الهداية في الأصول - ج ١

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني

الهداية في الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني


المحقق: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٨

في قبال الأسماء التي وضعت لنفس الجواهر والأعراض ، فلفظ «في» في مثل : «زيد في الدار» موضوع للنسبة الظرفيّة الموجودة بين «زيد» و «دار» بخلاف لفظ «الظرفيّة» فإنّه موضوع لنفس ذلك العرض.

وهذا الوجه لو كان استعمال الحروف منحصرا في الجواهر والأعراض لكان تامّا وجيها ، لكن لا ينحصر بذلك ، بل تستعمل الحروف فيما فوق الجواهر والأعراض ، فيقال : قال الله تعالى لموسى كذا ، وتكلّم معه في جبل طور بكذا ، وأيّة نسبة بين الله وبين موسىعليه‌السلام؟

وتستعمل أيضا فيما فوق الجواهر والأعراض ، فيقال : «اجتماع النقيضين مستحيل في الخارج» و «الإنسان في نفسه ممكن» و «شريك الباري في ذاته ممتنع» ولا معنى لثبوت النسبة الظرفيّة بين الخارج واستحالة اجتماع النقيضين ولا بين الشيء ونفسه.

ثمّ إنّ لشيخنا الأستاذ (١) ـ قدس‌سره ـ في المقام كلاما طويلا حاصله بإسقاط زوائده : أنّ المعاني على نحوين وسنخين :

منها : إخطاريّة تحضر في الذهن ، وهي معاني الأسماء ، فإنّها تخطر بالبال بمجرّد التلفّظ بها ولو لم تكن في ضمن تركيب كلاميّ.

ومنها : غير إخطاريّة لا تكون كذلك ، أي لا تخطر بالبال ما

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ١٦.

٤١

لم تكن في ضمن تركيب كلاميّ ، ومعاني الحروف من هذا القسم ، إذ لا يستفاد من لفظ «من» و «إلى» و «على» مثلا شيء ما لم تكن في ضمن تركيب كلاميّ ، والحروف وضعت لإيجاد الربط بين الكلمات.

مثلا : لا ترتبط كلمة «زيد» و «دار» إلّا بلفظة «في» و «لام» إذ كلّما ازداد اسما بينهما ازداد بعدا ، كما ترى أنّ قولنا : «زيد ، الظرفيّة ، التعريف ، دار» لا يرتبط بعضها ببعض ، وبين كلماته كمال المباينة بما يكون أكثر ممّا يكون في قولنا : «زيد ، دار».

وبالجملة لم توضع الحروف إلّا لإيجاد الربط بين مفهومين لا ربط بينهما ، فما وضع لها الحروف هي النسب الكلاميّة التي توجد بالحروف بأنفسها ، كنسبة الابتدائيّة والظرفيّة وغير ذلك ، وهذه النسب مصاديق لمفهوم النسبة ، الّذي هو معنى اسميّ ، كما أنّ النسب الخارجيّة أيضا مصاديق له ، ولكنها ليست بموضوع لها الحروف ، بل الموضوع لها الحروف هي النسب الكلامية التي قد تطابق النسب الخارجية ، فتكون القضيّة صادقة ، وقد لا تطابق ، فتكون القضيّة كاذبة.

وما أفاده من أنّ شأن الحروف إيجاد الربط بين ما لا ربط له من المفاهيم ممّا لا يكون قابلا للإنكار ، إلّا أنّ الكلام في أنّها بما أنّها دالّة على معان ومفاهيم توجب الربط ، أو أنّها توجد

٤٢

الربط (١) بلا استفادة معنى منها؟

وبعبارة أخرى : لا ريب في أنّا نستفيد من «زيد في الدار» شيئا زائدا على ما نستفيد من «زيد الدار» والكلام فعلا في تعيين هذا المعنى الزائد الّذي نستفيده بالوجدان ، وأنّه لما ذا يصحّ «زيد كالأسد» ويحصل الربط ب «كاف» دون «في» مع أنّ جميع الحروف شأنها إيجاد الربط؟

فالتحقيق أن يقال : إنّ المعاني الحرفيّة لا تدخل تحت جامع واحد ، لكنّها بأجمعها مباينة مع المعاني الاسميّة ، ويشترك الجميع في أنّها غير مستقلّة في ذواتها ، ومتدلّيات بغيرها ، بخلاف المعاني الاسميّة ، فإنّها مفاهيم مستقلّة في نفسها غير متعلّقة بغيرها ، إذ كلّ حرف من الحروف يبيّن خصوصيّة معنى اسميّ إفراديّ أو تركيبيّ ، فهي بأجمعها مفيدة لتقيّدات معاني الأسماء وموضوعة لذلك.

