الهداية في الأصول - ج ٢

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني

الهداية في الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني


المحقق: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣١

ولا فصل ، لضعف الأوّل وقوّة الثاني.

ثمّ سلّمنا جميع ذلك ، لكن لا مجال لبقاء الجواز المطلق ، بل الباقي الجنس القريب ، وهو الرجحان في الفعل الّذي هو في طول الوجوب ، ولا يستحيل وجود فصول طوليّة ، لأنّ النموّ فصل للشجر في طول الحيوان. نعم ، الفصول العرضيّة لا يمكن وجودها في شيء واحد.

فتحقّق من جميع ذلك أنّه لا معنى لبقاء الجواز ، ولا يدلّ عليه دليل المنسوخ ولا دليل الناسخ.

وأمّا المقام الثاني : فلا مجال للاستصحاب في المقام ، لأنّه يكون من قبيل استصحاب القسم الثالث من الكلّيّ ، وهو ما إذا شككنا في وجود فرد آخر بعد زوال الفرد المتيقّن ، وقد تقرّر في مقرّه أنّ الاستصحاب لا يجري في مثل ذلك.

وأفاد صاحب الكفاية ـ قدس‌سره ـ في المقام أنّه من قبيل القسم الثاني من الاستصحاب الكلّيّ ، نظير البياض الشديد والضعيف ، بدعوى أنّ الوجوب والاستحباب مرتبتان من المحبوبيّة مختلفتان في الشدّة والضعف ، كما في البياض الشديد والضعيف.

وأجاب عنه بأنّه وإن كان كذلك إلّا أنّ العرف لا يرى بينهما إلّا التضادّ والتباين(١).

ولكن لا يخفى أنّ ما أفاده أيضا غير تامّ ، فإنّ الوجوب والاستحباب ليسا من قبيل البياض الشديد والضعيف ، بل هما أمران اعتباريّان متضادّان عقلا وعرفا.

* * *

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٧٣.

١٨١
١٨٢

فصل :

في تصوير الواجب التخييري بعد القطع بتحقّقه شرعا وعرفا.

وحاصل الإشكال في الواجب التخييري أنّ التخييري مناف للوجوب ، لأنّه من آثار الاستحباب وأنّ الإرادة من الأمور القائمة بالنفس ، ولا يمكن تعلّقها بالمبهم.

وقد تفصّي عن هذه العويصة بوجوه :

منها : أنّ كلّا من الأمرين أو الأمور واجب إلّا أنّ الوجوب فيه يكون على نحو بامتثال أحدهما يسقط الآخر عن الوجوب.

وفيه : أنّ سقوط الأمر لا بدّ وأن يكون إمّا من جهة العصيان أو الإطاعة أو انتفاء الموضوع ، وإلّا فلا معنى لسقوط الأمر ، وفي المقام ليس أحد من المسقطات موجودا.

الوجه الثاني : أنّ الواجب هو الواحد المعيّن عند الله الّذي يعلم أنّ المكلّف يأتي به.

وفيه : أنّ هذا ـ مع مخالفته لما أجمع عليه من اشتراك المكلّفين في الأحكام ، ولازم ذلك أن لا يكونوا كذلك في خصال الكفّارات بأن يكون كلّ مكلّفا بغير ما كلّف به الآخر ، مع أنّ خصال الكفّارات واجبات مشترك فيها جميع المكلّفين ـ مخالف لظواهر الأدلّة ، إذ مقتضاها توجّه الخطاب بالواجبات التخييريّة نحو جميع المكلّفين على حدّ سواء.

وهنا وجهان آخران أفادهما صاحب الكفاية قدس‌سره :

١٨٣

الأوّل : أنّه حيث لا يكون في المقام إلّا مصلحة واحدة باعثة للمولى على البعث إلى أحد الشيئين أو الأشياء ، لقيامها بكلّ واحد منهما أو منها ، ووفاء كلّ واحد بذلك الغرض ، وحيث إنّ الواحد بما هو واحد لا يمكن صدور المتعدّد منه ، لما حقّق في محلّه من أنّ «الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد» فحينئذ لا بدّ من القول بأنّ الواجب هو الجامع بين هذه الأمور ، وهو الّذي يقوم به المصلحة والغرض ، وهذه الأمور تكون أفرادا لذلك الجامع ، فالتخيير تخيير عقليّ واقعيّ لا شرعيّ (١).

وفيه : أوّلا : قد مرّ مرارا أنّ نسبة متعلّقات التكاليف إلى المصالح والمفاسد ليست نسبة العلل التامّة البسيطة إلى معاليلها ، فليست الصلاة ـ مثلا ـ علّة للانتهاء عن الفحشاء وأمثال ذلك ، بل نسبتها إلى المصالح نسبة العلل المعدّة إلى معلولها.

