١٣ ـ ١١٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١.

٣٧٧
٣٧٨

فصل :

إذا ورد عامّ وخاصّ ، فإمّا أن يكونا متقارنين أو لا ، وعلى الثاني فإمّا أن يكون الخاصّ متقدّما أو متأخّرا ، وعلى التقديرين إمّا أن يكون ورود المتأخّر قبل حضور وقت العمل بالمتقدّم أم لا ، فهذه الصور الخمس بحسب الواقع.

والحقّ في جميع الصور هو الحكم بأنّ الخاصّ مخصّص لا ناسخ ولا منسوخ.

وبعد ما بيّنّا أنّ حكم جميع الصور واحد ولا يختلف باختلافها ، فلا يبقى مجال للتكلّم في صورة الشكّ ، التي لا تخلو في الواقع عن إحداها.

فنقول : أمّا الحكم بالتخصيص والعمل بالخاصّ في صورة التقارن وما يكون ورود العامّ المتأخّر قبل حضور وقت العمل بالخاصّ : فواضح.

وأمّا في صورة كون ورود العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، فيقع الكلام في جهتين :

الأولى : في حجّيّة أصالة العموم وتماميّتها.

والثانية : في أنّه هل يقدّم أصالة عدم النسخ على أصالة العموم على تقدير تماميّتها ويحكم بالتخصيص ، أو يقدّم أصالة العموم ويبنى على العمل بالعامّ؟

وهذا بحث مفيد كثير الفائدة يأتي في جميع العمومات المتأخّرة عن الخصوصات.

فعلى تقدير كون العامّ ناسخا بتقديم أصالة العموم يحكم جميع أفراد

٣٧٩

العامّ ـ التي منها أفراد الخاصّ ـ بحكم العامّ ، مثلا : لو ورد «لا تكرم زيدا العالم» ثمّ ورد بعد ذلك «أكرم كلّ عالم» يحكم على ذلك بكلّ عالم حتى «زيد» بوجوب الإكرام.

والحقّ أن يقال : إنّه على تقدير تماميّة أصالة العموم تقدّم على أصالة عدم النسخ ويحكم بأنّ العامّ ناسخ ، وذلك لأنّ ما يمكن أن يكون مدركا لأصالة عدم النسخ أمور ثلاثة :

الأوّل : الاستصحاب ، وأنّ الحكم الّذي ثبت في زمان لم ينسخ وباق على ما كان ، ومن المعلوم أنّه أصل عمليّ لا تقاوم أصالة العموم على تقدير حجّيّتها ، فإنّها أصل لفظيّ ، ومعها لا يبقى لنا شكّ حتى تصل النوبة إلى الاستصحاب.

الثاني : ظهور دليل الخاصّ في استمرار الحكم ودوامه ، وأنّ مقتضاه بقاء حكم الخاصّ حتى بعد ورود العامّ ، وهو مقدّم على ظهور العامّ في العموم من جهة كثرة التخصيص وقلّة النسخ ولو كان هذا الظهور بالإطلاق وكان ظهور العامّ في العموم بالوضع ، كما أفاده صاحب الكفاية (١) قدس‌سره.

ولا يخفى أنّ نفس الدليل المتكفّل لبيان الحكم لا يعقل أن يكون متعرّضا لبيان استمرار الحكم وعدمه ، وأنّ الجعل مستمرّ أو غير مستمرّ فضلا عن أن يكون ظاهرا فيه ، فإنّ الحكم لا بدّ أن يلحظ أوّلا ويجعل ، ثمّ بعد ذلك يحكم بأنّه مستمرّ أو غير مستمرّ ، إذ الحكم موضوع للحكم بالاستمرار فلا يعقل أن يلاحظ استمراره في رتبة لحاظ نفسه ، فلا بدّ من التماس دليل آخر دالّ على ذلك.

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٧٧.

٣٨٠