الهداية في الأصول - ج ١

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني

الهداية في الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله الشيخ حسن الصافي الإصفهاني


المحقق: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة صاحب الأمر (عج)
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٨

مطلوب منه» وغير ذلك ، بخلافه عند استعمالها في مقام التهديد أو غيره من المعاني ، فإنّه لا يصحّ إطلاق الطلب بوجه من الوجوه.

المبحث الثاني : في أنّ الصيغة هل هي حقيقة في الوجوب أو الندب أو هما أو المشترك بينهما؟ أقوال :

اختار صاحب الكفاية ـ قدس‌سره ـ أوّلها بدعوى تبادره عند استعمالها بلا قرينة (١).

ثمّ أجاب عن إشكال صاحب المعالم ـ من أنّ استعمال الصيغة في الندب في الأوامر الواردة في الشريعة فوق حدّ الإحصاء بحيث صار من المجازات المشهورة ، فلا بدّ من ترجيح الندب أو التوقّف ـ بوجوه ثلاث :

الأول : كثرة استعمالها في الوجوب أيضا.

وهذه الدعوى ممنوعة (٢) جدّاً ، وهذا واضح لمن تتبّع الأوامر الاستحبابية التي هي واردة في أبواب المعاشرة والمعاملة والمناكحة وغير ذلك من أبواب السنن ، مضافا إلى المستحبّات غير المستقلّة في الصلاة والصوم والزكاة وغيرها من العبادات.

والثاني : أنّ هذه الاستعمالات كلّها مع القرينة ، وكثرة

__________________

(١) كفاية الأصول : ٩٢.

(٢) أقول : كون المستحبّات أكثر من الواجبات ممّا لا كلام فيه ، وأمّا أنّ استعمال الصيغة في الندب أكثر ـ كما هو مدّعى صاحب المعالم ـ فليس بصحيح ، فإنّ أكثر المستحبّات أفيدت بغير الصيغة ، فالحقّ أنّ ما اختاره الآخوند متين. (م).

٢٢١

الاستعمال كذلك لا توجب صيرورتها مشهورة فيه حتى يرجّح أو يتوقّف.

وفيه : أنّه خلاف ما هو المعروف في المجاز المشهور حيث إنّ كثرة استعمال اللفظ في المعنى المجازي توجب أنس المخاطب به بحيث لو استعمل بلا قرينة يتأمّل المخاطب في كشف المراد ، إذ يحتمل أنّ المتكلّم اعتمد على الشهرة وجعلها القرينة على المراد ، ولو لا هذا لما كان معنى لهذا النزاع.

الثالث : النقض بصيغ العموم مع كثرة التخصيص فيها حتى قيل : «ما من عامّ إلّا وقد خصّ».

وفيه : أوّلا : أنّ هذا الجواب لا يكون برهانا بل يكون جدلا وإلزاما للخصم حيث لا يتمّ على مذاقه من أنّ التخصيص متّصلا أو منفصلا لا يصادم عموم العامّ أصلا ، ولا يستلزم تجوّزا في العامّ مطلقا.

وثانيا : أنّ بين الصيغة وبين ألفاظ العموم فرقا بيّنا ، إذ هي وضعت للعموم بأوضاع متعدّدة ، وكثرة استعمال الجمع المحلّى باللام في الخصوص لا تصادم عموم سائر ألفاظ العموم وأدواته ، بخلاف الصيغة ، فإنّ لها في جميع الموادّ والهيئات سنخ معنى واحد بوضع واحد.

وثالثا : أنّ هذا الكلام المشهور من أنّ «ما من عامّ إلّا وقد خصّ» من الأغلاط الواضحة وممّا لا أصل له بالضرورة ، فإنّ

٢٢٢

الأحكام العقليّة مثل : «كلّ معلول يحتاج إلى العلّة» «كلّ زوج منقسم بمتساويين» «كلّ ممكن زوج تركيبي مركّب من ماهيّة ووجود» وغير ذلك كلّها خارجة عن هذا الحكم.

وكثير من الأحكام العرفية مثل : «كلّ جوز مدوّر» «كلّ ذهب غير الفضّة» «لا شيء من الحجر بشجر» وأمثال ذلك أيضا كذلك.

فلا محيص عن هذا الإشكال إلّا بما ذكرنا سابقا من أنّ الوجوب والندب أمران خارجان عن مدلول الصيغة ، بل مقتضى العبودية والمولوية بحكم العقل : الإطاعة والامتثال ما لم ينصب المولى قرينة على الترخيص ، وأنّ المصلحة الموجبة للأمر غير لزومية ، والصيغة متى ما استعملت لها معنى واحد ، وهو إظهار الشوق وإبراز الميل ، والوجوب (١) والندب ناشئان من إلزامية المصلحة وعدمها التي هي داعية للأمر والبعث ، فالصيغة عند استعمالها بلا قرينة على الندب ظاهرة في الوجوب بمعنى أنّ الوجوب أمر حكم به العقل ، لا أنّه مدلوله بنحو الحقيقة أو المجاز أو غير ذلك.