وثانيا : ليس بين أفعال واجب واحد من هذه الأمور جامع فيما إذا كان أحد أفراد التخيير هو الصلاة مثلا ، حيث إنّ أجزاءها من مقولات مختلفة بعضها من الكيف المسموع والبعض الآخر من مقولة الوضع وهكذا ، ولا ريب في أنّه لا جامع ذاتيّ بين المقولات ، ففي بعض أفراد الواجب التخييري لا يتصوّر الجامع بين أفعال واجب واحد منها فكيف يتصوّر بين جميع الأفراد!؟

مضافا إلى أنّ قاعدة «لا يصدر من الواحد إلّا الواحد» مختصّة بالواحد البسيط الشخصيّ ، لا الواحد النوعيّ ، والأغراض والمصالح من قبيل الثاني لا الأوّل.

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٧٤.

١٨٤

مثلا : إذا أراد المولى إيجاد الحرارة ، فالحرارة حيث إنّها واحدة نوعيّة يمكن قيامها بالنار أو بالحركة أو بالقوّة الكهربائيّة أو بإكثار اللباس ، فإذا أمر المولى بأحد هذه الأمور لغرض حصول الحرارة ، فليس أمره بأمر جامع بين هذه الأمور المشتركة في صدور الحرارة من كلّ منها ، بل غرض المولى قائم بكلّ واحد منها باستقلاله.

وثالثا : سلّمنا جميع ذلك لكن لا نسلّم أن يكون الواجب في المقام هو الجامع ، حيث إنّ الّذي يوجبه المولى ويأمر به لا بدّ وأن يكون ممّا يمكن إلقاؤه إلى المكلّفين بنفسه وممّا يفهمه العرف ، كما في الصلاة الجامعة بين الأفراد الطوليّة والعرضية ، والجامع في المقام ليس كذلك ، ولا يمكن الإشارة إليه إلّا بالأثر والخاصّة ، فكيف توجيه التكليف والخطاب إلى المكلّف بإتيان مثل هذا الجامع!؟

الوجه الثاني : أن يقال : إنّ في المقام مصلحتين مختلفتين كلّ واحدة منهما بفعل من الفعلين ، ولكن إذا أتى المكلّف بأحدهما واستوفى إحدى المصلحتين ، لا يبقى مجال لاستيفاء الأخرى ، فيكون المكلّف معاقبا بترك الجميع ، وممتثلا بفعل الواحد ، ومرجع هذا الوجه إلى جعل كلّ واحد منهما واجبا مشروطا. بعدم إتيان الآخر (١).

وفيه أوّلا : أنّ هذا المعنى ممّا لا يساعد عليه العرف في الواجبات التخييريّة العرفيّة العقلائيّة ، بل ليس عندهم في هذه الموارد إلّا غرض واحد قائم بكلّ واحد من الفعلين.

وثانيا : أنّ الغرضين حيث إنّهما ـ على الفرض ـ ملزمين ، ولا يكون

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٧٤.

١٨٥

بينهما تزاحم خطابيّ فلا بدّ للمولى من الأمر بكليهما.

وثالثا (١) : أنّ المكلّف لو أتى بكليهما معا ، فإمّا أن يقال : إنّه لم يتحقّق الامتثال ولم يسقط واحد من الأمرين ، بل كلاهما باقيان ، وذلك خلاف الوجدان ، لأنّه كيف يمكن أن يكون الإتيان بالواحد موجبا لسقوط أمره أمّا لو انضمّ إليه الآخر لا يسقط أمره!؟ وإمّا أن يقال بسقوط أحد الخطابين دون الآخر ، وذلك ترجيح بلا مرجّح ، وإمّا أن يقال بسقوط كليهما ، ولازمه إيجاب كلا الأمرين ، لما تقدّم في الوجه السابق.

ورابعا (٢) : لو سلّمنا جميع ذلك وأغمضنا النّظر عن كلّها ، لكن لازم هذا

__________________

(١) أقول : لو قلنا باشتراط أحدهما بعدم الآخر ، لكان يلزم ما في المتن من عدم تحقّق الامتثال عند الإتيان بالأطراف معا ، ولكن ليس في كلام صاحب الكفاية رحمه‌الله من هذا الاشتراط أيّ أثر ، بل قال : «كان كلّ واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته» [كفاية الأصول : ١٧٤] وليس معنى قوله : «بنحو من الوجوب» هو الاشتراط المذكور ، بل المراد أنّ هذا الوجوب وجوب له هذه الآثار ، فهذا التفسير لكلامه ، وإرجاع الوجوب التخييري إلى وجوبات تعيينيّة مشروطة ، تفسير لا يرضاه صاحب الكلام.