غاية الأمر تختلف الحروف في ذلك ، فأغلبها يوجب خصوصيّة الضيق في المفاهيم الاسميّة ، ك «باء» و «إلى» و «في» و «على» وغيرها ، وبعضها يوجب خصوصيّة في المعاني الاسميّة التركيبيّة كحروف النافية ، فإنّها بأجمعها تفيد نفي مضمون الجملة ،

__________________

(١) ليس لهذا التشقيق مجال ، لأنّ نظر المحقّق النائيني قدس‌سره ليس هو الثاني ، بل غرضه أنّ الحرف بماله من المعنى يوجد الربط ، وبهذا الاعتبار يصحّ أن يقال : إنّ الحروف توجد الربط ، أي بما لها من المعاني ، فالرابط ليس هو المعنى وحده ولا اللفظ وحده ، بل اللفظ بماله من المعنى. (م).

٤٣

وبعضها ـ كأداة الشرط ـ يفيد تعليق المنشأ على الشرط.

وتفترق أيضا بأنّ بعضها لا يصحّ وضع الاسم الّذي بمعناه موضعه ، كلفظ «في» ، وبعضها يصحّ ، ككاف التشبيه ، إذ يصحّ قولنا : «زيد شبيه الأسد» ويصحّ «زيد كالأسد» فالحروف من هذه الجهات لا تدخل تحت ضابط واحد.

ولا يخفى أنّ مثل كاف التشبيه ممّا يصحّ وضع الاسم موضعه اسم في الحقيقة بصورة الحرف بمعنى أنّه اسم يعامل معه معاملة الحرف ، ونحن نسمّي أمثال هذا بحروف الأسماء ، فإنّها نظير أسماء الأفعال حيث إنّها أيضا أفعال حقيقة يعامل معها معاملة الاسم ، كما أنّ «ما» النافية أيضا فعل حقيقة حيث يصحّ وضع «ليس» موضعه.

توضيح هذا المدّعى : أنّ كلّ مفهوم اسميّ كلّيّ أو جزئيّ له سعة بالإضافة إلى أنواعه وأصنافه وأشخاصه إن كان كلّيّا ، وبالإضافة إلى حالاته إن كان جزئيّا ، فله حصص كثيرة غير متناهية ، وحيث لا يمكن الوضع لكلّ منها بأن وضع لفظا خاصّا مثلا للإنسان ابن عشرين سنة ، وآخر للإنسان ابن عشرين سنة ويوم ، وثالثا لابن عشرين سنة ويومين وهكذا ، ومن المعلوم أنّ الغرض ربّما يتعلّق بإفادة حصّة خاصّة من الحصص ، كما ربما يتعلّق بإفادة الطبيعي على سعته وسريانه ، فلا بدّ للواضع الحكيم ممّا يوجب الوصول إلى حصول هذا الغرض ، وليس ذلك إلّا

٤٤

الحروف والهيئات ، فكلّ منهما وضع لتحصّص المفهوم الاسمي بحصّة خاصّة ، ومفيد لتخصّصه بخصوصيّة وتقيّده بقيد على أنحاء التقيّدات من حيث المكان والزمان والآلة وغير ذلك من ملابساته ، وهذا من دون فرق بين كون تلك الحصّة موجودة في الخارج أو معدومة ، ممكنة أو ممتنعة.

فلفظة «في» في قولنا : «الصلاة في المسجد مستحبّة» مقيّدة ، لأنّ الصلاة طبيعيّها على سعته وسريانه ليس موضوعا لهذا الحكم ، بل الموضوع حصّة خاصّة منه ، وهي خصوص الحصّة الواقعة في المسجد وهكذا في قولنا : «ثبوت العلم للإنسان ممكن ، ولله تعالى ضروريّ ، والجهل له تعالى ممتنع» ، فإنّ الجميع على نسق واحد في أنّ أغلب الحروف مضيّق (١) لسعة دائرة معاني الأسماء ، وبهذا المعنى يصحّ إطلاق الإيجاديّة عليها حيث إنّها موجدة للتضيّق.

ولعلّه المراد من قوله عليه‌السلام في الرواية المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الحرف ما أوجد معنى في غيره لا في نفسه» (٢).

وببيان آخر : لا إشكال في أنّ الأسماء وضعت للمعاني

__________________

(١) فيه أنّ هذا تغيير العبارة ، فإنّ إيجاد الربط والتضييق بمعنى واحد ، بل التضييق لازم لإيجاد الربط ، فهو ـ دام ظلّه ـ أخذ اللازم من دون الملزوم ، بل المعنى شيء عام يحصل به الربط والتضييق ، فمعنى الحرف ليس هو الربط ولا التضييق ، بل أمر ثالث ، وهما لازمان له. (م).

(٢) بحار الأنوار ٤٠ : ١٦٢ من دون «لا في نفسه».