فاندفع الإشكال بناء على صحّة هذه الدعوى ، وهي أنّ الوجوب والندب أمران خارجان عن مدلول اللفظ ، بل هما من

__________________

(١) أقول : يمكن أن يقال : إنّ الوجوب لا يدور مدار إلزامية المصلحة ، بل العقل يحكم بقبح مخالفة المولى ولزوم امتثاله عند إظهار شوقه بشيء ما لم يرخّص في الترك وإن علم ـ على فرض المحال ـ أنّ حكمه بلا مصلحة ، كما يقول به الأشاعرة غير الشاعرة. (م).

٢٢٣

المداليل السياقية ، إذ من الواضح الضروري أنّه متى تحقّق موضوع حكم العقل يترتّب عليه حكمه وإن لم يتحقّق في مدّة العمر إلّا مرّة واحدة ، فإذا حكم العقل بوجوب امتثال أوامر المولى ما لم يرخّص في الترك ، فإذا فرضنا أنّ جميع أوامر المولى ورد فيها الترخيص إلّا واحدا أو اثنين منها ، فيصدق في هذا المورد أو هذين الموردين أنّ المولى أمر عبده ولم يرخّص في الترك ، فيتحقّق موضوع حكم العقل ويترتّب عليه حكمه بوجوب الامتثال ، إذ هو بحكم العقل لا بدلالة الصيغة أو ظهورها حتى يقال : كثرة الاستعمال في الندب توجب الترجيح أو التوقّف ، وهذا واضح جدّاً.

وأمّا صحّة هذه الدعوى فيدلّ عليها ما أشرنا إليه سابقا ، ونعيده توضيحا من أنّ مفاد الأمر ليس إلّا إظهار الشوق المؤكّد من غير فرق بين الأمر الاستحبابي أو الوجوبيّ ، فإنّه ـ أي الشوق المؤكّد ـ هو الّذي يتعقّبه التصدّي نحو المراد بتحريك العضلات أو إنشاء الصيغة وأمر عبده بالفعل ، لا مطلق الشوق.

نعم ، الشوق (١) فيما له مصلحة لزومية آكد وأشدّ من غيره ،

__________________

(١) أقول : في إطلاقه تأمّل ، حيث لا يمكن الالتزام بأنّ الشوق في مثل ردّ السلام آكد وأشدّ منه في زيارة مولانا الحسين عليه‌السلام يوم عرفة أو مطلقا ، فإنّ أشدّية الشوق وآكديّته تستكشف من مقدار الأهميّة التي تكون في المشتاق إليه عند المولى ، وهو يستكشف من كثرة الوعد وجزيل الثواب لفاعله ، كما يستكشف أيضا من زيادة الوعيد وشديد العقاب على تاركه ، وتتّضح أهمّيّة زيارة الحسين عليه‌السلام يوم عرفة ، أو مطلقا ، وكون اشتياق المولى إليها أشدّ وآكد ـ

٢٢٤

كما أنّه في بعض ما يكون له مصلحة لزومية آكد وأشدّ من بعض آخر كذلك ، إذ الواجبات ليست جميعها متساوية من حيث الأهميّة ، ضرورة أنّ مصلحة إتيان الصلاة ليست بمتساوية مع مصلحة ردّ السلام مع أنّهما متساويان في أنّهما واجبان ، ولكليهما مصلحة لزومية.

ومن الواضح أنّ هذا الاختلاف لا يوجب الفرق في مفاد الأمر ، فمفاد الأمر مطلقا هو إظهار الشوق المؤكّد لا غير ، وإنّما العقل يحكم بالبتّ والقطع أنّ المولى إذا أظهر شوقه وأمر عبده بشيء ولم يرخّصه في تركه ، وجب عليه الامتثال من باب دفع الضرر المحتمل ، وتصحّ المؤاخذة على مخالفته ، ولا يقبح العقاب عند العقلاء ، لأنّه ليس عقابا بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان ، وهذا بخلاف ما إذا رخّصه ، فإنّ العقاب معه قبيح عند العقلاء بالضرورة ، وليس هذا تخصيصا لحكم العقل ، بل يكون تخصّصا ويكون موضوع حكم العقل ضيّقا من أوّل الأمر.

وممّا يوضّح ويؤكّد هذا : أنّه إذا أمر المولى عبده بالإشارة أو تحريك اليد لا باللفظ أو الكتابة ، ليس له مخالفته ما لم يرخّصه ، وتصحّ مؤاخذته وعقابه عند مخالفته مع أنّ الإشارة ليست بلفظ ، وهكذا تحريك اليد حتى يدلّ على الوجوب أو يكون ظاهرا فيه.