وبعبارة أخرى : إنّ قول الشارع : «افعل هذا أو هذا» ليس على نحو المنفصلة الحقيقية حتى يكون الجامع بين الكلّ في زمان واحد غير ممتثل ، بل على نحو مانعة الخلوّ ، فنفس الإتيان بهما معا أيضا من الأبدال ، ففي المثال يحصل الامتثال بإتيان أحدهما وحده وبالجمع بينهما ، فالآتي بهما معا آت بأحد الأبدال. وهذا المقدار كاف في مقام تصوير الواجب التخييري ، فإنّ المهمّ هو إثبات الإمكان دون الوقوع والإثبات.

نعم ، هذا التصوير خلاف ظاهر الدليل اللفظي ، مثل قوله : «افعل هذا أو هذا» إذا قلنا : إنّه بنحو المنفصلة الحقيقية ، وإلّا فليس خلافا لظاهر الدليل أيضا. (م).

(٢) استحقاق تعدّد العقاب عند ترك الجميع أيضا مترتّب على اشتراط كلّ واحد بعدم الآخر ، فإنّه يرجع الواجب التخييري ـ كما مرّ ـ إلى الواجب التعييني المشروط بعدد الأطراف. وعند ترك الجميع تركت واجبات تعيينيّة ، فيستحقّ العقابين أو أكثر ، ولكن قلنا : إنّ تفسير كلامه بالاشتراط المذكورة خطأ ، هذا أوّلا.

١٨٦

القول أن يكون الواجب مشروطا في كليهما بعدم الإتيان بالآخر ، لتزاحم الملاكين ، ويكون من متفرّعات الترتّب ، فلا بدّ للقائل من الالتزام بعقابين عند ترك الجميع ، والالتزام بعقابين وإن كان صحيحا في مسألة الترتّب ـ لأنّه هناك خطابان غير متزاحمين في الملاك ، وإنّما التزاحم يكون في ناحية الخطاب ـ لكنّه في المقام غير معقول ، حيث إنّ التزاحم إنّما يكون في الملاك لا في نفس الخطابين ، فلا يكون في البين إلّا ملاك واحد ، فتصوير العقابين مشكل ، مع أنّه ـ قدس‌سره ـ لا يقول بالترتّب.

هذا كلّه فيما أفاده صاحب الكفاية ـ قدس‌سره ـ مع ما أوردناه عليه.

بقي وجه آخر قيل لتصوير الوجوب التخييري ، وهو أنّه يمكن فرض غرضين قائمين بالفعلين المخيّر فيهما إلّا أنّ مصلحة التسهيل والإرفاق أوجبت سقوط التكليف بتحصيل إحدى المصلحتين عند تحصيل الأخرى.

وفيه : أنّ سقوط أحد الخطابين إمّا أن يكون قبل الإتيان بالآخر أو بعده ، فإن كان قبله ، فلا وجه لإتيانه ، ويكون نفس الخطاب لغوا وعبثا ، وإن كان بعد الإتيان بالآخر ، فلا وجه لإسقاطه ، لأنّ مصلحة التسهيل إنّما هي لعنوان ثانويّ ، مثل الضرر والحرج وأمثال ذلك ، وأمّا مع عدم أحد هذه العناوين فلا وجه لها ولا معنى للتسهيل ، إذ معنى التكليف هو إيقاع المكلّف في الكلفة ، ولازم ذلك أن تكون مصلحة التسهيل مجوّزة ومقتضية لرفع جميع التكاليف ، مضافا إلى أنّ

__________________

وثانيا : لو سلّم الاشتراط وتحقّق التكليفين الفعليّين وكذا استحقاق العقابين ، لا نسلّم استحقاق العقابين هنا ، فإنّ استحقاق العقاب تابع لتفويت الملاك الّذي هو روح الحكم ولبّه ، والمفروض هنا هو تفويت ملاك واحد مقدور ، للتضادّ بين الملاكين.

وبعبارة أخرى : إنّه يستحقّ العقاب على تفويت ما هو قادر على تحصيله ، وما هو قادر على تحصيله ملاك واحد ، فإنّ الجمع بين الملاكين غير ممكن على الفرض. (م).

١٨٧

الرجوع إلى العرف كاف في إنكار هذا المعنى للواجب التخييريّ.

والتحقيق في المقام وكشف القناع عن وجه حقيقة المرام يحتاج إلى رسم مقدّمتين.

الأولى : أنّه كما يمكن تعلّق الشوق والإرادة والكراهة والعلم وغيرها من الصفات النفسانيّة بجامع ذاتيّ بين أفراد مختلفة ـ كما إذا علمنا أنّ في الدار إنسانا ولكن لا ندري أنّه زيد أو عمرو ، وكما إذا اشتاق الإنسان أو أراد شرب ماء من المياه الموجودة من غير دخل للخصوصيّات ـ كذلك يمكن تعلّق الصفات النفسانيّة بالجامع العرضيّ الانتزاعيّ ، كعنوان «أحد الأمرين» فإنّ هذا المفهوم من المفاهيم التي يمكن تعلّق العلم بها ، ومطابقه كلّ واحد من الفردين حيث يصدق على كلّ واحد أنّه أحد الأمرين.