٤٥

البسيطة المبهمة من جميع الجهات ، والماهيّات العارية عن جميع الخصوصيّات والتقيّدات حتى التقيّد بالوجود والعدم ، فالحيوان مثلا وضع لتلك الماهيّة المبهمة ـ وبتعبير القوم : اللابشرط القسمي ـ بلا لحاظ أيّة خصوصيّة فيه حتى الوجود والعدم ، فكلّ مفهوم اسميّ يمكن فرض حصص غير متناهية له ، إذ لم يؤخذ الوجود فيه حتى تنحصر حصصه ، ولا ريب أنّ بعض المفاهيم الاسميّة أضيق دائرة من بعض بحسب طبعه وذاته ، فنرى أنّ الإنسان مفهوم وسيع لكن لا على مثل سعة دائرة مفهوم الحيوان ، فإنّه حصّة منه ، وبعض هذه الحصص غير المتناهية وضع له لفظ خاصّ في الجواهر والأعراض.

أمّا الجواهر فكثير ، كلفظ «الإنسان» الموضوع لحصّة خاصّة من الحيوان ، والبقر لحصّة أخرى ، والغنم لحصّة ثالثة ، وهكذا.

وأمّا في الأعراض : فكالجلوس والقعود ، حيث إنّ الأوّل وضع لهيئة من جلس عن قيام ، والثاني لهيئة من جلس عن نوم ، وبعض قال بالعكس ، وهذا البعض بالقياس إلى ما لم يوضع له لفظ خاصّ من الحصص نادر بحيث يكون ملحقا بالعدم ، فإذا تعلّق الغرض بإفادة حصّة من مفهوم اسمي ، لم يوضع لها لفظ خاصّ ، كالقيام على قدم واحد أو على قدمين أو على يدين ، فلا بدّ من تفهيم تلك الحصّة بالحروف ، أعني تفهيم قيده بمفهوم اسميّ آخر ، وتقيّده بالحرف وما يشبهه ، كالهيئات.

٤٦

وبالجملة : الحروف بأجمعها وإن وضعت لأنحاء التقيّدات والتخصّصات الجزئيّة الثابتة للمفاهيم الاسميّة ، كما أنّ الهيئات أيضا كذلك ، إلّا أنّ أغلبها مضيّق لسعة دائرة معاني الأسماء أفراديّة ، كما في «الصلاة في المسجد» أو تركيبيّة ، كأداة الشرط المقيّدة لإطلاق مضمون جملة الجزاء ، فإنّ الجزاء في قولنا : «إن جاءك زيد فأكرمه» له سعة وإطلاق ، ولو لا تعليقه على الشرط بواسطة «إن» يستفاد منه وجوب إكرام زيد مطلقا ، جاء أو لم يجئ ، ولكن لفظ «إن» الشرطية بما أنّه علّق المنشأ ـ أي الوجوب ـ على مجيء زيد فقد ضيّق وقيّد هذه السعة والإطلاق بصورة مجيء زيد فقط.

وغرضنا من التطويل في هذا المقام إبطال الكلام المعروف من أنّ معاني الحروف ملحوظات آليّة ، بل في بعض الكلمات أنّها مغفول عنها عند الاستعمال ، وتمام الالتفات والتوجّه إلى المعاني الاسميّة.

وقد ظهر من جميع ما ذكرنا : أنّ هذا الفرق غير فارق ، وإنّما الفرق تمام الفرق أنّها متدلّيات ومتعلّقات في حدّ ذواتها وغير مستقلّة في أنفسها ، بخلاف المعاني الاسميّة ، فإنّها مستقلّة بأنفسها.

وأمّا الاستقلاليّة وعدمها من حيث اللحاظ فخارجة عن حقيقتها ، بل ربّما يتعلّق اللحاظ الاستقلالي بالمعنى الحرفي ،

٤٧

والآلي بالمعنى الاسمي.

أمّا الثاني : ففي كلّ عنوان أخذ معرّفا للوجودات الخارجيّة يكون كذلك ، كما مرّ.

وأمّا الأوّل : ففي كلّ ما كان المقصود من الكلام بيان خصوص التقيّد المستفاد من الحرف ، وكان عناية المتكلّم إلى ذلك بحيث يكون غيره مفروغا عنه ومعلوما عند المخاطب ، كما إذا علم المخاطب بأنّ زيدا صلّى وسأل عن خصوصيّة وقوعها في المكان ، فقال : «أين صلّى؟» فإذا قال المتكلّم : «صلّى في المسجد» في مقام بيان أنّ صلاته كانت متقيّدة بأنّها وقعت في المسجد لا يمكن أن لا يكون ملتفتا إلى ما يكون بصدد بيانه ولا يلاحظه استقلالا.