__________________

ـ من كثير من الواجبات لمن راجع الأخبار والآثار الواردة فيها الدالّة على ترتّب آثار وفوائد ـ تحيّرت العقول فيها ـ عليها التي أقلّها غفران الذنوب كلّها. (م).

٢٢٥

فظهر واتّضح أنّ الوجوب والندب ليسا من مدلول الصيغة ، بل هما أمران خارجيّان ناشئان من لزومية المصلحة وعدمها ، وعند عدم الترخيص يحكم العقل بوجوب الامتثال بمقتضى العبودية والمولوية (١).

ومن ذلك يعلم أنّ البحث ـ على فرض عدم كون الصيغة حقيقة في الوجوب ـ في أنّها هل هي ظاهرة فيه أم لا؟ لا وجه له ، إذ هو مبنيّ على كون الوجوب والندب من المداليل اللفظية لا السياقية ، وقد عرفت أنّه باطل.

ثمّ إنّه يتّضح وينكشف على ما اخترناه ـ من كون الوجوب أمرا يحكم به العقل خارجا عن مدلول الصيغة ـ فرع مهمّ ، وهو أنّه إذا ورد مثلا : «أكرم زيدا وعمرا» وعلمنا من الخارج أنّ زيدا لا يجب إكرامه وشككنا في وجوب إكرام عمرو ، فمقتضى ما ذكرنا : وجوب إكرام عمرو ، إذ لم يثبت الترخيص على الفرض بالنسبة إلى عمرو ، فموضوع حكم العقل يتحقّق ويترتّب عليه حكمه بوجوب إكرام عمرو ، فلا مجال للإشكال المشهور من أنّ الصيغة الواحدة في استعمال واحد كيف يمكن أن تكون للوجوب والندب معا!؟ وكيف يمكن أن تستعمل في مطلق الطلب من دون أن يتفصّل بفصل!؟

وذلك لأنّ الصيغة في المثال السابق أو غيره ، نحو : «اغتسل

__________________

(١) وفيه ما مرّ في مادّة الأمر (م). انظر ص ١٩٤ (الهامش).

٢٢٦

للجنابة والجمعة» استعملت في معنى واحد ، وهو إبراز الشوق ، وقد جاء الترخيص بالنسبة إلى أحدهما ، فيلزم الخروج عن عهدة التكليف بالنسبة إلى الآخر.

ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرنا حال الجمل الخبرية المستعملة في مقام الطلب ، مثل : «يتوضّأ» و «يصلّي» وغير ذلك.

وذلك لما عرفت من أنّ الطلب هو التصدّي نحو المراد ، وهو في الإنشاءات يتحقّق بإبراز الشوق أو غيره بمبرز وإظهار الميل بمظهر ، سواء كان المبرز صيغة «افعل» أو الإشارة أو الكتابة أو الجملة الخبرية أو غير ذلك ، وعرفت أيضا أنّ مقتضى العبودية والمولوية عند العقل : وجوب امتثال ما أظهر المولى شوقه وميله إليه ، وحسن المثوبة وقبح العقوبة لدى الموافقة ، واستحقاق العقوبة وعدم قبحها عند المخالفة ، وهو من أحكام العقل ، وليس شيء من الصيغة والإشارة والجملة الخبرية دالّا على الوجوب أو ظاهرا فيه.

ومن هنا يعلم فساد ما في الكفاية من أنّ الجمل الخبرية المستعملة في مقام الطلب ظاهرة في الوجوب ومستعملة في معناه الخبري لكن لا بداعي الإعلام بل بداعي البعث والتحريك بنحو آكد ، حيث إنّ المولى أخبر بوقوع مطلوبه في الخارج إظهارا بأنّه لا يرضى إلّا بوقوعه (١).

__________________

(١) كفاية الأصول : ٩٢.

٢٢٧

وذلك لما عرفت من أنّ الوجوب أجنبيّ عن مدلول الكلام ، سواء كان إنشائيّا أو خبريّا صادرا بداعي الإنشاء ، وأنّ مصداق الطلب يتحقّق تارة بإيجاد صيغة «افعل» أو نحوها ، وأخرى بإيجاد الجملة الخبرية بداعي البعث والتحريك ، ومتى تحقّق مصداق الطلب دخل تحت كبرى حكم العقل بوجوب الموافقة والامتثال ما لم يرخّص في تركه.