ونظير ذلك : العلم الإجماليّ ، فإنّه يتعلّق بهذا العنوان ، كما إذا علم بنجاسة أحد الكأسين ، فإنّ العلم تعلّق بهذا العنوان ، والمعلوم يكون أحد المصاديق لا بعينه.

لا يقال : إنّ المصداق معيّن ولو في علم الله ، لأنّا نفرض فيما إذا علم بنجاسة أحدهما ، وبعد ذلك انكشف نجاسة كليهما ، فمتعلّق العلم غير معيّن ولو في علم الله.

المقدّمة الثانية : أنّ متعلّق الوجوب ليس إلّا ما يقوم به المصلحة الإلزاميّة وما يكون الغرض قائما به ، ومن المسلّم أنّ الغرض إن كان شيئا واحدا وسنخا فاردا ، كان يمكن قيامه بهذا كما يمكن قيامه بذاك ، وهذا كما إذا كان المولى عطشان ، فرفع عطش المولى الّذي هو الغرض الأصلي كما يقوم بالماء كذلك يقوم بشيء آخر من المائعات الرافعة للعطش ، فحينئذ ليس لأحد الشيئين

١٨٨

والمائعين خصوصيّة في نظر المولى ، فلذا يجعل عنوان أحد المائعين مرآة لما يقوم به مصلحة رفع العطش ، فيقول : جئني بأحد هذين المائعين.

وتوضيح أصل المطلب وتقريب المقدّمتين يمكن ببيان آخر أوفى.

فنقول : إنّ ما هو المعروف في بيان معنى العلم الإجماليّ من أنّه ينحلّ إلى علم تفصيليّ بالجامع وشكّ في الخصوصيّة ـ مثلا إذا علم بنجاسة أحد الكأسين ، فالعلم التفصيليّ بالنجاسة موجود ، ولكن خصوصيّة وجوده في هذا الكأس أو ذاك مشكوك فيه ـ منظور فيه ، بل هو بمعزل عن التحقيق.

والحقّ أنّه في مورد العلم الإجماليّ كما أنّه يعلم بالجامع ويكون الجامع معلوما تفصيلا يكون هناك علم آخر تفصيليّ ، وهو وجود ذاك الجامع في أحدهما ، فإذا علم إجمالا بوجوب صلاة عليه أو بنجاسة موجودة ، فكما أنّه يعلم بوجوب الجامع كذلك يعلم بوجوب إحدى الصلاتين أو نجاسة أحد الكأسين ، فالعلم متعلّق بجامع عنوانيّ ، وهو عنوان «أحدهما».

وتوهّم أنّ مقوّم العلم ليس عنوان أحدهما فانيا في معنونه ، بل العلم متعلّق بفرد خاصّ مشتبه عند العالم بإحدى الخصوصيّتين ، وإلّا فمعلومه معيّن في الواقع وفي نفس الأمر ، مدفوع بالنقض بما إذا علم إجمالا بالنجاسة وانكشف كون الكأسين كليهما نجسين.

وبالجملة ، في جميع موارد العلم الإجماليّ يكون المعلوم هو عنوان «أحدهما» فانيا في معنونه ، ولا تعيّن للمعلوم ولو في ظرف الواقع.

وهذا الّذي ذكرناه أمر وجدانيّ يتّضح لمن راجع وجدانه ، فإنّه يجد من نفسه أنّ العالم بالعلم الإجمالي ليس معلومه منحصرا في ذاك الجامع الذاتي فقط ، بل يكون وراء ذلك الجامع جامع آخر عنواني ، ولذا لو علم بوجوب

١٨٩

صلاة عليه إمّا الظهر أو الجمعة فكما يعلم تفصيلا بوجوب صلاة عليه يعلم بوجوده في ضمن إحدى الخصوصيّتين ، ويعلم أنّ مطلق الصلاة في أيّ خصوصيّة وجدت ليست بواجبة عليه ، وهذا واضح لا سترة عليه.

هذا ما يرجع إلى توضيح المقدّمة الأولى.

وأمّا توضيح المقدّمة الثانية فنقول : إنّ البعث والطلب والوجوب لا يمكن تعلّقها بالموجود الخارجيّ ، وإلّا يلزم الانقلاب ، لأنّ الوجوب يكون من سنخ الأمور النفسانيّة ، فيلزم إمّا أن تكون الصلاة ـ مثلا ـ من الأمور الذهنيّة أو يكون الوجوب من الأمور والأعيان الخارجيّة ، بل يتعلّق البعث والاعتبار بالمفهوم المنتزع عن الخارج ، وهذا مسلّم في جميع أنحاء التكاليف ـ نفسيّة كانت أو غيريّة ، تعيينيّة أو تخييريّة ـ وهذا غير منحصر في الإنشاءات ، بل الإخبارات أيضا لا تتعلّق إلّا بالمفاهيم المنتزعة عن الخارجيّات. نعم ، هذا المفهوم المنتزع ليس له موضوعيّة ، بل يكون متعلّقا للأمر بما هو فان ومرآة للخارج.