ويترتّب على هذا البحث ـ بناء على ما اخترناه ـ ثمرة أصوليّة ، وهي : جواز رجوع القيد في القضيّة الشرطيّة ، مثل : «إن جاءك زيد فأكرمه» إلى مفاد الهيئة ، الّذي هو معنى حرفي ، وهو الوجوب ، لكونه كنفس الوجوب الّذي هو معنى اسميّ قابل لتعلّق اللحاظ الاستقلالي به ، فيمكن تقييده ، وبعد ظهور القضيّة الشرطيّة أيضا في ذلك تستنتج نتيجة فقهيّة من أمثال هذه القضايا ، وهو وجوب المشروط.

وأيضا ظهر من مطاوي ما ذكرنا : الكلام في المقام الثاني الّذي وعدناه ، وهو : أنّ الموضوع له في الحروف عامّ أو خاصّ؟

٤٨

فإنّ مقتضى ما بيّنّا من أنّها وضعت للتقيّدات والتخصّصات النّفس الأمريّة : أنّ الموضوع له في الحروف ليس كالوضع فيها عامّا ، بل الوضع عامّ حيث لا يمكن تصوّر ما لا يتناهى من التقيّدات إلّا بتصوّر مفهوم عامّ ، فيتصوّر الواضع مثلا مفهوم التقيّد من حيث الظرفيّة ، الّذي له جزئيّات النّفس الأمريّة ، لا نفس هذه الجزئيّات ، والموضوع له فيها خاصّ ، ضرورة أنّ الصلاة في قولنا : «الصلاة في المسجد» مثلا لم تتقيّد بمفهوم التقيّد من حيث الظرفية ، بل بواقعه.

وبعبارة أخرى : الغرض من هذه الجملة أنّ الصلاة المتقيّدة بوقوعها في المسجد تقيّدا واقعيّا مستحبّة ، لا المتقيّدة بمفهوم هذا التقيّد.

والحاصل : أنّ الحروف وضعت لذوات هذه التقيّدات لا مفاهيمها ، وعلى ذلك يكون الموضوع له فيها خاصّا.

ثمّ إنّ الاسم عرّف في الرواية المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام (١) ب «ما أنبأ عن المسمّى» وعرّف الفعل ب «ما أنبأ عن حركة المسمّى» والحرف ب «ما أوجد معنى في غيره».

والمراد من الإنباء عن المسمّى : الحكاية والكشف عنه.

وقد ظهر ممّا ذكر في المعاني الحرفيّة معنى إيجاد المعنى في غيره ، وأنّه عبارة عن إيجاد خصوصيّة من التضييق أو غيره في

__________________

(١) البحار : ٤٠ ـ ١٦٢.

٤٩

معاني الأسماء.

وأمّا تعريف الفعل ب «ما أنبأ عن حركة المسمّى» فليس المراد من الحركة في هذا التعريف ، الحركة الكمّية والكيفية ، ضرورة عدم انحصار الأفعال بهاتين المقولتين.

فالأولى صرف عنان الكلام إلى معاني هيئات المركّبات وما وضعت له حتّى يتّضح المرام ، فنقول : أمّا هيئة الجملة الاسميّة فالمعروف أنّها وضعت للنسبة الإيجابيّة أو السلبيّة ، وعند بعض : سلب النسبة الإيجابيّة الخارجيّة.

ولنا في ذلك نظر ، لوجهين :

الأوّل : أنّ من الجملات ما لا يعقل فيه ثبوت النسبة في أيّ وعاء كان ، وهذا كما في «الإنسان حيوان ناطق» ، فإنّ الموضوع في هذه القضيّة عين محمولها ، والمحمول عين موضوعها ذاتا ووجودا ، ذهنا وخارجا ، وهكذا قولنا : «الوجود موجود» و «العنقاء معدوم» ، فإنّ النسبة النّفس الأمريّة لا بدّ وأن يكون لها طرفان موجودان بنحو من أنحاء الوجود ولو بمثل «الإنسان ممكن» وإذا لم يكن هناك شيئان موجودان كيف يتصوّر النسبة النّفس الأمريّة!؟ وبديهيّ أنّ شيئا ممّا ذكر من القضايا ليس كذلك ، وبالوجدان لا نرى عناية فيها ولا فرقا بينها وبين غيرها من القضايا.

الثاني : أن لا ريب [في] أنّ وضع الألفاظ للمعاني ليس جزافيّا ، وإنّما هو لغرض التفهيم والتفهّم ، وبما أنّ إحضار ذوات

٥٠

المعاني عند المخاطبين غير ممكن غالبا ، والإنسان بطبعه محتاج إلى بيان مقاصده ، فأنعمه تعالى ، وعلّمه البيان لرفع احتياجه بإظهار ما يريد تفهيمه بالألفاظ ، فإذا كان الوضع لحكمة التفهيم والتفهّم ليس إلّا ، فلا بدّ من أن نرى أنّ أيّ شيء يفهم من الهيئة؟ هل يفهم منها تحقّق النسبة في الخارج أو عدم تحقّقها بحيث لو قال أحد : «زيد قائم» وقال آخر : «زيد ليس بقائم» نفهم تحقّق اجتماع النقيضين في الخارج؟ بالضرورة ليس كذلك ، فكيف يتصوّر وضع الهيئة لما لا يفهم منها بوجه!؟