ولأنّ مقتضى ما ذكر جواز استعمال كلّ جملة خبرية أو فعلية في مقام البعث إظهارا بأنّه لا يرضى إلّا بوقوع مطلوبه مع أنّه لا يصحّ (١) «زيد متوضّئ» بداعي البعث ، فعلم أنّ الجملة الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء حالها حال «بعت» و «أنكحت» الإنشائيّين في إظهار ما في النّفس من الشوق أو الاعتبار بهما بلا تفاوت.

المبحث الثالث : في التعبّدية والتوصّلية.

والكلام فيه يقع في مقامين :

الأوّل : أنّه هل يكون أصل لفظي يقتضي التعبّدية أو التوصّلية حتى يرجع إليه عند الشكّ أو لا؟

الثاني : أنّه مع عدمه هل الأصل العملي في المقام يكون هو البراءة حتى يثبت التوصّليّة ، أو الاشتغال حتى يثبت التعبّديّة؟

__________________

(١) أقول : لا وجه لعدم الصحّة ، فإنّ الاستعمال شائع ذائع في الاسمية أيضا كما يقال : «المؤمن مؤتمن» «المؤمن صادق الوعد» في هذا المقام وغير ذلك. (م).

٢٢٨

وكلّ ذلك في مقام الشكّ ، وأمّا لو علم بأحدهما من قرينة أو دليل خارجي فلا كلام فيه أصلا.

أمّا المقام الأوّل : فتنقيحه يتمّ برسم أمور :

الأوّل : أنّ للمولى عند أمره وإظهار شوقه غرضين :

أحدهما : جعل الداعي للعبد ، إذ ما لم يظهر المولى شوقه ولم يأمر عبده بشيء ، لم يكن للعبد داع وباعث ومحرّك على إتيان ما اشتاق إليه المولى.

والآخر ـ وهو الغرض الأصلي والأوّلي ـ : حصول المصلحة التي تكون في الفعل ، ودعت إلى البعث والتحريك ، وهي إمّا أن تكون في مطلق وجود الفعل في الخارج ، سواء أتي بداعي الأمر ولأجل التعبّد والتقرّب به أم لا ، أو تكون في الفعل المأتيّ به بداعي الأمر ولأجل التعبّد والتقرّب به ، وبدونه لا يحصل الغرض ولا تكون له مصلحة أصلا ، فالأوّل يسمّى بالتوصّلي ، والثاني بالتعبّدي ، فالفرق بين الواجب التعبّدي والتوصّلي باعتبار الغرض الثاني ـ الّذي هو غرض الواجب ، فربّما يتعلّق بمطلق وجود الفعل في الخارج ، فيكون توصّليّا ، وربّما يتعلّق بالفعل بداعي الأمر ، فيكون تعبّديّا ـ لا باعتبار الغرض الأوّل الّذي هو في طول الغرض الثاني بمعنى أنّ الغرض من جعل الداعي إنّما هو حصول الفعل لتحصل بسببه المصلحة ، وهو غرض الإيجاب وجعل الداعي للعبد ، إذ هو لا يتفاوت فيهما ، ولا ربط له بفعل المكلّف ، إذ

٢٢٩

الإيجاب فعل الشارع لا المكلّف.

ومن هنا يظهر أنّ في عبارة الكفاية ـ حيث جعل الفرق بينهما باعتبار الغرض من الوجوب لا الواجب (١) ـ مسامحة واضحة ، إذ الوجوب عين الإيجاب ، ولا ينفكّ عنه ، والفرق بينهما بالاعتبار.

ثمّ إنّ التوصّلي قد يطلق على الواجب الغيري أيضا ، والكلام فيه يأتي عند ذكر مقدّمة الواجب ، وبينه وبين التوصّلي في مقابل التعبّدي عموم من وجه ، إذ هما يجتمعان في وجوب غسل الثوب مقدّمة للصلاة ، ويصدق الأوّل دون الثاني في دفن الميّت ، ويصدق الثاني دون الأوّل (٢) في الوضوء.

وقد يطلق على ما يحصل الغرض بمطلق وجوده في الخارج ولو كان من دون اختيار أو بفعل الغير بل ولو كان بفعل محرّم.

ولا يخفى أنّ فعل الغير أو الفعل غير الاختياري (٣) لا يمكن أن يكون مأمورا به حيث لا يصدر من العاقل مثل هذا التكليف بأن

__________________

(١) كفاية الأصول : ٩٢ ـ ٩٣.

(٢) المراد من الأوّل في الموضع الأوّل هو التوصّلي المبحوث عنه الّذي لا يحتاج إلى قصد القربة ، والمراد من الأوّل هنا هو الواجب الغيري في قبال النفسيّ.