ثمّ إنّ من المعلوم أنّ التصوّر والبعث إنّما يقعان على ما فيه المصلحة ، وحيث إنّ المصلحة في الواجب التخييريّ تقوم بكلّ واحد من الأمرين ، بمعنى أنّه ليس في المقام إلّا غرض واحد يقوم به كلّ واحد من الأمرين ، وليس لخصوصيّة كلّ منهما دخل في حصول المصلحة ، بل كما تقوم المصلحة بالصوم تقوم بالعتق عين تلك المصلحة ، فالمصلحة قائمة بجامع هو عنوان «أحدهما» يبعث المولى نحوه مفنيا هذا الجامع في معنونه الّذي هو كلّ واحد منهما ، فلو أتى المكلّف بأحدهما ، تحصل تلك المصلحة ، ولو أتى بهما جميعا ، يكون كلاهما محصّلا للمصلحة ، لأنّ المصلحة لم تكن بشرط لا ،

١٩٠

بل كانت مطلقة ، نظير التخيير العقليّ ، فإذا قال المولى : «أعط الفقير درهما» فكما يمتثل أمره بإعطاء درهم واحد كذلك يمتثل بإعطاء خمسة دراهم دفعة واحدة.

ثمّ لا يخفى أنّ الوجوب حيث كان منبعثا عن شدّة إرادة المولى واشتياقه إلى شيء ، الملازمة للمنع من الترك ، فحينئذ لا يمكن تصوّر التخيير بين الأقلّ والأكثر ، إذ معنى الاكتفاء بالأقلّ هو جواز ترك الأكثر ، ومعنى وجوب الأكثر المنع من تركه ، وكون الشيء مرخّصا في تركه وممنوعا عن تركه واضح الفساد ، فلا بدّ من بيان صور المسألة وأقسامها وتمييز الممكن عن الممتنع ، وأنّه في أيّ منها يكون هذا المحذور.

فنقول : إنّ الأقسام أربعة :

الأوّل : أن يكون كلّ من الأقلّ والأكثر مقيّدا بأمر وجودي ، نظير التخيير في الأماكن الأربعة ، فإنّ المكلّف مخيّر بين القصر فيها والإتمام ، وكلّ منهما مقيّد بأمر وجوديّ ، وهو السلام في الركعة الثانية أو الرابعة.

وهذا القسم في الحقيقة خارج عن التخيير بين الأقلّ والأكثر ، بل يكون تخييرا بين المتباينين ، إذ لكلّ منهما حدّ غير حدّ الآخر.

الثاني : أن يكون الأقلّ محدودا بأمر عدميّ والأكثر أيضا محدودا به أو بعدم النقصان عنه ، وذلك نظر التسبيحات الأربع [ثلاث مرّات] فإنّ المكلّف مخيّر بين أن يأتي بإحداها بشرط لا ـ أي بشرط عدم الزيادة بعدها ـ أو يأتي بالثلاث مقيّدة بعدم الزيادة أو عدم النقصان عنها.

وهذا أيضا لا محذور فيه ، فإنّه إن اقتصر بالأقلّ فهو ، وإلّا فعليه أن يأتي بالأكثر.

١٩١

وتوهّم أنّه بعد إتيان الأقلّ يسقط الواجب فلا مجال للإتيان بالأكثر ، مدفوع بما قلنا من أنّه أخذ بشرط لا ، ومعنى بشرط لا أن لا تلحقه تسبيحة أخرى ، فلو أتى بشيء من التسبيحة بعد الأولى فلا يسقط الواجب حتّى يتمّمه ويأتي بالثلاث.

وهذا القسم أيضا ـ كسابقه ـ خارج عن التخيير بين الأقلّ والأكثر ، بل هو من قبيل التخيير بين المتباينين ، ولكن مع ذلك لا مصداق له في الفقه ، إذ التسبيحات الأربع أو تسبيحة الركوع من قبيل القسم الرابع على ما سيجيء من أنّ الأولى منها واجبة والباقيتان مستحبّتان على ما يظهر من الروايات.

الثالث : أن يكون الواجب هو الطبيعيّ لكن هذا الطبيعيّ له فردان : طويل ، وقصير ، كالخطّ فإنّ المأمور ما دام مشتغلا برسم الخطّ لا يصدق على ما أتى به عنوان الفرديّة ، فحينئذ تارة يوجده في ضمن ذراع وأخرى في ضمن ذراعين بلا تخلّل عدم في البين.