نعم لا ننكر أنّها توجب الانتقال إلى تحقّق النسبة في الخارج انتقالا تصوّريّا ، لكنّه ليس بموضوع له قطعا ، فإنّه يحصل من مثل : «قيام زيد» أيضا ، والمطلوب حصول الانتقال التصديقي إلى ذلك بمعنى أنّه عند قول القائل : «زيد قائم» نصدّق ـ مع قطع النّظر عن كون القائل ثقة أو غير ثقة ـ بتحقّق القيام ل «زيد» في الخارج ، ومعلوم أنّا لا نظنّ بذلك فضلا عن الجزم والتصديق به.

والتحقيق أنّ الجملة الاسمية وضعت لإبراز إرادة الحكاية عن ثبوت المحمول للموضوع ، ولا نفهم منها إلّا أنّ المتكلّم بصدد الحكاية عن تحقّق النسبة في الخارج فيما يكون له نسبة خارجية ، وعن مجرّد ثبوت المحمول للموضوع فيما لا يكون كذلك ، نحو : «الوجود موجود» وهذا الفعل من المتكلّم مصداق للحكاية والإخبار بما أنّه صدر عنه بقصد الحكاية والإخبار ، فيصحّ أن يقال :

٥١

«إنّ فلانا أخبر عن قيام زيد وحكى عنه حقيقة» كما يصحّ أن يقال في حقّ من قام بقصد التعظيم : «إنّه عظّم فلانا».

والحاصل : أنّ كثيرا من الأفعال الاختياريّة إذا صدرت بقصد شيء وبداعي عنوان من العناوين ، يكون مصداقا لما قصده ومعنونا بذاك العنوان المقصود به حقيقة ، والتلفّظ بالجملة الاسميّة بقصد الحكاية من هذا القبيل بالجعل والمواضعة ، كما أنّ وضع العمامة على الرّأس أو تحريك الرّأس أحيانا يكون مصداقا للإخبار أيضا بالجعل والمواضعة.

ثمّ إنّ دلالة الهيئة على معناها كدلالة المفردات على معناها لا تتّصف بالصدق والكذب ، بل لو لم يرد المتكلّم الحكاية ومع ذلك أتى بجملة اسميّة بلا نصب قرينة على الخلاف ، لا يصحّ إسناد الكذب إليه ، كما لا يصحّ ذلك لو لم يرد من لفظ «زيد» و «قائم» معناه ، بل يقال : إنّه خالف تعهّده ، فاتّصاف الكلام بالصدق والكذب ليس باعتبار دلالته وعدم دلالته ، بل باعتبار مطابقة ما قصد حكايته مع الواقع وعدم مطابقته.

ثمّ إنّ مادّة المشتقّات لا تكون مصادر ولا أسماء المصادر ، فإنّ المصدر لوحظ في مقام وضعه العرض بما هو عرض ، ووضع للعرض بوصف العرضيّة ، واسم المصدر وضع لنفس العرض بلا لحاظ وصف العرضيّة فيه يعني بإلغائه ، وواضح أنّ كلّا منهما على هذا مباين مع الآخر ، لأخذ خصوصيّة فيه مباينة مع ما أخذ في

٥٢

الآخر من الخصوصيّة ، فلا يمكن أن يكون أحدهما مادّة للآخر ، وهكذا غيرهما من المشتقّات كلّ مباين مع الآخر ، ومع المصدر واسم المصدر ، لأخذ خصوصيّة فيه غير ما أخذ في الآخر ، فلا بدّ أن تكون مادّة الجميع والجامع بينها ما لم يؤخذ فيه شيء من هذه الخصوصيّات ولا بشرط من جميع التقيّدات حتّى قيد اللابشرطيّة وهي مثلا : مادّة «ض» «ب» «ر» بهذا الترتيب ، فإنّها هي التي قابلة لاشتقاق أيّ صيغة نفرض من هذا الباب منها.

أمّا هيئة الفعل الماضي فوضعت لقصد الحكاية عن قيام المبدأ بالفاعل قبل آن التكلّم ، فإنّا لا نفهم من قول القائل : «ضرب زيد» إلّا أنّه بصدد الحكاية عن تحقّق الضرب وصدوره من «زيد» قبل تكلّمه بهذا الكلام ، كما أنّ في مثل «علم الله» و «مضى الزمان» ممّا يكون الفاعل نفس الزمان أو ما فوق الزمان أيضا لا نفهم إلّا ذلك.