(٣) أقول : فيما يسقط الغرض منه بفعل الغير أو بإتيانه بغير اختيار لا يتعلّق الأمر بهما حتى يقال : إنّ متعلّق التكليف يجب أن يكون مقدورا للمكلّف ، ولا يتعلّق أيضا بخصوص ما يصدر عنه عن اختيار ، لكونه جزافا ، إذ الفرض أنّ الغرض يحصل بأعمّ منه ، فالظاهر أنّ في تلك الموارد يتعلّق بالمهملة الجامعة ، أعني أصل الطبيعة ، والجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ، وهو ظاهر. (م).

٢٣٠

يقول : «وجب على زيد أن يقوم من دون إرادة واختيار» أو «وجب على زيد أن يقوم عمرو».

ولا يمكن أن يكون الفعل المحرّم ، لما بين المحبوبيّة والمبغوضيّة والمقرّبيّة والمبعّدية من التضادّ ، ولكن مع القطع بأنّ شيئا من ذلك لا يكون مأمورا به قد نشكّ في مسقطيته للأمر وحصول الغرض وعدمهما بذلك.

والنسبة بين التوصّلي بهذا المعنى وبينه في قبال التعبّدي أيضا عموم من وجه ، لتصادقهما في وجوب غسل الثوب ، وتفارقهما في وجوب ردّ السلام حيث إنّه لا يسقط من الغير ، أو من دون اختيار ، وإن لم يلزم فيه التقرّب ، فهو توصّلي في قبال التعبّدي ، ووجوب الصلاة على وليّ الميّت ، فإنّه يسقط بفعل الغير مع أنّه قربيّ وتعبّديّ. والكلام فيه يأتي في آخر المبحث إن شاء الله من حيث جواز التمسّك بالإطلاق وعدمه.

الأمر الثاني : أنّه اختلف في أنّه هل هناك إطلاق يقتضي التعبّدية أو التوصّليّة أو لا؟

فالتزم جماعة بالأوّل ، كما عن صاحب الإشارات (١). وجماعة أخرى (٢) بالثاني ، كما عن شيخنا الأنصاري (٣) بدعوى أنّ عدم إمكان تقييد المأمور به بقصد الأمر ـ للزوم الدّور أو غير ذلك من

__________________

(١) كما في أجود التقريرات ١ : ١١٢ ـ ١١٣.

(٢) كما في أجود التقريرات ١ : ١١٢ ـ ١١٣.

(٣) مطارح الأنظار : ٦٠.

٢٣١

المحاذير ـ مستلزم لضرورة الإطلاق ، ضرورة أنّ استحالة أحد المتقابلين موجبة لضروريّة المقابل الآخر. وجماعة ثالثة بالثالث ، وهو الإهمال وعدم الإطلاق ، ومنهم شيخنا الأستاذ (١) بدعوى أنّ التقابل بين المأتيّ به بقصد الأمر ولا بقصده.

وبعبارة أخرى : التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة لا السلب والإيجاب ، فاستحالة التقييد على ذلك موجبة لاستحالة الإطلاق.

وقبل الورود في المقصود لا بدّ من بيان أنّ استحالة التقييد هل تستلزم استحالة الإطلاق وبالعكس أم لا؟

وتحقيق المقام يقتضي البسط في الكلام.

فنقول : إنّ لموضوعات الأحكام ـ مثل المكلّف والخمر والوقت وغيرها ـ وهكذا متعلّقاتها ـ كالصلاة والصوم والزكاة وأمثال ذلك ـ تقسيمات أوّليّة باعتبار الأحوال العارضة عليها مع قطع النّظر عن ورود الحكم في الشريعة ، كتقسيمات الصلاة بأنّها إمّا مع الطهارة أو لا ، وإمّا إلى القبلة أو لا ، وهكذا ، وكذلك الخمر إمّا أحمر أو أبيض ، والمكلّف إمّا غنيّ أو فقير ، وتقسيمات ثانويّة باعتبار الأحوال الطارئة على الموضوعات أو متعلّقات الأحكام بعد ورود الحكم وتعلّق التكليف بها بحيث لو لا ورود الحكم ووجود التكليف لم يكن مورد للتقسيم ولا معنى له ، ككون المكلّف عالما

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ١١٢.

٢٣٢

بحكمه أو جاهلا به ، وكون الصلاة مع قصد الأمر وبداعيه أو لا بقصده وداعيه.

ثمّ إنّ معنى الإطلاق هو رفض القيود لا لحاظ جميعها واعتبار تمام الخصوصيات.

وبعبارة أخرى : هو أنّ الطبيعة السارية أينما سرت وفي أيّ فرد تحقّقت ملغاة عن جميع الخصوصيّات بحيث لو فرض بفرض المحال تحقّقها في ضمن فرد عار عن جميع الخصوصيّات وخال عن تمام القيود ، يشملها الحكم.