وهذا أيضا خارج عن التخيير بين الأقلّ والأكثر ، ولا مصداق له في الفقه.

الرابع : أن يكون الأقلّ واجبا بلا حدّ وجوديّ أو عدميّ ، والأكثر أيضا كذلك.

والصحيح أنّ التخيير فيه غير معقول ، إذ بعد وجود الأقلّ يسقط الواجب ، إذ المفروض عدم محدوديّته بحدّ ، فلا مجال للأكثر.

وهذا القسم هو من قبيل التخيير بين الأقلّ والأكثر ، وقد مثّلوا له بالتسبيحات الأربع. وقد عرفت ما فيه ، وأنّ الزائد على الأقلّ مستحبّ لا واجب.

* * *

١٩٢

فصل :

في حقيقة الواجب الكفائيّ.

الوجوب الكفائيّ : سنخ وجوب يسقط عن جميع المكلّفين بفعل بعضهم ، ويجب على جميعهم ما لم يأت به أحد في الخارج ، فلو تركه كلّهم فالجميع معاقبون ولو فعل الجميع فكلّهم مأجورون.

وهذا كلّه ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الإشكال في تصويره وبيان أنّه من المكلّف والمخاطب بالخطاب مع أنّه ليس في البين إلّا غرض واحد يحصل بفعل أحد المكلّفين؟

فربما يقال : إنّ حقيقة الواجب الكفائيّ ترجع إلى واجبات مشروطة ، فيجب على كلّ مكلّف الصلاة على الميّت إذا ترك سائر المكلّفين ، فهي واجبة على كلّ مكلّف مشروطة بعدم إتيان غيره من سائر المكلّفين ، سواء كان الترك عن عمد وعصيان أو عن جهل أو نسيان.

وأورد عليه : بأنّه بعد ما كان الإيجاب تابعا للمصلحة على مسلك العدليّة وليس هناك إلّا غرض واحد لا أغراض متعدّدة ، وإلّا لكان الواجب عينيّا ، فلا يمكن أن يكون هناك وجوبان ولو مشروطان ، إذ ليس له إلّا علّة واحدة ومصلحة واحدة.

ودفع الإشكال بأنّه لو كان بهذا المقدار ، فهو سهل ، إذ حقيقة الواجبين المشروطين راجعة إلى واجب واحد على كلّ تقدير لا طلب الشيئين ، حيث إنّه من قبيل الترتّب من الطرفين ، وقد عرفت أنّه ليس فيه طلب الجمع أصلا ،

١٩٣

وقضيّة وحدة الغرض وحصوله بفعل كلّ مكلّف عند ترك الباقي توجب الالتزام بأنّ هناك وجوبات متعدّدة كلّ منها مشروط بعدم امتثال الباقي عصيانا أو نسيانا أو غير ذلك ، فهو عين الترتّب من الأطراف وقد أثبتنا إمكانه وأنّه لا يكون فيه طلب الجمع بين الضدّين ، فلا محذور فيه لو لا الإشكال الآخر في البين ، وهو أنّه ما المراد من قولكم : ترك سائر المكلّفين شرط لفعليّة الخطاب لكلّ مكلّف؟ هل المراد أنّ الشرط هو الترك في جميع الأوقات أو في الجملة وفي وقت ما؟ فإن كان الأوّل ، يلزم أن لا يحصل الامتثال لو أتى به الكلّ في زمان واحد وأن لا يكون الخطاب فعليّا في حقّ أحد ، لعدم حصول الشرط بالنسبة إلى كلّ واحد منهم. وهذا بديهيّ الفساد.

وإن كان الثاني ، يلزم أن يكون كلّ واحد مكلّفا بالفعل ، لحصول الشرط في حقّ الجميع ، إذ ما من مكلّف إلّا وقد يترك هذا الفعل آناً ما ووقتا ما ، وهذا خلاف الفرض وضرورة الفقه ، مع كونه غير معقول في بعض الموارد ، كما إذا كان متعلّق الوجوب غير قابل للتعدّد ، نظير إنقاذ غريق واحد ، حيث لا يعقل الإنقاذان بالنسبة إلى غريق واحد.