وهيئة المضارع وضعت لقصد الحكاية عن قيام المبدأ بالفاعل في حال التكلّم أو بعده ، ولكن عند الإطلاق ينسبق التلبّس في الحال ، بخلاف ما إذا دخل عليه «سين» أو «سوف» أو غيرهما ممّا يدلّ على الاستقبال ، وعلى هذا القياس غيرهما من هيئات الإخباريّات من الأفعال ، وإنّما الاختلاف في أنحاء التلبّسات من الصدوري والوقوعي ، والزمان والمكان والآلة وغير ذلك.

فقد ظهر أنّ ما تخيّل أهل العربيّة من أخذ الزمان في

٥٣

الموضوع له الفعل في غير محلّه.

والّذي أوقعهم في هذا الوهم أنّ الفعل إذا أسند إلى الزمانيّات يفهم منه وقوعه في الزمان وغفلوا عن أنّه من باب أنّه يلازم عقلا لوقوعه في الزمان ، فإنّ تحقّق المبدأ وصدوره من الفاعل الزماني قبل التكلّم بالفعل الماضي مثلا لا محالة ملازم لصدوره عنه في الزمان الماضي ، لأنّه يدلّ على وقوعه في الزمان الماضي ، وإلّا لزم القول بالتجريد والمجاز عند إسناد الفعل إلى غير الزمانيّات من نفس الزمان والمجرّدات ، مع أنّه خلاف الوجدان.

وبالجملة : لا ريب في فهم الزمان من الفعل عند إسناده إلى الزماني لكن بالدلالة العقليّة الالتزاميّة ، ومن المعلوم أنّ المداليل الالتزاميّة خارجة عن حريم الموضوع له ، ضرورة أنّ «العمى» لم يوضع للبصر و «الحاتم» لم يوضع للجواد ، وهكذا «كثير الرماد» لم يوضع للجواد.

وملخّص ما ذكرنا في الهيئات إلى هنا مع زيادة توضيح : أنّ الّذي نستفيد من الجملة الاسميّة ك «زيد قائم» أنّ المتكلّم بها بصدد الحكاية عن ثبوت القيام ل «زيد» ويريد الإخبار عن ذلك.

وليس غرضنا من أنّها تدلّ على إرادة الحكاية وقصد الإخبار أنّها إخبار عن قصد الحكاية حتى يكون قوله : «زيد قائم» في قوّة قوله : «قصدت الحكاية عن ثبوت القيام لزيد» فيقال علينا : إنّه على ذلك أخبر عن قصد الحكاية عن قيام زيد ، لا أنّه أخبر عن

٥٤

قيام زيد ، وحينئذ إذا تحقّق القصد منه واقعا فصدق وإلّا فكذب ، بل غرضنا أنّ قول المتكلّم : «زيد قائم» له عنوانان : عنوان أوّلي ، وهو أنّه كيف مسموع ، قصد به شيئا أو لا ، وعنوان ثانويّ يتولّد من قصده الإخبار والحكاية عن قيام زيد ، وهو عنوان الحكاية والإخبار عن قيام زيد ـ والصدق والكذب باعتبار مطابقة هذا العنوان للواقع وعدمها ـ والقصد محقّق هذا العنوان الثانويّ ، أي : الحكاية ، وإن شئت فسمّه بالفعل التوليدي ، فالمخبر به والمحكيّ عنه هو قيام زيد في الخارج لا قصد الحكاية عن قيام زيد.

والمقصود أنّ «زيد قائم» لا يكون مصداقا للحكاية والإخبار عن قيام زيد إلّا إذا قصد المتكلّم عنوان الإخبار والحكاية ، كما أنّ القيام الّذي يكون تعظيما عند جماعة لا يكون مصداقا للتعظيم إلّا إذا كان القائم ـ بفعله القيام ـ قاصدا للتعظيم ، وكلّ ذلك يكون بالجعل والمواضعة ، ولذا ما يكون مصداقا للتعظيم عند جماعة ، ربّما يعدّ هتكا وتوهينا عند جماعة أخرى ، كتحريك اليد على نحو مخصوص ، حيث يعدّ عند طائفة من أهل الهند تعظيما ، وعند الفرس هتك ، هذا في هيئة الجملة الاسميّة.

وأمّا هيئات الأفعال : فهيئة الفعل الماضي وضعت للحكاية عن تلبّس الفاعل بالمبدإ سابقا على التكلّم أو سبقا خاصّا بالإضافة إلى غير التكلّم ، فقوله : «ضرب زيد» يدلّ على تحقّق الضرب من زيد قبل التكلّم بهذا الكلام ، وقولنا : «يجيء زيد وقد صام قبله

٥٥

بيومين» يدلّ على تحقّق الصوم من زيد وتلبّسه به قبل مجيئه ، والإسناد إلى الزمانيّات والمجرّدات ونفس الزمان على حدّ سواء في ذلك ، ولا يحتاج إلى عناية تجريد أصلا.