مثلا : معنى إطلاق العالم في «أكرم العالم» هو أنّ المحكوم بحكم وجوب الإكرام وتمام الموضوع له هو طبيعة العالم من دون نظر إلى أنّه عادل أو فاسق أو غير ذلك ، لا أنّه هو العالم العادل والعالم الفاسق وهكذا.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ استحالة التقييد إمّا أن تكون في الانقسامات الأوّليّة أو تكون في الانقسامات الثانويّة.

أمّا في الأولى فهي ناشئة من أمرين لا ثالث لهما :

أحدهما : أن تكون ناشئة من ناحية تعلّق الحكم بالموضوع المقيّد أو بالمتعلّق المقيّد لا من ناحية التقييد.

مثل : أن يقال : «الصلاة غير المقدورة للمكلّف واجبة» ففي هذه الصورة الإطلاق أيضا مستحيل ، لعدم الفرق بين تعلّق الحكم

٢٣٣

بغير المقدور خاصّة أو شموله له في الاستحالة ، فعلى هذا يتعيّن (١) التقييد بالطرف الآخر بأن يقال : «الصلاة المقدورة واجبة».

والآخر : أن تكون ناشئة من التقييد لا من تعلّق الحكم.

مثل : أن يقول المولى لعبده : «أكرم العالم الفاسق» فإنّ اختصاص الحكم بالفاسق وتقييده به يكون قبيحا غير صادر من المولى الحكيم العالم بالحال ، مستحيل الصدور من مولى الموالي بالعرض ، لأنّه ترجيح المرجوح على الراجح.

وفي هذه الصورة استحالة التقييد لا توجب استحالة الإطلاق أيضا ، ضرورة أنّه لا محذور في تكليف المولى بوجوب إكرام العالم مطلقا ، فحينئذ لا يتعيّن (٢) الإطلاق ولا التقييد بالطرف الآخر ، بل كلاهما ممكن لا محذور فيه.

ففي الانقسامات الأوّليّة إذا كان التقييد مستحيلا ، فالإطلاق تارة مستحيل وأخرى ممكن.

__________________

(١) أقول : لا وجه لتعيّن التقييد بالطرف الآخر ، لما مرّ آنفا من أنّ صرف تعلّق التكليف بالمهملة كاف ، ولا وجه لتقييدها بالقدرة ، لكونه جزافا. (م).

(٢) هذا فيما إذا كان القيد موجبا لمرجوحية المقيّد على غيره كما في المثال ، أمّا إذا لم يكن القيد كذلك ، بل كان المقيّد به وغيره متساويين من جميع الجهات ، مثل أن يقول : «أكرم العادل إن كان زيدا» على تقدير كون زيد مساويا مع سائر العدول في العدالة وسائر الجهات ، فكما أنّ التقييد بهذا الطرف مستحيل بالعرض ، لأنّه ترجيح أحد المتساويين على الآخر من غير مرجّح مع وجود الجامع بينهما فكذلك التقييد بالطرف الآخر ـ بأن يقول : «أكرم العادل إن لم يكن زيدا» ـ أيضا مستحيل بالعرض ، لذلك ، فحينئذ يكون الإطلاق ضروريا بأن يقول : «أكرم العادل» وهذا واضح جدّاً. (م).

٢٣٤

وأمّا الانقسامات الثانويّة فحيث إنّ تماميّة الإطلاق مبنيّة على تماميّة مقدّمات الحكمة وورود الحكم على المقسم من أوّل مقدّمات الحكمة ، وليس قبل تعلّق الحكم وورود التكليف على الفرض مقسم ، إذ المقسميّة نشأت من ناحية الحكم ، فاستحالة التقييد توجب استحالة الإطلاق أيضا ، كما أفاده شيخنا الأستاذ (١) ، لعدم انقسام المكلّف إلى العالم بالحكم والجاهل به أو المطيع والعاصي قبل ورود التكليف ، وهكذا لا تنقسم الصلاة قبل الأمر بها إلى الصلاة بداعي الأمر ولا بداعيه ، فلا معنى للتمسّك بالإطلاق فيما إذا شكّ في أنّ المأمور به هل الصلاة بقصد الأمر وبشرط شيء أو مطلق ولا بشرط؟ فإنّ طبيعي الصلاة الّذي لا ينقسم قبل الأمر به إلى قسمين كيف يمكن تعلّق أمره بالجامع بينهما في ضمن أيّة حصّة سرى!؟ وما ليس له حصّتان كيف يطلب مطلقا من قبلهما غير مقيّد بإحداهما!؟

كلّ ذلك في مقام الإثبات ، أمّا في مقام الثبوت فحال التقسيمات بعينها حال التقسيمات الأوّليّة.

وذلك لأنّ ما يشتاق إليه المولى لا يعقل أن يكون مهملا مع التفات المولى إليه ، فلا محالة شوق المولى تعلّق إمّا بالمقيّد بالقيد الوجوديّ أو العدمي ، أو المطلق واللابشرط ، فلو فرضنا عدم

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ١١٢.