فالحقّ في المقام أن يقال : كما أنّه قد يكون المطلوب صرف الوجود في الواجبات العينيّة ، بمعنى أنّ خصوصيّات الأفراد الطوليّة والعرضيّة غير دخيلة في المطلوب ، والمصلحة قائمة بصرف وجود الطبيعة ـ كما في وجوب الإكرام المتعلّق بطبيعيّ العالم من دون اعتبار قيد من القيود وخصوصيّة من الخصوصيّات ، فأيّ عالم أكرم في العالم يحصل الامتثال ـ كذلك ربما يكون المخاطب بالخطاب صرف طبيعة المكلّف بلا اعتبار خصوصيّة شخص خاصّ وفرد مخصوص ، لكونها غير دخيلة في المطلوب ، بل صرف وجود الفعل

١٩٤

وصدوره من أيّ مكلّف يكون محصّلا للغرض ، فلو أتى به جميع المكلّفين يحصل الامتثال من الجميع ويوجد الغرض ، فيكون كلّهم مأجورين ، ولو أتى به بعضهم ، يسقط عن الباقي ، بمعنى أنّه لا يجب عليهم ـ كان الإتيان ممكنا للباقي بعد ذلك ، كالصلاة على الجنازة ، أو لم يكن ، كإنقاذ الغريق ـ لحصول الغرض بإتيان البعض ، ولو تركه الجميع ، لعوقبوا جميعا ، حيث إنّ كلّا منهم كان يمكنه تحصيل غرض المولى ، الّذي كانوا مأمورين بتحصيله ، فإنّ كلّا منهم مصداق لطبيعيّ المكلّف الّذي تعلّق به الأمر ، وكلّ فوّت غرض مولاه وخالفه ، فالجميع مستحقّون للعقاب.

* * *

١٩٥
١٩٦

فصل :

في تقسيمات الواجب باعتبار الزمان.

الواجب وإن استلزم زمانا يقع فيه لكنّه تارة يكون مقيّدا بالزمان وأخرى لا ، والثاني : إمّا أن يكون فوريّا أو لا ، والأوّل : إمّا أن يكون الوقت المضروب له مساويا له أو أوسع ، ولا يمكن كونه أضيق ، فإنّه تكليف بما لا يطاق.

وجميع الأقسام الأربعة الممكنة واقعة في الشريعة ، ولا مانع من وقوعها.

وربما يستشكل فيما قيّد بوقت مساو له أو أزيد.

أمّا الأوّل : فأورد عليه بما أورد في بحث الترتّب من أنّ الانبعاث لا بدّ وأن يكون متأخّرا عن البعث زمانا ، فلو كان الوقت المضروب للواجب مساويا للفعل فحيث كان البعث الفعليّ في أوّل الوقت ويتأخّر عنه الانبعاث زمانا ولو آناً ما ، فيقع بعض الواجب خارجا عن الوقت.

وقد مرّ جوابه ، وذكرنا أنّ زمان البعث والانبعاث واحد ، والتقدّم والتأخّر رتبيّ لا زمانيّ.

وأمّا الثاني : فبأنّ الواجب ما لا يجوز تركه ، والموسّع محكوم بجواز الترك في جميع آنات وقته ، فكيف يكون واجبا!؟

وبعد ما عرفت حقيقة الواجب التخييريّ وإمكانه يندفع هذا الإشكال من أصله ، إذ حال الأفراد الطوليّة في المقام كحال الأفراد العرضيّة في الواجب التخييريّ إن كان التخيير شرعيّا ، وإن كان عقليّا ، فحاله حال جميع الطبائع

١٩٧

المطلوبة بصرف وجودها لا بجميع أفرادها.

وبالجملة ، طبيعة الصلاة مطلوبة بصرف وجودها في هذا الظرف من الزمان ، لا أنّها مطلوبة بجميع أفرادها ، والواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل ، لا ما لا يجوز تركه مطلقا ولو إلى بدل ، فيجوز ترك كلّ فرد وإتيان فرد آخر.

ومن هنا لو اطمأنّ بعجزه عن إتيان سائر الأفراد غير الإتيان في أوّل الوقت ـ مثلا ـ لا يجوز تركه ، بل عليه الإتيان بالفرد المقدور ، ولو تركه ولم يقدر بعد ، استحقّ العقوبة ، ولو انكشف خلاف ما كان معتقدا وتمكّن من الإتيان بعدا ، لكان تركه في أوّل الوقت تجرّيا ، كما أنّ الأفراد العرضيّة لا يجوز ترك بعضها لو اطمأنّ بعدم التمكّن من الأفراد الأخر ، فلا يجوز ترك الصلاة في الدار إذا لم يتمكّن من الإتيان بها في غيرها.

ثمّ لو كان الواجب موقّتا بوقت مساو أو أزيد ، فإن أتى به في الوقت ، فهو وإلّا فهل يجب الإتيان به في خارج الوقت أم لا؟

وبعبارة أخرى : هل وجوب القضاء تابع للأمر الأوّل أو يحتاج إلى أمر جديد؟

فإن كان الأوّل ، فلا بدّ من القول به في كلّ مورد ، وإن كان الثاني ، فلا بدّ من الاقتصار على موارد ثبوت القضاء من دليل خارج ، ولا يجوز التعدّي إلى غيره.

فيقع الكلام في جهتين.