وهيئة الفعل المضارع وضعت للحكاية عن تلبّس الفاعل بالمبدإ حال التكلّم أو بعده ، ولا دلالة له أيضا على الزمان كالماضي.

وهيئة اسم الفاعل وضعت لذات مبهمة من جميع الجهات إلّا جهة تلبّسه بالمبدإ ، فإنّ الّذي نفهمه من لفظ «قائم» هو ما يكون بتلك الهيئة المخصوصة ، أمّا كون ذلك الشيء إنسانا أو حيوانا أو شجرا أو حجرا أو غير ذلك فلا يفهم منه أبدا ، وسيجيء في بحث المشتقّ أنّ أخذ الذات لهذا المعنى ضروريّ في المشتقّ ومن مقوّماته ، كما أنّ الأسماء غير المشتقّات أيضا أخذ في مفهومها الذات بهذا المعنى ، فالنار مثلا اسم لذات مبهمة من جميع الجهات إلّا جهة أنّ له شعلة وإحراقا ، كان من خشب أو حديد ، قليل المقدار أو كثيرا.

وهكذا الخمر اسم لما هو مائع مسكر ، ولم يؤخذ فيه أيّة خصوصيّة من الخصوصيّات.

وعلى هذا القياس اسم المفعول والزمان والمكان والآلة وأمثالها على اختلاف أنحاء التلبّسات فيها.

هذا كلّه في الإخباريّات من هيئات الأفعال ، أمّا الإنشائيّات

٥٦

منها فمن حيث الدلالة على معانيها مع الإخباريّات على حدّ سواء ، بمعنى أنّ هيئة الفعل الماضي كما أنّها تدلّ على تحقّق المادّة سابقا على التكلّم وهذه الدلالة لا تنفكّ عنها ، كذلك هيئة «افعل» دالّة على تعلّق طلب المتكلّم بالمادّة مثلا ، وفي هذه المرحلة كلاهما سيّان لا يتّصف الخبر بالصدق والكذب كالإنشاء ، وإنّما الفرق بينهما في ناحية المدلول ، فإنّ المدلول في الجملة الخبريّة له تعلّق بالخارج ونفس الأمر ربّما يطابقه وربما لا يطابقه ، فالجملة الخبريّة بهذا الاعتبار تتّصف بالصدق والكذب ، وهذا بخلاف المدلول في الجملة الإنشائيّة ، فإنّه لا تعلّق له بالخارج ، وليس وراءه شيء يطابقه أو لا يطابقه.

هذا إجمال الفرق بين الإنشاء والإخبار ، وسيأتي تفصيل كلّ واحد من الجمل الإنشائيّة إن شاء الله.

وإذا عرفت ذلك ، فنقول في توضيح قوله عليه‌السلام : «الفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى» : إنّ مادّة الأفعال بما أنّها ـ على ما عرفت ـ لم يؤخذ فيها خصوصيّة من الخصوصيّات من كونها متحقّقة أو غير متحقّقة ومتعلّقة للطلب أو الزجر ، وعدمها مع كونها في نفسها قابلة لتخصّصها بكلّ من هذه الخصوصيّات لا بدّ لإفادة تخصّصها بذلك وخروجها عن المرحلة القابليّة إلى المرتبة الفعليّة من مبرز ومنبئ ، وهي هيئات الأفعال ، فهيئة الفعل الماضي منبئة عن حركة المسمّى ـ أي المادّة ـ من قابليّة تحقّقها في الخارج إلى المرحلة

٥٧

الفعليّة ، وهيئة فعل الأمر منبئة عن حركة المادّة من قابليّتها لكونها متعلّقة للطلب إلى المرتبة الفعليّة ، وهكذا سائر هيئات الأفعال.

وهذا بخلاف هيئات الأسماء من المصدر واسم المصدر واسم الفاعل وغيرها ، فإنّ هيئة المصدر مثلا وضعت لنفس الحدث بما هو حدث ، وهيئة اسم الفاعل وضعت لنفس الذات المبهمة من جميع الجهات إلّا جهة اتّصافه بالمبدإ ، وهكذا غيرهما من مشتقّات الأسماء ، فكلّ واحد منها ينبئ عن نفس المسمّى ـ بمعنى أنّه يفهم منه نفس المعنى ، أمّا أنّه موجود [أو] معدوم متعلّق للطلب [أو] غير متعلّق للطلب فشيء منها لا يفهم منه ، كالجوامد ـ لا عن حركة المسمّى.

فإن قلت : أسماء الأفعال ـ نحو «رويدا» بمعنى اصبر ـ منبئة عن حركة المسمّى ، كالأفعال ، فلا يكون تعريف الفعل مانعا.