٢٣٥

معقولية التقييد وجودا وعدما يكون (١) الإطلاق ضروريا ، ولو فرضنا عدم معقوليّة التقييد وجودا فقط ، يكون التقييد بالطرف الآخر ضروريا مع استحالة الإطلاق ، وبدونها لا يكون شيء من التقييد بالطرف الآخر والإطلاق ضروريا ، وهكذا في صورة استحالة التقييد عدما فقط.

فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ استحالة التقييد في التقسيمات الثانويّة موجبة لاستحالة الإطلاق أيضا في مقام الإثبات فقط دون مقام الثبوت ، وحال مقام الثبوت فيها حال مقام الإثبات في التقسيمات الأوّليّة.

ولا يخفى أنّ الفرق بين المقامين لا يترتّب عليه ثمرة عمليّة إلّا في بحث الترتّب على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.

بقي الكلام في استحالة التقييد ، وقد ذكر في وجه الاستحالة وجوه :

منها : ما أفاده صاحب الكفاية (١) قدس‌سره.

__________________

(١) وما أفاده شيخنا الأستاذ ـ من أنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق وهكذا العكس ، فلا بدّ في الإطلاق من قابليّة التقييد ، ومع عدمها لا يمكن الإطلاق أيضا ، لأنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة ـ ليس على ما ينبغي ، وهو عجيب منه قدس‌سره لأنّ القابلية لا تلزم أن تكون شخصية ، بل يمكن أن تكون صنفيّة أو نوعيّة أو جنسية ، ولو كانت استحالة أحد المتقابلين بالعدم والملكة موجبة لاستحالة الآخر ، لاستحال علمه تعالى بالموجودات ، لاستحالة جهله تعالى بها ، ولاستحال جهلنا بذاته تبارك وتعالى ، لاستحالة علمنا بها ، وهذا واضح لا سترة عليه.

(١) كفاية الأصول : ٩٥.

٢٣٦

وحاصله : أنّ أخذ قصد الأمر في المأمور به شرطا أو شطرا مستحيل ، لعدم القدرة على إتيان المأمور به الّذي هو ذات الصلاة مع قصد الأمر ، إذ المفروض أنّ الأمر تعلّق بالمقيّد من حيث هو مقيّد أو المركّب ، والّذي يقدر المكلّف على إتيانه بقصد الأمر هو ذات الصلاة ، وهي غير مأمور بها ، وإنّما المأمور بها هي ذات الصلاة مشروطة ومقيّدة بقصد الأمر أو المركّب منهما ، ولا يكاد يدعو الأمر إلّا إلى ما تعلّق به ، وما تعلّق به على الفرض هو المقيّد أو المركّب ، وهما غير مقدورين للمكلّف ، إذ لا يمكن هنا داعويّة الأمر إلى أحدهما ـ أي المقيّد أو المركّب ـ بل لا يدعو إلّا إلى ذات الصلاة.

وأيضا يلزم الخلف ، إذ ما فرضتم أنّه غير مأمور به ـ وهو ذات الصلاة ـ يكون مأمورا به في مقام الإتيان بها.

ثم اعترض على نفسه بأنّ ذات الصلاة لا تكون مأمورا بها إن أخذ قصد الامتثال شرطا ، لأنّ الجزء التحليلي العقلي لا يتّصف بالوجوب ، وأمّا إذا أخذ جزءا وشطرا فلا ، لما تقرّر في مقرّه من أنّ الأمر بالمركّب بعينه أمر بكلّ واحد من أجزائه ، فيصحّ إتيان الجزء بداعي الأمر المتعلّق بهذا الجزء ، فلا محذور لا من جهة عدم القدرة ولا من ناحية الخلف ، إذ كلّ منهما نشأ من أنّ ذات الصلاة وحدها غير مأمور بها ، وهو على هذا الفرض ممنوع ، إذ الأمر بالمركّب بعينه أمر بكلّ واحد من أجزائه ، فذات الصلاة مأمور بها ،

٢٣٧

والأمر المتعلّق بها هو الأمر المتعلّق بالمركّب ، فالمكلّف قادر على إتيان المأمور به ، وما فرضناه أنّه مأمور به ـ وهو ذات الصلاة ـ هو مأمور به ، ولا نفرض أنّها غير مأمور بها وحدها حتى يلزم الخلف.

ثم أجاب عنه ـ قدس‌سره ـ بوجهين :

الأوّل : أنّه يوجب تعلّق الأمر بأمر غير اختياري ، إذ قصد الأمر أيضا جزء للمأمور به ، وهو ليس إلّا الإرادة ، وهي لا تكون إراديّة واختياريّة.