الأولى : فيما يقتضيه الدليل الاجتهاديّ ، فنقول : إن دلّ الدليل على تعدّد المطلوب ـ بأن يكون أصل الفعل مطلوبا مستقلّا وإيقاعه في الوقت مطلوبا آخر ـ فهو. وهذا في نفسه ممكن ، إذ يمكن أن يكون لأصل الصلاة ـ مثلا ـ

١٩٨

مصلحة ملزمة ، ولوقوعه بين الدلوك والغسق مصلحة ملزمة أخرى ، ولكنّه ليس لدليل الواجب دلالة على تعدّد المطلوب بهذا المعنى ولا يمكننا إثبات ذلك ، إذ هناك احتمالات أخر لا يتمّ المطلوب على بعضها :

أحدها : أن يكون للصلاة مصلحة ملزمة خاصّة مقيّدة بذلك الزمان بحيث تزول بزوال البعث وتبقى ببقائه.

ويمكن أن يكون لها مصلحة ملزمة قويّة تزول قوّتها بزوال الوقت وتبقى مرتبة ضعيفة ملزمة منها.

ويمكن أن تزول المصلحة بزوال الوقت وتحدث مصلحة ملزمة أخرى. فهذه احتمالات ثلاثة التي هي محتملة في مقام الثبوت ، وليس لنا إثبات أحدها معيّنا بدليل الواجب ، إذ هو لا يدلّ على أزيد من وجوب الفرد المقيّد بالوقت لو لم يدلّ على عدم وجوب الفرد الواقع في خارج الوقت ، بل مقتضى القاعدة ذلك لو قلنا بحجّيّة بعض أقسام المفاهيم ، كمفهوم الوصف.

وربما فصّل بين أن يكون التقييد بالدليل المنفصل أو المتّصل ، فعلى الأوّل يحكم بوجوب القضاء ، لأنّ دليل التقييد لم يفهم منه إلّا التقييد في حال الاختيار مثلا ، وأمّا مطلقا فيبقى إطلاق دليل وجوب أصل الطبيعة على حاله سالما عن التقييد ، فيجب الأخذ به ، وهذا بخلاف أن يكون المخصّص متّصلا ، فإنّه لا يبقى معه إطلاق لدليل وجوب أصل الطبيعة بالنسبة إلى حال عدم القيد وخارج الوقت.

ويرد عليه : أنّه لو تمّ هذا ، لجرى في جميع التقييدات من دون اختصاص بما إذا كان القيد هو الوقت ، إذ هو ـ أي الاختصاص ـ خلاف قانون حمل المطلق على المقيّد.

١٩٩

والحاصل أنّه لا فرق بين التقييدات المتّصلة والمنفصلة ، والثانية كالأولى في اختصاص المراد الجدّيّ بصورة وجود القيد.

وربما نسب هذا التفصيل إلى صاحب الكفاية ، وليس كما توهّم ، بل ظاهر كلامه أنه لو كان المخصّص دليلا لبّيّا أو لفظيّا ولم يكن له إطلاق ، لعدم كون المتكلّم في مقام البيان بل في مقام الإهمال والإجمال ، وكان دليل المطلق مطلقا ، فلا بدّ في مقام التقييد من اعتبار القدر المتيقّن من التقييد ـ وهو غير حال العصيان والنسيان مثلا ـ لا مطلقا والأخذ بالإطلاق في غير المورد المتيقّن من التقييد. وهذا كلام متين جار في جميع التقييدات سواء كان التقييد بالوقت أو غيره.

الجهة الثانية : في أنّ الأصل العمليّ ما ذا يقتضي؟

فربما يقال بجريان الاستصحاب ووجود الامتثال في خارج الوقت ، لأنّه بناء على ما هو الحقّ من أنّ الكلّي الطبيعي موجود في الخارج حقيقة والفرد الخارجيّ هو الطبيعيّ واقعا لا عناية ، فحينئذ إذا تعلّق شخص الوجوب بالحصّة الخاصّة من الصلاة ، يكون طبيعيّ الصلاة أيضا متعلّقا لطبيعي الوجوب ، فبعد ارتفاع ذلك الوجوب المتعلّق بتلك الحصّة من الصلاة يكون ارتفاع أصل الحكم مشكوكا ، فنستصحب طبيعيّ الوجوب المتعلّق بطبيعيّ الصلاة ، ونحكم بوجوب القضاء في خارج الوقت فيكون القضاء بمقتضى الاستصحاب تابعا للأمر الأوّل لا بأمر جديد.

وهذا كلّه تمام لا سترة عليه ، إلّا أنّ هذا الاستصحاب من القسم الثالث ، والمشهور ـ كما هو الحقّ ـ عدم حجّيّة هذا القسم.

وتوضيحه : أنّ الطبيعيّ كان موجودا بعين وجود ذاك الشخص ، فبقاؤه

٢٠٠