قلت : نعم ، لكن من باب أنّها ليس لها مادّة وهيئة حتّى تكون الهيئة فيها منبئة عن حركة المادّة ، غاية الأمر أنّ «رويدا» مثلا اسم بسيط بمعنى الفعل ، فبحسب المعنى فعل ، وبحسب اللفظ اسم.

فإن قلت : الجمل الاسميّة مثل «زيد قائم» أيضا منبئة عن حركة المسمّى ، فإنّها أيضا تدلّ على خروج المادّة ـ التي هي القيام ـ من القابليّة إلى التحقّق والفعليّة.

قلت : نعم ، لكنّها خارجة عن المقسم في الرواية ، فإنّ المقسم في الرواية هي الكلمة و «زيد قائم» ليست بكلمة.

٥٨

بقي شيء ، وهو : أنّهم ذكروا أنّ الجملة الخبريّة إذا استعملت في مقام الإنشاء كما إذا قيل : «يعيد صلاته» في مقام طلب الإعادة مدلولها بعينه هو مدلولها إذا استعملت في مقام الإخبار ، وإنّما الاختلاف في الدواعي ، فإذا استعملت في مقام الطلب وبداعيه تكون إنشاء ، وإذا استعملت بداعي الإخبار تكون إخبارا ، والمستعمل فيه على كلّ تقدير شيء واحد ، والمدلول في كلتيهما أمر فارد.

وهذا الّذي ذكروه مبنيّ على ما هو المعروف من أنّ الجمل الإنشائيّة موضوعة لإيجاد معانيها بها ، وأمّا على ما اخترناه من أنّ الإنشاء ليس من مقولة الإيجاد في شيء ، وإنّما الجمل الإنشائيّة (١) كالجمل الإخباريّة في أنّها وضعت لإبراز أمر نفساني بها ـ والفرق : أنّ ذلك الأمر النفسانيّ في الجمل الإخباريّة حيث إنّه قصد الحكاية عمّا في الخارج ، فله واقع وراء نفسه ربّما يطابقه وربما لا يطابقه ، وبهذا الاعتبار يتّصف بالصدق والكذب ، وفي الجمل الإنشائية شيء ليس له واقع وراء نفسه ، فلا يقبل الاتّصاف بالصدق والكذب ـ فاختلافهما في المدلول واضح ، فإنّ المدلول في إحداهما قصد الحكاية ، وفي الأخرى أمر آخر.

__________________

(١) ظاهر كلام سيدنا الأستاذ وغيره : هو الاشتراك اللفظي في مثل «بعت» بين الإنشاء والإخبار ، وكلّ مشترك لفظي يحتاج إلى قرينة معيّنة ، ولازم ذلك أنّ كلّا من الإنشاء والإخبار يحتاج إلى قرينة معيّنة ، والأمر فيما نحن فيه ليس كذلك ، فإنّ مثل «بعت» عند إرادة الإنشاء يحتاج إلى القرينة ، وعند إرادة الإخبار لا يحتاج إليها (م).

٥٩

مثلا : في مثل «يعيد صلاته» الدالّ على وجوب إعادة الصلاة ، هو اعتبار أنّ الإعادة على ذمّة المكلّف وعلى رقبته ، كالدّين.

وهذا المبنى منهم غير مبنيّ على الدقّة ، فإنّ إيجاد المعنى باللفظ إن كان المراد أنّه يوجد وجودا حقيقيّا مقوليّا ، كوجود الجواهر والأعراض باللفظ ، فواضح أنّ اللفظ مثل «بعت» ليس علّة لإيجاد الملكيّة خارجا ولا آلة له ، بل المعنى لو تحقّق في الخارج فبأمر أجنبيّ عن التلفّظ بلفظ والتكلّم بكلمة مثل «بعت» أو «افعل» بالكلّيّة.

وإن كان المراد أنّه يوجد بوجوده الاعتباريّ ، يعني بالتلفّظ بلفظ «بعت» مع قبول القابل يوجد الملكيّة في عالم الاعتبار لا العين ، فإن كان المقصود أنّ لفظ «بعت» موجد لاعتبار اللافظ به الملكيّة ، فهو خلاف الوجدان ، فإنّ اعتبار اللافظ ربّما يكون سابقا على تلفّظه ، وربّما يكون مقارنا ، وربّما يكون متأخّرا ، وعلى أيّ حال هو أمر نفساني كالتصوّر غير معلول للّفظ.

وإن كان المقصود أنّ اللفظ موجد لاعتبار الشارع أو العقلاء ، فهو وإن كان له وجه ، حيث إنّ اعتبار الشارع أو العقلاء يكون في ظرف التلفّظ بلفظ «بعت» و «قبلت» ومترتّب عليه ، يعني بنحو الانطباق ، وإلّا فهو سابق وجودا ، فيصحّ بهذا الاعتبار أن يقال : إنّ اللفظ موجد لاعتبار الشارع أو العقلاء إلّا أنّ اعتبار الشارع أو

٦٠