وفيه : أوّلا : أنّ قصد الامتثال غير الإرادة ، بداهة أنّها صفة من صفات النّفس ، وهي الشوق ، وهو فعل من أفعاله ، وللنفس أن تقصد وأن لا تقصد ، فهو فعل اختياري للنفس.

وثانيا : سلّمنا أنّ قصد الامتثال عين الإرادة ، لكن لا نسلّم أنّ طبيعيّ الإرادة غير اختياري ، بل بعض أفراده يكون اختياريّا.

وذلك لأنّ الإرادة هي شوق النّفس ، وربما لا تشتاق النّفس بشيء ولكن يمكنها أن توجده بالتأمّل في الآثار والفوائد المترتّبة عليه.

مثلا : ربما لا يشتاق الإنسان بصلاة الليل ، لكن يحصل له ذلك بواسطة التأمّل في الآثار المترتّبة عليها والأوامر الآمرة بها والمؤكّدة لها على كثرتها والأخبار الواردة في كثرة ثوابها وتوسعة الرزق على فاعلها وغيرهما من الفوائد المترتّبة عليها.

والثاني : أنّ صحّة إتيان الجزء بداعي الأمر المتعلّق بالكلّ إنّما

٢٣٨

هي فيما إذا كان الإتيان بالجزء في ضمن الإتيان بالكلّ لا مطلقا حتى إذا لم يأت ببعض الأجزاء.

مثلا : يصحّ الإتيان بالتكبيرة بداعي الأمر المتعلّق بالصلاة مع الإتيان بسائر الأجزاء كذلك لا بدونه ولا يمكن الإتيان بالمأمور به المركّب من ذات الصلاة وقصد امتثال الأمر ، بقصد امتثال الأمر المتعلّق بهذا المركّب ، إذ لازمه أن يؤتى بكلّ واحد من الأجزاء بقصد امتثال الأمر المتعلّق بالمركّب ، وقصد الامتثال أيضا بنفسه أحد الأجزاء ، فلا بدّ أن يؤتى بهذا القصد أيضا ، فيكون في فعل واحد وتكليف فارد قصدان وامتثالان ، ومن المعلوم أنّه يستحيل أن يكون للأمر الواحد امتثالان وللفعل الواحد قصدان وإرادتان.

ومنها : ما أفاده شيخنا الأستاذ (١) من أنّ أخذ قصد الأمر في المأمور به مستلزم لتقدّم الشيء على نفسه في مقام الإنشاء والفعلية والامتثال.

بيان ذلك : أنّ الأحكام الشرعية الكلّية كلّها تكون على نحو القضايا الحقيقية التي أخذ فيها ما له مدخليّة في الحكم مفروض الوجود ويعبّر عنه بالموضوع تارة وبالشرط أخرى ، كما في قضيّة «الخمر حرام» (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٢) فإنّ الخمر في الأوّل أخذت مفروضة الوجود ، ويعبّر

__________________

(١) أجود التقريرات ١ : ١٠٥ ـ ١٠٨.

(٢) آل عمران : ٩٧.

٢٣٩

عنها بالموضوع ، ويكون معنى القضية أنّه إذا وجدت في الخارج خمر يحرم شربها ، وهكذا الاستطاعة في المثال الثاني أخذت مفروضة الوجود ، ويعبّر عنها بالشرط ، ويكون المعنى أنّه إذا وجدت وتحقّقت الاستطاعة في الخارج ، فيجب الحجّ على واجدها.

ولا فرق في ذلك بين أن تكون صورة القضيّة شرطيّة أو حمليّة ، فإنّها أيضا في الحقيقة شرطيّة ، ولذا قال المنطقيّون : إنّ كلّ قضيّة حمليّة تنحلّ إلى قضيّة شرطيّة مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له.

ويترتّب على ما ذكرنا ـ من أنّ الموضوع في القضايا الحقيقيّة المتكفّلة لبيان الأحكام أخذ مفروض الوجود ـ أمران :

الأوّل : أنّه يستحيل فعليّة الحكم قبل تحقّق موضوعه ووجوده في الخارج.

والثاني : أنّه إذا وجد الموضوع وتحقّق في الخارج ، يخرج ما هو مفروض الوجود في مقام الجعل والإنشاء من حريم الفرض والتقدير إلى المرتبة الفعلية والتحقّق ، ويترتّب على ذلك فعليّة الحكم ، ولا يعقل عدم فعليّة الحكم بعد فعليّة موضوعه ، لأنّ الموضوع والحكم يشبهان بالعلّة والمعلول في عدم انفكاك أحدهما عن الآخر.

وبعد ذلك نقول : إنّ قول المولى : «صلّ بداعي الأمر المتعلّق

٢٤٠